التَّعْرِيفُ : 1 - السِّحْرُ لُغَةً : كُلُّ مَا لَطُفَ مَأْخَذُهُ وَدَقَّ ، وَمِنْهُ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { إنَّ مِنْ الْبَيَانِ لَسِحْرًا } وَسَحَرَهُ أَيْ خَدَعَهُ ، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى : { قَالُوا إنَّمَا أَنْتَ مِنْ الْمُسَحَّرِينَ } أَيْ الْمَخْدُوعِينَ . وَيُطْلَقُ السِّحْرُ عَلَى أَخَصَّ مِنْ ذَلِكَ قَالَ الْأَزْهَرِيُّ : السِّحْرُ عَمَلٌ تَقَرَّبَ بِهِ إلَى الشَّيْطَانِ وَبِمَعُونَةٍ مِنْهُ ، كُلُّ ذَلِكَ الْأَمْرِ كَيْنُونَةٌ لِلسَّحَرِ . قَالَ : وَأَصْلُ السِّحْرِ صَرْفُ الشَّيْءِ عَنْ حَقِيقَتِهِ إلَى غَيْرِهِ ، فَكَأَنَّ السَّاحِرَ لَمَّا أَرَى الْبَاطِلَ فِي صُورَةِ الْحَقِّ ، وَخَيَّلَ الشَّيْءَ عَلَى غَيْرِ حَقِيقَتِهِ ، قَدْ سَحَرَ الشَّيْءَ عَنْ وَجْهِهِ ، أَيْ صَرَفَهُ . ا هـ . وَرَوَى شِمْرٌ : أَنَّ الْعَرَبَ إنَّمَا سَمَّتْ السِّحْرَ سِحْرًا لِأَنَّهُ يُزِيلُ الصِّحَّةَ إلَى الْمَرَضِ ، وَالْبُغْضَ إلَى الْحُبِّ . وَقَدْ يُسَمَّى السِّحْرُ طِبًّا ، وَالْمَطْبُوبُ الْمَسْحُورُ ، قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ : إنَّمَا قَالُوا ذَلِكَ تَفَاؤُلًا بِالسَّلَامَةِ ، وَقِيلَ : إنَّمَا سُمِّيَ السِّحْرُ طِبًّا ؛ لِأَنَّ الطِّبَّ بِمَعْنَى الْحِذْقِ ، فَلُوحِظَ حِذْقُ السَّاحِرِ فَسُمِّيَ عَمَلُهُ طِبًّا . وَوَرَدَ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ لَفْظُ الْجِبْتِ ، فَسَّرَهُ عُمَرُ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَأَبُو الْعَالِيَةِ وَالشَّعْبِيُّ بِالسِّحْرِ ، وَقِيلَ : الْجِبْتُ أَعَمُّ مِنْ السِّحْرِ ، فَيَصْدُقُ أَيْضًا عَلَى الْكِهَانَةِ وَالْعَرَافَةِ . وَالتَّنْجِيمِ . أَمَّا فِي الِاصْطِلَاحِ فَقَدْ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ وَغَيْرُهُمْ مِنْ الْعُلَمَاءِ فِي تَعْرِيفِهِ اخْتِلَافًا وَاسِعًا ، وَلَعَلَّ مَرَدَّ الِاخْتِلَافِ إلَى خَفَاءِ طَبِيعَةِ السِّحْرِ وَآثَارِهِ . فَاخْتَلَفَتْ تَعْرِيفَاتُهُمْ لَهُ تَبَعًا لِاخْتِلَافِ تَصَوُّرِهِمْ لِحَقِيقَتِهِ . فَمِنْ ذَلِكَ مَا قَالَ الْبَيْضَاوِيُّ : الْمُرَادُ بِالسِّحْرِ مَا يُسْتَعَانُ فِي تَحْصِيلِهِ بِالتَّقَرُّبِ إلَى الشَّيْطَانِ مِمَّا لَا يَسْتَقِلُّ بِهِ الْإِنْسَانُ ، وَذَلِكَ لَا يَحْصُلُ إلَّا لِمَنْ يُنَاسِبُهُ فِي الشَّرَارَةِ وَخُبْثِ النَّفْسِ . قَالَ : وَأَمَّا مَا يُتَعَجَّبُ مِنْهُ كَمَا يَفْعَلُهُ أَصْحَابُ الْحِيَلِ وَالْآلَاتِ وَالْأَدْوِيَةِ ، أَوْ يُرِيهِ صَاحِبُ خِفَّةِ الْيَدِ فَغَيْرُ مَذْمُومٍ ، وَتَسْمِيَتُهُ سِحْرًا هُوَ عَلَى سَبِيلِ التَّجَوُّزِ لِمَا فِيهِ مِنْ الدِّقَّةِ ؛ لِأَنَّ السِّحْرَ فِي الْأَصْلِ لِمَا خَفِيَ سَبَبُهُ . ا هـ . وَنَقَلَ التَّهَانُوِيُّ عَنْ الْفَتَاوَى الْحَامِدِيَّةِ : السِّحْرُ نَوْعٌ يُسْتَفَادُ مِنْ الْعِلْمِ بِخَوَاصِّ الْجَوَاهِرِ وَبِأُمُورٍ حِسَابِيَّةٍ فِي مَطَالِعِ النُّجُومِ ، فَيُتَّخَذُ مِنْ ذَلِكَ هَيْكَلًا عَلَى صُورَةِ الشَّخْصِ الْمَسْحُورِ ، وَيَتَرَصَّدُ لَهُ وَقْتٌ مَخْصُوصٌ فِي الْمَطَالِعِ ، وَتُقْرَنُ بِهِ كَلِمَاتٌ يُتَلَفَّظُ بِهَا مِنْ الْكُفْرِ وَالْفُحْشِ الْمُخَالِفِ لِلشَّرْعِ ، وَيُتَوَصَّلُ بِهَا إلَى الِاسْتِعَانَةِ بِالشَّيَاطِينِ ، وَيَحْصُلُ مِنْ مَجْمُوعِ ذَلِكَ أَحْوَالٌ غَرِيبَةٌ فِي الشَّخْصِ الْمَسْحُورِ . وَقَالَ الْقَلْيُوبِيُّ : السِّحْرُ شَرْعًا مُزَاوَلَةُ النُّفُوسِ الْخَبِيثَةِ لِأَقْوَالٍ أَوْ أَفْعَالٍ يَنْشَأُ عَنْهَا أُمُورٌ خَارِقَةٌ لِلْعَادَةِ . وَعَرَّفَهُ الْحَنَابِلَةُ بِأَنَّهُ : عُقَدٌ وَرُقًى وَكَلَامٌ يُتَكَلَّمُ بِهِ ، أَوْ يَكْتُبُهُ ، أَوْ يَعْمَلُ شَيْئًا يُؤَثِّرُ فِي بَدَنِ الْمَسْحُورِ أَوْ قَلْبِهِ أَوْ عَقْلِهِ مِنْ غَيْرِ مُبَاشَرَةٍ لَهُ . ( الْأَلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ ) : أ - الشَّعْوَذَةُ : 2 - قَالَ فِي اللِّسَانِ : الشَّعْوَذَةُ خِفَّةٌ فِي الْيَدِ ، وَأَخْذٌ كَالسِّحْرِ ، يُرِي الشَّيْءَ عَلَى غَيْرِ مَا عَلَيْهِ أَصْلُهُ فِي رَأْيِ الْعَيْنِ ، وَقَالُوا : رَجُلٌ مُشَعْوِذٌ وَمُشَعْوِذَةٌ ، وَقَدْ يُسَمَّى الشَّعْبَذَةَ . ب - النَّشْرَةُ : 3 - النَّشْرَةُ ضَرْبٌ مِنْ الرُّقْيَةِ وَالْعِلَاجِ يُعَالَجُ بِهِ مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنَّ بِهِ مَسًّا مِنْ الْجِنِّ . سُمِّيَتْ نَشْرَةً لِأَنَّهُ يَنْشُرُ بِهَا مَا خَامَرَهُ مِنْ الدَّاءِ ، أَيْ يُكْشَفُ وَيُزَالُ ، قَالَ الْحَسَنُ : النَّشْرَةُ مِنْ السِّحْرِ . وَفِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ { سُئِلَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ النَّشْرَةِ ، فَقَالَ : هِيَ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ } . ج - الْعَزِيمَةُ : 4 - الْعَزِيمَةُ مِنْ الرُّقَى الَّتِي كَانُوا يَعْزِمُونَ بِهَا عَلَى الْجِنِّ ، وَجَمْعُهَا الْعَزَائِمُ ، يُقَالُ : عَزَمَ الرَّاقِي : كَأَنَّهُ أَقْسَمَ عَلَى الدَّاءِ ، وَأَصْلُهَا فِيمَا ذَكَرَهُ الْقَرَافِيُّ : الْإِقْسَامُ وَالتَّعْزِيمُ عَلَى أَسْمَاءٍ مُعَيَّنَةٍ زَعَمُوا أَنَّهَا أَسْمَاءُ مَلَائِكَةٍ وَكَّلَهُمْ سُلَيْمَانُ بِقَبَائِلِ الْجَانِّ ، فَإِذَا أَقْسَمَ عَلَى صَاحِبِ الِاسْمِ أَلْزَمَ . الْجِنَّ بِمَا يُرِيدُ . د - ( الرُّقْيَةُ ) : 5 - الرُّقْيَةُ وَجَمْعُهَا الرُّقَى ، وَهِيَ أَلْفَاظٌ خَاصَّةٌ يَحْدُثُ عِنْدَ قَوْلِهَا الشِّفَاءُ مِنْ الْمَرَضِ ، إذَا كَانَتْ مِنْ الْأَدْعِيَةِ الَّتِي يَتَعَوَّذُ بِهَا مِنْ الْآفَاتِ مِنْ الصَّرْعِ وَالْحُمَّى ، وَفِي الْحَدِيثِ { أَعْرِضُوا عَلَيَّ رُقَاكُمْ } وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ { لَا رُقْيَةَ إلَّا مِنْ عَيْنٍ أَوْ حُمَةٍ } . وَمِنْ الرُّقَى مَا لَيْسَ بِمَشْرُوعٍ كَرُقَى الْجَاهِلِيَّةِ ، وَأَهْلِ الْهِنْدِ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ يَسْتَشْفُونَ بِهَا مِنْ الْأَسْقَامِ وَالْأَسْبَابِ الْمُهْلِكَةِ . قَالَ الْقَرَافِيُّ : الرُّقْيَةُ لِمَا يُطْلَبُ بِهِ النَّفْعُ ، أَمَّا مَا يُطْلَبُ بِهِ الضَّرَرُ فَلَا يُسَمَّى رُقْيَةً بَلْ هُوَ سِحْرٌ . وَانْظُرْ ( تَعْوِيذَةٌ ) . هـ - الطَّلْسَمُ : 6 - الطَّلْسَمَاتُ أَسْمَاءٌ خَاصَّةٌ كَانُوا يَزْعُمُونَ أَنَّ لَهَا تَعَلُّقًا بِالْكَوَاكِبِ ، تُجْعَلُ فِي أَجْسَامٍ مِنْ الْمَعَادِنِ أَوْ غَيْرِهَا ، وَيَزْعُمُونَ أَنَّهَا تُحْدِثُ آثَارًا خَاصَّةً . و - ( الْأَوْفَاقُ ) : 7 - الْأَوْفَاقُ هِيَ أَعْدَادٌ تُوضَعُ فِي أَشْكَالٍ هَنْدَسِيَّةٍ عَلَى شَكْلٍ مَخْصُوصٍ ، كَانُوا يَزْعُمُونَ أَنَّ مَنْ عَمِلَهُ فِي وَرَقٍ وَحَمَلَهُ يُؤَدِّي ذَلِكَ إلَى تَيْسِيرِ الْوِلَادَةِ ، أَوْ نَصْرِ جَيْشٍ عَلَى جَيْشٍ ، أَوْ إخْرَاجِ مَسْجُونٍ مِنْ سِجْنٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ . ز - ( التَّنْجِيمُ ) : 8 - التَّنْجِيمُ لُغَةً : النَّظَرُ فِي النُّجُومِ ، اصْطِلَاحًا : مَا يُسْتَدَلُّ بِالتَّشَكُّلَاتِ الْفَلَكِيَّةِ عَلَى الْحَوَادِثِ الْأَرْضِيَّةِ كَمَا يَزْعُمُونَ .
المفضلات