من صفات اليهود في السنة

آخـــر الـــمـــشـــاركــــات


مـواقـع شـقــيـقـة
شبكة الفرقان الإسلامية شبكة سبيل الإسلام شبكة كلمة سواء الدعوية منتديات حراس العقيدة
البشارة الإسلامية منتديات طريق الإيمان منتدى التوحيد مكتبة المهتدون
موقع الشيخ احمد ديدات تليفزيون الحقيقة شبكة برسوميات شبكة المسيح كلمة الله
غرفة الحوار الإسلامي المسيحي مكافح الشبهات شبكة الحقيقة الإسلامية موقع بشارة المسيح
شبكة البهائية فى الميزان شبكة الأحمدية فى الميزان مركز براهين شبكة ضد الإلحاد

يرجى عدم تناول موضوعات سياسية حتى لا تتعرض العضوية للحظر

 

       

         

 

 

 

    

 

من صفات اليهود في السنة

صفحة 2 من 3 الأولىالأولى 1 2 3 الأخيرةالأخيرة
النتائج 11 إلى 20 من 22

الموضوع: من صفات اليهود في السنة

  1. #11
    تاريخ التسجيل
    Jun 2008
    المشاركات
    11,737
    الدين
    الإسلام
    الجنس
    أنثى
    آخر نشاط
    17-05-2024
    على الساعة
    12:48 AM

    افتراضي

    صفات اليهود في القرآن الكريم والسنة النبوية ( 9 )

    الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على رسوله الأمين

    وآله وصحبه والتابعين ،،،
    ذكرنا فيما مضى شيئا من صفات اليهود في القرآن الكريم ، والسنة النبوية ، وها نحن نستكمل ما ورد من صفاتهم في القرآن الكريم ، والسنة النبوية ، وأقوال سلف الأمة ، وهي خير مصدر يعرفنا بشخصية اليهود وتركيبهم النفسي ، وهي وقفات موجزة مع سمات شخصيتهم ، وصدق سبحانه في كل ما قال عنهم من صفاتهم في كتابه :
    كنا قد ذكرنا في الحلقة السابقة شيئا من دعاوي اليهود الباطلة وأكاذيبهم :

    ومن مزاعم اليهود الفاسدة : ادعاؤهم أن ذنوبهم مغفورة مهما فعلوا ؟! ومهما ارتكبوا من موبقات ، وانتهكوا من حرمات ، وأكلوا من أموال محرمات ؟!
    وقد حكى القرآن الكريم قولهم الباطل هذا ورد عليه ، قال سبحانه ( فخلف من بعدهم خلف ورثوا الكتاب يأخذون عرض هذا الأدنى ويقولون سيغفر لنا وإن يأتهم عرض مثله يأخذوه ) ( الأعراف : 168 ) .
    يقول تعالى : فخلف بعد أولئك الذين قطعناهم في الأرض خلف سوء ، ورثوا التوراة فقرؤوها وتعلموها وعرفوا ما فيها من حلال وحرام ، ولكنهم لم يعملوا بأحكامها ، بل استحلوا المحارم ، وتهافتوا على حطام الدنيا ، وأكلوا الأموال المحرمة بشراهة ، من ربا ورشاوى ، وقالوا : إنه سيغفر الله تعالى لنا ذنوبنا ؟! ولا يؤاخذنا لأننا من نسل أنبيائه ، فنحن شعبه المختار !!
    ثم أخبر الله تعالى عن إصرارهم على ذنوبهم ، وعدم توبتهم ، فقال ( وإن يأتهم عرض مثله يأخذوه ) أي : هم مستمرون على ذلك .
    فأنكر الله عليهم بقوله ( ألم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب أن لا يقولوا على الله إلا الحق ودرسوا ما فيه ) أي : قد أخذ الله تعالى عليهم في التوراة ، ألا يقولوا على الله إلا الحق والصدق ، وألا يخالفوا أمره ، ولا يتجاوزوا حدوده ، ولا ينقضوا عهده ، لكنهم لم يعملوا بذلك ، بل ضيعوه ، واشتروا به ثمنا قليلا ، فبئس ما يشترون .

    ومن مزاعم اليهود الفاسدة : قولهم : ليس علينا في الأميين سبيل !! أي : كل من كان من غير اليهود ، فإنه مهدر الحقوق ! فلا حرمة لماله ، ولا عتب ولا ملامة في أكل حقه وسلبه !
    وقد حكى الله تعالى عنهم هذه المقالة الباطلة في قوله ( ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار يؤده إليك ومنهم من إن تأمنه بدينار لا يؤده إليك إلا ما دمت عليه قائما ذلك بأنهم قالوا ليس علينا في الأميين سبيل ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون ) ( آل عمران : 75 ) .
    أي : من اليهود من فريقا إن تأتمنه على الأموال الكثيرة ، يؤدها إليك عند طلبها منه كاملة غير منقوصة ، ومنهم من إن تأمنه على القليل منها يأكلها ، ولو كانت دينارا ، ويجحدها مستحلا لها .
    والسبب في ذلك : ادعاؤهم وافتراؤهم أنه ليس عليهم في الأميين - من العرب وغيرهم - سبيل ، أي : ليس علينا إثم في عدم أداء أموالهم إليهم ، وهذا يدل على أنهم رأوا أنفسهم في غاية العظمة ، واحتقروا غيرهم غاية الاحتقار !! فلم يجعلوا لغيرهم من الأمم أي حرمة .
    وكان هذا كذبا على الله تعالى واختلاقا ، وافتراء على دينه وشرعه وكتابه ، كما قال سبحانه (ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون ) فجمعوا بين أكل الحرام ، واعتقاد حله ؟!
    وما زعموه لا يؤيده شرع قويم ، ولا عقل مستقيم !
    ثم رد الله عليهم هذا الزعم الفاسد بقوله ( بلى من أوفى بعهده واتقى فإن الله يحب المتقين ) أي : ليس الأمر كما يزعمون ! بل عليكم الإثم والوزر ، والله عز وجل حرم عليكم أكل الأموال إلا بحقها ، ويحب من يوفي بجميع الحقوق ، سواء كانت لله تعالى أم لعباده ، وهو يحب المتقين من خلقه ، من أي جنس وعرق ولون ، وسواء كانوا منكم أو من الأميين .

    وهذا الأمر جعلهم يحرفون التوراة لتوافق ما تهوى أنفسهم الأنانية ، ففي التوراة تحريم الربا مطلقا وتقول : " لا تأخذ ربا من أخيك إذا أقرضته " فحرف اليهود هذا النص فزادوا كلمة : الإسرائيلي ! فأصبح النص هكذا : " لا تأخذ ربا من أخيك الإسرائيلي إذا أقرضته " !! وبذلك أصبحوا يحرمون الربا عند تعاملهم مع بعضهم ، ويحلونه عند تعاملهم مع غيرهم .
    ولهذا تجد في الواقع المعاصر أن أكثر البنوك العالمية الربوية اليوم أصحابها من اليهود ! الذين لا يبالون بالناس ، ولا بما يصيبهم جراء الربا .
    وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أن الأمانة يجب أن تؤدى للبر والفاجر ، فقال : " أدّ الأمانة إلى من ائتمنك ، ولا تخن من خانك " رواه أبوداود والترمذي وغيرهما .
    أي : لا تقابل خيانته بالخيانة ، فتكون مثله .

    12 – جدالهم الشديد وكثرة سؤالهم وتنطعهم في الدين :

    فمن طبع اليهود الإكثار من الجدل والمماراة والمخاصمة ، وعدم قبول الحق ابتداء ، بل بعد لجاج ومحاججة وتشكيك ، ولو كان ذلك مع الله تعالى وأنبيائه ورسله ، وكثرة الأسئلة والتضييق على النفس .

    فمن أمثلة ذلك :

    قصة أمرهم بذبح البقرة ، وقد وردت هذه القصة في سورة البقرة ، في قوله تعالى ( وإذ قال موسى لقومه إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة قالوا أتتخذنا هزوا ! قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين * قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي ؟ قال إنه يقول إنها بقرة لا فارض ولا بكر عوان بين ذلك فافعلوا ما تؤمرون * قال ادع لنا ربك يبين لنا ما لونها ... ) الآيات من سورة ( البقرة : 67 – 71 ) .
    فقد أوحى الله تعالى إلى موسى عليه الصلاة والسلام أن يأمر قومه بذبح بقرة لما اختلفوا فيمن قتل القتيل ليضربوه ببعض أعضائها ، لكنهم لم يستجيبوا بل قالوا له : أتتخذنا هزوا ؟! وهذا يدل على سفههم ، وسوء ظنهم بربهم عز وجل وبرسولهم الكريم .
    ثم ظلوا يسألون نبيهم ويكررون السؤال ، ويضيقون على أنفسهم ويتعنتون ، فضيق الله عليهم ، ولو أنهم ذبحوا أي بقرة لكفتهم ، كما قال ابن عباس وعبيدة ومجاهد غيرهم ، ولكنهم شددوا فشدد الله عليهم ، وظلوا يسألون عنها وعن أوصافها ولونها ، حتى قالوا بعد كثرة سؤال ( الآن جئت بالحق ! ) وهذا من جهلهم وكفرهم ، فقد أتاهم بالحق من أول ما أمرهم بالأمر .
    قال تعالى ( فذبحوها وما كادوا يفعلون ) أي : كادوا ألا يفعلوا ما أمروا به ، وفي هذا ذم لهم وتوبيخ على تباطئهم عن امتثال الأمر من أول مرة .

    • ومن ذلك : جدالهم في إبراهيم عليه السلام وملته ، وهي في قوله تعالى ( يا أهل الكتاب لم تحاجون في إبراهيم وما أنزلت التوراة والإنجيل إلا من بعده أفلا تعقلون ) ( آل عمران : 66 ) .
    فأنكر الله تعالى عليهم محاجتهم في إبراهيم عليه السلام ، وأنه كان يهوديا ؟! مع أن زمنه كان قبل موسى عليه السلام وقبل أن ينزل الله التوراة ؟! وكذلك قبل أن ينزل الله الإنجيل ، فلا يمكن أن يكون نصرانيا كذلك .
    فهذه المحاجة ظاهرة البطلان ، لأنهم يجادلون فيما ليس لهم به علم .
    ولهذا قال تعالى رادا عليهم ، ومنكرا قولهم ( هاأنتم هؤلاء حاججتم فيما لكم به علم فلم تحاجون فيما ليس لكم به علم والله يعلم وأنتم لا تعلمون ) فأمرهم برد مالا علم لهم به إلى عالم الغيب والشهادة .
    وبين لهم أن أولى الناس به ، هم اتباعه ، ثم النبي محمد عليه الصلاة والسلام والذين آمنوا من أصحابه من المهاجرين والأنصار ، قال سبحانه ( إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين ) ( آل عمران : 69 ) .

    • ومن ذلك : جدالهم في نبوة عيسى عليه السلام وجحدهم لها ، فهم لا يعترفون بنبوته ورسالته ؟! ولا يسلمون بذلك ! بل يرون أنه قد جاء عن طريق الزنا والعياذ بالله تعالى ، ويتهمون أمه بذلك ، كما سبق ذكره في فظائعهم وأقوالهم المنكرة على الرسل .
    وأما الإسلام فيعترف لعيسى بالنبوة ، وأنه من المرسلين ، قال تعالى آمرا لهم بالإيمان بالجميع ( قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون * فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما هم في شقاق فسيكفكهم الله وهو السميع العليم ) ( البقرة : 126 - 127) .
    وقال عز وجل في خلق عيسى عليه السلام ( إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون ) ( آل عمران : 59 ) .
    أما هم فقد أبوا ذلك ، كما قال الله تعالى ( قال يا أهل الكتاب هل تنقمون منا إلا أن آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل من قبل وأن أكثركم فاسقون ) ( المائدة : 59 ) .

    * ومن ذلك جدالهم في قضية النسخ : وقد اشتد جدلهم في هذه القضية ، وأثاروا حولها الشغب والفتن ، قاصدين الطعن في الإسلام ، وبث الشكوك والارتياب في نفوس اتباعه .
    ومن الآيات في هذا الأمر قوله تعالى ( ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم بأن الله على كل شيء قدير ) ( البقرة : 106 ) .
    لقد استنكر اليهود أن يبدل الله تعالى آية بآية ، أو حكما بحكم آخر ، فالنبي صلى الله عليه وسلم لما هاجر إلى المدينة استقبل بيت المقدس تأليفا لقلوب اليهود ، لأن بيت المقدس قبلتهم ، وفرحوا بذلك ، ولكنهم لما عموا وصموا وعاندوا وأبوا الدخول في الإسلام ، وزعموا أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد اتبع قبلتهم ، وعما قريب سيتبع ملتهم ؟! فتأثر النبي صلى الله عليه وسلم وابتهل إلى الله أن يحول قبلته إلى قبلة أبيه إبراهيم عليه السلام ، فاستجاب الله لنبيه فولاه القبلة التي يرضاها ، وهي البيت الحرام ، ففرح النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنون بذلك .
    أما اليهود ومن كان على شاكلتهم ممن في قلبه مرض ، فقد استقبلوا ذلك بالاستهزاء والجحود ، وإثارة الشبه والتشكيك للمسلمين ، فقالوا : إن كانت القبلة الأولى هي الحق ، فقد تركتم الحق أيها المسلمون ؟!
    وإن كانت القبلة السابقة باطلة ، فقد كانت عبادتكم باطلة ؟!
    فقال سبحانه رادا عليهم ( سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها قل لله المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم ) البقرة : .
    ثم بين الله تعالى الحكمة من تحويل القبلة ، فقال ( وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه ) أي : ما فعلنا ذلك إلا اختبارا وامتحانا للناس ، لنعلم الصادق في اتباعه من المتذبذب في إيمانه ( ليميز الله الخبيث من الطيب ) .
    ثم قال تعالى (ولكل وجهة هو موليها فاستبقوا الخيرات ) أي : لكل أهل ملة قبلة يتجهون إليها في عباداتهم ، فسارعوا أنتم جهدكم إلى إلى ما اختاره الله لكم .
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    تحمَّلتُ وحديَ مـا لا أُطيـقْ من الإغترابِ وهَـمِّ الطريـقْ
    اللهم اني اسالك في هذه الساعة ان كانت جوليان في سرور فزدها في سرورها ومن نعيمك عليها . وان كانت جوليان في عذاب فنجها من عذابك وانت الغني الحميد برحمتك يا ارحم الراحمين

  2. #12
    تاريخ التسجيل
    Jun 2008
    المشاركات
    11,737
    الدين
    الإسلام
    الجنس
    أنثى
    آخر نشاط
    17-05-2024
    على الساعة
    12:48 AM

    افتراضي

    صفات اليهود في القرآن الكريم والسنة النبوية ( 11 )

    الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على رسوله الأمين
    وآله وصحبه والتابعين ،،،
    ذكرنا فيما مضى شيئا من صفات اليهود في القرآن الكريم ، والسنة النبوية ، وها نحن نستكمل ما ورد من صفاتهم في القرآن الكريم ، والسنة النبوية ، وأقوال سلف الأمة ، وهي خير مصدر يعرفنا بشخصية اليهود وتركيبهم النفسي ، وهي وقفات موجزة مع سمات شخصيتهم ، وصدق سبحانه في كل ما قال عنهم من صفاتهم في كتابه :

    14- لبس الحق بالباطل :

    قال تعالى عن هذه الخصلة : { ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون } (البقرة : 42)

    والآية وردت عطفا على تذكيرهم بنعم الله عليهم في قوله تعالى : { يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم } (البقرة:40) .
    ثم جاء التحذير من الضلال ، في قوله تعالى :{ ولا تكونوا أول كافر به } (البقرة: 41) ثم التحذير من الإضلال ، في قوله تعالى : { ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق ) .
    واللَّبس في اللغة : بفتح اللام : هو الخلط ، وهو من الفعل ( لَبَسَ ) بفتح الباء ، يقال: لَبَست عليه الأمر ألبسه : إذا خلطت حقه بباطله ، وواضحه بمشكله ، ومنه قوله تعالى : { وللبسنا عليهم ما يلبسون } (الأنعام : 9) . ويقال : في الأمر لُبسة ، بضم اللام ، أي : اشتباه .
    واللِّبس : بكسر اللام ، من الفعل ( لَبِسَ ) بكسر الباء : هو لبس الثوب ونحوه .

    والحق : هو الأمر الثابت ؛ من حَقَّ الشيء ، إذا ثبت ووجب ، وهو ما تعترف به سائر النفوس ، بقطع النظر عن شهواتها .

    والباطل : ضد الحق ، وهو الأمر المضمحل الزائل الضائع .

    قال ابن عباس رضي الله عنهما : قوله { ولا تلبسوا الحق بالباطل } أي : لا تخلطوا الحق بالباطل ، ولا تخلطوا الصدق بالكذب . وعن أبي العالية قال : لا تخلطوا الحق بالباطل ، وأدوا النصيحة لعباد الله من أمة محمد صلى الله عليه وسلم .
    وقال قتادة : ولا تلبسوا اليهودية والنصرانية ، وأنتم تعلمون دين الله الإسلام ، وأن اليهودية والنصرانية بدعة ليست من دين الله .
    وروي عن الحسن البصري نحو ذلك .

    فمعنى الآية : ولا تخلطوا أيها الأحبار على الناس في أمر محمد صلى الله عليه وسلم ، وما جاء به من عند ربه من القرآن العظيم ، وتزعموا أنه مبعوث إلى العرب دون بقية الأمم ، وقد علمتم أنه مبعوث إلى الناس كافة ، بما فيهم أنتم ، أو تنافقوا في أمره ، فتخلطوا بذلك الصدق بالكذب ، والحق بالباطل ، وتكتموا ما تجدونه في كتابكم من نعته وصفته ، وتعرفون أن من عهدي الذي أخذت عليكم في كتابكم الإيمان به ، وبما جاء به والتصديق بذلك .
    فالمراد إذً ا: النهي عن كتم حجج الله ، التي أوجب عليهم تبليغها ، وأَخَذَ عليهم بيانها .
    وقوله تعالى: { وأنتم تعلمون } جملة حالية ، وفيها دليل على أن كفرهم كان كفر عناد ، لا كفر جهل ، وذلك أغلظ للذنب ، وأوجب للعقوبة ؛ ثم إن التقييد بالعلم في الآية، لا يفيد جواز اللَّبْس والكتمان مع الجهل ؛ لأن الجاهل مطالب بالتعلم ، ومنهي عن البقاء على جهله ، وأن لا يُقْدِم على شيء حتى يعلم حكمه .

    وعلى هذا ، فلَبْسُ الحق بالباطل ترويج للباطل ، وإظهار له في صورة الحق ! وهذا اللَّبْس والتلبيس هو أول التضليل ، وإليه المنتهى في الإضلال ؛ فإن أكثر أنواع الضلال الذي أدخل في الإسلام من قبل أهل الأهواء والبدع ، هو من قبيل لبس الحق بالباطل ، وتاريخ الإسلام خير شاهد على ذلك .

    فيجب على المسلم أن يتفادى ما وقع فيه اليهود من الخلط واللبس للدين ، والكتمان للحق المبين .

    يقول الإمام ابن القيم - رحمه الله - : فإن اللبس إنما يقع إذا ضعف العلم بالسبيلين أو أحدهما ؛ كما قال عمر بن الخطاب : إنما تنقض عرى الإسلام عروة عروة ، إذا نشأ في الإسلام من لم يعرف الجاهلية .
    وهذا من كمال علم عمر رضي الله عنه ، فإنه إذا لم يعرف الجاهلية وحكمها ، وهو كل ما خالف ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ، فإنه من الجاهلية ، فإنها منسوبة إلى الجهل ، وكل ما خالف الرسول فهو من الجهل ، فمن لم يعرف سبيل المجرمين ، ولم تستبن له ، أوشك أن يظن في بعض سبيلهم أنها من سبيل المؤمنين ! كما وقع في هذه الأمة من أمور كثيرة ، في باب الاعتقاد والعلم والعمل ، هي من سبيل المجرمين والكفار وأعداء الرسل ، أدخلها من لم يعرف أنها من سبيلهم ، في سبيل المؤمنين ؟! ودعا إليها وكفر من خالفها ، واستحل منه ما حرمه الله ورسوله ؟! (الفوائد ص109 ) .

    ومن لبس الحق بالباطل : أنواع التأويل الباطل لنصوص الوحيين ، فقد قال أهل السنة والجماعة : إن التأويل - الذي هو صرف اللفظ عن ظاهره - لآيات القرآن الكريم ، وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم لا يصح ولا يجوز ، إلا إذا دلَّ عليه دليل قوي ، من قرآن أو سنة صحيحة ، أو لغة معروفة ، أو عرف جار ونحوها .
    أما إذا وقع التأويل لما يُظن أو يُتوهم أنه دليل فهو تأويل باطل ، لا يُعرَّج إليه ، ولا يصح التعويل عليه ؛ إذ هو في حقيقته نوع من التحريف المحرم والتضليل . أما إذا وقع التأويل من غير دليل أصلاً !! فهو آكد في الحرمة ، وأوجب للمنع ، إذ هو نوع من أنواع التلاعب بالكلام ، والتكذيب والهزأ بآيات القرآن ، ولا يخفى ما فيه من الضلال .

    فمن أمثلة التأويل بغير دليل : تأويل أهل البدع صفة الرحمة لله تعالى بالإحسان والإنعام !! ورضاه تعالى بالثواب ! واستواؤه على عرشه بالاستيلاء والقهر ! ويده سبحانه بنعمته ! ووجهه بذاته ! وهكذا تأويلات لهم باطلة ، تخالف ظواهر الآيات القرآنية ، والأحاديث النبوية ، وما كان عليه سلف الأمة المباركين ، من الصحابة والتابعين لهم بإحسان ، إذ لم ينقل عنهم حرف من ذلك .
    وقد تقدم الكلام على هذا ، عند ذكر تحريفهم لكلام الله تعالى وكتبه ، وكلام رسله صلوات الله عليهم ، إما لفظا وإما معنى في " صفة التحريف " .

    والأمر المهم الذي ينبغي التنبيه عليه هاهنا : أن الخطاب القرآني وإن كان متوجهًا في لفظه ونصه إلى بني إسرائيل ، إلا أنه في فحواه ومقصده خطاب عام يشمل الناس كافة ، والمؤمنين منهم على وجه أخص ، فهم أولى بالنهي عن خلط الحق بالباطل ، وهم أجدر بإظهار الحق وعدم كتمانه ، والله أعلم .
    ومن صور اللبس والتضليل التي تقع في هذه الأمة ، نذكرها لنحذر من الوقوع فيها بأنفسنا ، ونحذر إخواننا المسلمين من الوقوع فيها ، والانخداع بها :

    ا- ترك التحذير من البدع المحدثة ، والشركيات بأنواعها ، بدعوى الحفاظ على وحدة الأمة الإسلامية ، وعدم تفريقها ؟!
    ب - المداهنة والسكوت عن المنكرات ، وضعف الولاء والبراء ، بحجة المداراة والتسامح ومصلحة الأمة ؟!
    ج - الانفتاح على الدنيا والركون إليها ، بحجة التعفف عن الناس ، أو إنفاق المال في وجوه الخير ؟!
    د - الاحتجاج بيسر الشريعة ثم ضغوط الواقع ، للتفلت من أحكام الشريعة والتحايل عليها ، وإتباع الهوى في الأخذ بالرخص والشذوذات الفقهية ، وكل هذا باطل وتلبيس وتضليل ، يتبناه أهل الأهواء الذين يتبعون الشهوات ، ويريدون بذلك تحلل المجتمع المسلم من أحكام الشريعة باسم التيسير وترك التشديد !!

    هـ - التشهير بالدعاة والمصلحين واغتيابهم بحجة النصيحة ، والتحذير من الأخطاء ؟!
    ز - ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، بدعوى خوف الابتلاء وتعريض النفس للفتن .
    ح - التلبيس على الناس برفع لافتات إسلامية !! تخفي وراءها الكيد للدين وأهله ، من قبل أعداء الأمة من المنافقين والكفار .

    وغيرها من أنواع التلبيسات التي تقع من قبل من أعرض عن التمسك بالوحيين واتباع السلف الصالح لهذه الأمة عقيدة وشريعة ومنهاجا .
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    تحمَّلتُ وحديَ مـا لا أُطيـقْ من الإغترابِ وهَـمِّ الطريـقْ
    اللهم اني اسالك في هذه الساعة ان كانت جوليان في سرور فزدها في سرورها ومن نعيمك عليها . وان كانت جوليان في عذاب فنجها من عذابك وانت الغني الحميد برحمتك يا ارحم الراحمين

  3. #13
    تاريخ التسجيل
    Jun 2008
    المشاركات
    11,737
    الدين
    الإسلام
    الجنس
    أنثى
    آخر نشاط
    17-05-2024
    على الساعة
    12:48 AM

    افتراضي

    صفات اليهود في القرآن الكريم والسنة النبوية ( 12 )

    الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على رسوله الأمين
    وآله وصحبه والتابعين ،،،
    ذكرنا فيما مضى شيئا من صفات اليهود في القرآن الكريم ، والسنة النبوية ، وها نحن نستكمل ما ورد من صفاتهم في القرآن الكريم ، والسنة النبوية ، وأقوال سلف الأمة ، وهي خير مصدر يعرفنا بشخصية اليهود وتركيبهم النفسي ، وهي وقفات موجزة مع سمات شخصيتهم ، وصدق سبحانه في كل ما قال عنهم من صفاتهم في كتابه :

    15– قسوة قلوبهم :

    وقد ذكر الله تعالى عنهم هذه الخصلة الذميمة في كتابه فقال ( ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة ) ( البقرة : 74 ) أي : اشتدت وغلظت .
    قال ابن جرير : فبعضها كالحجارة قسوة ، وبعضها أشد قسوة من الحجارة .
    يعني : لا تخرج عن أحد هذين المثلين .
    وقال ابن كثير : فصارت قلوب بني إسرائيل مع طول الأمد قاسية ، بعيدة عن الموعظة ، بعد ما شاهدوه من الآيات والمعجزات ، فهي في قسوتها كالحجارة التي لا علاج للينها ، أو أشد قسوة من الحجارة ، كما قال الله تعالى بعدها ( وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار وإن منها لما يشقق فيخرج منه الماء وعن منها لما يهبط من خشية الله ) .
    فمن الحجارة ما يتفجر منها العيون الجارية ، ومنها ما يشقق فيخرج منها الماء وإن لم يكن جاريا ، ومنها ما يهبط من رأس الجبل من خشية الله ، إذ فيه إدراكا لخشية الله بحسبه ، كما قال سبحانه ( تسبح له السموات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم ) ( الإسراء : 44 ) .

    وقال تعالى : ( فبما نقضهم ميثاقهم لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً ) { المائدة : 13} .
    أي: بسبب نقضهم للعهود مع الله تعالى ومع خلقه ، جعل قلوبهم قاسية لا تجدي فيها المواعظ ، ولا تنفعها الآيات والنذر ، فلا ترغبهم الرغائب ، ولا تخوفهم المخوفات ، وهذا - كما قال أهل العلم - من أعظم العقوبات على العبد ، لأن الهداية والاستقامة أعظم النعم .

    وقال سبحانه فيهم ( وَحَسِبُواْ أَلاَّ تَكُونَ فِتْنَةٌ فَعَمُواْ وَصَمُّواْ ثُمَّ تَابَ اللّهُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ عَمُواْ وَصَمُّواْ كَثِيرٌ مِّنْهُم وَاللّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ ) { المائدة :71 }.
    أي : عميت قلوبهم عن الحق لقسوتها ، وبعدها عما أنزل الله تعالى ، والوفاء بالميثاق الذي أخذ عليهم ، بما قدمت أيديهم من تكذيب الرسل وقتلهم ، كما في الآية قبلها ( لقد أخذنا ميثاق بني إسرائيل وأرسلنا إليهم رسلا كلما جاءهم رسول بما تهوى أنفسهم فريقا كذبوا وفريقا يقتلون ) ( المائدة :70 ) .

    وفي الحديث : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ الله عَنه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال : " إنَّ الْعَبْدَ إِذَا أَخْطَأَ خَطِيئَةً نُكِتَتْ فِي قَلْبِهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ ، فَإِذَا هُوَ نَزَعَ وَاسْتَغْفَرَ وَتَابَ سُقِلَ قَلْبُهُ ، وَإِنْ عَادَ زِيدَ فِيهَا حَتَّى تَعْلُوَ قَلْبَهُ ، وَهُوَ الرَّانُ الَّذِي ذَكَرَ اللَّهُ : ( كَلا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ) ". رواه الترمذي (3569 ) .
    قال المباركفوري في " تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي" : " نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ " أَي : جُعِلَتْ فِي قَلْبِهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ ، أَي : أَثَرٌ قَلِيلٌ كَالنُّقْطَةِ شَبَهُ الْوَسَخِ فِي الْمِرْآةِ . وقوله " سُقِلَ قَلْبُهُ " نَظَّفَ وَصَفى مِرْآةَ قَلْبِهِ ، لِأَنَّ التَّوْبَةَ بِمَنْزِلَةِ الْمِصْقَلَةِ ، تَمْحُو وَسَخَ الْقَلْبِ " وَإِنْ عَادَ ِزيدَ فِيهَا " أَي : تُطْفِئَ نُورَ قَلْبِهِ فَتُعْمِيَ بَصِيرَتَهُ .

    والآيَةُ السابقة وإن كانت فِي حَقِّ الْكُفَّار ، لَكِنْ ذَكَرَهَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَخْوِيفًا لِلْمُؤْمِنِينَ ، كَي يَحْتَرِزُوا عَنْ كَثْرَةِ الذَّنْبِ فتَسْوَدَّ قُلُوبُهُم ، كَمَا اِسْوَدَّتْ قُلُوبُ الْكُفَّار.
    وَلِذَا قِال السلف : الْمَعَاصِي بَرِيدُ الْكُفْر ، أي : تقود إليه .

    16– كفرهم بنعم الله تعالى :

    وهذه خصلة ظاهرة فيهم ، ومن يقرأ القرآن الكريم يرى بوضوح الآيات التي تتحدث باستفاضة عن ألوان النعم التي أغدقها الله تعالى عليهم ، ثم جحودهم لها ، وإعراضهم عن شكرها ، ووقوعهم في المعاصي .
    وسنبدأ بآيات سورة البقرة ، فقد شرع الله تعالى بتعداد النعم عليهم بموضع واحد ، فقال تعالى :
    ا - ( يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم وإياي فارهبون ) ( البقرة : 40 ) .
    فيأمرهم تعالى بالانتباه لنعم الله عليهم ، وذكرها بقلوبهم وألسنتهم ، فإن ذكرها والتحدث بها يحث على شكرها ، والقيام بحقوقها ، كما قال تعالى ( وأما بنعمة ربك فحدث ) ( الضحى : ) .
    والمراد بالنعمة في الآية جنس النعم ، كما قال تعالى ( وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها ) أي : النعم المتعددة عليكم .

    ب – نعمة التفضيل على الناس :
    في قوله تعالى ( يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأني فضلتكم على العالمين ) ( البقرة : 47).
    أعاد الله تعالى نداءهم ، تذكيرا وتأكيدا لواجب الشكر عليهم .
    وقوله تعالى ( وأني فضلتكم على العالمين ) عطف على النعم السابقة ، وتذكير بنعمة خاصة عظيمة ، وهي نعمة التفضيل على العالمين ، كما قال سبحانه : ( ولقد اخترناهم على علم على العالمين ) ( الدخان : 32 ) ، أي : عالمي زمانهم ، فإن أمة محمد صلى الله عليه وسلم لم تكن موجودة حينئذ .
    فيذكرهم سبحانه بما حباهم به من نعمة ، من أنه سبحانه بعث فيهم عددا كبيرا من الأنبياء، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : " كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء ، كلما هلك نبي خلفه نبي ، وإنه لا نبي بعدي ... " رواه مسلم في الإمارة ( 1842 ) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه .
    أي : والسياسة هي القيام على الشيء بما يصلحه ، فكان يتولى أمورهم الأنبياء ، كما تفعل الأمراء والولاة بالرعية اليوم ، فيا لها من نعمة كبرى ، ومنة عظمى ، فهل شكروا تلك النعمة حق شكرها ؟!!

    ج – نعمة إنجائهم من عدوهم :
    ذكرهم الله بها في آيات من كتابه ، قال تعالى ( وإذ نجيناكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب يذبحون أبنائكم ويستحيون نساءكم وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم ) ( البقرة : 49 ) . وتكرر التذكير في سورة الأعراف وإبراهيم وطه وغيرها .
    وهذه الآية من سورة البقرة ، معطوفة على قوله ( اذكروا نعمتي ... ) .
    والمعنى : اذكروا يا بني إسرائيل وقت أن نجيناكم من آل فرعون ، الذين كانوا يعذبونكم أشد العذاب ، يذبحون الذكور منكم ، ويبقون الإناث ، ويذلونكم ويكلفونكم مالا تطيقون من الأعمال ، وفي النجاة من ذلك العذاب ، والخلاص من ذلك العدو الكافر ، ومن الإذلال والتسلط نعمة عظيمة .
    قال العلماء : وفي ذبح الذكور دون مضرة من وجوه :
    1- ذبح الأبناء يقتضي فناء الرجال ، وذلك يقتضي انقطاع النسل .
    2- هلاك الرجال يقتضي فساد مصالح النساء في أمر المعاش ، لحاجتها للرجل .
    3- أن قتل الولد بعد الحمل الطويل والتعب ، من أعظم العذاب والنكد .
    4- أن بقاء النساء دون الذكور تعرض لهن للفاحشة من قبل الأعداء ، وهو غاية الذل والهوان .

    د – نعمة فرق البحر وإغراق عدوهم :
    في قوله تعالى ( وإذ فرقنا بكم البحر فأنجيناكم وأغرقنا آل فرعون وأنتم تنظرون ) ( البقرة : 50 ) .
    والمعنى : واذكروا يا بني إسرائيل من جملة نعمنا عليكم ، نعمة فرق البحر بكم ، وهي آية عظيمة ومعجزة باهرة ، حين ضربه موسى عليه السلام بعصاه ، فأصبح فيه طرقا يابسة متعددة لكم ، فسلكتموها وسرتم فيها هاربين من فرعون وجنده ، وتمت لكم النجاة ، وحصل الغرق والهلاك لعدوكم ، فرعون وقومه وجنده ، ورائكم وأنتم ترون ذلك بأم أعينكم ، وهو أبلغ في اليقين ، وأقر لأعينكم ، وألذ لقلوبكم برؤية هلاك عدوكم ، وأرجى لشكر النعمة عليكم .

    هـ - نعمة إنزال الكتاب والنبوة :
    وذلك في آيات ، منها قوله تعالى ( وإذ آتينا موسى الكتاب والفرقان لعلكم تهتدون ) ( البقرة : 53 ) .
    وقال سبحانه ( ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان وضياء وذكرا للمتقين ) ( الأنبياء : 49 ) .
    فامتن الله عز وجل عليهم بإنزال التوراة الفارقة بين الحق والباطل ، والهدى والضلال ، وأنها الضياء الذي يهتدي به المهتدون ، وتعرف بها أحكام الدين ، ويميز بها بين الحلال من الحرام .

    وقال تعالى ( ولقد آتينا بني إسرائيل الكتاب والحكم والنبوة ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على العالمين ) ( الجاثية : 16 ) .
    أي : ولقد أنعمنا على بني إسرائيل بنعم لم تحصل لأحد غيرهم من أهل زمانهم ، فآتيناهم الكتاب : أي التوراة والإنجيل ، والحكم بين الناس ، والنبوات المتصلة فيهم ، والتي امتازوا بها بين الخلق ، حتى صارت بعد ذلك في ذرية إبراهيم عليه الصلاة والسلام .
    التعديل الأخير تم بواسطة فداء الرسول ; 31-03-2013 الساعة 12:23 PM
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    تحمَّلتُ وحديَ مـا لا أُطيـقْ من الإغترابِ وهَـمِّ الطريـقْ
    اللهم اني اسالك في هذه الساعة ان كانت جوليان في سرور فزدها في سرورها ومن نعيمك عليها . وان كانت جوليان في عذاب فنجها من عذابك وانت الغني الحميد برحمتك يا ارحم الراحمين

  4. #14
    تاريخ التسجيل
    Jun 2008
    المشاركات
    11,737
    الدين
    الإسلام
    الجنس
    أنثى
    آخر نشاط
    17-05-2024
    على الساعة
    12:48 AM

    افتراضي

    صفات اليهود في القرآن الكريم والسنة النبوية ( 13 )

    الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على رسوله الأمين

    وآله وصحبه والتابعين ،،،
    ذكرنا فيما مضى شيئا من صفات اليهود في القرآن الكريم ، والسنة النبوية ، وها نحن نستكمل ما ورد من صفاتهم في القرآن الكريم ، والسنة النبوية ، وأقوال سلف الأمة ، وهي خير مصدر يعرفنا بشخصية اليهود وتركيبهم النفسي ، وهي وقفات موجزة مع سمات شخصيتهم ، وصدق سبحانه في كل ما قال عنهم من صفاتهم في كتابه :

    لا زلنا في تعداد النعم التي أنعم الله تعالى بها عليهم ، ولم يقوموا بشكرها ، وقد ساقها الله عز وجل متصلة في سورة البقرة ، وقد ذكرنا الكلام على بعضها ، وبقي منها :

    ز - نعمة التوبة عليهم وإرشادهم إليها :

    ذكرهم الله تعالى بهذه النعمة بقوله سبحانه ( وإذ قال موسى لقومه يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم ذلكم خير لكم عند بارئكم فتاب عليكم إنه هو التواب الرحيم ) ( البقرة : 54 ) .
    أي : واذكروا يا بني إسرائيل لتعتبروا وتتعظوا ، إذ ظلمتم أنفسكم بشرككم بعبادتكم العجل ؟! فدلكم ربكم على ما تتخلصون به من هذا الذنب العظيم ، وتكفروا عن خطئكم الجسيم ، بأن تتوبوا إلى ربكم وتقتلوا أنفسكم ، حتى يقبل الله توبتكم ، ففعلتم ذلك فقبل الله منكم ، وهو التواب الرحيم الذي يقبل التوبة من عباده ويعفو عن السيئات .

    ح - نعمة بعثهم بعد موتهم :

    وقد ذكرهم بهذه النعمة الجليلة ، بعد الآيات السابقة ، في قوله تعالى ( وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتكم الصاعقة وأنتم تنظرون * ثم بعثناكم من بعد موتكم لعلكم تشكرون ) ( البقرة : 55 - 56 ) .
    أي : واذكروا إذ تجاوزتم حدودكم ، وتعنتم في السؤال والطلب ، فقلتم بجفاء وجهل وغلظة : لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة وعيانا وعلانية ؟!
    وهذا غاية الجرأة على الله عز وجل ، وعلى رسوله عليه الصلاة والسلام ؟!
    فأخذنكم العقوبة التي هي الصاعقة ، وهي : الصيحة المهلكة أو النار أو الزلزلة التي أهلكتكم ، بسبب تطاولكم على ربكم سبحانه .
    ثم مننا عليكم بلطفنا ورحمتنا ، فعفونا عنكم ، وأحييناكم من بعد موتكم ، كي تشكروا الله على نعمته في إعادتكم للحياة بعد مماتكم ، فبعثهم الله لبقية آجالهم .

    ط – نعمة تظليلهم بالغمام وإنزال المن والسلوى عليهم :

    عطف الله تعالى على النعم السابقة ، نعم أخرى ، وهما تظليلهم بالغمام وإنزال المن والسلوى ، قال الله تعالى ( وظللنا عليكم الغمام وأنزلنا عليكم المن والسلوى كلوا من طيبات ما رزقناكم وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون ) ( البقرة : 57 ) .
    والغمام هو السحاب ، وقيل : السحاب الأبيض . والمن : هو مادة صمغية تسقط على الشجر تشبه العسل . والسلوى : طائر بري لذيذ الطعم ويسمى بالسماني ، يأتيهم كل مساء فيمسكونه بأيديهم دون تعب .
    ومعنى الآية الكريمة : واذكروا يا بني إسرائيل نعمتي نعمة إظلالكم بالغمام وأنتم في التيه ليقيكم حر الشمس ، ونعمة إنزال الطعام اللذيذ عليكم وتنويعه ، دون تعب ، ولا بذل مجهود وكد ، وقلنا لكم : كلوا من طيبات ما رزقناكم من الأرزاق ، واشكروا لله تعالى هذه النعم ، ولكنكم ظلمتم أنفسكم ، ولم تشكروا تلك النعم العظيمة ، وهذا الظلم يرجع ضرره إليكم ولا تضروني شيئا .
    فقوله ( وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون ) فيه دلالة واضحة على جحودهم للنعمة ، وعصيانهم أمر الله لهم بالشكر .
    وقوله ( يظلمون ) يدل على أن ظلمهم وجحودهم ، كان يتكرر منهم .

    ك – نعمة تمكينهم من دخول بيت المقدس :

    ومن النعم التي ذكرهم الله تعالى بها ، فما قاموا بشكرها ، ولا أحسنوا قبولها ، وهي دخولهم بيت المقدس ، والراحة من التيه في الصحراء ، والخلاص من العناء ، في قوله تعالى ( وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية فكلوا منها شئتم رغدا وادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة نغفر لكم خطاياكم وسنزيد المحسنين * فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم فأنزلنا على الذين ظلموا رجزا من السماء بما كانوا يفسقون ) ( البقرة : 58 - 59 ) .
    فهذا أيضا من نعمته تعالى عليهم ، بعد معصيتهم إياه فيما مضى ، فأمرهم بدخول القرية لتكون لهم سكنا ووطنا ، ويحصل لهم بها العيش الرغيد ، وهي بيت المقدس على الصحيح من أقوال العلماء والمفسرين ، وأن يكون دخولهم مع الخضوع لله والتذلل له ، ( سجدا ) أي : راكعين وشاكرين على ما أنعم عليهم من الفتح والنصر ، ورد بلدهم إليهم ، وإنقاذهم من التيه ، وأن يقولوا : ( حطة ) ، أي : يقولوا اللهم حط عنا خطايانا ، ووعدهم المغفرة والرحمة والزيادة في الفضل والخير .
    وقد كان النبي عليه الصلاة والسلام يظهر الخضوع والتذلل لله تعالى عند النصر والظفر بالأعداء ، فعندما تم له فتح مكة ، دخل إليها على ناقته وهو كذلك ، خاشعا خاضعا صلى الله عليه وسلم لربه ، حتى إن رأسه الشريف يكاد يمس عنق ناقته ، شكرا لله تعالى على نعمة الفتح ، وبعد دخوله مكة اغتسل وصلى ثمان ركعات من الضحى ، وسماها بعض أهل العلم بصلاة الفتح ، والحقيقة أنها صلاة الضحى .
    وجاء أن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه ، لما دخل إيوان كسرى فاتحا ، صلى بداخله ثمان ركعات .

    ولكن ماذا فعل بنو إسرائيل بعد أن تم لهم الفتح ، ودخلوا بيت المقدس ؟!
    أنهم لم يفعلوا ما أمروا به ، ولم يقولوا ما أمروا به ، ولهذا قال تعالى ( فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم ) .
    وأخرج الإمام البخاري : عن أبي هريرة رضي الله عنه : عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " قيل لبني إسرائيل ادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة ، فبدلوا ودخلوا يزحفون على أستاهم ، وقالوا : حبة في شعرة !! " .
    وقال الحافظ ابن كثير : أنهم بدلوا أمر الله لهم من الخضوع بالقول والفعل ، فأمروا أن يدخلوا الباب سجدا ، فدخلوا يزحفون على أستاهم ، رافعي رؤوسهم !! وأمروا أن يقولوا : حطة ، أي : احطط عنا ذنوبنا وخطايانا ، فاستهزؤوا وقالوا : حنطة في شعيرة ؟! وهذا في غاية ما يكون من المخالفة والمعاندة ، ولهذا أنزل الله بهم بأسه وعذابه ، بفسقهم وخروجهم انتهى .

    ل – نعمة إغاثتهم بالماء وتفجيره لهم من الحجر :

    يتوالى تذكير الله سبحانه لهم بالنعم الجزيلة ، فيقول الله لهم ( وإذ استسقى موسى لقومه فقلنا اضرب بعصاك الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا قد علم كل أناس مشربهم كلوا واشربوا من رزق الله ولا تعثوا في الأرض مفسدين ) (البقرة : 60)
    أي : واذكروا يا بني إسرائيل ، نعمة إغاثتكم بالماء لما أصابكم العطش فاستسقيتم نبيكم موسى عليه الصلاة والسلام ، فتوسل إلى ربه وتضرع ، فأجابه الله تعالى إلى ما طلب ، وأوحى إليه أن اضرب بعصاك الحجر ، أي حجر شاء ، ففعل فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا ، بعدد أسباطكم ، وصار لكل سبط منكم مشرب يعرفه ولا يتعداه ، وقلنا لكم : كلوا وتمتعوا برزق الله ، من مأكول طيب ، ومشروب هنيء سهل ، لا تعب فيه ولا مشقة .
    ثم قال لهم محذرا من الأشر والبطر والغرور، واستعمال النعمة في غير موضعها ، ونسيان المنعم وشكره ( ولا تعثوا في الأرض مفسدين ) أي : فتتحول النعم عنكم ، وتنقلب إلى نقم وعذاب .
    والعثا شدة الإفساد ، وتجاوز الحد في الإفساد إلى غايته .

    م – جحودهم للنعمة واستبدالهم الذي هو أدني بالذي هو خير :

    ثم ذكرهم الله تعالى بما كان منهم من جحود للنعمة ، واستخفاف بها ، وطلبهم الذي هو أدنى وتفضيلهم له على ما هو خير !! بجهلهم وسوء اختيارهم ، وضعف عقولهم ، قال تعالى ( وإذ قلتم يا موسى لن نصبر على طعام واحد فادع لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الأرض من بقلها وقثائها وفومها وعدسها وبصلها قال أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير اهبطوا مصرا فإن لكم ما سألتم وضربت عليهم الذلة والمسكنة وباؤوا بغضب من الله ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير الحق ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون ) ( البقرة : 61 ) .
    أي : واذكروا يا بني إسرائيل ما كان من سوء اختيار من أسلافكم ، وسوء أدب مع نبيكم موسى عليه الصلاة والسلام حيث قالوا له ببطر ، وكفر للعيش الرغيد الذي هم فيه : لن نصبر على طعام المن والسلوى ! فادع لنا ربك أن يخرج لنا مما تنبته الأرض من خضرواتها وعدسها وبصلها ، لأن مللنا وسئمنا من المن والسلوى ؟!!
    قال الحسن البصري : فبطروا ذلك فلم يصبروا عليه ، وذكروا عيشهم الذي كانوا فيه ، وكانوا قوما أهل أعداس وبصل وبقول وفوم .
    فوبخهم موسى عليه السلام قائلا : أتختارون الذي هو أقل فائدة ، وأدنى لذة ، وأخس منزلة ، على ما هو خير لكم وألذ وأطيب ؟!
    ( اهبطوا مصرا فإن لكم ما سألتم ) أي : إذا كان هذا مطلبكم ، فاتركوا هذا المكان الذي أنتم فيه ، وانزلوا إلى مصر من الأمصار ، تجدوا ما سألتموني إياه من البقل والفوم وأشباهه ، فليس هو بالأمر العزيز .
    ثم ذكر تعالى العقوبات التي حلت بهم ، جراء كفرهم لنعمة الله عليهم ، فقال ( وضربت عليهم الذلة والمسكنة ) أي : وضعت عليهم الذلة والمسكنة ، وألزموا بها شرعا وقدرا ، فلا يزالون كذلك أبدا (وباؤوا بغضب من الله ) أي : رجعوا بغضب الله ، ووجب عليهم واستحقوه .

    ن- نعمة عفو الله عنهم برحمته رغم نقضهم لميثاقه :

    وقد ذكرهم الله بهذه النعمة بعد الآيات السابقة ، بقوله سبحانه ( وإذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه لعلكم تتقون * ثم توليتم من بعد ذلك فلولا فضل الله عليكم ورحمته لكنتم من الخاسرين ) ( البقرة : 63 – 64 ) .
    ومعنى الآيتين : واذكروا وقت أن أخذنا عليكم الميثاق والعهد أن تعبدوا الله وتطيعوا رسوله ، وتعملوا بما في التوراة ، وقلنا لكم : خذوا ما آتيناكم في كتابكم بجد واجتهاد ، واذكروا ما فيه وتدبروه ، لتتقوا الهلاك في الدنيا والآخرة .
    ولكن حصل منكم الإعراض عن العمل بما أخذ عليكم من الميثاق ، وتركتم الكتاب ، فلولا أن الله تعالى رأف بكم ورحمكم ، وعفا عن زلاتكم ، لكنتم من الهالكين في الدنيا والآخرة .
    ص – ومن نعمه تعالى عليهم : ما حكاه الله تعالى في قوله ( ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم إن الله لذو فضل على الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون ) ( البقرة : 243 ) .

    فيقص الله علينا قصة الذين خرجوا منهم من ديارهم وهم ألوف مؤلفة ، قاصدين الهرب من الموت ، والسلامة من وباء أو غيره ، ولكن لا يغني حذر من قدر ، ( فقال لهم موتوا ) فأماتهم عن بكرة أبيهم ( ثم أحياهم ) إما رحمة من الله سبحانه ولطفا بهم ، وإما بدعاء نبي ، لتكون آية عظيمة على إحياء الله للموتى ( إن الله لذو فضل على الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون ) أي : قليل من عبادي الشكور ، الذي يعرف النعمة ويقر بها ، ويصرفها في طاعة الله المنعم
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    تحمَّلتُ وحديَ مـا لا أُطيـقْ من الإغترابِ وهَـمِّ الطريـقْ
    اللهم اني اسالك في هذه الساعة ان كانت جوليان في سرور فزدها في سرورها ومن نعيمك عليها . وان كانت جوليان في عذاب فنجها من عذابك وانت الغني الحميد برحمتك يا ارحم الراحمين

  5. #15
    تاريخ التسجيل
    Jun 2008
    المشاركات
    11,737
    الدين
    الإسلام
    الجنس
    أنثى
    آخر نشاط
    17-05-2024
    على الساعة
    12:48 AM

    افتراضي

    صفات اليهود في القرآن الكريم والسنة النبوية ( 14 )

    الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على رسوله الأمين

    وآله وصحبه والتابعين ،،،
    ذكرنا فيما مضى شيئا من صفات اليهود في القرآن الكريم ، والسنة النبوية ، وها نحن نستكمل ما ورد من صفاتهم في القرآن الكريم ، والسنة النبوية ، وأقوال سلف الأمة ، وهي خير مصدر يعرفنا بشخصية اليهود وتركيبهم النفسي ، وهي وقفات موجزة مع سمات شخصيتهم ، وصدق سبحانه في كل ما قال عنهم من صفاتهم في كتابه :

    17 - تحايلهم على استحلال محارم الله تعالى :

    من أخلاق بني إسرائيل وأعمالهم القبيحة ، والتي وقعوا فيها بفسقهم وظلمهم لأنفسهم ، وبسبب شدة جشعهم ، وحرصهم على الشهوات وطمعهم ، وضعف تمسكهم بأوامر الله تعالى ورسله الكرام : التحايل على المحرمات ، والاعتداء على حدود الله عز وجل ، ظانين أنهم بذلك ينجون من المخالفة والحرام ؟! والعقوبة من الله عز وجل !!

    ا - ومن صور تحايلهم الكثيرة : ما ذكره الله تعالى من قصة صيدهم للحيتان يوم السبت – المحرم عليهم العمل فيه – حيث احتالوا على ذلك ، بأن نصبوا الشباك لها أو حفروا لها الحفر لتقع فيها ، قبل يوم السبت ليجمعوها بعده ، وقيل : ألقوا عليها الشباك يوم السبت وأخذوها يوم الأحد !!
    قال تعالى في بيان قصتهم : ( وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِم حِيتَانُهُم يَوْمَ سَبْتِهِم شُرَّعًا وَيَومَ لاَ يَسْبِتُونَ لاَ تَأْتِيهِم كَذَلِكَ نَبلُوهُم بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ * وَإِذَا قَالَتْ أُمَّةٌ مِّنهُم لِمَ تَعِظُونَ قَومًا اللهُ مُهلِكُهُم أَوْ مُعَذِّبُهُم عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ * فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنجَينَا الَّذِينَ يَنْهَونَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ ) ( الأعراف : 165-163 ) .
    ومعنى الآيات : سل يا محمد بني إسرائيل الذين بحضرتك عن أهل القرية منهم ، الذين كانوا بقرب البحر ، قيل هي بلدة : أيلة على شاطىء بحر القلزم ( البحر الأحمر ) وقيل غيرها ، فأراد الله سبحانه أن يختبرهم ، لينظر مدى تمسكهم بدينه وعهوده ، فابتلاهم بتكاثر الحيتان ببحرهم يوم السبت دون غيره من الأيام ، تتراءى لهم ظاهرة على وجه الماء ، سهلة الأخذ والاصطياد ، فإذا ذهب السبت اختفت ! فاحتالوا على المحرم بما ذكرنا .
    قال تعالى ( كَذَلِكَ نَبلُوهُم بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ ) فبفسقهم ابتلاهم الله ، ووجبت عليهم المحنة ، فلو لم يفسقوا لعافاهم الله من ذلك الشر والبلاء .
    ولقد نصحهم فريق منهم بألا يفعلوا ذلك ، لئلا ينزل بهم بأس الله تعالى الذي لا يرد عن القوم المجرمين ، فلم يستمعوا لنصحهم ووعظهم .
    وانتقد الدعاة طائفة أخرى على تكرار نصحهم لهم ، مع عدم استجابتهم ، فقالوا للناصحين ( لِمَ تَعِظُونَ قَومًا اللهُ مُهلِكُهُم أَوْ مُعَذِّبُهُم عَذَابًا شَدِيدًا ) كأنهم يقولون : لا فائدة من وعظهم ونصيحتهم .
    فقال الواعظون ( مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ ) أي : نعظهم وننهاهم لنعذر عند الله تعالى ، فلا يؤاخذنا بترك الأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر في قومنا .
    ( وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ) أي : لا نيأس من هدايتهم بل لدينا الأمل ، فلعلهم يخافون الله فيتركون ما هم عليه من المعصية ، ويؤثر فيهم الوعظ .
    ( فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ ) أي : تناسوا ما ذكروا به ، واستمروا على غيهم واعتدائهم ( أَنجَينَا الَّذِينَ يَنْهَونَ عَنِ السُّوءِ ) وهي سنة الله الجارية في عباده ، أنه ينجي الآمرين بالمعروف من العذاب إذا نزل بالقوم الظالمين ، كما قال هنا ( وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ ) وهم الذين اعتدوا وتحايلوا ، عذبهم الله عز وجل عذابا شديدا ، ومسخهم قردة خاسئين ، عبرة للعاصين ، وذكرى للذاكرين ( إن ربك لسريع العقاب وإنه لغفور رحيم ) .

    وفي سورة البقرة ، ذكر الله تعالى قصتهم باختصار بآيتين في قوله ( ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين * فجعلناها نكالا لما بين يديها وما خلفها وموعظة للمتقين ) ( البقرة : 65 – 66 ) .
    وقوله ( نكالا ) أي : عبرة تنكل من اعتبر بها ، أي تمنعه من أن يفعل كفعله ( ما بين يديها وما خلفها ) أي : زاجرة رادعة لمن شاهدها ممن حضرها ، ولمن أتى بعدها .
    وفي سورة النساء ( يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما نزلنا مصدقا لما معكم من قبل أن نطمس وجوها فنردها على أدبارها أو نلعنهم كما لعنا أصحاب السبت وكان أمر الله مفعولا ) ( النساء : 47) .
    وكذا في سورة النحل ( إنما جعل السبت على الذين اختلفوا فيه وغن ربك ليحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون ) ( النحل : 124) .

    ب - ومن صور حيلهم القبيحة : تحايلهم على الشحوم لما حرمها الله عليهم ، كما قال سبحانه ( وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر ومن البقر والغنم حرمنا عليهم شحومها إلا ما حملت ظهورهما أو الحوايا أو ما اختلط بعظم ذلك جريناهم ببغيهم وإنا لصادقون ) ( الأنعام : 147 ) .
    ما رواه جابر بن عبدالله رضي الله عنهما : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " قاتل الله اليهود ، لما حرم الله عليهم شحومها ، جملوها ثم باعوها فأكلوها " أخرجه البخاري ( 2236 ، 4633) ومسلم ( 1581 ) .
    وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : بلغ عمر رضي الله عنه أن سمرة باع خمرا ، فقال : قاتل الله سمرة ! ألم يعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لعن الله اليهود ، حرمت عليهم الشحوم فجملوها – أي أذابوها – فباعوها " .
    وفي رواية : " وأكلوا أثمانها " متفق عليه .
    وفي رواية أبي داود ( 3488 ) : " وإن الله إذا حرم على قوم أكل شيء ، حرم عليهم ثمنه " .
    قال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى في " إغاثة اللهفان " في كلامه عن الحيل المحرمة ( 1/ 582 ) :
    ومن مكايده – أي الشيطان - التي كاد بها الإسلام وأهله : الحيل والمكر والخداع ، الذي يتضمن تحليل ما حرمه الله ؟ وإسقاط ما فرضه ؟ ومضادته في أمره ونهيه ؟ وهي من الرأي الباطل الذي اتفق السلف على ذمه .
    فإن الرأي رأيان : رأي يوافق النصوص وتشهد له بالصحة والاعتبار ، وهو الذي اعتبره السلف , وعملوا به .
    ورأي يخالف النصوص ، وتشهد له بالإبطال والإهدار ، فهو الذي ذموه وأنكروه.
    وكذلك الحيل نوعان : نوع يتوصل به إلى فعل ما أمر الله تعالى به ، وترك ما نهى عنه ، والتخلص من الحرام , وتخليص الحق من الظالم المانع له ، وتخليص المظلوم من يد الظالم الباغي ، فهذا النوع محمود يثاب فاعله ومعلمه .
    ونوع يتضمن إسقاط الواجبات ، وتحليل المحرمات , وقلب المظلوم ظالما ، والظالم مظلوما ، الحق باطلا ، والباطل حقاً , فهذا النوع الذي اتفق السلف على ذمه , وصاحوا بأهله من أقطار الأرض .
    قال الإمام أحمد رحمه الله : لا يجوز شيء من الحيل في إبطال حق مسلم .
    ثم قال : " إن الله سبحانه أخبر عن أهل السبت من اليهود بمسخهم قردة ، لما احتالوا على إباحة ما حرمه الله تعالى عليهم من الصيد ، بأن نصبوا الشباك يوم الجمعة ، فلما وقع فيها الصيد أخذوه يوم الأحد .

    قال بعض الأئمة : ففي هذا زجر عظيم لمن تعاطى الحيل على المناهي الشرعية , ممن يتلبس بعلم الفقه , وهو غير فقيه ، إذ الفقيه من يخشى الله تعالى بحفظ حدوده وتعظيم حرماته ، والوقوف عندها ، ليس المتحيل على إباحة محارمه ، وإسقاط فرائضه .
    ومعلوم أنهم لم يستحلوا ذلك تكذيبا لموسى عليه السلام وكفرا بالتوراة ، وإنما هو استحلال تأويل واحتيال ، ظاهره ظاهر الاتقاء ، وباطنه باطن الاعتداء ، ولهذا والله أعلم مسخوا قردة ، لأن صورة القرد فيها شبه من صورة الإنسان ، وفي بعض ما يذكر من أوصافه شبه منه ، وهو مخالف له في الحد والحقيقة ، فلما مسخ أولئك المعتدون دين الله تعالى بحيث لم يتمسكوا إلا بما يشبه الدين في بعض ظاهره دون حقيقته , مسخهم الله تعالى قردة يشبهونهم في بعض ظواهرهم دون الحقيقة ، جزاء وفاقا انتهى .

    وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم أمته من الوقوع فيما وقعت فيه اليهود ، باستحلال محارم الله تعالى بالحيل المحرمة ، فقال صلى الله عليه وسلم : " لا ترتكبوا ما ارتكبت اليهود فتستحلوا محارم الله بأدنى الحيل " رواه أبو عبدالله بن بطة – انظر الإرواء (1535 ) .
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    تحمَّلتُ وحديَ مـا لا أُطيـقْ من الإغترابِ وهَـمِّ الطريـقْ
    اللهم اني اسالك في هذه الساعة ان كانت جوليان في سرور فزدها في سرورها ومن نعيمك عليها . وان كانت جوليان في عذاب فنجها من عذابك وانت الغني الحميد برحمتك يا ارحم الراحمين

  6. #16
    تاريخ التسجيل
    Jun 2008
    المشاركات
    11,737
    الدين
    الإسلام
    الجنس
    أنثى
    آخر نشاط
    17-05-2024
    على الساعة
    12:48 AM

    افتراضي

    صفات اليهود في القرآن الكريم والسنة النبوية ( 15 )

    الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على رسوله الأمين
    وآله وصحبه والتابعين ،،،
    ذكرنا فيما مضى شيئا من صفات اليهود في القرآن الكريم ، والسنة النبوية ، وها نحن نستكمل ما ورد من صفاتهم في القرآن الكريم ، والسنة النبوية ، وأقوال سلف الأمة ، وهي خير مصدر يعرفنا بشخصية اليهود وتركيبهم النفسي ، وهي وقفات موجزة مع سمات شخصيتهم ، وصدق سبحانه في كل ما قال عنهم من صفاتهم في كتابه :
    18– أكلهم أموال الناس بالباطل :

    فمن صفاتهم المتأصلة فيهم : الإكثار من أكل أموال الناس بغير حق ، بالربا تارات كثيرة ، فاليهود سادة العالم في ذلك ، وأغلب البنوك الربوية ترجع ملكيتها لهم ، وكذا أكلهم أموال الناس بالاحتيال والخداع والميسر بشتى صوره ، قال تعالى : ( وَتَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الإثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) ( المائدة : 62) .
    وهذا في معرض تعداد معايبهم ، يقول تعالى : أنك ترى كثيرا منهم ليس فقط يقعون في الذنوب ، بل ( يسارعون ) أي : يبادرون إلى الوقوع في الآثام والمعاصي ، والعدوان على المخلوقين ، ( وأكلهم السحت ) وهو الحرام بشتى صوره وأشكاله ( لبئس ما كانوا يعملون ) أي : لبئس العمل كان عملهم ، وبئس الاعتداء كان اعتداؤهم .
    ثم قال سبحانه ( لولا ينهاهم الربانيون والأحبار عن قولهم الإثم وأكلهم السحت لبئس ما كانوا يصنعون ) ( المائدة : 63 ) .
    أي : هلا كان ينهاهم علماؤهم وأحبارهم ، عن هذه الأفعال المنكرة ، أي : أنهم تركوا أمرهم بالمعروف ، ونهيهم عن المنكر .

    وقال تعالى أيضا في أكلهم للربا : ( وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ) ( النساء : 161 ) .
    أي : أنهم أكلوا الربا مع علمهم بحرمته ، ونهي رسلهم لهم عنه ، لكن احتالوا عليه بأنواع الحيل والشبه .

    وقال تعالى عنهم ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ) ( التوبة : 34 ) .
    فيخبر الله تعالى أن كثيرا من الأحبار وهم علماء اليهود ، والرهبان وهم عباد النصارى ، والمقصود علماء السوء ، وعباد الضلال ، أنهم يأكلون الدنيا بالدين ، والمناصب والرياسة الدينية في الناس ، يأكلون بذلك أموالهم ، بما يفرضونه عليهم من أنواع الخراج ، والرشاوى المحرمة في سبيل التخفيف والمسامحة في الشرائع والفتاوى ، والأتاوات والضرائب ، التي تجبى إليهم بغير حق .
    وهم مع أكلهم الحرام ، يصدون عن سبيل الله تعالى ، وعن اتباع الحق ، ويلبسون الحق بالباطل .
    قال الحافظ ابن كثير : " والمقصود : التحذير من علماء السوء ، وعباد الضلال ، كما قال سفيان بن عيينة : من فسد من علمائنا كان فيه شبه من اليهود ، ومن فسد من عبادنا كان فيه شبه من النصارى .
    وفي الحديث الصحيح : " لتركبن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة " قالوا : اليهود والنصارى ؟ قال : " فمن " وفي رواية : فارس والروم ؟ قال : " فمن الناس إلا هؤلاء ؟ " والحاصل التحذير من التشبه بهم في أقوالهم وأحوالهم " انتهى .
    وفي المسند ( 5 / 257 ) : عن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال : دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لي : " يا عدي بن حاتم أسلم تسلم " ثلاثا ، قال قلت : إني على دين ، قال : " أنا أعلم بدينك منك " فقلت : أنت أعلم بديني مني ؟! قال : " ألست من الركوسية ؟ وأنت تأكل مرباع قومك ؟! – والمرباع : ربع مال الرعية – قلت : بلى . قال : " فإن هذا لا يحل لك في دينك ! " قال : فلم يَعْـُد أن قالها ، فتواضعت لها ... الحديث ، وبعضه عند الإمام البخاري ( 3595 ) وغيره .
    وهكذا صار الأمر في بعض أصحاب الأهواء والضلال ، من رؤساء الفرق التي تنتسب للإسلام ، بما يأخذونه من أتباعهم باسم النذور تارة ، وباسم الخمس تارة ، وغيرها من المسميات الباطلة ؟!
    والذي دفعهم إلى هذا هو حب الأموال العاجلة ، وإيثارها على الدار الآخرة .

    قال ابن كثير : ولهذا قال تعالى ( ليأكلون أموال الناس بالباطل ويصدون عن سبيل الله ) وذلك أنهم يأكلون الدنيا بالدين ، ومناصبهم ورياستهم في الناس ، يأكلون أموالهم بذلك ، كما كان لأحبار اليهود على أهل الجاهلية شرف ، ولهم عندهم خرج وهدايا وضرائب تجيء إليهم ، فلما بعث الله رسوله صلى الله عليه وسلم استمروا على ضلالهم وكفرهم وعنادهم ، طمعا منهم أن تبقى لهم تلك الرياسات ، فأطفأها الله بنور النبوة ، وسلبهم إياها ، وعوضهم الذل الصغار ! وباؤوا بغضب من الله تعالى ! انتهى .

    وكذلك تناسيهم وعيد الله تعالى فيمن كنز الأموال ، ولذلك قال تعالى بعدها (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون ) ( التوبة : 34 – 35 ) .


    19– صدهم عن سبيل الله تعالى :

    وهي صفة متأصلة ومستمرة فيهم ، ومن مسالكهم الباقية فيهم إلى يومنا هذا ، وهي صدهم الناس عن سبيل الله تعالى ، ومنعهم إياهم من الوصول للهداية ، وثنيهم عن اتباع الحق المبين ، ومحاولة رد المسلمين عن دينهم بأنواع الحيل ، وصنوف الخداع والتلبيس .
    قال تعالى ( قل يا أهل الكتاب لم تصدون عن سبيل الله من آمن تبغونها عوجا وأنتم شهداء وما الله بغافل عما تعملون ) ( آل عمران : 99 ) .
    وهذا تعنيف من الله سبحانه لهم ، على كفرهم وعنادهم وصدهم عن سبيل الله من أراده من أهل الإيمان ، بكل جهدهم وطاقتهم ، مع علمهم بأنه حق من الله تعالى بما علموه من كتبهم ، وما بشرتهم به أنبيائهم .
    والله شاهد على أعمالهم وصدهم الناس عن الهداية والحق ، وعلى سائر أعمالهم وأقوالهم ، وسيجازيهم على ذلك .
    ثم قال تعالى محذرا عباده من كيدهم ومكرهم : ( يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتاب يردوكم بعد إيمانكم كافرين ) ( آل عمران : 100) .
    وما ذاك إلا لشدة عداوتهم وحسدهم للمؤمنين ، كما قال سبحانه ( ود كثير من أهل الكتاب لو يردوكم بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق ) ( البقرة : 109 ) .

    * وقال تعالى أيضا فيهم ( فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم وبصدهم عن سبيل الله كثيرا ) ( النساء : 160 ) .
    أي : بسبب ظلم عظيم منهم - والتنوين للتفخيم - وهو جامع لما ارتكبوه من أنواع الآثام ، حرم الله تعالى عليهم بعض الطيبات ، ثم بسبب صدهم عن سبيل الله الذي لا أوضح منه ، ولا أعظم ( كثيرا ) أي : ناسا كثيرا ، أو صدا كثيرا ، إذ أنهم صدوا الناس وصدوا أنفسهم عن الحق .

    * ومن مكرهم بأهل الإسلام لردهم عن دينهم ، ما ذكره الله تعالى بقوله عنهم ( وقالت طائفة من أهل الكتاب آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار واكفروا آخره لعلهم يرجعون ) ( آل عمران : 71 ) .
    وهي حيلة ماكرة خبيثة ، لبث الخلل في صفوف المسلمين ، وإشاعة الاضطراب ، وهي أن يؤمنوا أول النهار، أي : يدخلوا في الإسلام ظاهرا ، ليحسن الناس بهم الظن ، حتى إذا اطمأنوا إليهم ، رجعوا إلى يهوديتهم ، وكفروا بالإسلام ، ليوهموا حديثي العهد بالإسلام أو ضعاف الإيمان أنهم يبحثون عن الحقيقة ؟! وأنهم وجدوا الإسلام دينا باطلا ؟! وأن محمدا صلى الله عليه وسلم ليس هو النبي المرتقب ؟! وأنه كاذب فيما يدعيه ؟! وقد اطلعوا على بواطنه وخوافيه ؟! .
    وهذه الحيلة الشيطانية سلكها الدهاة منهم من أجل الصد عن سبيل الله تعالى ، وصرف الناس عن الإسلام ، وإيقاع الشك والريبة في قلوب الخلق ، كما قال تعالى ( لعلهم يرجعون ) .

    ولا يزالون على هذه الصفة الخبيثة الماكرة ، على مر التاريخ والأيام ، يحيكون المؤامرات تلو المؤامرات ، لكيد هذه الأمة المسلمة العظيمة ، بأنواع المكائد ، في الدعوة والسياسة وغيرها ، لإشاعة الخلل والاضطراب في صفوف المسلمين وغيرهم .
    التعديل الأخير تم بواسطة فداء الرسول ; 31-03-2013 الساعة 12:24 PM
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    تحمَّلتُ وحديَ مـا لا أُطيـقْ من الإغترابِ وهَـمِّ الطريـقْ
    اللهم اني اسالك في هذه الساعة ان كانت جوليان في سرور فزدها في سرورها ومن نعيمك عليها . وان كانت جوليان في عذاب فنجها من عذابك وانت الغني الحميد برحمتك يا ارحم الراحمين

  7. #17
    تاريخ التسجيل
    Jun 2008
    المشاركات
    11,737
    الدين
    الإسلام
    الجنس
    أنثى
    آخر نشاط
    17-05-2024
    على الساعة
    12:48 AM

    افتراضي

    صفات اليهود في القرآن الكريم والسنة النبوية ( 16 )



    الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على رسوله الأمين
    وآله وصحبه والتابعين ،،،
    ذكرنا فيما مضى شيئا من صفات اليهود في القرآن الكريم ، والسنة النبوية ، وها نحن نستكمل ما ورد من صفاتهم في القرآن الكريم ، والسنة النبوية ، وأقوال سلف الأمة ، وهي خير مصدر يعرفنا بشخصية اليهود وتركيبهم النفسي ، وهي وقفات موجزة مع سمات شخصيتهم ، وصدق سبحانه في كل ما قال عنهم من صفاتهم في كتابه :

    20- ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر :

    وقد كانت هذه الصفة سبباً لتفشي المنكرات ، وارتكاب المحظورات ، وشيوع الفواحش والشرور ، وعموم الفساد بين اليهود .
    وقد ذمهم الله سبحانه على هذه الخصلة في مواضع من كتابه الكريم ، فقال تعالى ( وَتَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الإثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * لولا ينهاهم الربانيون والأحبار عن قولهم الإثم وأكلهم السحت لبئس ما كانوا يصنعون ) ( المائدة : 62- 63 ) .
    أي : ترى كثيرا منهم يحرصون على الذنوب والمعاصي ، ويبادرون إلى الآثام ، والعدوان على عباد الله تعالى ، وأكلهم الحرام من أموالهم من الربا والرشوة وغيرها ، ومع ذلك ما نهاهم علمائهم عن تلك المحرمات والمنكرات ، ليزول عنهم الجهل ، وترتفع عنهم الغفلة ، وتقوم عليهم الحجة ، فإن هذا واجب أهل العلم والحكمة ، والدعاة إلى الحق ، في زمان ومكان ، وعلى كل أمة ، بل سكتوا عن ذلك ، وتقاعسوا عن واجبهم ، ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها ، فعاقبهم الله تعالى ، وذمهم في كتابه الكريم .

    وقال تعالى أيضا في موضع آخر : ( لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون * كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون ) { المائدة : 78- 79 }.
    قال ابن كثير : يخبر الله تعالى أنه لعن الكافرين من بني إسرائيل من دهر طويل ، فيما أنزله على داود نبيه عليه السلام وعلى لسان عيسى بن مريم بسبب عصيانهم لله ، واعتدائهم على خلقه ، قال العوفي عن ابن عباس : لعنوا في التوراة والإنجيل وفي الزبور وفي الفرقان .
    ثم بين حالهم فيما كانوا يعتمدونه في زمانهم ، فقال تعالى ( كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون ) أي : كان لا ينهى أحد منهم أحدا عن ارتكاب المآثم والمحارم ، ثم ذمهم على ذلك لـُُيحذر أن يركب مثل الذي ارتكبوه ، فقال ( لبئس ما كانوا يفعلون ) انتهى .

    وهذا الذم المتوجه لهم والمؤكد بلام القسم ، المحذر من ذنبهم ، فيه تعجب أيضا من سوء فعلهم ، وكيف أدى بهم إلى الوقوع في اللعنة والطرد من رحمة الله تعالى .
    وقد وردت أحاديث كثيرة تحذر من هذه الخصلة ، فمنها ما رواه الإمام أحمد ( 5 / 388 ) والترمذي في الفتن ( 2273 ) : عن حذيفة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " والذي نفسي بيده ، لتأمرن بالمعروف ، ولتنهون عن المنكر ، أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقابا من عنده ، ثم لتدعنه فلا يستجيب لكم " .
    وعن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال : يا أيها الناس ، إنكم تقرؤون هذه الآية ( يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم ) ( المائدة : 105 ) . فتضعونها في غير موضعها ، وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه ، أوشك أن يعمهم الله بعقاب منه " . رواه الترمذي ( 2271 ) .

    وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من رأى منكم منكرا فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه ، وذلك أضعف الإيمان " رواه مسلم .
    فالأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، سبيل النبيين والمرسلين ، واتباعهم من الصالحين المصلحين ، والمرشدين الصادقين ، وبسببه صارت هذه الأمة خير الأمم ، كما قال سبحانه ( كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ) ( آل عمران : 110 ).

    وأمر الله تعالى بهذه الفريضة عباده المسلمين ، فقال ( ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون ) ( آل عمران : 104 ) .
    وهي أيضا من واجبات من ولاه الله أمر الأمة ، من الولاة والحكام ، كما قال تعالى ( الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور ) ( الحج : 41 ) .
    بما لديهم من القوة التي يستطيعون بها إقامة الواجبات ، ومنع المحرمات ، وردع المتجاوزين والمعتدين ، بإقامة الحدود والعقوبات الشرعية على العصاة والمجرمين .

    21– حبهم وحرصهم على الحياة وجبنهم :

    ومن قبائحهم في زمان ومكان : صفة التهالك على الدنيا ، والحرص على الحياة ، مهما كان هذه الحياة سيئة أو ذليلة ، أو غير شريفة ، وقد أدى بهم ذلك إلى الجبن الهالع ، والنكوص عن الجهاد في سبيل الله ، ونصرة الحق .
    قال الله في ذلك ( ولتجدنهم أحرص الناس على حياة ومن الذين أشركوا يود أحدهم لو يعمر ألف سنة وما هم بمزحزحه من العذاب أن يعمر والله بصير بما يعملون ) ( البقرة : 96 ) .
    ومعنى الآية الكريمة : ولتجدن يا رسول الله هؤلاء اليهود ، الذين يزعمون أن الدار الآخرة خالصة لهم من دون الناس ، وهذا مما يكذب دعواهم هذه ؟! لتجدنهم أشد الناس حرصا على الحياة ، وأشدهم كراهية للموت ، من دون استثناء ، أي : الناس جميعا ، حتى من المشركين الذين لا يؤمنون بالبعث والنشور ؟ ولو كانت تلك الحياة حياة بؤس وشقاء ، لا راحة فيها ولا طمأنينة ، كما يفيده التنكير في قوله سبحانه ( حياة ) أي بصرف النظر عن العزة والكرامة .
    ويقال : إن في أمثالهم : الحياة وكفى !
    وكثيرا ما نقل المجاهدون العرب ، كيف كان جنود اليهود يربطهم قادتهم بالسلاسل داخل دباباتهم كي لا يهربوا منها أثناء حروبهم !
    وهم في حرصهم يتمنون أن تطول أعمارهم دهورا طويلة ، لا يصل إليها خيال أحد ؟! كما قال سبحانه ( يود أحدهم لو يعمر ألف سنة ) .
    ثم بين تعالى أنهم لو عمروا كما تمنوا ، فإنه لن ينجيهم من عذاب الله تعالى وعقوبته ، لأن الموت مدركهم لا محالة ، فقال ( وما هم بمزحزحه من العذاب أن يعمر ) أي : لا ينجيه عنه ولو طال عمره ، فلا أثر له . وقوله (والله بصير بما يعملون ) تهديد لهم ووعيد ، أنه سبحانه يعلم ما يخفون وما يعلنون .

    وكذا ما جاء في قصتهم مع موسى عليه الصلاة والسلام ، لما أمرهم بدخول الأرض المقدسة التي كتب الله لهم ، فقال لهم ( يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم ولا ترتدوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين * قالوا يا موسى إن فيها قوما جبارين وإنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها فإن يخرجوا منها فإنا داخلون )
    ( المائدة : 21 – 22 ) .
    فقوله (التي كتب الله لكم ) أي : قسم لكم سكناها ، ووعدكم بها ، إن أنتم آمنتم به واتبعتم رسله ، وجاهدتم في سبيله .
    أو كتب ههنا بمعنى : فرض عليكم دخولها ، وأمركم بها ، كما كتب عليكم الصلاة والزكاة .
    وقوله (ولا ترتدوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين ) أي : فحذرهم من التقاعس والجبن فقال لهم : لا ترجعوا عما أمركم الله تعالى به ، ولا ترتدوا عن الهداية وتجبنوا عن القتال في سبيل الله ، فإن ذلك يؤدي بكم إلى الخسار في الدنيا والآخرة ، وحرمانكم خيرات الأرض التي كتبت لكم .
    لكنهم أبوا الانقياد لله ، والسمع والطاعة لرسول الله ، وأصروا على تضييع فريضة الجهاد ، وتعللوا بأن فيها قوما أولو قوة ، وأولو بأس شديد ، ولا قدرة لنا بحربهم .
    ثم بين القرآن الكريم بعد ذلك أن رجلين منهم وصفا بأنهما من المتقين لله ، قد أنكرا عليهم تقاعسهم عن الجهاد ، وبشروهم بالنصر إن هم قاموا بما أمرهم الله تعالى به ، وتوكلوا على الله ربهم ، فقال سبحانه ( قال رجلان من الذين يخافون أنعم الله عليهما ادخلوا عليهم الباب فإذا دخلتموه فإنكم غالبون وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين ) .

    لكن هذه النصيحة لم تجد لدى بني إسرائيل أذانا صاغية ، ولا قلوبا واعية ، بل قابلوها بالإعراض ، والإصرار والعناد ، وكرروا رفضهم لدخول الأرض المقدسة ما دام الجبارون فيها ، وقالوا لموسى عليه السلام بكل وقاحة وجبن ( قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ ) (المائدة : 24 ) .
    أي : لن ندخل هذه الأرض طول حياتنا ، ما داموا هؤلاء الأقوياء المتغلبين الذين لا قدرة لنا على قتالهم ، ساكنين فيها ؟
    وهذه الآيات تصور لنا ما هم عليه من جبن شديد ، وخور وضعف ، وتعلق بالحياة ، وعصيان لرسل الله تعالى ، وإيثار للراحة والدعة والكسل ، على العزة والجهاد ؟!

    حتى أنهم اخترعوا في زماننا هذا ، ما يسمى بالمستوطنات ، وهي قرى خاصة بهم ، لا يشاركهم فيها السكنى أحد من خلق الله ؟! والمحصنة والمحمية بالقوة العسكرية ، ثم اخترعوا الجدار الفاصل بينهم وبين المسلمين في فلسطين ؟! لئلا يدخل إليهم أحد ؟!
    فوقع عليهم قول الحق سبحانه وتعالى ( لا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ ) ( الحشر : 14 ) .
    أي : لا ثبات لهم ولا عزيمة لهم على القتال ، إلا في قرى محصنة أو من وراء جدار ، معتمدين عليها ، لا على أنفسهم ، أي : بغير مواجهة ولا مقابلة .
    التعديل الأخير تم بواسطة فداء الرسول ; 31-03-2013 الساعة 12:25 PM
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    تحمَّلتُ وحديَ مـا لا أُطيـقْ من الإغترابِ وهَـمِّ الطريـقْ
    اللهم اني اسالك في هذه الساعة ان كانت جوليان في سرور فزدها في سرورها ومن نعيمك عليها . وان كانت جوليان في عذاب فنجها من عذابك وانت الغني الحميد برحمتك يا ارحم الراحمين

  8. #18
    تاريخ التسجيل
    Jun 2008
    المشاركات
    11,737
    الدين
    الإسلام
    الجنس
    أنثى
    آخر نشاط
    17-05-2024
    على الساعة
    12:48 AM

    افتراضي

    صفات اليهود في القرآن الكريم والسنة النبوية ( 17 )

    الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على رسوله الأمين
    وآله وصحبه والتابعين ،،،
    ذكرنا فيما مضى شيئا من صفات اليهود في القرآن الكريم ، والسنة النبوية ، وها نحن نستكمل ما ورد من صفاتهم في القرآن الكريم ، والسنة النبوية ، وأقوال سلف الأمة ، وهي خير مصدر يعرفنا بشخصية اليهود وتركيبهم النفسي ، وهي وقفات موجزة مع سمات شخصيتهم ، وصدق سبحانه في كل ما قال عنهم من صفاتهم في كتابه :

    22– الحسد :

    وهو من أخلاقهم المذمومة ، ورذائلهم النفسية ، وطبائعهم الخبيثة ، وهو ذنب إبليس الأول الذي حمله على معصية الله تعالى ، ورفض السجود لآدم عليه السلام ، فاستحق اللعنة والطرد من رحمة الله تعالى .
    وقد حملهم الحسد على ترك الإيمان برسول الله محمد صلى الله عليه وسلم ، والكفر به وبدينه ، والنيل من صحابته رضوان الله عنهم ، حسدا وظلما وعدوانا ، قال تعالى ( ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق ) ( البقرة : 109 ) .
    فيخبر الله سبحانه عن حسد كثير من أهل الكتاب ، ويحذر من عداوتهم في الظاهر والباطن ، وأنهم بلغت بهم الحال ، أنهم ودوا لو أنكم ترجعوا إلى الكفر بالله تعالى والشرك ، وقد سعوا في ذلك وحاولوا - كما سبق أن أوضحنا – ومكروا وكادوا ، فرد الله كيدهم في نحرهم ، وعصم المؤمنين من شرهم ، مع أنهم يعلمون فضل الإيمان بالله سبحانه ، وفضل نبي الله صلى الله عليه وسلم ، وفضل المؤمنين من الصحابة رضي الله عنهم ، ولكن الحسد أعمى بصيرتهم ، وأوردهم الهلاك !
    فأمر سبحانه بالإعراض عنهم فقال ( فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره إن الله على كل شيء قدير ) .

    وقال تعالى أيضا مبينا ما فعله الحسد باليهود ، وما جرهم إليه من المنكر العظيم ، من ترك الإيمان بالله تعالى وبرسول الله صلى الله عليه وسلم ، واعتاضوا عنه بالإيمان بالجبت والطاغوت ؟! أي : السحر والكهانة ، والعياذ بالله سبحانه ، قال تعالى ( ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا * أولئك الذين لعنهم الله ومن يلعن الله فلن تجد له نصيرا * أم لهم نصيب من الملك فإذا لا يؤتون الناس نقيرا * أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما * فمنهم من آمن ومنهم من صد عنه وكفى بجهنم ) ( النساء : 51 – 54 ) .

    فالحسد حملهم على الكفر بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم ، والبغض له ولأصحابه ، ففضلوا السحر والكهانة وعبادة غير الله ، على شرع الله وكتابه ، وقدموا طريقة المشركين عباد الأصنام والأوثان ، على طريق المؤمنين بالله الموحدين ؟! فما اشد عنادهم وتمردهم ؟ وما أعظم حسدهم وبغيهم ؟!
    وكيف يمكن أن يفضل العاقل اللبيب دينا قام على الوثنية والشرك والجهل ، وتسوية الخالق بالمخلوق ، واستباحة المحرمات والخبائث ، على الحنيفية السمحة ، القائمة على عبادة الرحمن وحده لا شريك ، والإخلاص له في السر والعلن ، والمستقيمة على صراط الله عز وجل ، والاقتصار على الطيبات ، وترك الخبائث والمحرمات ، والتزام العدل في الأقوال والأفعال ، سبحانك هذا بهتان عظيم !!
    ولهذا طردهم الله تعالى من رحمته ، فقال ( أولئك الذين لعنهم الله ومن يلعن الله فلن تجد له نصيرا ) أي : فلن تجد له من يتولاه ، ويقوم بمصالحه ويحفظه وينصره ، وهذا من الخذلان ، نعوذ بالله العظيم من ذلك .
    ثم بين تعالى أن اعتراضهم على إيتاء الله النبوة لمحمد النبي صلى الله عليه وسلم هو اعتراض في غير محله ، لأن الأمر ليس لهم ، ولا يملكونه ، ولو كان الأمر بأيديهم لبخلوا به ، وشحوا أشد الشح ، ولم يؤتوا الناس شيئا ، ولا نقيرا ، وهي النقرة التي بظهر نواة التمر ، وضربت مثلا للشيء الزهيد .
    أم أن الحامل لهم هو الحسد للرسول النبي صلى الله عليه وسلم وللصحابة على ما أنعم الله بهم عليهم من نعمة الإسلام والإيمان ، فإن الحسد طبعهم وسجيتهم ، ولا غرابة في ذلك ! وليس عنهم ببعيد !

    وقوله ( فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما ) أي : قد أنعم الله فيما مضى على خليله إبراهيم وذريته عليهم الصلاة والسلام ، بإنزال الكتب ، وإيتاء النبوات ، فكيف ينكرون إنعامه على محمد النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه بالنبوة والكتاب ، فكانوا أعلم الناس بالله تعالى وأتقاهم وأخشاهم ، أم كيف يجحدون فضله عليهم بالملك العظيم ، وبالنصر على أعدائهم ومخالفيهم ؟!
    ثم قال سبحانه ( فمنهم من آمن ومنهم من صد عنه وكفى بجهنم سعيرا ) أي : فمنهم من آمن بمحمد عليه الصلاة والسلام وما آتاه الله من فضله ، ومنهم من صد عنه وكفر بذلك ، وكفى بالنار وجحيمها عقوبة له على كفره وعناده .

    ومن صور حسدهم في السنة النبوية : ما بينه النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه :

    1- فقد روى ابن ماجة في سننه ( 856 ) عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ما حسدتكم اليهود على شيء ، ما حسدتكم على السلام والتأمين ".

    قال العلماء : إنما حسدوا المسلمين على ذلك ، لما علموا فيهما من الفضل والخير والبركة .
    فالتأمين وهو قولنا : آمين كلمة تعني : اللهم استجب لنا دعائنا .

    وقد جاء في الحديث : أن " من وافق تأمينه تأمين الملائكة ، غفر له ما تقدم من ذنبه " . رواه البخاري ( 780 ، 781 ، 782 ) وغيره .
    الموافقة هي الموافقة في القول والزمان ، أي : يقولها في محلها بعد الإمام دون غفلة عنها ، وهي قول يسير لا كلفة فيه ولا مشقة ، وفيها هذا الفضل العظيم من تكفير الذنوب .
    حتى قيل : إنها تشمل الصغائر والكبائر لعموم الحديث .

    وكذا السلام ، فإنه اسم من أسماء الله تعالى ، فهو المسلم على عباده ، من أنبيائه ورسله والمؤمنين ، في الدنيا وفي الآخرة ، قال تعالى ( قل الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى ) ( النمل : 59 ) .
    وهو شعار المسلمين المميز لهم عن غيرهم من الملل ، وقد تساهل فيه كثير من المسلمين ، فتركوا السلام إلا على من يعرفون ؟! واستبدلوه بأنواع أخرى من التحيات ؟!
    وقد ورد الأمر بإفشاء السلام بين المسلمين ، قال تعالى ( فإذا دخلتم بيوتا فسلموا على أنفسكم تحية من عند الله مباركة طيبة ) ( النور : 61) .
    فقوله : ( من عند الله )، أي : قد شرعها لكم ، وجعلها تحيتكم ، ( مباركة ) لما فيها من البركة والخير والنماء ( طيبة ) لأنها كلام طيب محبوب لله سبحانه ، وبه تطيب النفوس ، ويحصل التآلف والتحاب والتواد .
    وإفشاء السلام علامة الإيمان ، ومن أسباب دخول الجنة ، وعنوان التواضع .

    2- ومن حسدهم أيضا : ما جاء فيما رواه أحمد ( 25029 ) : عنها أيضا : أنه قال صلى الله عليه وسلم : " ... إنهم لا يحسدوننا على شيء ، كما يحسدوننا على يوم الجمعة ، التي هدانا الله لها ، وضلوا عنها ، وعلى قولنا خلف الإمام : آمين " .
    وصححه الألباني في الترغيب (515) .

    وهذا أيضا لما في يوم الجمعة من الفضل والبركة ، وكونها عيد المسلمين الأسبوعي ، وقد ضلوا عنه هم والنصارى ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : " أضل الله عن الجمعة من كان قبلنا ، فكان لليهود السبت ، وكان للنصارى يوم الأحد ، فجاء الله بنا فهدانا ليوم الجمعة ، فجعل الجمعة والسبت والأحد ، وكذلك هم تبع لنا يوم القيامة ، نحن الآخرون من أهل الدنيا ، والأولون يوم القيامة ، المقضي لهم قبل الخلائق " رواه مسلم ( 856 ) .
    وقال أيضا : صلى الله عليه وسلم : " من أفضل أيامكم يوم الجمعة ، فيه خلق الله آدم ، فيه قبض ، وفيه الصعقة وفيه النفخة ، فأكثروا علي من الصلاة فيه ، فإن صلاتكم معروضة علي " رواه أحمد ( 4 / 8 ) وأبو داود ( 1047 ) وابن ماجة ( 3/91 ، 92 ) .
    وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " خير يوم طلعت عليه الشمس يوم الجمعة ، فيه خلق الله آدم ، وفيه أدخل الجنة ، وفيه أخرج منها ، ولا تقوم الساعة إلا في يوم الجمعة " أخرجه الترمذي ( 488 ) .
    وفيه أيضا : " ساعة لا يوافقها عبد مسلم ، وهو يصلي ، يسأل الله شيئا إلا أعطاه إياه " رواه مالك في الموطأ ( 1/108 ، 110 ) وأحمد ( 2/486 ) وأصحاب السنن إلا ابن ماجة .
    وقوله " وهو يصلي " أي : ينتظر الصلاة ، كما فسره ابن سلام رضي الله عنه .

    وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم أمته من هذا الداء الوبيل ، فعن الزبير بن العوام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" دب إليكم داء الأمم قبلكم : الحسد والبغضاء ، والبغضاء هي الحالقة ، حالقة الدين ، لا حالقة الشعر ، والذي نفسي بيده لا تؤمنوا حتى تحابوا ، أفلا أنبئكم بشيء إذا فعلتموه تحاببتم ؟ أفشوا السلام بينكم " رواه أحمد ( 1/165 ) وغيره .

    .
    التعديل الأخير تم بواسطة فداء الرسول ; 31-03-2013 الساعة 12:27 PM
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    تحمَّلتُ وحديَ مـا لا أُطيـقْ من الإغترابِ وهَـمِّ الطريـقْ
    اللهم اني اسالك في هذه الساعة ان كانت جوليان في سرور فزدها في سرورها ومن نعيمك عليها . وان كانت جوليان في عذاب فنجها من عذابك وانت الغني الحميد برحمتك يا ارحم الراحمين

  9. #19
    تاريخ التسجيل
    Jun 2009
    المشاركات
    3,533
    الدين
    الإسلام
    الجنس
    ذكر
    آخر نشاط
    09-12-2019
    على الساعة
    01:29 PM

    افتراضي



    التعديل الأخير تم بواسطة Doctor X ; 31-03-2013 الساعة 12:37 PM
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  10. #20
    تاريخ التسجيل
    Oct 2010
    المشاركات
    5,272
    الدين
    الإسلام
    الجنس
    أنثى
    آخر نشاط
    15-07-2023
    على الساعة
    07:52 PM

    افتراضي



    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

صفحة 2 من 3 الأولىالأولى 1 2 3 الأخيرةالأخيرة

من صفات اليهود في السنة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. صلة السنة بالقرآن وحكم من قال لا حجية إلا في القرآن وأنكر السنة وماذا يجب في حقه
    بواسطة فريد عبد العليم في المنتدى المنتدى الإسلامي العام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 08-12-2009, 02:00 AM
  2. مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 09-03-2008, 11:37 AM
  3. من صفات اليهود في القرآن
    بواسطة الليزر في المنتدى من ثمارهم تعرفونهم
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 21-11-2006, 09:36 PM
  4. مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 24-06-2006, 05:30 AM
  5. صفات اليهود
    بواسطة المهتدي بالله في المنتدى منتدى الكتب
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 21-06-2005, 07:43 AM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

من صفات اليهود في السنة

من صفات اليهود في السنة