اخوانى الاحبه اهلا بكم فى سلـــســلة ** هــــل تـــــعــلم **

آخـــر الـــمـــشـــاركــــات


مـواقـع شـقــيـقـة
شبكة الفرقان الإسلامية شبكة سبيل الإسلام شبكة كلمة سواء الدعوية منتديات حراس العقيدة
البشارة الإسلامية منتديات طريق الإيمان منتدى التوحيد مكتبة المهتدون
موقع الشيخ احمد ديدات تليفزيون الحقيقة شبكة برسوميات شبكة المسيح كلمة الله
غرفة الحوار الإسلامي المسيحي مكافح الشبهات شبكة الحقيقة الإسلامية موقع بشارة المسيح
شبكة البهائية فى الميزان شبكة الأحمدية فى الميزان مركز براهين شبكة ضد الإلحاد

يرجى عدم تناول موضوعات سياسية حتى لا تتعرض العضوية للحظر

 

       

         

 

 

 

    

 

اخوانى الاحبه اهلا بكم فى سلـــســلة ** هــــل تـــــعــلم **

صفحة 2 من 6 الأولىالأولى 1 2 3 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 11 إلى 20 من 53

الموضوع: اخوانى الاحبه اهلا بكم فى سلـــســلة ** هــــل تـــــعــلم **

  1. #11
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    المشاركات
    575
    آخر نشاط
    09-03-2020
    على الساعة
    10:50 AM

    افتراضي

    هل تعلم من هو

    قاضي القضاة وشيخ الفتيا المجاهد الشهيد

    أسد بن الفرات


    بطل من أبطال الإسلام، وعلم من أعلام الفقه ورائد من رواد القضاء..


    كان في القضاء عادلاً، وفي الفقه معلماً ، وفي الحرب قائداً. لم يمنعه تقدم السن وأعباء الحياة من أن يترك حلقات العلم والحكم، وأن يودع القلم والمحبرة ليتفرغ لقيادة المجاهدين، وتأديب الغادرين، ورفع راية الإسلام.


    هو أسد بن الفرات بن سنان من حرّان بديار بكر. كان يعتز باسمه واسم أبيه وجده فيقول: أنا أسد وهو خير الوحوش، وأبي الفرات وهو خير المياه، وجدي سنان وهو خير السلاح..


    ولد أسد بن الفرات عام 145هـ. تفتح عقله على العلم، وحلّق فكره في الفقه، فكان في صدر شبابه لا يعرف إلا العلم والدرس والتحصيل.


    انتقل إلى تونس فنشأ بها وترعرع بين ربوعها، فكان لنشأته الفقهية أكبر الأثر في تكوينه.. التقى بالعالم المالكي الفقيه علي بن زياد ودرس عليه المذهب المالكي فنبغ فيه، ودرس الحديث والأثر. ظهر عليه النبوغ والذكاء، فقد كان يتفجر علماً وتقى. جلس يعلم الناس فالتف الناس حوله وأقبل العلماء عليه فلكل سؤال جوابه، ولكل معضلة حلّ.


    لم يكتف بذلك بل أراد أن يأخذ العلم من منبعه، وأن يحصل عليه من قائله، فعمل على لقاء الإمام مالك فتم له ما أراد. تتلمذ على يديه وسمع منه الموطأ، وتبحر في هذا المذهب وألف الأسدية في فقه الإمام مالك، ثم رجع ليفقه الناس في تونس والقيروان.


    عرف الناس علمه وفضله، فقد كان أكثر الناس علماً أذكاهم فهماً، وأفصحهم لساناً. ثم تاقت نفسه إلى الاستزادة من العلم والمعرفة فيمم وجهه شطر العراق حيث فقيه الرأي والقياس وأقطاب العلم وجهابذة النظر، فنشأ عن هذا اللقاء فيض القريحة وقوة الحجة. التقى هناك بالقاضي أبي يوسف ومحمد بن الحسن وهما من أجل أصحاب أبي حنيفة، فنقل عنهما أصول المذهب الحنفي. عارض وناقش ودرس الأصول والقواعد. رأى فيه أهل العراق رجاجة عقله وثاقب نظره وفكره المستقل وحسه المرهف، فلقي منهم كل احترام وتقدير، وكما نقل عنهم مذهب الإمام أبي حنيفة نقلوا عنه مذهب الإمام مالك.


    لا عجب أن يشد أسد بن الفرات رحاله إلى بغداد لينهل من علمها، ويتفقه على أيدي علمائها، فقد كان العراق يومئذ مركز الإشعاع العقلي، جمع بين العلم والفن والتفسير والحديث والفقه واللغة والأدب والنحو والصرف.


    قال صاحب »ضحى الإسلام« نقلاً عن المقدسي يصف بغداد: »هذا إقليم الظرفاء، ومنبع العلماء، لطيف الماء، عجيب الهواء، ومختار الخلفاء. أخرج أبا حنيفة فقيه الفقهاء، وسفيان سيد القراء، ومنه كان أبو عبيد، والفراء وحمزة والكسائي وكل فقيه ومقرئ وأديب وسري وحكيم، وزاهد ونجيب، وظريف ولبيب.«


    وقال عنه ابن كثير في (البداية والنهاية 1/102): »قال ابن علي: ما رأيت أعقل في طلب الحديث من أهل بغداد ولا أحسن منهم.«


    عاد القاضي الفقيه أسد بن الفرات إلى القيروان وازداد علماً وفقهاً ومعرفة فأخذ يفيض على الناس مما آتاه الله والناس مقبلون عليه يرجون فضله وينالون من علمه.




    المجاهد الشهيد..


    بينما الناس مقبلون علىالدرس والتحصيل، والشيخ يعلو صيته وترتفع شهرته، ويتبوأ مكانته الاجتماعية في المجتمع الذي يعيش فيه، حتى أطلقوا عليه فاضي القضاة أو شيخ الفتيا.


    وبينما الشيخ يعقد حلقات العلم والناس يتدافعون نحوه إذا بداعي الجهاد يدعو الناس للجهاد في سبيل الله.


    ففي عهد الخليفة المنصور ينادي زياد الله بن الأغلب في الناس هلموا إلى الجهاد في سبيل الله ويستحث الناس لفتح جزيرة صقلية. فيتدافع المسلمون ملبين داعي الجهاد في سبيل الله، وكان القاضي أسد بن الفرات برغم كبر سنه يتقد حمية على الإسلام. فهو يرى في الجهاد قرّة عينه، وراحة نفسه، فما أن أعلن الجهاد واستعد الناس لأداء الواجب، واجب التضحية والفداء، حتى هبّ القاضي الفاضل والمعلم الورع وصاحب الكتب والمحبرة وابن السبعين من عمره أو أكبر.. إذا بهذا الشيخ بعد أن بلغ هذه السن التي تفتر فيها القوى، وتذبل فيها القرائح، ويخلد الإنسان عادة إلى الدعة والسكينة والهدوء، إذا بهذا القاضي ينقلب شاباً يافعاً ومجاهداً صادقاً، فيعلن استعداده للتطوع ليعمل جندياً في سبيل الله ومجاهداً في ميدان الحق، ولكن زياد الله بن الأغلب رجل يعرف أقدار الرجال، فهو يعرف للقاضي حقه وفضله ومكانته في المجتمع وسنه وورعه فيسند إليه القيادة، قيادة المعركة البحرية العظيمة.




    لم يكن غزو المسلمين في البحر غريباً عنهم فهم رجال سادوا البحر كما سادوا البر، وكان المسلمون يفرحون للغزو في البحر طمعاً في ثواب الله لمن خاض البحر مجاهداً في سبيل الله.. بل كان المسلمون يطلبون من غزاة البحر الدعاء لهم باعتبارهم مجاهدين لهم من الأجر والثواب أكثر من غيرهم. وقد ثبتت أحاديث شريفة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ترغب المسلمين في الغزو في البحر وتبين لهم فضله.


    من ذلك ما رواه البخاري (1/ص416) من فتح الباري لابن حجر: عن أم حرام أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قالَ –من القيلولة- يوماً في بيتها فاستيقظ وهو يضحك، قالت: فقلت: يا رسول الله، ما يضحكك؟ قال صلى الله عليه وسلم: »عجبتُ من قوم من أمتي يركبون البحر كالملوك على الأسرة.« فقلت: يا رسول الله، ادعُ الله أن يجعلني منهم. فقال صلى الله عليه وسلم: »أنتِ منهم.« ثم نام صلى الله عليه وسلم، فاستيقظ وهو يضحك، فقال مثل ذلك مرتين أو ثلاثاً، فقلتُ: يا رسول الله، ادعُ الله أن أكون منهم. فقال صلى الله عليه وسلم: »أنتِ من الأولين.« فتزوج بها عبادةُ بن الصامت، فخرج بها إلى الغزو، فلما رجعت قرّبت دابتها لتركبها فوقعت فاندق عنقها.«


    وفي رواية مسلم بشرح النووي (3/ص575) أن أمّ ملحان قالت لما ضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما يضحكك يا رسول الله؟ قال صلى الله عليه وسلم: »ناس من أمتي عرضوا علي غزاة في سبيل الله، يركبون ثبج هذا البحر ملوكاً على الأسرة أو مثل الملوك على الأسرة..« إلى آخر الحديث.


    لذلك لم يكن ركوب البحر غريباً على المسلمين، فقد غزا معاوية بن أبي سفيان جزيرة قبرص، كما قاد عبد الله بن أبي سعيد بن أبي السرح أكبر معركة بحرية عام 34هـ وهي معركة ذات الصواري، وكانت معركة رهيبة غيّرت تاريخ البحر الأبيض المتوسط.


    قال الطبري في تاريخه (4/ص289) عن مالك بن أوس بن الحدثان قال: كنت معهم فالتقينا في البحر فنظرنا إلى مراكب ما رأينا مثلها قط، وكانت الريح علينا فأرسينا ساعة، فأرسوا قريباً منها، وسكنت الريح عنا فقلنا: الأمن بيننا وبينكم. قالوا: ذلك لكم ولنا منكم مثل ذلك. ثم قلنا: إن أحببتم فالساحل حتى يموت الأعجل منا ومنكم، وإن شئتم البحر. قال: فنخروا نخرة واحدة وقالوا: الماء. فدنونا منهم فربطنا السفن بعضها إلى بعض حتى كنا يضرب بعضناً بعضاً على سفننا وسفنهم. فقاتلنا أشد القتال، ووثبت الرجال على الرجال يضطربون بالسيوف على السفن ويتواجؤون بالخناجر حتى رجعت الدماء إلى الساحل تضربها الأمواج، وطرحت الأمواج جثث الرجال ركاماً وقال ممن حضر ذلك اليوم: رأيتُ الساحل حيث تضرب الريح الموج وإن عليه لمثل الظرب العظيم من جثث الرجال، وإن الدم غالب على الماء، ولقد قتل من المسلمين يومئذ من المسلمين بشر كثير، وقتل من الكفار ما لا يحصى. وصبروا يومئذ صبراً لم يصبروا في موطن قد مثله. ثم أنزل الله نصره علىأهل الإسلام، وانهزم القسطنطين مدبراً فما انكشف إلا لما أصابه من القتل والجرح، ولقد أصابه يومئذ جراحات مكث منها حيناً جريحاً.




    إن أسد بن الفرات الذي جمعت له قيادة الأسطول البحري ومنصب قاضي القضاة مع منصب شيخ الفتيا كان جديراً بهذه المناصب كلها.


    خرج القاضي أسد بن الفرات ليتولى قيادة الأسطول البحري، وتجمع الناس حوله ما بين مودع وداع، بل كان الناس يسرعون الخطى لينالوا شرف الجهاد في سبيل الله.


    ووصل الركب إلى بسوسة وكان يوماً من الأيام المشهورة في تاريخ الإسلام. تجمع المجاهدون يرتقبون الساعة الفاصلة التي تنطلق فيها السفن للقاء أعداء دين الله. وأخذ الجند مكانهم، وارتفعت الأعلام، ودقت الطبول، ووقف القائد القاضي أسد بن الفرات مكانه بينهم.


    كان على القائد في ذلك الوقت أن ينزع الخوف من قلوب جنده، وعليهم أن يطرحوا التردد جانباً، وأن يقبلوا على المعركة مستبسلين لا يخافون ولا يرهبون الردى.


    وقف القائد يخطب في جنده، فقد كان القائد القاضي صاحب رأي مسموع وبيان مبدع. أخذ يحض المجاهدين ويبين لهم درجة الاستشهاد. وكأنما أراد بذلك أن يقول لهم بفعله لا بقوله. فالجهاد لا يعرف السن. فكم من رجال في تاريخ الإسلام وخط الشيب رؤوسهم، وقوصت الأيام ظهورهم، ورغم هذا لم يقعدهم السن عن ا لجهاد ولا المرض عن أداء الواجب.


    وقف القائد يحض المجاهدين على القتال فهو يرى في النصر شفاء لصدور المؤمنين.. وقف القائد فقال: »أيها الناس، واللهِ ما وُلي لي أب ولا جد ولاية قط، وما أرى من سلفي ما رأيت ولا بلغ ما بلغت، وكل الذي أعدني وهيأني قلمي وعلمي، فاجهدوا أنفسكم، وأتعبوا أبدانكم في طلب الحق وفي تدوين العلم، وكابدوا وصابروا على كل الشدائد، فإنكم بذلك تنالون فخر الدنيا وسعادة الآخرة.«


    كان هذه خطبة القائد العظيم، وعلى أثرها انطلقت الجواري المنشآت في البحر كالأعلام. انطلقت السفن تمخر عباب الماء وعلى ظهورها رهبان الليل وفرسان النهار.. انطلقت السفن الماخرة.


    يا سبحان الله، ما هذه الجيوش المتكاثرة؟ ما هذه القلوب العامرة؟ من هؤلاء المنطلقون كالأسد الكاسرة؟


    إنهم المؤمنون الصادقون الخاشعون الراكعون الساجدون العابدون.


    سار الأسطول الإسلامي يقوده الشيخ الكريم والقائد العظيم والقاضي البر الرحيم أسد بن الفرات.


    قاد الشيخ المعركة والجند حوله كلهم أذن صاغية وقلوب واعية، فإشارته أمر وأمره مطاع.


    سار الأسطول الإسلامي حتى بلغ شواطئ صقلية، فأصدر القائد أمره ببدء المعركة، وبدأت رهيبة قاسية أصلى فيها المسلمون أعداءهم ناراً حامية، دكوا الحصون ودمروا القلاع، وأثخنوا في الأعداء قتلاً. ثم بدأ الجيش الإسلامي العظيم ينتقل من نصر إلى نصر حتى بلغ سرقوسة وحاصرها المسلمون وشددوا قبضتهم عليها وعلى حصارها استشهد القائد العظيم أسد بن الفرات.


    صعدت روحه الطاهرة لتحتل مكانها بين الصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقاً.


    استشهد أسد بن الفرات تاركاً لخلفه إتمام ما بدأ به.




    إن معركة صقلية بجنودها وقيادتها بكل الذين اشتركوا فيها تستحق الدراسة والتأمل.


    يا سبحان الله، من كان يظن أن هؤلاء الأعراب، رعاة الإبل وسكان الخيام، الذين تربوا في الصحراء، أصبحوا بين عشية وضحاها سادة الدنيا وأساتذة العالم، ومهد الحضارة والحرية، وأهل الفكر والسياسة.


    عجباً لهؤلاء الأبطال الذين بذلوا أرواحهم لله وجادوا بكل ما يملكون لله!


    عجباً لهؤلاء الذين أرغموا أنف الحوادث وغيروا مجرى التاريخ!


    ما قرأ إنسان منصف تاريخهم إلا فاضت عيناه، وما عاش إنسان معهم بأحاسيسه ومشاعره إلا كان الموت أحب إليه من الحياة.


    لقد كان هؤلاء في الذروة العليا من قوة الروح، إيمان عميق، إيمان بأن النفس لن تموت حتى تستوفي رزقها وأجلها.




    هذا مثل نقدمه للقاضي المسلم التقي الذي تربى على مائدة القرآن الكريم وتخرج من مدرسة محمد بن عبد الله صلوات الله وسلامه عليه، وقدم نفسه للتضحية والفداء.


    نقدم هذا المثل ليعلم الخلف عن السلف كيف تُضرَب الأمثال في الفداء والتضحية والاستشهاد في سبيل الله.


    في تاريخ هذا الرجل المجاهد الشهيد والقاضي المؤمن، والشجاع الأبيّ أسد بن الفرات ندرك سر خلود أبطالنا المؤمنين المجاهدين الصادقين.


    في تاريخ هذا القاضي القائد عظمة المجاهدين وعبقرية الفاتحين.


    تاريخ هذا البطل الشيهد يجب أن يلقنه الأجداد للأحفاد ويرويه الآباء للأبناء.


    اللهم اجعلنا نسير على هديهم ونقتفي أثرهم ونحشر يوم القيامة معهم.



    عن موقع الفسطاط


  2. #12
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    المشاركات
    575
    آخر نشاط
    09-03-2020
    على الساعة
    10:50 AM

    افتراضي

    اخوننا الاحبه
    ماذا تعلمون عن اهلنا فى الشيشان


    الشيشان أرض الذئاب والعذاب

    بقلم : نضال حمد - أوسلو

    31-10-2002








    الشيشان جرح عميق سيبقى ينزف حتى ترحل جنازير دبابات الروس, ولن يلتئم هذا الجرح الشيشاني النازف الا باقتلاع الأشواك التي غرزت وزرعت فيه. الشعب الشيشاني معروف عنه قوته وجلادة صبره وصلابته وروحه الوطنية والقومية العالية, والتي لا تعرف الانهزام والانكسار والاستسلام, انه شعب التحديات من قبل عهد ستالين و حتى أيام الرئيس الروسي الحالي بوتين. وقد سبق للشيشان أن خاضوا صراعا مريرا مع روسيا القيصرية ومن ثم مع الشيوعيين السوفيات الذين أحكموا في النهاية سيطرتهم على الشيشان حتى انهيار الاتحاد السوفيتي سنة 1991 وتسلم روسيا رسميا لورثة الاتحاد السوفيتي سابقا. ويقال أن من أسباب الصراع وجود النفط واستخراجه من بحر قزوين وكذلك تنامي النزعة الانفصالية والقومية والدينية عند الشيشان. ومنذ القدم حدثت صدامات عدة بين الطرفين كان أولها سنة 1722 وسلسلة معارك بدءا من العام 1785 بقيادة الامام منصور مؤسس الحركة المريدية واستمرت المعارك والمقاومة حتى منتصف القرن التاسع عشر واستطاع هذا الأمام الذي كان أميا لا يقرأ ولا يكتب أن ينتصر على الروس في عدة معارك وأن يوحد شمال القوقاز تحت راية الجهاد إلى أن تم أسره سنة 1791وبقي في السجن الروسي حتى وفاته. وقعت في الشيشان ثورات عدة ضد الحكم الروسي, في السنوات التالية 1818،1824،1826،1831 بقيادة الامام شامل واستمرت من 1831 حتى .1865كذلك ثورة الحركة القادرية عام 1877 بالإضافة للمقاومة الشيشانية التي استمرت حتى 1917. وفي السنوات التالية اللاحقة تجددت المقاومة الشيشانية بوسائل مختلفة ومنوعة, فكانت ثورة 1928 بقيادة الشيخ شيتا استاميلوف واستمرت حتى سنة 1935 و انتهت بإعدام مجموعة كبيرة من القادة الدينيين والشيوعيين الشيشان.

    بعدها بدأت مقاومة مدنية وسياسية عام 1940 بقيادة الكاتب الشيوعي حسن اسرائيلوف ومحام شيوعي يدعى مايربيك شريبوف واستمرت حتى 1942 وتم قمعها بقصف جوي ومدفعي لمناطق الشيشان. في الحرب العالمية الثانية تم نفي وتهجير مئات الآلاف من الشيشان عن أراضيهم وبلادهم وتوفي منهم مائة ألف بسنتين نتيجة التهجير والظروف السيئة وألغيت جمهورية الشيشان- أنغوش, لتعود تلك الشعوب المنفية إلى بلادها بعد وفاة ستالين وتسلم خروتشوف لمقاليد الحكم السوفيتي عام 1957. بعد انهيار الاتحاد السوفيتي عام 1991 أعلن القائد الشيشاني المحبوب جوهر دوداييف استقلال الشيشان, مما أشعل الحرب الضارية بين الروس والشيشان من 1994 حتى 1997 و انتهت بهزيمة نكراء للجيش الروسي.
    ثم عادت الحرب وتجددت سنة 1999 ومازالت مستمرة حتى يومنا هذا ويدفع ثمنها غاليا الشعب الشيشاني الذي دمرت دياره وشرد وأصبح عرضة للاستبداد وتجاوزات الجيش الروسي وعملائه من الشرطة المحلية.
    ابان الحرب الشيشانية الروسية بين الأعوام 94 و97 حدثت عدة عمليات احتجاز رهائن نفذتها مجموعات شيشانية في مناطق روسية مختلفة. وكانت أبرز تلك العمليات, ما قام به القائد الشيشاني الميداني شامل باسييف ومجموعته التي احتلت مستشفى وحجزت كل من كان فيه من البشر, وانتهت العملية بقبول شروط باسييف.
    كذلك قام القائد الشيشاني الميداني سلمان دوداييف مع مجموعة من رجاله باحتجاز ثلاثة آلاف من الرهائن في مدينة كزليار بجمهورية داغستان جنوب القوقاز. وقتل في العملية بعد تدخل القوات الروسية المسلحة 200 شخص بينهم 78 جنديا روسيا. تمكن بعدها دوداييف ورجاله من الانسحاب بعد أن أصيب بجراح خطيرة. وكان دوداييف من أبرز قادة المقاومة الشيشانية في الحرب الأولى بين عامي 94-96 وقد تم اعتقاله في مارس سنة 2000.

    وتعتبر العملية في أحد المسارح الروسية في العاصمة موسكو, التي قادها موفسار براييف ابن شقيق زعيم الحرب الشيشاني الراحل عربي براييف, أقوى لطمة توجه للمجهود الأمني الروسي الذي ما برح يتباهى بتصفيته لمعظم قادة الحرب الشيشانيين وبأنه على وشك الانتهاء من تلك المهمة. لقد جاءت هذه العملية لتعصف بكل المجهودات الروسية ولتؤكد المقدرة الفائقة والمحكمة للمقاتلين الشيشان في خرق كافة الإجراءات الأمنية الروسية التي اتخذت في روسيا وخاصة في العاصمة موسكو التي تبعد عن الشيشان 1500 كلم.

    ملاحظة :
    كتبت هذه المقالة بينما كانت المحادثات لا تزال دائرة بين الخاطفين والقيادة الروسية. لكنها ترى النور بعد أن هاجمت الوحدات الخاصة الروسية مبنى المسرح الذي كانت تتحصن فيه المجموعة الشيشانية مع رهائنها من الروس والأجانب.
    واستعملت القوات الروسية نوعا غير معروف من الغازات الشديدة المفعول والتأثير. المهم أن نتيجة العملية كانت مأساوية وأودت بحياة مئات الرهائن بالإضافة إلى معظم عناصر المجموعة الخاطفة وزعيمها موفسار براييف, وتمكنت من أسر بعضهم بعد أصابتهم بجراح. والأهم في هذا كله أن هناك 350 جريحا معظمهم أصيبوا بجراح خطيرة اما نتيجة إطلاق النار أو بسبب الغازات التي تبين أنها ذات مفعول شديد وتأثيرات ضارة ومميتة. بعد كل هذه الخسائر في صفوف الرهائن هل من الممكن اعتبار العملية ناجحة كما تروج لها السلطات الروسية؟
    الخسارة جماعية, للروس لأنهم يرفضون الاعتراف بالحق الشيشاني في الحرية والاستقلال والدولة, وهذا الرفض سيظل عاملا يجلب لهم القلق والعمليات الشبيهة بتلك التي دارت رحاها في المسرح المذكور. وللشيشانيين الذين يخسرون شبابهم وبناتهم وهم في ريعان العمر من أجل إيصال رسالة شعبهم المظلوم إلى العالم الذي نسيهم ولم يعد يلتفت إلى معاناتهم اليومية بفعل الاحتلال الروسي




    دخول الإسلام إلى القوقاز

    عرفت بلاد القوقاز الفاتحين المسلمين قديما جدا، فقد وجه الخليفة العادل عمر بن الخطاب حملة بقيادة سراقة بن عمرو (صاحب سواري كسرى) إلى بلاد فارس، ووصلت الحملة إلى بلدة "دربند" عام 22 هـ. وفي عهد عثمان بن عفان كان كثير من الصحابة يتوجهون إلى المرابطة على الثغور في أطراف أذربيجان وأرمينيا وجورجيا. ومن هناك بعث حذيفة بن اليمان برسالة إلى عثمان بن عفان يخبره فيها باختلاف المسلمين في قراءة القرآن الكريم، فكانت هذه الرسالة الدافع الأساسي وراء قيام عثمان بتوحيد المسلمين على "المصحف الإمام" الذي عممه على الممالك والأمصار في ذلك الوقت.

    لقد دخل الإسلام إلى الشيشان والداغستان منذ القرن الأول للهجرة، حيث أقبل الناس هناك على اعتناق الإسلام، بعد أن رأوا حسن تعامل التجار المسلمين معهم، وما وشاهدوه من نبل سلوكهم وأمانتهم فدخلوا في الإسلام طواعية. وقد أدى دخول الإسلام إلى أكثر مناطق العالم تنوعا بالأعراق المختلفة المتعايشة مع بعضها البعض إلى ظهور نتائج عامة، أهمها:

    1- تخلص الشعب القفقاسي من النصرانية التي اختلطت بالأديان القديمة ذات الآلهة المتعددة ليتشرف باعتناقه الدين الإسلامي الحنيف.

    2- عاشت الجماعات القفقاسية المنتمية إلى مجموعات عرقية مختلفة تحت راية واحدة هي راية الأخوة التي ضمت شملهم تحت شعار الإسلام، كما أنه مع دخول الإسلام إلى المنطقة اكتسبت الجغرافية الإسلامية دولة ذات أهمية كبيرة سواء من الناحية السياسي ة أو الاقتصادية أو الاستراتيجية.

    3- أكسب الإسلام الجهاد المستمر ضد الروس على مر مئات السنين مزيدا من القوة، و زاد من حدة المقاومة، مما أنهك الروس الذين ما برحوا يتبعون سياسة التوجه إلى منطقة البحار الدافئة، وهكذا وقف الإسلام حائلا دون تقهقر العالم الإسلامي من جهة الشمال.

    الصراع مع روسيا

    تعرضت الشيشان على امتداد تاريخها لاعتداءات الروس وإرهابهم، ويمكن تقسيم ذلك الصراع إلى المراحل التالية:

    - أولا: في عهد روسيا القيصرية

    في أواخر القرن الثامن عشر بدأت أطماع روسيا القيصرية تمتد إلى منطقة القوقاز في عهد "كاترينا الثانية" التي بدأت بإرسال جيوش لاحتلال المنطقة. وكان قد تم في عهد "بطرس الأكبر" إقامة القلاع والمحميات على ضفتي نهر "التيرك" الذي يفصل بين مناطق روسيا والقوقاز. وقد وطنت "كاترينا" في هذه القلاع شعوبا نصرانية من "الكوزاك"، كما حاولت تنصير شعوب المنطقة بالقوة والإجبار.

    وحين زحف القياصرة صوب القوقاز واجهوا مقاومة عنيفة حشدها عدد من المجاهدين الشيشان والداغستان، بقيادة الإمام منصور، والإمام شامل، والإمام نجم الدين، الذين ساهموا في ردع الجيش القيصري لسنوات عدة، ومنعوه من إحكام سيطرته على أرضهم.

    - ثانيا: في عهد روسيا الشيوعية

    نشط المسلمين نشاطا ملحوظا خلال الحرب العالمية الأولى واعتبروها فرصة للاستقلال، ولذلك أيدوا الحركة الاشتراكية الشيوعية التي أطاحت بالقيصرية الروسية عام 1917م بزعامة "لينين".

    وحتى يكسب "لينين" التأييد العام نادى بـ "حرية الأقليات" التي اضطهدها القياصرة، وأصدر وعودا - كاذبة - لهذه الأقليات بالانفصال والاستقلال. وعلى الفور قامت جمهوريات إسلامية بالاستقلال وأظهرت رغبتها في إنشاء "دولة إسلامية فدرالية". ولكن لما ظهرت آثار قوة النظام الشيوعي، أصدر "لينين" أوامره بالزحف على البلاد الإسلامية، فاجتاح الجيش الروسي هذه الجمهوريات، وأمعن في حملات الإبادة والتهجير الجماعي للمسلمين بشكل أبشع وأقذر مما كان عليه في العهد القيصري.

    لقد قتل "لينين" حوالي 8 ملايين مسلم، وقتل خليفته "ستالين" أكثر من 20 مليونا. كما هدمت معظم المساجد والمدارس الإسلامية، وتم تفتيت القوقاز إلى عدة مناطق ودويلات، كما قسمت جمهورية الشيشان إلى مقاطعة "الشيشان - أنجوشيا". وفي عام 1936م كانت الشيشان تغطي أكثر من ثلاثة أرباع ما يحتاجه الاتحاد السوفيتي من النفط ومشتقاته. وقد واجه الشيشان الاحتلال الشيوعي بقوة من خلال ثورات عدة ضد الظلم والقهر الشيوعي، منها ثورة "إبراهيم قلدقت" عام 1934م، وثورة "حسن إسرائيلوف" عام 1940م وغيرها، وكان الشيوعيون يقمعونها بالحديد والنار.

    وفي أثناء الحرب العالمية الثانية قرر "هتلر" ضم القوقاز وأوكرانيا إلى الدولة النازية طمعا في توفير الطعام والوقود من نتاج تلك الأراضي. ولكن الشيشان لم تتدخل في الصراع بين الفريقين (الشيوعي والنازي)، لذلك ونتيجة لعدم تدخل الشيشان في الحرب إلى جانب الشيوعيين، أعلنت حكومة "ستالين" أن شعوب الشيشان والأنجوش والقرم هي شعوب "خائنة"، وعليه بدأت في عام 1944م بعملية ترحيل جماعي عبر القاطرات الطويلة لشعوب تلك المناطق إلى كازاخستان وسيبيريا المتجمدة، وخربت كل أراضيهم وممتلكاتهم، وهلك عشرات الآلاف نتيجة الجوع والمرض والمعاناة والتعذيب والقهر.

    وفي عام 1957م - أي بعد 13 عاما من إصدار الحكم الجائر بنفي هذا الشعب - أعلن الرئيس السوفيتي "خورتشوف" براءة الشيشان ومسلمي القرم من التهمة التي وجهت ضدهم وسمح لهم بالعودة إلى بلادهم، فعاد الكثير منهم.

    وفي عام 1982م بدأت محاولات جديدة لضم جمهوريات القوقاز إلى سلطة موسكو مباشرة، وكالعادة هب شعب الشيشان كله ضد هذا الجور والظلم، واستمر الوضع القائم في ظل الشيوعية حتى انهيارها.

    - ثالثا: في عهد روسيا الحالية

    بعد انهيار الشيوعية وتفكك الاتحاد السوفيتي إلى جمهوريات مستقلة، أعلن رسميا استقلال جمهورية الشيشان عن روسيا الاتحادية في عام 1991م. ورغم سقوط الشيوعية إلا أن العداء للإسلام ظل السمة البارزة للقيادة الروسية، التي رفضت الاعتراف بالشيشان كدولة مستقلة، وفرضت عليها عقوبات اقتصادية، ولكنها لم تهاجم الشيشان عسكريا بسبب الاضطرابات التي كانت تمر بها روسيا في الأعوام 1991 - 1994م.

    وخلال هذه الفترة تم انتخاب "جوهر دوداييف" رئيسا للشيشان، وبدأ الناس ببناء المساجد وافتتاح المدارس الإسلامية، وسرعان ما أشيد أكثر من 400 مسجد في مدن وقرى الشيشان المختلفة.

    وفي أواخر عام 1994م تحرك آلاف من الجنود الروس باتجاه العاصمة الشيشانية "غروزني"، تدعمهم الطائرات والدبابات، ليبدأ فصل جديد من عملية إبادة الشعب الشيشاني المسلم.

    ويمكن القول أن أهم دوافع روسيا لغزو الشيشان هي:

    1- حلمها بتكوين إمبراطورية روسية على غرار "أوروبا الموحدة".

    2- إعادة الثقة لنفسها وهيبتها أمام العالم.

    3- تفرق المسلمين وانشغالهم بمشاكلهم الداخلية، مما يمنعهم من التدخل لحماية إخوانهم الشيشان.

    4- يعد الشيشان من أبغض الشعوب إلى الروس، كما تذكر الأساطير والروايات الروسية.

    5- الاستفادة من النفط الشيشاني، ومن المناطق الزراعية والصناعية في الشيشان.

    6- الخوف من تفكك الاتحاد الروسي.

    ومنذ أواخر ذلك العام (1994م) وحتى اليوم لا تزال الحرب مشتعلة، ورغم الادعاء الروسي المتكرر بأن الجيش قد أحكم سيطرته على الشيشان، وأن الحرب قد أوشكت على الإنتهاء، يرد المجاهدون الشيشان بعمليات عسكرية قوية مؤذنين بحرب ستطول، لن يخسرها الشيشان، ولن يربحها الروس.

    مقومات الشخصية الشيشانية

    يقول الكاتب الروسي الشهير "سولجنستين" الذي عاصر ما فعله "ستالين" بالشيشان في معسكرات الإبعاد الجماعي والسجون في وسط أسيا: " لك أن تكسر ظهورهم، لكن أحدا لا يستطيع أن ينال من روحهم المعنوية، فقد ظلت نفوسهم نمرا مقيدا بالسلاسل، لأنهم كانوا من الشيشان الذين لا يرهبون الموت".

    ويقول المؤرخ الأوروبي "روبرت كونكوست" في كتاب "قتلة الأمم": "لقد كانوا أسودا ذوي شهامة عسكرية تجلت في معاملتهم للأسرى والجرحى من الأعداء ولا غرو في ذلك، فقد كان القادة هم العلماء الذين يقاتلون دفاعا عن أرضهم ودينهم حتى آخر جندي وآخر سيف".

    ولأنهم شجعان فقد اختاروا "الذئب" رمزا لهم، وهم يرون أن الذئب وإن لم يكن الأقوى إلا أنه الأنبل فهو لا يقاتل إلا الأقوياء، وهو ليس مثل الأسد أو النمر الذي يفترس الضعفاء. ويقول القائد الشيشاني شامل باسييف معلقا على تساؤل أحد الصحفيين حول الفلسفة التي ينطلق منها الشيشان باعتبارهم الذئب شعارا لهم: "إن الذئب عندما يموت لا يصرخ وكذلك الشيشاني، ويظل الذئب يحدق في عدوه حتى وهو يشارف على الموت، كما أن أكثر هجوم الذئاب في الليل وكذلك نحن".

    والحرية لدى الشيشان مقدسة وعزيزة، وهم يستخدمونها في محادثاتهم اليومية مع بعضهم البعض فمثلا يقول بعضهم لضيفه مرحبا "إذا دخلت هذا البيت تمتع بالحرية والسلام والعطف"، وإذا تمنى أحدهم الصحة لأخيه فإنه يقول "ليمنحك الله الحرية"، والأرض والتراب مقدس، حتى أنهم ليرمون بالكفر من يخون بلاده ولا يحافظ على ترابها.

    يقول النشيد الوطني الشيشاني:

    "جبالنا المكسوة بحجر الصوان

    عندما يدوي في أرجائها رصاص الحرب

    نقف بكرامة وشرف على مر السنين

    نتحدى الأعداء مهما كانت الصعاب

    وبلادنا عندما تنفجر بالبارود

    من المحال أن ندفن فيها إلا بشرف وكرامة

    لا إله إلا الله

    لن نستكين أو نخضع إلا لله

    فإنها إحدى الحسنيين:

    الشهادة أو النصر

    لا إله إلا الله"

    إن تاريخ الشيشان الذي سطرته دماء أبنائه الأبطال هو أكبر من أن نجمله في هذه الأسطر القليلة، فصفحات المقاومة البيضاء النقية تظهر رغبة الشعب الشيشاني بحقه المشروع في العيش الآمن والتنعم بحياة كريمة في ظل الإسلام، ولما فرضت عليه الحرب قبل أن يموت كريما على أن يعيش ذليلا. وإن الشعب الذي يموت مجاهدا في سبيل الله، صابرا محتسبا، مقبلا غير مدبر، هو شعب يستحق أن ينال حريته واستقلاله "والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون


  3. #13
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    المشاركات
    575
    آخر نشاط
    09-03-2020
    على الساعة
    10:50 AM

    افتراضي

    هل تعلم عن اهلنا فى كشمير



    اما الان ننتقل الى مأسى نعم احبائى مأسى اهلنا فى كشمير

    هيا بنا نتعرف عليهم




    مأسى اهلنا فى كشمير

    ان شاء الله الموضوع
    متجدد احوال امة الاسلام
    فى كشمير احوال
    فديوهات اخبار صور

    والله المستعان


    (( تمنينا لو كان بدون موسيقى, وعموما الكلمات في نشيده بالأوردو))
    ويمكن الوصول لمقاطع أخرى عن مأساة كشمير عند الدخول على المقطع في اليوتيوب




    !









    بين وقت وآخر تظهر قضية كشمير على مسرح الأحداث العالمية، ولكنها سريعاً ما تعود إلى الاختفاء ولا تعطي للرأي العام العالمي وخصوصاً الإسلامي الغافل فرصة التعرف عليها والنظر فيها ملياً.
    والأمر المحزن هو أن هذه القضية تبرز – في كثير من الأحيان- في حال الهجمات التي يتعرض جيش الاحتلال الهندي في كشمير أو الهجمات التي تتعرض لها الهند داخل أراضيها..أي أن هذه القضية كثيراً ما يتم ربطها بـ"الإرهاب" وتصوير الهند وجيشها بالضحية..أما مسلمو كشمير المضطهدون فلا بواكي لهم، ولا سائلاً عنهم.. حالهم كحال كثير من المسلمين المعذبين في الأرض.
    وفي السطور التالية نتعرف على القضية الكشميرية وبشيء من الاختصار نسرد مجرياتها من البداية.
    كشمير:
    كشمير هي المنطقة الجغرافية الواقعة ما بين (الهند) و(باكستان) و(الصين) في شمال شرق آسيا. وتاريخياً، تعرف كشمير بأنها المنطقة السهلة في جنوب (جبال الهملايا) من الجهة الغربية.
    وتتمتع (كشمير) بموقع إستراتيجي بين (آسيا الوسطى) وجنوب آسيا؛ حيث تحدها (أفغانستان) من الجهة الشمالية الغربية، و(تركستان الشرقية) من الشمال، ومنطقة (التيبت) من الشرق، ومن الجنوب كل من محافظة (هيماشال برادش) ومنطقة (البنجاب) الهنديتين، ومن الغرب إقليما البنجاب وسرحد الباكستانيان.
    وتبلغ مساحتها 242,000 كم مربع، وعدد سكانها 15 مليون نسمة حسب تقديرات عام 2000م وتبلغ نسبة المسلمين فيها حوالي 90% والهندوس8% سيخ 1%.
    يقسمها خط وقف إطلاق النار لعام 1949م (الذي يطلق عليه اليوم خط الهدنة، وفقاً لاتفاقية سملا لعام 1972م، حيث إن 32358 ميلاً مربعاً منها، يشمل الجزء المحرر ويُسمى ولاية جامو وكشمير الحرة، و53665 ميلاً مربعاً منها تحت الاحتلال الهندوسي ويطلق عليها ولاية (جامو) و(كشمير المحتلة).
    حسب إحصائية عام 1941م بلغ عدد سكان الولاية 4021616 نسمة، كان المسلمون يشكلون منهم نسبة (77%)، بينما الهندوس (20%)، و(3%) من السيخ والأقليات الأخرى.
    وتعكس الإحصائيات التي قامت بها السلطات الهندية بعد تقسيم شبه القارة، انخفاضاً في النسبة المئوية التي يمثلها المسلمون، وارتفاعاً في نسبة الهندوس، غير أن هذا التغير في نسبة الهندوس إلى المسلمين غريب من نوعه، حيث إنه لم تتم الإشارة في الإحصائيات العديدة إلى أي عامل منطقي يقف وراءه كالهجرة أو معدلات تكاثر أو وفيات غير عادية، مما يوحي بأنه ربما كان مؤامرة هندية تهدف إلى تغيير البنية السكانية لغير صالح الأغلبية المسلمة.
    ويبلغ عدد سكان كشمير الحرة 1983465 حسب إحصاء 1981م، يمثل المسلمون أغلبية ساحقة منهم، وتتوزع البقية على الهندوس والمسيحيين والأحمديين والقاديانيين؛ إذ يتكون الشعب الكشميري من أجناس مختلفة أهمها الآريون والمغول والأتراك والأفغان، وينقسمون إلى أعراق متعددة أهمها كوشر ودوغري وباهاري، ويتحدثون عدة لغات أهمها الكشميرية والهندية والأوردو ويستخدمون الحروف العربية في كتابتهم.
    تشتهر كشمير على امتداد العالم بجمالها الأخاذ، وتعتبر شرينجار العاصمة الصيفية لولاية جامو وكشمير، وكشمير منطقة زراعية ينبت فيها القمح والذرة والأرزّ, وفيها أيضاً مصانع كيميائية, وأخرى لإنتاج الورق, وصناعات زراعية ¬ غذائية, وأخرى لإنتاج السجاد ومشاغل للفضة.
    الإسلامفي كشمير:
    يعود تاريخ دخول كشمير الإسلام إلى القرن الأول الهجري، زمن محمد بن القاسم الثقفي الذي دخل السند ووصل إلي كشمير.
    وفي أواخر القرن الثمن الهجري اعتنق ملكها البوذي (رينجن شا) الإسلام على يد الداعية بلبل شاه (وهو رحّالة مسلم من تركستان)، وسمى نفسه صدر الدين، وكان هو الحاكم المسلم الأول على كشمير.
    وقويت شوكة الإسلام خلال حكم (شاه مير) (1338م -1344م) وقد انخرط العلماء في صفوف الجماهير لتبليغ دين الله، ومعظم هؤلاء العلماء قدموا من وسط آسيا، ورغم الجهود التي بذلها كل هؤلاء العلماء، إلا أنّ جهود علي الهمذاني المعروف باسم (شاه همذان) قد تميّزت عن غيرها.
    فقد ولد في منطقة همذان في سنة 1314م واضطره غزو قوات تيمورلنك لوسط آسيا إلى الهجرة إلى كشمير التي خصها بثلاث زيارات في السنوات 1372م، و1379م و1383م على التوالي برفقة 700 شخص من أتباعه، حيث وفق في نشر الإسلام بين الآلاف من الكشميريين، وقد سلك ابنه محمد الهمذاني دربه وأقنع الحاكم المسلم آنذاك سلطان إسكندر (1389م-1413م) بتطبيق الشريعة، فقد تميّز الحاكم المسلم سلطان زين العابدين بن إسكندر (1420م-1470م) بتسامح كبير تجاه الهندوس، وفي نهاية القرن الخامس عشر الميلادي كان أغلبية سكان (كشمير) قد اعتنقوا الإسلام.
    وفي القرن السادس عشر ضمها جلال الدين أكبر سنة (1587م) إلى دولة المغول، واستمر الحكم الإسلامي فيها قرابة خمسة قرون من 1320م إلى 1819م، ويعتبر هذا "العصر الذهبي" لتاريخ الولاية، لما تمتع به الشعب الكشميري رفاهية وحرية وأمن وسلام تحت رعاية الحكام المسلمين.
    تشابه مآسي المسلمين:
    إن قضية كشمير المسلمة تتشابه إلى حد كبير مع مأساة فلسطين؛ فالقضيتان بدأتا في وقت واحد عام 1948م، والشعبان المسلمان يواجه كل منهما عدواً غاشماً يسعى إلى إبادة أصحاب الأرض، واغتصاب حقوقهم المشروعة، والتطرف الهندوسي الذي يعادي الإسلام، ويسعى إلى استئصاله من الإقليم المسلم، ويسوم المسلمين هناك صنوف التعذيب والاضطهاد، لا يقل خطورة عن التطرف الصهيوني في فلسطين.
    وكما شهد الفلسطينيون مذابح بشعة على أيدي الصهاينة عبر ما يزيد على نصف قرن، شهد المسلمون في كشمير العديد من المذابح التي ذهب ضحيتها الآلاف منهم، والقضيتان في مجلس الأمن شهدتا تواطؤاً دولياً؛ ترتب عليه ضياع حقوق المسلمين وصدرت عشرات القرارات التي تؤيد حق الشعبين في تقرير مصيرهما، وإدانة الاعتداءات الصهيونية في فلسطين والهندوسية في الهند، ولكن هذه القرارات لم تنفذ حتى اليوم، والأمم المتحدة تراخت في تنفيذ القرارات الدولية التي أصدرتها لصالح مسلمي كشمير. وتمارس القوات الهندية جرائم وحشية بربرية لا مثيل لها في التاريخ: من قتل وتعذيب وتشريد للسكان، وهتك للأعراض، وحرق للمنازل والمتاجر والحقول.
    ولقد فقدت الولاية المسلمة في ظل الاحتلال الهندوسي زخرفها ورونقها وتحولت إلى قفار منعزلة، وقبور موحشة مهجورة، بعد أن بلغت القوات الهندية 800 ألف جندي هندوسي في كشمير يمثلون (44%) من تعداد الجيش الهندي.
    أهميةكشمير بالنسبة للهند:
    في برقية بعث بها (نهرو) إلى رئيس وزراء بريطانيا بتاريخ 25 أكتوبر 1947م قال: "إن كشمير، كما تعلمون، ترتبط من الناحية الشمالية بحدود مشتركة مع ثلاث دول هي أفغانستان والاتحاد السوفيتي والصين، وهو ما يجعل أمن كشمير أمراً حيوياً لأمن الهند؛ خاصة وأن الحدود الجنوبية لها مشتركة مع الهند، فمساعدة مهراجا كشمير إذاً واجب يمثل مصلحة قومية للهند".
    تمثل كشمير أهمية إستراتيجية للهند؛ تمسكت بها على مدى أكثر من خمسين عاما، رغم الأغلبية المسلمة، والحروب التي استنزفت مواردها. وتتلخص هذه الأهمية فيما يلي:
    1- تعتبرها الهند عمقاً أمنياً استراتيجياً لها أمام الصين وباكستان.
    2- تنظر إليها على أنها امتداد جغرافي وحاجز طبيعي مهم أمام فلسفة الحكم الباكستاني التي تعتبرها قائمة على أسس دينية، تهدد الأوضاع الداخلية في الهند ذات الأقلية المسلمة الكبيرة العدد.
    3- تخشى الهند إذا سمحت لكشمير بالاستقلال على أسس دينية أو عرقية أن تفتح باباً لا يمكن غلقه أمام الكثير من الولايات الهندية التي تغلب فيها عرقية معينة أو يكثر فيها معتنقو ديانة معينة.
    أهميةكشمير بالنسبة لباكستان:
    لخص ظفر الله خان وزير خارجية باكستان أهمية كشمير الإستراتيجية بقوله: "إن إلحاق كشمير بالهند لا يمكن أن يضيف شيئاً كثيرًا إلى اقتصاد الهند أو أمنها الإستراتيجي، بينما يمثل أمراً حيوياً لباكستان، فإذا ما انضمت كشمير إلى الهند، فإن باكستان -سواء من الجانب الإستراتيجي أو الاقتصادي- إما أن تصبح جزءاً خاضعاً لسلطة الهند، أو ينتهي وجودها كدولة ذات سيادة مستقلة".
    من هنا تعد كشمير منطقة حيوية لأمن باكستان، ويمثل احتلال الهند لها تهديداً مباشراً لباكستان؛ حيث تنبع منها ثلاثة أنهار تعتبر المغذي الرئيسي للنظام الزراعي في باكستان، ويجري الطريقان الرئيسيان وشبكة السكك الحديدية في شرق وشمال شرق البنجاب تجري بمحاذاة كشمير.
    مؤتةالكشميرية:
    وفي 1931م اندلعت حركة تحرير كشمير حينما قام ضابط شرطة بمنع إمام مسجد من إلقاء خطبة الجمعة، وهو الأمر الذي دفع أحد الأشخاص ويدعى عبد القدير خان بإلقاء خطاب حماسي حول القرارات التي يصدرها الملك الهندوسي ضد المسلمين.
    وفي حادثة شهيرة تناقلتها الكتب وهي حادثة لها مدلولها الخاص، ففي 13 يوليو 1931م اجتمع عدد كبير من المسلمين الكشميريين في فناء السجن لإعلان التضامن مع عبد القدير خان وحين حان وقت صلاة الظهر، قام أحدهم يرفع الأذان، وأثناءه أطلقت عليه القوات الأمنية النار فأُردي شهيداً، فقام آخر ليكمل الأذان، فأطلقوا عليه النار، ثم قام ثالث ورابع، وما تم الأذان حتى استشهد 22 شخصاً، وتعرف هذه الحادثة في تاريخ كشمير باسم معركة مؤتة.
    وجدير بالذكر أن مؤتمر مسلمي كشمير في ذلك الوقت كان يعتبر الممثل الشرعي الوحيد للشعب الكشميري المسلم؛ حيث تمكن من الحصول على 16 مقعداً من أصل 21 مقعداً خاص للمسلمين في برلمان الولاية، في انتخابات يناير 1947م، وكانت نسبة المسلمين في ذلك الوقت أكثر من 85% من السكان؛ لذا فقرار مؤتمر مسلمي كشمير الانضمام إلى باكستان وهو قرار الأغلبية. ورغم ذلك ضمت الهند الولاية قسرًا، مخالفة بذلك قرار التقسيم، وإرادة الشعب الكشميري المسلم.
    وكانت عائلة دوغرا شبيهة بالحكم السيخي من حيث إلحاق الأذى بالمسلمين عن طريق فرض الضرائب الباهظة، وسنّ القوانين التمييزية، وسدّ سبل التعليم في وجوههم، ومن مظاهر هذا الاضطهاد كذلك نظام الجباية القاسي، بالإضافة إلى أخذ 50% من المحاصيل.
    وكان المسؤولون يأخذون ضرائب على النوافذ والمواقد وحفلات الزواج، وعلى قطعان الماشية بل وحتى على مداخن بيوت المسلمين، وكان ذبح الأبقار ممنوعاً بموجب القانون وتوقع على فاعله عقوبة الإعدام، وكانت المساجد تابعة للحكومة، كما أن جريمة قتل المسلم كانت تعدُّ أهون شأناً من قتل غير المسلم، إضافة إلى سحق أي مظهر من مظاهر الاحتجاج السياسي بوحشية، ولذا فقد شهدت المنطقة حوادث عديدة تمّ فيها حرق عائلات مسلمة بأكملها بحجة انتهاك القوانين المذكورة، كما تم إغراق عمال مصنع الحرير التابع للحكومة عندما احتجوا على انخفاض الأجور سنة 1924م.
    وكانت حركة تحرير كشمير حركة إسلامية تستهدف تحرير ولاية جامو وكشمير المسلمة من حكم عائلة دوغرا الهندوسية، وإقامة الحكم الإسلامي فيها، غير أن هذه الحركة انقسمت إلى قسمين حينما مال شيخ عبد الله أحد قادة هذه الحركة إلى تبني النظرة العلمانية القومية التي ينطلق منها الكونجرس الوطني الهندي؛ مما دعاه إلى تغيير اسم مؤتمر مسلمي جامو وكشمير فسمّاه مؤتمر كشمير القومي، إلا أن مخاوف تشودري غلام عباس - القائد الثاني للحركة - من أن يصبح هذا المؤتمر امتداداً للكونجرس الوطني الهندي، دفعته في أكتوبر 1941م إلى بعث الحياة في مؤتمر مسلمي كشمير، والذي استطاع - من خلال الأغلبية التي يتمتع بها في مجلس الولاية التشريعي - تمرير قرار يقضي بانضمام كشمير إلى باكستان في 19 يوليو 947م.
    بداية الصراع:
    أصدر البرلمان البريطاني في 17 يوليو 1947م قانون استقلال الهند الذي أنهى الحكم البريطاني لها، وتم تنفيذ القرار في 15 أغسطس من العام نفسه.
    وأوعزت بريطانيا بعد انسحابها إلى تلك الإمارات التي كانت تحكمها في الهند بأن تنضم إما إلى الهند أو باكستان وفقاً لرغبة سكانها مع الأخذ بعين الاعتبار التقسيمات الجغرافية في كل إمارة، وتكونت تبعاً لذلك دولتا الهند وباكستان، غير أن ثلاث إمارات لم تتخذ قراراً بهذا الشأن هي حيدر آباد وجوناغاد وكشمير، ثم قرر حاكم إمارة جوناغاد المسلم أن ينضم إلى باكستان رغم وجود أغلبية هندوسية في الإمارة، وأمام معارضة هذه الأغلبية لقرار الحاكم دخلت القوات الهندية وأجرت استفتاء انتهى بانضمامها إلى الهند، وحدث الشيء نفسه في ولاية حيدر آباد حيث أراد حاكمها المسلم أن يظل مستقلاً بإمارته ولم تقره الأغلبية الهندوسية في الولاية على هذا الاتجاه فتدخلت القوات الهندية في 13 سبتمبر 1948م مما جعلها ترضخ للانضمام إلى الهند.
    أما كشمير فقد كان وضعها مختلفاً عن الإمارتين السابقتين، فقد قرر حاكمها الهندوسي هاري سينغ - بعد أن فشل في أن يظل مستقلاً- الانضمام إلى الهند متجاهلاً رغبة الأغلبية المسلمة بالانضمام إلى باكستان ومتجاهلاً القواعد البريطانية السابقة في التقسيم.
    وقد قبلت الهند انضمام كشمير إليها في حين رفضت انضمام الإمارتين السابقتين إلى باكستان بناء على رأي الحاكمين بهما، وخاف من رد فعل الأغلبية المسلمة في إمارته فعرض معاهدتين على كل من الهند وباكستان لإبقاء الأوضاع كما كانت عليه وللمحافظة على الاتصالات والإمدادات، فقبلت باكستان بالمعاهدة في حين رفضتها الهند ومن ثم راحت الأمور تتطور سريعاً باتجاه الحرب.
    حرب 1947م – 1948م
    تطورت الأحداث بعد ذلك سريعاً، فاندلع قتال مسلح بين الكشميريين والقوات الهندية عام 1947م أسفر عن احتلال الهند لثلثي الولاية، ثم تدخلت الأمم المتحدة في النزاع وأصدر مجلس الأمن قراراً في 13/8/1948م ينص على وقف إطلاق النار وإجراء استفتاء لتقرير مصير الإقليم.
    وبدأ يسود المجتمع الدولي منذ ذلك الحين اقتناع بأن حل القضية الكشميرية يأتي عن طريق اقتسام الأرض بين الهند وباكستان، فاقترحت الأمم المتحدة أن تنضم الأجزاء التي بها أغلبية مسلمة وتشترك مع باكستان في حدود واحدة (تقدر بحوالي 1000 كم) لباكستان، وأن تنضم الأجزاء الأخرى ذات الغالبية الهندوسية ولها حدود مشتركة مع الهند (300 كم) للسيادة الهندية، لكن هذا القرار ظل حبراً على الورق ولم يجد طريقه للتنفيذ على أرض الواقع حتى الآن.
    حرب 1965م
    عاد التوتر بين الجانبين، وحاول الرئيس الباكستاني دعم المقاتلين الكشميريين لكن الأحداث خرجت عن نطاق السيطرة وتتابعت بصورة درامية لتأخذ شكل قتال مسلح بين الجيشين النظاميين الهندي والباكستاني في سبتمبر 1965م على طول الحدود بينهما في لاهور وسيالكوت وكشمير وراجستان واستمر الصراع العسكري 17 يوماً لم يتحقق فيه نصر حاسم لأي من الدولتين، وانتهت الجهود الدولية بعقد معاهدة وقف إطلاق النار بين الجانبين في الثالث والعشرين من الشهر نفسه.
    مؤتمرطشقند 1966م
    كانت الحرب الباردة بين الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة الأميركية على أشدها في منتصف الستينيات وخشيت موسكو من استغلال الاضطرابات الإقليمية في آسيا الوسطى لصالح المعسكر الغربي أو لصالح الصين التي لم تكن على وفاق متكامل معها آنذاك، فحاولت التدخل بقوة في الصراع الدائر بين الهند وباكستان بشأن كشمير ورتبت لمؤتمر مصالحة بينهما عقد في يناير 1966م بطشقند، وبعد مفاوضات مضنية بينهما توصل الطرفان إلى تأجيل بحث ومناقشة قضية كشمير إلى وقت آخر، وبوفاة رئيس الوزراء الهندي شاستري المفاجئة إثر نوبة قلبية انتهى المؤتمر إلى الفشل.
    حرب 1971م
    عاد القتال بين الجارتين ليتجدد مع مطلع السبعينيات إثر اتهامات باكستان للهند بدعم باكستان الشرقية بنغلاديش في محاولتها الانفصالية، وكان الميزان العسكري هذه المرة لصالح الهند الأمر الذي مكنها من تحقيق انتصارات عسكرية على الأرض غيرت من التفكير الإستراتيجي العسكري الباكستاني وأدخل البلدين في دوامة من سباق التسلح كان الإعلان عن امتلاك كل منهما للسلاح النووي أهم محطاته. وأسفر قتال 1971م عن انفصال باكستان الشرقية عن باكستان لتشكل جمهورية بنغلاديش.
    اتفاقية شملا 1972م
    دخل البلدان في مفاوضات سلمية أسفرت عن توقيع اتفاقية أطلق عليها اتفاقية شِملا عام 1972م، ونصت على اعتبار خط وقف إطلاق النار الموقع بين الجانبين في 17 ديسمبر1971م هو خط هدنة بين الدولتين. وبموجب هذا الاتفاق احتفظت الهند ببعض الأراضي الباكستانية التي سيطرت عليها بعد حرب 1971م في كارغيل تيثوال وبونش في كشمير الحرة في حين احتفظت باكستان بالأراضي التي سيطرت عليها في منطقة تشامب في كشمير المحتلة.
    أثر أحداث 11 سبتمبر 2001 على القضية الكشميرية
    إثر ظهور أزمة أفغانستان بعد هجمات نيويورك وواشنطن في الحادي عشر من سبتمبر وإصرار أمريكا على محاربة ما تسميه بالإرهاب "بكل صوره وفى كل مكان في العالم"، حاولت الهند توظيف الأزمة لصالحها لأجل وضع باكستان في قفص الاتهام وذلك بترديد مستمر أن باكستان شريكة مع نظام طالبان في الإرهاب وبالتالي يجب محاربة باكستان أيضاً.
    وأخذت الهند تبذل المحاولات للمشاركة في التحالف الغربي وخرجت عن الأسلوب المعتاد في التلهف للمشاركة والإعلان عن استعدادها لإعطاء أمريكا كل التسهيلات العسكرية الممكنة.
    وحين وقع الهجوم على البرلمان الهندي في 13 ديسمبر 2001م وجدت الهند الفرصة المناسبة لرفع التوتر والتصعيد العسكري إلى حد مواجهة شاملة مع باكستان بحجة القضاء على القواعد "الإرهابية" في كشمير الباكستانية واستفادت الهند في ذلك من المناخ العالمي الحالي ضد "الإرهاب" ومن سابقة أمريكا في مواجهة أفغانستان.
    إبادة جماعية للمسلمين
    قامت القوات الهندوسية في إقليم جامو وحده بقتل أكثر من 300 ألف مسلم، وأجبرت حوالي 500 ألف مسلم على الهجرة إلى باكستان، فتحولت جامو من مقاطعة ذات أغلبية مسلمة إلى مقاطعة ذات أقلية مسلمة.
    وطبيعي أن تدفع هذه الأجواء المشحونة أفراداً من القبائل المسلمة في شمال غرب باكستان إلى دخول كشمير لمساعدة إخوانهم الذين تعرضوا للذبح، ومن ناحية أخرى كان المسلمون في مناطق بونش ومظفر أباد وميربور في الولاية قد قرروا أن يرفعوا راية الجهاد لتحرير الولاية، وتمكنوا من تحرير هذه المناطق.
    وأوشك المجاهدون على الوصول إلى عاصمة الولاية سرينجر وقد أعلنوا عن إقامة حكومة ولاية جامو وكشمير الحرة، في 24 أكتوبر 1947م، حدث هذا عندما هرب الملك الهندوسي للولاية هري سينغ من سرينجر إلى جامو التي صارت ذات أغلبية هندوسية بعد المجازر الدامية التي تعرض لها المسلمون هناك في 26 أكتوبر 1947م.
    وتزامنت هذه الأوضاع مع تزوير الحكومة الهندية وثيقة باسم الملك الهندوسي للولاية هري سينغ وجعلتها مبرراً لإدخال قواتها في الولاية في 27 أكتوبر 1947م.
    وقد اتخذ الهندوس هذه الاتفاقية المزورة وسيلة لإرسال جيشهم للسيطرة على الولاية، والتحق هذا الجيش بجيش الملك الهندوسي في الولاية ليشترك معه في قتل المسلمين وهتك أعراضهم، كما أعلنت الحكومة الهندية أن على الراغبين في الهجرة إلى باكستان الاجتماع في مكان واحد وستقوم الحكومة بمساعدتهم وتزويدهم بالسيارات الحكومية، وعندما اجتمعوا في المكان المحدد، أطلقت عليهم النار فاستشهد حوالي نصف مليون مسلم، وقبل إطلاق النار تم القبض على آلاف النساء المسلمات لهتك أعراضهن، وكان من بينهن ابنة شودري غلام عباس القائد المؤسس لحركة تحرير كشمير، ولم يتمكن من الوصول إلى باكستان غير حوالي نصف مليون مسلم فقط.
    وقد أصبح من المعلوم بعد ذلك أن وثيقة انضمام الولاية إلى الهند التي جاءت بها الحكومة الهندية باسم الملك الهندوسي للولاية هي وثيقة مزورة؛ لأنها لا تحمل توقيع الملك.
    وقد بيّن المؤرخ البريطاني الشهير ألاسترلامب في كتابه (كشمير) أن الوثيقة التي جعلتها الهند مبرراً لاحتلالها للأراضي الكشميرية هي وثيقة مزورة؛ لأن مندوب الحكومة الهندية (وي.بي.منين) الذي جاء بالوثيقة لم يتمكن من لقاء الملك لكونه مسافرًا، ولم يصل الملك إلا بعد عودة المندوب إلى نيودلبهي، ولم يوقع عليها.
    ومن الثابت تاريخياً أن الشّعب الكشميري لم يقبل ضم الهند للولاية، ورَفَع راية الجهاد لتحريرها، وكان على وشك ذلك رفع (الهند) القضيّة إلى مجلس الأمن الدّوليّ (مطلع يناير 1948م) بهدف كسب الوقت لترسيخ قوّاتها في الولاية.
    وقام مجلس الأمن الدوليّ بعد مناقشة طويلة للقضيّة الكشميريّة بإصدار بعض القرارات لحل القضيّة بإجراء الاستفتاء لتقرير مصير الولاية بانضمامها إلى الهند أو باكستان؛ وأهمّ هذه القرارات هي القرار رقم 47 والمؤرخ في 21 أبريل 1948م والقرار المؤرخ في 13 أغسطس 1948م والقرار المؤرخ في 5 يناير 1949م.
    تضمّنت هذه القرارات وقف إطلاق النار في الولاية، وأن مستقبل وضع ولاية (جامو وكشمير) سيتمّ تقريره طبقاً لرغبة الشّعب الكشميريّ.
    وفي هذا الصّدد وافقت الحكومتان على الدخول في مشاورات مع اللجنة؛ لتقرير وضمان أوضاع عادلة ومتساوية للتّأكيد على سهولة التعبير الحر، وأن مسألة ضم ولاية جامو وكشمير إلى الهند أو باكستان سيتم تقريرها من خلال الطرق الديمقراطية عبر استفتاء شعبي حيادي، ووافقت الهند على هذه القرارات وظلت تعلن التزامها بها إلى عام 1957م.
    ولكن سياسة الهند الماكرة والمماطلة والرافضة لتطبيق القرارات الدوليّة الخاصة بالقضيّة الكشميرية تؤكد أنها لم تكن جادة في يوم من الأيام في تنفيذ هذه القرارات بل كانت تريد كسب الوقت لترسيخ قواعدها وجذورها في الولاية، فوافقت في البداية ثم رفضت بعد (1957م).
    دماء ودموع
    أظهرت إحصائية صادرة عن وكالة (كشمير ميديا سيرفس) أن عدد الشهداء الذين سقطوا خلال عام 2003م بلغ 2828 شهيداً فيما بلغ عدد الجرحى 6009 جرحا، ومن بين الشهداء 294 قضوا تحت التعذيب، فيما استشهد 46 طفلاً و135 امرأة، وحسب إحصائية مركز المعلومات والبحوث التابع لوكالة كي إم إس بلغ عدد الأيتام 2169 يتيماً خلال عام نتيجة لعمليات القتل الإرهابية التي تمارسها قوات الاحتلال الهندية.
    وفقدت (651) امرأة أزواجهن، وتعرضت 300 امرأة للاعتداء عليها على يد قوات راشتريا رايفلز التابعة لجيش الاحتلال الهندي والمتخصصة في قمع الانتفاضة الكشميرية، وأفاد التقرير أن 349 شاباً جرى خطفتهم قوات الأمن التابعة للمخابرات الهندية راو في جامو وكشمير المحتلة، وهؤلاء عادة ما تتم تصفيتهم ميدانياً في عمليات اغتيال غير قانونية دون تقديمهم للمحاكمة أو توجيه تهمة إليهم.
    ومن جهة أخرى وحسب التقرير فقد وصل مجمل عدد الأسرى في كافة مراكز الاعتقال داخل جامو وكشمير المحتلة وفي مختلف السجون الهندية خلال عام 2003م إلى 4188 أسير وتعرض 460 منزلاً ومتجراً للتدمير الكلي أو الجزئي من قبل قوات الاحتلال الهندي.
    وأظهرت إحصائية عن (وكالة كشمير ميديا سيرفس) أن عدد الشهداء الذين سقطوا خلال شهر إبريل 2004م بلغ 160 شهيداً فيما بلغ عدد الجرحى 800 جريحاً، ومن بين الشهداء حسب إحصائية مركز المعلومات والبحوث التابع لوكالة (كي إم إس) أن 150 رجلاً من ضمنهم 18 شاباً سقطوا ضحية عمليات الاغتيال تحت التعذيب في المعتقلات.
    دور المسلمين السياسي والجهادي في كشمير
    كانت هناك ثلاث قوى سياسية في كشمير هي:
    1- المؤتمر الوطني بقيادة (شيخ عبد الله) الذي كان يرغب في الانضمام إلى (الهند).
    2- مؤتمر مسلمي (كشمير) بقيادة (تشودري غلام عباس) الذي كان يرغب في الانضمام إلى باكستان.
    3- (المهراجا هري سيند) الذي كان يفضل الاستقلال عن باكستان والهند؛ لأنه كان يعلم أن الانضمام إلى أحداهما يعني زوال عرشه واستبدال حكمه المتسلط بحكومة ديمقراطية؛ ولذا فقد وضع المهراجا - أثناء التقسيم - كل قادة المؤتمرين الوطني والإسلامي خلف القضبان.
    وهكذا عاش 80 % من الشعب المسلم مضطهداً من قلة حاكمة لا تزيد على 20%، وكان لهذا الأمر أثر بالغ في إحساس المسلمين بالمرارة والظلم؛ فأدى ذلك إلى ظهور انتفاضات للمسلمين في تلك المناطق، والمعروف أن المسلمين والهندوس في القارة الهندية تحالفوا معاً في معركة الاستقلال عن بريطانيا رغم التنافر والتناقض الديني، وبرزت الدعوات بتشكيل دولة للمسلمين في المناطق ذات الأغلبية المسلمة، وتأسست عام (1324هـ - 1906م) الجامعة الإسلامية التي أخذت تطالب باستقلال الهند بالتعاون مع حزب المؤتمر الهندي الذي كان يتزعمه غاندي، ومع التعصب الهندوسي بدأ حزب (الجامعة الإسلامية) يتبنى فكرة قيام دولة مستقلة منفصلة للمسلمين.
    وفي كشمير اشتد اضطهاد الهنادكة للمسلمين، الذين اجتمعوا وأسسوا (حزب المؤتمر الوطني الإسلامي) تحت زعامة (محمد عبد الله)، وضم الحزب بين صفوفه بعض الهندوس، وحضر جلسته الأولى سنة (1351هـ - 1932م) أربعون ألف شخص، غير أن هذا الحزب اعتبر فرعاً لحزب المؤتمر الهندي، كما تم تشكيل (حزب المؤتمر الإسلامي الكشميري) بزعامة (شودري غلام عباس)، الذي دعا من أول يوم عقد فيه اجتماع للحزب إلى إنقاذ كشمير من براثن المهراجا الهندوسي هري سيند، وطالب بانضمامها إلى دولة باكستان، ولما رأى الهندوس نجاح حزب المؤتمر الإسلامي والتجاوب الواسع له بين سكان الولاية، عملوا على تأسيس فروع لحزب المؤتمر الهندي في كشمير، بالتفاهم مع المهراجا هري سيند، وذلك عام (1358هـ - 1939م)، وكان هدف هذا الحزب ضم الولاية إلى الهند.
    كما عمل الهندوس على الوقيعة بين الحزبين الرئيسين للمسلمين، وهما: حزب المؤتمر الإسلامي، وحزب المؤتمر الوطني، وهو ما دفع محمد علي جناح زعيم مسلمي الهند ومؤسس دولة باكستان لزيارة كشمير سنة 1363هـ - 1943م لرأب الصدع بين هذين الحزبين والعمل على ضمهما معاً في حزب واحد كبير يشمل مسلمي كشمير، إلا أنه لم يتمكن من ذلك لرفض محمد عبد الله هذا الأمر، وكانت الحكومة الكشميرية تضطهد رجال حزب المؤتمر الإسلامي؛ فاعتقلت الكثير منهم، ورفضت نتائج الانتخابات التي أجريت عام 1347هـ - 1928م في الولاية التي حصل فيها الحزب على أغلبية المقاعد، بل رفضت أوراق ترشيح أعضاء ذلك الحزب.
    وفي عام 1365هـ - 1944م قام المسلمون بثورة، وقاطع الحزبان الكبيران في الولاية المهراجا، فقبض على محمد عبد الله، وحكم عليه بالسجن ثلاث سنوات، فأرسل له الزعيم الهندي نهرو محامياً ليدافع عنه، وبعد مرور قرن على اتفاقية (أمريتسار) التي باعت فيها بريطانيا ولاية كشمير، أصدر البرلمان البريطاني قانون استقلال الهند، والمعروف أن الهند كانت تتقسم إبان الاحتلال البريطاني لها إلى قسمين أساسيين هما الإمارات والأقاليم، وكانت الأقاليم تخضع للحكم المباشر من البريطانيين، وعندما صدر إعلان تقسيم الهند إلى دولتين إحداهما مسلمة والأخرى غير مسلمة في 27 رمضان 1366هـ - 14 من أغسطس 1947م أصبح محمد علي جناح أول رئيس للدولة الإسلامية الجديدة التي حملت اسم باكستان.
    خريطة الأحزاب السياسية في كشمير:
    الأحزاب الكشميرية أشبه بالفسفيساء كثيرة العدد، متباينة الأحجام. بعضها يطالب بالانضمام إلى الهند، وبعضها الآخر يسعى للانضمام إلى باكستان، ويقف فريق ثالث على الحياد ويرى في استقلال كشمير عن كلا الدولتين وسيلة للخلاص.
    وللتعرف على الملامح العامة لخريطة الأحزاب السياسية الكشميرية في الفترة ما بين الاستقلال عن بريطانيا 1947م والتقسيم 2001م:
    أولا: مرحلة ما قبل التقسيم
    بدأت التشكيلات السياسية الكشميرية قبل التقسيم عام 1947م، وهو العام الذي أعلنت فيه بريطانيا انسحابها من شبه القارة الهندية ومنح بعض المناطق حق اختيار الانضمام إلى الهند أو باكستان، وتكونت بعض التنظيمات قليلة العدد مثل (جمعية الشباب المسلم) على يد (تشودري غلام عباس) في (جامو) عام 1922م (حزب غرفة المطالعة على يد الشيخ عبد الله في سرينغار عام 1930م.
    وكانت أنشطتها تتركز في الاعتراض على القوانين والأفعال التي تعتبر مهينة للإسلام والمسلمين.
    ثم اتخذت طابعاً أكثر تنظيما عندما تظاهر المسلمون في 13 يوليو 1931م للاعتراض على سياسات (المهراجا سينغ) وقتلت الشرطة آنذاك 22 كشميريًّا مسلمًا. وأسفرت تلك الحركة الشعبية الغاضبة عن تكوين واحد من أهم فصائل المقاومة في السنوات اللاحقة وهو المؤتمر الإسلامي لجميع مسلمي (جامو وكشمير) تحت قيادة (الشيخ عبد الله) في عام (1932م).
    انقسام المقاومة
    رأى الشيخ عبد الله في عام 1939م أن اسم المؤتمر الإسلامي يعمق من انقسام المجتمع الكشميري على أسس دينية، فأراد بالمؤتمر أن ينتهج التوجه القومي العلماني المرتبط بالهند، واقترح تغيير اسم المؤتمر الإسلامي إلى المؤتمر الوطني. غير أن هذا التغيير لم يرق للكثير من أعضاء المؤتمر، الذين سيطر عليهم الخوف من أن يصبح المؤتمر الوطني امتداداً لحزب المؤتمر الوطني الهندي، وتزعّم هذا الفريق تشودري غلام عباس. ومنذ ذلك الوقت والمقاومة الكشميرية تنقسم إلى تيارين كبيرين تفرعت عنهما العديد من الأحزاب والجماعات والجمعيات، تيار قومي علماني يفضل الانضمام إلى الهند وآخر وطني إسلامي يريد الانضمام إلى باكستان.
    ثانيا: مرحلة ما بعد التقسيم
    تعمق التياران الإسلامي، والقومي العلماني في حركة المقاومة الكشميرية بعد التقسيم، وانقسمت الخريطة السياسية إلى أحزاب سياسية تنتهج وسائل المقاومة السياسية لتحقيق أهدافها، وجماعات جهادية عسكرية تؤمن باستخدام السلاح.
    الأحزاب السياسية
    وتنقسم إلى:
    أ- أحزاب تؤيد الانضمام إلى الهند، وهي أحزاب يغلب عليها الطابع القومي العلماني، ومن أهمها:
    - المؤتمر القومي الكشميري: يترأسه فاروق عبد الله، ويؤمن بأن كشمير جزء من الهند غير أنه يطالب بحكم ذاتي موسع.
    - المؤتمر القومي الهندي: لا يختلف في توجهاته السياسية عن المؤتمر القومي الكشميري حيث ينادي بانضمام كشمير إلى الهند، ولا يتمتع الحزبان بشعبية ملفتة في الشارع الكشميري.
    ب- أحزاب مستقلة
    وهي التي تنادي بالاستقلال وعدم الانضمام لا إلى الهند ولا إلى باكستان ومن أبرزها:
    - جبهة تحرير (جامو وكشمير): يترأسها ياسين ملك، وتأسست عام 1965م، وتطالب باستقلال كشمير عن الهند وباكستان، وينشط أفرادها على جانبي خط الهدنة. ولها جناح عسكري يسمى جبهة التحرير يترأسه رفيق دار.
    - المؤتمر الشعبي: يترأسه عبد الغني لون، ويطالب بالاستقلال عن الهند وباكستان، وله جناح عسكري يدعى البرق برئاسة بلال رحيم، ويلاحظ انخفاض شعبيته في كشمير.
    - الجبهة الشعبية الديمقراطية: يترأسها شبير أحمد شاه. ويدعو إلى الاستفتاء العام، وله جناح عسكري يسمى مسلم جانباز فورس يقوده محمد عثمان، وشعبيته محدودة.
    ج- أحزاب تؤيد الانضمام إلى باكستان:
    وهي أحزاب تقوم برامجها السياسية على فكرة الانضمام إلى باكستان، وأهمها تجمع (تحالف) جميع الأحزاب الكشميرية للحرية، ويضم هذا التجمع حوالي 26 حزباً منها:
    - الجماعة الإسلامية: يترأسها غلام محمد بت، وتركز - إضافة إلى نشاطها السياسي - على التربية والتعليم للحفاظ على الهوية الإسلامية للشعب الكشميري. ولها حضور عبر فروع نشيطة في معظم أنحاء كشمير. ومن أبرز قادتها محمد علي الجيلاني الرئيس السابق لتحالف جميع الأحزاب الكشميرية للتحرير, وعضو المجلس التأسيسي لـ(رابطة العالم الإسلامي) في مكة المكرمة.
    - مؤتمر مسلمي كشمير: أسس سنة 1987م, يترأسه عبد الغني بت، ويهدف إلى تخليص كشمير من الاحتلال الهندي وضمها إلى باكستان.
    - حزب رابطة المجاهدين: يترأسه نصرت عالم، وله جناح عسكري يدعى (حزب الله) يقوده اشتياق أحمد، ولا يتمتع بشعبية كبيرة في كشمير.
    - اللجنة الشعبية القومية: يترأسها مير واعظ عمر فاروق، وله شعبية في سرينغار, وله جناح عسكري يسمى (العمر مجاهدين).
    - الرابطة الشعبية: يترأسها فاروق رحماني, ولها جناح عسكري صغير.
    - الرابطة الشعبية: يترأسها شيخ عبد العزيز, ولها شعبية في معظم أنحاء كشمير, كما لها جناح عسكري يسمى (الجهاد) يقوده سمير خان.
    - الحركة العمومية: يترأسها فريد بهنجي، ولها جناح عسكري يسمى (الجبهة الإسلامية), ويلاحظ عليها قلة النشاط عمومًا.
    - جمعية أهل الحديث: يترأسها مولانا طاهري, ولها جناح عسكري يسمى (تحريك المجاهدين) برئاسة الشيخ عبد الله غزالي والشيخ (جميل الرحمن), غير أن عملها العسكري محدود.
    - حركة تحرير (جامو وكشمير): يترأسها سعد الله تانتري, ويزداد نشاطها في إقليم جامو.
    - حركة المقاومة الشعبية: يترأسها غلام أحمد مير, وبالرغم من توجهها العلماني إلا أنها تهدف إلى الانضمام إلى باكستان.
    الجماعات المسلحة
    وهي تكوينات سياسية انتهجت أسلوب المقاومة العسكرية المسلحة بهدف الخلاص مما تعتبره احتلالاً هندياً لكشمير، وتسعى إلى الانضمام إلى باكستان. ويوجد لأغلبها قواعد ثابتة في باكستان للتدريب والإدارة، ومن أهمها:
    - حزب المجاهدين: أسس عام 1989م بقيادة سيد صلاح الدين, ويضم حوالي 10 آلاف مسلح أغلبهم من الكشميريين.
    - جماعة معسكر طيبة: جماعة سلفية جهادية أسست عام 1995م برئاسة البروفيسور حافظ سعيد, وتضم أكثر من 6000 مقاتل، يطلق عليها أحياناً (لشكر طيبة) وبعد أن أدرجتها الولايات المتحدة ضمن قائمة "الجماعات الإرهابية" أعلنت عن انقسام العمل الداخلي بها إلى قسمين: الأول دعوي بقيادة البروفيسور حافظ سعيد والآخر عسكري بقيادة عبد الواحد كشميري.
    - جيش محمد: يقودها مولانا مسعود أظهر الناشط السابق في حركة الأنصار، وتضم حوالي 3000 مقاتل, وتنتهج كذلك نهج (جمعية علماء إسلام) بزعامة (مولانا فضل الرحمن). وأدرجتها الولايات المتحدة كذلك ضمن قائمة الجماعات الإرهابية المطلوب تفكيكها.
    - حركة الأنصار: أسست عام 1986م، وانشقت إلى جناحين: حركة المجاهدين التي يقودها (مولانا فاروق كشميري), وتضم حوالي 3000 مقاتل، وتتبع توجهات جمعية علماء إسلام الديوبندية التي يتزعهما (مولانا عبد الرحمن). وحركة الجهاد الإسلامي التي يقودها (سيف الله أختر), وتعتبر أقل عدداً من الأولى, وتتبع أيضاً نهج (جمعية علماء إسلام).
    - مجاهدي بدر: انشقت عن (حزب المجاهدين) التابع للجماعة الإسلامية، ويقودها (بخت زمين), وتضم حوالي 1000 مقاتل.
    التحالف الصهيوني الهندوسي
    صدق الله تعالى حين يقول: [لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ..] {المائدة: 82} ولعل التحالف الصهيوني الهندوسي الآخذ في التصاعد ضد الإسلام والعالم الإسلامي منذ نصف قرن هو خير شاهد على الآية الكريمة وتجسيد دقيق لمعناها.
    والنموذج الحي لذلك التحالف الدنس ما وقعه الجانبان في إسرائيل من اتفاقية تعاون ثنائي بين الدولتين في المجال النووي والعسكري.
    وفي تصريح لوزير الداخلية الهندي (لال كرشن ادفاني) بهذه المناسبة قال: بكل صراحة لا بد من التعاون الثنائي بين الدولتين الصديقتين لمواجهة الإرهاب الإسلامي المتنامي. وهذه الاتفاقية أثارت لأول مرة حفيظة بعض القادة العرب وانتبهوا إلى خطر التحالف الهندوسي الصهيوني وتمثل ذلك من خلال قرار جامعة الدول العربية الذي صدر بعد هذه الاتفاقية مباشرة.
    ولعل السبب الرئيسي والقاسم المشترك لتحالفهم هو اشتراكهم في عداوتهم للإسلام والمسلمين. والذي نريد أن نؤكد عليه هو أن الأطماع الاستعمارية لدى الصهاينة تجاه العالم الإسلامي ومقدساته هو ما يجعلنا يقظين من نتائج هذا التحالف، فهم يشتركون في جنون العظمة وتسيطر على تفكيرهم سادية الامتلاك وإنشاء الدولة العظمى التي حددوا حدودها لتكون من سنغافورة إلى قناة السويس ليستعيدوا حسب معتقداتهم الإمبراطورية الهندوسية الأسطورية.
    والتعاون الهندوسي الصهيوني قديم قدم ولادة الكيانين، وتنوعت أوجه التعاون إلى كافة مرافق الحياة من علاقات دبلوماسية ومروراً بالاتفاقيات التجارية والعسكرية وأدق القرارات المصيرية إلا أن أخطرها في المجالين العسكري والنووي.
    الخلاصة
    مما يدمي القلب نكوصُ المسلمين عن أداء واجبهم بشكل قوي وفعّال، تجاه إخوانهم في كشمير وسائر البقاع التي يضطهد فيها الإسلام في العالم، واكتفى بالتبرعات والتّنديد والشّجب والمناشدة والرجاء.
    وإزاء ذلك نُنَبّه إلى ضرورة تغفيل المناصرة وعدم الاكتفاء بما سبق، ولكن لابد من تحرك إسلاميّ موحّد لوقف العدوان، واتّخاذ خطوات جادّة وإستراتيجيّة موحّدة تمنع تكرار مثل هذه الممارسات ضدّ أي بلد إسلاميّ في المستقبل، فهناك 55 دولة مسلمة، وهناك ما يزيد على 1200 مليون مسلم، وما كان أحد ليتجرأ على مسلم لو كان له من يقف خلفه ويمنعه.




  4. #14
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    المشاركات
    575
    آخر نشاط
    09-03-2020
    على الساعة
    10:50 AM

    افتراضي

    شخصيات اسلاميه كرديه



    الصحابي جابان (أبو ميمون)

    صحابي كردي عاصر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة المنورة، ويعتبر رمزًا لدخول الكرد المبكر في الإسلام حتى قبل الفتح الإسلامي للعراق ومناطق الكرد في عهد الخليفة الراشد عمر بن الخطاب.
    لم تتوفر عن الصحابي جابان الكردي معلومات كثيرة، وهو عرف باسم أبي ميمون نسبة لابنه ميمون الكردي الذي نقل الحديث وروى بعضه عن أبيه الذي سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
    ورد ذكر جابان الكردي في بعض المصادر الإسلامية مثل (أسد الغابة في معرفة الصحابة) لابن الأثير وفي (الإصابة في تمييز الصحابة) لابن حجر العسقلاني.


    صلاح الدين الأيوبي

    أحد أهم الشخصيات في التاريخ الإسلامي، يذكر له المسلمون قيادته حملة تحرير بيت المقدس من احتلال الصليبيين في القرن الثاني عشر الميلادي، وكذلك العديد من الإنجازات والإصلاحات السياسية والعمرانية في كل من مصر وبلاد الشام.
    صلاح الدين يوسف بن أيوب بن شاذي بن مروان، كردي مسلم ولد في تكريت بالعراق سنة 1138م، وتعود جذوره إلى منطقة حرير شمال غرب أربيل، سافر مع والده وعمه إلى الموصل ليدخلوا في خدمة صاحبها عماد الدين زنكي، ثم أخيه نور الدين.
    شارك مع عمه أسد الدين شيركوه الذي قاد جيش نور الدين زنكي في حملته إلى مصر لنجدة العاضد العبيدي (الفاطمي) ضد خصومه، وهناك تولى الوزارة وقيادة الجيش ولقب بالملك الناصر، ثم أنهى حكم العبيديين (الملقبون زورًا بالفاطميين) وأصبح صاحب السلطة في مصر واستقل بها.
    بعد وفاة نور الدين زنكي شهدت الشام اضطرابات دعي صلاح الدين إلى ضبطها، فقام هناك بتهدئة الأوضاع وتوحيد البلدان حولها وبدأ إصلاحات فيها وكذلك في مصر التي بنى قلعتها الشهيرة والعديد من المدارس والمستشفيات، وتتابعت إنجازاته حتى دانت له البلاد وأصبحت دولته الأيوبية تمتد من النوبة في أقصى جنوب مصر إلى بلاد الأرمن شمالا والجزيرة والموصل شرقًا، وحينها بدأ يكرس جهده لمواجهة حملات الصليبيين وغاراتهم.
    غادر صلاح الدين مصر آخر مرة سنة 1182م متوجهًا إلى الشام لمواجهة الصليبيين بنفسه، ودخل معهم في معارك عديدة حتى جاءت المعركة الحاسمة في حطين سنة 1187م التي كسرت شوكة الصليبيين وفتحت أمام جيوش صلاح الدين الطريق لتحرير القدس في نفس العام وقبلها استرداد طبرية وعكا ويافا إلى ما بعد بيروت.
    عرفت عن صلاح الدين مزايا عديدة وضعته في مكانه من التاريخ الإسلامي، فقد كان حاكمًا عادلاً يجلس للقضاء بنفسه ولا يحكم بالشبهة وقد بلغ عدله جنود أعدائه الصليبيين من الأسرى الذين أمر بمعاملتهم برفق في الوقت الذي كان فيه الصليبيون يقتلون أسرى المسلمين.
    تمكن صلاح الدين من توحيد شتات المسلمين بعد تفرقهم في دويلات متناحرة هيأت للصليبيين السيطرة على أراضيهم ومنها بيت المقدس سنين طويلة، وكان رجل سياسة وحرب بعيد النظر، كما أنه عرف بعطائه وإنفاقه في سبيل الله حتى إنه لم يدخر لنفسه مالا ولا عقارا، وكان يهتم بإصلاح الشؤون العامة من عمران ومجالس علم وحلقات أدب. وكان فقيهًا درس الفقه الشافعي والحديث والعقيدة وتعلم على يد كبار فقهاء ومحدثي عصره مثل قطب الدين النيسابوري وأبي طاهر السلفي وأبي الطاهر بن عوف وعبد الله بن بري النحوي وغيرهم.
    توفي بدمشق سنة 1193م وكان عمره سبعة وخمسين عامًا، وتفرقت دولته بعده بين أولاده.
    ابن خلكان

    قاض ومؤرخ وأديب كردي مسلم ولد عام 608هـ-1211م في أربيل بالعراق، وتتلمذ على يد كبار الفقهاء مثل المؤيد الطوسي وتفقه بالموصل على يد الكمال بن يونس وبالشام على يد ابن شداد، ولقي كبار العلماء وبرع في الفضائل والآداب.
    كان ابن خلكان عالمًا وإمامًا فقيهًا، وقضى معظم حياته في مصر والشام، واشتغل بالقضاء في مصر ودمشق التي أصبح قاضي قضاتها، وتوفي فيها عام 681هـ - 1282م.
    اشتهر ابن خلكان بمؤلفه الشهير وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان، الذي يتناول التراجم الشخصية للشخصيات العربية والإسلامية البارزة منذ العصر الجاهلي حتى عام 654هـ، ويحتوي على سير لـ (826) شخصية، ويعتبر هذا الكتاب مرجعا أساسيا لدراسة التاريخ العربي والإسلامي وقد ترجم إلى العديد من اللغات.
    ابن تيمية

    عالم ومصلح وفقيه حنبلي اسمه أبو العباس تقي الدين أحمد بن عبد الحليم. ولد لأبوين كرديين في حران عام 1263م، تعلم القرآن الكريم واللغة العربية صغيرًا. وانتقل مع أهله وعمره سبع سنين إلى دمشق إثر زحف المغول نحو بلده. تعلم في دمشق على يد أكثر من مائتي شيخ حتى وصفه بعض معاصريه بأنه ما تحدث في المسألة من العلم إلا وقال: ما سمعته إنه لا يعرف في العلم سواها من شدة ما يفصل فيها.
    كان عصر ابن تيمية مليئًا بالجدل الفكري والتغييرات السياسية، فقد اجتاح التتار بغداد قبل مولده ببضعة أعوام واحتلوا بعدها دمشق.
    شرع ابن تيمية في التأليف والتدريس بالشام ومصر، فألف كما يقول أبو المحاسن بن تغري بردي أكثر من خمسمائة مجلد وصلنا منها حتى الآن أقل من مائة مجلد، وكتب في نقد الفلسفة وعلم الكلام والتصوف، وجدد في الآراء الفقهية فقال باحتساب طلاق الثلاثة طلقة واحدة في المجلس الواحد.
    وكتب رسالة الحسبة بين فيها آراءه وأفكاره في الإصلاح الاجتماعي، وخاض بنفسه عمليات الحسبة فكان يدخل محال بيع الخمر بين المسلمين فيأمر بإغلاقها، وهاجم بيوت البغاء في مصر والشام، وألف رسالة في فضل العرب، وقال بوجوب العربية إذ كان حكام المسلمين من غير العرب كالأيوبيين قد انتشرت بينهم العجمة.
    وكتب ابن تيمية رسالة القتال، فبين فيها أن حكم رد الصائل فرض عين ولو كان مسلما، حيث كان المغول في عهده قد دخلوا الإسلام مع البقاء على ما هم فيه من بطش وفساد كما فعل السلطان غازان. وقال في رسالته تلك إن حكم دفع المغول فرض عين باعتباره جهاد دفع وليس جهاد طلب.
    وألف في مصر الرد على المنطقيين وفيه قدم نقدا للمنطق الأرسطي، وانتقد أيضا فلاسفة الإسلام من أمثال الفارابي وابن سينا وابن سبعين. ويُعد كتاب منهاج السُنة الذي ألفه فيما بين عامي 1316 و1320م من أهم كتبه، وكان ردًا على كتاب منهاج الكرامة للحلي تلميذ نصر الدين الطوسي.
    تعرض ابن تيمية للسجن في مصر ورأى ما فيها من عذاب، فطلب من السلطان بن قلاوون إصلاحها، كما وضع للسلطان كتابا حول السياسة الشرعية بين فيه دور الحاكم وواجباته.
    حرض الناس على الجهاد دفاعا عن دمشق من المغول، وسافر إلى مصر لحث ابن قلاوون على القتال، وكذلك فعل مع أمير العرب مهنا بن عيسى الطائي. ولما دارت المعركة في شقحب أو مرج الصفر جنوبي دمشق كان ابن تيمية قد حشد لها قوة كبيرة هيأت للمسلمين النصر، وفي تلك المعركة التي وقعت خلال رمضان أفتى ابن تيمية بالإفطار للجند وأنه خير من الصيام.
    لم يشفع لابن تيمية ما قدم، فقد استدعاه ابن قلاوون إلى مصر بعد أن وشى به بعض الفقهاء والمتصوفة والمتكلمين ورموه بتهم التجسيم والتشبيه وانتقاص قدر النبي محمد صلى الله عليه وسلم وأقوال أخرى حول عدم جواز الاستغاثة بالرسول الكريم أو بالأولياء، وحاول ابن تيمية أن يرد في مجلس السلطان بأن الاستغاثة لا تكون إلا بالله لكن الحكم كان قد صدر فحبس ثم أخرج ثم حبس ثم عاد إلى دمشق.
    اتهم ابن تيمية مرة أخرى في دمشق بنفس التهم، وحبس في سجن القلعة حتى مات في سجنه عام 1328م.


    سعيد النورسي

    الشيخ العالم والفقيه بديع الزمان النورسي، أثر في تاريخ تركيا الحديثة بعلمه ومكانته، وخاض معارك سياسية مدافعًا عن القرآن الكريم والإسلام الذي اعتبره دائمًا أهم من القومية، فلم يعرف عنه نشاط سياسي خاص بالكرد. عاش حياة حافلة بالإنجازات العلمية في قضايا الفقه والشريعة، وتعرض للأسر والنفي والملاحقات.
    ولد سعيد عام 1877م في قرية نورس الواقعة شرقي الأناضول بتركيا، حفظ القرآن الكريم مبكرًا، وتتلمذ على أيدي المشايخ والعلماء. وكان ذا ذكاء وبداهة ودقة ملاحظة وقوة ذاكرة وقدرة كبيرة على الاستيعاب والحفظ، الأمر الذي جعله ينال الإجازة العلمية وهو ابن أربعة عشر ربيعًا.
    تبحر في العلوم العقلية والنقلية، وحفظ الكثير من كتب علم الكلام والمنطق وكتب التفسير والحديث الشريف والفقه والنحو. كما عكف على دراسة العلوم الكونية الطبيعية في الرياضيات والفلك والكيمياء والفيزياء والجيولوجيا والجغرافيا والتاريخ والفلسفة الحديثة، وتعمق فيها إلى درجة التأليف في بعضها فسمي بـ "بديع الزمان" اعترافا من أهل العلم بذكائه الحاد وعلمه الغزير واطلاعه الواسع.
    أسس الاتحاد المحمدي عام 1909م رداً على دعاة القومية الطورانية والوطنية الضيقة، كجمعية الاتحاد والترقي وجمعية تركيا الفتاة، وتجول عام 1910م بين القبائل والعشائر الكردية في مدينة وان يعلمهم أمور دينهم.
    عين النورسي عام 1912م قائدًا لقوات الفدائيين الكرد الذين جاؤوا من شرقي الأناضول، واشترك هو وتلاميذه عام 1916م في حرب الدولة العثمانية ضد روسيا القيصرية.
    رفض جميع الوظائف التي عرضت عليه من قبل الدولة إلا ما عينته له القيادة العسكرية عام 1918م من عضوية في دار الحكمة الإسلامية التي كانت تضم كبار العلماء والشعراء والشخصيات، فنشر في هذه الفترة أغلب مؤلفاته منها تفسيره (إشارات الإعجاز في مظان الإيجاز، المثنوي العربي النوري, السنوحات، الطلوعات، لمعات، شعاعات) وسواها باللغة العربية.
    اعتزل النورسي الناس عام 1923م في مدينة وان وانقطع للعبادة على جبل أرَك، ورفض تأييد حركة الشيخ سعيد بيران ضد حكومة مصطفى كمال أتاتورك، لأنها تؤدي إلى اقتتال المسلمين فيما بينهم وإراقة دمائهم، وهذا لا يجوز شرعًا حسب رأيه.
    ورغم موقفه إلا أن الحكومة التركية ألقت القبض عليه ونفته إلى مدينة بوردور جنوبي غرب الأناضول، ثم نفي إلى مدينة بارلا في شتاء 1926م على أمل أن يلقى حتفه في بردها القارس، لكنه أمضى في منفاه ثماني سنوات ونصف السنة، ألف فيها معظم رسائل النور التي تصدى بها للعلمانيين والقوميين ودعا إلى إنقاذ الإيمان وعودة الإسلام إلى الحياة، وعودة المسلمين إلى دينهم وقرآنهم، وتحكيم شرع الله في سائر أمورهم وأحوالهم، ونسخت هذه الرسائل يدويا ونشرت من أقصى تركيا إلى أقصاها.
    توفي النورسي عام 1960م، ودفن في مدينة أورفه، ثم نقل رفاته إلى جهة غير معلومة.
    ابن الأثير

    عز الدين بن الأثير . ولد في مدينة "جزيره" في كردستان تركيا . أحد كبار المؤررخين في العصر الاسلامي، تمتع بثقافة واسعة وصاحب القائد صلاح الدين الأيوبي في معاركه. أشهر أعماله كتابه "الكامل في التاريخ " في 12 مجلدًا، يبدأ فيه بالتأريخ منذ بدء الخليقة وحتى عصره معتمدًا على منهج علمي مع ذكر شامل لكافة مظاهر الحياة وبشكل شمل معظم أنحاء العالم المعروفة آنذاك. تعتمد كتبه على النقد والتعليل والابتعاد عن الزخرفة الفظية مع تحليل ممتاز جعل رجال الفكر في الغرب يعتبرونه أحد أهم المؤرخين في تاريخ العالم.
    زرياب

    ولد ببغداد. يعتبر أكبر موسيقيي العصر الاسلامي. أعجب الخليفة هارون الرشيد بموهبته مما كان سببًا في حقد وحسد أستاذه اسحق الموصلي عليه وتهديده له ففر مُكرهًا إلى الأندلس حيث نال رعاية الخليفة هناك وقام بتأسيس أول مدرسة لتعليم الموسيقا معروفة حتى الآن. أبدع زرياب في كافة أصناف الموسيقا فقام باختراع شكل "الموشح" وابتكر العديد من المقامات الجديدة وأضاف وترا خامسًا للعود وأدخل تحديثات هامة في أساليب التلحين والإيقاع. كان لزرياب وموسيقاه تأثيرًا هامًا على تطور الموسيقا الأوربية.
    الدينوري

    أبو حنيفة أحمد بن داوود. ولد في دينو- كردستان ايران. من كبار علماء النبات والفلك في العصر الإسلامي. كان مثالاً في إتقانه العديد من العلوم وتمتع احترام كبير من معاصريه. درس النبات في مناطق مختلفة معتمدًا على التجريب والاستنتاج والمقارنة كما أقام مرصدًا فلكيًا في بيته. أشهر أعماله كتاب "النبات" الذي أصبح عمدة لطلاب الطب وعلم الأعشاب فلا يتخرج أحد الا بعد أن يستوعبه ويؤدي الامتحان فيه.
    ابراهيم واسحق الموصلي

    من يهود كردستان المتأسلمين. الأب ابراهيم الموصلي: كان أشهر مغنيي عصره وكان صديقًا للمهدي والرشيد، ولد في الكوفة وقام بتدريس الموسيقا بالموصل وأشتهر بالتلحين والغناء . توفي في بغداد سنة188هـ.
    الابن اسحق الموصلي: ولد في الري، كان ذو معرفة واسعة إلا أنه ركز على الموسيقا قبل كل شيء وكان من أنصار المدرسة الكلاسيكية. برع في التلحين والايقاع وألف ألحانا وكتبا عديدة. يقال أنه أول من وضع تصنيفًا للمقامات الشرقية واستطاع أن يتفوق على معاصريه. توفي سنة 235 هـ.
    إسماعيل بن علثي (أبو الفداء)

    اسماعيل بن علي الأيوبي: جغرافي وسياسي وشاعر، ولد بدمشق ويعود نسبه إلى شاهنشاه بن نجم الدين بن أيوب أخو السلطان صلاح الدين الأيوبي. برع في علم الجغرافية وكان ملكًا على حماة وبقي ملكًا عليها حتى بعد خروجها عن سيطرة الأيوبيين. كان له مجلس علمي شهير وكان يرعى العلماء ويساعدهم. أبهر آثاره كتابه "تقويم البلدان" الذي نال به شهرة واسعة وظل أهم كتاب في علم الجغرافية باللغة العربية حتى العصر الحديث . توفي أبو الفداء سنة 732 هـ.
    ابن فضلان

    وهو أحمد بن العباس أحد أشهر الرحالة في الاسلاميين، قاد رحلة إلى بلاد البلغار والخزر والروس استجابة لطلب ملك الفولكا. سجل تفاصيل غاية في الأهمية عن البلاد التي مر فيها. يعتبره مفكرو الغرب أحد أبرز أعلام التواصل الحضاري بين الشرق والغرب. تفاصيل حياته ووفاته ليست معلومة بشكل كاف.
    ابن شداد

    أبو المحاسن بهاء الدين. مؤرخ وسياسي كردي، ولد في الموصل ودرس ببغداد. اشتهر بالحكمة ورجاحة العقل. ولاه السلطان صلاح الدين الأيوبي قضاء العسكر وبيت المقدس، وقد رافق صلاح الدين في حروبه ودون أخبارها ووقائعها. عينه الملك غازي بن صلاح الدين قاضيا على حلب وبقي هناك حتى وافته المنية. أشهر كتبه "النوادر السلطانية والمحاسن اليوسفية" في وصف سيرة السطان صلاح الدين الأيوبي.
    ابن النديم

    محمد بن أبي يعقوب أبو الفرج. ولد في بغداد. كان من المعتزلة الشيعة، أهم كتبه "الفهرست" وهو أول تصنيف دقيق وموضوعي للحركات الثقافية التي ظهرت في عصره.
    عبد الرحمن الكواكبي

    ولد في حلب من أصل كردي. كاتب ومفكر وصحفي درس الشريعة الإسلامية وعمل في الصحافة. أسس جريدة الشهباء واشتهر بمعارضته للحكم العثماني الاستبدادي فسجن عدة مرات ونفي الى مصر بسبب ذلك، توفي في مصر مسموما من قبل الأتراك على الأرجح. أشهر أعماله "طبائع الاستبداد" و"أم القرى".

    سعيد بيران

    هو أبرز زعماء الكرد في تركيا وأول من قاد حركة مسلحة ضد سلطة الزعيم التركي كمال أتاتورك، للمطالبة بما يعتبره الكرد حقوقهم القومية التي وعدهم بها أتاتورك ثم تراجع عنها.
    ولد سعيد بن محمود بن علي في قرية بالو عام 1865م، وهو سليل أسرة دينية نقشبندية، حفظ القرآن الكريم ودرس الفقه والشريعة الإسلامية، وأصبح مرشدا للطريقة النقشبندية في بالو عقب وفاة والده وانتقال الزعامة الدينية إليه.
    خاض الشيخ سعيد العمل السياسي منذ بدء تأسيس الجمعيات في الدولة العثمانية عام 1908م، وأقام صلات مع العائلات الكردية الكبيرة في المناطق الكردية المختلفة، وعرف عنه انشغاله بالعلم وسعيه لتحديث علوم الدين ورغبته بإنشاء جامعة في مدينة وان الكردية على غرار الجامع الأزهر، لكن المشايخ التقليديين والحكام الأتراك وقفوا ضد رغبته.
    تولى عام 1924م رئاسة جمعية آزادي الكردية التي قررت القيام بحركة مسلحة شاملة ضد الحكم التركي للحصول على ما وصفوه الحقوق القومية للشعب الكردي، بعدما تراجع أتاتورك عن وعوده للكرد بمنحهم حكما ذاتيا في مقابل مساعدتهم له في حروبه ضد أعدائه، وبعد اعتقاله بعض قادة جمعية آزادي.
    نشبت حركته المسلحة قبل حلول ربيع عام 1925م وسرعان ما امتدت المعارك إلى 14 ولاية تمثل معظم الأراضي الكردية جنوب شرقي تركيا، وشارك فيها نحو 600 ألف كردي ومعهم مجاميع من الشركس والعرب والأرمن والآثوريين كما تقول الروايات الكردية، وتمكن المقاتلون الكرد من تحقيق مكاسب عسكرية مهمة وحاصروا مدينة ديار بكر الإستراتيجية، لكن قوات أتاتورك فكت الحصار وتمكنت من قمع الحركة بشدة وقسوة.
    حاول الشيخ سعيد أن ينجو بمقاتليه عبر دعوته لهم للتراجع، لكن القوات التركية أحكمت الطوق حولهم، واعتقلت الشيخ سعيد وقادة الحركة أواسط أبريل/ نيسان 1925م، وحكمت عليه بالإعدام الذي نفذ بحقه مع 47 من قادة الكرد يوم 30 مايو/ أيار من نفس العام.



    التعديل الأخير تم بواسطة الدبابة الشيشانى ; 15-06-2012 الساعة 03:07 PM

  5. #15
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    المشاركات
    575
    آخر نشاط
    09-03-2020
    على الساعة
    10:50 AM

    افتراضي

    اخوانى الاحبه
    هل تعلمون من هو




    محمد بن القاسم ... فاتح بلاد السند !!


    بقلم / محمود حافظ



    بقايا مسجد محمد بن القاسم ب(الرور) بباكستان !!


    إن فى تاريخ هذه الأمة من القدوات فى شتى المجالات ما ليس فى أمة من أمم الأرض منذ أن خلق الله الأرض ومن عليها !! ومن ضمن هذه المجالات ... الجهاد فى سبيل الله وبذل الروح والنفس لإعلاء كلمة الله .. فظهر فى هذه الأمة من القادة والفاتحين مالا يوجد فى أمة من الأمم من لدن آدم الى قيام الساعة !!!

    لو استطعنا حصر اسماء القادة والفاتحين فى تاريخ الإسلام , ماستطعنا الى ذلك سبيلا !! .. وكانت أعظم عصور الجهاد فى تاريخ المسلمين هى العصور المتقدمة لا سيما فى صدر الدولة الأموية !!

    وظهر فى عهد الدولة الأموية قادة وفاتحين وعظماء ومن ضمن اولئك القادة مسلمة بن عبد الملك وقتيبة بن مسلم وموسى بن نصير وطارق بن زياد وغيرهم الكثير !!

    وكان من أعظم اولئك القادة هو صاحبنا البطل القائد الفاتح الغلام الشاب محمد بن القاسم رحمه الله !! .. الذى طرق بخيلة أبواب الهند وقضى على ملوكها ودخل فى عهده الآلاف من الهنود فى الإسلام !!

    فمن كان محمد بن القاسم وما قصته !! .. هذا ما سنعرفه الآن , ومصادرى فى ذلك هى :


    مصادر الدراسة :
    · البداية والنهاية لابن كثير – طبعة المكتبة التوفيقية بمصر تحقيق عماد زكى البارودى وخيرى سعيد

    · الكامل فى التاريخ لابن الأثير – طبعة دار الكتب العلمية بيروت 1987 تحقيق أبى الفداء عبد الله القاضى

    · الدولة الأموية : عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار للدكتور على الصلابى – طبعة دار المعرفة بيروت 2005

    · قادة فتح السند وأفغانستان للواء الركن محمود شيت خطاب – طبعة دار الأندلس الخضراء بجدة 1998

    · الإعلام بمن فى تاريخ الهند من الأعلام لعبد الحى الحسنى "رحمه الله " – طبعة دار ابن حزم 1999

    · بلاد الهند فى العصر الإسلامى منذ فجر الإسلام حتى الغزو التيمورى لعصام الدين عبد الرؤوف الفقى طبعة دار عالم الكتب 1980



    نبدأ باسم الله وبه الثقة وعليه التكلان :


    ظلّ فتح الهند حلم يراود المسلمين من العصور الأولى وفى زمن الخلفاء الراشدين وبدأ التوجه لبلاد السند (باكستان حاليا) منذ زمان الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضى الله عنه .. وكان انتصار المسلمين فى معركة القادسية فى عهد عمر بن الخطاب إيذانا لهم بفتح السند , فقد استنجد كسرى الفرس ببعض ملوك البلاد المجاورة ومنها مملكة السند, حيث أمده ملك السند بالمال والرجال, الأمر الذى اضطر المسلمين بمهاجمة السند ردا على تدخلهم ضدهم فى معركة القادسية, ولذلك فإن البلاذرى يحدثنا عن حملات إسلامية مبكرة على السند كان أولها فى عهد عمر بن الخطاب, وكان ثانيها فى عهد على بن أبى طالب, كما نفهم من رواية البلاذرى أن عثمان بن عفان كان ايضا مهتما بتقصى تحركات السند(1) , ولكن كانت أكبر الحملات التى وُجهت الى الهند وأعظمهما على الإطلاق هى تلك الحملات التى قادها القائد الفذ محمد بن القاسم فى زمان الدولة الأموية !!


    وقبل البدأ فى سرد أحداث حملات محمد بن القاسم وبسط سيرته العطرة , كان من الواجب ان نذكر حديثا لرسول الله صلى الله عليه وسلم أخرجه ابن عساكر فى (تاريخه) (52/248) عن ثوبان مرفوعا " عصابتان من أمتى أجارهما الله من النار , عصابة تغزو الهند وعصابة تكون مع عيسى بن مريم " – صححه الألبانى(2) فنرجو بذلك الحديث ان يكون محمد بن القاسم وجيشه داخلاً فى هذا الحديث , ونسأل الله لهم الفردوس الأعلى وأن يلحقنا بهم على أحسن حال ....


    ولادته ونشاته :

    هو محمد بن القاسم بن محمد بن الحَكَم بن أبى عقيل بن مسعود بن عامر بن مُعَتِّب الثقفى(3), وُلد محمد بن القاسم الثقفى عام 72هـ (4), وكان أبوه القاسم بن محمد واليا على البصرة للحجاج بن يوسف , فنشأ محمد منذ نعومة أظفاره بين الأمراء والقادة : أبوه أمير , وابن عم أبيه الحجّاج أمير العراقيين(5), وظهرت علامات النبوغ والقيادة على محمد بن القاسم منذ صغره وهو مازال فتى صغيرا وكان محط أنظار ابن عمّ أبيه الحجّاج بن يوسف الثقفى - وكان بمثابة عمّه - كما سيأتى بيانه ان شاء الله ...


    مازالت سيرة محمد بن القاسم تُطبع وتباع فى باكستان والهند !!!


    بدأ فتوح الهند :

    كانت بلاد السند هى بوابة مملكة الهند ومفتاح شبه القارة الهندية , وكانت وقتها الدولة الإسلامية فى ريعان شبابها وكانت تمتلك أعتى الجيوش وكانت الفتوحات الإسلامية تتوسع شرقا وغربا وشمالا وجنوبا , وكان خليفة المسلمين وقتها هو الوليد بن عبد الملك – رحمه الله , وكان والى العراق والمشرق هو الحجّاج بن يوسف الثقفى .. وكانت الدولة الإسلامية حينئذ هى أقوى الدول فى العالم ويخطب ودّها كافة الممالك المجاورة كالدولة البيزنطية وعاصمتها القسطنطينية وكممالك الهند والسند وكان أعظم ملوكها وأقواهم بأساّ هو الملك (داهر) بن صصَّة والملك (دوهر) وكانت هناك ممالك الصين !!


    وكانت الدولة الأموية هى أكثر الدول الإسلامية جهادها وأعظمها غزواً وأجلّها فتوحاً , وفى هذا المقام نذكر ما قاله ابن كثير عن تلك الدولة الأموية المجيدة(6) : " فكانت سوق الجهاد قائمة فى بنى أمية ليس لهم شغل إلا ذلك, قد علت كلمة الإسلام فى مشارق الأرض ومغاربها وبرها وبحرها, وقد أذلوا الكفر وأهله , وامتلأت قلوب المشركين من المسلمين رعبا, لا يتوجه المسلمون الى قطر من الأقطار إلا أخذوه , وكان فى عساكرهم وجيوشهم فى الغزو الصالحون والأولياء والعلماء من كبار التابعين, فى كل جيش منهم شرذمة عظيمة ينصر الله بهم دينه, فقتيبة بن مسلم يفتح فى بلاد الترك, يقتل ويسبى ويغنم, حتى وصل الى تخوم الصين...., ومسلمة بن عبد الملك بن مروان وابن أمير المؤمنين الوليد وأخوه الآخر يفتحون فى بلاد الروم ويجاهدون بعساكر الشام حتى وصلوا الى القسطنطينية, وبنى بها مسلمة جامعا يُعبد الله فيه , وامتلأت قلوب الفرنج منهم رعبا , ومحمد بن القاسم ابن أخى الحجاج يجاهد فى بلاد الهند ويفتح مدنها فى طائفة من جيش العراق وغيرهم , وموسى بن نصير يجاهد فى بلاد المغرب ويفتح مدنها فى طائفة وأقاليمها فى جيوش الديار المصرية وغيرهم. وكل هذه النواحى إنما دخل أهلها فى الإسلام وتركوا عبادة الأوثان " أ.هـ , ولم تتوجه الجيوش الإسلامية الى السند بشكل مباشر حتى كانت الحادثة التى غيرت مجرى التاريخ بعد ذلك ودخل الإسلام على إثرها بلاد السند وبدأ التوغل الى الهند .. وهى الحادثة التى حدثت فى عهد الحجاج بن يوسف !!



    المسلمون فى عهد الدولة الأموية ... واااااااااااهٍ يا أيام العزة !!



    يذكر البلاذرى – فى فتوح البلدان – ان البوارج الهندية قد استولت على سفينة كانت تحمل نساء مسلمات أرسلهنّ ملك جزيرة الياقوت(7) هدية الى الحجّاج بن يوسف , فنادت امرأة من تلك النسوة وكانت من يَرْبوع : يا حجّاج! وبلغ الحجّاج ذلك فقال : يا لبيك , فأرسل الى داهر يسأله تخلية النسوة , فقال : أخذهن لصوص لا أقدر عليهم(8).. فأنف الحجاج وأخذته حمية وغيرة وأرسل الجيوش لفتح الهند ... واااااااااااااااااااهٍ يا أيام العزة !!


    كانت استغاثات النساء فى زمان العزة تكفى لأن تتحرك من أجلهنّ الجيش العرمرم , كانت استغاثة المرأة هى التى حركت جيوش المسلمين للهند , وكانت استغاثة المرأة الهاشمية فى زمان المعتصم – غفر الله له – هى التى حركّت 920.000 جندى – كما فى رواية ابن خلدون – لفتح عمّورية أقدس بقاع النصارى , وكانت صرخة ثلاث نسوة مأسورات بالكنيسة هى التى حركت المنصور بن أبى عامر بالأندلس الى جنوب فرنسا وأقسم أنه لن يرجع من أرض النصارى حتى يكتسح الكنيسة !!


    رب وامعتصماه انطلقت *** ملء أفواه الصبايا اليتم
    لامست أسماعهم لكنها *** لم تلامس نخوة المعتصم


    هنالك تبدّى للحجاج مدى الإهانة التى تلحق بهيبة المسلمين وخطورتها إن هو سكت على هذا الأمر(9), وبدأ الحجاج بن يوسف يجهّز جيوش المسلمين التى ستغزو بلاد الهند , وجهّز الحجاج ستة آلاف مجاهد بكامل عدتهم وعتادهم وجهّزهم بكل ما يحتاجون اليه , حتى الخيوط الإبر والمال(10), وبلغ أما أنفقه الحجاج بن يوسف على تلك الحملة ستون ألف ألف درهم(11) !! , وهنا بدأ الحجّاج ينظر فيمن يوليّه على هذا الجيش الذاهب الى منطقة خطيرة ووعرة !!



    أول مسجد فى شبه القارة الهندية بناه محمد بن القاسم بمدينة الديْبل (كراتشى) حاليا بباكستان



    فوقع عينه على ابن اخيه القائد الشاب محمد بن القاسم .. ولا نتعجب من إختيار الحجاج بن يوسف لمحمد بن القاسم لقيادة الجيوش .. ولكن نتعجب لمّا نعلم أن عُمْر محمد بن القاسم وقتها كان 17 سنة فقط !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!




    سبعة عشر عاما .. أى كان شاب فى عمر الزهور .. فى عمر شاب فى الثانوية العامة الآن !! , وفيه يقول حمزة الحنفى(12)

    إن المروءة والسماحة والندى *** لمحمد بن القاسم بن محمدِ
    ساسَ الجيوش لسبعَ عشرَ حجةً *** يا قُرْبَ ذلك سؤدداً من مولدِ


    يالله .. أى فتى كان محمد بن القاسم !!

    سبعة عشر عاما ويقود جيوش المسلمين لفتح أكبر الممالك فى ذلك الوقت ويُقاتل أكبر ملوك الهند فى ذلك الوقت !!



    فهلمّ بنا نرصد تحركات محمد بن القاسم وفتوحه وبلائه فى جبهة الهند :

    أمر الحجاج بن يوسف الأمير الشاب محمد بن القاسم ان يُقيم بشيراز حتى يكمل حشد رجاله ويوافيه ما أعدّ له(13), ثم مضى محمد بن القاسم الى مُكران(14) فأقام بها أياما ثم مضى نحو مدينة (فنزبور) (15), ففتحها وهزم جيوش الملك داهر ,ثم أتى مدينة (أرمائيل) وهى من المدن الكبرى بين مكران وبين أعظم مدن السند (الديْبل) فاستطاع ان يفتحها وضمّها الى باقى البلاد التى فتحها منذ أن وطأت خيله أرض السند .. !!



    بقايا قلعة داهر بإقليم السند !!


    ثم واصل محمد بن القاسم فتوحه ومسيره حتى وصل الى مدينة الديْبل أعظم وأهم مدن السند وأهمها , فقدمها يوم جمعة ووافته سفن كان حمل فيها الرجال والسلاح والأداة , فخندق حين نزل الديْبل وأنزل الناس منازلهم ونصب منجنيقا يُقال له العروس كان يمد به خمسمائة رجل(16), وهنا تتجلى عبقرية محمد بن القاسم العسكرية ودهاءه العجيب .. لما حاصر محمد بن القاسم تلك المدينة (الديْبل) (17) طال حصاره , وكان بها معبد كبير للهنادكة ومنصوب على هذا المعبد سارية عظيمة مربوط بها راية حمراء وكان الهنود يعظمون هذا المعبد وتلك الراية , فأمر محمد بن القاسم جنوده المدربين أن يقذفوا هذه الراية ويسقوطها بالمنجنيق .. فرمى المعبد بحجر المنجنيق (العروس) فكسره فتشائم الكفار لذلك وانحطت معنوياتهم بذلك , وظل محمدا محاصرا الديْبل حتى خرج اليه الهنود وحماة البلد ولكنه هزمهم حتى ردهم الى البلد, ثم أمر بالسلالم فنصبت وصعد عليها الرجال, وكان أول صعودا رجلا من بنى مراد من أهل الكوفة , ففتحت المدينة عنوة فاستباحها محمد ثلاثة أيام , ولكنّ عامل "داهر" ملك السند عليها هرب عنها سالماً(18), واستولى المسلمون على الديْبل وأقام بها محمد بن القاسم مسجداً , وترك بها حامية تتكون من أربعة آلاف جندى , وأصبحت الديْبل أول مدينة عربية فى الهند(19) ... وكان هذا المسجد الذى بناه محمد بن القاسم هو أول مسجد بُنى فى هذا المنطقة(20)!!



    أول مسجد فى شبه القارة الهندية بناه محمد بن القاسم بمدينة الديْبل (كراتشى) حاليا بباكستان


    ونزل الخبر على "داهر" كالصاعقة , على أن "داهر" لم يستسلم للهزيمة, بل عول على مقاومة الزحف الإسلامى , فاتجه الى الداخل , وأعد العدة لاستئناف القتال فى موضع يقع شرق مصب نهر السند ظنا منه أن النهر يعرقل عبور المسلمين له(21) ....



    مقتل الملك "داهر" ملك السند ....


    ثم أتى محمدٌ (البيرون) (22) فصالحه أهلها , وجعل محمد لا يمر بمدينة إلا وفتحها وهزم جيوشها , ثم سار الى نهر (مِهران) فزل فى وسطه, وبلغ خبره "داهر", فاستعد لمجابهته(23), وعبر محمد بن القاسم النهر مما يلى بلاد الملك "راسل" ملك مدينة (القَصّة =كَجْ) وهى من بلاد الهند , وهناك لقى محمد بن القاسم قوات الملك "داهر" أعظم ملوكهم وكان يمتطى فيله وحوله الفيلة والخيول والجيوش العظيمة , وبدأت معركة عنيفة وشرسة واقتتلوا قتالا شديدا لم يُسمع بمثله(24) واستخدم الهنود الفيلة والنبال والنفط واستمر القتال حتى المساء وترجل "داهر" وظل يُقاتل حتى قُتل ولله الحمد والمنة , وانهزم أصحابه وقتلهم المسلمون كيف شاءوا(25), وكان الذى قتله – أى "داهر" – القاسم بن ثعلبة بن عبد الله الطائى(26), فقال– رحمه الله – فى هذه المناسبة يفتخر بقتله للملك "داهر"(27):


    الخيلُ تشهد يوم داهَرَ والقَنا *** ومحمدُ بن القاسم بن محمدِ
    أنّى فَرَجْتُ الجمع غير مُعرِّدِ *** حتى علوتُ عظيمهم بمُهنَّدِ

    فتركتُه تحت العَجاج مُجندلاً *** متعفّر الخدّين غير موسّدِ


    وكان هذا الإنتصار من أعظم إنتصارات محمد بن القاسم , وتخلص بذلك من أكبر ملوك السند وهو "داهر" , ثم واصل محمد بن القاسم فتوحاته , فلا يمرّ على بلد إلا فتحها وأذل ملوكها , وأذعنت له الممالك وذلت له جنود الهند ولم تكن هناك قوة أمامه إلا قوة الملك "دوهر" ملك "الكيرج" .. فأتى المدينة العتيقة (برهمناباد) وكان فيها فلول جيش "داهر" , فقاتلوه , ففتحها محمد عنوة , وقتل بها ثمانية آلاف , وقيل : ستة وعشرين ألفا , وخلّف فيها عامله(28).. الله أكبر والعزة لله ...



    نموذج لمنجنيق استخدمه المسلمون فى فتوح السند أيام محمد بن القاسم !!


    ثم واصل محمد تقدمه حتى وصل الى مدينة (المُلْتَان) أعظم مدن السند الأعلى وأقوى حصونه ,فامتنعت عليه شهورا وقاتله أهلها, فانهمزموا(29), وكان بتلك المدينة معبدا من أكبر معابك الهنود فى هذا المنطقة , وكانت تُهدى اليه الأموال وتُنذر له النذور وويحجون اليه وكان به صنم كبير يزعم الهنود أنه أيوبعليه الصلاة والسلام – وكان الهنود يطوفون به ويلحقون روؤسهم ولحاهم عنده , وكان فى هذا المعبد قناطير مقطنرة من الذهب والفضة , ثم جاء رجل من أهل المدينة مستأمن فدلّ محمد بن القاسم على مكان الماء الذى يشرب منه أهل "الملتان" فقطع الماء عنهم , فاشتد عليهم الأمر حتى نلزوا على حكمه , فقتل محمد المقاتلة وسبى الذرية , ثم سبى سدنة المعبد وهم ستة آلاف , وأصاب محمد مالاً كثيرا جمعه فى بيت طوله عشرة أذرع وعرضه ثمانية أذرع يُلقى اليه من كوة فى وسطه , فسميت (الملتان): فرج – ثغر – بيت الذهب(30)....


    كان إستيلاء العرب على الملتان أهمية كبيرة, نظرا لأهميتها الكبيرة عند الهنود من الناحية الدينية, إذ يوجد به المعابد الكبيرة يحج إليها الهنود من كل حدب وصوب, ويهدون الأموال الى الصنم المقام هناك, وينذرون له النذور, ويطوفون به ويحلقون روؤسهم ولحاهم عنده, وبسقوط الملتان فى ايدى العرب اصبح وادى السند بأكمله فى حوزتهم(31)... !!


    ولقد أنجز محمد بن القاسم هذا الفتح فى المدة بين سنة 89هـ الى سنة 94هـ , وازداد إعجاب الحجاج بن يوسف بابن أخيه محمد بن القاسم وازدادت مكانة محمد بن القاسم فى نفوس المسلمين ..


    وعظمت فتوحات محمد بن القاسم وكثرت الغنائم جدا , حتى أن الحجاج بن يوسف نظر فى النفقة على ذلك الثغر – السند – فكانت ستين ألف ألف درهم !! , ونظر فى الذى حُمل فكان مائة ألف ألف وعشرين ألف ألف فقال : شفينا غيظنا , وأدركنا ثأرنا , ازددنا ستين ألف ألف درهم ورأس (داهر) (32).. الله أكبر والعزة لله !!



    أول مسجد فى شبه القارة الهندية بناه محمد بن القاسم بمدينة الديْبل (كراتشى) حاليا بباكستان


    وفى عام 95هـ هلك الحجاج بن يوسف الثقفى والى العراق وخراسان وسجستان , وكان محمد بن القاسم وقتها فى الملتان , فعاد الى (الرور) , ثم وجه جيشا الى مدينة (البيْلمان) ففتحوها صلحا , وواصل محمد بن القاسم فتوحاته وولّى وجهه شطر مملكة (الكيرج)(33) وهى من اكبر مدن السند وكان ملكها "دوهر" من أقوى الملوك بعد "داهر" وله جيش قوى , فأتى محمد بن القاسم "الكيرج" ونازل أهلها وقاتل "دَوْهَر" وحدثت معركة عنيفة قُتل فيها "دوهر" وانتصر المسلمون فى هذه المعركة إنتصارا ساحقاً , وبذلك استطاع محمد بن القاسم ان يقضى على أكبر ملكين فى إقليم السند , وفى هذا يقول الشاعر(34):

    نحن قتلنا داهرا ودوهراَ *** والخيل تردى مِنْسَراً فمَنْسَرا


    وظلّ محمد بن القاسم يتقدم من نصرٍ الى نصر , وكان يستعد لفتح مملكة (قَنوج) أعظم إمارات الهند , وكانت تمتد من السند الى (البنغال), وكان قد أوفد بعثة من رجاله الى ملكها تدعوه الى الإسلام او الجزية, فردّ الملك الوفد ردّا غير كريم , فأخذ محمد يعد العدّة لفتحها وجهز جيشا فيه عشرة آلاف من الفرسان(35), وبينما كان يتهيأ لهذا الفتح العظيم إذ جاءه خبر وفاة الخليفة الوليد بن عبد الملك وتولى أخوه سليمان بن عبد الملك الخلافة ..!!!



    نهاية محمد بن القاسم :


    كانت وفاة الوليد بن عبد الملك 96هـ وتولى سليمان بن عبد الملك خليفة المسلمين هى نهاية محمد بن القاسم الثقفى رحمه الله , وذلك بسبب البغض الذى كان يكنّه سليمان بن عبد الملك للحجاج بن يوسف الثقفى وأهل بيته وكل عمّاله على الأقاليم والثغور ...


    لأن الوليد بن عبد الملك فى آخر أيامه أراد أن ينزع أخاه سليمان بن عبد الملك من ولاية العهد ويعطيها لابنه عبد العزيز بن الوليد .. فبايع الحجاج بن يوسف الوليد فى خلع سليمان !! ..


    بقايا مسجد محمد بن القاسم بمدينة (الرور) !!


    فلما تولى سليمان بن عبد الملك الخلافة بدأ يغيّر ولاة الحجاج , وأعطى العراق لرجلا كان من ألدّ أعداء الحجاج وهو صالح بن عبد الرحمن , وكان الحجاج قد قتل أخوه سابقا , فقرر صالح بن عبد الرحمن أن ينتقم من أقرب الناس الى الحجاج وهو محمد بن القاسم, فعزله عن السند وولى رجلا من صُنّاعه وهو يزيد بن أبى كبشة, وأمره بالقبض على محمد(36).... وبدأت المآساة !!


    أخذ يزيد بن كبشة السكسكى أمير السند الجديد محمد بن القاسم وقيّده وحمله الى العراق , فقال محمد بن القاسم متمثلاً(37) :


    أضاعونى وأىّ فتى أضاعوا *** ليوم كريهة وسداد ثغرِ


    وهنا بكى أهل السند على محمد بن القاسم , فقد كان قائدا يحكم بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم , ولحسن معاملته لهم وتأمينهم على أموالهم وأنفسهم وإطلاق حرية العبادة لهم(38), ورحب الهنود بحكم المسلمين لهم لأنهم قاسوا كثيرا من ظلم وجور الهندوس , وتجلى ذلك فى إقبالهم على محمد بن القاسم يدقون الأجراس ويقرعون الطبول ويرقصون رقصاتهم الشعبية(39). !!


    فلما وصل محمد بن القاسم الى العراق , حبسه صالح بن عبد الرحمن بـ(واسط) , فقال محمد رحمه الله (40) :


    فلئن ثَويتُ بواسطْ وبأرضها *** رهن الحديد مكبلاً مغلولا
    فلرُبّ قَينةَ فارسٍ قد رَعَتْها *** ولربَّ قَرنٍ قد تركتُ قتيلا


    وقال أيضا :


    ولو كنت أجمعَتُ الفِرارَ لوطئتُ *** إناثٌ اُعدّت للوَغَى وذكورُ
    وما دخلتْ خيلُ السكاسِكِ أرضنا *** ولا كان من (عَك)(41) علىّ أميرُ
    ولا كنت للعبد (المزونى)(42) تابعاً *** فيالك دهرٌ بالكرامِ عثورُ


    وكان محمد بن القاسم يهتف فى أعماق سجنه وفى ظلماته :


    أتنسى بنور مروان سمعى وطاعتى *** وإنى على ما فاتنى لصبور
    فتحت لهم ما بين (سابور) بالقنا *** الى (الهند) منهم زاحف ومغير

    فتحت لهم ما بين (جُرجان) بالقنا *** الى الصين القى مرة وأُغير


    فعذبه صالح بن عبد الرحمن حتى قتله , ويُقال بأن صالح بن عبد الرحمن عذّب محمدا فمات من العذاب(43).. عام 96هـ رحمه الله !!




    مات القائد الفاتح الشاب الذى لم يتجاوز عمره سبعة عشر عاما حين قاد جيوش المسلمين لفتح بلاد الهند , الذى قال فيه يزيد بن الأعجم :


    ساس الجيوش لسبع عشر حجة *** ولداته عن ذاك فى أشغالِ
    فغدت بهم أهواؤهم وسمت به *** همم الملوك وسورة الأبطالِ



    وما أجمل أن نختم بكلمات اللواء الركن محمود شيت خطاب – رحمه الله - (44):

    " مات محمد بن القاسم بالتعذيب, أو قُتل بعد تعذيبه, دون أن يشفع لهذا القائد الشاب, بلاؤه الرائع فى توسيع رقعة الدولة الإسلامية, ولا مهارته الفذة فى القيادة والإدارة, ولا انتصاراته الباهرة فى السند, ولكنّ آثاره الخالدة لا تموت ابداً, وأعماله المجيدة باقية بقاء الدهر, ولم يختره الله الى جواره, إلا بعد ان أبقى اسمه على كل لسان, وفى كل قلب, رمزاً للجهاد الصادق والتضحية الفذة والصبر الجميل .


    أما الذين عذبوه, فقد ماتوا وأهم أحياء, ولا نزال حتى اليوم نذكر محمد بن القاسم بالفخر والإعتزاز, ونذكر الذين عذبوه بالخزى والاشمئزاز. لقد عذب اولئك النفر أنفسهم حين عذبوه, وقتلوا أنفسهم حين قتلوه, وقد غيّبوا بظلمهم الأسود جسده, ولكنهم طهروا روحه ورفعوها الى السماء, على حين أظهروا أجسادهم لمدة قصيرة وغيبوا أرواحهم فى الظلمات .


    لقد أخذوا بيده الى الجنة , وأخذوا بأيديهم الى النار !!! " أ.هـ


  6. #16
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    المشاركات
    575
    آخر نشاط
    09-03-2020
    على الساعة
    10:50 AM

    افتراضي


    هل تعلم من هو
    بركة خان




    شهدت بداية القرن السابع الهجري الزحف المغولي الرهيب على العالم الإسلامي, بقيادة السفاح جنكيزخان, الذي اجتاح كل المناطق المحيطة به في سرعة خاطفة, والتهم في طريقه الصين وممالك العالم الإسلامي في آسيا, وواصل أبناؤه من بعده سياسته التدميرية, وحينما مات لم يدري أن أحد أحفاده سيدخل دين الإسلام, بل ويحارب قومه من أجل رفعة الدين الذي حاربه جنكيز خان طويلا.

    في عام 616 هجريا - 1219 م دخل وفد من تجار التتار بلاد السلطان محمد بن خوارزم شاه, سلطان الدولة الخوارزمية, والتي كانت مجاورة لمملكة جنكيزخان في منغوليا بشمال الصين. كان دخول التجار بداية أنهار الدماء التي سالت بين المسلمين, بعدما قبض عليهم أحد أتباع خوارزم شاه وقتلهم لشكه أنهم جواسيس للمغول.

    ودارت حربا رهيبة بين الطرفين, لم يثبت فيها خوارزم شاه رغم قوة جيشه, وانساب المغول في بقاع العالم الإسلامي يقتلون ويحرقون..حتى ظن البعض أنها النهاية للإسلام والمسلمين. وكان من هؤلاء المؤرخ الشهير ابن الأثير صاحب كتاب "الكامل في التاريخ", فقد كتب يقول بعدما أعرض سنوات عن ذكر فظائع المغول في بلاد المسلمين:

    "لقد بقيت عدة سنين معرضاً عن ذكر هذه الحادثة استعظاماً لها كارهاً لذكرها, فمن الذي يسهل عليه أن يكتب نعي الإسلام و المسلمين، ومن الذي يهون عليه ذكر ذلك، فياليت أمي لم تلدني، ويا ليتني مت قبل هذا و كنت نسياً منسياً".

    وكان ابن الأثير محقا فيما ذهب, فغارات المغول لم يسبق لها مثيل في تاريخ البشرية من الفظاعة والسفك والدماء التي سالت, حتى أن المؤرخ الأمريكي ويل ديورانت كتب يقول " ولسنا نعرف أن حضارة من الحضارات في التاريخ قد عانت من التدمير الفجائي ما عانته الحضارة الإسلامية على أيدي المغول".. وبرر اعتقاده هذا بأن الجرمان الذين دمروا الدولة الرومانية كانوا يكنون بعض الإجلال للدولة المحتضرة التي يعملون على تدميرها, أما المغول فقد أقبلوا وارتدوا في 40 عاما لا أكثر, ولم يأتوا ليفتحوا ويقيموا, بل جاءوا ليقتلوا وينهبوا ويحلمون ما يسلبون إلى منغوليا.

    وقد حاول المسلمون رد هجمة التتار ما استطاعوا, وبذل الكثير منهم أرواحهم في وقف زحفهم المدمر, وكان من هؤلاء المجاهدين السلطان علاء الدين بن محمد بن خوارزم شاه, الذي جمع شمل جيش دولته من جديد ودخل في معارك دامية مع التتار, وحقق للمسلمين نصرا غاليا رفع من روحهم المعنوية, وأثبت فيه الحكمة الخالدة بأن اتحاد المسلمين كافي لتحقيق النصر.

    ولم تدم فرحة النصر طويلا, بعدما دب الخلاف في الجيش لاختلاف قواده على الغنائم, فتفرق شمله, وفي هروب علاء الدين المخزي تفرق عنه بعض أهله, ومنهم ابن أخته الأمير محمود.

    ولعل الله أراد بذلك خيرا, فقد باع تجار الرقيق محمود في أسواق النخاسة, لثري من أثرياء الشام, ومنه انتقل إلى مصر, ودارت الأيام دوراتها, وحقق للإسلام نصر عين جالوت, وكأن الله أراد أن تكون بداية زحف المغول على يد بيت خوارزم شاه, وبداية نهايتهم على يد أحد أبناء نفس البيت.

    ولم تقف حكمة الله عند ذلك, فقد دخل الإسلام بيت جنكيزخان..وأسلم حفيده بركة خان..بل وحارب قومه المغول من أجل الإسلام.

    قصة دخول بركة الإسلام

    قبل وفاته؛ قسم السفاح المغولي مملكته الواسعة بين أولاده الأربعة, فكان نصيب ابنه الأكبر "جوجي" بلاد روسيا وبلغاريا والقوقاز, وورث بركة خان عرش أبيه عام 652 هجريا, أي قبل سقوط بغداد بأربع سنوات.

    كان
    إسلامه صدمة كبيرة بالنسبة لباقي أفراد البيت المغولي الحاكم, وأيضا لمؤرخي الغرب فيما بعد, فهي المرة الأولي في التاريخ التي يدخل فيها المنتصرين دين المغلوبين.

    فقد انساب بين المغول دعاة من المسلمين, يشرحون ويبسطون لهم تعاليم الإسلام. وكان من هؤلاء الدعاة, وكما يخبرنا المؤرخ بيبرس الدوادار, الشيخ نجم الدين كبرا, الذي علا صيته, وبث مريديه إلى المدن العظام ليظهروا بها شعائر الإسلام.

    وذهب أحد أتباعه إلى الأمير بركة خان "فاجتمع به ووعظه وحبب له الإسلام وأوضح منهاجه, فأسلم على يده واستمال بركة عامة أصحابه إلى الإسلام.. وأسلمت زوجته واتخذت مسجدا من الخيم يحمل معها حيث اتجهت ويضرب حيث نزلت".

    وحينما أسلم بركة خان أقام منار الدين, وأظهر شرائع الإسلام, وأكرم الفقهاء, والعلماء وأدناهم ووصلهم واتخذ المساجد والمدارس بنواحي مملكته وأخذ الإسلام جل عشيرته .



    كفاح من أجل الإسلام

    حاول بركة خان وقف الزحف المغولي على بغداد, فدخل في حروب مع هولاكو الذي نقم عليه
    إسلامه وطمع في الاستيلاء على أراضي مملكته, فسار بركة للقائه, ولقي هولاكو هزيمة هلك فيها أغلب جيشه. ومن هذه السنة – 653 هجريا – نشأت الحرب بين الطائفتين مغول القبيلة الذهبية بقيادة بركة خان ومغول فارس بقيادة هولاكو وأبنائه من بعده.


    وبعد سقوط بغداد, استغل بركة خان وفاة خان المغول الأكبر, وأشعل نار حرب أهلية بين أفراد البيت المغولي في نزاعهم على منصب الخان, وقد تسبب هذا الصراع في عودة هولاكو من الشام مسرعا, مصطحبا معه أغلب جيشه الجرار. تاركا بعضه مع قائده "كتبغا" الذي لاقي الهزيمة على أيدي المسلمين في معركة عين جالوت الخالدة 658 هجريا, والتي أنقذت العالم من الزحف المغولي المدمر.


    واستمر بركة خان في حروبه مع هولاكو وأبنائه, وعمل في نفس الوقت على مد العلاقات الدبلوماسية السلمية مع المماليك في مصر, وزوج ابنته من السلطان الظاهر بيبرس, وأنجبت غلاما أطلق عليه أبيه اسم جده بركة خان.


    وتطورت العلاقات بين الجانبين, فأمر بيبرس بالدعاء للخان التترى على منابر القاهرة والقدس والحرمين الشريفين بمكة المكرمة والمدينة المنورة.



    دولة المغول في القوقاز

    استمر بركة خان في خدمة الإسلام حتى وفاته في عام 665 هجريا, بعدما أطمئن على استقرار الإسلام بدولته. وامتد سلطان قبيلته "القبيلة الذهبية" من تركستان وحتى روسيا وسيبريا , وقد حكموا موسكو نفسها , ولم يكن ينصب أميرها إلا بعد موافقتهم , ويؤدي الجزية لسلاطين المغول.

    لكن تبدلت الأحوال سريعا , وبدأ الروس يلتهمون أراضي المسلمين. كان سر تفوق الروس يكمن في استغلالهم للفرقة بين المسلمين التتار, الذين استقروا في ثلاث جماعات متنافسة متنافرة, في سراي وقازان والقرم.

    وجاءت النهاية على يد قيصر روسيا إيفان الرهيب, ويحدثنا المؤرخ الأمريكي ويل يورانت عن قصة نهاية دولة المغول:

    " في عام 1552 قاد إيفان 150 ألف رجل إلى أبواب قازان وحاصرها لمدة خمسين يوماً. ولكن المسلمين - وكان عددهم 30.000 - قاوموا وصمدوا في عناد تحدوهم الروح الدينية وهاجموا أعداءهم في غارات متكررة، وعندما أسر نفر منهم وعلقوا على أعواد المشانق أمام الأسوار سدد إخوانهم المدافعون إليهم السهام صائحين: "خير لهؤلاء الأسرى أن يموتوا بأيدي بني وطنهم النظيفة من أن يهلكوا بأيدي المسيحيين الدنسة"..

    ولما وهنت عزائم المحاصرين وأصابهم القنوط بعد شهر من الإخفاق، أرسل إيفان إلى موسكو في طلب صليب عجيب، فما أن ظهرت هذه الأعجوبة أمام جنوده حتى ثارت حميتهم من جديد، وكان الله يحارب مع الجانبين. وبث مهندس ألماني الألغام في الأسوار فانهارت، واندفع الروس إلى المدينة صائحين "الله معنا"، واعملوا الذبح في كل من لم يباعوا بوصفهم رقيقاً..


    وروى أن إيفان ذرف الدمع حسرة على المغلوبين قائلاً: "إنهم ليسوا مسيحيين، ولكنهم رجال"..

    وبدأ على الفور يمارس الروس سياستهم المعتادة بتفريغ المدن من سكانها الأصليين.. وتوطين المسيحيين.. فاسكن إيفان فلول المسيحيين في إطلال المدينة..
    واحتفلت روسيا بالنصر، كما احتفلت فرنسا بصد المسلمين في معركة تور سنة 732 ميلاديا".



    المسلمون في روسيا

    الدكتور قاسم عبده قاسم, أستاذ التاريخ الوسيط في جامعة الزقازيق, يحدثنا عن بلاد بركة خان والتي تحمل حاليا اسم "تتارستان", فقد زارها منذ 4 سنوات ضمن وفد من جامعة الدول العربية للاحتفال بالعلاقات المصرية التتارية.

    عدد سكانها 3.5 مليون نسمة, وعاصمتها قازان، وسكانها يدينون بالإسلام السني؛ إلى جانب عدد من الروس المسيحيين, فهي إلى الآن تعد من الدول التابعة لروسيا, لكن يسمح لسكانها بتداول اللغة التتارية, كما أنهم يعتزون باللغة العربية.. وهم يمقتون التعصب في الدين ويحبون المصريين.

    ويواصل المؤرخ المصري: اكتشفت خلال إجرائي بحث تاريخي عن العلاقات بين التتار والمسلمين أن حي الحسينية في القاهرة هو حي تتري, فعندما قدم وفد من التتار المسلمين على السلطان المملوكي الظاهر بيبرس أسكنهم في حي الحسينية, وقال عنهم المقريزي أنهم اشتهروا بالحسن والفتوة, وربما كان ذلك سبب اشتهار الحي بالفتوات.

    وعن عدم معرفة المسلمين بتاريخ أخوانهم في تلك البقاع, قال قاسم أنه نفسه لم يكن يعلم بوجود مكان اسمه قازان, وأرجع هذا الجهل بسبب خضوع تلك البلاد لسيطرة روسيا القيصرية والاتحاد السوفيتي لفترة طويلة, إلى جانب الاستعمار الغربي الذي احتل البلاد العربية والإسلامية ومزق العلاقات بين المسلمين وبعضهم البعض.

    وعن معاناة سكان تتارستان تلك الحكم الروسي, قال قاسم أنه رأى مساجد كانت مغلقة بأوامر من الحكومة السوفيتية؛ والتي منعت أيضا تداول الأسماء العربية والإسلامية. لكن بعد تخفيف القبضة عليهم تسموا بالأسماء العربية, وأكثر الأسماء تداولا هو محمود, ومن بين كل 10 شباب يحمل 8 منهم اسم محمود, لاعتقادهم أن الظاهر بيبرس من مغول القوقاز , وأنه كان يحمل نفس الاسم.

    ويرجح الدكتور قاسم هذا الاعتقاد, فقد تزوج بيبرس من ابنة بركة خان, كما أرسل إليهم فقهاء وعلماء لتعليمهم الدين الإسلامي, وعندما أنجب سمي ابنه باسم جده.

    التعديل الأخير تم بواسطة الدبابة الشيشانى ; 20-07-2012 الساعة 11:54 PM

  7. #17
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    المشاركات
    575
    آخر نشاط
    09-03-2020
    على الساعة
    10:50 AM

    افتراضي


    هل تعلم من هو
    الشيخ عبد الحميد كشك



    الشيخ عبد الحميد كشك من أكثر الدعاة والخطباء شعبية في الربع الأخير من القرن العشرين وقد وصلت شعبيته إلى درجة أن المسجد الذي كان يخطب فيه خطب الجمعة حمل اسمه ، وكذلك الشارع الذي كان يقطن فيه بحي حدائق القبة . ودخلت الشرائط المسجل عليها خطبه العديد من بيوت المسلمين في مصر والعالم العربي.



    والشيخ عبد الحميد كشك ولد بمصر عام 1933م في قرية شبرا خيت من أعمال محافظة البحيرة بجمهورية مصر العربية . وبسبب المرض فقد نعمة البصر . وقد ولد في أسرة فقيرة وكان أبوه بالإسكندرية وحفظ القرآن الكريم ولم يبلغ الثامنة من عمره ،وحصل على الشهادة الابتدائية ، ثم حصل على الشهادة الثانوية الأزهرية بتفوق والتحق بكلية أصول الدين وحصل على شهادتها بتفوق أيضًا .



    وفي أوائل الستينيات عين خطيبًا في مسجد الطيبي التابع لوزارة الأوقاف بحي السيدة بالقاهرة ومثل الأزهر في عيد العام عام 1961، وفي عام 1964 صدر قرار بتعيينه إمامًا لمسجد عين الحياة بشارع مصر والسودان في منطقة دير الملاك بعد أن تعرض للاعتقال عام 1966 خلال محنة الإسلاميين في ذلك الوقت في عهد الرئيس جمال عبد الناصر . وقد أودع سجن القلعة ثم نقل بعد ذلك إلى سجن طرة وأُطلق سراحه عام 1968. وقد تعرض لتعذيب وحشي في هذه الأثناء ورغم ذلك احتفظ بوظيفته إمامًا لمسجد عين الحياة .



    وفي عام 1972 بدأ يكثف خطبه وزادت شهرته بصورة واسعة وكان يحضر الصلاة معه حشود هائلة من المصلين . ومنذ عام 1976 بدأ الاصطدام بالسلطة وخاصة بعد معاهدة كامب ديفيد حيث اتهم الحكومة بالخيانة للإسلام وأخذ يستعرض صور الفساد في مصر من الناحية الاجتماعية والفنية والحياة العامة . وقد ألقى القبض عليه في عام 1981 مع عدد من المعارضين السياسيين ضمن قرارات سبتمبر الشهيرة للرئيس المصري محمد أنور السادات ، وقد أفرج عنه عام 1982 ولم يعد إلى مسجده الذي منع منه كما منع من الخطابة أو إلقاء الدروس .



    رفض الشيخ عبد الحميد كشك مغادرة مصر إلى أي من البلاد العربية أو الإسلامية رغم الإغراء إلا لحج بيت الله الحرام عام 1973م. وتفرغ للتأليف حتى بلغت مؤلفاته 115مؤلفًا ، على مدى 12 عامًا أي في الفترة ما بين 1982 وحتى صيف 1994، منها كتاب عن قصص الأنبياء وآخر عن الفتاوى وقد أتم تفسير القرآن الكريم تحت عنوان ( في رحاب القرآن ) ، كما أن له حوالي ألفي شريط كاسيت هي جملة الخطب التي ألقاها على منبر مسجد ( عين الحياة ) . وكان للشيخ كشك بعض من آرائه الإصلاحية لللأزهر إذ كان ينادي بأن يكون منصب شيخ الأزهر بالانتخابات لا بالتعيين وأن يعود الأزهر إلى ما كان عليه قبل قانون التطوير عام 1961 وأن تقتصر الدراسة فيه على الكليات الشرعية وهي أصول الدين واللغة العربية والدعوة ، وكان الشيخ عبد الحميد يرى أن الوظيفة الرئيسية للأزهر هي تخريج دعاة وخطباء للمساجد التي يزيد عددها في مصر على مائة ألف مسجد . ورفض كذلك أن تكون رسالة المسجد تعبدية فقط ، وكان ينادي بأن تكون المساجد منارات للإشعاع فكريًا واجتماعيًا .



    وقد لقي ربه وهو ساجد قبيل صلاة الجمعة في 6/12/1996 وهو في الثالثة والستين من عمره رحمه الله رحمة واسعة .


  8. #18
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    المشاركات
    575
    آخر نشاط
    09-03-2020
    على الساعة
    10:50 AM

    افتراضي

    هل تعلم من هو


    السلطان العثماني مراد الثاني ـ المجاهد الزاهد


    تعرض تاريخ أمة الإسلام على مر العصور للتحريف والعبث بأيدي كانت لها مشارب شتى وأهواء مختلفة ....... في خلال هذه المراحل كلها من خارج نطاق المسلمين، فلما وصلنا للحقبة العثمانية التي تشرفت بفتح القسطنطينية وإدخال الإسلام لربوع أوروبا وسهولها ودخل الأوربيون في دين الله أفواجًا غاظ ذلك النصر الحاقدين من صليبيي أوروبا وباباوات روما فشن الكتّاب الأوربيون حربًا شعواء على تاريخ العثمانيين، وسجلوا على خلفائهم كل نقيصة وسلبية ولم يتركوا عيبًا ولا شرًا إلا ألصقوا بهم حتى تأثر السذج من المسلمين بهذا الكلام وأدخل الصليبيون في أذهاننا أن الحكم العثماني كان استعمارًا للعرب، وأنهم محتلون للشرق الأوسط ناهبون لخيراته، وصدق المغفلون هذا الكلام واجتهد الصليبيون في تشويه سيرة خلفاء العثمانيين خصوصًا للحض من مكانتهم كخلفاء لكل المسلمين، ونحن على هذه الصفحة نرفع الغبن الواقع على واحد من هؤلاء السلاطين العظام ونزيل الغشاوة القاتمة من على عيون المسلمين لعلهم يعلمون .

    السلطان مراد الثاني :

    هو السلطان مراد الثاني به السلطان محمد جلبي بن السلطان بايزيد الصاعقة بن مراد الأول أورخان بن عثمان الأول مؤسس الدولة العثمانية فهو سلطان من نسل السلاطين ولد سنة 806 هـ، وتولى أمر السلطنة بعد وفاة أبيه [محمد جلبي] سنة 824هـن وقد بذل أبوه جهدًا ضخمًا في إعادة ترتيب الدولة العثمانية التي تلقت ضربة قاتلة من تيمورلنك سنة 803 هـ، في معركة سهل أنقرة أدت لتمزيق الدولة الوليدة فقام محمد جلبي بإعادة تجميع الدولة وترتيبها بعد مجهودات وحروب طاحنة مع معارض الحكم العثماني .

    كان مراد الثاني في الثامنة عشر من العمر عندما تولى أمر السلطنة وكان عليه أن يعمل على جبهتين لاستكمال البناء المهدم للدولة العثمانية ومتابعة دور أبيه في توحيد البلاد، وكان العمل على جبهتين داخلية وخارجية .

    الجبهة الداخلية :

    كان يواجه مراد الثاني عدة مشاكل داخلية متمثلة فيما يلي :







    1 ـ وجود عدة إمارات في الأناضول ما زالت خارجة عن الدولة العثمانية مثل إمارة القرامان وأيدين ومنتشا وصاروخان والكرميان، وكانت هذه الإمارات قد انفصلت عن جسد الدولة العثمانية بعد معركة سهل أنقرة سنة 803هـ، فأخذ مراد الثاني في الاستيلاء عليها إمارة بعد أخرى تارة بالسلم وتارة بالقتال وتارة بالاستمالة وظل هكذا على هذه الحالة حتى سنة 831هـ، وهي السنة التي انضمت فيها آخر الإمارات الأناضولية [الكرميان]، وانتهت بذلك مشكلة الأناضول، وكان مراد الثاني قد عقد هدنة مع ملك المجر للتفرغ للأناضول . 2 ـ ثاني المشاكل الداخلية التي واجهت مراد الثاني هو عمه [مصطفى بن بايزيد] وكان أسيرً عند إمبراطور القسطنطينية الذي طلب من مراد الثاني عقد هدنة منع قتال، وهذا ما رفضه مراد الثاني فهدده بإطلاق سراح عمه فلم يقبل مرا التهديد، أطلق إمبراطور القسطنطينية الأمير مصطفى وكان محجوزًا بسلانيك وزوده بالسلاح والعساكر لحرب ابن أخيه مراد ونزع السلطنة منه، ووصل مصطفى وحاصر مدينة جاليبولي على شاطئ مضيق الدردنيل، وانتصر مصطفى على الجيش الذي أرسله مراد بقيادة بايزيد باشا، وتابع مصطفى سيره نحو ابن أخيه غير أن قواده خذلوه وشعروا بجريمتهم تجاه الدولة، وحاول مصطفى الفرار، ولكن قبض عليه وأعدم فورًا جزاء خيانته . 3 ـ ثالث المشاكل التي واجهت مراد الثاني هو أخوه الذي نازع أخاه مراد على الملك واحتضنه الإمبراطور عمانويل الثاني إمبراطور القسطنطينية الذي أصرّ على غيه وحربه ضد مراد الثاني، ووضع أخا مراد على رأس قوة استولت على مدينة نيقيا في الأناضول، ولكن مراد استطاع بسرعة حركته أن يقضي على هذه الثورة في سهدها، وهكذا نرى أن الولاء والبراء الذي غاب عن قلوب وعقول هؤلاء الخونة كان سببًا لكثير من المتاعب التي واجهت المسلمين عبر العصور . الجبهة الخارجية :

    بعد أن فرغ مراد الثاني من الجبهة الداخلية، وأكمل ترتيب البيت العثماني من الداخل يمم وجهه ناحية أوروبا لتصفية حسابه مع الحكام الذين أساءوا للعثمانيين، وهم على الترتيب الآتي :



    ملك المجر [لاديسلاس] : وكان للعثمانيين على المجر جولات كثيرة، وكان المجريون هم أعنف خصوم للعثمانيين في أوروبا في تلك الحقبة، ورأس الحربة في كثير من الصدامات بين الفريقين، وكان مراد الثاني قد عقد هدنة مع ملك المجر عندما أراد توحيد الأناضول حتى لا يفتح على نفسه جبهتين في أقوى الممالك الأوربية في حينها، وقد استطاع مراد الثاني الانتصار على المجريين سنة 842هـ، ويأسر منهم سبعين ألفًا، وتقدم مراد لفتح بلجراد عاصمة الصرب فأسرع الصليبيون وكونوا حلفًا صليبيًا ضد مراد الثاني، واصطدموا مع العثمانيين عدة مرات سنة 846هـ، 848هـ، وانهزم العثمانيون عدة مرات مما دفع مراد الثاني لئن يعقد معاهدة صلح لمدة عشر سنوات في مدينة [سيزجاون] سنة 848هـ، على أني كون نهر الدانوب هو الحد الفاصل بين أملاك الدولتين وأقسم مراد الثاني على احترام المعاهدة، وكذلك اقسم ملك المجر [لايسلاس] على احترام المعاهدة .

    1 ـ إمبراطور القسطنطينية عمانويل الثاني : وهو الذي حرض الثائرين على الدولة العثمانية وقد قرر مراد الثاني معاقبته وبسرعة فاستولى على مدينة سلولينك وذلك سنة 833هـ، وقام بمهاجمة القسطنطينية نفسها وضرب عليها حصارًا طويلاً في شهر رمضان لإثارة حمية الجنود . فتوحات مراد الثاني :

    كان مراد الثاني محبًا للجهاد في سبيل الله شأنه في ذلك شأن سلاطين العثمانيين العظام في أيام قوتهم مع اهتمامه الخاص بنشر دين الإسلام في ربوع أوروبا، وتتمثل فتوحات مراد فيما يلي :







    1 ـ استعاد مراد الثاني هيبة الدولة العثمانية داخل أوروبا فاعترف أمير الصرب [جورج برنكوفتش] بدفع الجزية للسلطان وهي عبارة عن خمسين ألف دوك ذهبي، وأن يقدم فرقة من جنوده لمساعدة السلطان في حروبه لصد الصليبيين مع قطع علاقاته مع ملك المجر وتزوج السلطان مراد من ابنته . 2 ـ فتح مراد الثاني ألبانيا سنة 834هـ بعد معارك طاحنة حيث تمكن الألبان من القضاء على جيشين عثمانيين في جبال ألبانيا بل انتصروا على جيوش قادها مراد نفسه مما يدل على ضراوة المقاومة، ولكنها في النهاية أذعنت ثم ما لبثت أن دخل أهل ألبانيا في دين الله أفواجًا . 3 ـ أخضع مراد الثاني بلاد الأفلاق [جنوب رومانيا] وأيضًا بلاد [ترانسلفانيا] [غرب رومانيا] وقد لاقى العثمانيون في تلك المعارك الأهوال والمصاعب العاتية من أجل النصر . مصيبة مراد الثاني واعتزال :

    لم يكد مراد الثاني يستريح من عناء القتال على الجبهة الأوربية العنيدة حتى أصيب بمصيبة كبيرة وهي وفاة أكبر أولاده وولي عهده الأمير علاء الدين، وهو في شرخ الشباب، واشتد حزن مراد الثاني على ولده وزهد في الدنيا والملك ثم نزل عن السلطنة لابنه محمد [الفاتح]، وكان إذ ذاك في الرابعة عشرة من عمره ولصغر سنه أحاطه والده ببعض أهل الرأي والنظر من رجال دولته، ثم توجه مراد إلى مدينة [مغنيسيا] في آسيا الصغرى ليقضي بقية حياته في عزلة وعبادة لله عز وجل، ولكنه لم يستمتع بتلك الخلوة كثيرًا .

    التحالف الصليبي ضد الدولة العثمانية :

    كان بابا روما وهو كبير صليبيي أوروبا يراقب الأحداث والمعارك الطاحنة بين المسلمين والصليبيين وكم سره هزيمة السلطان مراد الثاني، ولكن غضب بشدة من ملك المجر [لاديسلاس] لأنه وقّع عقد هدنة مع مراد الثاني، فأرسل مندوبًا من طرفه هو الكاردينال [سيزاريني] إلى ملك المجر لإقناعه بنقض عهده مع المسلمين بدعوى أنهم كفار لا يجوز التعاهد معهم، وكان [سيزاريتي] عظيم النشاط دائم الحركة لا يكل عن العمل يجد ويسعى قدر جهده لنقض العهود والتأليب على المسلمين، وحمل إليهم رسالة مفادها [أنه باسم الباب يبرى ذمتهم من نكثها ويبارك جنودهم وأسلحتهم وعليهم أن يتبعوا طريقه فإن طريق المجد والخلاص، ومن نازعه ضميره بعد ذلك وخشي الإثم فإنه يحمل عنه وزره وإثمه].

    نقض [لاديسلاس] عهد وأعد الجيوش المتحدة، وأتاه الصليبيون من كل حدب وصوب من بولندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا ورومانيا والصرب ورأى [لاديسلاس] أن الفرصة مواتية للهجوم ذلك لأن السلطان مراد الثاني قد اعتزل الملك ومحمد ولده ما زال صغيرًا، وقاموا بالهجوم على مدينة [فارنا] البلغارية الواقعة على ساحل البحر المتوسط .

    أرسل رجال الدولة إلى السلطان مراد الثاني في معتكفه يطلبون منه الخروج من عزلته لقيادة الجيوش فخرج الأسد من خلوته ليقود الجيوش واستطاع أن يتفق مع الأسطول الجنوي لينقل أربعين ألفًا من الجيش العثماني من آسيا إلى أوروبا تحت سمع وبصر الأسطول الصليبي وذلك مقابل دينار لكل جندي، واختصر بذلك المسافة ووصل إلى مدينة [فارنا] في نفس اليوم الذي وصل فيه الصليبيون .

    وفي يوم 28 رجب سنة 852 هـ دارت رحى حرب طاحنة عنيفة حامية وقد وضع السلطان مراد المعاهدة التي نقضها الصليبيون على رأس رمح طولي ليشهدهم على غورهم وليزيد جنوده حمية وحماسة، وقد استقتل الصليبيون في القتال حتى جاء هذا المشهد الذي قلما يحدث مثله، ولم يحدث مثله منذ أيام الصحابة أمثال خالد بن الوليد وأبي عبيدة بن الجراح، حيث برز السلطان مراد الثاني بنفسه واقتتل مع ملك المجر [لاديسلاس] واستطاع أن يطعنه برمحه طعنة قوية ألقته من على جواده مجروحًا فأسرع أحد أبطال المسلمين واحتز رأس الخائن [لاديسلاس] وألقى الرأس على جيش الصليبيين قائلاً [أيها الكفار هذا رأس ملككم] فانهزم الصليبيون عندها وفروا مدبرين، وكان نصرًا عظيمًا للمسلمين على هذا التحالف الصليبي، وقتل الكلب [سيزاريني] مؤلب الفتنة ومثيرها .

    اعتزال مراد ثانيًا :

    رغم هذا النصر المبين الذي أخرج بلاد المجر لفترة طويلة من حلبة الصراع مع العثمانيين فإن مراد الثاني لم يغير نيته من اعتزال الملك والزهد في الدنيا حيث دخل مرة أخرى لمعتزله [مغنيسيا] ليعود إلى عبادته وتأمله، ولكنه اضطر للخروج مرة أخرى بعد أن ثار [الانكشارية] على ولده محمد واستصغروه فخرج لهم الأسد مراد الثاني وأدبهم وضبط الأمور ورأى أن يستمر في الحكم حتى يشتد عود ولده محمد في الحكم .

    كان مراد الثاني خير ملوك زمانه شرقًا وغربًا مما اشتمل عليه من العقل والحزم والعزم والكرم والشجاعة والسؤدد وأفنى عمره في الجهاد في سبيل الله تعالى، محبًا للعلم والشعر منفقًا على أهل العلم والشعر، وأيضًا كان يرسل صدقات من ماله الخاص لأهل الحرمين وبيت المقدس، فكان تقيًا صالحًا، وبطلاً صنديدًا محبًا للخير ميالاً للرأفة والإحسان وكان بحق مجاهدًا زاهدًا ورغم أنه قد قضى حياته كلها في الجهاد وطلب الموت في مظانه إلا أنه قد مات على فراشه في 5 محرم سنة 855هـ، وقد أوصى إلا يبنى على قبره شيء اتباع السنة في ذلك.


  9. #19
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    المشاركات
    575
    آخر نشاط
    09-03-2020
    على الساعة
    10:50 AM

    افتراضي

    هل تعلم من هو

    الفقيه القاضي الأمير أسد بن الفرات فاتح صقلية


    هو الأمير الكبير والفقيه البارع والمحدث الثقة وأمير المجاهدين أبو عبد الله 'أسد بن الفرات بن سنان' ولد سنة 142 هجرية بمدينة 'حران' من أعمال ديار بكر بالشام ثم انتقل إلى بلاد المغرب مع أبيه 'الفرات بن سنان' سنة 144 هجرية والذي كان قائدا للمجاهدين الذين خرجوا لنشر الإسلام في بلاد المغرب، واستقر مع أبيه بالقيروان، ونشأ منذ صغره على حب العلم وحفظ كتاب الله حتى أتمه في مرحلة الصبا وأصبح هو نفسه معلما للقرآن وهو دون الثانية عشر .

    رحلته العلمية

    بعدما أتم أسد حفظ كتاب الله بدأ في تحصيل العلوم الشرعية حتى برع في الفقه وكان محبا للنظر والمسائل المتفرعة وإعمال العقل فمال ناحية مذهب أبى حنيفة وظل هكذا حتى التقى مع 'علي بن زياد' والذي يعتبر أول من أدخل مذهب الإمام مالك بن أنس بالمغرب، فسمع منه أسد كتاب الموطأ وتلقى منه أصول مذهب مالك، وبعدها قرر أسد أن ينتقل إلى المشرق فى رحلة علمية طويلة ابتداء من سنة 172 هجرية وهو في ريعان الشباب .

    دخل أسد بن الفرات المدينة النبوية لسماع الموطأ من الإمام مالك مباشرة، وكان الإمام مالك له ترتيب خاص فى إسماع الموطأ حيث كان يقسم السامعين إلى ثلاثة أفواج:

    • الفوج الأول أهل المدينة .
    • الفوج الثاني أهل مصر .
    • الفوج الثالث بقية الناس .

    ولاحظ الإمام مالك حرص أسد على سماع الحديث وشغفه بالعلم فأدخله مع الفوج الثاني أهل مصر، و لكن أسد بن الفرات كان شديد الشغف بالعلم فاستقل مرويات مالك في الموطأ واستزاده فى السماع فقال له مالك 'حسبك ما للناس' فخشي أسد أن يطول به الأمر ويفوته ما رغب فيه من لقيه الرجال وسماع الحديث، فارتحل إلى العراق بعدما انتهى من سماع الموطأ.
    بالعراق التقى أسد مع كبار تلاميذ أبى حنيفة أمثال 'محمد بن الحسن' وكان من كبار رواة الحديث والقاضي أبو يوسف أخص تلاميذ أبى حنيفة وأفقههم، فتعلم أسد أولا المذهب الحنفي وأكثر من سماع الثقات في الحديث، واستفاد أسد من محمد بن الحسن استفادة كبرى وكتب عنه الكثير من مسائل المذهب الحنفي المشهور .
    استمر أسد في رحلته إلى العراق جامعا بين طلب الحديث والفقه إلى سنة 179 هجرية وهي السنة التي توفي فيها الإمام مالك فارتجت العراق لموته وأقبل الناس من كل مكان للسماع من تلاميذ مالك، وعندها ندم أسد على أنه لم يبقى بجوار مالك وقال لنفسه 'إن كان فاتني لزوم مالك فلا يفوتني لزوم أصحابه' .
    ارتحل أسد بن الفرات إلى مصر وكان بها أخص تلاميذ مالك وأكثرهم علما وورعا أمثال ابن وهب وابن القاسم، فدخل أسد أولا على ابن وهب وعرض عليه كتبه التي كتبها على مذهب أبي حنيفة وطلب منه أن يجيب عليها على مذهب مالك، فتورع ابن وهب عن ذلك، فدخل أسد على ابن القاسم فأجابه على هذه المسائل وتفرغ له ابن القاسم ولقنه المذهب كله بأصوله وفروعه ودون هذه المسائل كلها فى الكتاب الشهير 'المرونة' أو 'الأسدية' وحررها وضبطها حتى صارت المرجع الأول للفقه المالكي ببلاد المغرب وقتها، وأخيرا عاد أسد بن الفرات إلى القيروان سنة 181 هجرية بعد رحلة علمية شاقة وحافلة بالفوائد حيث تنقل فيها بين المدينة ومكة وبغداد والكوفة والفسطاط فى طلب العلم حتى صار من كبار علماء المغرب وإمام من أئمة المسلمين الذين بلغوا درجة الاجتهاد فلا يفتي إلا بعد النظر والترجيح ولا يتقيد بمذهب معين .

    نشاطه العلمى بالمغرب

    عاد أسد بن الفرات إلى القيراون حاضرة أفريقية وقتها ومنارة العلم الأولى فى الشمال الأفريقى بعلم جم فى الحديث والفقه بمدرستيه الأوليتين الحنفية والمالكية وجلس بجامع عقبة وأقبل عليه الناس من كل مكان من المغرب والأندلس واشتهر أمره وظهر علمه، وارتفع قدره، وانتشرت إمامته، وجاءته الأسئلة من أقصى البلاد ليجيب عليها .
    بلغ أسد درجة الإجتهاد المطلق فلم يكن يلتزم برأي واحد بل يفتي بما يوصله إليه إجتهاده ويلتزم من أقوال أهل المدينة وأهل العراق بما يوافق الحق عنده، وكان إذا جلس في المجلس وسرد أقوال العراقيين، أي مذهب أبي حنيفة، في مسألة ما، قال له المشايخ الذين يجالسونه ممن يذهب مذهب أهل المدينة، أي مذهب مالك، 'يا أبا عبد الله أوقد القنديل الثاني' فيسرد أقوال المدنيين مما يوضح سعة علمه.
    كان أسد بن الفرات شديد الضبط والتحرير والدقة لكتبه حتى صار مضرب الأمثال فقد بيعت يوما كتب فقيه مات، فنودي عليها 'هذه كتب فقيه قد قوبلت على كتب الأفريقي 'أى أسد بن الفرات' فبيعت بأغلى الأثمان .

    محاربته للبدع

    كان أسد بن الفرات على عقيدة أهل السنة والجماعة عقيدة السلف الصالح لذلك كان من أشد علماء المغرب على أهل البدعة، معروفا بنشر السنة حتى خارج أفريقية 'تونس الأن' وكان يكثر من تقريع المبتدعين، قرأ يوما قوله عز و جل 'إننى أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدنى' ثم قال 'يا ويل أهل البدع يزعمون أن الله عز وجل قد خلق كلامه، آمنت بالله عز وجل، وبأنه قد كلم موسى تكليما، وأن الكلام غير مخلوق، ولكن لا أدرى كيفيته' .

    الأسد أمير المجاهدين

    لم يكن أسد بن الفرات من هذا النوع السلبي من العلماء الذين يقبعون خلف كتبهم ومصنفاتهم ومحابرهم ولا يتحركون بعلمهم بين الناس، بل كان من العلماء العاملين وأيضا من كبار المجاهدين فى سبيل الله، فلقد ورث حب الجهاد عن أبيه الذي كان أمير المجاهدين في حران والذي حمل ولده الصغير 'أسد' وخرج به مجاهدا فى سبيل الله، فشب عالما نابها وأيضا جنديا جريئا، وبحارا مغامرا، حتى أنه في سن الشباب وقبل أن يقوم برحلته العلمية المشهورة اشترك فى العديد من المعارك البحرية في مياه البحر المتوسط، ويقول العلامة ابن خلدون أن أسد بن الفرات هو الذى افتتح جزيرة 'قوصرة' وهي جزيرة صغيرة تقع شرقي تونس الآن.
    حيث كانت أفريقية أو تونس واقعة تحت حكم دولة الأغالبة التي استقلت بحكم البلاد منذ سنة184هجرية ولكنها كانت تابعة للدولة العباسية، وكانت هذه الدولة في بداياتها معنية بأمر الجهاد ونشر الإسلام، فاتجه ولاة هذه الدولة بأبصارهم ناحية الجزر الكبرى الواقعة في منتصف البحر المتوسط مثل جزيرة صقليه، وكورسيكا، وسردانيه، وغيرها ولكن التركيز الأكبر كان على جزيرة صقلية .

    فتح جزيرة صقلية

    تعتبر جزيرة صقلية أكبر جزر البحر المتوسط مساحة وأغناها من حيث الموارد الاقتصادية وأفضلها موقعا، ولقد انتبه المسلمون لأهمية هذه الجزيرة مبكرا منذ عهد الصحابة حيث حاولوا فتحها فى عهد عبد الله بن سعد رضي الله عنه ثم معاوية بن حديج ثم عقبة بن نافع ثم عطاء بن رافع وكان آخرهم عبد الرحمن بن حبيب وذلك سنة 135هجرية، ثم وقعت الفتن الداخلية ببلاد المغرب بين العرب والبربر وانشغل المسلمون عن جهاد العدو الذي انتهز الفرصة وأغار على سواحل المغرب عند منطقة إفريقية مما جعل المسلمون يتوحدون و يتهيؤن للرد على هذا العدوان البيزنطى .
    في هذه الفترة وقعت العديد من الاضرابات بجزيرة صقلية والتي كانت تتبع الدولة البيزنطية حيث وقع نزاع على حكم الجزيرة بين رجلين أحدهما اسمه 'يوفيميوس' وتسميه المراجع العربية 'فيمي' والآخر اسمه 'بلاتريوس' وتسميه المراجع العربية 'بلاطه' وانتصر 'بلاطه' على 'فيمي' الذي فر هاربا إلى إفريقية واستغاث بزيادة الله ابن الأغلب حاكم إفريقية وطلب منه العون في استعادة حكمه على الجزيرة، فرأى زيادة الله فيها فرصة سانحة لفتح الجزيرة .
    استنفر 'زيادة الله' الناس للجهاد وفتح صقلية فهرعوا لتلبية النداء وجمعت السفن من مختلف السواحل و بحث ابن الأغلب عمن يجعله أميرا لتلك الحملة البحرية الكبيرة فلم يجد خيرا ولا أفضل من الأسد الهصور والبطل المقدام 'أسد بن الفرات' على الرغم من كبر سنه في هذه الفترة ربيع الأول 212 هجرية أي سبعين عاما، وكان هذا الاختيار دليلا على فورة المشاعر الإسلامية في هذه الفترة والأثر الكبير لعلماء الدين الربانيين على الشعب المسلم، وكان أسد بن الفرات يبدى رغبته فى هذه الغزوة كواحد من المسلمين لأنه كان محبا للجهاد عالما بمعانى ومقتضيات آيات النفرة فى سبيل الله ودور العلماء فى ذلك وأيضا كان يكره الشهرة والرياء ولكن ابن الأغلب أصر على أن يتولى قيادة الحملة العسكرية وأيضا يكون قاضيا للحملة أي جمع له القيادة الميدانية والروحية لعلمه بمكانة أسد بن الفرات وأثره في الناس وحبهم له .

    الجهاد حتى الممات

    خرج أسد بن الفرات من القيروان في حملة عسكرية كبيرة قوامها عشرة آلاف من المجاهدين المشاة وسبعمائة فارس بخيولهم فى أكثر من مائة سفينة كبيرة وصغيرة خرجت من ميناء سوسة على البحر المتوسط وسط جمع عظيم من أهل البلد الذين خرجوا لتوديع الحملة المجاهدة.
    تحرك الأسطول الإسلامى يوم السبت 15 ربيع الأول سنة 212 هجرية متجها إلى جنوبي جزيرة صقلية وبالفعل وصلت الأساطيل المسلمة إلى بلدة 'فازر' في طرف الجزيرة الغربي بعد ثلاثة أيام من الإبحار أى يوم الثلاثاء، ونفذ أسد بن الفرات على رأس جنده إلى شرقي الجزيرة، وهناك وجد قوة رومية بقيادة الثائر 'فيمي' الذي طلب مساعدة 'ابن الأغلب' لاستعادة حكمه على الجزيرة، وعرض 'فيمى' على 'أسد بن الفرات' الاشتراك معه في القتال ضد أهل صقلية ولكن القائد المسلم العالم بأحكام شريعته المتوكل على الله عز وجل وحده يرفض الاستعانة بالمشركين تأسيا بالنبى صلى الله عليه وسلم الذي رفض الاستعانة باليهود يوم أحد .
    استولى 'أسد' على العديد من القلاع أثناء سيره مثل قلعة بلوط والدب والطواويس حتى وصل إلى أرض المعركة عند سهل 'بلاطه' نسبة إلى حاكم صقلية، وعندها أقبل 'بلاطه' في جيش عدته مائة ألف مقاتل، أي عشرة أضعاف الجيش المسلم وعندها قام أسد بن الفرات في الناس خطيبا فذكرهم بالجنة وموعود الله عز وجل لهم بالنصر والغلبة وهو يحمل اللواء في يده ثم أخذ يتلو آيات من القرآن ثم اندفع للقتال والتحم مع الجيش الصقلي الجرار واندفع المسلمون من ورائه ودارت معركة طاحنة لايسمع منها سوى صوت قعقعة السيوف وصهيل الخيول والتكبير الذى يخترق عنان السماء والأسد العجوز أسد بن الفرات الذي جاوز السبعين يقاتل قتال الأبطال الشجعان حتى أن الدماء كانت تجري على درعه ورمحه من شدة القتال وكثرة من قتلهم بنفسه وهو يقرأ القرآن ويحمس الناس، وتمادت عزائم المسلمين حتى هزموا الجيش الصقلي شر هزيمة، وفر بلاطه من أرض المعركة وانسحب إلى مدينة 'قصريانة' ثم غلبه الخوف من لقاء المسلمين ففر إلى إيطاليا وهناك قتل على يد بني دينه بسبب جبنه وإحجامه عن قتال المسلمين.

    بعد هذا الانتصار الحاسم واصل أسد بن الفرات زحفه حتى وصل إلى مدينة 'سرقوسة' ومدينة 'بلرم' فشدد عليها الحصار وجاءته الإمدادات من 'إفريقية' واستطاع أسد بن الفرات أن يحرق الأسطول البيزنطي الذي جاء لنجدة 'بلرم' وأوشكت المدينة على السقوط ولكن حدث ما لم يكن فى الحسبان؛ حيث حل بالمسلمين وباء شديد أغلب الظن أنه الكوليرا أو الجدري فهلك بسببه عدد كبير من المسلمين فى مقدمتهم القائد المقدام 'أسد بن الفرات' فلاقى حمام الموت مرابطا مجاهدا بعيدا عن أهله وبيته وحلق دروس العلم، مجافيا لفراشه وداره، مؤثرا مرضات ربه ونصرة دينه، وذلك فى شعبان سنة213هجرية، فجمع بين خصال الخير كلها من علم وورع، وجهاد وشهادة، فياليت علماء الأمة يتعلمون شيئا من سيرة هذا البطل الذى سقط من ذاكرة المسلمين الآن .




  10. #20
    تاريخ التسجيل
    Oct 2007
    المشاركات
    7,692
    الدين
    الإسلام
    الجنس
    أنثى
    آخر نشاط
    09-08-2017
    على الساعة
    09:57 AM

    افتراضي

    جزاك ربى جنه الفردوس
    معلومات قيمه وجديده
    ولى رجعه لها مره ثانيه لاعاده قرائتها
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

صفحة 2 من 6 الأولىالأولى 1 2 3 ... الأخيرةالأخيرة

اخوانى الاحبه اهلا بكم فى سلـــســلة ** هــــل تـــــعــلم **

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. عبرو,اخوانى,الاحبه,باقــــــــــــوى,تعليق,صايدين,الســـمك
    بواسطة الدبابة الشيشانى في المنتدى المنتدى العام
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 08-04-2012, 09:48 PM
  2. اخوانى الاحبه احبكم فى الله (( ارجو قبـــول الهديه ))
    بواسطة الدبابة الشيشانى في المنتدى منتدى الصوتيات والمرئيات
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 22-03-2012, 11:54 PM
  3. مشكله فنيه اخوانى الاحبه برجاء المساعده
    بواسطة الدبابة الشيشانى في المنتدى منتدى الشكاوى والإقتراحات
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 15-01-2012, 03:44 PM
  4. مشاركات: 14
    آخر مشاركة: 13-01-2009, 12:01 AM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

اخوانى الاحبه اهلا بكم فى سلـــســلة ** هــــل تـــــعــلم **

اخوانى الاحبه اهلا بكم فى سلـــســلة  ** هــــل تـــــعــلم **