التَّسْـبِيِح

آخـــر الـــمـــشـــاركــــات


مـواقـع شـقــيـقـة
شبكة الفرقان الإسلامية شبكة سبيل الإسلام شبكة كلمة سواء الدعوية منتديات حراس العقيدة
البشارة الإسلامية منتديات طريق الإيمان منتدى التوحيد مكتبة المهتدون
موقع الشيخ احمد ديدات تليفزيون الحقيقة شبكة برسوميات شبكة المسيح كلمة الله
غرفة الحوار الإسلامي المسيحي مكافح الشبهات شبكة الحقيقة الإسلامية موقع بشارة المسيح
شبكة البهائية فى الميزان شبكة الأحمدية فى الميزان مركز براهين شبكة ضد الإلحاد

يرجى عدم تناول موضوعات سياسية حتى لا تتعرض العضوية للحظر

 

       

         

 

 

 

    

 

التَّسْـبِيِح

صفحة 2 من 2 الأولىالأولى 1 2
النتائج 11 إلى 19 من 19

الموضوع: التَّسْـبِيِح

  1. #11
    تاريخ التسجيل
    Jan 2011
    المشاركات
    32
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    28-07-2012
    على الساعة
    06:25 PM

    افتراضي 3- التسبيح سبب للخضوع - والتفويض والتوكل على الله تعالى

    3- التسبيح سبب للخضوع لله تعالى :


    * فهؤلاء أصحاب الجنة ( أي الحديقة ) ...
    الذين هم شركاء فيها حين أثمرت وحان وقت حصادها اتفقوا علي أن يمنعوا حق الله تعالى بمنع الفقراء والمساكين فعاقبهم الله تعالى بنزول العذاب عليها ليلاً فلما أصبحوا ورأوها بعد أن احترقت لم يصدقوا أنها حديقتهم وقالوا ( إِنَّا لَضَالُّونَ ) ظنوا أنها ليست حديقتهم وأنهم تائهون عنها فلما تحققوا قالوا ( بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ ) فعرفوا أن ما حصل عقوبة من الله لهم.
    فقال ( أَوْسَطُهُمْ ) أي أحسنهم ( أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ ) أي ألم اقل لكم قبل ذلك لولا تذكرون الله فتنزهوه علي أن تعاملوه هذه المعاملة فتعصوا أمره في شأن إعطاء زكاة الثمار
    ( قَالُوا سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ ) حينئذ نزهوا ربهم أن يكون ظالماً فيما فعل بهم واقروا على أنفسهم بالظلم
    فقالوا ( سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ ) أي ننزهه عن كل سوء ونقص عن أن يكون ظالماً فيما فعل بنا وننزهه عن أن يُعصى أمره في إعطاء المساكين

    وتسبيحهم هذا توبة منهم إلى الله تعالى لذلك اعترفوا فقالوا ( يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ ) أي متجاوزين الحد في حق الله وحق العباد ثم رجوا رحمته فقالوا ( عَسَى رَبُّنَا أَن يُبْدِلَنَا خَيْرًا مِّنْهَا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ )




    4- التسبيح سبب للتفويض والتوكل على الله :


    يقول تعالى : ( وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا ) " الفرقان:58 "
    أمر الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم أن يتوكل عليه ويستعين به ، والتوكل على الله هو الثقة به والاعتماد عليه فى كل أمر .

    وفى الآية بيان : أن الذى يعينه على التفويض لله والتوكل عليه :
    أولاً : أن يتذكر اتصاف الله بالحياة الكاملة فهو الحى الذى لا يموت .
    ثانياً : أن يتذكر تنزهه عن كل نقص واتصافه بالكمال المطلق حين يسبح بحمده ، لأن الإنسان إذا توكل على مخلوق ووكل إليه أمره فإنه يخشى من أمران :
    1- إما أن يكون هذا المخلوق غير قادر على تحمل المسؤولية ، أو يقدر اليوم وقد يصيبه الضعف أو العجز فيما بعد فلا يقدر على إتمام ما تحمله .
    2- أو أنه يقدر ولا يُخشى عليه من العجز أو الضعف لكنه قد يموت ويفارقه فيضيعه .

    أما إذا توكل واعتمد على حى لا يموت فهو لا يخشى أن يفوته فيضيعه ، وإذا كان منزه عن العجز والضعف لكونه كاملاً فى أوصافه وصفاته فهذا حرى بأن يطمئن له القلب ويسكن إليه ويعتمد عليه .
    لذلك قرأ أحد الصالحين هذه الآية ( وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ ) فقال : لا يصح لذى عقل أن يثق بعدها بمخلوق .

    فالتسبيح وهو تنزيه الله عن كل نقص وإثبات الكمال له يعين الإنسان على تمام الثقة بالله والاعتماد عليه لأنك حين تسبح الله فأنت تعلن على قلبك بهذا التنزيه أن الله قادر لا يعجز ، وقوى لا يضعف ، وعالم لا يخفى عليه شىء ، ومالك لكل شىء ، وقاهر فوق كل شىء ، لا فاعل غيره ولا راد لحكمه .

    فحرى لمن كانت هذه أوصافه أن تفوض له أمرك

    فكلما سبحته ازداد يقينك بكماله وسَهُل عليك التوكل عليه .
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  2. #12
    تاريخ التسجيل
    Jan 2011
    المشاركات
    32
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    28-07-2012
    على الساعة
    06:25 PM

    افتراضي 5- التسبيح سبباً لسلامة العقيدة

    5- التسبيح سبباً لسلامة العقيدة :


    حين يعرف الإنسان ربه فسوف يعظمه ويحبه فيتقرب إليه بما يرضيه من الأقوال والأعمال والعبادات ، وكلما تقرب إليه ازدادت معرفته به .. فزاد حبه وتعظيمه , وكلما ازداد حباً ازداد قرباً .. فإذا زاد قربه زادت معرفته وزاد حبه, وبزيادة القرب والحب يتولد الشوق ويزداد بزيادة القرب والحب

    وحين يشتاق الإنسان لإنسان لا يرتاح ولا يهدأ إلا بملاقاته والنظر إليه والحديث معه .. فلا يطفأ نيران الشوق في القلب إلا اللقاء ، فماذا لو اشتاق الإنسان لربه وهو لا يراه ؟
    إن هذا الشوق سيدفعه للتفكر في ذاته , وفي جمال صورته ، ولكن العقل البشري محدود بنقصانه فلا طاقة له بالفكر في ذات الله فماذا يفعل المؤمن ؟ وكيف يطفئ عطشه لرؤية ربه بعد أن اشتاق إليه ؟ وكيف لا يشتاق إليه بعدما عرفه وأحبه ؟ فلا يكاد محب أن لا يشتاق إلى محبوبه ولا يهدأ المشتاق إلا بالاجتماع بذات محبوبه .
    فما الحل في ذلك ؟

    الحل هو الصبر ..
    ليصبر المؤمن المشتاق إلى ربه حتى يلقاه في الجنة وينظر إليه ، أما الآن فعليه أن يضبط مشاعر الشوق في قلبه بالتسبيح ..
    فبالتسبيح .. ينزه الله تعالى على أن يتخيله في صورة معينة

    بالتسبيح .. يعلم أن الله تعالى لا تدركه الأبصار فتراه

    بالتسبيح .. يعلم أنه لا طاقة لعقله بالفكر في ذات الله

    فقد روى مسلم من حديث أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم ( إن الله عز وجل لا ينام ولا ينبغي له أن ينام يخفض القسط ويرفعه يُرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار وعمل النهار قبل عمل الليل حجابه النور لو كشفه لأحرقت سُبُحات وجهه ماانتهى إليه بصره من خلقه )

    بالتسبيح .. يقف عند حدوده فيتفكر في نعم الله ولا يتفكر في صورته

    بالتسبيح .. يرضى بما أعطاه الله له من معرفته وقربه ومحبته والأنس به وبهذا الرضا يهدهد نفسه فتسكن وتصبر كالأم التى تهدهد رضيعها لكي تُسكن أنينه .

    بالتسبيح .. يرى نفسه معنية بخطاب الله لنبيه موسى عليه السلام ( قَالَ يَا مُوسَىٰ إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ )
    " الأعراف :144 "

    فهذا كليم الله موسى عليه السلام حين أكرمه الله تعالى بمعرفته ومحبته ثم اصطفاه برسالته وبكلامه ازداد شوقه صلى الله عليه وسلم إلى ربه حتى تمنى أن يراه.

    وكيف لا يشتاق من اقترب من الله عز وجل حتى أصبح من أوليائه وأصفيائه , ثم كيف لا يشتاق ويشتاق حين يسمع صوته وكلامه ولكن قانون الدنيا يحكم أهلها , فالمخلوق محدود بحدود الدنيا التى يحيا فيها , وما دام الإنسان في الدنيا فلا طاقة لجسده الضعيف ولا لبصره المحدود أن يرى ربّه

    وها هو الجبل أعظم خِلقة وأقوى بنية من الإنسان ومع ذلك حين تجلى له ربّه جعله دكا ، وها هو الإنسان لا يتحمل أثر تجلي الله على الجبال فيُصعق ويخر مغشياً عليه, لذلك لما أفاق أدرك أنه لا طاقة له برؤية الله تعالى , وأدرك أن أوان الراحة التى يريد أن يطفئ بها آلام الشوق في قلبه لم تأت بعد
    فتاب إلى الله بالتسبيح " قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ " (الأعراف : 143)
    "سُبْحَانَكَ " أنزهك يا رب على أن يراكمخلوقاً في الدنيا
    " تُبْتُ إِلَيْكَ " من طلب رؤيتك في الدنيا
    " وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ " بأن ذاتك لا يقدر مخلوق أن يراها في هذه الدار

    فليتصبر كل مؤمن محب لله مشتاق إليه بالتسبيح
    بالتسبيح ينزه ربّه عن التفكر في ذاته فينهي نفسه عن التفكر في ذات الله منزهاً ربه أن تحيط به العقول والتصورات وليحافظ على سلامة اعتقاده بكثرة التسبيح حتى لا يتفكر في ذات الله وإنما يتفكر في مخلوقاته كما أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا نتفكر في ذات الله ونتفكر في خلقه ، وليهدهد نفسه ويطمئنها بتذكيرها بموعود الله تعالى لأوليائه وأهل جنته بقوله تعالى " لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَىٰ وَزِيَادَةٌ " (يونس: 26)
    قال العلماء : الحسنى هي الجنة والزيادة هي النظر إلى وجهه الكريم سبحانه وتعالى

    وبالتسبيح ينجو المؤمن من شبهات المبطلين ووساوس الشياطين التى تستهدف قلبه وتشوش عليه عقيدته
    فهم يصفون الذات الإلهية بما لا يليق بها من معاني النقص , ويضيفون للمخلوق من صفات الإلوهية ما لا يصح إلا لله وحده , ويسيغون كلامهم بحجج واهية وعلل كاذبة ولكن هذه الشبهات قد تصادف قلوب ضعيفة ونفوس جاهلة لا تملك قوى تدفع بها هذه الوساوس والأكاذيب ، لذا فعلى كل مسلم أن يتدرع بما يصد عنه هذه الشبهات والوساوس ليحافظ على سلامة عقيدته.

    وأسلم ما يتدرع به هو التسبيح ، فبه يستدفع كل ما لا يتفق مع فطرته فالتسبيح يعلن على قلبه دوماً أن الله ليس كمثله شيء
    هذه هي القاعدة ... فالله عز وجل لا يشبه أحد من خلقه ولا يُشبهه أحد
    وكل ما لا يتفق مع هذه القاعدة فهو باطل ينبغي أن تستقبله بالتنزيه فتقول " سُبْحَانَكَ " أي أنزهك ربي على أن يقال في حقك مثل هذا الكلام.
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  3. #13
    تاريخ التسجيل
    Feb 2009
    المشاركات
    1,673
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    16-06-2013
    على الساعة
    05:43 PM

    افتراضي

    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



    سبحان الله و بحمده
    سبحان الله العظيم

    عدد خلقه
    و سعة ملكه
    و زنة عرشه
    و رضاء نفسه
    ومداد كلماته


    موضوع ممتاز
    و رائع


    في إنتظار المزيد



    التعديل الأخير تم بواسطة شعشاعي ; 14-02-2012 الساعة 02:08 AM

  4. #14
    تاريخ التسجيل
    Jan 2011
    المشاركات
    32
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    28-07-2012
    على الساعة
    06:25 PM

    افتراضي 6- الفكر مع التسبيح يقوى في القلب ذكر الآخرة

    6- الفكر مع التسبيح يقوى في القلب ذكر الآخرة :



    الإنسان ما دام يحيا في الدنيا لا ينفك عن همومها لأنه يحيا فيها بجسده وهذا الجسد له مطالب .. وتلبية هذه المطالب تستدعي حركة وسعي ، وكل من قصد شيئاً اهتم به .. ومن هنا لا ينفك إنسان عن هموم الحياة
    ولأن الإنسان لم يُخلق للدنيا وإنما خُلق للآخرة فلابد أن يتحرك لآخرته ويسعى لتحقيق سعادته فيها وهذا يقتضي أن يحمل هم آخرته.

    فكيف يعيش الإنسان في الدنيا وهو محمل بهموم المعاش ومع ذلك لا يغفل عن آخرته ؟
    إن من الوسائل التى تكفل للإنسان عدم الغفلة عن آخرته والانشغال عنها بهموم الدنيا هي :
    أن يستدعي الفكر ويديم الذكر بحقيقة وجوده في الدنيا وانتقاله إلى الآخرة وحتمية وجود حساب وجزاء , فكلما نظر إلى الكون ومعطيات الحياة التى سخرها الله له ثم تفكر في حكمة هذا الوجود وهذه النعم وذاك التسخير .. أدرك أنه لا محالة محاسب ومجازى على ما قدم , وإلا فان خلقه وتكريمه وتسخير الكون له سيكون مجرد عبث ولهو إن لم يتبعه بعث وحساب وجزاء .
    وطالما أنه ينزه ربه عن العبث واللهو وأن يخلق شيئا سُدى بغير حكمة فسوف يظل مؤمناً بالجزاء ذاكراً له كلما رأى نعم الله تحيطه ومعطيات الكون تخدمه وكل شيء مسخر له.

    والإنسان قد يؤمن بحقيقة ولكنه ينساها , فكثيراً منا يؤمن بحقيقة وجوده في الدنيا وأنه مبتلى فيها ومفارق لها بالموت ومنتقل إلى الآخرة للحساب والجزاء , ولكنه حين ينسى هذه الحقيقة ويزداد نسيانه وغفلته حتى تصبح الدنيا أكبر همه ويتضاءل هم الآخرة فيصبح وكأنه ناكراً مكذباً لها.

    فانه بذلك النسيان والانشغال عن آخرته صار بلسان حاله متهماً لربه بعدم الحكمة من خلقه , والعاقل لا يتصور أبدا أن يعيش الناس في الدنيا على اختلاف عقولهم وقلوبهم وأعمالهم بين مؤمن وكافر وظالم ومظلوم وفاعل للخير وفاعل للشر ثم تنتهي الحياة بموتهم جميعا ويفنى وجودهم إلى الأبد فلا يتبع حياتهم حياة أخرى وبذلك يستوي من عاش كريماً ومن عاش لئيماً ومن فعل الخيرات مع من فعل المنكرات ولا يكون هناك فرق بين من آمن بالله وأطاعه وبين من كفر به وعصاه ولا يحاسب الظالم على ظلمه ولا يعاقب الفاجر ولا يكافئ البار

    إن عقلك يرفض هذا التصور تماما .. ومع ذلك فأنت حين تعيش في الدنيا ولا تُدخل الآخرة في حساباتك أصبحت بذلك مقراً لهذا التصور ومصدقاً له بعملك .
    فالغفلة عن الآخرة هي في الحقيقة استبعاد لها وإذا زادت هذه الغفلة صارت إنكاراً , فكما أن هناك من ينكر الآخرة بلسانه قائلاً لا بعث ولا حساب فإن هناك من يقر بلسانه وينكر بحاله , لذلك كثر خطاب الله تعالى في القرآن لعباده بمثل هذا الخطاب :
    - ( أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى ) " القيامة:36 "
    أي مهملاً دون أمر أو نهي ، وقيل : أي بدون جزاء وعقاب
    - وقال ( أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ ) " المؤمنون :115"
    - وقال ( وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ذَٰلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا ۚ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ ) " ص :28 "

    فكل من شهد لله وأقر له بالكمال المطلق والحكمة في أفعاله وأحكامه وأنه لم يخلق الناس سدى وإنما خلقهم ليعبدوه ويعيدهم إليه ليجازيهم فلا ينبغي أن ينشغل عن هذا اليوم.

    ولأن الإنسان له أعداء كُثر يدفعونه دفعا ًلينغمس في هموم الدنيا وملذاتها غمساً يحيط عقله وقلبه بحجاب يحجزه عن الفكر في آخرته , فعليه أن يقوي ذكر الآخرة في قلبه بالتفكر في هذا الكون الواسع البديع بسمواته وأرضه وشموسه وأقماره ونظامه وقوانينه وكل معطياته, فيتفكر في كل نعم الله التى سخرها له ثم ينزه ربّه أن يصدر منه شيء بدون حكمة وينزه أفعاله عن العبث واللهو وينزهه عن الظلم ومساواة من أطاعه بمن عصاه وبهذا الفكر وهذا التنزيه يوقن بوجود حساب وجزاء

    فكلما حركت فكرك في كل شيء حولك ازددت يقيناً بأنك مسئول ومحاسب ومجازى لأنه لا يمكن أن يوجدك الله على هذه الخلقة البديعة في أحسن تقويم ويسخر لك كل ما في الكون ثم لا تكون مُطالب بعمل ومسئول عن نتيجة وإلا كان كل ذلك الإيجاد والإمداد هباءاً ولا فائدة منه , والله منزه عن ذلك
    يقول تعالى : ( وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ ) (الدخان : 38)
    ويقول : ( مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ )
    (الدخان : 39)

    والحق أنه خلقك لهدف وغاية , خلقك لعبادته , والحق أن لك وظيفة لابد أن تقوم بها وسوف تحاسب عليها , الحق أن هناك أمر ونهي وثواب وعقاب ...

    فالفكر مع التنزيه يقوى إيمانك بالآخرة ويُشغل قلبك بها خوفاً ورجاءاً


    * وقد جاءتك الآيات في آل عمران تحكي عن أصحاب العقول السليمة بأنهم يتفكرون في مخلوقات الله وما فيها من عجائب ومبتدعات ويستشعرون عظمة الله في قلوبهم وأنه لم يخلق الكون عبثاً وأن هناك ثواباً وعقاباً لذلك سألوه أن يجعلهم من أهل الجنة لا من أهل النار يقول تعالى ( إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَٰذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ) " آل عمران:191 "

    "سُبْحَانَكَ " أي ننزهك عن كل ما لا يليق بعظمتك وجلالك , ننزهك عن أن تكون خلقت الكون بهذا الإبداع عبثا بدون هدف وحكمة ونثبت لك كمال الحكمة التي تقتضي عدم المساواة بين من آمن ومن كفر وبين الأخيار والأشرار ووجود يوم آخر فيه حساب وجزاء

    فكان تنزيههم لله تعالى عن العبث واللهو وخلو فعله من الحكمة سبباً لاستدعاء اليقين بالجزاء وانشغال القلب به خوفاً ورجاءاً .
    تماماً كالطالب الذي كلما نظر إلى ما أعده له الأب من وسائل المذاكرة التى تمكنه من النجاح منزهاً الأب أن يخلو فعله من الحكمة وأنه لم يفعل ذلك هباءاً ولا سُدى أيقن بأنه مطالب بالمذاكرة ومسئول عن النجاح ومعاقب على الإهمال و الفشل , وكلما تجدد نظره فيما أعده الوالد من معطيات يزداد إحساسه بالمسئولية وخوفه من الرسوب فتنشط نفسه للمذاكرة خوفاً من محاكمة الأب ورغبة في مجازاته .

    لذلك كان من دعاء المؤمنين بعد هذا الفكر والتأمل والتنزيه

    قالوا ( سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ، رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ )
    فحيث أيقنوا بحكمة الله في وجود الجزاء مستدلين على ذلك بتنزيهه عما لا يليق به من العبث تضرعوا إليه طالبين النجاة من النار مُقرين أن دخول النار هو غاية الخزي والإهانة بعد هذا التكريم في الدنيا بتسخير هذا الكون البديع لهم.

    فلا تغفل عن النظر لنعم الله حولك .. ولا تغفل عن تنزيهه كلما نظرت وقل } ما أنعم الله عليّ بكل هذه النعم هباءاً ولا سُدى- سبحانه- وإنما فعل ذلك لحكمة ( لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ ) النمل
    ونزه ربّك عن أن يخلف وعده فهو لابد أن يبعثك بعد موتك ويحاسبك ليجازيك ( فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ) " الزلزلة "

    * وقد وصف الله المؤمنون الموقنون بوعده ووعيده فقال ( إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا ) (الإسراء:107) ، ويقولون (حال سجودهم ) ( سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا ) أي ننزه ربنا أن يخلف وعده بل نثبت له الكمال الذي يقتضي تحقيق وعده وانجازه

    أما الذين لم يعرفوا الله تعالى بالكمال المطلق في قدرته وحكمته وأفعاله شكُّوا في البعث واستعجلوا الساعة
    قال تعالى ( أَتَىٰ أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ ) (النحل:1)
    فأخبر سبحانه أن هذا الاستعجال بسبب عدم تنزيههم لله تعالى فهم نسبوا لله ما لا يليق من العجز عن تحقيق وعده , فكان شكهم في قدرة الله على إحياء الموتى والبعث والحساب سبب سخريتهم واستعجالهم العذاب لذلك قال تعالى : ( سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ ) أي ننزه الله تعالى عن إشراكهم المؤدي إلى صدور هذا الاستهزاء والسخرية والتكذيب منهم



    * وفي سورة يس حكى القرآن إنكار المشركين للبعث واستقصارهم قدرة الله تعالى على إحياء الموتى في قوله تعالى ( وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ ۖ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ )
    فكان الرد عليهم ( قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ ) إلى قوله ( فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ )
    أي تنزيهاً لله تعالى عما يصفونه من العجز عن إحياء الموتى فهو المالك لكل شيء المتصرف في ملكه فإعادتهم وبعثهم بعد موتهم ليجازيهم من تمام ملكه ولهذا قال ( وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ) من غير شك وبلا صعوبة
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  5. #15
    تاريخ التسجيل
    Jan 2011
    المشاركات
    32
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    28-07-2012
    على الساعة
    06:25 PM

    افتراضي

    اقتباس
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة شعشاعي مشاهدة المشاركة
    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



    سبحان الله و بحمده
    سبحان الله العظيم

    عدد خلقه
    و سعة ملكه
    و زنة عرشه
    و رضاء نفسه
    ومداد كلماته


    موضوع ممتاز
    و رائع


    في إنتظار المزيد





    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

    حياك الله اخي الكريم ,, سرنا مروركم

    زادك الله من فضله اعطيتني فائده "بسعة الملك "

    وتابع معنا ستجد ان شاء الله ما يسر قلبك ويشرح صدرك ويشف صدور المؤمنين
    التعديل الأخير تم بواسطة شعشاعي ; 14-02-2012 الساعة 02:20 AM
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  6. #16
    تاريخ التسجيل
    Feb 2009
    المشاركات
    1,673
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    16-06-2013
    على الساعة
    05:43 PM

    افتراضي

    اقتباس
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فرح موني مشاهدة المشاركة
    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

    حياك الله اخي الكريم ,, سرنا مروركم

    زادك الله من فضله اعطيتني فائده "بسعة الملك "

    وتابع معنا ستجد ان شاء الله ما يسر قلبك ويشرح صدرك ويشف صدور المؤمنين


    تسجيل متابعة إن شاء الله

  7. #17
    تاريخ التسجيل
    Jan 2011
    المشاركات
    32
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    28-07-2012
    على الساعة
    06:25 PM

    افتراضي - التسبيح إقرار بعظمة المُنعم وإعلان بالشكر

    7 - التسبيح إقرار بعظمة المُنعم وإعلان بالشكر :


    حكى القرآن عن نبي الله زكريا عليه السلام دعاءه الخاشع لله تعالى بأن يرزقه الله الولد , ولم يكن طلبه للولد من أجل شهوة دنيوية وإنما من اجل مصلحة الدين ، قال تعالى مخبراً عنه ( وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي ) " مريم "

    الموالي : هم عصبته وأبناء عمومته الذين يلون أمره بعد موته وكان لا يثق فيهم لسوء سلوكهم.
    ومعنى الآية : ( لقد خفت ما يفعله أقاربي بعد موتي من تضييع أمور الدين وعدم القيام بحقه )
    ( فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ) أي من عندك ( وَلِيًّا ) ولداً من صلبي ( يَرِثُنِي ) في العلم والنبوة ( وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ ) ويرث من آل يعقوب- إسحاق وإبراهيم – النبوة والعلم والصفات الحميدة ( وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا ) أي مرضياً عندك في أقواله وأفعاله

    ثم حكى القرآن عن استجابة الله له ( فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ ) أي جعلناها صالحة للولادة
    وبعد أن جاءته البشرى ( قَالَ رَبِّ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا )
    أَنَّىٰ : أي (كيف ) أو (من أين )
    قال العلماء : الاستفهام على سبيل التعجب والسرور بهذا الأمر العجيب حيث رزقه الله الولد مع تقدم سنه وسن زوجته فليس المقصود بالاستفهام استبعاد ذلك واستحالته على قدرة الله لأن الله لا يعجزه شيء
    قال تعالى ( كَذَٰلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا ) أي لا تعجب من هذه الحالة فقد أوجدتك من عدم
    فقال عليه السلام ( رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً ) أي علامة تدل على وقوع الحمل وتحقق ما بشرتني به
    قال العلماء : وإنما سأله ذلك لأن حدوث الحمل أمر خفي فأراد أن يطلعه الله عليه ليتلقى تلك النعمة الجليلة منه حين حصولها بالشكر ولا يؤخره إلى أن يظهر ظهوراً معتاداً فهو عليه السلام لم يشك في خبر الله وإنما كان متيقناً منه لكنه أراد أن يقدم الفرح والشكر في مقدمات الرحمة واللطف ، فجعل الله له آية وأمره بأمر يشكره به
    أما الآية فهي ما جاء في قوله ( قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا )

    أي : علامة حدوث الحمل هي أن تجد نفسك عاجزاً عن أن تكلم الناس بلسانك مع كونك سوي الخلق سليم الحواس لا علة تمنعك ولكنك ممنوع من الكلام بأمرنا وقدرتنا. هذه هي العلة والعلامة .
    أما الأمر الذى أمره به هو قوله ( وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ )
    ( بِالْعَشِيِّ ) آخر النهار ، ( الْإِبْكَارِ ) أول النهار

    فكان التسبيح : هو تنزيه الله تعالى عن العجز والنقص واثبات كمال قدرته التى بها يعطي الذرية بلا سبب عادي هو طريق الشكر على نعمة الله التى أنعم بها على نبي الله زكريا عليه السلام حين وهبه الذرية بعد أن بلغ من الكبر عتياً وزوجته قد تجاوزت سن الإنجاب .

    فحق لكل من أنعم الله عليه أن يمجده ويعظمه ويثبت له الكمال المطلق فيسبحه ويحمده إقرار منه بأن الله هو المُنعم وأن النعمة حاصلة له من الله بمقتضى كماله لا بمقتضى الأسباب وإنما هو سبحانه خالق الأسباب ومُجريها وهو يُعطي بالأسباب وبدونها

    وكما استجاب نبي الله زكريا لما أمره الله تعالى من إظهار الشكر بالذكر والتسبيح حكى عنه القرآن أنه ( فَخَرَجَ عَلَىٰ قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَىٰ إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا )
    فأمر قومه عن طريق الإشارة لكون لسانه محبوس عن الكلام معهم , أمرهم أن يسبحوا الله معه ويمجدوه ويعظموه ( بُكْرَةً وَعَشِيًّا ) كما أُمر

    وهذا شأن الإنسان المؤمن حين يفيض قلبه شكراً وسروراً بنعمة الله فلا يرويه إلا سماع المدح والثناء على المُنعم فيشغله ذلك ليل نهار ويكون فاكهة قلبه ومستراح نفسه.
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  8. #18
    تاريخ التسجيل
    Jan 2011
    المشاركات
    32
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    28-07-2012
    على الساعة
    06:25 PM

    افتراضي تساؤل طالما راودني .. لماذا التسبيح عند ركوب وسيلة انتقال ..

    8 - التسبيح ينفي عن نفسك الغرور :


    الإنسان قد يُنعم الله عليه فيغيب عن قلبه رؤية المنعم وينسب النعمة إلى غير صاحبها , وقد ينسبها إلى نفسه قائلاً : ( إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَىٰ عِلْمٍ عِنْدِي )(القصص:78)، وقد يرى نفسه مستحقا للنعمة فيقول ( هَٰذَا لِي ) (فصلت:50) ، وقد تبطره النعمة حتى يقول : ( وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلَىٰ رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنَىٰ ) " فصلت " .
    وحتى يظن أنه مستغنياً عن ربه فيطغى: ( كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَىٰ أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَىٰ )" العلق ".. ولا ينجيه من هذا الغرور إلا رؤية المنعم ونسبة النعمة إليه

    * والتسبيح يعينه على ذلك .. فبه يرى أن هذه النعم حاصلة له بكمال قدرة الله تعالى التى اقتضت تسخير جميع ما في الكون له وأن الأسباب ليس لها تأثير ذاتي و لولا أن الله سخرها له ما انتفع بها

    ولذلك كان من تعليم الله لنا حين نرى نعمة تسخيره للمركوبات التى تحملنا من مكان لآخر وتحمل أثقالنا أن نسبحه تعالى مثبتين له الكمال المطلق الذي به سخر لنا هذه المخلوقات ، وفي ذات الوقت ننزهه سبحانه أن يفتقر ويحتاج إلى غيره كما افتقرنا نحن واحتجنا إلى هذه المركوبات , فالله تعالى بتمام كماله منزه عن الحاجة قال تعالى ( وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ لِتَسْتَوُوا عَلَىٰ ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَٰذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَإِنَّا إِلَىٰ رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ ) (الزخرف:14)

    فالتسبيح ينفي عن نفسك الغرور فأنت حين تُسبّح في هذا الموضع فأنت تعترف أنك تركب هذا المركب لا بقدرتك عليه وإنما بقدرة الله الذي سهله لك وسخره لخدمتك ولولا أن الله سخره ما استطعت السيطرة عليه واعتلاء ظهره

    والتسبيح هنا أيضاً : لكونك رأيت نفسك محتاجاً للركوب فنزهت ربك عن الحاجة فقلت: سبحان الذى سخر لنا هذا ولم تقل : ما أعظم منة الله عليّ أو الله أكبر ،

    وقولك: ( وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ ) أي مطيقين ، فلولا أن الله سخر البعير لنا ما أطقنا, فالبعير أقوى منا وأكبر منا جسماً فلو أن الله سبحانه جعلها صعبة لا يمكن لأحد أن يستقر عليها أو يقودها إلى أي مكان ولكن الله سخرها لنا
    وقولك: ( وَإِنَّا إِلَىٰ رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ ) لأن الركوب يذكرك بأن الدنيا معبر إلى الآخرة فتتذكر ركوبك على النعش وسفرك إلى الله

    ومن الآيات التى تقر في القلب رؤية المنعم وكماله المطلق قوله تعالى ( سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ ) ( يس : 36)

    ففي الآية إقرار بنعم الله على العباد ووجوب تمجيده وتعظيمه على إيجاده وخلقه لهذه النعم بمقتضى كماله وجلاله
    وفيها أيضاً : تنزيهه تعالى عن مماثلة المخلوقين , فالمخلوقات كلها مركبة من عناصر وذرات فهي مكونة من أزواج أي أجزاء , أما هو سبحانه فقد تنزهت ذاته عن ذلك فهي واحدة غير مركبة ، وهذا ينفي قول الذين قالوا : ( إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ ) تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً

    فأنت في هذا الموضع تسبح الله حامداً له بتسبيحك وتمجيدك على أنه سخر لك هذه النعم وتسبحه ذاكراً بتسبيحه تنزهه عن التركيب ومماثلة المخلوقين مثبتاً له كمال الذات والصفات المستلزم لتوحيده

    * وبهذا الإقرار الدائم يثبت في القلب رؤية المنعم وتعظيمه وتمجيده وينتفي عن النفس الاغترار بالنعمة المؤدي إلى البطر والطغيان الموجب للعذاب .
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  9. #19
    تاريخ التسجيل
    Jan 2011
    المشاركات
    32
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    28-07-2012
    على الساعة
    06:25 PM

    افتراضي التسبيح سبباً لدفع الشبهات عن أهل الإيمان

    9- التسبيح سبباً لدفع الشبهات عن أهل الإيمان :


    * ذكر القرآن في سورة النور (حادثة الإفك ) وما تعرضت له أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها حين رماها أهل الإفك والبهتان من المنافقين وقد نزل القرآن الكريم ببراءتها في عشر آيات كاملة وكان مما جاء فيها :
    قوله تعالى مخاطباً بعض المسلمين الذين تناقلوا هذا الكلام بينهم , مبيناً لهم الطريق الذي كان يجب أن يسلكوه في مثل هذه الأحوال وأن المؤمن إذا سمع في أخيه مقالة سوء ينبغي أن يبني الأمر فيه على ظن الخير وأن يقول بناء على ظنه هذا إفك مبين فكيف إذا كان الأمر متعلق بأصفياء الله وأهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم

    قال تعالى مبيناً لهم ما كان يجب أن يفعلوه ( وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَٰذَا سُبْحَانَكَ هَٰذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ ) ( النور : 16)
    أي كان ينبغي أن تنزهوا ربكم أن يقع هذا من أهل بيت رسوله فتقولوا ( سُبْحَانَكَ ) أي تنزيهاً لك من كل سوء وأن تبتلي أصفيائك بأمور شنيعة

    قال المفسرون : المقصود هو تنزيه الله تعالى أن تكون زوجة نبيه تتصف بالفجور, فإن فجور الزوجة وصمة في الزوج تنفر عنه القلوب
    فكان ينبغي أن تنزهوا الله عما لا يليق به وأن يقع مثل هذا من أهل بيت رسوله وتنزهوا أسماعكم عن مجرد الاستماع إلى ما يسئ إلى أم المؤمنين وتتحرجوا من مجرد النطق بمثل حديث الإفك وأن تستنكروا ذلك على من يتلفظ به فتقولوا ( مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَٰذَا ) لأن ذلك ينافي تنزيه الله تعالى , فهذا كلام لا يصح أن نتكلم به ولوحتى بالنفي
    فإن كان الكلام بالإثبات جريمة فالكلام بالنفي فيه مظنة أن هذا قد يحدث كأن تقول الشيخ فلان لا يشرب الخمر فكأن النفي جعله مظنة لذلك فلا يصح أن تنسب السوء إليه ولو بالنفي , كذلك التحدث بهذه التهمة لا يليق بأم المؤمنين ولو بالنفي

    * وتأمل موقف الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه كيف كان رده علي مقالة السوء وما دليله في براءة السيدة عائشة ؟
    لقد قال مخاطباً رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا رسول الله ما كان ربك ليُدلس عليك "
    لقد نزه الله تعالي أن يختار لنبيه زوجة يعلم منها صدور القبائح وقد قال تعالى ( الطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ) فلن يختار الله لرسوله إلا الطيبة .
    ومعلوم من صحيح السيرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج السيدة عائشة بوحي من الله وباختياره وهكذا ...


    فليجعل المسلم تنزيه الله تعالى طريقاً لدفع الشبهات عن أهل الإيمان



    * فحين تسمع أباطيل وتخاريف بني يهود في كتبهم المحرفة عن أنبياء الله ورسله وغيرهم من الحاقدين الضالين فقل: سبحان ربي أن تبتلي أنبيائك بمثل هذه التهم المشينة التي تنافي مقام النبوة وشرف الدعوة التي اختارهم لها
    فنحن ننزه الله تعالى أن يكون نبي الله داود صدر منه ما حكاه المبطلون حين قالوا أنه أعجب بزوجة أحد قواده فأرسله ليُقتل وتزوجها وفسروا آيات سورة (ص) بأن المقصود بالنعجة هي المرأة .. وهذا التفسير من الإسرائيليات المكذوبة .

    * ونسبوا إلى يوسف عليه السلام أنه أجاب امرأة العزيز حين راودته عن نفسه وأنه هَمَّ بفعل الفحشاء معها لولا رؤيته لصورة أبيه على الحائط وهذا يتنافى مع ما وصفه الله تعالي به فى قوله ( كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ ) فكيف لمن كان كذلك أن تتوجه نفسه إلى سوء أو فحش ، وغير ذلك كثير من التهم الباطلة التي ألحقوها بالأنبياء

    * وقد تقرأ قوله تعالى عن يونس عليه السلام ( فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ ) "الأنبياء" فتفهم من ظاهر اللفظ ( القدرة ) فيكون المعنى أنه ظن أن ربه لا يقدر عليه فلو لم تعرف التفسير الصحيح وهو من ( التقدير ) وليس القدرة فيكون المعنى ( وظن أن لن نضيق عليه ) فأنت تنزه ربك أن يصدر مثل هذا الظن من يونس عليه السلام وهو لا يصدر عن الصالحين من عباد الله فكيف بالأنبياء وتقول : للآية معنى لا أعرفه لكن هذا المعنى غير صحيح لأنه يتنافي مع عصمة الأنبياء

    * فتنزيهك لله تعالي يجعلك تفهم الأمور على وجه الصحة التي تليق بها وليكن هذا هو طريقك في نفي الشبهات التي يلقيها الحاقدون الفاسدون علي صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي شهد لهم رسول الله صلي الله عليه وسلم بالإيمان فنزه ربك أن يصطفي لرسوله صلي الله عليه وسلم رجال بهذه القبائح التي يلصقها بهم الحاقدون ويفترونها عليهم كالذي يقال في حق عثمان بن عفان ومعاوية بن أبي سفيان وأبو هريره و غيرهم ، فهؤلاء الصحابة قد زكاهم الله في كتابه فقال ( وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ ) "التوبة" فكيف يصدر منهم ما لا يصدر ممن أقل منهم صلاحاً وتقوى .....

    ولقد دخل التحريف و التزييف في كتب التفسير وكتب التاريخ الإسلامي عن طريق الإسرائيليات المكذوبة والمفسدين من الشيعة و المستشرقين ، ولا طاقة لكل واحد في تتبع الدليل ولكن هناك ميزان به نعرف الصحيح من السقيم وهو ما يليق وما لا يليق في حق الأنبياء والصالحين وهو مترتب على تنزيه الله تعالى فيمن اختارهم لحمل دعوته من الرسل والأنبياء وفيمن اختارهم لصحبة رسوله صلى الله عليه وسلم من الرجال .
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

صفحة 2 من 2 الأولىالأولى 1 2

التَّسْـبِيِح

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

التَّسْـبِيِح

التَّسْـبِيِح