موسوعه فتاوى اللقاء الشهري العلامه ابن عثمين

آخـــر الـــمـــشـــاركــــات


مـواقـع شـقــيـقـة
شبكة الفرقان الإسلامية شبكة سبيل الإسلام شبكة كلمة سواء الدعوية منتديات حراس العقيدة
البشارة الإسلامية منتديات طريق الإيمان منتدى التوحيد مكتبة المهتدون
موقع الشيخ احمد ديدات تليفزيون الحقيقة شبكة برسوميات شبكة المسيح كلمة الله
غرفة الحوار الإسلامي المسيحي مكافح الشبهات شبكة الحقيقة الإسلامية موقع بشارة المسيح
شبكة البهائية فى الميزان شبكة الأحمدية فى الميزان مركز براهين شبكة ضد الإلحاد

يرجى عدم تناول موضوعات سياسية حتى لا تتعرض العضوية للحظر

 

       

         

 

 

 

    

 

موسوعه فتاوى اللقاء الشهري العلامه ابن عثمين

صفحة 2 من 4 الأولىالأولى 1 2 3 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 11 إلى 20 من 95

الموضوع: موسوعه فتاوى اللقاء الشهري العلامه ابن عثمين

العرض المتطور

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المشاركات
    2,475
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    23-05-2024
    على الساعة
    01:42 AM

    افتراضي

    حكم رد المظالم إلى أهلها الذين ماتوا


    السؤال
    أحمد إليك الله يا فضيلة الشيخ على أن منَّ الله علي بالهداية، وإنني تائب إلى الله، ومن شروط التوبة: رد المظالم إلى أهلها، وأنا عازم على رد المظالم إن شاء الله إلى أهلها، ولكن هناك ثم مشكلة: وهي أنني قدرت مبلغاً من المال عن تلك المظالم، ولكن توفي بعض أصحاب هذه المظالم، هل أعطيها للورثة، وكيف أقسمها عليهم، وهذا يا فضيلة الشيخ لا أقدر عليه بسبب أمور كثيرة خوفاً من الإحراج ومن الكلام الذي يحدث بعد ذلك، فيا والدي هل لي بأن أنفقها في سبيل الخير وأكون بذلك قد برئت؟

    الجواب
    أهنئك على ما منَّ الله به عليك من التوبة والإقبال إلى الله، وأسأل الله أن يثبتني وإياك والسامعين على الحق، وأما الأموال فلا بد من إيصالها إلى أهلها ما داموا معلومين أو لهم ورثة معلومون، فلا بد من إيصالها إليهم، أما إذا كنت نسيتهم أو لا تعلمهم أصلاً، أو أيست من وجودهم والعثور عليهم فتصدق بذلك عنهم.
    ولكن إذا كانوا معلومين أو قد ماتوا وعلم ورثتهم، فقد يشكل على الإنسان أن يذهب إليهم ويقول: هذه أموال أخذتها منكم بغير حق فاقبلوا توبتي وخذوها، قد يكون هذا من الصعب وقد يلقي الشيطان في قلوبهم أنك أخذت أكثر مما أعطيت، فمثل هذا انظر إلى رجل تثق به، عاقل، صاحب دين، وقل له: يا أخي! القضية كذا وكذا، ولفلان كذا، أو لورثته إن كان قد مات، وهو إن شاء الله تعالى سيكون عوناً لك على إبراء ذمتك، يتصل بمن له الحق ويقول: هذا الإنسان ابن حلال تاب إلى الله، وكان قد ظلمكم بكذا وكذا من المال وهذا المال فتبرأ الذمة؛ لأن العلماء يقولون: المال المعلوم صاحبه لا بد من إيصاله إلى صاحبه، مثلاً: لو وجدت عشرة ريالات في السوق فإنها تكون لك ملكاً، لأنه ليس لها أهمية وسط الناس، ولا يهتمون بها -عشرة ريالات- في الوقت الحاضر، لكن لو كنت تعلم أن هذه العشرة سقطت من فلان؛ وجب عليك أن توصلها إليه، بل لو وجدت ريالاً واحداً سقط من شخص تعرفه وجب عليك أن ترسله إليه، فمثلاً: أنت عرفت أنها سقطت من واحد سافر إلى الرياض وهو ريال تعرف أنه سقط من مخبأته أمامك، لكن ركب السيارة قبل أن تنبهه فسافر الرياض، ماذا تعمل؟ تسافر إلى الرياض والتذكرة بمائة وعشرين ذهاباً وإياباً، وفي الرياض تكاسي بخمسين ريالاً من المطار إلى صاحبه إن وجده، فمثل هذا فيه صعوبة.
    فالظاهر مثل هذا إن شاء الله مما جرت العادة بالتسامح به، تصدق به عنه ونرجو الله أن يبرئ ذمتك، لكن إذا لقيته يوماً من الدهر بلغه، قل له: القضية كذا وكذا، وأنا وجدت إن ركبت الطائرة وركبت إليك أكلت مائتي ريال أو أكثر، وإن تكلمت بالهاتف يمكن لا ألقاك أول مرة وهذه مشكلة عند الناس الآن، تتصل ثم يرفع السماعة يجيب صبي! أين أبوك؟ بابا ما فيه، أين مامه؟ مامه ما فيه، وتتعب، وبعض الصبيان الصغار إذا قلت له: السلام عليكم قال: السلام عليكم، أين بابا؟ يرد أين بابا، ويتعبك، ولهذا يجب على الإنسان أن يلاحظ هذه المسألة، لا يجعل التليفون في متناول الصبيان؛ لأنه يتعب المتصل، يذهب عليه الوقت ولا ينال بغيته، بعض الأحيان نتصل على أناس ثم يقابلونا الصبيان، نحن لا نتخلص منهم، وأخيراً نيئس ونترك المكالمة، وهذا ليس طيباً، يجب أن يلاحظ الإنسان غيره، ربما يكون في بلد آخر خسر -مثلاً- ريالاً أو ريالين.

    (31/13)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم أخذ المهر إذا طلبت الزوجة الطلاق


    السؤال
    فضيلة الشيخ: أتيت من مكان بعيد أرجو أن أجد إجابة لسؤالي: وهو أني قد تزوجت فطلبت الزوجة الطلاق بحجة أنها لم تعش في ترف لأني شاب وطالب ميسور الحال، وطلبها للطلاق كان في غير محله، وأنا لا أريد الطلاق؛ لأنها حامل، شيخنا: هل إذا طلبت الطلاق هل من حقي استرجاع المهر؟ ثم إن المهر كان من صدقات الناس هل لي بعد قبضه أن أتصرف فيه، أم علي أن أرجعه إلى الجهات التي قد أخذته منها، مع أني مديون، وديوني لا يعلمها إلا الله أفدني مشكوراً؟

    الجواب
    إذا أمكن الصبر وعدم إجابتها فهو أفضل، وذلك لوجهين: الوجه الأول: أن بعض النساء إذا حملت أصابها الكراهية لزوجها ولو كانت معه سنين، فليصبر عليها حتى يزول الوحم، وربما ترجع إلى طبيعتها ويزول ما في قلبها.
    الوجه الثاني: ربما مع التمرن وإذا ولدت وعرفت أنها الآن بقيت لا بد أن تبقى عند زوجها ربما يزول ما في قلبها، فأرى إذا كان قد رغب في خلقها ودينها أرى أن يصبر عليها، ويسايسها حتى تهدأ الأمور، وبعد الوضع يُنظر إذا كان لا يمكن البقاء فلا بأس أن يطلب حقه؛ لأن امرأة ثابت بن قيس رضي الله عنها جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقالت: (يا رسول الله! ثابت بن قيس ما أعيب عليه في خلق ولا دين -خلوق ودين وهو ممن شهد الله له بالجنة عليه الصلاة والسلام- ولكني أكره الكفر في الإسلام -أي: لا أطيقه- فقال لها: أتردين عليه حديقته؟ قالت: نعم، فدعاه وقال له: خذ الحديقة وطلقها، فأخذها وطلقها) .
    فمشورتي لهذا الرجل: أن ينتظر حتى تضع، وربما تتبدل الأوضاع ما دامت قد أعجبته في دينها وخلقها، وإذا لم تستقم الحال فلا حرج عليه أن يطلب حقه الذي أعطاها كله من الهدايا والصداق وغير ذلك، وإذا رجع إليه فهو له؛ لأنه أخذه بحق، وإذا أخذه بحق ملكه، فهو حين أخذه للزواج ملكه، فإذا رد عليه فهو ملكه، لا يجب عليه أن يرده على من أخذه منه.

    (31/14)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم كفارة الجماع في نهار رمضان


    السؤال
    أنا امرأة قد تزوجت وعمري سبع عشرة سنة من زوج فاسق، ونظراً لصغر عقلي وغشمي راودني عن نفسي في نهار رمضان ونحن صيام وبعد مدة غير طويلة طلقت منه، ثم تزوجت برجل ملتزم فأخبرته بهذا الأمر فقال: عليك أن تصومي شهرين متتابعين، ولكن لن أسمح لك أن تصومي ما دمتِ زوجة لي لأني لن أستمتع بك، فما الحل يا شيخنا رحمك الله وأعانك؟

    الجواب
    نسأل الله له الهداية، أولاً: نسأل هذه المرأة: هل هي تظن أن الجماع في نهار رمضان لمن وجب عليه الصوم حلال إذا ألح به الزوج؟ إن كانت كذلك فليس عليها شيء؛ لأنها جاهلة، وقد قال الله عز وجل: {رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة:286] فقال الله تعالى: قد فعلت.
    فإن قالت: إنها تعلم أنه حرام، وأنه لا يستباح بإلحاح الزوج، نسأل مرة ثانية: هل أكرهها على ذلك بأن أخذها غشماً وجامعها؟ إن قالت: نعم، قلنا: لا شيء عليك، وإن قالت: لا، بل هي مطاوعة، نقول: الآن وجب عليها كفارة وهي عتق رقبة، فإن لم تجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم تستطع فإطعام ستين مسكيناً.
    هنا تأتي المرحلة الثانية وهي مرحلة الزوج الثاني: الزوج الثاني جزاه الله خيراً أفتاها بأن تصوم شهرين متتابعين، ولكن يقول: لن آذن لك وأنت لي زوجة، إذاً: هي الآن لا تستطيع، فما الواجب؟ تنتقل إلى المرتبة الثالثة وهي: إطعام ستين مسكيناً وعسى الله أن يهديه ويوافق على هذا، لكن إن لم يوافق فهناك أبواب أخرى، تقول لأبيها أو أخيها أو أحد من الناس ممن لا منة له عليها لو أعطاها، أما من يمن عليها فلا تسأله.
    وإذا لم تجد، فهناك مرتبة رابعة وهي: أن الكفارة تسقط، فصار عندنا الآن أربع مراتب: عتق رقبة، فإن لم تجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم تستطع فإطعام ستين مسكيناً، فإن لم تجد تسقط، لأن الله يقول: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة:286] فهنيئاً لها ولزوجها وبارك الله لهما وجمع بينهما في خير.

    (31/15)


    --------------------------------------------------------------------------------

    علاقة النفاق بالمعاصي الباطنة والالتزام الظاهري


    السؤال
    فضيلة الشيخ: أنا شاب ظاهري الالتزام، وأحفظ جل القرآن إلا أنني أبطن معاصٍ ومنها: العادة السرية، هل من النفاق إظهاري للالتزام وإبطاني لهذه المعصية، وما هو العلاج الأمثل لداء العادة السرية؟

    الجواب
    هذا لا يعد نفاقاً كون الإنسان يستتر بستر الله في معاصي الله هذا ليس بنفاق؛ لأنه يخشى الله ويخاف الله، وهو مؤمن بالله عز وجل، ومعترف بخطيئته، وخجل من الله عز وجل، فهذا ليس بمنافق، والذي ينبغي للإنسان إذا فعل معصية ألا يخبر أحداً بذلك، ففي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (كل أمتي معافى إلا المجاهرين) الذين يفعلون المعصية ثم يصبحون يحدثون بها الناس هذا ليس في عافية، لا أحد أرأف بك من الله، ولا أرحم ولا أحب بالتوبة من الله، فإذا أسأت ولم تخبر أحداً صارت المسألة بينك وبين الله، وتنتهي المشكلة.
    فنقول للأخ: استتر بستر الله، وليس هذا من النفاق، واحرص على أن تتوب إلى الله توبة نصوحاً.
    وإذا كنت مبتلىً بهذا الأمر فتفكر فيه أنه حرام، وله آثار سيئة على البدن، ولا سيما على مستقبل الإنسان، والإنسان العاقل يحكم العقل، والعاقل هو من يغلب عقله شهوته، تجنب هذا وتلهى عنه، ثم احرص على أن تتزوج مبكراً؛ لقول الرسول عليه الصلاة والسلام: (يا معشر الشباب! من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم) .

    (31/16)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم إدخال نية تحية المسجد في صلاة الفريضة


    السؤال
    فضيلة الشيخ: هل يجوز للمسلم أن يدخل في صلاة الفريضة ويقصد بها تحية المسجد، كما إذا دخلت معكم في هذه الصلاة في هذا المسجد وأنا قد صليت قبلكم، فهل يجوز لي أن أنوي بها تحية المسجد؟

    الجواب
    إذا دخل المسجد شخص وصلى الفريضة فهي تكفي عن تحية المسجد، ولا حاجة لأن ينوي تحية المسجد، لأن المقصود من تحية المسجد ألا تجلس إلا وقد صليت ركعتين، وهذا يحصل بالفريضة وبالراتبة القبلية، ولو دخلت بعد أذان الفجر وأنت لم تصل الراتبة، وصليت الراتبة عند دخولك كفت عن تحية المسجد، وكذلك لو دخلت والناس يصلون دخلت معهم كفت عن تحية المسجد، والدخول مع الناس وهم يصلون نافلة كما قال النبي عليه الصلاة والسلام يخاطب رجلين: (إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما المسجد جماعة فصليا معهم، فإنها لكما نافلة) .

    (31/17)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم قص شعر البنت قصة تشبه شعر الولد


    السؤال
    سائلة تقول: قمت بقص شعر ابنتي التي تبلغ من العمر خمس سنوات قصة تشبه شعر الولد، والسبب في هذا أنها ترفض أن أربط شعرها مما يجعل شكله غير مقبول، فهل أكون آثمة بهذا العمل، وهل التشبه المحرم يكون للمرأة البالغة أم حتى للأطفال؟

    الجواب
    هي آثمة بهذا العمل، وهذا هو بيت القصيد، آثمة أن تقص شعر ابنتها حتى يكون كشعر الذكر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لعن المتشبهات من النساء بالرجال، والطفل يجب أن يجتنب ما يجتنبه الكبير، هو لا يأثم لأنه غير مكلف، لكن وليه يأثم إذا أركبه ما يحرم على الكبير.
    وإذا كانت هذه البنت لم يقص شعرها على هذا الوجه صار الشعر غير لائق فليكن، لا يرتكب الإنسان شيئاً محرماً من أجل إصلاح الشعر، فعليها أن تتوب إلى الله، وألا تعود لمثل ذلك، وإلا فعليها الإثم، ألم يقل الرسول عليه الصلاة والسلام: (مروا أبناءكم بالصلاة لسبع) مع أنه لا تلزمهم الصلاة، لكن الولي يجب أن يربي الأطفال على ما يرضي الله ورسوله، في فعل المأمور وترك المحظور.

    (31/18)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم صيام امرأة منعها الأطباء من الصيام لمشقته عليها


    السؤال
    امرأة مريضة قرر الأطباء منعها من الصيام لأنه يشق عليها، لكنها تحاملت على نفسها فصامت عشرين يوماً من رمضان الماضي، وقبل شهر توفيت ولم تكمل العشرة الأيام الباقية، ما الواجب في هذه الأيام العشر الباقية: هل يصام عنها أم يطعم، أفدني أفادك الله؟

    الجواب
    الواجب أن يطعم عنها عن كل يوم مسكيناً؛ لأن هذه المرأة كما يظهر من مقال السؤال عاجزة عن الصيام عجزاً لا يُرجى زواله، والعاجز عن الصيام عجزاً لا يُرجى زواله فرضه الإطعام، وعلى هذا فالواجب عليهم: أن يطعموا عن هذه المرأة عشرة مساكين، لأنه تبقى عليها عشرة أيام ولكن كيف ذلك؟ إما أن يدعو عشرة من المساكين لغداء أو عشاء، وإما أن يدفعوا لكل مسكين قريباً من الكيلو، فالمجموع نحو عشرة كيلو، ومعها شيء من اللحم يكون إداماً لها.

    (31/19)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم وضع الحصى على القبر


    السؤال
    فضيلة الشيخ: هل وضع الماء ثم الخرسانة -أي: نوع من أنواع الحصى الصغير- على القبر سنة، وما توجيهكم وفقكم الله لحديث نهي النبي صلى الله عليه وسلم أن يزاد على القبر من غير ترابه، الذي رواه أبو داود في سننه؟

    الجواب
    الحصباء توضع على القبور إذا كان يخشى أن تحملها الرياح -أي: تحمل التراب الذي على القبر- فتوضع عليها الحصباء لتمسك التراب، أما في مثل مقابرنا الآن فالتراب لا يزول بالرياح، فلا حاجة إلى وضع الحصباء.
    والحديث يحمل على ما إذا كان لا حاجة لذلك، أما إذا كان هناك حاجة فلا بد من وضع الحصباء حتى يبقى القبر بيناً.

    (31/20)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم غيرة المرأة على زوجها


    السؤال
    يحصل بيني وبين زوجي خصام في أكثر الأحيان وذلك بسبب غيرتي عليه فأنا أغار عليه وأراقب نظراته، وإذا لمحت منه أي نظرة أو اشتبهت فيها غرت عليه، وهو يحتج عليَّ دائماً بأن الغيرة المحبوبة إلى الله هي الغيرة في محارم الله، وأما الغيرة التي تقع مني فهي تسبب الطلاق، ولم أقتنع بكلامه لأنني أعتقد أن من حقي أن أغار عليه حتى ولو لم يقصد، علماً أنه ملتزم ولا أشك فيه، وجهني بما تراه وفقك الله؟

    الجواب
    أوجه هذه السائلة أن تخفف من غيرتها، وإلا فإن من طبيعة المرأة أن تغار على زوجها، وهذا دليل على محبتها له، ولكني أقول: الغيرة إذا زادت صارت غبرة وليست غيرة، ثم تتعب المرأة تعباً شديداً، لذلك أشير على هذه المرأة أن تخفف من غيرتها، وأشير على الرجل أيضاً أن يحمد الله على أن هيأ له امرأة صالحة تحبه، لأن هذا -أعني: التحاب بين الزوجين- مما يجعل الحياة بينهما سعيدة، وإلا فإن الغيرة أمر فطري لا بد منه.
    أرسلت إحدى أمهات المؤمنين إلى النبي عليه الصلاة والسلام طعاماً في إناء، وهو في بيت إحدى نسائه، فلما دخل الرسول بالطعام والإناء فرحاً به يهديه إلى الرسول عليه الصلاة والسلام، لكن من امرأة أخرى، هذه المرأة التي هو في بيتها غارت فضربت يد الرسول وطاح الإناء وتكسر وتبعثر الطعام، ولكن الرسول لم يوبخها، بل قال: (غارت أمكم) أو كلمة نحوها، أخذ الطعام والإناء وأخذ طعام المرأة التي هو في بيتها وإناءها وقال: (إناء بإناء، وطعام بطعام) وأرسله مع الرسول، لأن الرسول إذا رجع وقال: إن المرأة هذه فعلت كذا وكذا سوف تتكدر المرسلة، فإذا جاءها إناء ضرتها وطعام ضرتها سوف تبرد وهذا من حكمة الرسول عليه الصلاة والسلام.
    المهم أن الغيرة بين النساء أمر لا بد منه، وأرى أن من نعمة الله على الزوج أن تكون المرأة تحبه إلى هذا الحد، ولكني أقول للمرأة: خففي من الغيرة لئلا تشقي على نفسك وتتعبي، وأقول للرجل: احمد ربك على هذه النعمة، ولا يزداد ذلك إلا رغبة في أهلك ومحبة لهم.
    أما مسألة الطلاق فلا تذكره أبداً عند المرأة، الرجل إذا ذكر الطلاق عند المرأة صار هذا الشبح أمام عينها نائمة ويقضانه، وهذا غلط، ولهذا من السفه أن بعض الناس يذكر كلمة الطلاق لامرأته، حتى ولو للتهديد.
    يا أخي: هددها بغير هذا، تهددها بالطلاق فيبقى الشيطان دائماً يعمل في قلبها حتى تؤدي النهاية إلى الفراق والعياذ بالله.

    (31/21)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم وعظ الناس في المقابر


    السؤال
    هل تجوز الموعظة للناس عند دفن الميت في المقابر، وهل يجوز أن يدعو الواعظ والناس يؤمنون من ورائه، إذا كان هذا العمل جائزاً فما هو أفضل دعاء، وإذا كان غير جائز أرجو من فضيلتكم أن توضح للناس ذلك؟

    الجواب
    أما الموعظة الخاصة فهذه لا بأس بها، لو كان الإنسان جالساً وحوله أناس، وصار يتكلم عن الموت وما بعده، وسؤال الميت عن ربه ودينه ونبيه، هذا طيب، أو مثلاً هو جالس عند القبر وقال للناس ما قاله الرسول عليه الصلاة والسلام وهو جالس على قبر إحدى بناته قال: (ما منكم من أحد إلا وقد كتب مقعده من الجنة ومقعده من النار -كل شيء مكتوب نسأل الله أن يجعل مقاعدنا في الجنة - قالوا: يا رسول الله! إذاً نترك العمل -ما دام كل شيء مكتوب- قال: لا، اعملوا فكل ميسر لما خلق له) مقعد أهل الجنة لا يكون لمن عمل عمل أهل النار، مقعد أهل النار لا يكون لمن عمل عمل أهل الجنة، مقعدك مكتوب لكن مكتوب العمل المؤدي إلى هذا المقعد، فمثل هذه الموعظة لا بأس بها.
    وكذلك أيضاً في يومٍ من الأيام دخل النبي صلى الله عليه وسلم إلى البقيع وهم في جنازة رجل من الأنصار، لكنه ما تم اللحد، والناس ينتظرون إتمام اللحد، وجلس النبي صلى الله عليه وسلم وجلسوا حوله كأن على رءوسهم الطير احتراماً للرسول عليه الصلاة والسلام وتعظيماً للمقام، فجعل يحدثهم بما يكون عند الاحتضار وما بعد الموت، مثل هذه الموعظة لا بأس بها.
    أما أن يقوم الإنسان خطيباً عند القبر يخطب الناس فهذا ليس من السنة في شيء، وما عهدنا أن الرسول عليه الصلاة والسلام ولا الصحابة قاموا خطباء في المقبرة يعظون الناس الخطب في أي مكان تكون؟ في المساجد، أما المقابر فلا، المقابر محل العزاء، لكن إذا جرت مناسبات موعظة مجلس ما هي خطبة فلا بأس.
    وأما الدعاء بعد الدفن فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يدعو والناس يؤمنون أبداً، ولكنه كان إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه وقال: (استغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت فإنه الآن يسأل) وعلى هذا تقف عند القبر وتقول: اللهم اغفر له، اللهم اغفر له، اللهم اغفر له، اللهم ثبته، اللهم ثبته، اللهم ثبته، ثلاث مرات ثم تنصرف، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان إذا دعا دعا ثلاثاً.

    (31/22)


    --------------------------------------------------------------------------------

    إزالة الإشكال بين حديثين: (إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة) و (فيما يبدو للناس.)


    السؤال
    فضيلة الشيخ: حديثان ظاهرهما فيه إشكال: حديث ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في حديث طويل في آخره: (إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها) إلى آخر الحديث.
    وحديث أبي هريرة الذي فيه: (فيما يبدو للناس) .
    فنجمع بين الحديثين حتى يزول الإشكال قلنا: إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدو للناس حتى ما يكون بينه بينها إذا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها، فهل معنى ذلك: أن كل من عمل عملاً صالحاً وكان لله خالصاً دخل الجنة، لأننا قلنا فيما يبدو للناس فيسبق عليه الكتاب، فهل معنى ذلك: أنه إذا عمل العمل لله أنه يدخل الجنة بعمله، مع أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يدخل أحدكم الجنة بعمله، قالوا: حتى أنت يا رسول الله، قال: حتى أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته) .
    أرجو أن تبين لي وتوضح كيف حلَّ هذا الإشكال؟

    الجواب
    قبل أن نحل هذا الإشكال المعين، يجب أن نعلم أنه ليس في كتاب الله تناقض، وليس في السنة التي تصح عن الرسول عليه الصلاة والسلام تناقض، وليس بين الكتاب وبين السنة الصحيحة تناقض، هذه ثلاثة أمور، هذا أمر مستحيل، فإن رأيت ما يوهم التناقض فهذا إما لنقصان علمك، وإما لقصور فهمك، وإما لسوء إرادتك وأنك لا تريد الحق ولكن تريد أن تجمع النصوص المتشابهة لتشكك نفسك وتشكك عباد الله، فالغالب أن من هذه نيته لا يفتح الله عليه، وهذه قاعدة يجب أن تكون دائماً على ذكرك، فإن عجزت فقل: الله أعلم، {كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا} [آل عمران:7] .
    أما بالنسبة للأحاديث التي أوردها فنقول: إن حديث ابن مسعود: (حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع) أي: بين الجنة، ليس المراد أن عمله أوصله إلى هذا المكان حتى لم يبق إلا ذراع، لأنه لو كان عمله عمل أهل الجنة حقيقة من أول الأمر ما خذله الله عز وجل؛ لأن الله أكرم من عبده، عبد مقبل على الله ما بقي عليه والجنة إلا ذراع يصده الله؟! هذا مستحيل، لكن المعنى: يعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدو للناس حتى إذا لم يبق على أجله إلا القليل زاغ قلبه والعياذ بالله -نسأل الله العافية- هذا معنى حديث ابن مسعود.
    إذاً: لم يبق بينه وبين الجنة إلا ذراع بالنسبة لأجله، وإلا فهو من الأصل ما عمل عمل أهل الجنة -نعوذ بالله من ذلك، نسأل الله ألا يزيغ قلوبنا- عامل وفي قلبه سريرة خبيثة أودت به إلى أنه لم يبق إلا ذراع ويموت هلك.
    وأما قوله: (بعمله) فنعم العمل سبب من الأسباب، جعله الله تعالى سبباً لدخول الجنة إذا كان العمل صالحاً.
    وسبباً لدخول النار إذا كان العمل سيئاً، كما أن الزواج سبب للولد، فالعمل الصالح جعله الله سبباً لدخول الجنة وليس عوضاً، لو أراد الله أن يعاوض الإنسان بعمله لأفلس، عملك الصالح الآن أنت مدين به لله، كيف؟ من الذي وفقك للعمل الصالح؟ الله، إذاً له حق عليك، ولهذا قيل:
    إذا كان شكري نعمة الله نعمة عليَّ له في مثلها يجب الشكر
    فكيف بلوغ الشكر إلا بفضله وإن طالت الأيام واتصل العمر

    (31/23)


    --------------------------------------------------------------------------------

    نصيحة للآباء والأجداد المفرطين في حق الله


    السؤال
    فضيلة الوالد: أسأل الله أن يسددك وأن يجعلك عوناً على طاعته، أرجو توجيه نصيحة للآباء والأجداد الذين تجاوزت أعمارهم الستين وشابت شعور رءوسهم ولحاهم وضعفت أبدانهم، لكنهم يعيشون ليلهم أمام المسلسلات والأفلام، ولا يقبل بدلها صرفاً ولا عدلاً، بل تفوته صلاة الفجر أحياناً والعصر أحياناً، ولا تجده محافظاً على وتر ولا راتبة، ولا يبالي بمعازف ولا مناظر، فوالله إن قلوب الأبناء تتقطع عليهم حسرة وهم لا يبالون؟

    الجواب
    نسأل الله العافية، أقول لهؤلاء: اتقوا الله في أنفسكم، واعلموا أن الواجب على العبد أن يكون أسوة صالحة لأهله وذويه لا أسوة سيئة، وليحذروا من تلاعب الشيطان بهم، وإضاعة أوقاتهم فيما لا يرضي الله عز وجل، وليعلموا أن أولادهم إذا رأوهم على هذه الحالة اقتدوا بهم، فنصيحتي لهم: أولاً: ألا ينهمكوا فيما ذكره السائل.
    ثانياً: أن يحرصوا على تربية أولادهم تربية طيبة، وعلى قبول النصح من الأولاد، لا سيما الأولاد الصالحون الذين حباهم الله سبحانه وتعالى علماً وعملاً.
    ونسأل الله لنا ولهم السلامة والعافية، وإلى لقاء آخر إن شاء الله تعالى، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

    (31/24)


    --------------------------------------------------------------------------------
    وأخيراً أسأل الله عز وجل أن يجعل هذا العمل نافعاً، مباركاً، خالصاً لوجهه الكريم
    وأن ينفعني به في حياتي وبعد مماتي، وأن ينفع به كل من انتهى إليه؛ فإنه خير مسؤول، وأكرم مأمول، وهو حسبنا ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.

    حياكم الله بموقع بداية الهداية الخطوة إلى طريق العلم الشرعي الصحيح
    http://www.musacentral.com/

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المشاركات
    2,475
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    23-05-2024
    على الساعة
    01:42 AM

    افتراضي

    اللقاء الشهري

    اللقاء الشهري [32]
    المطر نعمة عظيمة، يأتي به الله، فتنتفع البلاد والعباد، وقد يتسبب هطول الأمطار في بعض الأحيان إلى الحرج والمشقة، وهذا ما بينه الشارع الحكيم، فجعل للمطر أحكامه الخاصة، ولعل أهمها: جواز الجمع بين الصلاتين.
    وبذلك بدأت هذه المادة، التي يشعر متصفحها بأنه أمام سيل من الأحكام الشرعية المتتالية، والنصائح والتوجيهات المتدفقة، والتي تعالج كثيراً من الإشكالات في جوانب الحياة المختلفة.

    (32/1)


    --------------------------------------------------------------------------------

    بعض أحكام المطر وما يتعلق به
    إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
    أما بعد:

    (32/2)


    --------------------------------------------------------------------------------

    نزول الأمطار رحمة من الله بعباده
    فإننا نشكر الله سبحانه وتعالى على ما منَّ به على هذه المنطقة من السيول التي كانت، والتي نرجو الله سبحانه وتعالى أن تكون صيباً نافعاً ينفع الله به البلاد والعباد، هذه الأمطار التي يرسلها الله عز وجل على العباد تسير -بإذن الله- سيراً حثيثاً أو بطيئاًَ على حسب ما تقتضيه حكمة الله عز وجل، وليس بخافٍ علينا ما جرى في قصة الرجل الذي سمع صوتاً من السحاب يقول: اسق حديقة فلان -حديقته أي: بستانه- لما سمع هذا الصوت تعجب! كيف يؤمر السحاب أن يسقي حديقة فلان؟! فجاء يتبع السحاب حتى أمطرت في أرضٍ انبعث منها وادٍ صب في هذه الحديقة فأرواها، فقال الرجل الذي سمع الصوت لصاحب الحديقة: ما الذي تصنع في حديقتك؟ قال له: ما شأنك بها؟ قال: إني سمعت صوتاً من السحاب يقول: اسق حديقة فلان -لحديقتك هذه- فقال: أما وقد قلت هذا، فإنني أقسمها أثلاثاً، ثلث أجعله في نفقتها، وثلث نفقة لي ولأهلي، وثلث أتصدق به، فانظر كيف كان سقي هذه الحديقة بإرادة الله عز وجل.
    ومما يدل على ذلك أيضاً ما ثبت في الصحيحين عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: دخل رجل المسجد يوم الجمعة والإمام يخطب، فقال: (يا رسول الله! هلكت الأموال وانقطعت السبل فادع الله أن يغيثنا، فرفع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يديه وقال: اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا -ثلاث مرات، ما زاد على ذلك- قال أنس: فوالله ما في السماء من سحاب ولا قزعة -أي: أن السماء صحو ليس فيها سحاب واسع، ولا قزعة وهي قطعة السحاب- وما بيننا وبين سلع من بيت ولا دار -وسلع جبل معروف في المدينة يأتي السحاب من جهته- قال: فأنشأ الله سحابة من روائه مثل الترس -أي: كالتبس الكبير- فارتفعت في السماء، فلما توسطت السماء انتشرت ورعدت وبرقت، وأمطرت فما نزل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم من منبره إلا والمطر يتحادر من لحيته) سبحان الله! {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [يس:82] .
    ثم إن المطر استمر أسبوعاً كاملاً، فجاء رجل من الجمعة الثانية، أو الرجل الأول وقال: (يا رسول الله! تهدم البناء، وغرق المال، فادع الله أن يمسكها عنا) فدعا النبي صلى الله عليه وسلم لكنه لم يقل: اللهم أمسكها عنا، وإنما دعا بما فيه حصول الخير واندفاع الضرر، قال: (اللهم حوالينا ولا علينا، وجعل يشير بيده إلى النواحي فما أشار إلى ناحية إلا انفرجت بإذن الله) إن النبي صلى الله عليه وسلم لا يدبر السحاب، ولكن الذي يدبره هو الله عز وجل، (فدعا النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ربه: اللهم حوالينا ولا علينا، فانفرج السحاب وخرج الناس يمشون في الشمس، قال: حوالينا ولا علينا، اللهم على الضراب والآكام وبطون الأودية ومنابت الشجر) .
    وإذا كان الله تعالى هو الذي ينزل الغيث، فإن الواجب علينا أن نعترف له بقلوبنا وألسنتنا بالشكر، وأنه المنعم حقاً، وأن نقوم بطاعته بجوارحنا، لأن الشكر هو القيام بطاعة المنعم.

    (32/3)


    --------------------------------------------------------------------------------

    الجمع بين الصلاتين في المطر
    من المعلوم أن الأمطار يحصل بها بعض التعب، فالمشي في المطر يبل الثياب، ويتعب الماشي، وربما يلحقه البرد في أيام الشتاء، وربما تكون الأرض وحلة -أي: طيناً- تزل به الأقدام، ومن رحمة الله أن أجاز لعباده الجمع في أيام الوحل وأيام المطر الذي يشق على الناس، أجاز الجمع بين الظهر والعصر أو بين المغرب والعشاء، لقول عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: (جمع النبي صلى الله عليه وسلم بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء، في المدينة من غير خوف ولا مطر، قالوا: ما أراد إلى ذلك؟ قال: أراد ألا يحرج أمته) أي: لا يلحقها الحرج والمشقة، وهذه إشارة إلى العلة في جواز الجمع وهي الحرج، فمتى لحق الإنسان حرج في إفراد كل صلاة في وقتها فإن له أن يجمع سواء من المطر، أو الريح الباردة في الليلة الباردة، أو المرض، أو خوف ضياع ماله، أو خوف تلفه، حتى قال العلماء: إن الخباز إذا خاف أن تحترق خبزه فإنه يجوز أن يجمع.
    لأن الأمر -والحمد لله- واسع.
    لكن لا يجوز التهاون في الجمع، فيجمع بدون سبب؛ لأن بعض الناس بمجرد أن يأتي المطر يقول: هذا مطر نجمع، وهذا غلط كبير؛ لأن الجمع بدون سببه محرم ولا تقبل به الصلاة المجموعة إلى ما قبلها أو ما بعدها، فمثلاً: لو جمع العشاء إلى المغرب بدون سبب صحت صلاة المغرب ولم تصح صلاة العشاء؛ لأنها صارت قبل وقتها في حال لا يجوز فيه الجمع، وقد قال الله تبارك وتعالى في الكتاب العزيز: {إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً} [النساء:103] أي: محدودة بوقت، الفجر من كذا إلى كذا، والظهر من كذا إلى كذا، والعصر من كذا إلى كذا، والمغرب من كذا إلى كذا، والعشاء من كذا إلى كذا، محدد، وبين النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم تلك الأوقات، فمن صلى الصلاة في غير وقتها بغير حجة شرعية فهو آثم، والصلاة التي صليت في غير وقتها باطلة، فإذا جمع الإنسان بمجرد نزول المطر الذي ليس فيه مشقة وليس بالأرض وحل ولا مناقع من الماء فإن صلاته العشاء لا تصح، ويجب عليه أن يعيدها، فإذا شك الإنسان هل هذا المطر مبيح للجمع أم ليس بمبيح فما الواجب؟ الواجب ترك الجمع؛ لأن الأصل وجوب فعل الصلاة في وقتها، ولا يجوز العدول عن هذا الأصل إلا بدليل شرعي، فإذا شك الإنسان قال: هذا المطر لا أدري أيبيح الجمع لي أم لا؟ قلنا: لا تجمع، حتى تتيقن أن هذا المطر يبيح الجمع أو يغلب على ظنك أيضاً، لأنه إذا غلب على الظن كفى.
    فإن قال قائل: أرأيتم لو صلوا المغرب وليس هناك مطر، ثم نزل المطر بعد أن تفرق الناس؟ قلنا: إذا شق عليهم الحضور إلى العشاء فليصل كل واحد في بيته ولا حرج، لكن في هذه الحالة إذا كان الإنسان معه رجال فليصلوا جماعة في البيت لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده، وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل، وما كان أكثر فهو أحب إلى الله) فالأمر والحمد لله واسع، لكن لا بد من تحقق العذر الذي يبيح الجمع، وإلا أقدم الإنسان على أمرٍ لا يحل له.

    (32/4)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم من أدرك جماعة يصلون العشاء قبل أن يصلي المغرب
    هنا مسألة: لو أنك أتيت إلى المسجد وهم يصلون العشاء وأنت لم تصلِّ المغرب أفتصلي وحدك المغرب ثم تدخل معهم العشاء، أم تصلي العشاء معهم ثم تؤخر المغرب بعدها، أم تدخل معهم بنية المغرب وإن كانوا يصلون العشاء؟ فهنا احتمالات ثلاثة، والأخير هو أولاها أن تدخل معهم بنية المغرب وإن كانوا يصلون العشاء.
    ولكن إذا دخلت في أول ركعة فإنه إذا قام الإمام إلى الرابعة فقد انتهت صلاتك، يجب أن تجلس وتقرأ التشهد وتسلم، ثم تدخل مع الإمام فيما بقي من صلاة العشاء إن أدركته.
    فإن دخلت معه في الركعة الثانية فماذا تصنع؟ تتابعه وتسلم معه؛ لأنك تكون قد صليت ثلاثاً.
    فإن دخلت معه في الركعة الثالثة تتابعه، وإذا سلم تقوم وتأتي بركعة واحدة؛ لأن صلاته ثلاث وإن كانت صلاة الإمام أربعاً لكن صلاته ثلاث.
    فإذا دخل معه في الثالثة أدرك مع الإمام ركعتين فإذا سلم الإمام أتى بركعة، وإن دخل في الرابعة أتى بركعتين.
    قد يشكل على الإنسان أنه بمتابعة إمامه إذا دخل معه في الثانية اختلت الصلاة، يكون تشهد في أول ركعة ولم يتشهد في الركعة الثانية؟ نقول: لا حرج؛ لأنه تشهد تبعاً لإمامه وترك التشهد تبعاً لإمامه، ولهذا نظائر، أرأيت لو دخلت معه في صلاة الظهر وهو يصلي الظهر ودخلت معه في الركعة الثانية؟! سوف تجلس في الركعة الأولى ولا تجلس في الركعة الثانية، لكن كل هذا من أجل متابعة الإمام، لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إنما جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه) .
    فإن قال الإنسان: يشكل عليَّ إذا دخلت معه في الركعة الأولى وهو يريد صلاة المغرب والإمام يصلي العشاء ثم جلس في الثالثة وانفرد عن الإمام يشكل عليه لماذا ينفرد؟ قلنا: هذا الانفراد لعذر، وهو أن صلاته تمت، فلا بد أن ينفرد، وله نظير في الشرع، فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في صلاة الخوف كان يصلي بأصحابه، بطائفة أول الصلاة، ثم تكمل صلاتها وتنصرف، وتأتي الأخرى وتدرك النبي صلى الله عليه وسلم في آخر الصلاة.
    ثم إن العلماء رحمهم الله قالوا: لو أن الإنسان دخل مع الإمام وفي أثناء الصلاة حُصِرَ ببول أو غائط أو ريح، ولا يستطيع أن يكمل مع الإمام قال العلماء: له أن ينفرد عن إمامه، ويكمل وينصرف، ونقول: الأمر واسع، انوِ الانفراد وأكمل صلاتك خفيفة واقض حاجتك، هذا انفراد لعذر، والأعذار ليست كغير الأعذار فهذا عذر حسي، والذي جلس ليتشهد ويسلم في صلاة المغرب عذر شرعي.
    وخلاصة القول في هذا اللقاء: أولاً: أنه يجب علينا أن نشكر الله سبحانه وتعالى على ما أنعم به علينا من هذه الأمطار، وأن نسأل الله أن يجعل فيها بركة.
    ثانياً: لا يجوز لنا أن نتساهل في الجمع، ولكن إذا وجد سبب الجمع فالأفضل الجمع؛ اقتداءً برسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

    (32/5)


    --------------------------------------------------------------------------------

    الأسئلة

    (32/6)


    --------------------------------------------------------------------------------

    مسئولية أداء الحقوق إلى أهلها وإن كانت يسيرة


    السؤال
    فضيلة الشيخ! أنا أصرف رواتب لما يفوق تسعمائة موظف، وفي رواتبهم (هلل) وفي البداية كنت أدفع لما فوق خمسين هللة ريالاً، وما دونه لا أدفع له شيئاً، وبعد فترة بدا لي أن أصرف هللاً، لكني عانيت من ذلك تعباً كثيراً وحرجاًَ مع الموظفين، فالأغلب منهم يترك الهلل ويحرجني في الكلام، فعدت إلى الطريقة الأولى، فما رأي فضيلتكم؟

    الجواب
    أما إذا أردنا المقاصة والمحاقة، فالواجب إعطاء كل ذي حق حقه، من كان له أربعون هللة أو خمسون هللة فليعطى إياها، لأن هذا حق، لكن إذا سامح وأسقط فلا حرج لأن الحق له، وأما إذا صار الأمر على وجه المسامحة وجبرت الكسر أو هو أسقط الكسر عن الموظف فلا بأس بهذا، فإذا كانت هذه الطريقة -أعني: المسامحة- أسهل للجميع وكل منهم لم يطلب المحاقة فلا بأس.

    (32/7)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم مسابقات المحلات التجارية


    السؤال
    ما حكم المسابقة في بعض المحلات التجارية، حيث أنه وضع ذلك المحل جائزة قيمتها ستون ألف ريال، بشرط: أن نشتري أغراضاً منه بخمسين ريالاً، ثم بعد ذلك يسجل الاسم في قائمة المتسابقين، وما الضابط في هذه الجوائز والمسابقات؟

    الجواب
    أولاً: نخاطب صاحب المحل الذي يضع الجائزة: هل هو إذا وضع الجائزة زاد في قيمة السلع أم لا؟ إن قال: نعم إنه يزيد في قيمة السلع.
    قلنا: هذا حرام؛ لأنه من الميسر.
    وإذا قال: إنه لا يزيد وإن سعره كسعر غيره.
    قلنا: هذا لا بأس به، إلا إذا تضمن ضرراً بحيث صار الناس يتنافسون أيهم أكثر جائزة بحيث يقول صاحب الدكان: أنا أضع سيارة، وقال الثاني: إذاً أنا أضع سيارتين، وقال الثالث: وأنا أضع ثلاثاً، فهنا يجب على ولي الأمر أن يتدخل ويمنع هذه الجوائز؛ لأن هذا يفضي إلى النزاع والخصومة والعداء، أما إذا كانت المسألة فردية واحد في السوق مثلاً وضع هذه الجائزة، فنقول: هل أنت بمقابل وضع الجائزة تزيد في السلعة؟ إن قال: لا، نقول: لا بأس.
    الاتجاه الثاني بالنسبة للمشترين، إذا كان الإنسان لا يشتري إلا من أجل الجائزة لا من أجل الرغبة في السلعة، لكن يقول: أشتري بخمسين ريالاً وأدخل المسابقة لعلي أغنم وأربح، فهذا لا يجوز له، وأما إذا كان يشتري حاجته فلا بأس؛ لأنه إذا اشترى لحاجته لم يخسر شيئاً، فتكون الجائزة من باب: (إما غانم وإما سالم) ما فيه غرم، لأن الرجل لا يشتري إلا ما يحتاجه، والقيمة لم ترفع من أجل الجائزة، فإذاً نخاطب صاحب المعرض واضع الجائزة أولاً ثم نخاطب المشترين ثانياً، فإذا قال المشتري: أنا لم أشترِ إلا ما أحتاج إليه قلنا: لا حرج اشتر بخمسين ريالاً أو بمائة ريال، وأنت إن ربحت الجائزة فأنت غانم، وإن لم تربحها فأنت سالم.
    ولا مانع من اشتراط خمسين ريالاً -قيمة للمشتريات-.

    (32/8)


    --------------------------------------------------------------------------------

    كيفية شكر الله على نعمة المطر


    السؤال
    فضيلة الشيخ! ذكرت وفقك الله شكر الله تعالى على هذه النعمة، فكيف يكون شكر الله على المطر، وهل هناك ذكر يقال عند رؤية البرق أو سماع الرعد، وهل البرد يعد من غضب الله؟

    الجواب
    أما شكر النعمة فقلت لكم: إن الشكر يكون باللسان والقلب والجوارح، أما شكر القلب فأن يعترف الإنسان بقلبه ويؤمن بأن هذا من فضل الله ورحمته، وأما اللسان فأن يقول: مطرنا بفضل الله ورحمته، فعن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه قال: (كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة الحديبية فأنزل الله مطراً، فلما صلى النبي صلى الله عليه وسلم الصبح أقبل علينا وقال: هل تدرون ماذا قال ربكم؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: قال الله تعالى: أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر -انقسموا إلى قسمين: مؤمن وكافر- فأما من قال: مطرنا بفضل الله ورحمته، فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب، وأما من قال: مطرنا بنوء كذا وكذا، فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب) فالمشروع أن تقول: مطرنا بفضل الله ورحمته، وتقول أيضاً: اللهم اجعله صيباً نافعاً، لأن المطر قد ينزل ولا ينفع، ولهذا جاء في صحيح مسلم: (ليس السنة ألا تمطروا، وإنما السنة أن تمطروا فلا تنبت الأرض شيئاً) والسنة: الجدب، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
    أما ما يقال عند الرعد أو عند البرق، فقد جاء عن بعض الصحابة والتابعين أنه يقال عند الرعد: [سبحان من يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته] ويقول عند البرق: [سبحان الله وبحمده] وأما عن النبي صلى الله عليه وسلم فلم يبلغنِ أنه يقال شيء عند البرق أو الرعد، لكن من قال: [سبحان من يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته] اتباعاً لبعض الصحابة كـ عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما فحسن، وكذا من قال: (سبحان الله وبحمده) فإنه يذكر عن ابن عباس رضي الله عنهما بسند ضعيف جداً أنه قال: [من قال حين يرى البرق: سبحان الله وبحمده لم تصبه صاعقة] فهذا حسن.

    (32/9)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم جمع الصلاة لغير عذر شرعي


    السؤال
    فضيلة الشيخ! طالب جامعي يواصل الجمع أثناء الاختبارات وبعد الاختبارات، فهو يصلي في غرفته صلاة الظهر والعصر جمعاً، وذلك لصعوبة القيام لصلاة العصر، فما رأيك في هذا الجمع؟

    الجواب
    رأيي في هذا الجمع أنه حرام، لو كان له شغل ما نام عنه، فكيف ينام عن صلاة الظهر؟! فالواجب عليه أن يصلي الظهر في وقتها، وأن يصلي العصر في وقتها، ولو أنَّا أمهلنا للناس وقلنا: من كان به نوم فلينم وليجمع لحصل شر كثير عند بعض الناس، فنقول لهذا الطالب: صلِّ الظهر في وقتها والعصر في وقتها ودع عنك الكسل.

    (32/10)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم الجمع والقصر للمسافر إذا مكث في مكان ما


    السؤال
    ما حكم الجمع مع المكث في المكان، كرجل مسافر لكنه ماكث في موضع ما، وسيستمر في هذا المكان أكثر من يوم، فهل يشرع له الجمع أم لا؟

    الجواب
    هذه المسألة مما اختلف فيها العلماء: فمن العلماء من قال: إن الجمع في السفر لا يجوز إلا لمن جدَّ به السير، فإذا سار قبل دخول وقت الأولى أخرها إلى الثانية، وإن سار بعد دخول وقت الأولى قدم الثانية، كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمس أخر الظهر إلى العصر، وإن زاغت الشمس قدم العصر مع الظهر، هذا إذا كان قد جد به السير، أما النازل فلا يجمع، واحتجوا بحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يجمع إذا جدَّ به السير) وبأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يجمع وهو نازل في منى أيام الحج، بل كان يصلي كل صلاة في وقتها، لأنه كان نازلاً، وهذا القول هو اختيار شيخ الإسلام رحمه الله.
    وقال بعض العلماء: للمسافر أن يجمع ولو كان نازلاً ماكثاً في مكانه؛ لأن السفر عذر، واحتج هؤلاء القوم بأن النبي صلى الله عليه وسلم جمع في تبوك وهو نازل، وبأن أبا جحيفة ذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم (كان نازلاً في الأبطح في مكة في عام حجة الوداع، وأنه خرج صلوات الله وسلامه عليه من قبة حمراء من أدم قال: وكأني أنظر إلى بياض ساقيه، فركزت له عنزة، ثم تقدم فصلى الظهر ركعتين والعصر ركعتين) ، وهذا يدل على أنه جمع مع أنه نازل، لكننا مع ذلك لا نحبذ للنازل المسافر أن يجمع إلا إذا كان هناك سبب، مثل: أن يكون الماء قليلاً، ولا يتمكن من أن يتوضأ مرتين، أو يكون الجو بارداً لا يتمكن من الوضوء مرتين إلا بمشقة، أو يكون على تعب فينام ويجمع من أجل أن يطول نومه وما أشبه ذلك، وإلا فالأفضل ألا يجمع، هذا إذا كان في البر، أما إذا كان في البلد فإن الواجب على المسافر أن يصلي مع الجماعة، وحينئذٍ لا بد أن يتم الصلاة، ولا بد أن يصلي كل صلاة في وقتها.
    السائل: القصر هل يجوز؟ الشيخ: القصر يجوز ما دمت مسافراً ولو كنت نازلاً، ليس كالجمع.
    وهنا ننبه: الجمع أوسع من القصر من وجه، والقصر أوسع من الجمع من وجه، فمثلاً: الجمع يجوز لكل عذر يشق معه ترك الجمع، حتى في البلد، حتى في المرض، ومن هذه الناحية يكون أوسع من القصر، القصر لا يجوز إلا في السفر خاصة، سواء كنت نازلاً أم سائراً، لكن في غير السفر لا يجوز، فلو سألني سائل: مريض في المستشفى يجمع ويقصر لأنه يشق عليه أن يصلي كل صلاة في وقتها، هل جمعه صحيح؟ صحيح، هل قصره صحيح؟ الجواب: إن كان في بلده فإنه لا يقصر، وإن كان في غير بلده فإنه يقصر.

    (32/11)
    وأخيراً أسأل الله عز وجل أن يجعل هذا العمل نافعاً، مباركاً، خالصاً لوجهه الكريم
    وأن ينفعني به في حياتي وبعد مماتي، وأن ينفع به كل من انتهى إليه؛ فإنه خير مسؤول، وأكرم مأمول، وهو حسبنا ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.

    حياكم الله بموقع بداية الهداية الخطوة إلى طريق العلم الشرعي الصحيح
    http://www.musacentral.com/

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المشاركات
    2,475
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    23-05-2024
    على الساعة
    01:42 AM

    افتراضي

    حكم إقامة جماعتين في مسجد واحد


    السؤال
    ما حكم إقامة جماعة ثانية والناس يصلون صلاة التراويح في رمضان، لأني سمعت بعض الناس يقولون: بدعة، وبعضهم يقول: في العشر لا بأس أما في غيرها فهو بدعة كما لو فعله في أول رمضان أو وسطه؟

    الجواب
    الصحيح في هذا أنه إذا دخل الإنسان سواء كان وحده أو معه جماعة والناس يصلون صلاة التراويح أنهم يدخلون مع الإمام بنية العشاء، فإذا سلم الإمام أتوا بما بقي من صلاة العشاء كلٌ يأتي بها على انفراده بدون جماعة، هذا هو الصحيح، أما أن تقام جماعتان في مسجد واحد، فهذا ليس بمشروع بلا شك، ولكن نقول: ادخلوا مع الإمام بنية العشاء.
    فإن قال قائل: هل يصح أن يأتم المفترض بالمتنفل؟ قلنا: نعم يصح، وهذا وقع في عهد النبي عليه الصلاة والسلام، فإن معاذ بن جبل رضي الله عنه كان يصلي مع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم صلاة العشاء، ثم يذهب إلى قومه فيصلي بهم نفس الصلاة، فهي له نافلة ولهم فريضة، وكان هذا في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام، أقره عليه الله عز وجل، بل الظاهر أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يعلم بذلك فأقره، وقد نص الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله: أن الرجل إذا دخل والإمام يصلي التراويح فإنه يدخل معهم بنية العشاء.

    (32/12)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم القراءة خارج الحمام لغرض إسماع من هو داخل الحمام


    السؤال
    عندي في البيت جهاز تسجيل كبير يسمع من بعد، هل يجوز لي أن أدخل دورة المياه والجهاز يشتغل وقد يكون فيه قرآن أو محاضرة أو غير ذلك، أم لا بد أن أغلقه، علماً أن مكانه بعيد عن دورة المياه؟

    الجواب
    لا حرج في هذا، يجوز للإنسان أن يضع المسجل خارج الحمام وهو يستمع إليه، وقد ذُكِرَ عن جد شيخ الإسلام ابن تيمية وهو عبد السلام، أنه كان يأمر فتاه أو ابنه أن يقرأ عليه وهو في بيت الخلاء؛ حفاظاً على الوقت، ولعل هذا من الأمر النادر، لأني لا أظن أن عالماً يفعل هذا دائماً، لكن لعله يريد أن يراجع مسألة من المسائل يريد أن يحققها ففعل هذا الفعل، مع أننا نقول بالجواز لكن تركه أفضل، لماذا؟ لأن الإنسان إذا كان يستمع إلى حديثٍ يعجبه فربما يطيل الجلوس على قضاء الحاجة؛ لأنه انسجم مع هذا الذي يسمع، ربما يجلس ساعة أو ساعتين، كما يذكر أن دول الكفر إذا أراد الإنسان أن يطالع الجرائد والصحف دخل بها معه في الحمام، وتعرفون أن كرسيهم في الجلوس فرنجي، فيجلس على هذا الكرسي على فخذيه والجرائد معه، وإن كان بعد السيجارة معه الله أعلم.
    السائل: مكتبة صغيرة معه أيضاً.
    الشيخ: يضعون مكتبة في الحمام! -نسأل الله العافية- {إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً} [الفرقان:44] .

    (32/13)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم صلاة الجمعة لرعاة الأغنام


    السؤال
    فضيلة الشيخ! نحن نسكن في قرية، ويوجد عندنا رعاة أغنام يتراوح إن كان رعيهم ما بين (5-10كم) ، ولقد حصلت بينهم وبين أصحاب الأغنام مشاكل، وذلك بسبب أن العمال يريدون أن يصلوا الجمعة، وأصحاب الأغنام يمنعونهم من ذلك بسبب خوفهم على أغنامهم من السرقة أو الضياع، ويقولون: أن صلاة الجمعة لا تجب عليكم في هذه الحالة، أفدني وفقك الله في هذه المسألة، هل نقنع العمال بعدم وجوب صلاة الجمعة عليهم، أم ندعو أصحاب الأغنام بالسماح لهم بأداء صلاة الجمعة؟

    الجواب
    إذا كان الخوف حقيقة ويخافون أن هؤلاء الرعاة إذا ذهبوا عن الغنم ضاعت أو سرقت فلا بأس أن يبقوا عند أغنامهم ويصلوا الظهر بدلاً عن الجمعة، ولكن خير من ذلك أن نشير على أهل الأغنام أن يجعلوا هؤلاء الرعاة يتناوبون، فيقال مثلاً: إذا كانوا اثنين يقال: واحد الجمعة هذه، والثاني يصلي الجمعة الأخرى، لأن بعض العمال يحبون أن يصلوا الجمعة لأداء الجمعة وحضور جماعة المسلمين، ولهم أقارب من العمال الآخرين يحضرون الجمعة فيحبون أن يتحدثوا إليهم، فللجمع بين المصلحتين نقول: الأفضل والأولى أن تجعلوهم متناوبين هذا يدخل جمعة، وهذا يدخل الجمعة الأخرى حتى يحصل الخير، والله تعالى يحب من عباده أن ييسر بعضهم على بعض.

    (32/14)


    --------------------------------------------------------------------------------

    أنواع من المسابقات المحرمة


    السؤال
    فضيلة الشيخ! وردت فتوى لهيئة كبار العلماء بتحريم مسابقة الدولار الصاروخي، وأنه من الميسر لما تشتمل عليه هذه المسابقة من أكل أموال الناس بالباطل؛ لأن كل مشترك يدفع مبلغاً من المال مخاطرة، وهو لا يدري هل يحصل على مقابل أم لا، وهو كالقمار، ولما فيه من التلاعب بعقول الناس والتغرير بهم وخداعهم، وجميع هذه المسابقات من الميسر وهو محرم شرعاً، هذا ما ورد في الفتوى التي أرفقتها لكم، وأحيطكم علماً بأن كل مشترك يستطيع أن يحصل على مقابل وكذلك على مكسب، لكن شريطة أن يبيع أربع استمارات حسب ما هو موضح ومدون ومعروف مع من يتعامل بهذه المسابقة؟

    الجواب
    نعم رأيتها ولكن وقانا الله وإياكم شر الصواريخ!! أقول: أنا أوافق سماحة الشيخ: عبد العزيز بن باز بأنها حرام، لما فيها من التلاعب والغرر والربا أيضاً، شخص يدفع أربعين ويأخذ خمسة وعشرين ألف ريال مثلاً، وكل هذا من التلاعب بالناس، فأنا رأيي كما يرى الشيخ حفظه الله بأنها محرمة، ونسأل الله تعالى أن يسلط ولاة الأمور على منع مثل هذا التلاعب.
    - بقية السؤال يقول: بماذا تنصح من يتعامل معهم وقد تحصل على بعض المبالغ ولم يتحصل عليها إلا بنشاطه في بيع الاستمارات؟ - أقول: إن الله تعالى قال في الربا: {فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ} [البقرة:275] إن كان غير محتاج فالأفضل أن يجعلها في سبيل الخير من بناء المساجد، أو إعانة الفقراء، أو قضاء الدين عن المدينين أو ما أشبه ذلك، وإن كان محتاجاً فما حصل قبل أن يعلم بالتحريم فهو له.
    - نص جواب الشيخ عبد العزيز بن باز: يقول: الدولار الصاروخي من الميسر وهو محرم شرعاً هذا كلام الجريدة وهو العنوان، يقول: قال سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز المفتي العام للمملكة العربية السعودية، ورئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء: أنه يرد كثير من الاستفتاءات إلى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء عن مسابقة ما يسمى بنظام الدولار الصاروخي التي يتداول قسائمها الناس في الآونة الأخيرة، وهي تشتمل على عبارات مثيرة تغرر بالناس وتحملهم على الاشتراك في هذه المسابقة مقابل دفع مبلغ معين من كل مشترك.
    وأوضح سماحته أن مجلس هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية سبق أن أصدر قراراً برقم: (162) وتاريخ (26/2/1410هـ) يقضي بتحريم هذه المسابقة ومثيلاتها؛ لأنها من الميسر وهو محرم شرعاً، وقد رغب سماحته تذكير الناس بهذا القرار، وفيما يلي نصه: "الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه وبعد: فقد اطلع مجلس هيئة كبار العلماء في دورته الرابعة والثلاثين المنعقدة في الطائف ابتداء من (16/2/1410هـ) إلى (26/2/1410هـ) على كتاب معالي الأمين العام لـ رابطة العالم الإسلامي رقم (16) وتاريخ 5/1409هـ والموجه إلى سماحة الرئيس العام لإدارة البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد والمحال من سماحته إلى المجلس، وقد جاء في كتاب معاليه: أود إحاطة سماحتكم بأن أحد الإخوة الغيورين على الدين أبدى ملاحظة حول المسابقات التي تقيمها بعض الشركات تحت مفهوم: (اليانصيب) المحرم شرعاً، وإذ أرفق لسماحتكم بطيه قسيمة المسابقة التي وافانا بها، وهي باسم: مسابقة (جا.
    سا.
    با) الدولية، وتروج لها مؤسسة العقيلي للتجارة الدولية في جدة، أرجو التكرم باتخاذ ما ترونه مناسباً لإصدار فتوى في الموضوع لإرشاد إخواننا المسلمين من الوقوع في مصائد تلك الشركات التي تروج للكسب الحرام، واطلع المجلس على قسيمة المسابقة المرفقة بكتاب معاليه، ومما جاء فيها: مسابقة (جا.
    سا.
    با) الدولية، اربح إحدى أشهر السيارات في العالم بقيمة خمسة وعشرين ألف دولار من غير أي التزام مالي على عاتقك خلال ثلاثة أشهر.
    هنا: المكسب أصبح حقيقة بواسطة الاشتراك بكيبونات مسابقات (جا.
    سا.
    با) الدولية، التي أثر ما جاء فيها من الإغراءات التي تحث كل إنسان على المبادرة إلى الاشتراك في هذه المسابقة مقابل دفع خمسة وستين دولاراً، واطلع المجلس أيضاً على قسيمة مسابقة ما يسمى بنظام الدولار الصاروخي ومما جاء فيها: استرخِ وأصبح غنياً، القمار مكلف ولكن هناك وصفة للنجاح بواسطة هذه الوصفة تستطيع أن تربح رأس مال قدره: خمسة وعشرين ألف دولار أمريكي من غير أي التزامات مالية على عاتقك خلال أربعة إلى ستة أسابيع، وفيها أيضاً: الدولار الصاروخي هي لعبة أموال وليست: (يا نصيب) تعمل بسرعة وسرية تامة حيث ما يوجد مكتب بريد، وتشتمل القسيمة على عبارات مثيرة تغرر بالناس وتحملهم على الاشتراك في هذه المسابقة مقابل دفع مبلغ خمسة وسبعين دولاراً من كل مشترك.
    واطلع المجلس على عدد من الرسائل التي يتساءل مرسلوها عن حكم هذه المسابقات، أو يستنكرون السماح لترويجها وأمثالها في هذه البلاد، واطلع المجلس أيضاً على الاستفتاء المقدم عن حكم المسابقة التي تقوم بها مؤسسة رشا للتجارة المؤرخ في: (29/10/1409هـ) وعلى الإيضاح المرفق به عن هذه المسابقة وعلى نموذج من الإعلانات عن هذه المسابقة، وهو منشور في جريدة المدينة المنورة بعدد وتاريخ (20/9/1409هـ) ولأهمية الموضوع وخطورته دينياً ودنيوياً درس المجلس موضوع المسابقات التجارية بصفة عامة التي يُروج لها بواسطة بعض وسائل الإعلام أو بواسطة بعض المؤسسات التجارية كالتي سبق ذكرها آنفاً.
    وبعد دراسة المجلس لموضوع هذه المسابقات التي لجأت إليها بعض الشركات والمؤسسات لطلب الحصول على الأموال الكثيرة دون مقابل، اعتماداً على التغرير والخداع لعامة الناس، وبعد اطلاعه على البحث المعد في الموضوع وتأمله للأدلة الشرعية التي تنص على تحريم الميسر القمار، وكل معاملة فيها مقامرة أو تغرير أو أكل للمال بالباطل أو إضرار بالآخرين اتضح للمجلس تحريم مسابقة (جا.
    سا.
    با) الدولية، ومسابقة ما يسمى بالدولار الصاروخي، ومسابقة مؤسسة رشا التجارية وأمثالها لما تشتمل عليه هذه المسابقات من أكل أموال الناس بالباطل، لأن كل مشترك يدفع مبلغاً من المال مخاطرة، وهو لا يدري هل يحصل على مقابل أم لا، وهذا هو القمار، ولما فيها من التلاعب بعقول الناس والتغرير بهم وخداعهم وجميع هذه المسابقات من الميسر، وهو محرم شرعاً كما في قول الله سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} [المائدة:90-91] والله الموفق، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
    هيئة كبار العلماء.
    - تبين الحكم والحمد لله، والواجب تجنب ما كان حراماً، لا سيما أنه بلغ إلى درجة أن يقرن بالخمر والأنصاب والأزلام، والأنصاب ما ينصب ليعبد، فهو بمعنى الأوثان.

    (32/15)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم أعمال النائم


    السؤال
    سائلة تقول: لي ابنة صغيرة، وقد كنت نائمة معها في إحدى الليالي، فتوفيت في تلك الليلة وأنا شاكة في أمر وفاتها، وشكي هو أني ربما نمت عليها وهي صغيرة لا تتحمل فماتت، ولكن سؤالي: هل علي صوم؟ أفدني جزاك الله خيراً، وهل لهذا الشك من محل؟

    الجواب
    هذا الشك لا محل له ولا وجه له، لأن النفوس بيد الله عز وجل، قال الله تعالى: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا} [الزمر:42] والقاعدة الشرعية: أن الأصل براءة الذمة، فإذا شك الإنسان في أمر هل يجب عليه أم لا، فالأصل براءة الذمة وعدم الوجوب، وبناءً على ذلك نقول: ليس على هذه الأم شيء لا دية ولا كفارة.

    (32/16)


    --------------------------------------------------------------------------------

    توبة شاب ونسيانه القرآن


    السؤال
    أنا شاب حفظت القرآن وعمري عشر سنين، فما زلت كذلك، فجاء علي وقت انحرفت عن الطريق المستقيم فنسيت القرآن، والآن يا شيخ أنا تائب لا أعرف ماذا أفعل، فبم تنصحني وفقك الله فقد أتيت من جدة لأدرس على فضيلتكم؟

    الجواب
    أقول: أبشر، فإن الله سبحانه وتعالى يحب التوابين ويحب المتطهرين، وهو يقول جل وعلا: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ * وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ} [الزمر:53-55] ويقول جل وعلا في أعظم الذنوب الشرك: {وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً} [الفرقان:68-70] فالحمد لله الذي ردك إلى ما كنت عليه سابقاً، وأسأل الله تعالى أن يثبتك عليه.
    وأما نسيان القرآن فأظن أنك لو عدت لتحفظه مرة ثانية سوف يكون سهلاً عليك، فعليك به فإن الله تعالى سيعينك إذا علم من نيتك الصدق والإخلاص.

    (32/17)


    --------------------------------------------------------------------------------

    الكناية في الطلاق وخطر التهاون به


    السؤال
    فضيلة الشيخ: عند ذهابي من مصر قلت لزوجتي تخويفاً لها: لا تذهبي إلى أهلك، فلو ذهبت فسيكون فصالاً بيننا، وقصدي طلاقها، وفي نفسي لو ذهبت مرة في الشهر لا بأس بذلك، فذهبت زوجتي لمرض أمها، وأذن لها والدي بالذهاب، ولما علمت بذلك وأنا على سفر قريب أردت النصيحة، فماذا علي أن أفعل؟

    الجواب
    أولاً هذا الرجل لم يعلق الطلاق على ذهابها إلى أهلها، بل قال: فسأطلقك، وهذا وعد وليس بتنفيذ، وعلى هذا فلو ذهبت إلى أهلها فإنها لا تطلق إلا إن طلقها، فالخيار بيده حتى لو ذهبت إلى أهلها، وما دام الأمر كذلك فالزوجة باقية في عصمته ولا إشكال في هذا.
    ولكني أنصحه وغيره من التهاون في أمر الطلاق، فإن بعض الناس يتهاون به جداًَ حتى إنه يقول لأخيه: خذ هذا الفنجان، فإذا قال أخوه: انتهيت رويت، قال: علي الطلاق أنك تأخذه، فنجان من الشاي يعلق طلاق امرأته عليه، هذا غلط، وهذا يوجد كثيراً بالبادية وانتقل إلى الحاضرة، وصار الناس يتلاعبون.
    وسبب ذلك: أنه ظهرت فتوى أن الطلاق المعلق إذا قصد به اليمين صار يميناً يكفر عنه كفارة يمين ولا تطلق المرأة، فمثلاً: لو قال لزوجته: إن ذهبت إلى أهلك فأنت طالق، فذهبت، ظهرت فتوى أنه يكفيه أن يكفر كفارة يمين والزوجة في عصمته باقية لا تطلق، ولكن هذه الفتوى أتدرون ما قيمتها في العالم الإسلامي، هذه الفتوى مخالفة للمذاهب الأربعة كلها، مذهب الإمام أحمد بن حنبل، والشافعي، ومالك، وأبي حنيفة، كلهم يقولون: إن المرأة تطلق، ولو قصد اليمين ولو قصد التهديد ولو قصد المنع تطلق المرأة، لأنه تكلم باختياره ولم يكره وقال: إن ذهبت فأنت طالق، ذهبت فتطلق، فالأمر خطير، وليس الأمر بالسهل الهين، حتى وإن كان ظهر في الفتوى اتباعاً لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله فإن الإنسان لا ينبغي له أن يتهاون.
    وعامة الأمة أئمتها وعلماؤها يقولون: إن هذا طلاق واقع، ولنفرض أنه الطلاق الثلاث أن هذه آخر طلقة، قال لها: إن ذهبت إلى أهلك فأنت طالق، ثم ذهبت إلى أهلها وهذه آخر طلقة، ثم قلنا: راجعها، هل يملك المراجعة؟ لا.
    الآن بقينا إما أن نأخذ بالقول إما أن هذا يمين فيكفر كفارة يمين والزوجة ترجع إليه، وإما أن يقول بقول جمهور الأمة: إنها بانت منه ولا تحل له إلا بعد زوج، فإذا أخذ بالقول الأول وردها على أنه يكفر كفارة يمين، فإن جماعه إياها زنا على رأي أكثر الأمة؛ لأنها بانت منه، وعلى رأي أنه يمين يكفرها يكون وطؤه إياها حلالاً؛ لأنها لم تطلق، وإنما قلت هذا تحذيراً من هذا التهاون الذي وقع فيه اليوم كثير من الناس.
    ولو سد هذا الباب ليتقيه الناس لكان له وجه، فإن هذا من السياسة الشرعية، كان الطلاق الثلاث في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام، وفي عهد أبي بكر، وسنتين من خلافة عمر طلاق الثلاث واحدة، أي: أن الرجل إذا قال لزوجته: أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق، أو قال: أنت طالق ثلاثاً؛ فإنه واحدة له أن يردها.
    فلما رأى عمر أن الناس قد تتايعوا في هذا الأمر وهو حرام أن يطلق الإنسان ثلاثاً، لما رآهم تتايعوا فيه وهلكوا قال: [أرى الناس قد تتابعوا في أمر كانت لهم فيه أناة، فلو أمضيناه عليهم، فأمضاه عليهم، وقال: من طلق ثلاثاً في مجلس واحد فزوجته حرام عليه] ، ومنعه من الرجوع سياسة عمرية شرعية، فلو أن الناس أفتوا بوقوع الطلاق المعلق اتباعاً لقول جمهور الأمة من أجل أن ينكف الناس عن هذا التلاعب لكانت هذه الفتوى لها وجه والله المستعان.

    (32/18)


    --------------------------------------------------------------------------------

    فضائل رجب في ميزان الشرع


    السؤال
    فضيلة الشيخ! ما حكم تخصيص شهر رجب بعمرة أو صيام أو أي عمل صالح، وهل له ميزة عن سواه من الأشهر الحرم؟

    الجواب
    ليس لشهر رجب ميزة عن سواه من الأشهر الحرم، ولا يخص لا بعمره ولا بصيام ولا بصلاة ولا بقراءة قرآن بل هو كغيره من الأشهر الحرم، وكل الأحاديث الواردة في فضل الصلاة فيه أو الصوم فيه فإنها ضعيفة، لا يبنى عليها حكم شرعي.

    (32/19)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم جمع الصلاة في السفر


    السؤال
    هل يجوز للمرأة المسافرة إذا نزلت في البيت أن تصلي قصراً وجمعاً، أم لا بد أن تصلي كل صلاة في وقتها؟

    الجواب
    هذا السؤال سبق نظيره وقلنا: إن المسافر يقصر الصلاة ما دام في سفره حتى يرجع إلى بلده، فإذا سافرت المرأة ونزلت في بلد لمدة يومين أو ثلاثة أو أربعة أو عشرة أو أكثر من ذلك وهي بنية الرجوع إلى بلدها ففي هذه الحالة تقصر الصلاة لأنها مسافرة، لكن لا تجمع إلا لحاجة لأننا ذكرنا أن الجمع في السفر ليس بسنة إلا لمن جد به السير أو كان محتاجاً لذلك، وإذا كانت في البلد لا تحتاج إلى الجمع فالأفضل ألا تجمع.

    (32/20)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم المسح على الجوارب


    السؤال
    فضيلة الشيخ! إذا لبس الإنسان الجوارب من غير حاجة أو للزينة، فهل له أن يمسح عليها أم لا بد أن يخلعها ويغسل رجليه؟

    الجواب
    ظاهر الأدلة أن الإنسان إذا لبس الجوارب فله المسح عليها، سواء قصد وقاية الرجل من البرد، أو كان في رجله حساسية قصد بذلك ألا يصيبها الغبار، أو لغير ذلك من الأغراض، فإنه لا بأس أن يمسح عليها، لكنها في مدة محددة، للمقيم يوم وليلة، وللمسافر ثلاثة أيام بلياليها، وتبتدئ المدة من أول مرة مسح بعد الحدث ولا بد أن يكون على طهارة.

    (32/21)


    --------------------------------------------------------------------------------

    متى يبدأ جواز القصر للمسافر؟


    السؤال
    فضيلة الشيخ! رجل نوى السفر مع أهله، فركبوا السيارة ومشوا فأذن عليهم العصر وهم لم يخرجوا من عامر القرية، هل يقصرون الصلاة أم ماذا يصنعون؟ وإذا وصلوا إلى البلد هل يجمعون الصلاة كالظهر والعصر والمغرب والعشاء مدة إقامتهم؟

    الجواب
    أما الشق الأول من السؤال: وهو ما إذا دخل الوقت وأنت في البلد ثم سافرت، فإنك تصلي الصلاة قصراً وإن كان أذن وأنت في البلد -أعني في بلدك- لأن العبرة بفعل الصلاة لا بدخول وقتها، وبالعكس لو أنه دخل عليك الوقت وأنت في السفر ثم وصلت بلدك فإنك تصلي تصلي أربعاً كاملة، فالعبرة إذاً بفعل الصلاة.
    أما الجمع فإنا نكرره ونقول: الجمع الأفضل للمسافر ألا يجمع إلا إذا جد به السير أو احتاج إلى ذلك.

    (32/22)


    --------------------------------------------------------------------------------

    أمور تعين على أداء صلاة الفجر


    السؤال
    فضيلة الشيخ! تفوتني صلاة الفجر كثيراً، ولا أصلي إلا بعد طلوع الشمس إذا أردت أن أذهب إلى دوامي، وهذا الأمر قد يتكرر مراراً، فهل علي شيء، وماذا أصنع لكي أحافظ على الصلاة في وقتها؟

    الجواب
    اصنع أموراً: الأمر الأول: أن تنام مبكراً.
    ولهذا (كان النبي صلى الله عليه وسلم يكره النوم قبل العشاء والحديث بعدها) ، لأجل أن ينام الإنسان مبكراً حتى يستيقظ مبكراً.
    ثانياً: أن يكون عندك نية عند النوم وعزم وتصميم على أنك سوف تقوم لصلاة الفجر، فحينئذٍ سوف يسهل عليك القيام.
    ثالثاً: أن تستعمل منبهاً، ساعة تجعلها عند رأسك تنبهك، وإن خشيت أنها إذا صوتت غمزتها وسكتها وبقيت نائماً أبعدها عنك قليلاً، وكان بعض الناس من حرصه على الصلاة يجعل الساعة المنبهة في تنكة، ويبعدها عنه، من أجل أن يكون صوتها قوياً حتى يقوم.
    افعل هذا فلا مانع.
    رابعاً: إذا لم يتيسر لك هذا فاجعل الهاتف عند رأسك إن كان عندك هاتف، وقل لأحد إخوانك: إذا أذن الفجر فاتصل بي.
    المهم أن الإنسان يستطيع أن يفعل الأسباب التي يتوصل بها إلى الاستيقاظ حتى يؤدي صلاة الفجر في وقتها، ومن عود نفسه الكسل فإنه لن يزال على كسل.
    وأما صلاته في غير وقتها فإن كان يتعمد هذا فصلاته غير مقبولة مردودة عليه ولو صلى ألف مرة، لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) أي: مردود عليه.

    (32/23)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم الجمع والقصر للمريض


    السؤال
    صليت وأنا مريض في المستشفى الظهر والعصر جمعاً وقصراً، علماً أني قد سألت فأفتيت بالجمع والقصر، فهل علي إعادة في هذا الحين؟

    الجواب
    فيه التفصيل: إن كان في مستشفى بلده فعليه أن يعيد ما صلى قصراً، وإن كان في بلد آخر فعمله صحيح ولا شيء عليه.
    - هو قال: سأل فأفتي.
    - أفتاه جاهل، وبلاء الناس من إفتاء الجهال، من أفتاه؟ هذه فتوى باطلة؛ لأنها مخالفة لإجماع المسلمين إذ أن القصر لا يكون إلا في السفر، أما الجمع فلا بأس، فلو كان يتم ويجمع لقلنا: لا بأس، لكنه لا يتم، وهذه الفتوى غلط، والمشكل ليس في الجاهل البسيط، المشكل في الجاهل المركب، ومن هو الجاهل المركب؟ الذي لا يعلم ولا يدري أنه لا يعلم، يفتي بغير علم.
    ولهذا سأضرب ثلاثة أمثلة لنعرف من الجاهل من العالم: رجل سئل: متى كانت غزوة بدر؟ فقال: في السنة الثانية.
    ورجل سئل: متى كانت غزة بدر؟ قال: في السنة الرابعة.
    والثالث سئل: متى كانت غزة بدر؟ قال: لا أدري.
    الأول عالم لأن غزوة بدر في السنة الثانية.
    والذي قال في السنة الرابعة جاهل جهله مركب.
    والذي قال لا أدري: جاهل بسيط، والجاهل البسيط خير من المركب، لأن المركب يريد أن يركب رأساً، ويرى أنه عالم.
    يقال: إن رجلاً -إما حكاية أو حق- كان يسمى توما الحكيم، كل من جاءه أفتاه بأي فتوىً كانت، وكان راكباً على أتان -حمار- فقال الحمار، والقائل على لسان الحمار لأن الحمار لا يتكلم:
    قال حمار الحكيم توما لو أنصف الدهر كنت أركب
    لأنني جاهل بسيط وصاحبي جاهل مركب
    أي: كنت أركب: أركبه هو لأنني جاهل بسيط وصاحبي جاهل مركب، والجاهل البسيط خير من الجاهل المركب.
    ويقول الثاني:
    ومن رام العلوم بغير شيخ يضل عن الصراط المستقيم
    وتلتبس العلوم عليه حتى يكون أضل من توما الحكيم
    تصدق بالبنات على رجال يريد بذاك جنات النعيم
    جاءه شباب قالوا: ما عندنا زوجات، قال: باسم الله هذه زوجة صدقة، وهذه زوجة صدقة، فتصدق بدون عقد، بدون مهر بدون شيء!! لأنه يظن أن التصدق بالنساء كالتصدق بالدراهم، وهذا من جهله.

    (32/24)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم الهدايا ممن يعمل في بنك ربوي


    السؤال
    فضيلة الشيخ! رجل يعمل في بنك يتعامل بالربا، فزار قرابة له وجاء معه بهدايا من طعام وملابس لأولئك القرابة، فما حكم استعمال أولئك القرابة لهذه الملابس وأكلهم لهذا الطعام هل يحل لهم أم يحرم عليهم؟

    الجواب
    يحل لهم أن يأكلوا؛ لأن من كسب مالاً على وجه محرم وليس المال محرماً لعينه فإنه يجوز لمن أخذه منه بطريق شرعي أن يأكل منه، وهؤلاء أخذوها بطريق شرعي وهو الهدية، لكن إذا كانوا امتنعوا من قبول هديته صار سبباً لبعده عن الربا فإنه في هذه الحالة يجب عليهم أن يردوا الهدية، وأن يبينوا له أنهم إنما ردوا الهدية لكونه يتعامل بالربا حتى يتوب، أما إذا كان لن يقلع عما هو عليه فلا حرج عليهم في قبول هديته، ونحن نعلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم قبل هدية اليهود، ففي خيبر قبل هدية المرأة التي أهدت له الشاة، وفي المدينة دعاه غلام يهودي إلى خبز شعير وإهالة سنخة فأجاب عليه الصلاة والسلام، وكذلك عامل رجلاً يهودياً اشترى طعاماً لأهله، ورهنه النبي صلى الله عليه وسلم درعه، ومات النبي صلى الله عليه وسلم ودرعه مرهونة عند هذا اليهودي.
    فعلى هذا نقول لهؤلاء الجماعة: إذا كان ردكم لهديته يفضي إلى تركه التعامل بالربا فردوها، وإذا كان لا يفضي إلى ذلك، وأن الرجل لن يهتم بردكم أو قبولكم فلا بأس بقبول هذه الهدية.

    (32/25)


    --------------------------------------------------------------------------------

    مدة مسح الخفين للمقيم إذا سافر والعكس


    السؤال
    فضيلة الشيخ! أريد منك أن توضح لي بالأمثلة في المسح على الخفين في رجل مسافر إذا مسح ثم أقام، أو مقيم مسح ثم سافر فما الحكم، لأنه يكثر فيها الإشكال؟

    الجواب
    أما من مسح ثم سافر فإنه يتم مسح مسافر، مثال ذلك: رجل مسح يوماً كاملاً، وقبل أن تتم مدة المسح سافر، فهنا يبقى عنده يومان يمسح فيهما، وأما من مسح وهو مسافر ثم أقام فيتم مسح مقيم، وعلى هذا إذا قدم البلد وقد مضى عليه يوم وليلة يجب عليه الخلع ويتوضأ وضوءاً كاملاً، إذاً العبرة بالنهاية.
    لكن إذا مسح وهو مقيم وتمت المدة فمعلوم أنه لا بد أن يخلع ويلبس من جديد
    وأخيراً أسأل الله عز وجل أن يجعل هذا العمل نافعاً، مباركاً، خالصاً لوجهه الكريم
    وأن ينفعني به في حياتي وبعد مماتي، وأن ينفع به كل من انتهى إليه؛ فإنه خير مسؤول، وأكرم مأمول، وهو حسبنا ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.

    حياكم الله بموقع بداية الهداية الخطوة إلى طريق العلم الشرعي الصحيح
    http://www.musacentral.com/

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المشاركات
    2,475
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    23-05-2024
    على الساعة
    01:42 AM

    افتراضي

    اللقاء الشهري

    اللقاء الشهري [33]
    رمضان شهر صيام وقيام اختصه الله من بين سائر الشهور، وفي هذه المادة الكلام عن خصائص شهر رمضان المبارك، وأحكامه المختلفة، ثم الإجابة عن أسئلة الناس فيما يتعلق بهذا الموضوع من الفوائد والفرائد.

    (33/1)


    --------------------------------------------------------------------------------

    خصائص شهر رمضان المبارك
    إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله؛ بعثه الله تعالى رحمة للعالمين، وقدوة للعاملين، وحجة على من أرسله إليهم أجمعين، آتاه من البينات ما على مثله يؤمن البشر، هدى به من الضلالة، وبصر به من العمى، وأرشد به من الغي، وفتح الله به أعيناً عمياً، وآذاناً صماً، وقلوبناً غلفاً، فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
    أما بعد: فهذا اللقاء في هذه الليلة ليلة الأحد السادس عشر من شهر شعبان عام (1416هـ) وهو اللقاء الذي لا يأتي دوره إلا في رمضان المبارك وبما أننا في استقبال شهر رمضان فإنه يحسن أن نتحدث عن ذلك الشهر الفاضل.
    هذا الشهر -أعني: شهر رمضان- خصه الله بخصائص: منها: أنه أنزل فيه أشرف وأعظم كتابٍ أنزله على أي رسول من الرسل، ألا وهو القرآن، كما قال الله تبارك وتعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ} [البقرة:185] ونعم هذه الفضيلة لهذا الشهر الفضيل.
    ومنها: أنه الشهر الذي فيه ليلة القدر التي قال الله عنها: إنها مباركة، وقال: إنها خير من ألف شهر، فقال تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ} [القدر:1-2] أي: أن شأنها عظيم، وهذا الاستفهام للتفخيم والتعظيم كما قاله علماء اللغة {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ} [القدر:3-4] الملائكة ملائكة الرب عز وجل ينزلون إلى الأرض ومعهم الروح الأمين وهو جبريل عليه السلام {تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلامٌ} [القدر:4-5] أي: أنهم ينزلون بإذن الله، لأنه لا أحد يعمل عملاً لا في السماوات ولا في الأرض إلا بإذن الله عز وجل وبمشيئة الله، فإن الله تعالى يفعل ما يشاء، ويحكم ما يريد، وربك هو الخلاق العليم: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ} [القصص:68] فينزلون وهي سلام إلى مطلع الفجر، إذا طلع الفجر انتهت الليلة، وقال الله تعالى في هذه الليلة: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ * فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} [الدخان:3-4] (يفرق) يفصل ويبين؛ لأنه يكتب فيها ما يكون في تلك السنة، (كل أمر حكيم) أي: كل شأن فيه حكمة؛ لأن كلما يرتبه الله عز وجل وكلما يخلقه ويقدره فإنه حكمة، لا تظن أن شيئاً يفعله الله إلا وله حكمة، إن نزل الفقر بالعباد فلحكمة إن نزل الغنى بالعباد فلحكمة وإن أجدبت الأرض وقحطت السماء فلحكمة إن أخصبت الأرض وأمطرت السماء فلحكمة، كل شيء يفعله الله فإنه لحكمة {فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} [الدخان:4] محكم متقن، كل شيء في موضعه {أَمْراً مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ * رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [الدخان:5-6] ففي رمضان هذه الليلة المباركة.
    - في رمضان تصفد مردة الشياطين، الأشداء منهم، أي: من الشياطين يصفدون ويغلون، ولا يخلصون إلى ما كانوا يخلصون إليه من قبل، ولهذا تجد المعاصي تقل جداً من المؤمنين، ويقبل المؤمنون على ربهم إقبالاً لا يجدون مثله في غير رمضان، لماذا؟ لأن الشياطين مردتهم تغل -توثق- لا يستطيعون الخلاص إلى ما كانوا يخلصون إليه من قبل.
    - في رمضان خصائص منها ما سبق ومنها: أن صومه فرضٌ على جميع العباد، بل ركن من أركان الإسلام، لا يتم الإسلام إلا بصيام شهر رمضان.
    لو صام الإنسان أحد عشر شهراً من السنة إلا رمضان هل يتم إسلامه؟ لا يتم إسلامه، لماذا؟ لأن الله عين الصيام المفروض في رمضان، وهذا من خصائص هذا الشهر.
    - ومن خصائصه: أن من قام ليله إيماناً واحتساباً غفر الله له ما تقدم من ذنبه، إيماناً بالله عز وجل إيماناً بوعده وتصديقاً بخبره واحتساباً لثوابه وأجره يغفر الله ما تقدم من ذنبه، ولو قام الليل كله في غير رمضان لم ينل هذا الأجر، بل من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه، القيام كل الليل، أو بعض الليل، أو ماذا؟ نقول: الأمر -والحمد لله- واسع، قام النبي صلى الله عليه وسلم ليلة بأصحابه إلى نصف الليل، قالوا: (يا رسول الله! لو نفلتنا بقية ليلتنا -أي: لو قمت فينا بقية الليلة؛ لأنهم نشطاء على الخير- قال النبي صلى الله عليه وسلم: إنه من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة) الحمد لله، لو كان قيام الإمام مقدار ساعة فقط من ليلٍ طوله اثني عشرة ساعة كتب للإنسان قيام ليلة كاملة، ولهذا ينبغي لنا أن نحرص إذا قمنا مع إمام ألا نفارقه حتى ينصرف، خلافاً لبعض العامة مساكين يضيعون أوقاتهم ولياليهم بغير فائدة، يصلون مع هذا تسليمة أو تسليمتين ثم يذهبون إلى مسجدٍ آخر يصلون معه كذلك، ثم مسجد ثالث، وهذا خطأ، إذا دخلت مع إمام في صلاة العشاء اثبت حتى ينصرف من التراويح من أجل أن يكتب لك قيام ليلة وأنت نائم على فراشك، وأنت تلهو مع أهلك يكتب لك القيام، ولله الحمد.
    - ومن خصائصه أيضاً: أنه مع كون صومه فرضاً وركناً من أركان الإسلام: (من صامه إيماناً واحتساباً غفر الله له ما تقدم من ذنبه) كالقيام تماماً، يغفر له ما تقدم من ذنبه، كلما تقدم يغفره الله، ويستره عليه، ويعفو عنه.

    (33/2)


    --------------------------------------------------------------------------------

    فرائض شهر رمضان المبارك
    ومن فرائض رمضان: أن الإنسان إذا صام هل يصوم عن الأكل والشرب والنكاح فقط؟ لا، هذا عذاب، والله لا يعذب أحداً، ولا يريد أن يعذبنا، لكن إذا أمسكنا عن هذه الشهوات -الأكل والشرب والجماع- ابتغاء فضل الله فإنه يكون سبباً لتقوى الله؛ لأن من اتقى الله تعالى بترك محبوباته كان تقواه فيما دون ذلك أولى، ولهذا قال عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة:183] هذه الحكمة، ليست حكمة الله عز وجل من الصيام أن يحرمنا الأكل والشرب والنكاح، بل الحكمة أن نتقي الله، ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مؤكداً ذلك: (من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه) الله غني عنك، عن أكلك وشربك وعبادتك وعن كل شيء لا يحتاج الله إليك، لكن من أجل التقوى فرض الله علينا الصيام.
    فرض الله علينا الصيام بأن نتقيه، بأن نفعل ما أمر به ونترك ما نهى عنه خوفاً منه عز وجل.

    (33/3)


    --------------------------------------------------------------------------------

    شروط من يجب عليهم صوم رمضان
    بما أننا في استقبال رمضان أحب أن أتكلم كلاماً يسيراً في بيان من يجب عليه أداء الصوم: الصوم يجب أداءً على كل مسلم بالغ عاقل قادر مقيم خالٍ من الموانع، إذا تمت هذه الشروط الستة وجب أداء الصوم في رمضان: الشرط الأول: مسلم.
    أي: لا كافر، الكافر لا نقول له: صم، ماذا نقول له؟ نقول: أسلم أولاً ثم صم، فالكافر لا يؤمر بالصوم، لكن هل يعاقب عليه في الآخرة؟

    الجواب
    نعم يعاقب عليه في الآخرة، لكن إذا أسلم في منتصف رمضان هل يجب عليه قضاء النصف الماضي؟ لا؛ لأنه كان كافراًَ، لكن يجب عليه أن يصوم ما بقي؛ لأنه الآن مسلم إذا تمت الشروط.
    الشرط الثاني: بالغ.
    ضده من ليس ببالغ وهو الصغير، فالصغير لا يجب عليه الصوم؛ لأن القلم مرفوع عنه، لكن كان الصحابة رضي الله عنهم يصومون أولادهم الصغار، حتى إن الطفل ليبكي ويعطونه لعبة يتلهى بها إلى الغروب، ولهذا قال العلماء رحمهم الله: يجب على ولي كل صبي أن يأمره بالصوم إذا أطاقه ليألفه، ويتمرن عليه، ويسهل عليه بعد البلوغ، لكن لو فرض أننا صومنا الصبي وفي أثناء النهار أفطر، قلنا: أكمل الصوم، قال: لا، أنا سوف آكل وأشرب، هل نلزمه بالإمساك أم لا؟ لا نلزمه بالإمساك؛ لأنه لا يجب عليه الصوم.
    الشرط الثالث: عاقل.
    وضد العاقل المجنون الذي لا عقل له كالذي سُلِبَ العقل -والعياذ بالله- وصار مشدوهاً، أو من بلغ من الكبر عتياً حتى صار لا يميز، هذا أيضاً ليس عليه صوم، المجنون ليس عليه صوم، والذي لا يميز لكبره ليس عليه صوم، والذي لا يميز لكبره لا يطعم عنه؛ لأنه لا يجب عليه الصوم، فلا صوم ولا إطعام.
    الشرط الرابع: أن يكون قادراً، وضد القادر العاجز، والعاجز نوعان: عاجزٌ لا يرجى أن يزول عجزه، وعاجزٌ يرجى أن يزول عجزه، العاجز الذي لا يرجى عجزه لا صوم عليه، ولكن يطعم عن كل يومٍ مسكيناً، مثل: الكبير الذي يعجز عن الصوم لكبره لا يرجى زوال عجزه، لماذا؟ لأن الكبير لا يمكن أن يعود شاباً فيقدر على الصوم وهو الآن لا يستطيع، هذا نقول: أطعم عن كل يومٍ مسكيناً وتبرأ ذمته، وأيضاً مثل أصحاب المرض الذي لا يرجى زوال مرضهم، مثل: السرطان نسأل الله العافية، وأصحاب الكلى الذين عندهم مرض في كلاهم، وأصحاب السكر الذين لا يستطيعون أن يصبروا عن الماء ومن أشبههم، هؤلاء أيضاً عجزهم لا يُرجى زواله، نقول: أطعموا عن كل يوم مسكيناً، وتكونون كالذين صاموا.
    أما العجز الذي يُرجى زواله فهو النوع الثاني فهذا نقول له: انتظر حتى يزول عجزك ثم اقض ما فاتك، كالمريض مرضاً عادياً، نقول: انتظر حتى يشفيك الله ثم اقض؛ لقوله تعالى: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة:185] .
    الشرط الخامس: أن يكون مقيماً، وضده المسافر، فالمسافر لا يجب عليه الصوم، أي: لا يجب عليه أداءً لكن يبقى في ذمته، لقوله تعالى: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة:185] ، ولكن هنا نسأل: الأفضل للمريض أن يصوم أو يفطر؟ نقول: إن كان يشق عليه الصوم فالصوم في حقه مكروه، وإن كان يضره الصوم مثل أن يقول الطبيب: لا بد أن تتناول هذه الحبوب كل أربع ساعات وإلا انتقض مرضك.
    فهنا يحرم عليه الصوم ويجب أن يفطر، وإن كان لا يشق عليه الصوم ولا يضره وجب عليه؛ لأنه إنما رخص للمريض من أجل التيسير عليه، وإذا كان كله واحد سواءً صام أو أفطر قلنا: يجب عليك أن تصوم.
    المسافر لو سألنا: هل الأفضل الإفطار أو الصوم؟ نقول: فيه التفصيل: أما إذا كان يشق عليك الصوم مشقة شديدة فالصوم في حقك حرام، وأما إن كان يشق عليك مشقة يسيرة فالصوم في حقك مكروه، وأما إن كان لا يشق عليك فهنا اختلف العلماء؛ قال بعضهم: الصوم أفضل، وقال بعضهم: الفطر أفضل، ونحن نقول: الصوم أفضل ما دام الكل سواء عندك سواءً أفطرت أم صمت، فالصوم أفضل لماذا؟ أولاً: لأن الإنسان إذا صام مع الناس صار أسهل؛ يتسحر مع الناس ويفطر مع الناس، فيجد كل من عن يمينه وشماله كلهم صوَّام، فيكون أسهل عليه بلا شك.
    ثانياً: أنه إذا عيَّد عيَّد مع الناس، لأنه الآن أتم صومه، لكن إذا عيَّد ثم ذكر أن عليه صياماً يكون العيد في فطره ناقصاً لا يفرح به ذاك الفرح.
    ثالثاً: أنه إذا صام فإنه أسهل عليه من جهة أنه لو قضى، أو قلنا: اقض، يكون صعباً عليه القضاء، حتى إن بعضهم يماطل: هذا الأسبوع الأسبوع الثاني الثالث، وإذا برمضان الثاني قد جاء، فالقضاء صعب على الإنسان.
    رابعاً: أنه لا يدري فلعله يموت ويكون الصوم ديناً عليه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من مات وعليه صيام صام عنه وليه) وسألته امرأة قالت: (إن أمي نذرت أن تصوم فلم تصم حتى ماتت، قال: أرأيت لو كان على أمك دينٌ أكنت قاضيته؟) .
    خامساً وهو ختام المسك: أنه أكمل اتباعاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم في السفر ولم يفطر إلا من أجل أصحابه، ودليل ذلك: قال أبو الدرداء: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر في يوم شديد الحر وأكثرنا ظلاً صاحب الكساء.
    تصور الحالة الآن، أكثرهم ظلاً صاحب الكساء لا يوجد خيام، ومنا من يتقي الشمس بيده -ما عنده شيء، يتقيه بيده من شدة الحر- قال: وما فينا صائم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعبد الله بن رواحة.
    إذاً الأسوة التامة بالرسول صلى الله عليه وسلم هو أن يصوم الإنسان مع الفوائد الأربع التي ذكرناها قبل، ولكن -الحمد لله- الأمر ميسر لو قال: أنا أفطر وأقضي، قلنا: لا بأس، هذا كلام الله عز وجل.
    الشرط السادس: الخلو من الموانع، ونعني بذلك: الحيض والنفاس؛ لأن المرأة إذا كانت حائضاً يحرم عليها الصوم بإجماع المسلمين، وبالنص عن سيد المرسلين، قال النبي صلى الله عليه وسلم حين قال: (ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن) الله أكبر! وصفهن بأنهن ناقصات عقل ودين، وقال: (ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل) اللب: العقل الكميل؛ لأن اللب داخل القشور محصن بها، فاللب: العقل (أذهب للب الرجل) من الرجل؟ الحازم وليس الرخو (أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن) فكيف بالرجل الرخو، ضعيف النفس، ضعيف الدين، هل يذهب عقله وراء النساء، أم لا يذهب؟ يذهب عقله وماله (أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن) انظر كلام الرسول عليه الصلاة والسلام! فتباً لقوم يريدون الآن أن يظهروا النساء المحجبات إلى الشوارع سافرات، قاتلهم الله وأفسد عليهم أمرهم، إن النبي صلى الله عليه وسلم أعلم الخلق بمصالح الأمة، ولا يمكن أن يقول مثل هذا الكلام إلا تحذيراً للأمة أن يقعوا في شَرَكَ الشر: (أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن، قالوا: يا رسول الله، كيف ينقص دينها؟ -لأن المرأة لا تحب أن ينقص دينها- قال: أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم؟ قلنا: بلى، قال: فذلك من نقصان دينها) المسلمون يصومون وهنَّ مفطرات، المسلمون يصلون وهن لا يصلين، (قالوا: ونقص العقل؟ قال: أليس شهادة المرأتين بشهادة رجل واحد؟ قلنا: بلى.
    قال: ذلك من نقصان عقلها) الرجل أضبط للشهادة تحملاً وأداءً، لا عند التحمل والمشاهدة، ولا عند الأداء عند القاضي، الرجل أحفظ للشهادة من المرأة، المرأة يأتي يشهد واحد من الرجال وآخر معه تقبل الشهادة.
    فلو قال زيد: أنا أطلب عمراً ألف ريال، فقال له القاضي: هات الشهود، قال: عندي شهود فلان وفلان، هل يثبت الحق على عمرو أم لا؟ يثبت، قال آخر: عندي رجل وامرأة يثبت أو لا يثبت؟ لا يثبت؛ لأن شهادة المرأتين عن شهادة رجل واحد.
    المهم أن المرأة إذا حاضت أو نفست فإنها لا تصوم بالإجماع، ولكن: هل هي حين صبرت على قضاء الله وشرع الله هل هي مأجورة؟ نعم مأجورة، لكنها ليست كأجر الفاعل، بدليل: رجل غني يتصدق ويعتق ويحج، وآخر فقير لا يقدر على الحج ولا على الصدقة ولا على العتق، أيهما أعظم أجراً؟ الأول، ولهذا شكا الصحابة رضي الله عنهم للرسول صلى الله عليه وسلم، قالوا: (يا رسول الله! ذهب أهل الدثور بالأجور -راحوا بها- يتصدقون ويعتقون فكيف بنا؟ -فعلمهم النبي عليه الصلاة والسلام أن يسبحوا الله ويحمدوا الله ويكبروا الله دبر كل صلاة ثلاثاً وثلاثين- وقال: إنكم تدركون من سبقكم، وتسبقون به من بعدكم، ولا يكون أحدٌ أفضل منكم) لكن ما قال الرسول عليه الصلاة والسلام: إنكم مثلهم في الأجر، فالفاعل ليس كغير الفاعل، وإن كان من لم يفعل غير قادرٍ شرعاً أو غير قادرٍ حساً.
    أقول: هل المرأة تثاب على صبرها على حبسها عن الصلاة والصيام في أيام الحيض؟ الجواب: نعم.
    ولهذا لا ينبغي للمرأة أن تتكلف في رمضان وتستعمل الحبوب المانعة من الحيض حتى لا تفطر وحتى لا تترك القيام.
    نقول: لا، احمدي الله، أبقي الأمر على طبيعته، فهذا أسلم للبدن وأسلم من العواقب، وهو شيء كتبه الله على بنات آدم.
    أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أفضل زوجات هذه الأمة، لو سئلنا: من أفضل زوجات هذه الأمة؟ قلنا: عائشة وخديجة رضي الله عنهما.
    كانت مع النبي عليه الصلاة والسلام في حجة الوداع معتمرة متمتعة بالحج إلى العمرة كسائر نساء النبي عليه الصلاة والسلام، ففي أثناء الطريق أتاها الحيض، فدخل عليها النبي صلى الله عليه وسلم وهي تبكي؛ لأنها تعرف أن الحائض لا يمكن أن تطوف ولا تسعى، قال: (ما يبكيك؟ فأخبرته أنها حاضت، قال لها: هذا شيء كتبه الله على بنات آدم) تسلية وعزاء: (شيء كتبه الله على بنات آدم) أي: ليس خاصاً بك، ومعلوم أن الإنسان يتسلى إذا رأى غيره مثله، ويتأسى به، ثم أرشدها ماذا تفعل.
    الشاهد: أننا نقول للمرأة: إذا أتاها الحيض في رمضان لا تأسفي ولا تحزني ولا تبكي هذا شيء كتبه الله على بنات آدم، فدعي البدن على طبيعته أسلم وأقل خطراً من الأمراض، ثم إذا

    (33/4)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم صيام من يلحقه الضرر بالصوم
    قد يقول قائل: ما تقول في رجل يلحقه الضرر في الصوم؟

    الجواب
    لا يجوز عليه الصوم ولا يلزمه القضاء.
    لا يجوز له الصوم لماذا؟ لأنه يتضرر، واعلموا أن من قواعد الشريعة: أنه لا يجوز للإنسان أن يتناول شيئاً مضراً في بدنه؛ لأن الشريعة جاءت لحماية الأبدان فلا يجوز للإنسان أن يتناول شيئاً يضر ببدنه إطلاقاً، حتى لو رضي وقال: أنا راضٍ بالضرر، قلنا: الأمر ليس إليك، أنت مربوب وربك الله عز وجل هو الذي قال: {وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً} [النساء:29] والنهي عن قتل النفس ليس معناه: أن رجلاً يأخذ سكيناً ويذبح نفسه، لا.
    هو لا شك يتناول هذا، لكن أيضاً يتناول كل ضرر يصيب الإنسان فإن الإنسان منهي عنه، والدليل على هذا: أن عمرو بن العاص رضي الله عنه كان في سرية طائفة تقاتل لكنها ليست جيشاً- فأجنب ذات ليلة -أصابته جنابة، والإنسان إذا أجنب يجب عليه أن يغتسل، لكن الماء بارد، خاف على نفسه إذا اغتسل- فتيمم وصلى بأصحابه، فلما قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم قال له: (أصليت بأصحابك وأنت جنب؟ قال: يا رسول الله! ذكرت قول الله تعالى: {وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً} [النساء:29] فتيممت، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه أو أنيابه) إقراراً، ولهذا جاء في الحديث عن الرسول عليه الصلاة والسلام أنه قال: (لا ضرر ولا ضرار) فإذا كان المريض يضره الصوم فإنه لا يجوز له أن يصوم، حتى لو قال: أنا ضاغط على نفسي وسوف أصوم، وقال: لست جالساً من بين عباد الله نقول: اجلس، الذي أوجب عليك أن تصوم في حال الصحة أوجب عليك أن تفطر في حال الضرر.
    نسأل الله أن يوفقنا جميعاً للصواب، وأن يجعلنا ممن يصوم رمضان ويقومه إيماناً واحتساباً إنه على كل شيء قدير.

    (33/5)
    وأخيراً أسأل الله عز وجل أن يجعل هذا العمل نافعاً، مباركاً، خالصاً لوجهه الكريم
    وأن ينفعني به في حياتي وبعد مماتي، وأن ينفع به كل من انتهى إليه؛ فإنه خير مسؤول، وأكرم مأمول، وهو حسبنا ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.

    حياكم الله بموقع بداية الهداية الخطوة إلى طريق العلم الشرعي الصحيح
    http://www.musacentral.com/

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المشاركات
    2,475
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    23-05-2024
    على الساعة
    01:42 AM

    افتراضي

    نصيحة لمن يفرط في شهر رمضان


    السؤال
    فضيلة الشيخ نقاط مهمة أحب أن يكون لكم فيها لنا نصيحة وتوجيه: رمضان في هذا العام الليل طويل والنهار قصير بارد، ومن المتوقع أن يضيع الليل على الكثير شيباً وشباباً، أما الكبار من الرجال والنساء فإن المسلسلات والأفلام لهم بالمرصاد، إذا طال الليل طالت، ونوعت على حُبٍّ وغرام، وأما الشباب فالبراري والأحواش والدشوش ولعب البلوت والورق، أرجو من فضيلتكم بسط الجواب عسى الله أن ينفع بكم عباده؟

    الجواب
    واقع هذا السؤال مؤلم، أن يفني الإنسان عمره في مثل هذه الأمور، سواء في رمضان أو في غير رمضان.
    إنني أقول: لو أن إنساناً فقد درهماً واحداً من ماله لصار يبكي عليه ويطلبه.
    ولو أنه ضاع عليه في الحساب خطأً درهم واحد لذهب يكرر الحساب مرة بعد أخرى حتى يعرف أين كان هذا الدرهم، لا شك أن هذا هو الواقع عند كثير من الناس أو أكثرهم، وهؤلاء مساكين يضيعون ساعات العمر واللحظة منها أفضل من الدنيا كلها، اللحظة منها إذا لم يصرفها الإنسان في طاعة الله فهي خسارة لا تعوض، المال يمكن أن يعوض بأن يتجر الإنسان ويربح، أو يموت له قريب غني ويرث، لكن العمر لا يعوض أبداً، إذا فات منه لحظة أبعدتك من الدنيا وأقربتك من الآخرة، ويدلك على أن العمر أغلى من المال كله: أن الله قال في كتابه: {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ} [المؤمنون:99-100] هذا المال الذي أفنى عمره به يطلب من الله أن يرجع ليعمل بهذا المال صالحاً، ولكن أنَّى ذلك، قال الله تعالى: {كَلَّا} [المؤمنون:100] أي: لن ترجع، ثم أكد عز وجل أنها كلمة حق: {إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا} [المؤمنون:100] الله أكبر! يقولها الإنسان وإن لم يسمع، يمكن أن من عنده لا يسمعونه لكنه قائلها، ولهذا جاءت الجملة اسمية، لم يقل: إنها كلمة يقولها، قال: {كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا} [المؤمنون:100] بالتأكيد، ولكن لا تنفع {وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ} إلى متى؟ {إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} [المؤمنون:100] ولا يمكن أن يعودوا إلى الدنيا، هؤلاء الذين يمضون أوقاتهم في هذه المقولات -في السؤال- هم أعظم الناس خسارة وأفدحهم -والعياذ بالله- هذا في غير رمضان فما بالك في رمضان! الذي ساعته غرر، وأوقاته درر، والإنسان لا يدري هل يدركه بعد عامه أو لا يدركه، كم من إنسان استقبله فلم يدركه، وكم من إنسان أدرك أوله ولم يدرك آخره؟ وكم من إنسان أدركه كله ولم يستفد منه شيئاً؛ لأنه أمضاه في المعصية؟ الله أكبر! السلف الصالح يقال عنهم: إنهم يسألون الله ستة أشهرٍ أن يبلغهم رمضان، فإذا أتى سألوا الله ستة أشهر أن يقبل منهم رمضان، وهؤلاء يفرطون في هذا الشهر هذا التفريط -والعياذ بالله- الشيوخ والعجائز يمضون الليالي في المسلسلات واللغو من القول، بل والمنكر من القول أحياناً، ولست أقول هذا معمماً لكل الشيوخ والعجائز بل في الشيوخ والعجائز -ولله الحمد- من يبيتون لربهم سجداً وقياماً في رمضان وفي غيره، لكن الناس ابتلوا الآن بفتنة دخلت عليهم في البيوت، ولم يستطع أن يتخلص منها إلا من شاء الله هدايته.
    فنصيحتي لإخواني: أن يتقوا الله تعالى في هذا الشهر، وأن يقبلوا على العبادة، وإني ليغلب على ظني أن قوماً انقطعوا إلى الله عز وجل شهراً كاملاً في عبادته صياماً في النهار، وقياماً في الليل، وصدقات، وقرآن، وذكر لله عز وجل، أعتقد أنهم سيجدون تربية، وأن هذا سيؤثر على قلوبهم حتى يستقيموا على أمر الله.
    الله الله يا إخوان، أوصي نفسي قبلكم وأوصيكم أيضاً: بأن ننتهز هذه الفرصة العظيمة.

    (33/7)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم الجمع بين صلاتي الظهر والعصر للمطر


    السؤال
    فضيلة الشيخ نحن في هذه الأيام نعيش فصل الشتاء وهو موسم الأمطار، ولقد حدث في مسجد حينا أن أم الناس في صلاة الظهر أحد الإخوة، وهو يصلي بالناس كان المطر يتساقط وبعد أن انصرف من صلاته شاور الجماعة ما تقولون: أنجمع صلاة العصر مع الظهر، وبعد أن كرر ذلك ثلاث مرات أجابه أحدهم: بأن يتوكل على الله ويجمع، سؤالي: ما رأي فضيلتكم في جمع صلاة العصر مع الظهر جمعاً، وما تقولون في مثل هذه الاستشارة؟

    الجواب
    أولاً أقول: إن الله تعالى فرض الصلاة على العباد فرضاً مؤقتاً محدداً، فقال جل وعلا: {إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً} [النساء:103] لكن هذه الآية دلت عليه إجمالاً لا تفصيلاً، لكن فصلها رسوله عليه الصلاة والسلام، كما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ فَآمِنُوا خَيْراً لَكُمْ} [النساء:170] جاءنا بالحق عليه الصلاة والسلام وجزاه الله عنا خيراً، قال عليه الصلاة والسلام: (وقت الظهر إذا زالت الشمس وكان ظل الرجل كطوله ما لم يحضر وقت العصر، ووقت العصر إلى أن تصفر الشمس، ووقت المغرب إلى مغيب الشفق الأحمر، ووقت العشاء إلى نصف الليل، ووقت صلاة الفجر من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس) وقتها الرسول بينها حددها حداً واضحاً يتميز به كل وقت صلاة عن الآخر.
    فإذا قدم الإنسان صلاة قبل وقتها، ولنقل: إنه كبر للظهر وصلى ركعة قبل أن تزول الشمس هل تصح صلاته؟ لا تصح، لماذا؟ لأنه ما دخل الوقت فصلاها قبل أمر الله ورسوله بها، وقد ثبت عن النبي صلى عليه وعلى آله وسلم أنه قال: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) أي: مردود غير مقبول، الله عز وجل يقول: صل لي بعد زوال الشمس، وأنت تصلي قبل زوال الشمس!! العصر متى يأتي وقتها؟ إذا صار ظل الرجل كطوله دخل وقتها، هذا رجل صلاها مع الظهر هل تقبل؟ لا تقبل، لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) لا تقبل بأي حال من الأحوال إلا بعذر شرعي قام عليه الدليل.
    ومن العذر الشرعي: إذا كان الإنسان مريضاً، ويشق عليه أن يصلي كل صلاة في وقتها نقول: اجمع الظهر مع العصر جمع تقديم أو تأخير حسب المتيسر لك، واجمع المغرب مع العشاء.
    المطر: اختلف العلماء رحمهم الله: هل يجوز الجمع للمطر أو لا يجوز؟ فمنهم من قال: لا يجوز أبداً، لا في صلاة الظهرين ولا في صلاة العشائين.
    ومنهم من قال: يجوز الجمع بين صلاة المغرب والعشاء دون الظهر والعصر.
    وهذا هو مذهب الحنابلة الذي عليه عامة علماء هذه البلاد، يقولون: الجمع بين الظهر والعصر حرام، ولا تقبل صلاة العصر، وإنما الجمع بين المغرب والعشاء فقط؛ لأنه الذي يحصل به المشقة، وهذا هو المشهور من مذهب الحنابلة الذي عليه عامة علماء أهل هذه البلاد.
    وقال بعض العلماء: يجوز الجمع بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء، إذا وجد السبب الشرعي.
    وهذا القول أصح وأرجح؛ لأنه ثبت في صحيح مسلم، عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنه قال: (جمع النبي صلى الله عليه وسلم بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء في المدينة من غير خوف ولا مطر) هذا كلام ابن عباس، وابن عباس من فقهاء الأمة وحفاظها.
    فالصحيح: أنه يجمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء إذا وجد السبب الشرعي.
    ابن عباس عندما حدث بهذا الحديث لم يتركه الناس، لأننا لو أخذنا بهذا الحديث على إطلاقه لفاتت الفائدة من تحديد وقت الصلاة، فلو قلنا: اجمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء لعذر أو لغير عذر، صار تحديد الرسول عليه الصلاة والسلام لوقت الصلاة لا عبرة به، ولهذا ناقشه الناس، قالوا: يا ابن عباس! ما أراد إلى ذلك؟ لماذا يفعل هذا؟ قال: (أراد ألا يحرج أمته) والمعنى: ألا يلحق الأمة حرجٌ إذا لم يجمعوا.
    فنقول لمن جمع بين الظهر والعصر: هل أنت حين جمعت ترى أن الناس يلحقهم حرج ومشقة لو حضروا لصلاة العصر، أم لا؟ الغالب أنه لا يلحقهم، هذا هو الغالب، وقد قال العلماء رحمهم الله: لا يجوز الجمع للمطر، إلا لمطر يبل الثياب وبللها معناه: أنه لو عصرت الثياب لخرج منها المطر، ليس مجرد النقطة والنقطتين، إلا لمطر يبل الثياب، وتوجد معه مشقة احترازاً مما لو جاء المطر في أيام الصيف، أيام الصيف يفرح الواحد إذا جاء ثوبه ماء يبرده، ما في مشقة، لكنهم قالوا: لا بد من مطر يبل الثياب، وتوجد معه مشقة.
    وليسأل هذا الإمام الذي شاور الناس وسكتوا ثم في المرة الثالثة أجابه شخص يمكن لا يعرف الحكم، وقال: توكل على الله اجمع.
    نقول له: هل بربك تعتقد أن المطر يبل الثياب ويشق على الناس أن يأتوا إلى العصر؟ لا بد أن يتحقق الإنسان هذا، وأما التلاعب بدين الله، وبعض الناس أدنى نقطة يقول: (من غير خوف ولا مطر) هكذا قال ابن عباس، هكذا في صحيح مسلم، طيب، لا تكن كالذي قال: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ} [الماعون:4] وسكت لم يقل بعدها: {الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ} [الماعون:5] ابن عباس رضي الله عنه لما حدث بهذا الحديث ناقشه الصحابة قالوا: لماذا؟ قال: (أراد ألا يحرج أمته) أنت إذا فعلت مثلما يدل عليه حديث ابن عباس فعلى العين والرأس، أما مجرد نقطة مطر أو بلل في الأرض والسماء واقفة فهذا لا يجوز، يب هذا تلاعب بدين الله، أن يقدم الصلاة عن وقتها بدون عذر شرعي مثل من فعل أكبر كبيرة، مع أننا لو شاهدنا أحداً يزني أو يشرب الخمر أنكرنا عليه، الصلاة قبل وقتها بدون عذر شرعي أكبر من هذه لماذا؟ لأن إضاعة الصلاة ركن من أركان الإسلام، ليست هينة، المسألة ليست لعباً، وفقه الشرع ليس إلى المبتدئين في العلم، بل إلى العلماء الذين رسخوا في العلم، وعلموا موارد الشريعة ومقاصدها، ليس إذا عرف الإنسان حديثاً واحداً يقول: أنا ابن جلا وطلاع الثنايا، ليس بصحيح هذا، اتق الله -يا أخي- بنفسك، واعلم أنك مسئول يوم القيامة، يسألك الله عز وجل: لماذا تعديت حدودي؟ لماذا أذنت للناس بصلاة قبل دخول وقتها بدون عذر؟ لا بد للإنسان أن يتقي الله عز وجل في عباد الله وفي نفسه أولاً.
    ولقد حدثت أن قوماً صلوا الجمعة -لكن في غير عنيزة - وصلوا معها العصر، انظر الجهل المركب، جهل مركب إلى أبعد الحدود، من قال: إن الرسول صلى الله عليه وسلم جمع بين العصر والجمعة؟ ائتوا لنا بحديث صحيح أو ضعيف أنه جمع بين العصر والجمعة، وقياس الجمعة على الظهر خطأ؛ لأن بينهما من الفروق ما يمتنع معه القياس، الفروق بين الجمعة والظهر أكثر من عشرين فرقاً، الجمعة صلاة مستقلة بوقتها وشروطها وأحوالها ومكانها، كل البلاد يمكن أن تصلي الظهر في كل مسجد، بل يمكن أن يصلي أهل المكاتب في مكاتبهم على قول بعض العلماء، لكن الجمعة يجب أن تكون في مكان واحد في البلد إلا للضرورة كتباعد الأحياء، أو ضيق المكان، أو ما أشبه ذلك، فكيف يقاس هذا على هذا؟! أليست الشريعة حدوداً حدها الله؟! هل أنزل في كتابه، أو على لسان رسوله، أو بفعل الرسول عليه الصلاة والسلام أنه جمع بين العصر والجمعة؟! أنا أتحدى أي واحد، أي إنسان يقف على حديث صحيح أو ضعيف أن الرسول صلى الله عليه وسلم جمع بين العصر والجمعة فليتفضل بإرشادنا إليه، وإلا فليتق الله في أمة محمد، لا يتلاعب، ولهذا قيل لي: إنه صدرت فتوى من لجنة الإفتاء في الرياض بأن على هؤلاء القوم أن يعيدوا صلاة العصر؛ لأنهم تعدوا حدود الله، قدموا العصر قبل دخول وقته، وكذلك يقال أيضاً في العصر مع الظهر: إذا لم يكن هناك سبب شرعي يبيح الجمع.

    (33/8)


    --------------------------------------------------------------------------------

    كيفية أداء أذكار صلاتي المغرب والعشاء ورواتبهما عند الجمع بينهما


    السؤال
    فضيلة الشيخ إذا حصل ضررٌ في الجمع فجمعت الصلاة، فهل إذا جمعت تصلى راتبة المغرب والعشاء وتقال أذكار المغرب والعشاء كذلك، أم يكتفى ببعضها دون بعض؟

    الجواب
    أما الراتبتان فتصليان، راتبة المغرب أولاً ثم راتبة العشاء ثانيا، وأما الأذكار فالظاهر أنه يكتفى بذكر واحد، لكن أيهما أكثر: ذكر المغرب أو ذكر العشاء؟ ذكر المغرب، فإذا اقتصر عليه الإنسان فأرجو أن يكون كافياً.

    (33/9)


    --------------------------------------------------------------------------------

    تقديم قضاء الدَّين على النافلة


    السؤال
    فضيلة الشيخ أنا مدينٌ لعدة أشخاص هل أذهب إلى مكة للصيام فيها مع أولادي مع أن أجرة السكن سوف أتقاسمها أنا وأولادي؟

    الجواب
    إنني أسأل سؤالاً: هل الصدقة أفضل أو الزكاة الواجبة؟ الزكاة الواجبة.
    هل التطوع أفضل أو الواجب؟ الواجب.
    هل العقل أن أبدأ بالواجب قبل التطوع أو بالعكس؟ يقتضي أن أبدأ بالواجب قبل التطوع، فلا يجوز للإنسان أن يذهب إلى مكة للتطوع بالعمرة وعليه دين، الدين يجب عليه الوفاء به، والتطوع في العمرة هل يجب عليه؟ لا يجب، حتى الفريضة تسقط مع وجود الدين.
    يا إخواني: الدين ليس عاطفة، الفرض الذي فرضه الله على العباد وهو حج البيت والعمرة إذا كان الإنسان مديناً سقط عنه، ولقي ربه بغير ذنب، إنسان مدين ولم يحج لم يؤدِ الفريضة، نقول: كلمة: (لم يؤد الفريضة) غلط، لماذا غلط؟ لأن ما عليه فريضة، حتى الآن ما عليه فريضة، لكن لا يكون الحج فريضة إلا لمن سلم من الدين.
    ولذلك نقول لهذا الأخ: هون على نفسك، أمسك عليك مالك، ابق في بلدك، وفِّر الدرهم لقضاء دينك، ولا تكن كالذي عمر قصراً وهدم مصراً.
    فنرى لهذا الأخ: أنه يجب عليه البقاء في بلده، نعم لو فرض أن أحداً من الناس تبرع له بكل النفقات، وقال: لا تعطني ولا درهماً واحداً.
    فهنا نقول: إذا كان سفره إلى العمرة لا يعطل شغلاً يحصل به على المال فليذهب؛ لأنه في هذه الحالة هل يضر غريمه أو لا يضره؟ لا.
    قال له شخص: أنا أعلم أن عليك عشرة آلاف ريال، وأعلم أن الدين يجب تقديمه على التطوع، لكن تفضل معي أنت وأهلك مجاناً من حين تركب حتى ترجع، هل له أن يذهب معه؟ هنا نقول: إذا كان صاحب عمل، وكان غيابه عن عمله ينقص من تحصيله فلا يذهب، أما إذا لم يكن صاحب عمل، وأن ذهابه معه لا ينقصه شيئاً، فلا بأس أن يذهب معه.
    السائل: هل يفرق إذا كان الدين حالاً أو غير حال؟ الشيخ: نعم.
    لا يفرق بين كون الدين حالاً ولا مؤجلاً، إلا إذا كان مؤجلاً وهو يعرف من نفسه أنه إذا حلَّ الأجل فهو قادر على الوفاء فلا بأس، كرجلٍ موظف عليه دين يحل بعد شهرين مثلاً، ويعرف أنه إذا حل الدين فهو قادر على الوفاء، فحينئذٍ نقول: اذهب، لأن بقاءه في بلده لا يغني الغريم شيئاً.

    (33/10)


    --------------------------------------------------------------------------------

    مسئولية رعاية الأب لأبنائه مقدمة على النوافل


    السؤال
    فضيلة الشيخ ما رأيك بمن يذهب بعائلته إلى مكة لأداء العمرة، ويترك أبناءه يمضون في الشوارع وهو لا يصلي، بل حتى نساءه يتسكعن في الأسواق بين الرجال وهو يصلي في الحرم، لكن ليس له دخل بهم، هل هو مأجور أم آثم؟

    الجواب
    أقول عن عقيدة مبنية على أصل: إنه آثم وليس بمأجور؛ لأنه أهمل أمراً حمله الله إياه لأمرٍ ليس بواجب، ما الذي حمله الله؟ رعاية أهله، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً} [التحريم:6] وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (الرجل راعٍ في أهل بيته ومسئول عن رعيته) أين تحذير الله عز وجل أن نقي أنفسنا وأهلينا ناراً؟ وأين الرعاية التي حملنا إياها رسوله صلى الله عليه وسلم والإنسان يجلس في المسجد الحرام مع ما فيه من الشدة والضيق ومشاهدة النساء وغير ذلك، وأولاده الذكور والإناث يتسكعون في الأسواق، أين الرعاية؟ أين الأمانة؟ فأقول: إنه آثم، فإذا قال: إذا أثمتموني بذهابي وأهلي معي أبقي أهلي في البلد وأذهب أنا، قلنا: لا بأس، هل إذا أبقيت أهلك في البلد هل لهم راعٍ يرعاهم؟ إن قال: نعم.
    قلنا: لا بأس اذهب؛ لأنه لا يترتب على ذهابه شيء، ولا نقص رعاية، ولا إخلال بأمانة، أما إذا قال: إذا ذهبت لم يبق أحد يرعاهم، وسفروا في البلد، وحصل إهمال، فنقول: لا تذهب ولا للعمرة، اللهم إلا أن تذهب في أول النهار بالطائرة وترجع في آخر النهار بالطائرة، حتى لا يضيع الوقت عليك بالنسبة لرعاية أهلك.
    وإني أقول وأكرر أمانة أبلغها لمن شاء الله: إن الدين ليس بالعاطفة، الدين حدود وتشريعات من الله عز وجل، انظر عملك قبل أن تفعل ما تهوى نفسك، هل عملك مطابق للشريعة أم لا؟ إن كان مطابقاً للشريعة فذلك من فضل الله، فافعل ما تقتضيه الشريعة، لو كان الدين بالعاطفة لكان جميع أهل البدع على حق؛ لأن هذا هو الذي تمليه عليهم عاطفتهم، الصوفية يقولون: هذا أعلى رتب الإيمان، والمعطلة لأسماء الله وصفاته يقولون: هذا أعلى رتب التنزيه، والممثلة يقولون: هذا أعلى رتب الامتثال، وهلم جراً، لكن الدين شرع محدد من قبل الله ورسوله، فإذا كان كذلك فليس كلما يروق لي ويدخل مخي ويتحلاه ذوقي يكون شرعاً، ليس بصحيح، المشركون حينما يشركون هل هذا ذوق لهم أو اتباع؟ ذوق.
    هم يقولون: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} [الزمر:3] ولَكُنَّا نقول: هذا حق أيضاً، فكون الإنسان يعمل بهواه وبما يتذوقه ويقول: هذا هو الشرع ويعرض عما أوجب الله عليه فهذا خطأ عظيم، يقول الله عز وجل: {وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ} [المؤمنون:71] .

    (33/11)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم تكفير صوم رمضان للكبائر وحقوق الآدميين


    السؤال
    فضيلة الشيخ: ذكرت في أول اللقاء أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن: (من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه) فهل يشمل هذا الكبائر والصغائر وحقوق الآدميين، أرجو التفصيل وفقك الله؟

    الجواب
    الحديث هكذا جاء عاماً: (غفر له ما تقدم من ذنبه) و (ما) اسم موصول من صيغ العموم، تقتضي أن جميع الذنوب مغفورة، ولكن هذا العموم مخصص بأدلة أخرى، وهي أنه لا بد من اجتناب الكبائر، والدليل: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان -صيامه وقيامه- مكفرات لما بينهن ما اجتنبت الكبائر) وعلى هذا فيكون هذا العموم مخصوصاً بالسنة بقول الرسول عليه الصلاة والسلام: (رمضان إلى رمضان مكفر لما بينهن ما اجتنبت الكبائر) فلا تطمع -يا أخي- فيما ليس لك، ولا تيئس مما هو لك، أنت صم رمضان إيماناً واحتساباً وقم رمضان إيماناً واحتساباً وأبشر بالخير.

    (33/12)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم صوم المصاب بمرض السكر


    السؤال
    إذا كان الإنسان مريضاً بالسكر وهو يعتمد على الحبوب دون الإبر وصحته لا بأس بها، فأيهما أفضل في حقه: أن يصوم أم أن يفطر؟ جزاك الله خيراً.


    الجواب
    هذا حسب القاعدة التي ذكرناها وهي: هل الصوم يشق عليه؟ هل الصوم يضره؟ إن كان الصوم يشق عليه فالصوم في حقه مكروه، وإن كان يضره فالصوم في حقه حرام، فإذا قال الأطباء: إنك إذا تركت أكل الحبوب في الساعات المقررة فإن السكر ربما يؤدي إلى هلاكك، فإن الواجب عليه أن يفطر، والحمد لله: (إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه) بل إن الفطر في حال الضرر بالصوم عزيمة وليس رخصة.

    (33/13)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم الاهتمام بالنافلة دون الفريضة


    السؤال
    فضيلة الشيخ يهتم كثير من الأئمة بكثرة المصلين معه في رمضان، ولو كان على حساب صلاة الفريضة، أو على العبادة: ومن ذلك: الأذان للعشاء قبل الوقت المحدد بربع ساعة لكي يخرج مبكراً.
    ثانياً: ترك الاستعاذة من عذاب القبر وفتنة الدجال في صلاة التراويح، لكي يخرج أيضاً مبكراً.
    ثالثاً: التخفيف في صلاة العشاء مع أنها فريضة وهي أحب العمل إلى الله، وإطالته لصلاة التراويح.
    رابعاً: الاقتصار في التسبيح بعد الصلاة -أعني: الفريضة- على أقل القليل، والاستمرار على ذلك طيلة الشهر.
    خامساً: عدم الاطمئنان في الركوع والسجود، حتى ولو قرأ وجهاً في الركعة فإنه لا يزيد على ثلاث تسبيحات في الركوع والسجود.
    إلى غير ذلك، فما نصيحتك للأئمة في هذه النقاط بالتفصيل؟

    الجواب
    وأزيده أيضاً: ترك الاستفتاح في أول كل صلاة.
    نقول: أولاً: ولي الأمر قرر أن أذان العشاء بعد مضي ساعتين من غروب الشمس، فهل أمر بمحرم؟ لا.
    لأن تأخير صلاة العشاء أفضل من تقديمها، ثم إن تأخيرها إلى مضي ساعتين بعد غروب الشمس أرفق بالناس، حتى يجلس بعد صلاة المغرب من يتعشى منهم ويتعشى بهدوء ومن يتقهوى ويتوضأ كذلك، فهو أرفق بالناس، وطاعة ولي الأمر في غير المعصية طاعة لله، ومعصية ولي الأمر في غير المعصية معصية لله، ولهذا إذا قرر ولي الأمر أن الأذان في العشاء في الساعة الثانية أي: بعد مضي ساعتين من الغروب فأرى أن يجب امتثاله، وهل فاتنا شيء؟ حتى الفضيلة يا إخواني ما فاتتنا؛ لأن صلاة العشاء الأفضل فيها التأخير، لو قال قائل: ولي الأمر لو قال: أخروا نصف ساعة عن الوقت العادي، هذا أمر بترك الفضيلة؟ نقول: هذا غير صحيح، أنت لا تفهم الفضيلة، الفضيلة كلما أخرت فهو أفضل، ولهذا النبي صلى الله عليه وسلم لما خرج وقد ذهب عامة الليل في صلاة العشاء قال: (إنه لوقتها لولا أن أشق على أمتي) وليس على الأمة بمشقة إذا أخر أذان العشاء إلى الساعة الثانية، أي: إلى بعد ساعتين بعد الغروب.
    ثانياً: يقول: إنه يعجل في صلاة العشاء، يقرأ فيها سور قصيرة، ويمكن الركوع والسجود أيضاً يقصره، وهذا خطأ، أيهما أفضل: الفريضة أو النافلة؟ الفريضة.
    الشيخ: الفريضة أفضل؟ النافلة زيادة خير هداكم الله إذا قلت: السلام عليكم، وقال الثاني: عليك السلام، أيهما أفضل: قولي أنا: السلام، أو قوله: وعليك السلام؟ أنا أفضل منه، مع أن رده واجب وسلامي سنة.
    إذاً الآن نسأل: هل السنة أفضل في قيام رمضان أو الفريضة؟ الفريضة أفضل، والدليل: نقلي وعقلي: الدليل النقلي: قول النبي صلى الله عليه وسلم عن الله عز وجل أنه قال: (وما تقرب إليَّ عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه) هذا كلام رب العالمين، رواه عنه أصدق الخلق عليه الصلاة والسلام.
    إذاً الفريضة أفضل من النوافل، فهي أحق بأن يتأنى فيها الإنسان أكثر من التأني في التراويح.
    والدليل العقلي: أن الواجب أفضل من التطوع، أنه لولا تأكده ما أوجبه الله، فلم يوجبه الله على عباده إلا لأنه أحب إليه ولأنه أوكد، فلم يجعل للإنسان خياراً في الواجب بل جعله حتماً عليه، وهذا يدل على أن الواجب أفضل من التطوع، وأن الإنسان ضرورته إلى الواجب أعظم من ضرورته إلى التطوع.
    بقي الإشكال الذي أوردته: ابتداء السلام أفضل من رده، لماذا؟ لأن أصل رد السلام مبني على ابتداء السلام، فلولا أني ابتدأت بالسلام ما رد عليَّ، فمن ثم صار ابتداؤه أفضل؛ لأنه يترتب عليه الرد الذي هو الواجب، فصار الابتداء فيه تطوع وواجب؛ تطوع لأنه ابتداء، وواجب لأنه ذريعة إلى الرد الذي هو واجب.
    هذا محظور كونه يقصر في صلاة العشاء ويتأنى في التراويح خطأ خطأ في الأول، أما التأني في التراويح فنحن نحمده على ذلك.
    ثانياً: ترك الاستفتاح.
    أكثر الذين يصلون التراويح يستفتحون في أول تسليمة فقط، والباقي لا، سبحان الله!! لماذا تترك الاستفتاح؟ أليست التسليمة الثانية مستقلة عن الأولى؟ بلى.
    لو بطلت الثانية لم تبطل الأولى، مستقلة عنها تماماً، فإذا كانت مستقلة عنها فإن المشروع في الأولى يكون مشروعاً في الثانية، فكما أن الاستفتاح مشروع في التسليمة الأولى فهو مشروع في التسليمة الثانية.
    ثالثاً: يتركون الاستعاذة؛ وهي: (أعوذ بالله من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال) .
    وأزيد على ذلك: أن بعضهم يترك بقية الصلاة الإبراهيمية، إذا قال: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صلِّ على محمد.
    السلام عليكم.
    فقط، لا يتمون حتى الصلاة الإبراهيمية، سبحان الله!! نحن جئنا نتعبد الله، {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ} [السجدة:16] تركنا الأهل والفرش لأجل أن نتقي الله، تقتصر بنا على: اللهم صلِّ على محمد، وربما يكون الإمام سريع القراءة فينتهي من: اللهم صلِّ على محمد قبل أن يقول ذاك: السلام عليك أيها النبي.
    وهذا غلط عظيم.
    أما ترك الاستعاذة من الأربع: (أعوذ بالله من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال) .
    فإن مذهب الإمام أحمد رحمه الله في أحد الوجهين: أن الاستعاذة من هذه الأربع واجبة، مثل التشهد الأول، لا بد أن تستعيذ بالله من هذه الأربع، وهذا القول له وجهة قوية من النظر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا تشهد أحدكم التشهد الأخير فليستعذ بالله من أربع) فأمر بالاستعاذة، ولأن الاستعاذة وقاية عظيمة للإنسان إذا استجاب الله له.
    فترك الاستعاذة يرى بعض العلماء من التابعين وغير التابعين أن من تركها وجب عليه إعادة الصلاة، ولهذا لما أمر طاوس وهو أحد التابعين المشهورين، أمر ابنه لما ترك الاستعاذة -من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات ومن فتنة المسيح الدجال- أمره أن يعيد الصلاة؛ لأنه خالف أمر النبي عليه الصلاة والسلام في قوله: (إذا تشهد أحدكم التشهد الأخير فليستعذ بالله من أربع) .
    رابعاً: وهذه قاصمة الظهر وهي عدم الاطمئنان في الركوع والسجود، حتى كأنه ملحوق، كأن ناراً لحقته، أو وادياً لحقه، أو عدواً لحقه، لا يطمئن في ركوعه، ولا في سجوده ولا في قيامه بعد الركوع، ولا في جلوسه بين السجدتين، كأنه ملحوق، لماذا يا أخي؟ ألست تناجي الله عز وجل في صلاتك؟ ألست بين يدي الله؟ لماذا تفر من الله؟ أنت الآن ما أتيت للصلاة إلا للتقرب إلى الله، كيف تفر من الله وأنت تريد التقرب إليه؟ إن ركعتين متقبلتان من عند الله أفضل من ألف ركعة من هذا النوع، لو أن الأئمة اقتصروا في التراويح على ما كان الرسول عليه الصلاة والسلام يقتصر عليه على إحدى عشرة ركعة أو ثلاث عشرة ركعة مع التأني والطمأنينة لكان -والله- أفضل لهم، لا من جهة مقامهم بين يدي الله ولا من جهة اتباعهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأن أم المؤمنين وهي من أخص الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم وأعلم الناس بحياته سئلت: كيف كانت صلاة الرسول صلى الله عليه وسلم في رمضان؟ قالت: [ما كان يزيد في رمضان ولا غيره على إحدى عشرة ركعة] فأما كونه يحافظ على ثلاث وعشرين ركعة ولكن يسرع هذه السرعة، فهذا غلط عظيم.
    رابعاً: الاقتصار في التسبيح بعد الصلاة -أعني: الفريضة- على أقل القليل والاستمرار على ذلك.
    كذلك أيضاً يهضمون الفرائض حقها من التسبيح بعد الصلاة، وهذا لو كان هناك حاجة لا بأس؛ لأنه ورد عن النبي عليه الصلاة والسلام في التسبيح بعد الصلاة أربعة أوجه: الأول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر.
    خمساً وعشرين مرة، تكون الجميع مائة مرة.
    ثانياً: سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر.
    جميعاً ثلاثاً وثلاثين مرة، فالجميع تسع وتسعون، وكمال المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير.
    ثالثاً: سبحان الله ثلاثاً وثلاثين مرة سرداً، الحمد لله ثلاثاً وثلاثين مرة سرداً، الله أكبر أربعاً وثلاثين مرة، كم هذه؟ مائة.
    والفرق بين هذه والتي قبلها: الفرق الأول: أن التي قبلها يجعل: سبحان الله والحمد لله والله أكبر عدداً واحد، وهذه يجعلها: سبحان الله وحدها، والحمد لله وحدها، والله أكبر وحدها.
    الفرق الثاني: ختم الصفة الأولى: بلا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، وأما الثانية: فيختمها بزيادة التكبير أربعاً وثلاثين.
    الصفة الرابعة: أن يقول: سبحان الله عشر مرات، والحمد لله عشر مرات، والله أكبر عشر مرات، وتكفي.
    لأن كل هذا ورد عن النبي عليه الصلاة والسلام.

    (33/14)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم استعمال جهاز صدى الصوت في المساجد


    السؤال
    فضيلة الشيخ: إننا نصلي التراويح في بعض المساجد وفيها هذا الجهاز الذي يدعونه بالصدى، أي: الذي يكرر الكلام، وهو مما يساعد على الخشوع، وقد سمعنا لكم فتوى بحرمة هذا الجهاز، فهل هذا صحيح؟ وهل هذا التردد المنهي عنه يبطل الصلاة في هذا المسجد؟ وهل يأثم المصلي في تلك المساجد أم لا؟ وما حكم الإمام حينئذٍ؟

    الجواب
    نعم أفتيت بأن الصدى حرام، وأرجو ممن سمع مقالي هذا أن يبلغه؛ لأن الصدى كما سمعت يردد الحرف ولا سيما الحرف الأخير، هو يردد كل الحروف لكن الحروف التي قبل الأخير تدخل في الحرف الثاني ولا يبين التردد لكن في الحرف الأخير يبين، ولا شك أن هذا زيادة في كلام الله عز وجل.
    وإلحاق للقرآن الكريم بالأغاني المطربة، وهذا مما نهي عنه وذمه السلف، السلف ليس عندهم هذا لكن يقولون: إن الإنسان إذا جعل نغماته في القرآن الكريم كنغمات الأغاني فإن ذلك منهي عنه ومذموم، فكيف إذا جعلت هذه الآلة التي تزيد في القرآن ما ليس منه، يجعل الراء كم مرات؟ عدة راءات، والنون عدة نونات وهكذا بقية الآية، ونحن ما جئنا لنطرب، الذي يريد الطرب يذهب إلى محلٍ آخر.
    وأما كونه أزيد في الخشوع فهذا ليس عند من يرى أن ذلك حراماً، عند إنسان جاهل سمع هذا الإطراب والتغني وتلذذ به، لكن عند من يرى أن ذلك حراماً وأنه زيادة في كلام الله ما ليس منه، فلا يمكن أن يخشع، بل لا يزداد إلا نفوراً عن المكان والمسجد والإمام.
    وأرى أن الإمام الذي يفعل هذا يجب أن ينصح ويقال: يا أخي! الناس يتعلقون بذمتك، وهذا أمر ليس جائزاً فلا تفعل، لا بأس إن اكتفى بالميكرفون الداخلي خاصة دون المنارة، لا بأس إذا كان هذا أبين لصوتك وأهون لك أنت؛ لأن الإنسان في التراويح إذا لم يكن صوته قوياً جداً ربما يزداد في رفع الصوت فيتكلف ويشق عليه، فإذا جعل مكبر الصوت مكبراً عادياً أعانه على ذلك، هذا لا بأس لكن بشرط: ألا يكون في المنارة، وبشرط أن يكون مكبر الصوت بلا صدى، الصدى يقطع سلكه على طول ويبعد في الحال.

    (33/15)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم الأذان على ما في التقويم


    السؤال
    فضيلة الشيخ من المعلوم أنكم قد ذكرتم أن في التقويم بعض التقديم بعض الدقائق، فما اللازم في الإمساك والفطر على المرء وعلى المؤذن خاصة؟

    الجواب
    أما الإمساك فليحتط الإنسان فيه بمعنى: لا يؤذن قبل الوقت، إذا قال: دخل الوقت أو لم يدخل؟ نقول: انتظر حتى يغلب على ظنك، أو تتيقن أن الوقت دخل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن بلالاً يؤذن بليل؛ فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر) قال الراوي: وكان ابن أم مكتوم رجلاً أعمى لا يؤذن حتى يقال له: أصبحت أصبحت.
    يقال للمؤذن: تأن يا أخي، لا تحرم عباد الله ما أحل الله لهم، الإنسان قد أحل الله له أن يأكل ويشرب حتى يتبين الفجر، فلا تحرم عباد الله ولا تؤذن قبل الوقت بخمس دقائق احتياطاً، ثم إنك إذا احتطت من جهة الصيام أخللت بالاحتياط من جهة الصلاة، والصلاة أهم، الصيام أباح الله لنا أن نأكل حتى يتبين الفجر، والصلاة نهانا أن نصلي حتى يتبين الفجر، فأنت لو احتطت للصيام وقعت في الخطأ بالنسبة للصلاة، والصلاة أهون؛ لأنه كم من امرأة أو مريض في البيت ينتظر الأذان وبمجرد ما يؤذن يقوم ويصلي، فربما يصلي قبل الوقت، وتكون أنت الذي تحملت هذا الإثم.
    في الغروب يحتاط أيضاً، لا يؤذن حتى يرى الشمس قد غابت، أو يغلب على ظنه أن الشمس قد غابت، ليس لازماً أن يتيقن غروب الشمس، إذا غلب على ظنه أن الشمس قد غابت فلا بأس، وأظن أن التقويم مع الساعة المضبوطة أظنه في الغروب لا بأس به، لكن في الفجر مقدم خمس دقائق بالتأكيد، خمس دقائق لا إشكال عندنا أن فيه تقديماً، لكن في الغروب الظاهر أنه على الصواب، ولكن لا بد أن تكون ساعة المؤذن مضبوطة، بعض المؤذنين ساعاتهم غير مضبوطة، تغره، ربما تقدم من حين ينظر الساعة فيؤذن، وهذا لا بد أن يحتاط، فيحتاط الإنسان في الفجر ويحتاط في الغروب، ويضبط ساعته تماماً، والحمد لله الآن ضبط الساعة سهل، أنا سمعت أن التليفون فيه رقم معين تضغطه فيبين لك الساعة، فالظاهر أن ساعة الإذاعة وساعة التوقيت كلها مضبوطة ولا شك أنها أضبط من الساعة التي في يد الإنسان.

    (33/16)


    --------------------------------------------------------------------------------

    نصيحة لاستغلال عطلة الربيع


    السؤال
    فضيلة الشيخ كما يعلم فضيلتكم بأن عطلة الربيع في هذا العام ستكون خلال شهر رمضان المبارك، مما يترتب على ذلك خروج الناس إلى البراري وتخييلهم فيه، مما يحصل فيه ما يحصل، فما الذي تنصح به من توزيع الأشرطة والكتيبات، وما نصيحتك للناس بعامة، هل إذا جاءت إجازة الربيع حتى في رمضان الخروج إلى البراري؟

    الجواب
    الواقع أن الأمر كما قال السائل: ستصادف إجازة نصف السنة هذا العام في رمضان، ولكن هل الخير أن أخرج إلى البر للنزهة وإضاعة الوقت، وربما يحصل من الكلام واللغو ما لا ينبغي في هذا الشهر المبارك، أو الأفضل أن أكون في بلدي أتعبد لله وأنتهز هذه الفرصة؟ لا شك أن الثاني أفضل، ولكن الأول مباح مع الإتيان بما لا بد منه من الواجبات وترك المحرمات.
    وفي هذه الحالة ينبغي لإخوتنا الدعاة إلى الله عز وجل: أن يختاروا بعض الرسائل القصيرة، أو الملفات التي يسمونها مطويات، أو الشرائط التي تدعوا إلى مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال، حتى يوزعوها على هؤلاء، فلعل الله أن يفتح عليهم.

    (33/17)


    --------------------------------------------------------------------------------
    وأخيراً أسأل الله عز وجل أن يجعل هذا العمل نافعاً، مباركاً، خالصاً لوجهه الكريم
    وأن ينفعني به في حياتي وبعد مماتي، وأن ينفع به كل من انتهى إليه؛ فإنه خير مسؤول، وأكرم مأمول، وهو حسبنا ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.

    حياكم الله بموقع بداية الهداية الخطوة إلى طريق العلم الشرعي الصحيح
    http://www.musacentral.com/

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المشاركات
    2,475
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    23-05-2024
    على الساعة
    01:42 AM

    افتراضي

    اللقاء الشهري

    اللقاء الشهري [34]
    ما حكم الأضحية؟ ما هي شروطها؟ ومتى وقتها الذي لا تجزئ إلا فيه؟ وما هي الأمور المستحبة لمن نوى أن يضحي؟ الجزء الأول من هذه المادة أجاب بالتفصيل عن هذه التساؤلات، واشتمل الجزء الثاني منها على كثير من الفتاوى والنصائح المتعلقة بشئون الحياة المختلفة.

    (34/1)


    --------------------------------------------------------------------------------

    مشروعية الأضحية وشروطها
    إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
    أما بعد: فهذا اللقاء يعتبر جزءاً من لقاء لأنه متممٌ للقاء السابق وهو الرابع والثلاثون من اللقاءات الشهرية التي تتم كل شهر في هذا المسجد الجامع الكبير في عنيزة، أسأل الله تعالى أن يجعل هذه اللقاءات وغيرها من لقاءات إخواننا العلماء في كل البلاد لقاءات نافعة ينفع الله بها عباده؛ لأنه لا شك أن العلماء هم الهداة الذين يهدون بأمر الله عز وجل إذا وفقهم الله تعالى للأخذ بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
    تكلمنا في أول هذا اللقاء عن الحج شروطه وصفته وبعض أحكامه، وأما الليلة فإننا سنجعلها كلاماً عن الأضحية على وجه يسير ثم نجيب عن الأسئلة.

    (34/2)


    --------------------------------------------------------------------------------

    دليل مشروعية الأضحية من الكتاب والسنة
    الأضحية مشروعة في القرآن والسنة وإجماع المسلمين، يقول الله عز وجل مخاطباً نبيه صلى الله عليه وسلم: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر:2] والخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم خطابٌ له وللأمة، والحكم الموجه للرسول عليه الصلاة والسلام موجهٌ له وللأمة؛ لقوله تعالى: {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً} [الأحزاب:37] فقال الله: زوجناكها، وهذا خطاب للرسول عليه الصلاة والسلام، ثم قال: {لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ} [الأحزاب:37] فدل ذلك على أن الحكم الثابت للرسول صلى الله عليه وسلم ثابتٌ له وللأمة، ولهذا لما أراد الله تعالى أن يبين أن هذا الحكم خاصٌ بالرسول قال: {وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً} [الأحزاب:50] أي: وأحللنا لك امرأة مؤمنة {وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} [الأحزاب:50] .
    فقوله تعالى: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر:1-2] يشمل الأمة.
    وقال الله عز وجل: {وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ * لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرْ الْمُحْسِنِينَ} [الحج:36-37] .
    وأما السنة فقد ثبتت عن النبي صلى الله عليه وسلم من قوله وفعله حتى إنه كان صلى الله عليه وسلم يذبح ضحاياه في مصلى العيد إظهاراً لهذه الشعيرة، وكان الناس يفعلون هذا، لكن لما طال الزمن وتغيرت الأحوال صار الناس يذبحون ضحاياهم في بيوتهم.

    (34/3)


    --------------------------------------------------------------------------------

    الشروط المتعلقة بالأضحية
    الأضحية في الأصل عن الرجل وأهل بيته سواءٌ صغاراً كانوا أم كباراً ذكوراً كانوا أم إناثاً، فينبغي لقيم البيت أن يضحي عنه وعن أهل بيته، ولكن لا تقبل الأضحية ولا تكون أضحية شرعية إلا بشروطٍ ثلاثة: الشرط الأول: أن تكون من بهيمة الأنعام، وهي: الإبل والبقر والغنم، فلو ضحى بغيرها ولو كان أغلى منها فإنها لا تكون أضحية، لو ضحى الإنسان بفرس لم تقبل منه على أنها أضحية، لأنها ليست من بهيمة الأنعام، ولو ضحى بنعامة لم تقبل منه على أنها أضحية؛ لأن الأضحية لا بد أن تكون من بهيمة الأنعام، وهي: الإبل والبقر والغنم.
    الشرط الثاني: أن تكون بالغةً للسن المحدد شرعاً وهي في الإبل: خمس سنوات، وفي البقر: سنتان، وفي الماعز: سنة، وفي الضأن: نصف سنة، ودليل ذلك: قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تذبحوا إلا مسنة -أي: ثنية- إلا إن تعسَّر عليكم فتذبحوا جذعةً من الضأن) .
    الشرط الثالث: أن تكون سليمةً من العيوب المانعة من الإجزاء، لأن هناك عيوباً تمنع من إجزاء البهيمة ولو كانت من بهيمة الأنعام، وقد بينها النبي عليه الصلاة والسلام حيث قيل له: (يا رسول الله! ماذا يتقى من الضحايا؟ قال: أربعٌ لا تجوز في الضحايا: العوراء البين عورها، والمريضة البين مرضها، والعرجاء البين ضلعها، والعجفاء -أي: الهزيلة- التي لا تنقي) أي: التي لا مخ فيها هذه أربع لا تجزئ في الأضاحي.
    قوله: المريضة: ليست كل مريضة لا تجزئ لا بد أن يكون مرضها بيناً، كأن يظهر عليها أعراض المرض من الحمى وعدم الأكل وما أشبه ذلك، ومن المرض: الجرب، فالجرباء لا تجزئ؛ لأن الجرب مفسدٌ للحم، فإذا كان في البهيمة مرض لكنه ليس ببين ولنفرض أنه بعد أن ذبحناها وجدنا فيها "طالوعاً" "والطالوع" عبارة عن غدة فاسدة تكون في داخل اللحم وقد تكون خارج اللحم، فالتي داخل اللحم لا يعلم عنها، فإذا ذبحها الإنسان على أنها أضحية فإنها تجزئ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (المريضة البين مرضها) .
    العرجاء لا بد أن يكون ضلعها بيناً، فأما إذا كانت تهمز همزاً يسيراً ولكنها تمشي مع البهائم فإنها تجزئ.
    والثالثة: العوراء البين عورها، والعوراء إذا لم يكن عورها بيناً فهي مجزئة كما لو كانت لا تبصر بعينها ولكن من رآها يظن أنها تبصر فهذه تجزئ، لكن إذا كان عورها بيناً بأن تكون عينها انخسفت أو نتأت وبرزت فإنها لا تجزئ.
    والرابعة: الهزيلة التي ليس فيها مخ لا تجزئ، طيب إذا كانت أذنها مقطوعة وليس فيها مرض فهل تجزئ؟ نعم تجزئ، لأنها لا تدخل في الأربع.
    إذا كان قرنها مكسوراً ولكن ليس فيها مرض فإنها تجزئ.
    إذا كان ذيلها مقطوعاً ولكن ليس فيها مرض تجزئ إلا في الضأن فإن العلماء قالوا: إن الضأن التي قطعت إليتها لا تجزئ لأن الإلية كبيرة مقصودة بخلاف ذيل البقرة وذيل البعير وذيل المعز فإن ذلك لا يضر، لكن اعلموا أنه كلما كانت الأضحية أكمل فهي أفضل بلا شك، قال الله تعالى: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران:92] .
    أيضاً شرط رابع لا يتعلق بالأضحية نفسها: وهو أن تكون في الوقت المحدد شرعاً.
    الشروط التي سبقت ثلاثة: أن تكون من بهيمة الأنعام.
    الثاني: أن تبلغ السن المعتبر شرعاً.
    الثالث: أن تكون سليمةً من العيوب المانعة من الإجزاء.
    الرابع: أن تكون في الوقت، أي: في وقت الأضحية، فمن ذبح قبل وقت الأضحية فلا أضحية له، ومن ذبح بعد انتهاء المدة فلا أضحية له، وما هي المدة؟ المدة: من صلاة العيد إلى غروب شمس يوم الثالث عشر، أي: أربعة أيام، من ذبح قبل الصلاة فكما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (شاته شاة لحم) ومن ذبح بعد غروب شمس يوم الثالث عشر فشاته شاة لحم، إلا أن تهرب الأضحية وتضيع ثم يجدها بعد أن يفوت الوقت فهنا يذبحها قضاءً، إذا كان عينها قال: هذه الأضحية ثم هربت وضاعت، فبحث عنها ولم يجدها إلا في اليوم الرابع عشر نقول: اذبحها، لأن تأخيره هنا بعذر كما لو أخر الصلاة عن وقتها لعذر فإنه يقضيها، هذا الكلام على الأضحية.
    فإن قال قائل: إذا كان الإنسان ليس عنده مال هل يسن أن يستقرض ليضحي؟ أو يشتري شاة بدين ليضحي؟ نقول: إذا كان واثقاً من نفسه أنه سوف يوفي بحيث يكون موظفاً وجاء وقت الأضحية وليس عنده مال، لكنه يعرف أنه في آخر الشهر سيستلم الراتب فهنا لا بأس أن يستقرض أو يشتري شاة بثمن مؤجل ويضحي، وأما إذا كان ليس كذلك فلا يستدين؛ لأنه إذا استدان شغل ذمته بما لم يكلفه الله به.

    (34/4)


    --------------------------------------------------------------------------------

    ما يجزئ من الأضحية وما يسن للمضحي
    اعلم أن الشاة تجزئ عن الرجل وأهل بيته، لا حاجة إلى أن كل واحد يضحي، بل الرجل يضحي عنه وعن أهل بيته، وأن البعير والبقرة تجزئ عن سبع شياه، فلو اشترك سبعة بيوت في ناقة وذبحوها على أنها أضحية وكل واحدٍ منهم يضحي عنه وعن أهل بيته بالسبع فهذا جائز؛ لأن السبع عن شاة، وكذلك لو كانت بقرة فإنها تجزئ عن سبعة يضحي لو اجتمع سبعة بيوت واشتروا بقرة وذبحوها على أنها أضحية كل واحد يضحي عنه وعن أهل بيته كفى ذلك.
    وليعلم أن من أراد أن يضحي فدخل عشر ذي الحجة فإنه لا يأخذ من شعره ولا من ظفره ولا من بشرته شيئا، البشرة هي الجلد؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك، إلى أن يضحي، فإذا كان لا يحصل له أن يضحي إلا في اليوم الثاني من أيام العيد، قلنا: انتظر حتى تضحي، لم يحصل له أن يضحي إلا في اليوم الثالث، قلنا: انتظر حتى تضحي، وهذا في حق من يضحي، أما من يضحى عنه فليس ممنوعاً من ذلك، وعلى هذا فالرجل الذي يضحي عنه وعن أهل بيته يكون حكم المنع من أخذ الشعر والظفر والبشرة خاصاً بالرجل وحده أما أهل بيته فلا حرج عليهم، ودليل ذلك: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا دخل العشر وأراد أحدكم أن يضحي) ولم يقل: أن يضحى عنه، وأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يضحي عنه وعن أهل بيته ولم يمنع أهل بيته من الأخذ من شعورهم وأظفارهم وأبشارهم، وأما قول بعض الفقهاء يرحمهم الله: يحرم على من يضحي أو يضحى عنه فهو قول ضعيف، والصواب: أنه خاص بمن يضحي فقط.
    والله الموفق.

    (34/5)


    --------------------------------------------------------------------------------

    الأسئلة

    (34/6)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم إرسال المغترب ثمن الأضحية إلى أهله


    السؤال
    فضيلة الشيخ! نحن لسنا من أهل هذه البلاد المعطاءة أسأل الله أن يديم عليها الخير، وأن يحفظ علماءها وولاة أمورها، السؤال هو: يا فضيلة الشيخ لا يخفى عليكم أن أهلنا في أشد الحاجة للأضاحي والاستفادة من لحومها وجلودها، والغالب عليهم هو الفقر فهل لنا أن نرسل ثمن الأضاحي إليهم ونوكل من ينوب عنا، مع العلم أن المقصود منها إظهار هذه الشعيرة، فهل يجوز لنا فعل ذلك؟

    الجواب
    إذا كان الإنسان في بلد وأهله في بلد آخر فلا حرج عليه أن يوكل من يضحي عنه عند أهله حتى يسر أهله بالأضحية ويتمتعوا بها؛ لأنه لو ضحى في بلد الغربة فمن الذي يأكل الأضحية؟ وربما لا يجد أحداً يتصدق عليه، فلذلك نرى أن من له أهل فليبعث بقيمة الأضحية إلى أهله ويضحوا هناك.

    (34/7)


    --------------------------------------------------------------------------------

    إجزاء الأضحية المصابة بمرض غير خطير


    السؤال
    إذا كان "الطالوع" ظاهراً لكنه صغير فهل يجزئ؟ كذلك إذا كان الكبش قد انكسر طرف قرنه ولم يظهر هذا الكسر حيث أنه في الضأن لا يظهر لصغرها فهل يجزئ؟

    الجواب
    "الطالوع" إذا كان ظاهراً فإنه يُسأل أهل الخبرة: هل هذا من الأمراض الخطيرة؟ إن قالوا: نعم فهو مرض ظاهر لا يضحى بالشاة التي طلع فيها، وإن قالوا: ليس خطيراً، والشاة ليس فيها خلاف من جهة الصحة والنشاط والأكل فإنه يضحى بها، إلا إذا قرر البياطرة أن أكل لحمها ضرر فهنا لا يضحى بها.

    (34/8)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم التمتع في الحج لأهل مكة


    السؤال
    ذكرت يا فضيلة الشيخ: أن أفضل الأنساك التمتع، وقلت: إن أهل مكة لا تشرع لهم العمرة فكيف يكون التمتع والعمرة لا تشرع لهم؟

    الجواب
    ذهب أكثر أهل العلم إلى أن أهل مكة لا متعة لهم، وإنما المتعة للقادم إلى مكة حتى لو كان من أهل مكة، وعلى هذا فإذا كان الرجل من أهل مكة وهو يعمل في الرياض وقدم من الرياض إلى مكة فله أن يأخذ عمرة من الميقات ويكون متمتعاً لكنه لا هدي عليه؛ لقوله تعالى: {ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة:196] إلا إذا انتقل من مكة إلى البلد الآخر واستوطنه فإنه إذا رجع منه بالعمرة يجب عليه هدي التمتع، لكن أهل مكة يمكن أن يقرنوا بين الحج والعمرة، بمعنى: أن الإنسان يحرم من مكانه من بيته بالحج والعمرة جميعاً ويكون قارناً والقارن عليه هدي التمتع.

    (34/9)


    --------------------------------------------------------------------------------

    مشروعية صيام عشر ذي الحجة


    السؤال
    امرأة كبيرة في السن كان من عادتها أن تصوم عشر ذي الحجة، لكنها في هذا العام أتاها من قال لها: لا يشرع لك صيام العشر؛ لأنه ليس من السنة صيام العشر كلها وإنما صومي كالأشهر الأخرى فقط أيام البيض ويوم عرفة، وهي الآن تسأل عن ذلك تريد منك يا فضيلة الشيخ بيان أمرها بالتفصيل؟

    الجواب
    بيان أمرها بالتفصيل: أن تصوم العشر، ما دامت قادرة ولا يشق عليها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر، قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء) .
    ولنسأل: هل الصيام من الأعمال الصالحة؟ الجواب: نعم بلا شك، ولهذا جعله الله من أركان الإسلام، فالصيام بلا شك من الأعمال الصالحة حتى قال الله تعالى في الحديث القدسي: (الصوم لي وأنا أجزي ب) وإذا كان كذلك فإن الصوم مشروع، ومن زعم أن العشر لا تصام فليأت بدليل على إخراج الصوم من هذا العموم: (ما من أيامٍ العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر) وإذا ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصمها فهذه قضية عين، ربما كان لا يصوم؛ لأنه يشتغل بما هو أنفع وأهم، لكن عندنا لفظ الرسول عليه الصلاة والسلام: (ما من أيامٍ العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر) على أنه قد روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان لا يدع صيامها، وقدَّم الإمام أحمد هذا -أعني: أنه لا يدع صيامها- على رواية النفي، وقال: إن المثبت مقدم على النافي، لكن على فرض أنه ليس هناك ما يدل على أنه يصوم فإنه داخلٌ في عموم: (ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر) .
    أما صيام البيض فإنه لا يمكن صومها في شهر ذي الحجة في اليوم الثالث عشر؛ لأن يوم الثالث عشر من أيام التشريق التي يحرم صومها.

    (34/10)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم ارتداء ملابس الإحرام قبل ركوب الطائرة


    السؤال
    فضيلة الشيخ! ذكرت في اللقاء السابق: أن الذي يريد الحج أو العمرة عن طريق الجو تكون ملابس إحرامه في العفش بأنه يجعل ثوبه إزاراً ويلتف به، يقول: يا فضيلة الشيخ! لو أنه لبس ملابس الإحرام من منزله وحينما يحاذي الميقات يلبي بالحج أو العمرة هل هناك حرج، وهل هذا هو الأفضل؟

    الجواب
    ليس هناك حرج أن يلبس الإنسان ثياب الإحرام من بيته إذا كان ينوي السفر في الطائرة، ثم إذا قارب الميقات أحرم وليس في ذلك بأس.
    لا يقال: إن هذا الرجل أحرم قبل الميقات؛ لأنه لم يحرم، فليس الإحرام لبس الرداء والإزار، الإحرام هو عقد النية وهذا لم يعقد نيته، لكن بعض الناس لا يحب أن يكون لابساً لثياب الإحرام في المطار وأمام الناس، ويلبس ذلك في داخل الطائرة.
    وأخيراً أسأل الله عز وجل أن يجعل هذا العمل نافعاً، مباركاً، خالصاً لوجهه الكريم
    وأن ينفعني به في حياتي وبعد مماتي، وأن ينفع به كل من انتهى إليه؛ فإنه خير مسؤول، وأكرم مأمول، وهو حسبنا ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.

    حياكم الله بموقع بداية الهداية الخطوة إلى طريق العلم الشرعي الصحيح
    http://www.musacentral.com/

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المشاركات
    2,475
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    23-05-2024
    على الساعة
    01:42 AM

    افتراضي

    حكم زيارة المرأة لقبر النبي صلى الله عليه وسلم
    يقول: هل المرأة إذا قدمت المدينة حاجة أو معتمرة لها أن تزور قبر النبي صلى الله عليه وسلم أم لا؟

    الجواب
    لا تزور قبر النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن زيارتها لقبر النبي صلى الله عليه وسلم ليس ضرورة، إذ أن الإنسان إذا سلَّم على النبي صلى الله عليه وسلم ولو كان في أقصى المشرق أو المغرب فإن سلامه يبلغه، فليس هناك ضرورة إلى أن تقف على قبره وتسلم عليه، ثم إن كثيراً من العلماء يقول: إنها إذا زارت قبر الرسول عليه الصلاة والسلام دخلت في اللعنة حيث أن النبي صلى الله عليه وسلم (لعن زائرات القبور) فلا تزور قبر الرسول عليه الصلاة والسلام ويكفي أن تسلم عليه وهي في نفس المسجد النبوي أو في بيتها أو في أي مكان.

    (34/12)


    --------------------------------------------------------------------------------

    اختيار الأضحية بين الأكثر لحماً والأكثر ثمناً
    يقول: فضيلة الشيخ! ورد في كلامك وفقك الله في فضل الأضحية: أنها كلما كانت أكمل كلما كانت أفضل، مع أن الثنية من الضأن أفضل لحماً وأقل ثمناً عند الناس من التي أكبر منها فأيهما أفضل؟

    الجواب
    الأفضل ما كانت أكثر لحماً وأنفع للفقراء، وإن كان بعض العلماء يقول: ما كان أكثر ثمناً، فالمسألة فيها خلاف بين العلماء، إذا دار الأمر بين أن تكون أكثر ثمناً أو أكثر لحماً وأنفع فمن العلماء من يرجح ما كانت أكثر ثمناً؛ لأن كون الإنسان يبذل المال الأكثر في مرضاة الله هذه درجة عالية، ومنهم من يقول: ما دام القصد نفع الفقراء ونفع الأهل والأكل فإن الأفضل ما كان أكثر لحماً، فكل من العلماء نظر إلى ناحية.
    ولكن الذي يظهر: أن الأفضل ما كان أنفع للفقراء وأكثر للحم لتكثر الهدية والصدقة والأكل، اللهم إلا أن يمتاز الأقل بفضلٍ آخر أو بميزةٍ أخرى مثل أن يكون أطيب لحماً وأشهى للناس، ويكون الناس مثلاً في زمن رفاهية لا يأكلون من اللحوم إلا ما كان غضاً طرياً فهنا يرجح.

    (34/13)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم الأضحية بأكثر من شاة


    السؤال
    هل يجوز للمقتدر أن يذبح أكثر من أضحية له حيث ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم ضحى بكبشين؟ وهل يمكن أن يشترك الرجل وزوجه في أضحية واحدة من هذا نصف ومن هذا نصف وعلى أيهما يكون الإمساك؟

    الجواب
    الأفضل ألَّا يزيد الإنسان على شاة واحدة عنه وعن أهل بيته، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يضحي بالشاة عنه وعن أهل بيته، ومعلوم أنه أكرم الخلق عليه الصلاة والسلام، وأنه صلى الله عليه وسلم أشد الناس حباً لعبادة الله وتعظيمه، أما كونه ضحى بكبشين فالثاني ليس عن نفسه وأهل بيته ولكنه عن أمته، وعلى هذا فالأفضل الاقتصار على شاة واحدة للرجل وأهل بيته، ومن كان عنده فضل مال فليبذله دراهم أو أطعمة أو ما أشبه ذلك للبلاد الأخرى المحتاجة أو للمحتاجين في بلده؛ لأن البلاد لا تخلوا من أناس محتاجين.
    وأما إذا اشترك الإنسان وزوجته في شاة فإن هذا لا يصح؛ لأنه لا يشترك اثنان اشتراكاً في القيمة في شاة واحدة، إنما الاشتراك المتعدد في الإبل والبقر تكون البعير عن سبعة والبقرة عن سبعة، وأما الغنم فلا يمكن أن يشترك اثنان على الشيوع أبداً، الثواب ليس له حصر، لا بأس أن يقول: اللهم إن هذا عني وعن زوجي، عني وعن أهلي، وأما أن كل واحد منهم يبذل نصف القيمة ويشتري أضحية واحدة من الغنم، فهذا لا يصح.

    (34/14)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم حج من لا يصلي الفجر


    السؤال
    عندي عمال يريدون فريضة الحج هل أسمح لهم، وهل هم في ذمتي، مع العلم أنهم لا يشهدون صلاة الفجر؟

    الجواب
    أقول: إذا أذنت لهم في الحج فجزاك الله خيراً، وأبشر بالخلف العاجل أن ما تفقده من الأعمال في زمن حجهم سيعوضك الله إن شاء الله تعالى خيراً منه، وأما كونهم لا يصلون صلاة الفجر فانصحهم وهددهم بأنهم إذا لم يحافظوا على الصلوات أنك سوف ترجعهم إلى بلادهم، وهو حق أن ترجع من لا يقيم الصلاة إلى بلده؛ لأنه لا خير فيه، لا خير في إنسان لا يصلي، وأما الإذن لهم بالحج فهذا يعتبر معروفاً منك ونرجو الله لك الإثابة.

    (34/15)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم الأضحية عن الحاج


    السؤال
    فضيلة الشيخ! كيف يجمع الإنسان بين الأضحية والحج، وهل هذا مشروع؟

    الجواب
    الحاج لا يضحي وإنما يهدي هدياً، ولهذا لم يضحِ النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع وإنما أهدى، ولكن لو فرض أن الحاج حج وحده وأهله في بلده فهنا يدع لأهله من الدراهم ما يشترون به أضحية ويضحون بها، ويكون هو يهدي وهم يضحون، لأن الأضاحي إنما تشرع في الأمصار، أما في مكة فهو الهدي.

    (34/16)


    --------------------------------------------------------------------------------

    المكان الذي يحرم منه الحاج


    السؤال
    فضيلة الشيخ! كيف تكون صفة الإحرام بالحج أو العمرة: هل يحرم الإنسان وهو في المسجد أم وهو على السيارة؟ وما حكم رفع اليدين واستقبال القبلة عند قولك: لبيك اللهم حجاً؟

    الجواب
    اختلف العلماء رحمهم الله من أين يبتدئ الإحرام: - فقال بعضهم: من حين يصلي في المسجد يعقد النية.
    - وقال بعضهم: إذا ركب السيارة.
    - وقال بعضهم: إذا كان محرماً من ذي الحليفة إذا علا البيداء.
    والأقرب: أنه يلبي إذا ركب السيارة، ولا يشرع له عند التلبية أن يتوجه إلى القبلة ويرفع يديه؛ لأن ذلك لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم.

    (34/17)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم تصدق الحاج من هدي غيره دون هديه


    السؤال
    ثلاثة رجال كل واحد اشترى له هدياً فقالوا: شاة نهديها وشاة نتصدق بها وشاة نأكلها، فبهذا نكون قد أكلنا الثلث وتصدقنا بالثلث وأهدينا الثلث فما رأيك في هذا؟

    الجواب
    هذا غلط، لأن الثلث لا بد أن يكون مشاعاً، ولا بد أن يتصدق الإنسان بشيء مما أهداه، وفي هذا المثال الذي ذكره السائل الشاة الثالثة ما أهدي منها بشيء ولا تصدق منها بشيء أكلت كلها، والطريق السليم: أن تأخذ من هذه الشاة قليلاً، ومن هذه الشاة قليلاً، ومن هذه قليلاً ثم تأكل.

    (34/18)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم الأضحية عن أهل البيت وإن كانوا أكثر من أسرة


    السؤال
    ثلاثة إخوة في بيت لهم رواتب وكلهم متزوج فهل تجزئهم أضحية واحدة، أم لكل واحد أضحية؟

    الجواب
    إذا كان طعامهم واحداً وأكلهم واحداً فإن الواحدة تكفيهم يضحي الأكبر عنه وعمن في البيت، وأما إذا كان كل واحد له طعام خاص، أي: مطبخ خاص به، فهنا كل واحد منهم يضحي؛ لأنه لم يشارك الآخر في مأكله ومشربه.

    (34/19)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم تأخير الإحرام إلى مكة


    السؤال
    أريد الذهاب إلى مكة في أول يومٍ من أيام الحج بدون أن أحرم، فإذا جاء اليوم الثامن أحرمت مفرداً فهل يصح فعلي هذا بالإحرام مفرداً؟ ومن أين أحرم؟

    الجواب
    الواجب على من أراد الحج أو العمرة إذا مر بالميقات أن يحرم منه، ولا يحل له أن يؤخر؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (يهل أهل المدينة من ذي الحليفة، وأهل الشام من الجحفة، وأهل اليمن من يلملم، وأهل نجد من قرن) وفي لفظ: (أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يهل أهل المدينة من ذي الحليفة) إلى آخره، فلا يحل للإنسان إذا مر بالميقات وهو يريد الحج أو العمرة أن يتجاوز الميقات بلا إحرام، فإن فعل قلنا له: ارجع وأحرم من الميقات، فإن أحرم من غير الميقات لزمه عند العلماء دم يذبح في مكة ويوزع على الفقراء.

    (34/20)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم الاشتراك في العقيقة


    السؤال
    هل يجوز أن يشترك سبعة من الرجال في جمل ولكن ليس في أضحية إنما في عقيقة قياساً على الأضحية؟

    الجواب
    لا يصح الاشتراك في البقر أو الإبل في العقيقة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر في العقائق أنها عن الغلام شاتان وعن الجارية شاة، فلا بد من نفسٍ كاملة، ولو اشترك جماعة في بعير لم يكن كل واحد منهم أتى بنفسٍ كاملة إنما أتى ببعض نفس، ولهذا قال العلماء: إنه لا يجزئ في العقيقة اشتراك في بعير أو بقرة، بل قالوا: إن الشاة في باب العقيقة أفضل من البعير، فلو جاءنا إنسان وقال: أنا أحب أن أعق عن ولدي ببكرة صغيرة هل هذا أفضل أو أعق بشاة؟ قلنا: بالشاة أفضل؛ لأن هذا هو الذي وردت به السنة، ودع البكرة الصغيرة لك للأكل، أما العقيقة فاذبحها من الغنم كما جاء في الحديث.

    (34/21)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم تأخير طواف الإفاضة إلى آخر ذي الحجة


    السؤال
    ذكرت يا فضيلة الشيخ في اللقاء السابق: أنه يجوز تأجيل طواف الإفاضة إلى ما قبل سفر الحج حتى لو كان سيسافر في نهاية ذي الحجة، السؤال: لو أجل الحاج طواف الإفاضة إلى يوم سفره إلى بلاده فهل يغني هذا الطواف عن طواف الوداع؟ وهل يجوز للحاج أن يطوف طواف الإفاضة والوداع في نفس اليوم؟

    الجواب
    ذكرنا هذا فيما سبق على وجه التفصيل وقلنا: يجوز للإنسان أن يؤخر طواف الإفاضة إلى سفره، فإذا طاف عند سفره كفاه عن طواف الوداع إلا إذا تأخر سفره إلى ما بعد شهر ذي الحجة فهنا يجب عليه أن يطوف طواف الإفاضة في شهر ذي الحجة، وذكرنا أيضاً: أنه إذا أخر طواف الإفاضة إلى سفره فطافه بنية الإفاضة فقط أجزأه عن طواف الوداع، وإن طافه بنية الوداع فقط لم يجزئه عن طواف الإفاضة، وإن طاف عنهما جميعاً أجزأه عنهما جميعاً، ولهذا يجب أن ننتبه إذا أخرنا طواف الإفاضة إلى السفر ألا ننسى طواف الإفاضة؛ لأن كثيراً من الناس ربما إذا أخره إلى السفر وطاف عند السفر لا ينوي إلا طواف الوداع، وهذا على خطر، لهذا يجب أن تنتبه لهذه المسألة.

    (34/22)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم إعطاء الهدي للشركات لتوزيعه


    السؤال
    سمعنا عنكم يا فضيلة الشيخ أنكم قد حذرتم من إعطاء هذه الشركات، ولكن ما الحل فيما مضى فإنا قد حججنا أكثر من مرة ونعطيها هذه الشركات ولا يأخذون أسماءنا، فما الحكم فيما مضى هل يجزئ؟ فإن كان لا يجزئ فماذا يلزمنا؟

    الجواب
    إننا لم نحذر من إعطاء الهدي؛ لأن الهدي في الحقيقة ضرورة، لأن الإنسان بين أمرين: إما أن يعطيها لهذه الشركات، وإما أن يذبحها ويدعها في الأرض لا ينتفع بها لا هو ولا غيره، أما إذا حصل أن الإنسان يذبح هديه ويأكل منه ويهدي ويتصدق فهذا لا شك أنه أفضل بكثير، وهذا يمكن لبعض الناس الذين لهم معارف في مكة يمكن أن يوكلوه ويقولوا: اذبحوا لنا الهدي، وحينئذٍ ينتفع به، أو هو ينزل إلى مكة ويذهب إلى المسلخ ويشتري ويذبح هناك فسيجد من يتزاحمون عنده ليأخذوا منه، لكن الذي أرى أن من الخطأ العظيم أن يرسل بقيمة الأضاحي إلى بلاد أخرى ليضحى بها هناك، هذا هو الذي ليس له أصل، والنبي عليه الصلاة والسلام كان يبعث بالهدي إلى مكة ليذبح في مكة ولم ينقل عنه لا في حديث صحيح ولا ضعيف أنه أرسل أضحيته لأي مكان، بل كان يذبحها في بيته ويأكلون ويهدون ويتصدقون.

    (34/23)


    --------------------------------------------------------------------------------

    أضحية من حلق لحيته في عشر ذي الحجة


    السؤال
    فضيلة الشيخ! رجل أراد أن يضحي، ومن المعلوم أنها في الأيام العشر وقد أخذ من شعر لحيته وهو من الحالقين للّحى وهو عالمٌ بعدم جوازه فما حكم ذلك؟ هل أضحيته صحيحة؟ وهل من نصيحةٍ لإخواننا الذين يرتكبون هذه المعصية؟

    الجواب
    نصيحتي لهؤلاء: أن يتقوا الله عز وجل سواءٌ أرادوا الأضحية أو لا، وأن يمتثلوا أمر رسوله صلى الله عليه وسلم حيث قال: (خالفوا المجوس) (خالفوا المشركين) (وفروا اللحى وحفوا الشوارب) وليعلموا أن هذا من هدي النبي صلى الله عليه وسلم وحلقها من هدي المشركين، ولو سألنا أي مؤمن بالله ورسوله: أتقدم هدي المشركين على هدي سيد المرسلين؟ لقال: لا، إذا كان يقول: لا، فلماذا لا يكون عنده عزيمة ويتقي الله؟ ولهذا كان من المؤسف جداً أنك ترى بعض الناس حريصاً على صلاة الجماعة، يصوم إما أيام البيض أو يوماً بعد يوم، ويتصدق، وهو صاحب خير وخلق حسن، ومع ذلك ابتلي بحلق اللحية، فصار حلق لحيته قذىً في أخلاقه وفي دينه أيضاً، فالواجب تقوى الله عز وجل، ولعلَّ امتناعه من حلق لحيته في العشر الأولى من الأضحية يكون سبباً في امتناعه من ذلك دائم الدهر؛ لأنه يعينه، إذ أن بقاء اللحية عشرة أيام لا تحلق سوف يكون لها أثر وتبين وتظهر، وحينئذٍ يسهل عليه أن يعفيها وألا يحلقها، لكن أقبح من ذلك: أن بعض الناس يقول: لا أضحي لأني لو نويت الأضحية امتنعت من حلق اللحية -أعوذ بالله- يترك الخير من أجل فعل الشر، وهذا غلط عظيم، نحن نقول: ضح ولو عصيت الله بحلق اللحية، الأضحية شيء وحلق اللحية شيء آخر، وكذلك ما تظنه بعض النساء أن المرأة إذا كدت رأسها في أيام العشر فلا أضحية لها، هذا أيضاً غلط ليس بصحيح، المرأة إذا كانت تريد أن تضحي فلها أن تكد شعرها لكن برفق، وإذا سقط منه شيء بغير اختيارها فلا شيء عليها، وإن كانت تخشى أنه لا يمكن كده إلا بسقوط شعر فلا تكده ولكن تغسله بالماء وتعصره وتنظفه.

    (34/24)


    --------------------------------------------------------------------------------

    فضل كون الحج في يوم الجمعة


    السؤال
    هل ورد شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم في فضل كون الحج حج الجمعة؟

    الجواب
    لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم في فضل الجمعة إذا صادف يوم عرفة، لكن العلماء يقولون: إن مصادفته ليوم الجمعة فيه خير.
    أولاً: لتكون الحجة كحجة النبي صلى الله عليه وأله وسلم؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم صادف وقوفه بـ عرفة يوم الجمعة.
    ثانياً: أن في يوم الجمعة ساعةً لا يوافقها عبدٌ مسلم وهو قائمٌ يصلي يسأل الله شيئاً إلا أعطاه إياها، فيكون ذلك أقرب للإجابة.
    ثالثاً: أن يوم عرفة عيد ويوم الجمعة عيد، فإذا اتفق العيدان كان في ذلك خير، وأما ما اشتهر من أن حجة الجمعة تعادل سبعين حجة فهذا غير صحيح.

    (34/25)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم قيام الزوج بالحج عن زوجته المتوفاة


    السؤال
    رجل توفيت زوجته ولم تحج مع أن زوجها الآن قادر على الحج ويريد دفع قيمة الحج لمن يقوم بأداء الحج عنها فهل يؤجر على ذلك؟ وهل الأفضل أن يقوم بالحج هو بنفسه عنها أم يوكل؟

    الجواب
    الأفضل أن يقوم هو بالحج عنها من أجل أن يأتي بالنسك على وجهه الأكمل الذي يحبه، ولكن إذا كان لا يرغب بذلك ووكل من يحج عنها فهو على خير فقد أحسن إليها، وليس بغريب أن يحسن الإنسان إلى زوجته التي كانت قرينته في الحياة وشريكته في الأولاد، أما الوجوب فلا يجب عليه.

    (34/26)


    --------------------------------------------------------------------------------

    توبة تارك الصلاة


    السؤال
    أمي كانت لا تصلي لمدة أربعين سنة، والآن تريد أن تصلي وتحج فهل يشترط عليها أن تشهد الشهادتين؛ لأن تارك الصلاة قد كفر؟

    الجواب
    صلاتها توبة، هي إذا صلت فقد تابت وصارت مسلمة، فنسأل الله تعالى أن يثبتها على ما تريد وأن يعينها على ذلك، وهي إذا تابت إلى الله وأنابت إليه وقامت بالصلاة والزكاة والصيام والحج كفَّر الله عنها؛ لقول الله تبارك وتعالى: {وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً * إِلاَّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً} [الفرقان:68-70] وقال جل وعلا: {قُلْ يَا عِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر:53] وأبشرها إذا صدقت في توبتها مع الله أنها على خير، فقد أخبر النبي عليه الصلاة والسلام: (أن الرجل يعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها) .

    (34/27)


    --------------------------------------------------------------------------------

    وقت التكبير المقيد


    السؤال
    أشكل علينا يا فضيلة الشيخ وقت التكبير المقيد متى يبدأ، فنرجو من فضيلتكم التنبيه على السنة التي وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم في التكبير، وهل هو للمقيم والحاج سواء؟

    الجواب
    من المعلوم أن الله عز وجل أمر بذكره في كل وقت: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً} [الأحزاب:41-42] لكن عشر ذي الحجة اختصت بمزيد، فيشرع للناس الذكور والإناث من دخول شهر ذي الحجة إلى آخر يومٍ من أيام التشريق أن يكبروا ويهللوا ويحمدوا، يقولون: الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد، في كل وقت، لكن العلماء رحمهم الله يقولون: من طلوع فجر يوم عرفة إلى آخر أيام التشريق يسن أن يكبر فيها تكبيراً مقيداً في أدبار الصلوات، أي: بعد أن تستغفر الله وتقول: اللهم أنت السلام ومنك السلام تكبر من طلوع فجر يوم عرفة إلى آخر يومٍ من أيام التشريق وذلك في صلاة العصر يوم التشريق آخر أيام التشريق، ولك أيضاً أن تكبر في جميع الوقت فيجتمع من يوم عرفة إلى آخر أيام التشريق تكبير مطلق وتكبير مقيد.

    (34/28)


    --------------------------------------------------------------------------------

    النطق بالنية في الحج والأضحية


    السؤال
    يشكل علي يا فضيلة الشيخ النطق بالنية إذا قال الحاج: لبيك عمرةً مثلا، أو قول المضحي: هذه عن فلان أي: تسمية صاحب الأضحية عند الذبح، فأرجو رفع الإشكال؟

    الجواب
    لا إشكال في ذلك؛ لأن قول المضحي: هذه عني وعن أهل بيتي إخبار عما في قلبه، فهو لم يقل: اللهم إني أريد أن أضحي كما يقوله من ينطق بالنية، بل أظهر ما في قلبه فقط وإلا فإن النية سابقة من حين أن أتى بالأضحية وأضجعها وذبحها فقد نوى، وكذلك يقال في النسك: لبيك حجاً لبيك عمرة، ليس هذا من باب ابتداء النية؛ لأن الناس قد نووا من قبل، ولهذا لا يشرع أن تقول: اللهم إني أريد العمرة اللهم إني أريد الحج، لا، انو بقلبك ولبِّ بلسانك، وأما التكلم بالنية في غير الحج والعمرة والأضحية فهذا أمر من المعلوم أنه ليس بالمشروع، فلا يسن للإنسان إذا أراد أن يتوضأ أن يقول: اللهم إني أريد أن أتوضأ، أو اللهم إني نويت أن أتوضأ، أو بالصلاة اللهم إني أريد أن أصلي، اللهم إني نويت أن أصلي، كل هذا غير مشروع، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم.

    (34/29)


    --------------------------------------------------------------------------------

    كيفية أخذ المرأة من شعرها القصير


    السؤال
    إذا كانت المرأة قصيرة الشعر بحيث أن شعرها كشعر الرجل لا يمكنها أن تظفره ظفائر فماذا عليها؟

    الجواب
    هذه المرأة إذا لم يكن لها ظفائر فإنها تأخذ من أطراف الشعر بقدر أنملة والأنملة: هي فصطت الإصبع.

    (34/30)


    --------------------------------------------------------------------------------

    جواز الحلق في الحج قبل النحر أو بعده


    السؤال
    ما معنى قول الله تعالى: {وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [البقرة:196] أليس هذا هو صريح في أن النحر يكون قبل الحلق وإلا فما معنى الآية؟

    الجواب
    قوله تعالى: {وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [البقرة:196] أي: لا تحلق الرأس إلا إذا ذبحتم، هذا معنى الآية، لكن جاءت السنة أنه لا حرج أن يحلق قبل النحر، وما دامت السنة جاءت بذلك فيكون هذا تخفيف من الله عز وجل، أو يقال: (حتى يبلغ الهدي محله) أي: وقت حلوله، لا أن المراد أن يذبحه فعلاً، وحينئذٍ لا منافاة بين الحديث وبين الآية، فلها في ذلك توجيهان: التوجيه الأول: أن يقول: إن معنى قوله: {حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [البقرة:196] ليس هو أن يذبح الهدي بل أن يأتي وقت الذبح.
    والثاني أن يقال: إنه {حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [البقرة:196] أي: حتى يذبح، لكن السنة جاءت بجواز تقديم الحلق على النحر.

    (34/31)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم أضحية الحاج
    يقول: كيف يجمع الإنسان بين الحج والأضحية؟ وماذا يصنع بالنسبة للأخذ من شعره وأظفاره؟

    الجواب
    ذكرنا أن الحاج لا يضحي، لكن من له أهل فإنه يجعل عندهم القيمة يضحون عنه، وأما هو فله الهدي، وإذا قدر أن يقول لأهله: ضحوا عني وعنكم والفلوس منه هو فهو المضحي حقيقة، ولكن لا حرج أن يأخذ من شعره إذا تحلل من العمرة، لأن الإنسان المتمتع إذا قدم مكة وطاف وسعى فإنه يقصر وهذا التقصير لا يضر لأنه نسك، والذي ورد به النهي إنما هو الأخذ بغير النسك.

    (34/32)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حيض المرأة أثناء الطواف


    السؤال
    حاضت المرأة في أثناء الطواف فماذا تفعل؟

    الجواب
    إذا حاضت في أثناء الطواف؛ إذا كان الطواف طواف الوداع خرجت ولا شيء عليها، وإن كان طواف الإفاضة خرجت ثم أعادت الطواف إذا طهرت.
    وأخيراً أسأل الله عز وجل أن يجعل هذا العمل نافعاً، مباركاً، خالصاً لوجهه الكريم
    وأن ينفعني به في حياتي وبعد مماتي، وأن ينفع به كل من انتهى إليه؛ فإنه خير مسؤول، وأكرم مأمول، وهو حسبنا ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.

    حياكم الله بموقع بداية الهداية الخطوة إلى طريق العلم الشرعي الصحيح
    http://www.musacentral.com/

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المشاركات
    2,475
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    23-05-2024
    على الساعة
    01:42 AM

    افتراضي

    اللقاء الشهري

    اللقاء الشهري [35]
    الأمر بالمعروف بمعروف والنهي عن المنكر بلا منكر من أسباب خيرية هذه الأمة، وهو من فروض الكفاية، فعلى من يقوم به أن يتحلى بالحكمة والعلم بالشريعة، مع مراعاة المصالح والمفاسد المعتبرة المتعلقة بذلك.
    وقد احتوت هذه المادة -إضافة إلى ما سبق- على إجابات شافية لكثير من الأسئلة والإشكالات.

    (35/1)


    --------------------------------------------------------------------------------

    المعروف والمنكر وواجب المسلم تجاههما
    إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
    أما بعد: فهذا هو اللقاء الأول من هذا العام عام (1417هـ) وهو يتم في شهر المحرم ليلة الأحد السادس عشر من الشهر، وكما هو معروف عند الجميع أنه يحصل لقاء شهري في ليلة الأحد الثالث من كل شهر، نسأل الله تعالى أن يجعل هذا العام عام خير وبركة، يجمع الله به بين المسلمين، ويؤلف بين قلوبهم، ويهيئ لهم أمر رشد يؤمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر.
    إن لقاءنا هذه الليلة سيكون عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فلا بد أولاً أن نعرف ما هو المعروف وما هو المنكر؟ هل المعروف ما تعارفه الناس من خير وشر وإثم وثواب أم أن المعروف ما أمر الله به ورسوله؟

    الجواب
    بالثاني بأن المعروف ما أمر الله به ورسوله سواء كان معروفاً بين الناس أو منكراً؛ لأن من المعروف ما لا يعرفه الناس، ومن المعروف ما هو معروف والحمد لله، لكن المعروف الذي جاء الأمر بالأمر به هو ما أمر الله به ورسوله، والمنكر ما نهى الله عنه ورسوله، هذا هو الضابط في المعروف وفي المنكر، وبناءً على ذلك يكون الأمر بالمعروف الذي هو سنة يكون الأمر به سنة، ويكون الأمر بالمعروف الذي هو واجب يكون واجباً، فمثلاً: إذا رأيت إنساناً يخل بصلاة الجماعة فأمره بذلك واجب؛ لأنه أخل بواجب، وإذا رأيت إنساناً أخل براتبة الظهر مثلاً فأمره سنة، والأمر غير البلاغ وغير الإبلاغ، الإبلاغ يجب على العالم أن يبلغ شريعة الله الواجب منها والمستحب؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (بلغوا عني ولو آية) كل من علم شيئاً من الشرع يجب عليه أن يبلغ به، لكن الأمر شيء آخر الأمر التكليف وطلب فعل، والنهي طلب كف، يأمر الإنسان غيره أو ينهى غيره، أما الدعوة فيقوم مثلاً بين الناس إما في مسجد أو مجتمع ويدعو إلى الله عز وجل.

    (35/2)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الشريعة الإسلامية
    الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حكمه في الشريعة الإسلامية أنه من أفضل الأعمال الصالحة، حتى أن هذه الأمة فضلت على غيرها؛ لأنها تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، والدليل على ذلك قول الله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [آل عمران:110] .
    والأمر بالمعروف سببٌ لوحدة الأمة واجتماعها واتفاقها، وائتلافها دليل ذلك قول الله تعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنْكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ * وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمْ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [آل عمران:104-105] .
    وهذا الذي ذكره الله عز وجل أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سببٌ للاجتماع وعدم التفرق وللألفة وعدم العداوة أمر يشهد به الواقع، لو أن بعضنا دخل المسجد وصلى وبعضنا بقي خارج المسجد يبيع ويشتري، أليس هذا تفرقاً؟ بلى هذا تفرق، هؤلاء يصلون وهؤلاء يضحكون ويلعبون، لكن لو أمرنا بالمعروف قلنا للذي خارج المسجد مثلاً: تفضل صل، إذاً اجتمعنا وائتلفنا ولم نتفرق.
    الأمر المعروف والنهي عن المنكر واجب ولكنه فرض كفاية إذا قام به من يكفي سقط عن الباقين، دليله: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنْكَرِ} [آل عمران:104] (مِن) هنا للتبعيض، ولو كان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجباً على الأعيان لكان واجباً على كل الأمة، لكن الآية صريحة: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ} [آل عمران:104] أي: كونوا أمة يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويؤمنون بالله، ولكن إذا لم يوجد إلا الشخص المعين صار الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في حقه واجباً عينياً كسائر فروض الكفايات إذا لم يوجد من يقوم بها وجب على الباقين، وعلى هذا فلو مررت بقوم على منكر ولم تجد أحداً ينهاهم عنه كان نهيك إياهم واجباً يجب عليك أن تنهاهم.

    (35/3)


    --------------------------------------------------------------------------------

    مراعاة المصالح والمفاسد في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
    انههم على حسب ما تقتضيه المصلحة، والمصلحة تختلف، قد تقتضي المصلحة أن أنهرهم وأشدد عليهم، وقد تقتضي المصلحة أن ألين معهم وأسهل عليهم، حسب الحال، لأنك مثلاً لو رأيت إنساناً يقوم بمنكر لكنه معاند تعرف أنه يعلم المنكر ولكنه معاند، وإنسان آخر على منكر لكنه جاهل لا يدري، هل يكون نهيك الثاني كنهيك للأول؟

    الجواب
    يختلف، ودليل ذلك: أنك تنزل الناس منازلهم في النهي عن المنكر، ما ثبت في الصحيحين: أن أعرابياً دخل مسجد النبي عليه الصلاة والسلام فتنحى ناحية فجعل يبول، فزجره الناس صاحوا به، وحق لهم أن يصيحوا به، فزجرهم النبي عليه الصلاة والسلام، وقال: (لا تزرموه) أي: لا تقطعوا عليه بوله، دعوه، فتركوه، فلما قضى بوله أمر النبي صلى الله عليه وسلم بأمرين: الأمر الأول: قال: (صبوا عليه ماءً) على البول، فصبوا عليه الماء، عادت الأرض الآن طاهرةً كما كانت قبل البول زالت المفسدة الآن.
    الأمر الثاني: أمر الأعرابي، قال: تعال، فقال له: (إن هذه المساجد لا يصلح فيها شيء من الأذى أو القذر إنما هي للصلاة والتكبير وقراءة القرآن) أو كما قال، فانشرح صدر الأعرابي بهذا القول اللين البين؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم ذكر له حكماً وعلة، يعني: ذكر له حكماً وتعليلاً، الحكم قال: (هذه المساجد لا يصلح فيها شيء من الأذى أو القذر) والتعليل قال: (لأنها مبنية للصلاة والتكبير وقراءة القرآن) أو كما قال، الأعرابي انشرح وانبسط تماماً وقال: اللهم ارحمني ومحمداً ولا ترحم معنا أحداً.
    لأن محمداً صلوات الله وسلامه عليه قابله باللين واللطف والتعليم، والصحابة رضي الله عنهم أخذتهم الغيرة فزجروه وصاحوا به، فالأعرابي قال: اللهم ارحمني ومحمداً ولا ترحم معنا أحداً.
    وفي هذا دليل واضح على أننا ننزل الناس منازلهم، والجاهل ليس كالعالم، نأتيه بلطف.
    مثال ذلك أيضاً أمر واقع: رأى إنسان رجلاً يمشي في السوق ومعه سيجارة فصاح به: تشرب الدخان، هذا حرام، والعياذ بالله، أنت فاسق، ماذا يكون مقابلة هذا الذي يشرب السيجارة لهذا الرجل؟ سوف يغضب عليه ويصيح به ويقول: أنت الفاسق، ولا يمتثل أمره، لكن لو جاءه إنسان بلطف وقال: يا أخي، يقول: يا أخي ما فيه مانع هو أخوك لأنه مؤمن، يا أخي هذا أمر لا يليق بك أنت رجل شريف، ثم هذا أمر قد حرمه الله عليك، هذا أمر يتلف مالك، هذا أمر يهلك صحتك، هذا أمر يسود أسنانك وشفتيك، هذا أمر تقدمه على خبز أهلك، هذا غير معقول، تب إلى الله وارجع إلى الله واترك، قال: أنا والله ما أقدر، كلامك زين وعلى عيني ورأسي، لكن لا أقدر، فاسمح لي أن أتدرج يوماً يشرب عشرة سيجارات واليوم الثاني ثمان واليوم الثالث خمس وهكذا، تسمح لي، ماذا يقول له؟ يقول: نعم أم يقول: لا؟ الأول الذي زجره يقول: لا أبداً لا أسمح لك ولا تكمل السيجارة التي في يدك، وهذا يقول له: ما فيه مانع لا بأس، أيهما أصوب؟ الثاني أصوب، لأن المسألة تحتاج إلى علاج، دعه يستمر لكن يترك شيئاً فشيئاً.
    كذلك إنسان وجدته أمام قبر النبي صلى الله عليه وسلم يدعو الرسول عليه الصلاة والسلام منهمكاً غاية الانهماك في الدعاء، يبكي بانفعال، هل من الحكمة أن تتركه حتى يقضي وطره ثم بعدئذٍ تكلمه تقول: هذا حرام، هذا شرك لكن بأسلوب، إن النبي عليه الصلاة والسلام لا يرضى بهذا، بل إن النبي عليه الصلاة والسلام إنما بعث ليهدم هذا: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء:25] ، {وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} [غافر:60] وتبين له بلطف، ولا حرج أنك تمسك يده بهدوء وتجلس معه، لأن العقيدة أمرها مشكل، هذا رجل معتقد من بلده إلى أن وصل إلى المدينة أن أكبر فرصة ينتهزها أن يقف أمام قبر النبي عليه الصلاة والسلام ليدعوه، ائت به واجلس معه وطمئنه وبين له، لأن المقصود هو إصلاح حاله وليس الانتقاد، المقصود الإصلاح لا الانتقاد.

    (35/4)


    --------------------------------------------------------------------------------

    أهمية العلم والحكمة للآمر بالمعروف
    إذاً الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يحتاج إلى حكمة، يحتاج إلى لين، يحتاج إلى سهولة، قال الله لنبيه صلى الله عليه وسلم: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنْ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ} [آل عمران:159] هؤلاء إخوانك، إن لم تصلحهم أنت من يصلحهم؟ ولا بد للآمر بالمعروف والناهي عن المنكر من أن يعلم بالشريعة بأن هذا معروف وهذا منكر؛ لئلا يأمر بمنكر أو ينهى عن معروف، بعض العوام عنده غيرة يحب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولكن قد يأمر أحياناً بما ليس بمعروف بناءً على أنه هو يرى أنه معروف وليس كذلك، وهذا خطأٌ عظيم.
    كذلك أيضاً بعض العامة عنده غيرة شديدة يرى أن هذا الشيء منكرٌ فينهى عنه مع أنه ليس بمنكر، إن من الناس من يكسر المسجل الذي يسمع منه كلام الله؛ لأن ذوقه يرى أنه حرام منكر، ويقول: (من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه) هذا غلط، أولاً: ليس الاستماع إلى المسجل منكراً، المسجل آلة يودع فيه الخير ويودع فيه الشر، وإن استمعت إلى شر فهذا شر، إن استمعت إلى خير فهذا خير، لكن مع ذلك لو استمعت إلى شريط مسجل فيه أغنية محرمٌ سماعها هل من الحكمة أن تكسر المسجل أم أن تكسر الشريط؟ الثاني لا شك أنه الصحيح، إلا إذا كان لك أمر، أي: ولاية من الأمر وكسرت هذا المسجل تعزيراً فهذا شيء آخر، أما نهياً عن المنكر فليس إليك أن تكسر هذا المسجل، كسر إن استطعت بلا فتنة ما فيه التحريم.
    إذاً لا بد للآمر بالمعروف والناهي عن المنكر من أن يكون عنده علم بالشرع؛ لئلا يأمر بمنكر أو ينهى عن معروف، كذلك لا بد أن تعلم أن هذا الفاعل قد أتى منكراً أو ترك واجباً، مثال ذلك: رأيت مع إنسان امرأة فظننت أنها أجنبية منه فجعلت تنهاه، هذا غير صحيح، قد تكون هذه المرأة من محارمه أو زوجة له، لا تنكر حتى تعلم أن هذا الذي تريد أن تنهاه قد وقع في منكر.
    كذلك الواجب إنسان أتى وجلس في المسجد هل تأمره أن يقوم فيصلي تحية المسجد، أم تسأل: هل صلى أم لا؟ الثاني؛ لأنه ربما صلى في زاوية لم تشاهده، أما إذا كنت تشهد أنه دخل المسجد فربما نقول: مره بأن يقوم ويصلي على أننا أيضاً لا نقول: مره، لأنه ربما دخل المسجد لأنه خرج من المسجد لحاجة قريبة توضأ ورجع لا حاجة أن يصلي تحية المسجد، لهذا لا بد أن تعلم أن صاحبك ترك المعروف أو وقع في المنكر حتى يتوجه أمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر.
    ومن المهم ألا يزول المنكر إلى أنكر منه، لو أن إنساناً وقع في منكر ونهيته عنه، لكن تعلم أنك بنهيك إياه سيتحول إلى ما هو أعظم، فلا تنكر؛ لأن درء أعلى المفسدتين بأدناهما أمرٌ واجب، خذ من المفسدتين أقلهما إذا كان لا بد، ودليل هذا: أن الله عز وجل قال: {وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ} [الأنعام:108] سب آلهة المشركين أمر مطلوب، لكن إذا كان سبهم يؤدي إلى سب الله عز وجل صار أمراً محرماً: {وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ} [الأنعام:108] .
    لو رأيت قوماً في مجلس على رصيف من الأرصفة يشربون الدخان ويلعبون البلوت وأشياء أخرى محرمة لكنك تعلم أنك لو نهيتهم وأقمتهم عن هذا المنكر سوف يذهبون إلى حانة خمور أو الميسر أو اللواط أو الزنا، هل تنهاهم على ما هم عليه أم لا؟ لا، لماذا؟ لأنه أهون، ولا يمكن أن تنقلهم من الأهون إلى الأشد والأشر، وأمثلة هذا كثيرة، لكن العاقل يزن بين الأمور ويعرف النتائج وينظر ما هي العواقب.
    سئل أبو حنيفة رحمه الله: عن قوم يخرجون إلى الناس يضربون ويبطشون، يقولون: نحن نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر؟ فنهى عن ذلك، وقال: إنما يفسدون أكثر مما يصلحون.
    فلا بد أن تنظر العواقب ما هي حتى تكون على بصيرة في أمرك ونهيك.
    اللهم اجعلنا من الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر على علم وبصيرة يا رب العالمين، اللهم أخلص نياتنا، وأصلح أعمالنا، واجعلنا من دعاة الحق وأنصار الحق يا رب العالمين.
    والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

    (35/5)


    --------------------------------------------------------------------------------

    الأسئلة

    (35/6)


    --------------------------------------------------------------------------------

    تعليق على دعاء: (اللهم اجعلنا أغنى خلقك بك)


    السؤال
    فضيلة الشيخ! ما معنى ما يؤثر في الدعاء أو ما نسمعه من الدعاء: اللهم اجعلنا أغنى خلقك بك وأفقر عبادك إليك وأغننا اللهم عمن أغنيته عنا؟

    الجواب
    اللهم اجعلنا أغنى خلقك بك، هذا لا ينبغي؛ لأن أغنى الخلق بالله هم الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، ولا أحد يعتصم بالله أكثر مما يعتصم به الأنبياء، ولا يتوكل على الله أكثر مما يتوكل الأنبياء فهذه تحذف.
    والثانية: وأفقر عبادك إليك، هذا ربما يكون مقبولاً؛ لقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمْ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ} [فاطر:15] ومعنى هذه العبارة أفقر عبادك إليك: أي: ألا نفتقر إلى غيرك.
    والثالثة: وأغننا عمن أغنيته عنا، أي: أغننا عن الناس، لكن قد ورد ما هو أفضل من هذا الدعاء: (اللهم أغننا بحلالك عن حرامك، وبطاعتك عن معصيتك، وبفضلك عمن سواك، اللهم لا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين) .

    (35/7)


    --------------------------------------------------------------------------------

    كيفية نصح الوالد العاصي


    السؤال
    فضيلة الشيخ! إذا شاهدت والدي يشاهد الدش ما هي النصيحة التي أنصحه بها بحيث ألا أعقه ولا أهينه؟

    الجواب
    النصيحة أن تلاطفه وأن تختار الوقت الذي يكون فيه منشرح الصدر، وبعيداً عن الانفعالات، وأن يكون كلامك معه سراً مرةً بعد أخرى، إن استفاد هذا هو المطلوب، وإن لم يستفد فلا بأس أن تجهر له وتكلمه علناً كما فعل إبراهيم عليه الصلاة والسلام حين كان يحاور أباه، يقول: {يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئاً} [مريم:42] ويقول: {يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنْ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطاً سَوِيّاً} [مريم:43] يأمر أباه أن يتبعه لأنه جاءه من العلم ما لم يأته {يَا أَبَتِ لا تَعْبُدْ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيّاً * يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنْ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيّاً} [مريم:44-45] .
    فالمهم أن الواجب أن يداري والده وأن يأمره بالمعروف وينهاه عن المنكر بأقرب وسيلة يحصل بها المقصود ولا ييئس، بعض الناس إذا نهره أبوه مرة أو تكلم عليه ترك، هذا غلط، اصبر وصابر ورابط ولا تيئس، لكن ليكن الأمر بينك وبينه سراً فإنه أقرب إلى القبول.

    (35/8)


    --------------------------------------------------------------------------------

    معاصي الأرحام لا تمنع من زيارتهم


    السؤال
    فضيلة الشيخ! أختي تسكن في مدينة الرياض وكنت أزورها، والآن زوجها أحضر في منزله دشاً وأنا متحرجٌ من زيارتها أفأزورها أم أقاطعها ويكفي الاتصال بالهاتف، مع العلم أني إذا ذهبت إليها أنام عندهم فأنا الآن أستحي من الله أن أنام وفوقي الدش الخبيث؟

    الجواب
    يجب عليك أن تصل أختك وأن تذهب إليها في بيتها وأن تناصح زوجها حسب ما تقدر عليه، ولا يجوز للإنسان أن يقاطع رحمه -أقاربه- من أجل أنهم عصاة؛ لقول الله تعالى: {وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنْ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ * وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا} [لقمان:14-15] صورة المسألة: إنسان له أبوان أم وأب مشركان بالله، قد بذلا غاية الجهد على أن يشرك ولدهما معهما، يقول: أشرك بالله وقد بذلا الجهد والطاقة لذلك يقول الله عز وجل: {فَلا تُطِعْهُمَا} [لقمان:15] ولكن ماذا؟ {وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً} [لقمان:15] ما قال: قاطعهما {وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً} [لقمان:15] إذاً الواجب أن يصل الإنسان رحمه وأن يدعوهم إلى الله وأن ينصحهم فإن امتثلوا فهذا هو المطلوب، وإلا فالإثم عليهم، فإذا وصلهم وذهب إليهم واتصل بهم وقدموا له الأكل أو الشرب فليأكل وليشرب ما لم تكن المعصية أمامه بأن يكونوا قد فتحوا على الدش وهو ينظر إلى الأشياء المحرمة فحينئذٍ يقول: إما أن تغلقوه، وإما أن أغادر، ويجب عليه أن يغادر إذا أبوا؛ لأنه لا يجوز أن يشاركهم في المنكر.

    (35/9)


    --------------------------------------------------------------------------------

    نصيحة للعزاب ولأولياء أمورهم


    السؤال
    سماحة الوالد! حفظك الله ورعاك وسدد خطاك، بما أن حديثك الليلة عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وبما أن الإجازة قد قربت وكثرت الزيجات أشكو أنا وأمثالي من الشباب العزاب إلى الله ثم إليكم ما نواجهه من الآباء الأغنياء الذين حرمونا الزواج وعلقوه بإنهائنا للدراسة التي لا ندري متى ننهيها، والله الذي لا إله إلا هو يا سماحة الوالد أننا نعيش في حياة كلها هم وألم مع كثرة هذه الفتن والمنكرات، وهؤلاء الآباء يظنون أننا في أرغد عيش وأهنئه، ووالله لئن نعيش في صحراء وبيت شعر مع زوجة وأولاد أحب إلينا من القصور الشاهقة في حياة العزاب، فنرجو أن توجهوا كلمة لهؤلاء الآباء ووصيةٍ لنا معشر الأبناء لعل الله أن ينفع بها جزاكم الله خيراً؟

    الجواب
    الواقع أن هذا السؤال حق؛ لأننا نسمع من بعض الآباء -والعياذ بالله- من أغناهم الله وعندهم الأموال الكثيرة، وإذا طلب الشاب أن يزوجوه قالوا: لا، حك ظهرك بظفرك، أنت توظف وإذا توظفت فتزوج، وإني أوجه نصيحة إلى هؤلاء الآباء: أن يتقوا الله عز وجل، وأن يعلموا أنهم مطالبون فرضاً عينياً بأن يزوجوا أولادهم ما دام عندهم قدرة، كما يجب عليهم أن يطعموهم ويسقوهم، ويكسوهم ويسكنوهم، يجب عليهم أن يزوجوهم وجوباً، وهم إذا لم يفعلوا آثمون، وهم من البخلاء الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله يظنون ذلك خيراً لهم وهو شرٌ لهم، وإذا قدر وأسأل الله ألا يقدر، أن الولد انحرف بسبب امتناع والده عن تزويجه مع قدرته على ذلك، فإن والده عليه إثم من هذا الانحراف؛ لأنه هو السبب، ثم نقول لهذا الوالد: ما تدري فلعلك تدرك طلوع الشمس ولا تدرك غروبها ثم يكون مالك بين أولادك الذين بخلت به عليهم، اتق الله.
    يقول: أنا لا أزوجهم لأنهم هم رجال ويزوجون أنفسهم، سبحان الله! المسألة هل هي بأيديهم؟ هل كل من تخرج اليوم يجد وظيفة؟ أبداً، ربما يبقى شهراً أو شهرين أو سنةً أو سنتين ما وجد الوظيفة، ليس الأمر بيده، إذا كان كذلك فالآن عندنا مصلحة محققة وأبوه قادر عليها وهي تزويجه وعندنا مصلحة موهومة وهي أن يتزوج الشاب بماله لا ندري متى يكون هذا؟ فأقول: أي إنسان أغناه الله وقدر على أن يزوج ولده، والولد يطلب ذلك إما بلسان مقاله وإما بلسان حاله، ويمتنع الأب من ذلك، فإنه آثم بهذا، آثم لأنه أهمل واجباً عليه.
    أما بالنسبة للشباب فإني أوصيهم بالصبر والاحتساب والاستعفاء، وهم إذا فعلوا ذلك فإن الله تعالى سوف يغنيهم من فضله، يقول الله عز وجل: {وَلْيَسْتَعْفِفْ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [النور:33] وهذا شبه وعد من الله عز وجل أنك إذا استعففت فإن الله تعالى سوف يغنيك، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: (يا معشر الشباب! من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء) .
    ثم أشير على الشباب أن يبتعدوا عن مهيجات الشهوة من صور أو مشاهدة تلفاز أو حديث يتحدث بعضهم مع بعض أو ما أشبه ذلك، لأنهم إذا مارسوا ما يثير الشهوة فإن الإنسان في مستقبل شبابه لا بد أن تثور شهوته ويخشى عليه، فليصبروا وليحتسبوا، فإن الصبر مفتاح الخير، يقول النبي عليه الصلاة والسلام: (واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسراً) .

    (
    وأخيراً أسأل الله عز وجل أن يجعل هذا العمل نافعاً، مباركاً، خالصاً لوجهه الكريم
    وأن ينفعني به في حياتي وبعد مماتي، وأن ينفع به كل من انتهى إليه؛ فإنه خير مسؤول، وأكرم مأمول، وهو حسبنا ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.

    حياكم الله بموقع بداية الهداية الخطوة إلى طريق العلم الشرعي الصحيح
    http://www.musacentral.com/

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المشاركات
    2,475
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    23-05-2024
    على الساعة
    01:42 AM

    افتراضي

    نصيحة لمن يقصر في صلاة الجماعة


    السؤال
    فضيلة الشيخ! أنا إنسان مستقيم ولله الحمد والمنة فلا أسمع الأغاني ولا أدخن ولكني لا أشهد صلاة الفجر وأحياناً العصر مع الجماعة مع العلم بأني أحاول كثيراً بالقيام لتلك الصلوات، وعندما تفوتني تلك الصلوات أندم كثيراً، صدقني يا فضيلة الشيخ أني حاولت بشتى الوسائل ولكني عجزت هل أنا آثم أم لا؟

    الجواب
    أما إذا كان ما يقوله من العجز حقيقة وأنه لا يستطيع فإن الله تعالى يقول: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن:16] ، ويقول: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا} [البقرة:286] لكن هل لهذا العجز من دواء؟ هذا هو السؤال الحقيقي، الجواب: أظن أنه لا بد أن يكون له دواء، فمثلاً في صلاة الصبح: من المعروف أن الإنسان إذا نام مبكراً استيقظ مبكراً هذا هو المعروف، ولهذا كره النبي صلى الله عليه وسلم الحديث بعد العشاء؛ لأن الحديث يوجب السهر، ثم لا يستطيع الإنسان أن يقوم لصلاة الفجر، وإن قام فهو في مشقة، أما بالنسبة للعصر فالظاهر والله أعلم أن هذا الرجل موظف ولا يأتي إلا متأخراً ثم يتغدى ثم ينام ويصعب عليه أن يقوم، فأقول: إذا كان وقت العصر قريباً فلا تنم إذا تغديت فتمش لك خمس دقائق عشر دقائق، ثم إذا حضر الأذان فصلِّ مع الجماعة، فعلى كل حال الإنسان العاقل اللبيب إذا نزل به مثل هذه الأمور فإنه يعرف كيف يتخلص منها.

    (35/11)


    --------------------------------------------------------------------------------

    نصيحة لمن يسكن مع صاحب معصية


    السؤال
    فضيلة الشيخ! رجلٌ يتهاون في صلاة الجماعة ويعلم تمام العلم وجوبها وكلمته مراراً علماً بأني أسكن معه في دار واحدة، هل سكناي معه تعتبر مشاركة له في هذا المنكر؟ أفدني جزاك الله خيراً؟

    الجواب
    لا تعتبر مشاركةٌ له في هذا المنكر ما دمت تحاول أن يهديه الله على يديك، ابق معه وحاول إصلاحه وأعنه على نفسه بإيقاظه إذا قمت، فلعل الله أن يهديه على يدك، ويكون ذلك خيراً لك وله، أما إن استمر في معصيته فأرى أن تفارقه وأن تطلب مكاناً آخر حتى تسلم من شره.

    (35/12)


    --------------------------------------------------------------------------------

    المتسبب في القتل وكفارة ذلك
    يقول: فضيلة الشيخ! امرأة أمرت أحد أبنائها أن يذهب إلى الدكان مع أخته فصدمته سيارة فمات، فهل عليها صيام علماً أن عمر الصبي ثلاث سنوات؟

    الجواب
    نعم، يجب أن نعرف قاعدة مهمة ذكرها العلماء رحمهم الله وقالوا في الجنايات والحوادث: إذا اجتمع متسبب ومباشر فالضمان على المباشر؛ لأنه هو الذي باشر الجناية، فصاحب السيارة هو المسئول؛ لأن الواجب أن يوقف السيارة وألا يمشي في الأسواق المزدحمة بالناس كما يمشي في البر، فالضمان في مثل هذه الصورة على صاحب السيارة لا الكفارة ولا الدية، أما المرأة فلا شيء عليها، نعم لو فرض أن المرأة وهو بعيد جداً أخذت بصبيها وألقته أمام السيارة في حال لا يتمكن السائق من إيقاف السيارة فهنا يكون الضمان على المرأة؛ لأنها متسببة، ولكني أقول: لا ينبغي للمرأة أن تخرج طفلها الصغير في سوق تكثر فيه السيارات، فابن ثلاث سنوات ماذا ينفع إذا خرج مع أخته؟ لا ينفع شيئاً، ثم ابن ثلاث سنوات مشيه هادئ ما يستطيع ينطلق فخطر عليه وعلى أخته أيضاً، لذلك يجب على المرأة وعلى من هو ولي على أطفال ألا يخرج هؤلاء الصغار إلى الأسواق التي تكثر فيها السيارات.

    (35/13)


    --------------------------------------------------------------------------------

    نصيحة لوالد فاجر ولأقاربه


    السؤال
    فضيلة الشيخ! إن لي أباً عاش طيلة حياته في ظلم الناس والتشفي في أكل حقوقه ظلماً وزوراً لدرجة أني وعائلتي بكاملها وجميع أقاربه لم نسلم من شره وفجوره ودخول المحاكم والمطالبات والقضايا ديدنه وشغله الشاغل، وأريد أن أعرف ما تجاهي من ناحيته فإني أخاف أن أموت ولم آمره بمعروف ولم أنهه عن منكر، مع العلم أنه يعيش حياة لا تمكنني من مجالسته أو لقائه، وإذا لاقيته أعرض عني وشتمني وسب ديني وتمادى في ظلمي وكذلك أخاف عليه من سوء الخاتمة، فأنا لا أريد أن أفقد باباً من أبواب الجنة فتقصيري يكفيني، فما توجيهكم حفظكم الله؟ ولعل هذا الشريط أقدر على إيصاله إليه فينفعه الله بتوجيهكم.


    الجواب
    أوجه النصيحة إلى هذا الأب من وجهين: الوجه الأول: فيما بينه وبين ربه، فأقول: اتق الله في نفسك وفي أهلك وفي إخوانك فإنك لا تدري متى يفجؤك الموت، وإذا كنت ظالماً فإن الظالم قد يعاقب بسوء الخاتمة والعياذ بالله، وإذا مات الإنسان على غير هدى وتقوى فيا ويله ويا خسارته، ولهذا ذكر ابن القيم رحمه الله عن رجل كان يرابي -يتعامل بالربا- فيعطي العشرة بإحدى عشر أو بأكثر فلما حضرته الوفاة حضره بعض أهله، فكان يقول له: قل: لا إله إلا الله، فيقول: العشر بإحدى عشر، كلما قيل: قل لا إله إلا الله قال: العشر بإحدى عشر، ختم له بسوء الخاتمة والعياذ بالله، لأنه تعلق قلبه بالدنيا ونسي الآخرة ونسي الله عز جل، فنقول لهذا الأب المبتلى بهذه الفتنة والعياذ بالله: مطالبة الناس وأكل أموال الناس بالباطل اتق الله في نفسك، وإني أذكره بقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من حلف على يمينٍ هو فيها فاجر يقتطع بها مال امرئ مسلم لقي الله وهو عليه غضبان) والعياذ بالله، وقال عليه الصلاة والسلام: (من اقتطع شبراً من الأرض ظلماً طوقه الله به يوم القيامة من سبع أرضين) تكون هذه القطعة طوقاً في عنقه يوم القيامة اليوم الذي يشهده الأولون والآخرون يكون طوقاً في عنقه والعياذ بالله، واليوم هذا كم مقداره؟ خمسون ألف سنة، فعليه أن يتوب ويرد الحقوق إلى أهلها مما أخذه بغير حق.
    أما الأمر الثاني: فمعاملته مع من ينصحه من أولاده بنين أو بنات أو إخوان له ينصحونه: فإن الواجب على من نُصح أن يتشكر ممن نصحه؛ لأنه ما أسدى أحدٌ معروفاً إلى أحد أبلغ من نصيحةٍ تنفعه في دينه ودنياه، كيف يقابل النصيحة والعياذ بالله بالسب والشتم، بل سمعنا في السؤال أنه يسب الدين والعياذ بالله، يسب الدين الذي تأمره به ابنته، وسب دين الله كفرٌ مخرجٌ عن الملة، وهذا الرجل لو مات على هذا السب لكان خالداً مخلداً في نار جهنم والعياذ بالله، لا ينفعه مالٌ ولا بنون، فعليه أن يراجع نفسه وأن يتوب إلى الله وباب التوبة مفتوح والحمد لله، يقول الله عز وجل: {قُلْ يَا عِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمْ الْعَذَابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ * وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمْ العَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ * أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنْ السَّاخِرِينَ * أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنْ الْمُتَّقِينَ * أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنْ الْمُحْسِنِينَ * بَلَى قَدْ جَاءَتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنْتَ مِنْ الْكَافِرِينَ} [الزمر:53-59] آيات عظيمة.
    على هذا الأب أن يتلوها بتمعن وتفكر وتدبر لعلَّ الله سبحانه وتعالى أن يدركه برحمته وفضله، نسأل الله أن يتوب علينا وعليه وأن يهديه صراطه المستقيم إنه على كل شيء قدير.

    (35/14)


    --------------------------------------------------------------------------------

    مساعدة الأب لولده على الزواج


    السؤال
    والدي رحمه الله تعالى ساعدني في زواجي أنا وأحد إخواني أما إخواني الباقين فإنهم على ما أعتقد قادرون ولم يطلبوا منه شيئاً وهم الآن يقولون: إن مساعدته لكم دين عليكم، أفتنا جزاك الله خيراً؟

    الجواب
    هذا القول بأن مساعدته ابنه الفقير على الزواج دين عليه قول باطل لا صحة له؛ لأن تزويج الإنسان أبناءه من النفقة بالمعروف وهم قد أغناهم الله لا يحتاجون إلى أن يزوجهم أبوهم، وعلى هذا فلو كان عند الإنسان ابنٌ له عشرون سنة يحتاج إلى زواج وابنٌ له عشر سنوات لا يحتاج إلى زواج فزوج الأول ولم يعطِ الثاني شيئاً أيكون عادلاً بين أولاده؟ الجواب: نعم، هو عادل، وما زوج به الابن الكبير ليس ديناً على الابن الكبير، بل هو نفقةٌ قام بها الأب ويثاب عليها ويؤجر، إنفاقك على ابنك صدقة، قال النبي عليه الصلاة والسلام لـ سعد بن أبي وقاص: (واعلم أنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها حتى ما تجعله في فم امرأتك) حتى الذي تجعله في فم امرأتك لك أجر إذا ابتغيت بذلك وجه الله، فالأب ليس بآثم إذا زوج ابنه الفقير ولم يزوج أبناءه الأغنياء، والابن المزوج ليس عليه دين.
    بقي أن يقال: هل يجوز للأب أن يوصي بمثل المهر الذي زوج به ابنه الفقير لأولاده الصغار الذين لم يبلغوا سن الزواج في حياته؟ الجواب: لا يجوز، خلافاً لما يفهمه بعض الناس إذا زوج أبناءه الكبار أوصى للصغار بمثل ما زوج به الكبار، وهذا غلط، ولا تنفذ هذه الوصية، يدخل ما أوصى به لأولاده الصغير ليتزوجوا به يدخل في التركة ويقسم على فرائض الله عز وجل.

    (35/15)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم تحية المسجد


    السؤال
    فضيلة الشيخ! هل ترك تحية المسجد منكر وهل يجب عليَّ أن آمر من ترك تحية المسجد أن يصلي ركعتين؟

    الجواب
    ترك تحية المسجد منكر على رأي بعض العلماء الذين يقولون: إن تحية المسجد واجبة، وهذا القول قوي جداً له وجهة نظر؛ لأن رجلاً دخل المسجد يوم الجمعة والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب الناس فجلس، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (أصليت؟ قال: لا، قال: قم فصلِّ ركعتين وتجوز فيهما) فقطع النبي صلى الله عليه وسلم خطبته ليكلم هذا الرجل، وأمره أيضاً أن يصلي وإذا كان يصلي سوف يتشاغل عن سماع الخطبة، ومعلوم أن الاستماع إلى الخطبة واجب، قال الذين يوجبون تحية المسجد: ولا يشتغل عن واجب إلا بواجب، فإذا رأيت شخصاً دخل المسجد وجلس قل له: هل صليت؟ فإذا قال: نعم، انتهى الأمر، إذا قال: لست على طهارة انتهى الأمر؛ لأنه لا يتوجه إليه الخطاب بالصلاة وهو على غير وضوء.
    إذا قال: إنه على وضوء ولم يصل، تقول له: قم فصل ركعتين؛ لئلا تقع في الإثم، لأن القائلين بوجوب صلاة تحية المسجد يرون أنه إذا تركها الإنسان فإنه آثم.

    (35/16)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم التذكير والوعظ بمناسبة بداية العام


    السؤال
    فضيلة الشيخ! تذكير الأئمة وحثهم للناس في بداية العام الهجري ونصيحتهم بمحاسبة النفس وحمد الله على إدراك هذا العام وأن خير الناس من طال عمره وحسن عمله هل يعتبر من البدع؛ لأنه لم يعهد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه يفعل ذلك في مطلع كل عام؟

    الجواب
    ليس هذا من البدع، هذا من التذكير بالمناسبات من أجل أن يحث الناس ويبين لهم أنه ينبغي أن يستقبلوا عامهم بالجد والاجتهاد والعبادة والدعوة إلى الله عز وجل وحسن المعاملة وما أشبه ذلك فلها مناسبات.
    أما قوله: إن ذلك لم يعهد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فنعم لأن التاريخ هذا لم يكن إلا بعد وفاة النبي عليه الصلاة والسلام وبعد وفاة أبي بكر، لم يعرف إلا في عهد عمر حين صار يكتب الكتب إلى أمرائه فيأتيهم الكتاب يقولون: ما نعرف متى كتبته يا أمير المؤمنين، اجعل تاريخاً فجعل التاريخ في أثناء خلافته رضي الله عنه.

    (35/17)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم بيع الدش للتخلص منه


    السؤال
    فضيلة الشيخ! أنا رجل عندي أولاد وكان عندي ما يسمى بالدش فهداني الله وتركته فهل يجوز لي أن أبيعه لأحدٍ آخر؟

    الجواب
    إذا بعت الدش لشخص آخر ماذا سيصنع به؟ سوف يستعمله في محرم، فتكون أنت ممن أعنت على محرم.
    لنفرض أن السائل قال: إذاً أهديه على شخص هدية أبتغي بها وجه الله، ماذا نقول له؟ نقول: لا يجوز هذا، ولا يصح أن تبتغي وجه الله بمحرم، إن الله لا يتقرب إليه إلا بالطاعة فلا يحل ولو مجاناً، إذاً ماذا يصنع به؟ يكسره، وإذا كسره لله عز وجل فإن الله تعالى يخلف عليه خيراً منه.
    ذكر بعض المفسرين: أن سليمان عليه الصلاة والسلام لما استعرض الخيل وسها بها عن صلاة العصر حتى غابت الشمس أمر برد الخيل إليه وقال: {رُدُّوهَا عَلَيَّ} [ص:33] فجعل يقتلها ويعقرها {فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَالأَعْنَاقِ} [ص:33] السوق: جمع ساق، فأخلف الله عليه خيراً من ذلك، أخلف الله عليه الريح سخر له الريح {تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ} [ص:36] وهل تجري ببطء أم بسرعة؟ بسرعة، لأن الله قال: {وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً} [الأنبياء:81] قوية، لكن مع ذلك هي رخاء لا يتزعزع ولا يتقلب، قالوا: إنه يضع بساطه على الأرض ويجلس إليه من حوله من حاشيته ثم يأمر الريح فتحمل البساط بمن عليه، وتتجه حيث أراد هو {رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ} [ص:36] {غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ} [سبأ:12] في الصباح تمشي مسيرة شهر وفي الغدو مسيرة شهر، تقطع في اليوم الواحد مسيرة شهرين، لأنه عقر الجواد من خيله حميةً لله عز وجل، ولئلا تشغله مرةً أخرى عن طاعة الله فسخر الله له الريح، (ومن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه) .
    فنقول لهذا الأخ الذي منَّ الله عليه بالهداية وترك الاستماع والنظر إلى الدش نقول: كسره وأبشر بإخلاف الله عز وجل عليك.

    (35/18)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم الطواف على سطح المسعى


    السؤال
    فضيلة الشيخ! في طواف الوداع في الحج الماضي طفت في السطح وكان طوافي من ناحية المسعى على الجدار الذي بين المسعى والمطاف وفي أحد الأشواط طفت مع المسعى وكذلك سألني أحد الحجاج: هل يجوز الطواف مع المسعى؟ فأجبته أنه يجوز، فهل فعلي هذا صحيح أم لا؟ وإن كان غير صحيح فما يلزمني أنا وكذلك الرجل الذي أجبته علماً بأني لا أعرفه؟ جزاك الله خيراً.


    الجواب
    أما الطواف على سطح المسعى لا يجوز؛ لأن المسعى خارج المسجد الحرام، ولذلك لو أن امرأة طافت للعمرة ثم حاضت قبل السعي جاز لها أن تسعى؛ لأن السعي لا يشترط له الطهارة والمسعى ليس مسجداً حتى نقول: لا تمكث فيه، وكذلك لو أن امرأة جاءت مع أهلها وعليها الحيض وجلست في المسعى تنتظرهم وهي حائض فلا بأس، وكذلك البيع والشراء في المسعى يجوز؛ لأنه ليس مسجداً، وكذلك الجنب يمكث فيه بدون وضوء لأنه ليس مسجداً، وكذلك المعتكف في المسجد الحرام لا يخرج إلى المسعى؛ لأن المسعى خارج المسجد، فلا يجوز الطواف خارج المسجد؛ لأن الله تعالى قال: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج:29] ومن طاف خارج المسجد هل يقال: طاف بالبيت أو طاف بالمسجد؟ طاف بالمسجد، لكن نرى نظراً للأزمنة المتأخرة هذه وكثرة الحجاج والزحام الشديد نرى أنه إذا طاف في سطح المسجد وامتلأ المضيق الذي في جانب المسعى ولم يجد بُدَّاً من النزول إلى المسعى أو الطواف فوق الجدار نرى إن شاء الله تعالى أنه لا بأس به، لكن يجب أن ينتهز الفرصة من حين ما يجد فرجة يدخل في المسجد.
    أما إفتاء هذا للرجل من غير علم فهو حرام عليه؛ لقول الله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّي الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ} [الأعراف:33] وليعلم المفتون أن من أفتى أحداً بغير علم فترك واجباً فإثمه على الذي أفتاه وإن فعل محرماً فإثمه على الذي أفتاه، الفتوى ليست سلعاً تباع وتشترى ويجلب لها الزبائن، الفتوى أمرها خطير؛ لأن المفتي سفيرٌ بين الله وبين خلقه في إبلاغ شرعه، فهو أمرٌ عظيم جداً (أجرأ الناس على الفتيا أجرؤهم على النار) والعياذ بالله، فعلى كل واحد أن يتقي ربه، وألا يستعجل الأمر إن قدر الله تعالى أن يكون أمة يهدي الله به الناس فسوف يكون، فليصبر حتى ينضج، الإنسان إذا أكل العنب وهو حصرم قبل أن ينضج ماذا يكون؟ يضره، نقول: تأنى حتى تصل إلى الغاية التي تؤهلك للفتوى، أما أن تعرف مسألة من العلم وتظن أنك عرفت جميع المسائل، أو تحكم برأيك هذا لا يجوز.

    (35/19)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم من طاف الوداع ونام بعده في الحرم


    السؤال
    رجال ونساء طافوا طواف الوداع قبل الفجر ثم من شدة التعب ناموا في الحرم حتى أذان الفجر ثم توضئوا وصلوا وسافروا فهل عليهم شيء؟

    الجواب
    إذا غلبهم النوم قهراً فأرجو ألا يكون عليهم شيء، وأما إن كان يمكنهم أن يستمروا ولكنهم أخلدوا إلى الراحة فكأنهم لم يطوفوا طواف الوداع، أما لو طاف الإنسان طواف الوداع ثم أذن لصلاة الفجر وانتظر وصلى فلا بأس؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم حين رجع من حجة الوداع طاف بالبيت قبل الفجر ثم صلى الفجر ومشى.
    السائل: ماذا عليهم؟ الشيخ: قلنا: إذا غلبهم النوم بحيث لا يستطيعون أن يتحكموا بأنفسهم فلا شيء عليهم، وإلا فكالذين لم يطوفوا طواف الوداع، ومن لم يطف طواف الوداع فعليه عند أهل العلم فدية تذبح في مكة وتوزع على الفقراء.

    (35/20)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم بيع الدش لنصراني


    السؤال
    يقول: هذا الرجل بعد توبته الذي يملك الدش إن كان بحاجة إلى المال فهل يجوز له أن يبيعه لنصراني؟

    الجواب
    أنا أتوقف في هذا، بيع الإنسان ما يحرم للكفار هل يجوز أم لا؟ إن النبي صلى الله عليه وسلم حرم بيع الخمر وهي حرام بيعها على المسلمين وعلى غير المسلمين، وكذلك لما كتبوا إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه: أن المجوس أو النصارى أرادوا أن يعطوا المسلمين شيئاً من الخمر نهاهم عمر وقال: لا تأخذوه ولوهم بيعها -أي: خلوهم هم الذين يبيعونها بعضهم على بعض- وخذوا من ثمنها.
    على كل حال: أنا أتوقف في هذه المسألة، وأقول: توكل على الله وكسره وأبشر بالخير العاجل.

    (35/21)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم وضع عباءة المرأة على كتفيها


    السؤال
    هل وضع المرأة العباءة على الكتفين في الصلاة جائز؟

    الجواب
    نعم لا بأس به؛ لأن هذا قد يكون أحفظ لها وأهون عليها من أن تبقى كلما نزلت العباءة عن رأسها أعادتها إلى رأسها، وليس هذا من باب التشبه بالرجال؛ لأن هيئة المرأة في هذه الحالة لا تشبه هيئة الرجال.

    (35/22)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم إفراد عاشوراء بالصيام، وبعض مخالفات الصحافة


    السؤال
    فضيلة الشيخ كتبت إحدى المجلات الإسلامية فتوى عن فضيلتكم بجواز إفراد يوم عاشوراء بلا كراهة، فإن كانت الفتوى المنقولة عنكم صحيحة فكيف نوفق بينها وبين أمر النبي صلى الله عليه وسلم بمخالفة الكفار ونهيه عن التشبه بهم؟

    الجواب
    مع الأسف أن الصحف لا تتقي الله عز وجل وتكتب العناوين على ما تريد، وإذا قرأت العناوين وقرأت مضمون العنوان وجدته مخالفاً تماماً، وهذا غلط، والواجب الأمانة، نحن قلنا: إنه لا يكره إفراده وهذا هو الذي صرح به فقهاؤنا رحمهم الله وقالوا: إن إفراده ليس مكروهاً، ومنهم: شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى، لكن مع ذلك قلنا: ينبغي ألا يفرده الإنسان وحده؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع) أي: مع العاشر، واليهود اليوم ليسوا يتبعون التاريخ الهجري، بل لهم تاريخ خاص بهم قد لا يوافق اليوم الذي أنجى الله فيه موسى وقومه وأغرق فرعون وقومه ليوم العاشر من شهر محرم.
    ومن جملة ما يخدعون الناس بالعناوين في مجلة الفرقان وهي مجلة طيبة ولا بأس بها، تصدر من الكويت، وقد حصل معي مقابلة مع بعض مراسليها وسألني سؤالاً: عن معهد صحي يقرأ فيه نساء بدون اختلاط وبدون تبرج وبدون أي شيء محظور، لكن يمارسن بعض التمارين الرياضية التي فيها مصلحة وفائدة؛ لأنهن يشتغلن بما يتعلق بالصحة، فقلت: ما دام فيه فائدة ولا محظور فلا بأس، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سابق عائشة رضي الله عنها والمسابقة نوع من الرياضة، لكن ماذا جاء في الخط العريض؟ جاء: فلان يقول: لا بأس بفتح معاهد رياضية للنساء، فرق عظيم! هذه خيانة في النقل، أحببنا أن ننبه لكي لا تقع هذه المجلة في أيديكم، وإلا فقد كتبنا لهم إنكاراً لما صنعوا، وقلنا: هذا خلاف الأمانة، على أنهم نقلوا الكلام فيه أخطاء حتى في الآيات والأحاديث، لكن هذه لا تهم؛ لأن كل إنسان يعرف الآيات أنها خطأ، لكن المهم أن ينقل عن الإنسان ما لم يقله ويجعل في عنوان بارز؛ لأن أكثر الناس إذا قرءوا الصحف ماذا يقرءون؟ العناوين ويتركون ما في بطون العناوين، لذلك أحببت ألا تغتروا بالعناوين، الصحفيون نسأل الله لنا ولهم الهداية يجعلون العناوين على مزاجهم.

    (35/23)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم العرافة والضرب على الزير والرقص


    السؤال
    فضيلة الشيخ! هذا سؤال مهم نعاني في أحد المناطق من أربعة أمور وهي: أولاً: وجود من يبيع الدش على أنواعها.
    ثانياً: من يدعي إحضار المفقودات.
    ثالثاً: الضرب على الزير في الأعياد والمناسبات.
    رابعاً: من يتخذ الرقص مع الشعر الذي فيه سب وتتبع لعورات الناس وإعلانها على رءوس الخلائق.
    المطلوب توجيه النصيحة لكل منهم، مع التفصيل بالحكم لكي نقوم بتوزيع هذا الشريط في الإجازة بارك الله فيك؟

    الجواب
    يقول: أولاً وجود من يبيع الدشوش على الناس.
    من المعلوم أن الله سبحانه وتعالى قال في كتابه: {وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة:2] وجلب هذه الدشوش وبيعها إعانةً على اقتنائها، ومن أعان على معصية ناله من إثمها ما يستحق، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه (لعن آكل الربا وموكله وشاهديه وكاتبه) لأن الشاهدين والكاتب أعانا على إثبات هذا العقد فنالهما ما يستحقان من اللعنة، فبيع الدشوش حرام، وشراؤها حرام، وحملها إلى أماكن البيع حرام؛ لأن ذلك كله إعانةٌ على الإثم والعدوان، وثمنها وما يحصل فيها من كسب كله سحت والعياذ بالله.
    ثانياً: من يدعي إحضار المفقودات.
    أما من يدعي إحضار المفقودات فهذا يسمى عند العلماء العرَّاف، وإتيان العرافين محرم؛ لأنه إغراءٌ لهم، وما الذي يضمن أن يكون هذا الذي يستدل أو يحضر المفقودات أنه يسخر شياطين الجن على وجهٍ محرم؟! إما أن يسجد لهم أو يذبح لهم أو ما أشبه ذلك؟! فيكون في إتيان هؤلاء العرافين إغراءٌ لهم على ما هم عليه من هذا العمل.
    ثالثاً: الضرب على الزير في الأعياد والمناسبات.
    الذي جاءت به السنة في هذه الأمور هو أن النساء يضربن بالدف ليلة الزواج، فإن هذا من إعلان النكاح ومما جاءت به السنة.
    رابعاً: من يتخذ الرقص مع الشعر الذي فيه سب وتتبع عورات الناس وإعلانها على رءوس الخلائق.
    الرقص للرجال محرم؛ لأن حقيقته تشبه الرجال بالنساء، وأيضاً رقص النساء لا ينبغي لأنه يحصل فيه فتنة لا في الأعراس ولا في غير الأعراس، ثم إذا كان موضوع القصائد فيه هجاء وسب وشتم كان أقبح وأقبح.

    (35/24)


    --------------------------------------------------------------------------------
    وأخيراً أسأل الله عز وجل أن يجعل هذا العمل نافعاً، مباركاً، خالصاً لوجهه الكريم
    وأن ينفعني به في حياتي وبعد مماتي، وأن ينفع به كل من انتهى إليه؛ فإنه خير مسؤول، وأكرم مأمول، وهو حسبنا ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.

    حياكم الله بموقع بداية الهداية الخطوة إلى طريق العلم الشرعي الصحيح
    http://www.musacentral.com/

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المشاركات
    2,475
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    23-05-2024
    على الساعة
    01:42 AM

    افتراضي

    اللقاء الشهري

    اللقاء الشهري [36]
    يختلف الناس في استغلالهم لإجازة الصيف، فمنهم من يقضيها في النافع المفيد، ومنهم من يقضيها في الضار الخبيث، ومنهم من يقضيها في المباح.
    وقد صنف الشيخ الناس في الإجازات إلى خمسة أصناف، وبيّن أحكام كل صنف من حيث الجواز أو التحريم.
    كما أجاب عن كثير من الأسئلة المتعلقة بهذا الموضوع وغيره.

    (36/1)


    --------------------------------------------------------------------------------

    أصناف الناس في استغلال إجازة الصيف
    إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وخليله وأمينه على وحيه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
    أما بعد: فإننا نحمد الله عز وجل أولاً وقبل كل شيء أن يسر لنا مثل هذه اللقاءات في بيوت الله عز وجل من أهل العلم، يجتمع إليهم فيها طلاب العلم والعامة، يتدارسون بينهم ما يحتاجون إليه في أمور دينهم ودنياهم وهذه من نعمة الله عز وجل.
    هذا اللقاء يتم في عنيزة في الجامع الكبير كل شهر مرة في مساء السبت الثالث من كل شهر، وهذا هو السبت العشرون من شهر صفر عام (1417هـ) .
    أسأل الله سبحانه وتعالى أن يحيينا جميعاً حياةً طيبة نستغلها فيما يرضي الله تبارك وتعالى.
    نحن في مطلع إجازة الصيف لعام (1417هـ) فكلمة (إجازة) معناها: أن الإنسان يتجوز من شيء إلى شيء، أو يجتاز من شيء إلى شيء، وليس معناها (عطلة) كما يعبر عنها بعض الناس، هي في الواقع ليست عطلة، والإنسان ليس في حياته عطلة إطلاقاً، الإنسان دءوب كادح إلى أن يلقى الله عز وجل، كما قال الله تبارك وتعالى: {يَا أَيُّهَا الإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاقِيهِ} [الانشقاق:6] أتت (الفاء) بعد قوله: (إنك كادح) إشارةً إلى أن هذا الكدح سوف يستمر إلى ملاقاة الله عز وجل وذلك بحلول الأجل، الإنسان دائماً لا بد أن يكون كادحاً عاملاً، ولهذا جاء في الحديث: (أصدق الأسماء حارث وهمام) لأن كل إنسان له همة وإرادة، وكل إنسان له حرث وعمل، فلا بد أن يكون الإنسان دائماً في عمل لكننا نجتاز من عمل إلى عمل.

    (36/2)


    --------------------------------------------------------------------------------

    استغلال الإجازة في طلب العلم
    في الأيام الماضية كان التلاميذ والشباب من ذكور وإناث مشتغلين بالدراسات النظامية، ثم جاءت هذه الإجازة من أجل أن يستعيدوا ما فات مما قصروا فيه، لأن الإنسان ربما لا يستوعب جميع المعلومات التي درسها؛ لأن الوقت قصير، والمقررات طويلة ومتنوعة، فربما يركز في هذه الإجازة على شيء مما فاته مما سبق، وقد تكون بعض المواد التي قرأها في وقت الدروس النظامية قد يكون لم يهضمها ولم يتقنها تماماً فيعود عليها مرةً ثانية في هذه الإجازة، وقد يكون في هذه الإجازة يستعد للسنة القادمة فيراجع ما تيسر من دروسه المستقبلية، وقد يكون له دروس أخرى غير الدروس النظامية يستغل هذه الإجازة فيها، وقد يكون الإنسان ممن لا يهتم بالعلم كثيراً ولكنه يهتم بالزراعة والبيع والشراء وغير ذلك من الأشياء.
    ولهذا نرى الناس في هذه الإجازة يختلفون، فمنهم من يستغلها بالعلم إما دراسةً لما مضى أو دراسةً لما يستقبل وهذا لا شك أنه خير الأقسام، لأن العلم لا يعدله شيء، كما قال الإمام أحمد رحمه الله: (العلم لا يعدله شيء لمن صحت نيته) فالذي يستغلها في العلم إما بحفظ كتاب الله أو سنة الرسول عليه الصلاة والسلام أو شيء من كتب العلماء في العقيدة أو في الأخلاق أو في الفقه هذا لا شك أنه خير الأقسام أن يستغل أي: هذه الإجازة في العلم.

    (36/3)


    --------------------------------------------------------------------------------

    استغلال الإجازة في زيارة مكة والمدينة
    من الناس من يستغلها في زيارة مكة والمدينة إما منفرداً أو مع صحبة أو مع أهله، وهذا أيضاً لا شك أنه خير، وبناءً على ذلك نود أن نقول: إن العمرة في السفر الواحد عمرة واحدة بمعنى: أنه لا يمكن أن يكرر الإنسان عمرة في سفر واحد، لأن هذا ليس من هدي الرسول عليه الصلاة والسلام ولا من هدي السلف، خلافاً لما يتوهمه كثير من الناس.
    وهذه صفة العمرة: قبل أن تعمل أي عمل من الأعمال تطوف وتسعى وتقصر أو تحلق والحلق أفضل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم دعا للمحلق ثلاثاً وللمقصر مرة.
    انتهت العمرة ثم إذا أردت أن تعود إلى أهلك فطف للوداع وارجع إلى أهلك.
    وينبغي في هذا السفر أن يكون الإنسان مكثراً في الطاعة والإنابة إلى الله وبذل المال فيما يرضي الله عز وجل، وإذا أردت أن تذهب إلى المدينة من أجل الصلاة في المسجد النبوي وتزور بعد ذلك قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقبري صاحبيه -والثلاثة في مكان واحد معروف- وتخرج أيضاً إلى البقيع لتزور أهل البقيع، وتبدأ بأفضلهم عثمان بن عفان رضي الله عنه؛ فإن أفضل أهل البقيع هو عثمان لأنه أحد الخلفاء الراشدين الأربعة، تزور قبره وهو معروف، ثم تزور بقية قبور أهل البقيع، وتخرج أيضاً إلى قباء متطهراً وتصلي فيه ما شاء الله، وتخرج كذلك إلى شهداء أحد لتسلم عليهم وتدعو لهم، فهذه خمسة أشياء: 1- زيارة المسجد النبوي.
    2- ثم زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقبري صاحبيه.
    3- ثم زيارة البقيع.
    4- ثم زيارة قباء.
    5- ثم زيارة أحد، وما سوى ذلك مما يقال: إنه يزار في المدينة فلا أصل له، المدينة ما فيها شيء يزار إلا هذه المواضع الخمسة.
    هذان صنفان من الناس: الأول: من يشتغل بالعلم وهو أفضل الأصناف، والثاني: من يذهب إلى مكة والمدينة لزيارة مكة والمسجد النبوي.

    (36/4)


    --------------------------------------------------------------------------------

    استغلال الإجازة في النزهة في البلاد
    الثالث: من يخرج إلى نزهة، يذهب بأهله إلى نزهة في البلاد أياماً أو أسبوعاً أو أكثر أو أقل، هذا أيضاً لا بأس به، لا بأس أن يخرج الإنسان إلى بلد مجاور في بلاده -أي: في المملكة - من أجل أن يرفه عنه وعن أهل بيته، ولكن في هذه الحالة يحرص على أن يكون داعياً إلى الله عز وجل آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر؛ لتكون رحلته رحلة خير، فكم من أناسٍ في أطراف البلاد لا يفهمون إلا القليل مما يفهمه بعض الناس في أواسط البلاد، فيدلهم على الخير ويأمرهم به ويبين لهم الشر وينهاهم عنه وهذا خير.
    ومن الناس من يخرج إلى نزهةٍ قريبة من بلده، شباب يخرجون إلى نزهة قريبة من البلد وهذا أيضاً لا بأس به، ولكن بشرط: ألا يمارسوا شيئاً من المحرمات، وينبغي لهؤلاء أن يتخذوا لهم مسجداً؛ أي: أن يجعلوا لهم مخيماً كبيراً للمسجد ويحسن أن يكون فيه مكتبة للمراجعة والمطالعة حتى تكون هذه النزهة رحلة علم وإخاء ومودة، وليحرصوا على أداء الصلاة في جماعة؛ لأن الجماعة لا تسقط لا عن المقيمين ولا عن المسافرين، إن الجماعة لم تسقط حتى عن المقاتلين، يقول الله عز وجل: {وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمْ الصَّلاةَ} [النساء:102] أي: في الحرب {فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ} [النساء:102] .

    (36/5)


    --------------------------------------------------------------------------------

    استغلال الإجازة في مساعدة الأب في تجارته
    هناك أيضاً صنف يستغل هذه الإجازة بمساعدة أبيه في تجارته أو حراثته أو ما أشبه ذلك، وهذا لا شك أنه خير؛ لأنه من البر بالوالدين، ولكن في هذه الحالة إذا كان الإنسان له أولاد منهم من يساعده في حرثه وتجارته ومنهم من لم يساعده، فهل يجوز أن يفضل الذي يساعده على الآخر بشيء من المال؟

    الجواب
    إذا كان هذا الذي يساعده يريد بذلك بر والديه وثواب الآخرة فلا حاجة أن يعطيه شيئاً؛ لأن هذا الذي ساعد والده أراد بذلك ثواب الآخرة فليكن له ثواب الآخرة، وأما إذا رأى منه أنه يتطلع إلى أن يعطيه أبوه شيئاً يختص به؛ لأنه يساعد أباه ويعمل معه في الحرث أو في التجارة أو في غيرها، فحينئذٍ يعطيه مثلما يعطي رجلاً من غير أولاده، بمعنى: أنه يفرض له كل شهر كذا، أو يجعل له نصيباً مشاعاً من الربح فيما إذا عمل بالتجارة أو بالزراعة أو ما أشبه ذلك، لماذا؟ لئلا يفضل بعض أولاده على بعض، فإن تفضيل بعض الأولاد على بعض في غير النفقة الواجبة محرم، بل إن النبي صلى الله عليه وسلم تبرأ من الشهادة عليه حيث نحل بشير بن سعد الأنصاري رضي الله عنه ابنه النعمان بن بشير نحلة -أعطاه عطية- فقالت أم النعمان: لا أرضى حتى تشهد النبي صلى الله عليه وسلم، فذهب بشير إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأخبره بأنه نحل ابنه النعمان نحلة، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (أكل ولدك أعطيتهم مثل ذلك؟ قال: لا.
    قال: اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم، أشهد على هذا غيري فإني لا أشهد على جور) فامتنع النبي صلى الله عليه وسلم من الشهادة عليه؛ لأن هذا جورٌ وتبرأ منه، وقال: (أشهد على هذا غيري) .
    وكان السلف رحمهم الله يعدلون بين أولادهم حتى في التقبيل، فمثلاً: إذا قبل الصبي الذي له خمس سنين أو ست سنين وأخوه عنده قبَّل الثاني، لماذا؟ لئلا يجور حتى في هذه الحالة، وكذلك أيضاً في الكلام يجب أن تسوي بين أولادك بالكلام، لا تتكلم مع هذا بغضب ومع هذا برضا، لا تنظر إلى هذا بوجه عابس والآخر بوجه راضٍ، يجب أن تعدل ما استطعت.

    (36/6)


    --------------------------------------------------------------------------------

    استغلال الإجازة في الذهاب إلى بلاد الكفر والفجور
    وصنفٌ من الناس يمضون هذه الإجازة فيما يغضب الله عز وجل، فيكونون من الذي بدلوا نعمة الله كفراً، تجدهم يذهبون إلى خارج البلاد: إلى بلاد الكفر والفجور والدعارة والأخلاق السيئة، هؤلاء خسروا دينهم ودنياهم، أما دينهم فإنه لا شك أن هذه المشاهد التي يشاهدونها سوف تؤثر عليهم تأثيراً بالغاً ولا سيما الصغار، فإن الصغير إذا انطبع في ذهنه شيء لم يكد يخرج منه، وخسروا دنياهم؛ لأنهم يبذلون أموالاً طائلة في مثل هذا السفر: فنادق، سيارات نقل، وغير ذلك من الأموال الباهظة، ثم هم مع ذلك ينمون أموال الكفار؛ لأن الكفار يدخل عليهم فائدة كبيرة من السياح الذين يصلون إلى بلادهم، ولهذا أرى وخذوا عني: أن السفر إلى بلاد الكفار محرم إلا بثلاثة شروط: الأول: أن يكون عند الإنسان علمٌ يدفع به الشبهات.
    والثاني: أن يكون عنده دين يحميه من الشهوات.
    والثالث: أن يكون محتاجاً إلى ذلك.
    فأما الإنسان الذي ليس عنده علم ويخشى عليه من الشبه التي يسمعها هناك أو يقرؤها فإنه لا يذهب؛ لأنه إذا ذهب زعزع عقيدته وشك بعد الإيمان وتردد بعد اليقين، وهذا دمارٌ للإنسان.
    كذلك إذا كان ليس عنده دينٌ قوي بمعنى: أنه يفسد مع الفاسدين وتغريه المناظر فيفسد، هذا أيضاً لا يذهب؛ لأن المحافظة على الدين أولى من المحافظة على البدن.
    والثالث: الحاجة إلى هذا، أن يحتاج إلى ذلك إما لعلم لا يوجد له نظير في المملكة، أو ذهب لمرضٍ يتداوى، أو لتجارة لا بد منها، وأما إذا لم يكن له حاجة فلا يذهب، وكم من أناسٍ يذهبون إلى الخارج باسم التمشي والنزهة فتفسد أخلاقهم وتنحل عقائدهم -والعياذ بالله- ويرجعون ممسوخين، ولا شك أن هذا لا يحل للمسلم أن يتعرض له لما فيه من الشر والفساد.
    هذا ما يتعلق بأصناف الناس في هذه الإجازة، وإنني أكرر على إخواني: أن يستغلوا هذه الإجازة بما فيه الخير إما في الدين وإما في الدنيا، وأفضل ما تقضى فيه هذه الإجازة هو طلب العلم، قال الإمام أحمد رحمه الله: (العلم لا يعدله شيء) .
    أسأله الله تعالى أن يرزقنا وإياكم اغتنام الأوقات بما يرضي الله عز وجل.

    (36/7)


    --------------------------------------------------------------------------------

    الأسئلة

    (36/8)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم الطواف بالبيت بعد العمرة مباشرة


    السؤال
    ذهبت الصيف الماضي لأداء العمرة أنا وقريبٌ لي، وعندما انتهينا من أداء العمرة ذهبنا فوراً إلى جدة وجلسنا يومين تقريباً، وعندما أردنا السفر إلى أبها لكي نقضي فيها بقية العطلة، مررنا بـ مكة فقال لي قريبي: كيف نمر بـ مكة ولا نطوف للوداع؟ فقلت له: لقد خرجنا منها بعد العمرة فوراً، والذي يخرج من مكة فوراً بعد العمرة ليس عليه طواف الوداع، والحاصل: أننا طفنا للوداع ثم سافرنا، فهل الصواب مع قريبي أم معي؟ مع العلم أني سأذهب في هذا الصيف إن شاء الله تعالى وسأجلس في جدة ثم أرجع؟

    الجواب
    الصواب هو مع من قال: إن الإنسان إذا خرج بعد العمرة مباشرة فلا وداع عليه، ودليل ذلك: أن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها لما اعتمرت بعد الحج خرجت بدون طواف وداع؛ لأن الطواف الذي كان قبل السعي يكفي، ولكن طوافكم بعد مروركم بـ مكة لا شك أنه خير تكسبون به أجراً إن شاء الله عز وجل، فمن ناحية الحكم الصواب مع السائل الذي قال: إنه لا وداع علينا، ومن ناحية الأجر والثواب الصواب مع الذي قال: إننا نريد أن نطوف للوداع، لكن في الحقيقة أن هذا ليس طواف وداع بل هو طواف تطوع.

    (36/9)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم الإسراف في الذبائح لإكرام الضيف والزواج


    السؤال
    فضيلة الشيخ! بمناسبة عطلة الصيف أحببت أن أعرض مشكلة يقع فيها بعض الناس وهي في المناسبات، وهي أن بعض الناس يريد أن يكرم ضيفه فتجده يذبح ذبيحةً فتكون زائدةً عن الحاجة فيرمي الباقي، فما نصيحتك لهؤلاء، خصوصاً ونحن مقبلون على موسم الزواجات ونحو ذلك؟ فهل من نصيحة لهؤلاء؟ وهل من نصيحة للذي لا يرضى إلا بالذبيحة ولا يرضى بسائر الطعام؟

    الجواب
    النصيحة لمن أراد إكرام ضيفه في الذبيحة، نقول: إذا كان الضيوف كثيرين يحتملون الذبيحة فلا بأس، هذا خير من كونك تذهب وتشتري لحماً، وأما إذا كان الضيف واحداً أو اثنين لا يحتملون الذبيحة فلا تذبح لهم؛ لأن هذا من الإسراف الذي نهى الله عنه، حيث قال سبحانه وتعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} [الأعراف:31] نعم لو فرضنا أن الرجل الذي نزل ضيفاً بالإنسان رجلٌ كبير له قيمته، فلا بأس أن تذبح له ذبيحة، إذا كنت تجد من ينتفع بها بعد إكرام الضيف كما ذبح الأنصاري ذبيحة للرسول صلى الله عليه وسلم حين نزل به ضيفاً ومعه أبو بكر وعمر، فأخذ المدية ليذبح، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إياك والحلوب) وأذن له في ذبحها، لكن من المعلوم أنه كان في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام لا يرمى اللحم والطعام بل ينتفع به الناس.
    أما بالنسبة للضيف الذي لا يرى أن إكرامه إلا بالذبح له فإن نصيحتي له أن يدع عنه هذا الجهل؛ لأن هذا من أعمال الجاهلية، وإكرام الضيف يكون بما جرت به العادة التي ليس فيها إسراف، فأنت لا تشره على الناس أن يكرموك بالذبائح، يكفي إذا لاقاك بوجه طلق وصدر منشرح وأحسن لك الكلام والتحية هذا فيه الكفاية.

    (36/10)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم الإتيان بأكثر من عمرة بعد الخروج من مكة ثم الرجوع إليها


    السؤال
    فضيلة الشيخ! ذكرت أنه لا يعتمر الإنسان في سفره أكثر من عمرة، فهل يجوز أن يعتمر بعد رجوعه من أبها وقد اعتمر قبل خروجه إليها كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم حين رجوعه من الطائف وهو لم ينشئ سفراً من بلده؟

    الجواب
    لا بأس إذا كان الإنسان خرج من مكة لحاجة ثم عاد إلى مكة فلا بأس أن يأتي بعمرة، لكن كلامنا في هؤلاء القوم الذين يأتون بالعمرة ويبقون في مكة ثم يخرج إلى التنعيم ويأتي بعمرة، هذا لم يفعله الصحابة ولم يفعله النبي عليه الصلاة والسلام، غاية ما هنالك أنه حصل لـ عائشة رضي الله عنها عذر حين جاءت من المدينة وهي محرمة بالعمرة، وفي أثناء الطريق حاضت، فدخل عليها النبي صلى الله عليه وسلم وهي تبكي، فأخبرته أنها حاضت، فقال لها: (افعلي ما يفعل الحاج غير ألا تطوفي بالبيت) ففعلت وقرنت بين الحج والعمرة، ولما أنهت حجها قالت: [يا رسول الله! يرجع الناس بحج وعمرة وأرجع بحج] فلما ألحت على الرسول عليه الصلاة والسلام أمرها أن تخرج ومعها أخوها عبد الرحمن بن أبي بكر إلى التنعيم وتأتي منه بعمرة، فذهبت إلى التنعيم وأتت منه بعمرة وأخوها عبد الرحمن معها ولم يأخذ عمرة؛ لأن أخذ العمرة من التنعيم لم يكن معروفاً عندهم، فإذا قدر أن امرأة وقع لها مثلما وقع لـ عائشة رضي الله عنها ولم تطب نفسها إلا أن تأتي بعمرة مستقلة فلا حرج عليها.

    (36/11)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم فوات الإحرام من الميقات


    السؤال
    فضيلة الشيخ! ذهبت لأداء العمرة بالطائرة من القصيم وأعلن المضيف: أن المرور بالميقات سيكون في الساعة الفلانية.
    فانشغلت عن ذلك حتى مضى الوقت وكان بين إعلانه وبين الوقت خمس دقائق من الموعد المحدد فماذا أفعل؟ علماً بأني عند وصولي إلى مكة ذهبت إلى التنعيم ونويت مرةً أخرى للإحرام بالعمرة ثم أديت العمرة؟

    الجواب
    الواجب على الإنسان أن يحتاط لدينه، فإذا كان في الطائرة وقال المضيف: إنه بقي عشر دقائق على الميقات فلتحرم من الآن وتحتاط؛ لأنك إذا تقدمت قبل الميقات بخمس دقائق فلا ضرر عليك، لكن لو تأخرت بعد الميقات بدقيقة واحدة فاتك الإحرام من الميقات؛ لأن الطائرة سريعة، هذا هو الذي ينبغي للإنسان.
    ينبغي لمن سافر بالطائرة أن يتأهب ويلبس الإزار والرداء وإذا أعلن المضيف بأنه بقي عشر دقائق فلا حرج عليه أن يحرم ولو قبل الوصول إلى الميقات لئلا يقع في مثل هذا الخطأ الذي ذكره السائل.
    أما بالنسبة للجواب على سؤاله فنقول: إن الواجب عليك أن تذبح فديةً في مكة وتوزعها على الفقراء، هكذا قال العلماء رحمهم الله: إن من ترك واجباً من واجبات الحج أو العمرة وجب عليه فدية تذبح في مكة وتوزع على الفقراء، فإن كنت تريد أن تذهب إلى العمرة هذا العام، فالأمر واضح، تذبحها أنت بنفسك هناك وتوزعها على الفقراء، وإلا فلا حرج عليك أن توكل أحداً يقوم بالواجب سواءً ممن سافروا من بلدك أو ممن كانوا في مكة.
    أما من لم يسمع المضيف ولم يحرم إلا بعد تجاوز الميقات، فعليه الدم لكن ليس عليه إثم؛ لأنه جاهل، ولكن عليه الفدية.
    وأخيراً أسأل الله عز وجل أن يجعل هذا العمل نافعاً، مباركاً، خالصاً لوجهه الكريم
    وأن ينفعني به في حياتي وبعد مماتي، وأن ينفع به كل من انتهى إليه؛ فإنه خير مسؤول، وأكرم مأمول، وهو حسبنا ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.

    حياكم الله بموقع بداية الهداية الخطوة إلى طريق العلم الشرعي الصحيح
    http://www.musacentral.com/

صفحة 2 من 4 الأولىالأولى 1 2 3 ... الأخيرةالأخيرة

موسوعه فتاوى اللقاء الشهري العلامه ابن عثمين

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. هنا كل كنوز العلامه محمد بن صالح العثيمين
    بواسطة ابو ياسمين دمياطى في المنتدى منتدى الصوتيات والمرئيات
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 28-02-2018, 09:02 PM
  2. هنا كل كنوز العلامه مصطفى العدوي
    بواسطة ابو ياسمين دمياطى في المنتدى منتدى الصوتيات والمرئيات
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 28-02-2018, 05:45 PM
  3. عشر خطط للمحافظة على راتبك الشهري من المصاريف
    بواسطة الزبير بن العوام في المنتدى المنتدى العام
    مشاركات: 13
    آخر مشاركة: 14-05-2014, 11:31 AM
  4. فضل العلم العلامه بن باز مرئى
    بواسطة ابو ياسمين دمياطى في المنتدى منتدى الصوتيات والمرئيات
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 19-04-2011, 02:16 AM
  5. ستيوارت العتيبي و مايكل الشهري وآخرون.. سعوديون يريدون إعلان إسلامهم
    بواسطة نعيم الزايدي في المنتدى منتدى قصص المسلمين الجدد
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 10-01-2011, 11:08 AM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

موسوعه فتاوى اللقاء الشهري العلامه ابن عثمين

موسوعه فتاوى اللقاء الشهري العلامه ابن عثمين