موسوعه فتاوى اللقاء الشهري العلامه ابن عثمين

آخـــر الـــمـــشـــاركــــات


مـواقـع شـقــيـقـة
شبكة الفرقان الإسلامية شبكة سبيل الإسلام شبكة كلمة سواء الدعوية منتديات حراس العقيدة
البشارة الإسلامية منتديات طريق الإيمان منتدى التوحيد مكتبة المهتدون
موقع الشيخ احمد ديدات تليفزيون الحقيقة شبكة برسوميات شبكة المسيح كلمة الله
غرفة الحوار الإسلامي المسيحي مكافح الشبهات شبكة الحقيقة الإسلامية موقع بشارة المسيح
شبكة البهائية فى الميزان شبكة الأحمدية فى الميزان مركز براهين شبكة ضد الإلحاد

يرجى عدم تناول موضوعات سياسية حتى لا تتعرض العضوية للحظر

 

       

         

 

 

 

    

 

موسوعه فتاوى اللقاء الشهري العلامه ابن عثمين

صفحة 2 من 10 الأولىالأولى 1 2 3 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 11 إلى 20 من 95

الموضوع: موسوعه فتاوى اللقاء الشهري العلامه ابن عثمين

  1. #11
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المشاركات
    2,475
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    23-05-2024
    على الساعة
    01:42 AM

    افتراضي

    حكم استقدام غير المسلم للخدمة


    السؤال
    هل إسلام الخادمة شرط من الشروط؟

    الجواب
    إسلام الخادمة ليس من الشروط، ولكنه لا ينبغي أن يأتي الإنسان بخادم أو خادمة غير مسلمين بل ولا عامل غير مسلم، وأنتم تعلمون في هذا الزمن ومنذ عهد قريب تعلمون الهجمة الشرسة من أعداء المسلمين على المسلمين في هذا العصر الذي بدأ المسلمون يتحركون شباباً وكهولاً بل وشيوخاً، ازدادت هجمات النصارى واليهود والوثنيين على المسلمين، ولعلكم تسمعون إلى الإذاعات أكثر مما أسمع تجدون العجب العجاب، كيف ازدادت هجمة الكفار على المسلمين في هذا الوقت لماذا؟ لأنهم يريدون ألا تقوم قائمة للمسلمين، ولقد صرح بعض زعمائهم، قال: (إننا وإن انتهينا من الشيوعية فلم ننته من الأصوليين) وماذا يعنون بالأصوليين؟ المتمسكين بدينهم، هؤلاء هم الأصوليون، ولكن لا يستطيعون أن يعبروا بكلمة الإسلام، لأن كلمة الإسلام توحش صغيرهم وكبيرهم، فقالوا: أصوليين، أي: الذين يرجعون إلى الأصل.
    وكلمة أصول من حيث معناها الواسع تشمل حتى الأصولية الكافرة، الكافر المتعصب أصولي لمذهبه ونحلته، فاختار هؤلاء التعبير بكلمة (أصول) عن كلمة (إسلام) لئلا توحشهم.
    ولكن بحول الله فإن النصر للإسلام إن قرب الزمن أو بعد، وأن الله تعالى إذا يسر لهذه الأمة قادة مصلحين وشباباً نيشيطين ودعوة إلى الحق قولاً وعقيدة وفعلاً، فإن الله تعالى قد تكفل بنصرهم: {إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ} [غافر:51] والمهم أنني أدعوكم ألا تستقدموا غير المسلم إلا في الحالة الضرورية، إذا كان غير المسلمين عندهم اختصاصات ليست عند المسلمين واضطررنا إلى هذا فيأتون، ولكن يأتون بدون حاجة فلا ينبغي أبداً وبأي حال من الأحوال أن نستقدم غير المسلم وندع المسلم.

    (6/12)


    --------------------------------------------------------------------------------

    واجبنا تجاه إخواننا في الهند من جراء هدم المسجد البابري على أيدي الهندوس


    السؤال
    تعلمون حفظكم الله ما حصل قبل أيام من هدم المسجد الإسلامي في الهند الذي قام بهدمه الهندوس، أرجو إيضاح ما هو دورنا في هذا المجال، هل هو فقط أن نسفر العمال الهندوسيين لدينا؟ هل يكفي هذا؟ وآخر يقول: تعلمون فضيلة الشيخ ما حصل لإخواننا المسلمين في الهند من هدم المسجد البابري على أيدي الهندوس الحاقدين عباد البقر، ونحن نعلم أن عقيدتهم باطلة حيث يؤمنون بتناسخ الأرواح وغير ذلك، فما هو موقفنا من الهندوس العاملين في بلادنا سواء في محلات خياطة النساء أو في المستشفيات أو في المخابز أو غيرها، نريد موقفاً يظهر فيه تضامننا مع إخواننا المسلمين في أقصى الدنيا وخصوصاً أنه تبع ذلك صدامات بين المسلمين والهندوس قتل حتى الآن نحو ألف وخمسمائة رجل من الطرفين، نرجو إيضاح الموقف الصحيح الذي يوافق هدي نبينا صلى الله عليه وسلم تجاه هؤلاء.
    وهل يصح إبقاؤهم لمن كان له قدرة على إبعادهم نرجو توضيح ذلك وفقكم الله؟

    الجواب
    لا شك أن عداوة الكفار للمسلمين قديمة متأصلة وقد قال الله سبحانه وتعالى: {لا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [الممتحنة:8-9] الواجب علينا تجاه من اعتدى على إخواننا أن ننابذه، وأن نشعر بأن عدوانهم على إخواننا كعدوانهم علينا؛ لأن: (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً) (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر) ولعل فيما حصل خيراً، فالأمة الإسلامية في أقطارها أبدت ما تشكر عليه لا سيما في باكستان وبنجلادش، فإنهم أبدوا سعياً مشكوراً في إظهارهم للغضب مما صنع هؤلاء المعتدون الظالمون.
    كذلك أيضاً يرجى أن يكون في هذا تنبيه لعداوة الكفار لنا، وأنهم لا يرقبون فينا إلاً ولا ذمة، مهما سنحت لهم الفرصة.
    ومنها أن دولة الهند تخضع لمشاعر المسلمين؛ ولذلك أقالت رئيس الولاية التي حصل فيها هذا الهدم، والتزمت أمام الناس بأنها ستعيد بناء المسجد وهذه نعمة.
    فأنا أقول: ما قدره الله سبحانه وتعالى فستكون عاقبته خيراً، ولا شك أن الواجب على علماء المسلمين الذين لهم قدرة بالاتصال بالمسئولين أن يبينوا حقيقة مثل هذه الأمور، وأنها خطر على الإسلام من جهة أنهم يريدون مكايدة المسلمين وإظهار شعائرهم، نسأل الله لنا ولكم السلامة.
    السائل: هل الكفيل الذي عنده عمال يخرجهم؟ الشيخ: الكفيل الذي عنده عمال يجب الوفاء لهم بما عقد لهم عليه، لقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة:1] وربما يكون هؤلاء العمال يكرهون ما حدث؛ لأنكم تعلمون أن الهند دولة كبيرة واسعة، لكن أقول: كل كافر انتهى عقده فلا ينبغي لنا أن نستقدمه مرة أخرى لا هؤلاء ولا غيرهم؛ لأن وجود الكفار في الجزيرة العربية خطر، قال النبي عليه الصلاة والسلام: (أخرجوا المشركين من جزيرة العرب) وقال عليه الصلاة والسلام: (أخرجوا اليهود والنصارى من جزيرة العرب) وقال صلى الله عليه وآله وسلم وهو في مرضه: (لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب) ولولا أن هناك خطراً عظيماً في وجود غير المسلمين في هذه الجزيرة ما حذر النبي عليه الصلاة والسلام منه، ولا أمر بإخراجهم، فنرجو من إخواننا أن من تمت مدته من غير المسلمين أن يستبدلوه بمسلم وسيجعل الله في رزقهم بركة.

    (6/13)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم إعادة صلاة الكسوف وبم تدرك؟


    السؤال
    فضيلة الشيخ! هل يجوز للإنسان أن يعيد صلاة الكسوف تطوعاً وحده، وبماذا تدرك صلاة الكسوف بالركعة الأولى أم بالثانية؟ وآخر أيضاً مثله يقول: فاتتني الركعة الأولى فقط فكيف أقضي صلاتي بعد السلام، لأني شاهدت بعضهم سلم بعضهم أتم وما أدري كيف القضاء؟

    الجواب
    صلاة الكسوف فرض كفاية لا يجوز للمسلمين أن يدعوها، وقال بعض العلماء: إنها فرض عين، وأنه يجب على كل واحد أن يصلي صلاة الكسوف، وأكثر العلماء على أنها سنة مؤكدة، فأصح الأقوال: إنها فرض كفاية، وأنها لا بد أن تصلى، وصلاتها كما هو معلوم لا نظير لها في الصلوات، أولاً: يكبر ويقرأ الفاتحة، ثم يقرأ قراءة طويلة جداً، ثم يركع ركوعاً طويلاً، ثم يقوم فيعيد القراءة، أي: يقرأ الفاتحة وسورة طويلة دون الأولى، ثم يركع ويطيل الركوع، ثم يرفع ويطيل القيام، ثم يسجد ويطيل السجود، ثم يرفع ويطيل القعود، ثم يسجد ويطيل السجود، ثم يقوم للركعة الثانية، ويفعل كما فعل في الأولى، إلا أنها دونها في كلما يفعل ثم يسلم، والمأموم إذا أدرك الركوع الأول فقد أدرك الركعة، وإن فاته الركوع الأول فاتته الركعة، فمثلاً: إذا جئت والإمام في الركعة الأولى لكن قد رفع من الركوع الأول فلا تحتسب هذه الركعة، هذه فاتتك، فإذا سلم الإمام فقم وصل واقض الركعة الأولى بركوعيها، أي: تقوم ثم تقرأ الفاتحة وسورة ثم تركع ثم ترفع، ثم تقرأ الفاتحة وسورة، ثم تركع ثم ترفع ثم تسجد، فتقضيها على صفة ما فاتك.
    فالقاعدة إذاً أن من فاته الركوع الأول فقد فاتته الركعة، فيقضيها كلها بركوعيها وسجوديها، وإذا انتهت الصلاة وقد بقي الكسوف فالذي ينبغي أن تبقى في المسجد أو في بيتك لكن تدعو وتستغفر وإن شئت فصل ولكن صلاتها جماعة لا تعاد على القول الصحيح، حتى لو انصرف الناس قبل أن تنجلي فإنهم لا يعيدون الصلاة جماعة، لكن من شاء أن يصلي وحده حتى ينجلي فلا بأس.
    سألني بعض الناس وقال: إن السنة التطويل في هذه الصلاة لكن إذا كان يشق على الناس فماذا أصنع؟ نقول: افعل السنة، ولست أرحم بالخلق من رسول الله الحق عليه الصلاة والسلام، فإن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أطال في صلاة الكسوف إطالة طويلة، حتى أن بعض الصحابة مع قوتهم ومحبتهم للخير جعل بعضهم يغشى عليه ويسقط من طول القيام، ولهذا انصرف النبي عليه الصلاة والسلام من صلاته وقد تجلت الشمس، مع أن كسوفها كان كلياً، كما ذكره المؤرخون، وهذا يقتضي أن تبقى ثلاث ساعات أو نحوه ووكله الرسول صلى الله عليه وسلم يقرأ ويصلي، ولم يقل: إني سأرحم الخلق وأقصر وأخفف.
    أنا أفعل السنة، فمن قدر على أن يتابعني فليتابعني، ومن لم يقدر فليجلس ويكمل الصلاة جالساً، وإذا لم يستطع حتى الجلوس كما لو حصر ببول أو غائط فلينصرف فالأمر واسع، أما أن نترك السنة من أجل ضعف بعض المصلين، فهذا غير صحيح.
    ولو اختار الإنسان أن يبقى يصلي حتى تنجلي الشمس فليصل ركعتين ركعتين، وليس هناك سورة معينة ولكن التطويل هو المطلوب.

    (6/14)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم الدفاية وقاتلة الحشرات في المسجد


    السؤال
    ما حكم الدفاية في المسجد؟ وهل يجوز أن يستقبلها الإنسان في الصلاة؟ وهل يوجد دليل على الكراهية نرجو التوضيح حيث وقد تنازع الناس في ذلك داخل المساجد؟ وما حكم قاتلة الحشرات التي توضع في المسجد وهي تقتل بالشرر الكهربائي؟

    الجواب
    الذي ينبغي من العامة ألا يحصل بينهم نزاع في هذه المسألة أو غيرها؛ لأن هناك علماء يمكنهم أن يرجعوا إليهم، وكتب أهل العلم موجودة والحمد لله، فالدفايات في المساجد مما يعين على الطاعة، لأن كون الإنسان يصلي بطمأنينة وفي دفء، خير من كونه يصلي وهو ينفضه البرد ولا يطمئن، وهذه من نعمة الله عز وجل وتسخيره أن يسر لنا مثل هذه المدافئ، وكونها أمام المصلين لا يضر: أولاً: لأنها ليست أمام الإمام، والإمام هو القدوة في جماعته، ولهذا تكون سترة الإمام سترة لمن خلفه، وهي لو وضعت أمام الإمام لكان الإنسان يتساءل، لكنها الآن ليست بين أيديهم في الواقع بل هي بين أيدي المأمومين، والمأمومون تبع لإمامهم.
    ثانياً: أن الصلاة وبين يديك نار ليس فيها دليل من السنة على أن ذلك مكروه، إنما كرهه بعض العلماء؛ لأن فيه مشابهة للمجوس في عبادتهم للنار.
    ثالثاً: أن المشابهة للمجوس إنما تكون في نار تلظى تلهب؛ لأن هذه هي التي يعبدها المجوس، أما الجمر كالمبخرة أو الدفايات أمام الناس فلا تدخل في الكراهة، وليس فيها شيء فهي مباحة، ومن ادعى الكراهة أو التحريم فعليه الدليل، ثم لا ينبغي أيضاً أن تكون مسألة من المكروهات -لو سلمنا جدلاً أنها مكروهة- لا ينبغي أن تكون محلاً للنزاع وفي المسجد، بل ينبغي الرجوع في هذا إلى أهل العلم، وعلىكل حال نقول في الجواب عليها: ليس فيها بأس.
    وأما وضع قناصة البعوض والطيور في المساجد أو في البيوت فلا بأس به؛ لأن هذا ليس تعذيباً لها بالنار إذ أنها هي لا تحترق ولكنها تصعق، وليست الإضاءة التي في هذه الأنبوبة ناراً، والدليل على هذا: أنك لو وضعت عليها ورقة لم تحترق، ولو كانت ناراً لاحترقت فهي من باب الصعق وليست من باب الإحراق.

    (6/15)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم التهنئة بأعياد النصارى وتوفير مستلزمات أعيادهم


    السؤال
    فضيلة الشيخ! يقوم بعض أصحاب المخابز والمكتبات في آخر شهر في السنة الميلادية بتوفير بعض ما يستعمله النصارى في أعياد ميلادهم، سواء بكتابة بعض العبارات على بعض الحلوى أو الكيك، مثل: كل عام وأنتم بخير، أو عام سعيد، أو عام مبارك ونحو ذلك، وأصحاب المكتبات يقومون أيضاً بتوفير بطاقات تهانٍ وأفراح فما حكم ذلك؟ وهل من نصيحة لأصحاب المخابز الذين قد يكون العمال لديهم من غير المسلمين فيفعلون ذلك أرجو استيفاء الجواب لإيصاله إليهم وجزاكم الله خيراً؟ وآخر حول نفس الموضوع يقول: ما رأيكم في نشر ما صدر عنكم من فتوى في حكم تهنئة النصارى بأعيادهم؟

    الجواب
    نبدأ بالسؤال الأخير: نشر ما كتبناه في حكم تهنئة النصارى في أعيادهم أمر مطلوب، والإنسان الذي يساعد في ذلك نرجو الله أن يأجره عليه، حتى يُبِّصر المسلمين بأن تهنئة النصارى بأعيادهم محرمة بالاتفاق كما نقل ذلك ابن القيم رحمه الله في كتابه أحكام أهل الذمة؛ لأن المهنئ لهم يهنئهم بشعائر الكفر، كما لو هنأهم بعبادة الصليب، أو بأكل الخنزير، أو بشرب الخمر، أو ما أشبه ذلك، فنشرها حتى يعلم الناس الحكم الشرعي، وحتى لا يغتروا ويطول عليهم الأمد، فعل طيب ويؤجر الإنسان عليه إن شاء الله.
    أما مشاركته في أعيادهم بالتهاني وصنع الأطعمة وما أشبه ذلك فإنه حرام وإن كان دون التهنئة ولكنه حرام أيضاً، ولهذا يمنعون من إظهار شعائر أعيادهم في بلاد المسلمين، ولا يحل أن يظهروا شعائر دينهم في بلاد المسلمين.

    (6/16)


    --------------------------------------------------------------------------------

    الرد على من قال: الكسوف أو الخسوف ظاهرة طبيعية


    السؤال
    فضيلة الشيخ حول موضوع الكسوف والخسوف وأنه آية من الله لتخويف العباد وتذكيرهم بالله عز وجل؛ كي يجتنبوا المعاصي التي يقعون فيها ليلاً ونهاراً، وقد أصبح علماء الفلك يقولون: بأنها حادثة طبيعية تحصل في السنة مرة أو أكثر من مرة بطريقة معينة، فكيف يكون التخويف؟ وأصبحوا -أيضاً- يعلنون عنها سواء في الجرائد أو غيرها، فإذا حدثت أصبح الناس لا يخافون ولا يتعظون وأصبح لديهم تبلد في الحس، فما قولكم في هذا، وكيف يكون التخويف في هذه الآية؟

    الجواب
    يكون التخويف في هذه الآية لمن كمل إيمانه بالله عز وجل وبما قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والكسوف أو الخسوف له سببان: 1- سبب طبيعي: يدرك بالحس والحساب فهذا يعلم لأهل الحساب ويعرفونه ويقدرون ذلك بالدقيقة.
    2- سبب شرعي: لا يعلم إلا بطريق الوحي وهو أن الله يقدر هذا الشيء تخويفاً للعباد، فنسأل: من الذي قدر السبب الطبيعي حتى حصل الكسوف أو الخسوف؟ الله لماذا؟ ليخاف الناس وليحذروا، ولهذا خرج النبي عليه الصلاة والسلام حين رأى الشمس كاسفة خرج فزعاً حتى لحق بردائه وجعل يجره، وفزع الناس، وأمر من ينادي (الصلاة الجامعة) واجتمع المسلمون في مسجد واحد يدعون الله ويفزعون إليه، فالمؤمن حقاً يفزع، ومن تبلد ذهنه أو ضعف إيمانه؛ فإنه لا يهتم بهذا الشيء.
    وأما إخبار الناس بها قبل حدوثها، فأنا أرى أنه لا ينبغي أن يخبروا بها؛ لأنهم إذا أخبروا بها استعدوا لها وكأنها صلاة رغبة، كأنهم يستعدون لصلاة العيد، وصارت تأتيهم على استعداد للفعل لا على تخوف، لكن إذا حدثت فجأة، حصل من الرهبة والخوف ما لا يحصل لمن كان عالماً.
    وأضرب لكم مثلاً بأمر محسوس: لو نزلت من عتبة وأنت مستعد متأهب وتعرف أن تحتك عتبة هل تتأثر بشيء؟ لكن لو كنت غافلاً لا تدري ثم وقعت في هذه العتبة صار لها أثر في قلبك وأثر عليك.
    فلهذا أتمنى ألا تذكر ولا تنشر بين الناس، حتى لو نشرت في الصحف لا تنشرها بين الناس، دع الناس حتى يأتيهم الأمر وهم غير مستعدين له وغير متأهبين له، ليكون ذلك أوقع في النفوس.

    (6/17)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم لبس الساعات ذات الألوان الذهبية وأخرى مشابهة لحلي النساء


    السؤال
    فضيلة الشيخ: انتشر في الفترة الأخيرة بين الشباب خاصة بل وحتى بعض الملتزمين، لبس ساعات ذات ألوان ذهبية وأشكال مشابهة لحلي النساء بشكل كبير، وإن لم تتصور شكلها فاختر خمسة من الحضور، وأظن أنك ستجد مع أحدهم ساعة بهذا الشكل فما حكم لبسها؟ وهل يعد ذلك تشبهاً بالنساء، أرجو توجيه كلمة إلى الشباب حول موضوع الترف وحول موضوع عدم تقليد النساء؟

    الجواب
    أنا أرجو ألا أجد ذلك في خمسين نفراً منكم أو أكثر، وأظن أنه ليس موجوداً ومن كان معه شيء منها الآن فليرنا إياها من أجل أن نحكم على الشيء بعد تصوره.
    لا شك أن الله سبحانه وتعالى فرق بين الرجال والنساء في مسألة التحلي، فقال جل وعلا: {وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثاً أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ * وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ} [الزخرف:19-20] وقال عز وجل: {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلاً ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ} [الزخرف:17] ما هو الذي ضربوه مثلاً؟ أنهم جعلوا الملائكة إناثاً، فقال: {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلاً ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ * أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ} [الزخرف:17-18] من الذي ينشأ في الحلية؟ أي: يربى في الحلية وهي المرأة.
    وهي في الخصام غير مبين، أما الرجل فإنه كامل بنفسه لا يحتاج إلى تكميل، وهو مبين في الخصام ذو فصاحة ومدافعة عن نفسه، فكيف ينزل بنفسه إلى أن يكون مثل الأنثى، ولهذا (لعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال) فالساعة التي لا تلبسها إلا النساء لا يجوز للرجل أن يلبسها سواء كان لونها أبيض أو أحمر أو أسود، المهم إذا قيل: هذه ساعة نساء؛ فإنه لا يجوز للرجال لبسها، وأما إذا كانت لا تشبه ساعات النساء لكن فيها شيء من الذهب فإننا ننظر: إن كان هذا الذهب مجرد لون فليست حراماً، ولكن ينصح الرجل ألا يلبسها لئلا يتهم ويقتدى به، وأما إذا كان فيها ذهب له جرم قد طليت به، فإن ذلك حرام على الرجال؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الحرير والذهب: (حرام على ذكور أمتي، حل لإناثها) .

    (6/18)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم من دخل في الصلاة وحده ثم حضرت جماعة


    السؤال
    فضيلة الوالد: قدمت إلى الصلاة هنا وقد انتهت الصلاة فصليت لوحدي منفرداً، وفي أثناء الصلاة حضرت جماعة وأقيمت الصلاة فماذا أفعل؟ علماً بأني لم أصل إلا ركعة واحدة؟ وما هو الأفضل؟

    الجواب
    إذا دخل الإنسان وحده في الصلاة وحضر جماعة فهو في الخيار بين أمور ثلاثة: - إما أن يستمر في صلاته؛ لأنه معذور.
    - وإما أن يقطع صلاته ليدخل مع الجماعة.
    - وإما أن يقلبها نفلاً ويخففها من أجل أن يدرك الجماعة.
    كل هذا أجازه العلماء، فأنت بالخيار إن شئت أن تبقى على ما أنت عليه وتسلم وتنصرف، وإن شئت أن تجعلها نفلاً وتخفف وتكملها ركعتين ثم تدخل مع الجماعة، وإن شئت أن تقطعها فلا بأس، ولكن في الأخيرة ربما يقول قائل: كيف أقطعها وهي فريضة والفريضة لا يجوز قطعها؟ أقول: إنني لم أقطعها رغبة عنها، ولكن قطعتها لأنتقل إلى ما هو أفضل وهو الجماعة.
    ولم يظهر لي أفضل الحالات، لكن لو أنه نواها نفلاً وخففها لئلا تضيع عليه هذه الصلاة كان خيراً من قطعها.

    (6/19)


    --------------------------------------------------------------------------------

    المقصود بالأرضين السبع


    السؤال
    فضيلة الشيخ: ما هي الأرضون السبع التي قال الله عنها: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنْ الأَرْضِ مِثْلَهُنَّ} [الطلاق:12] .
    وآخر يقول: المعروف من النصوص الشرعية أن السماوات سبع طباق فهل الأرض طباق أم قارات؟ حيث لم نجد حسب فهمنا الضعيف نصاً صريحاً في هذه المسألة التي يمر بها بعض المفسرين مر الكرام جزاكم الله خير الجزاء؟

    الجواب
    أولاً: أنا أناقش الأخ على قوله: إن بعض المفسرين يمر بها مر الكرام، وأقول: إن مر الكرام مر دسم، الكريم يعطيك حتى تروى وتشبع، ليس الكريم الذي يمر بك خطفاً، اللهم إلا أن يقول: إن الكريم إذا مر بك ضيفاً صار خفيف الظل، أكل يسيراً وأقام يسيراً، والبخيل إذا مر بك ضيفاً أثقل عليك في الأكل وأكثر عليك في المدة، فكلٍّ المعنى الذي يريد، وهذه الكلمة (مر الكرام) دائماً ترد عند الناس فلا أدري هل هذا صحيح أم لا؟ أما بالنسبة للأرضين فقد بين النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنها طباق، فقال فيما صح عنه: (من اقتطع شبراً من الأرض ظلماً طوقه الله به يوم القيامة من سبع أرضين) وهذا يدل على أنها أرضون متطابقة، وأن الذي على الأرض العليا وهي الأرض التي نحن عليها له إلى الأرض السفلى السابعة، وأما أنها هي القارات فلا يصح؛ لأن القارات كلها على وجه الأرض، فهي كلها على الأرض العليا.

    (6/20)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم من عقد على امرأة وقد رجع من العمرة دون حلق رأسه


    السؤال
    فضيلة الشيخ: سمعنا أنك سئلت أن رجلاً رجع من عمرته، ولم يحلق إما ناسياً أو جاهلاً ثم عقد على امرأة فلما سئلت قلت: أعد العقد، العقد باطل فهل هذه الفتوى صحيحة؟

    الجواب
    هذه الفتوى غير صحيحة، لكن من حج ورمى وحلق وطاف وسعى، حل التحلل كله؛ وجاز أن يعقد على النساء.
    وأما إذا رمى وطاف وسعى ولم يحلق، فإنه لم يحلل التحلل الثاني، وحينئذ إذا عقد على امرأة كان عقده غير صحيح وهذا هو المشهور من مذهب الحنابلة، لكن هناك قولاً يقول بالصحة وأنه إذا حل التحلل الأول حرم عليه جماع النساء دون العقد عليهن، فعلى المذهب نقول: يجب عليك أن تجدد العقد، وعلى القول الثاني: لا يجب، فمن جدد العقد احتياطاً فهو أحسن، ومن لم يجدده فأرجو ألا يكون في نكاحه بأس.

    (6/21)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم إعطاء العمال للكفيل مبلغاً من أجل البقاء فقط


    السؤال
    فضيلة الشيخ: أخي عنده عمال من المسلمين، اتفق معهم في العقد على أن يعطيهم راتباً شهرياً ثم لم ير فائدة من ذلك، فأراد تسفيرهم فطلبوا منه البقاء ليعملوا لحسابهم ويعطونه كل شهر ثلاثمائة ريال فهل المال الذي يأخذه منهم حلال أم حرام؟ أفيدونا جزاكم الله خيراً؟

    الجواب
    المال الذي يأخذه حرام عليه؛ لأنه لم يعمل عملاً يستحق به أن يأخذ منهم المال، نعم لو فرضنا أن الرجل أبقاهم وقام بكفالتهم وبمئونتهم وصار هو الذي يقاول على الأعمال بسهمٍ مما يحصلون، كالنصف أو الربع أو ما أشبه ذلك، فهذا جائز لكن بشرط ألا يخالف نظام الحكومة، لأن نظام الحكومة واجب الاتباع ما لم يكن حراماً، وأظن أن الحكومة لا تسمح بأن الإنسان يتفق مع العمال يعملون بسهم من أجرتهم، ولكن كثير من الناس يقول: إذا كانوا بأجرة مقطوعة فإنهم لا ينصحون في العمل، لأن الواحد منهم يقول: إن أجري تام ويتباطئ في العمل والإنتاج، وهذا صحيح قد يقع بلا شك، لكن دواء ذلك أن يقول لهم: أنتم بالأجرة الشهرية التي بيني وبينكم، ولكن على كل متر كذا وكذا إذا كانوا مليسين مثلاً، ولكم على كل نقطة إذا كانوا سباكين أو كهربائيين كذا وكذا، ففي هذه الحالة يزول المحظور الذي هو التهاون من العامل، وتكون الأجرة على حسب ما في نظام الدولة ويكتسب العامل خيراً بما يضاف إليه من هذه المكافأة.
    السائل: لو فرض أن واحداً تركه كفيله وقال له: إذا اشتغلت أعطني وإذا لم تشتغل فلا تعطني فهل هذا جائز؟ الجواب: لو قال: إن اشتغلت أعطني ثلاثمائة ريال، وإن لم تشتغل فلا شيء عليك فلا يجوز أيضاً.

    (6/22)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم مبادلة المرأة بحليها امرأة أخرى


    السؤال
    ما رأيكم فضيلة الشيخ: أن تبادل المرأة بحليها امرأة أخرى بتراض بينهما؟

    الجواب
    هذا جائز أن تتبادل النساء الحلي فيما بينهن لكن بشرط أن يكون ذلك وزناً بوزن، وأن يحصل التقابض في مجلس العقد، بمعنى أن نزن هذا الحلي وهذا الحلي، فلا ترجح إحدى الكفتين على الأخرى، وأن يكون التقابض من الجميع في مجلس العقد، لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (الذهب بالذهب مثلاً بمثل، سواءً بسواء، يداً بيد) .

    (6/23)


    --------------------------------------------------------------------------------
    وأخيراً أسأل الله عز وجل أن يجعل هذا العمل نافعاً، مباركاً، خالصاً لوجهه الكريم
    وأن ينفعني به في حياتي وبعد مماتي، وأن ينفع به كل من انتهى إليه؛ فإنه خير مسؤول، وأكرم مأمول، وهو حسبنا ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.

    حياكم الله بموقع بداية الهداية الخطوة إلى طريق العلم الشرعي الصحيح
    http://www.musacentral.com/

  2. #12
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المشاركات
    2,475
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    23-05-2024
    على الساعة
    01:42 AM

    افتراضي

    اللقاء الشهري

    اللقاء الشهري [7] 1،2
    في هذه المسيرة يتحدث الشيخ عن الإجازات، وأصناف الناس في كيفية قضائها، مصنفاً إياهم إلى خمسة أصناف، معطياً كل صنف شيئاً من التوجيهات والأحكام التي يحتاجونها في هذه الإجازة، ثم بعد ذلك يجيب عن الأسئلة الواردة في هذا اللقاء.

    (7/1)


    --------------------------------------------------------------------------------

    ليس في العمر إجازة إلا بالموت
    الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد خاتم النبيين وإمام المتقين، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
    أما بعد: فإن لقاءنا هذه الليلة الأحد السابع عشر من شهر رجب عام (1413هـ) يصادف استقبال الإجازة الربيعية، وكنا بصدد أن نتكلم على تفسير سورة (ق والقرآن المجيد) كما وعدنا بذلك، ولكن نظراً إلى أن هذه الإجازة تحتاج إلى كلام يبين عمل الناس فيها، ماذا يعملون؟ أيبقون في بلدانهم أم يسافرون وإذا سافروا فهل يسافرون إلى خارج البلاد أم إلى داخل البلاد أم ماذا؟ المسألة تحتاج في الواقع إلى نظر وتأمل وإلى توجيه، نقول: أولاً: ليس في العمر إجازة، فالعمر كله عمل ولا إجازة إلا بالموت؛ لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له) فلم يجعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم قاطعاً للعمل إلا هذا الشيء الواحد وهو الموت.
    إذاً: لا بد أن يعمل الإنسان دائماً وأبداً، فالكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني.
    إذاً: كل الدنيا عمل، إذا فرغنا من الدراسة النظامية فلا بد أن نعمل عملاً آخر، ما هذا العمل؟ يجب أن يكون هذا العمل من ثمرات هذه الدراسة وخصوصاً للشباب والطلبة المعنيين بما تحملوه من العلم؛ لأن الله إذا منَّ عليك بالعلم فلا تظن أن المسألة دسم على خبز وانتهى الأمر! المسألة مسألة عظيمة تحمل وتحميل: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ} [آل عمران:187] هل أحد منا يشعر بأنه جرى بينه وبين الله عهد وميثاق حين تعلم العلم؟

    الجواب
    لا نشعر بذلك لا في زمانه ولا في مكانه، لا نشعر بأننا عاهدنا الله في المكان الفلاني أو في الوقت الفلاني على أن نبين ذلك، ولكن مجرد ما يؤتي الله الإنسان العلم فهذا هو العهد.
    لماذا أعطاك الله العلم وحرمه غيرك؟ من أجل أن تقوم به، تبينه للناس بالقول وهو التعليم، وبالفعل وهو المنهج والهدي؛ لأن العلماء عليهم مسئوليتان: المسئولية الأولى: التعليم بالقول وسواء كان عن طريق اللسان أو عن طريق الكتابة.
    المسئولية الثانية: التعلم بالمنهج والسيرة، فكم من عالم اقتدى الناس بعمله ومنهجه وسيرته أكثر مما يقتدون بتعليمه وقوله، وهذا مشاهد.
    ولهذا كان الصحابة رضي الله عنهم يعلمون الناس كيف يتوضأ الرسول عليه الصلاة والسلام، يعلمونهم بالقول ويعلمونهم بالفعل، حتى الخلفاء منهم، عثمان بن عفان رضي الله عنه دعا بإناء من ماء وجاء ليتوضأ أمام الناس من أجل أن يهتدوا بهديه، وقال: (رأيت النبي صلى الله عليه وسلم توضأ نحو وضوئي هذا، ثم قال: من توضأ نحو وضوئي هذا ثم صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه غفر الله له ما تقدم من ذنبه) .
    إذاً: علينا نحن الذين وهبنا الله العلم من شباب وكهول وشيوخ أن نبينه للناس بالقول وبالعمل.

    (7/2)


    --------------------------------------------------------------------------------

    أصناف الناس في استغلال الإجازة
    ثانياً: الناس في هذه الإجازة لهم مناحٍ شتى، كل واحد ينحى منحى:

    (7/3)


    --------------------------------------------------------------------------------

    استغلال الإجازة في زيارة الحرمين الشريفين
    منهم: من يذهب إلى الحرمين: النبوي والمكي؛ ليقضي الإجازة هناك مع أهله وفي أشرف بقاع الله، فالصلاة في مسجد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم خير من ألف صلاة فيما عداه إلا المسجد الحرام، والصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة، فيغتنمون هذه الفرصة ويغتنمون -أيضاً- فرصة أخرى وهي الدفء؛ لأن الحرمين ولا سيما مكة أشد دفئاً من نجد كما هو مشاهد معلوم، فيغتنمون هذه الفرصة، وهؤلاء ماذا يلزمهم إذا ذهبوا هذا المذهب ونحوا هذا المنحى؟ نقول: أيهما تريد البراءة به: أبـ مكة أم بـ المدينة؟ والجواب على هذا السؤال ينبني على أيهما أفضل: العمرة أو زيارة المسجد النبوي؟

    الجواب
    العمرة أفضل من زيارة المسجد النبوي وعلى هذا فالقاعدة أن نبدأ بالأفضل قبل المفضول، نبدأ بالعمرة ثم بالزيارة -زيارة االمسجد النبوي- ولكن قد لا يتسهل للإنسان أن يبدأ بالعمرة قبل زيارة المسجد النبوي من حيث الطريق، قد يقول: إن طريق المدينة أسهل علي إذا كنت في القصيم، والإنسان مطلوب في حقه أن يتبع الأسهل، وسوف أحصل العمرة لكن في ثاني الحال.
    فنقول: إن الأمر واسع إن بدأت بهذا أو بهذا، ولكن ينبغي أن نعلم أحكاماً في العمرة وأحكاماً في الزيارة.
    العمرة: يحرم الإنسان بها من الميقات إن كان عن طريق الطائف فمن قرن المنازل الذي يسمى الآن: (السيل الكبير) وإن كان من طريق المدينة فمن ذي الحليفة، الذي يسمى الآن: (أبيار علي) وعند الإحرام يسن للإنسان أن يغتسل حتى المرأة الحائض والنفساء؛ لأن أسماء بنت عميس زوج أبي بكر رضي الله عنهما نفست في ذي الحليفة فأرسلت إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ماذا أصنع؟ قال: (اغتسلي واستثفري بثوبٍ وأحرمي) فالاغتسال سنة للرجال والنساء عند إرادة الإحرام، وليس بواجب لو تركه الإنسان فلا إثم عليه ولا فدية عليه، لكنه أفضل وأكمل، ثم يلبس الرجل إزاراً ورداءً أبيضين نظيفين أو جديدين.
    أما المرأة فليس لها ثياب معينة في الإحرام، تلبس ما شاءت إلا أنها لا تتبرج بالزينة؛ لأنها منهية عن التبرج بالزينة، ثم يتطيب الرجل بما طاب ريحه، والمرأة بما حسن لونه دون ريحه؛ لأن رائحة الطيب في المرأة فتنة ورائحة الطيب في الرجل سنة، يتطيب الرجل فيضع الطيب على رأسه وعلى لحيته بعد أن يغتسل ثم يلبس ثياب الإحرام.
    وبعد هذا: هل يصلي ركعتين للإحرام -كما هو مشهور- أم لا يُصلي؟ جواباً على هذا أن نقول: ليس للإحرام سنة، إنما السنة للوضوء، ولكن إن كنت قريباً من وقت الفريضة فاجعل الإحرام بعد الفريضة، مثلاً: لو أنك وصلت الميقات وقت الضحى واغتسلت وتطيبت، وليس عندك نية أن تمشي قبل الظهر، فاجعل الإحرام بعد صلاة الظهر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أحرم بعد صلاة فرض وإذا صليت تلبي للعمرة، تقول: لبيك عمرة، لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك.
    ولكن هل تشترط فتقول: إن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني أم لا تشترط؟ الجواب: الأفضل ألا تشترط واعتمد على الله، إلا إذا خفت أن يحدث لك مانع من إتمام النسك فاشترط، ومن ذلك لو خافت المرأة أن تحيض في أثناء النسك ولا تطهر قبل أن تسافر، ففي هذا الحال ينبغي لها أن تشترط فتقول: (إن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني) من أجل إنها إذا حاضت تحللت من الإحرام ولا شيء عليها.
    وتسير متجهاً إلى مكة وتكثر من التلبية، فإذا وصلت المسجد الحرام وشرعت في الطواف فاقطع التلبية، وفي هذا الطواف يسن للرجل أن يفعل شيئين: الأول: الاضطباع.
    الثاني: الرمل.
    فالاضطباع: أن يجعل وسط ردائه تحت إبطه الأيمن وطرفيه على كتفه الأيسر، وهذا الاضطباع لا يسن إلا في الطواف.
    كثيراً من العوام من حين أن يحرم يضطبع.
    وهذا بدعة، فالاضطباع إنما يكون في الطواف فقط وهذا سنة للرجال، والمرأة لا تضطبع؛ لأن ثيابها ثياب معتادة.
    يسن له أن يرمل ولكن الرمل في الأشواط الثلاثة الأولى فقط لا في كل الطواف، والرمل: أن نسرع في المشي بدون أن نمد الخطا -أي: تكون متقاربة ويسرع- وبدون أن يهزكتفيه؛ لأننا نشاهد بعض الناس في الرمل يمشي ولكن يهز الكتفين، والرمل يكون في الأشواط الثلاثة الأولى فقط، أما بقية الأشواط الأربعة الباقية فإنه لا رمل فيها.
    مسألة: بماذا يبتدأ الطواف؟ الجواب: يبتدأ بالحجر الأسود، وقد وضعت الحكومة وفقها الله خطاً بُنياً يمتد من قلب الحجر الأسود إلى منتهى المطاف، فهذا هو مبتدأ الطواف، تستقبل الحجر وتشير إليه، وتقول: (باسم الله والله أكبر، اللهم إيماناً بك، وتصديقاً بكتابك، ووفاءً بعهدك، واتباعاً لسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم) .
    وإن تمكنت أن تصل إلى الحجر بدون مشقة عليك ولا على غيرك وتمسحه وتقبله فهذا أفضل، فإن لم تستطع التقبيل فامسحه بيدك وقبل يدك، فإن لم تستطع فأشر إليه إشارة، هذا هو السنة وليس من السنة أن تزاحم.
    أما في بقية الطواف فتقول ما شئت من ذكرٍ ودعاء وقرآن إلا ما بين الركن اليماني والحجر الأسود فإنك تقول: (ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار) وتقتصر على ذلك، وأما الذين يقولون: وأدخلنا الجنة مع الأبرار، فهذه زيادة لم ترد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
    مسألة: الركن اليماني: هل يفعل فيه كما يفعل في الحجر الأسود، من التقبيل والاستلام والإشارة عند التزاحم؟ الجواب: لا.
    الركن اليماني يستلم فقط، يمسح باليد اليمنى ولا يقبل ولا يشار إليه إذا لم يمكن استلامه.
    مسألة: الركن الغربي والركن الشمالي هل يمسحان؟ الجواب: لا يمسحان، لأنهما ليسا على قواعد إبراهيم، كانت الكعبة أطول من هذا نحو الشمال، تستوعب من الحجر نحو ستة أذرع ونصف، لكن لما انهدمت في عهد قريش في الجاهلية قالوا: لا تبنوا الكعبة إلا من مال حلال طيب، كفار جهال يقولون: لا تبنوا الكعبة إلا بمال طيب، وهذا من حماية الله للكعبة، أي: لا تبنوه من الربا ولا من الميسر ولا من الظلم، لا تبنوه إلا بمال طيب، اتفقوا على هذا، فلما شرعوا في البناء وجدوا أن النفقة لا تكفي، فماذا صنعوا؟ قالوا: نبني بعض البيت (ما لا يدرك كله لا يترك جله) ابنوا بعض البيت، ومن أي جهة يكون النقص؟ قالوا: من الجهة الشمالية التي ليس فيها الحجر، لا يمكن أن يكون النقص في الجهة التي فيها الحجر، ففعلوا ذلك فبنوا الكعبة على ما هي عليه، وضعوا حائطاً يسمى: الحجر، ويسمى: الحطيم من أجل أن يكمل الناس الطواف وبقيت الكعبة على هذا، فلما فتح النبي صلى الله عليه وآله وسلم مكة قال لـ عائشة: (لولا أن قومك حديثو عهد بكفر لبنيت الكعبة على قواعد إبراهيم، ولجعلت لها بابين: باباً يدخل منه الناس وباباً يخرج منه الناس) ولكنه ترك ذلك صلى الله عليه وآله وسلم تأليفاً لأصحابه حتى لا ينفروا ويقولوا: هذا أحدث في بيت الله ما أحدث.
    ولكني أقول لكم: إنه من نعمة الله وفضل الله أن ما أراده النبي صلى الله عليه وسلم حصل بالمعنى، الآن الكعبة لها بابان: باب يدخل منه الناس وباب يخرج منه الناس كيف؟ الحجر من الكعبة وفيه باب يدخل منه الناس وباب يخرج من الناس مع الهواء الطلق، أرأيتم لو كانت مسقوفة ولها بابان، باب يدخل منه الناس وباب يخرجون منه ماذا يكون؟ يكون هلاك، نشاهد عند الجمرات مع الهواء الطلق يموت الناس بالتزاحم فكيف بالكعبة وهي مسقوفة، لكن من نعمة الله وتحصيل مراد النبي صلى الله عليه وسلم أن جعل البناء على هذا الذي هو عليه الآن.
    ولما تولى ابن الزبير رضي الله عنه الحجاز هدم الكعبة وبناها على قواعد إبراهيم بناءً على ما حدثت به خالته عائشة وجعل لها بابين، فلما تولى بنو أمية وقتل ابن الزبير رضي الله عنه على يد الحجاج بن يوسف الثقفي ردها الحجاج وبناها على ما كانت عليه في عهد الجاهلية وبقيت على ما كانت عليه اليوم، ولما تولى الرشيد أراد أن يهدمها ويبنيها على قواعد إبراهيم، فأشار عليه مالك بن أنس رحمه الله وقال له: [لا تجعل بيت الله ملعبة للملوك كلما تولى ملك هدم وبناه على غير البناء السابق] فتركه وبقي إلى الآن.
    نرجع عوداً على بدء إلى الطواف إذا أتم الإنسان سبعة أشواط فإنه يتقدم إلى مقام إبراهيم عليه السلام يتلو قول الله تعالى: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة:125] فيصلي فيه ركعتين، هاتان الركعتان تتميزان بأنهما خفيفتان لا يطيل فيهما، السنة أن يخفف ويقرأ فيهما بـ (قل: يا أيها الكافرون) مع الفاتحة في الركعة الأولى، وبـ (قل هو الله أحد) في الركعة الثانية مع الفاتحة، ثم ينصرف ولا يدعو بعدهما متجهاً إلى المسعى، فإذا دنا من الصفا فليقرأ قول الله تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} [البقرة:158] (أبدأ بما بدأ الله به) كما فعل ذلك النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
    مسألة: متى يقرؤها؟ الجواب: إذا صعد الصفا أو دنا منه قبل أن يصعد يقرأ: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} [البقرة:158] ولا يعيدها مرة ثانية، لا تقرأ عند المروة ولا تقرأ عند الصفا في المرة الثانية لا تقرأ إلا مرة واحدة إذا دنا من الصفا أول مرة، فإن هذه هي سنة الرسول عليه الصلاة والسلام، فإذا صعد الصفا اتجه إلى القبلة ورفع يديه يدعو ولكنه يكبر ثلاثاً قبل الدعاء ويحمد الله ويقول: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا إله إل

    (7/4)


    --------------------------------------------------------------------------------

    استغلال الإجازة للنزهة والترفيه
    هناك قسم آخر من الناس يذهب إلى النزهة في البر وهذا لا حرج فيه ولكن يجب في هذا أمور: أولاً: المحافظة على الصلاة إما بالطهارة: بحيث لا يتهاونون في الوضوء إذا كان الماء قريباً منهم، وبإمكانهم أن يحملوا معهم (جوالين) أو (توانك) يضعونها هناك يتوضئون منها، وليس هذا بصعب في الوقت الحاضر ولله الحمد.
    ثانياً: الصلاة جماعة في وقتها، يجب أن يصلوا جماعة في الوقت، أما أن يتخلفوا عن الجماعة مع إمكانها وسهولتها فإنهم آثمون بذلك.
    ثالثاً: أن يحرصوا على أن تكون مجالسهم مجالس خير، يأخذون معهم شيئاً من كتب التفسير أو كتب الحديث أو كتب الوعظ الصحيحة يقرءونها في فراغهم في أول ليلهم، ولا يحرصوا على أن يطيلوا السهر؛ لأن طول السهر مضرة على البدن وحجب عن الصلاة في آخر الليل وهم كالذين في البلد ينبغي لهم أن يكثروا من النوافل والتطوع كغيرهم.
    رابعاً: أن يحرصوا على زيارة من حولهم من النزلاء للتأليف والتعليم والإرشاد؛ لأن هذا ينفع نفعاً عظيماً ولا يحقرن أحد شيئاً من العلم، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (بلغوا عني ولو آية) وما أحسن القوم إذا زار بعضهم بعضاً؛ يسيأنس بعضهم إلى بعض، ويألف بعضهم بعضاً، ويتعلم بعضهم من بعض، ويعظ بعضهم بعضاً، ويذكر بعضهم بعضاً، ففيه مصلحة كبيرة.
    خامساً: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإذا سمعوا من قومٍ ما لا يجوز أو رأوا منهم ما لا يجوز، فالواجب الاتصال بهم والتحدث إليهم بالرفق واللين والموعظة الحسنة، وأن ينهوهم عن المنكر، فيقول: ليس هذا جزاء النعمة التي أنعم الله بها علينا؛ أمن ورخاء وهذه نعم ولله الحمد، غيث ومطر، فيذكرنهم بنعمة الله ويقولون: لا تكونوا ممن بدل نعمة الله كفراً، ولكن بالتأني والرفق.
    وليعلم الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر أنه كالطبيب مع المريض يستخدم اليسر واللين والتخفيف عن المريض حتى يتوصل إلى القضاء على المرض.
    إذاً: هؤلاء الذين أصيبوا بالمعاصي مرضى، ولهذا تجدون في القرآن كل مرض يضاف إلى القلب فهو مرض المعاصي: {أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمْ ارْتَابُوا} [النور:50] {فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمْ اللَّهُ مَرَضاً} [البقرة:10] .
    سادساً: الحرص على أن يكون الخارجون للنزهة على مستوىً واحدٍ في السن أو متقارب، بمعنى أنه لا ينبغي أن يكون بعضهم صغاراً وبعضهم كباراً، اللهم إلا من كانوا مع أهليهم فهذا شأن آخر، لكن الذين تجمع بينهم الصحبة لا ينبغي أن يذهبوا بالصغار مع الكبار؛ لأن هذا قد تحصل به الفتنة من حيث لا يشعر الإنسان، والإنسان مثلاً قد يقول في نفسه: أنا والحمد لله مطمئن ولا أخشى على نفسي شيئاً، ولكن ليعلم أن من حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (من سمع بالدجال فلينأى عنه -يبعد- فإن الرجل يأتيه وهو مؤمن -وواثق من نفسه- ولكن لا يزال به حتى يتبعه لما يقع في قلبه من الشبهات) اللهم اعصمنا من فتنة المسيح الدجال.
    إذاً: لا تقل: إني آمن وواثق! لا.
    الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، لذلك يجب أن يكون الخارجون على سنٍ واحدة متساوين أو متقاربين إلا من كان مع أهله فإنه مع أهله فيهم صغار وفيهم كبار.
    سابعاً: أن يحرص على ألا يُبعد عن مخيمه، فإن هذا قد يحصل به الضياع ويتيه الرجل، والإنسان إذا تاه فإنه يُغمى عليه كما يقول العامة: ينجم ولا يستطيع أن يدرك المكان، لذلك يتجنب البعد عن المخيم إلا مع إنسان عارف يدله إذا ضل، ومعلوم أن الإنسان إذا ضاع فسوف يتعب هو بنفسه ويعرض نفسه للخطر إما خطر البرد وإما خطر أهل السوق وإما غير ذلك، وكذلك يشغل أصحابه وأهله، فلهذا يجب أن يتجنب البعد عن مخيمه؛ لما في ذلك من الخطر إلا إذا كان مع شخصٍ عارف يعرف المكان ويعرف الأرض، فلا حول ولا قوة إلا بالله.
    هذه الأمور ينبغي للإنسان أن يلاحظها، لأنها هامة يحتاج الناس إليها.

    (7/5)


    --------------------------------------------------------------------------------

    استغلال الإجازة في مساعدة الأهل وفي طلب العلم
    الصنف الثالث من الناس: من يبقى في بلده لا يخرج لا للنزهة ولا للعمرة ولا للزيارة، فهذا لا حرج عليه أن يبقى، ولكن ينبغي ألا يُضيع الفرصة في هذه الإجازة وألا يجعلها عطلة بل يجعلها استراحة يستمتع بما معه من الكتب أو الأشرطة أو غيرها مما ينفعه، على أن يستعيد نشاطه للمستقبل، وإذا كان هذا الإنسان له أب أو أخ أكبر منه وساعده في تجارته أو في زراعته أو في حرثه فهذا خير وفائدة كبيرة، المهم ألا يُضيع الوقت سدىً وبلا فائدة.

    (7/6)


    --------------------------------------------------------------------------------

    استغلال الإجازة في الدعوة إلى الله
    الصنف الرابع من الناس: من يخرج في الدعوة إلى الله وهذا طيب، هذا نوع من الجهاد في سبيل الله؛ لأن الجهاد نوعان: 1- جهاد بالسلاح.
    2- جهاد بالعلم.
    وكلاهما قرينان، قال الله تعالى: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ} [التوبة:122] أي: وبقيت طائفة ماذا تصنع؟ {لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} [التوبة:122] فبين الله أن المؤمنين لا يمكن أن يكونوا كلهم للجهاد، تكون طائفة في الجهاد وطائفة تبقى في المدينة مع الرسول صلى الله عليه وآله وسلم (ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون) فجعل الله طلب العلم عديلاً للجهاد في سبيل الله، ما أحسن أن يخرج أناس من طلبة العلم وأريد بطلبة العلم الذين عندهم علم وقدرة على البيان، لا نكتفي بإنسان عنده قدرة على البيان لكن ليس عنده علم.
    بعض الناس يستطيع أن يتكلم ويعظ ويؤثر ولكن ليس عنده علم، وهذا يؤثر على القلوب في الوقت الحاضر وينفع ولكن نفعه قليل، لو أن هذا الذي عنده بيان وفصاحة وتأثير ولكن ليس عنده علم، لو قام أحد يسأله أو يعارضه في مقال لم يستطع التخلص، وحينئذ تنقلب المنفعة مضرة والمصلحة مفسدة، ولذلك أحث إخواني الذين عندهم علم إذا تمكنوا من أن يذهبوا يميناً أو شمالاً أو شرقاً أو غرباً للموعظة والدعوة إلى الله كان في هذا خير كثير، وما أكثر الذين يلحون من الشمال ومن الجنوب ومن الشرق ومن الغرب يلحون علينا بطلب إرسال من يعظهم ويحاضر عندهم وينفعهم.

    (7/7)


    --------------------------------------------------------------------------------

    استغلال الإجازة في الذهاب إلى خارج البلاد
    الصنف الخامس من الناس: الذين يخرجون إلى خارج البلاد، -هؤلاء أيضاً- إن خرجوا للدعوة إلى الله وكان معهم علم يدفعون به الشبهات ودين يدفعون به الشهوات فهذا طيب، أما الذين يخرجون للتمتع فهؤلاء على خطر عظيم، وهم واقعون في المحظور، لأنه لو لم يكن من هذا الخروج إلا واحدة لكفى.
    وهي إضاعة المال، وهذا شيء محقق ولا يمكن أن يختلف فيه اثنان، أن فيه إضاعة المال؛ لأن نفقات التذاكر باهظة، ونفقات الفنادق هناك باهظة، هذا مع ما يحصل للقلب من البلاء، وما يحصل للنفس من الشرور، لذلك نحذر إخواننا من السفر إلى الخارج فإنه علة وبلاء، وإضاعة وقت، وإضاعة مال، وإفساد أخلاق، وربما إفساد عقيدة، لأن مما يخل بالعقيدة ونحن لا نشعر به، مسألة المودة والمحبة، هل كراهة الناس اليوم لغير المسلم مثل كراهتهم له بالأمس؟ أبداً كانوا بالأمس إذا ذكر اسم النصراني أو اليهودي اقشعر الجلد أما الآن فلا، بل إن من الناس -والعياذ بالله- من تتولى غير المسلمين أكثر من تولي المسلمين، وقد قال الله تعالى: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [المائدة:51] .
    والسفر إلى بلادهم سبب للمودة وإثراء لأموالهم وإعزاز لأوطانهم، مع ما فيه من خطر على عقيدة الإنسان وعلى خلقه، فنسأل الله تعالى أن يجعلنا وإياكم في هذه الدنيا ممن اكتسبوها في العمل الصالح، إن أذنبوا استغفروا، وإن غفلوا ذكروا، وإن أعطوا شكروا، وإن ابتلوا صبروا، إنه جواد كريم، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

    (7/8)


    --------------------------------------------------------------------------------

    الأسئلة

    (7/9)


    --------------------------------------------------------------------------------

    مخالفات شرعية يقع فيها أصحاب الإجازات


    السؤال
    فضيلة الشيخ: جرت عادة بعض الناس بل الكثير وخاصة الشباب أن يقضوا إجازة نصف العام في البراري يحصل لكن عند بعضهم بعض الأمور التي نرجو من فضيلتكم التوجيه عليها: أولاً: السهر الطويل الذي يكون على حساب صلاة الفجر فلا يصليها إلا ضحى بل لربما صلاها مع الظهر؟ ثانياً: الأوقات تقضى في لعب الورق وقد تكون على مال وعلى استعمال آلات اللهو من عود وطبل ويصحبها دخان وغيره؟ ثالثاً: تساهل الآباء وثقتهم الزائدة في أبنائهم الصغار فيخرجونهم مع من لا يساويهم سناً وثقافة؟

    الجواب
    هذه الأشياء الثلاثة كلها أشرنا إليها في كلامنا إلا مسألة تأخير الصلاة عن وقتها فأنا أقول زيادة على ما سبق: إذا أخرها عن وقتها متعمداً؛ فإن الله لا يقبلها منه ولو صلاها ألف مرة، والذين ينامون ويعرفون أنهم لن يقوموا إلا بعد طلوع الشمس هؤلاء متعمدون تأخيرها عن وقتها، هؤلاء لا تقبل منهم إطلاقاً، ودليل ذلك: قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) .
    أي: مردود عليه، والذي يتعمد تأخير الصلاة عن وقتها قد عمل عملاً ليس عليه أمر الله ورسوله.
    قد يقول قائل: أليس النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها) أي: استيقظ، أليس النبي صلى الله عليه وسلم كان في سفر، فنزل في آخر الليل وقال لـ بلال: اتل علينا الفجر -أي: راقبه- ولكن بلالاً نام ولم يصح إلا بعد طلوع الشمس؟ قلنا: بلى.
    كان هذا، ولكن هل كان هذا هو العادة؟ وهل النبي عليه الصلاة والسلام لم يتخذ الأسباب التي يحصل بها الاستيقاظ؟ إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم طلب من بلال أن يراقب الفجر.
    وإن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (من نام عن صلاة أو نسيها) ليس عمداً، ولكن هؤلاء الذين يتعمدون النوم في آخر الليل ويعلمون أنهم لن يقوموا إلا بعد طلوع الشمس هؤلاء أين العذر لهم؟! نعم.
    لو فرض أنهم فعلوا كلما يمكن أن يستيقظوا به من الساعات المنبهة وغيرها، ولكن لم يكن ذلك، أي: لم يقوموا، فحينئذٍ إذ استيقظوا صلوا.
    أما لعب الورق إذا كان على عوض فهي حرام، لأنه من الميسر، وسواء كان العوض دراهم أو ثياباً أو إيلاماً بضرب أو غيره أو حبساً، أي شيء على عوض فهو حرام، أما إذا لم تكن بعوض فهي مضيعة للوقت بلا شك، وسبب في بعض الأحيان إلى النزاع إذا غلب أحدهم الآخر صار معه في نزاع، وقد قال شيخنا عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله: إنها حرام بكل حال.

    (
    وأخيراً أسأل الله عز وجل أن يجعل هذا العمل نافعاً، مباركاً، خالصاً لوجهه الكريم
    وأن ينفعني به في حياتي وبعد مماتي، وأن ينفع به كل من انتهى إليه؛ فإنه خير مسؤول، وأكرم مأمول، وهو حسبنا ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.

    حياكم الله بموقع بداية الهداية الخطوة إلى طريق العلم الشرعي الصحيح
    http://www.musacentral.com/

  3. #13
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المشاركات
    2,475
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    23-05-2024
    على الساعة
    01:42 AM

    افتراضي

    مفاسد اللعب بالسيارات في البراري


    السؤال
    فضيلة الشيخ! يكثر في هذه الأيام خروج بعض الشباب للدوران في البراري ويسمى عندهم التطعيص، فنجد بعضهم يمضي جل ليله يجوب الرمال صعوداً ونزولاً ومن جراء ذلك نتج ما يلي: أولاً: تحميل السيارات أكثر مما تطيق ولربما أفسدها وقصر من عمرها.
    ثانياً: إزعاج الناس وإيذاؤهم خصوصا إذا جلس الرجل مع عائلته.
    ثالثاً: إتلاف ما من الله به علينا من نبات فلا تكاد تجد مكاناً علا أو نزل إلا وقد أفسدته السيارات.
    رابعاً: ما حدث من حوادث رهيبة ذهب ضحيتها بعض الناس أو أصابهم بعض الجروح والكسور.
    خامساً: ما يفعله بعضهم من قفز على السيارات بالدراجات النارية، وذلك بأن يجعلوا السيارات مصفوفة تحت كثبان الرمال ثم يأتي السائق في دراجته من أعلى الكثبان ويقفز إلى الجهة المقابلة، فما حكم ذلك كله وبم تنصحون الأولياء وما توجهون به الشباب وما توجيهاتكم للجهات الأمنية؟

    الجواب
    كل هذه الأشياء التي ذكرها السائل كلها محظورة، وبعضها يقع كثيراً وبعضها يقع قليلاً، والواجب على الشاب المسلم أن يعرف قدر نفسه وأنه مسلم مؤمن بالله عز وجل ممتثل لأمره، وفي هذه الأشياء من المفاسد ما هو ظاهر إضاعة المال إفساده الخطر العظيم إيذاء المؤمنين: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً} [الأحزاب:58] إن الفاعل لهذا لا شك أنه سفيه، وقد قال الله تعالى: {وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمْ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَاماً} [النساء:5] .
    أما الجهات الأمنية فإن الواجب عليها أن تمنع ما فيه الشر والفساد بقدر المستطاع، ولكن هناك شيء آخر أو خطوة أولى قبل تدخل الجهات الأمنية، وهو الشباب الذي له قول مقبول عند الآخرين ينبغي أن يكثر التحذير من هذا، وبيان أن هذا منافٍ للشرع والعقل والحلم والرجولة.
    وعلى أولياء الأمور الذين يستطيعون أن يمنعوا أبناءهم من ذلك، عليهم أن يمنعوهم حتى من الخروج إذا كان خروجهم على هذا الوجه، ولكن إن شاء الله تعالى أن الشباب سوف يرعوي وسوف يعلم أن هذا ليس من مصلحته بل هو من دنيا وأخرى، وحينئذ يغلب جانب العقل على جانب السفه، وجانب الصلاح على جانب الفساد.

    (7/11)


    --------------------------------------------------------------------------------

    الحث على الاهتمام بالأسرة


    السؤال
    يلاحظ على بعض الأولياء وخاصة الأزواج تركهم لعوائلهم طيلة أيام الإجازة، فلا يؤنس أولاده ولا يسافر معهم، بل ينشغل بأصحابه ولربما ترك أمه وأباه وزوجته وأولاده وصلة أرحامه يضيعون، فما عاقبة ذلك؟

    الجواب
    لا شك أن العائلة أحق من غيرهم بما يدخل السرور والأنس عليهم، ولو أن العوائل اجتمعوا وخرجوا في نزهة جميعاً لكان هذا خيراً وأولى، بشرط ألا يكون هناك اختلاط بين الرجال والنساء.
    أما ما ذكره السائل من أن بعض الناس يذهب مع أصحابه وينسى أهله وينسى عائلته، فإن هذا لا شك أنه سوء تصرف وأنه غير محمود، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (ابدأ بنفسك ثم بمن تعول) هذا وإن كان في المال، لكن حتى في غير المال أيضاً، أهلك أحق بك من غيرهم، ولكن إذا كان أهله لا يرغبون الخروج، وخرج مع أصحابه وصار يأتي إلى أهله في اليومين أو في الثلاثة أو في كل يوم، أي: أن الأمر سهل والحمد لله، الآن السيارات تأتي بالبعيد فإن هذا لا بأس به ولا ضيق على الإنسان فيه.

    (7/12)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم أخذ وإعطاء إجازة مرضية لغير مستحقيها


    السؤال
    هل يجوز للطبيب أن يعطي أحداً من الناس إجازة مرضية وخاصة للموظفين، عندما يكون هذا الشخص لا يحتاج حقيقة إلى هذه الإجازة وهذا الطبيب لم يعاين هذا الشخص ولم يكشف عليه، وهل يأثم الطبيب لو أعطى المريض إجازة مرضية أكثر مما يستحق؟

    الجواب
    في الصحيحين عن أبي بكر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (ألا أنبؤكم بأكبر الكبائر؟ قالوا: بلى يا رسول الله،؟ قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وكان متكئاً فجلس، فقال: وقول الزور وشهادة الزور) ولا شك أن الطبيب إذا أعطى شخصاً إجازة مرضية وهو ليس بمريض لا شك أنه قال الزور وشهد شهادة الزور، وأنه آثم وأتى كبيرة من أكبر الكبائر، وكذلك الذي أخذ هذه الإجازة آثم وكاذب على الجهات المسئولة وآكل للمال بالباطل، فإن الراتب الذي يقابل هذه الإجازة أخذه بغير حق، وكذلك إذا أعطاه أكثر مما يحتاج، مثل أن يحتاج إلى ثلاثة أيام إجازة مرضية ويعطيه أربعاً، فإن هذا حرام من أكبر الكبائر.
    والحقيقة أن الإنسان كلما فكر في مثل هذه الأمور، يعجب كيف يقع هذا في شأن المسلم، ألسنا كلنا مسلمين؟ أليس دين الإسلام يحرم هذا؟ أليس العقل المجرد عن الإيمان والإسلام يحرم هذا؟ الجواب: بلى لكن مع الأسف أن يقع هذا من المسلمين ويكون وصمة عار في جبين كل مسلم.
    الآن يقول بعض السفهاء: إن الكفار أنصح من المسلمين وأصدق من المسلمين وأوفى من المسلمين، وهذا قد يكون صدقاً في بعض الأحيان، لكننا نقول لهذا: دين الإسلام أكمل من كل ما سواه من الأديان، ومنهج الإسلام خير من كل منهج، وشرعة الإسلام فوق كل شريعة، لكن البلاء من أهل الإسلام وليس من الإسلام، وما دمت رجلاً أنتمي إلى الإسلام وأفخر به وأعتز به وأرجو به ثواب الله، فلماذا أخالف شريعة الإسلام؟! لماذا أقول الزور؟ لماذا أشهد الزور؟ لماذا آكل المال بالباطل؟ لماذا أخون الجهات المسئولة؟ كل هذا مما يؤسف له، وكل هذا مما أوجب تأخر المسلمين وتسلط الأعداء عليهم.
    إخواننا المسلمين في بعض الجهات الإسلامية ينحرون نحر الخروف، يذبحون ذبحاً، تنتهك حرماتهم، تسبى ذراريهم، تغتنم أموالهم، لماذا؟ كل هذا بذنوبنا ومعاصينا.
    فنسأل الله أن يعاملنا بعفوه وأن ينصرنا على أعدائنا.

    (7/13)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم استعمال الكتاب الذي يستخدمه العوام أثناء أشواط العمرة والسعي


    السؤال
    نرجو من فضيلتكم توضيح حكم استعمال هذا الكتاب الذي يستخدمه الناس للقراءة منه أثناء الأشواط في العمرة أو الحج، ولم يرد هذا الدعاء الذي فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم؟

    الجواب
    السائل يشير إلى منسك صغير يحمله الحجاج والعمار مكتوب فيه لكل شوط دعاء، دعاء الشوط الأول، دعاء الشوط الثاني، دعاء الشوط الثالث إلى آخره، وهذه بدعة باتفاق الفقهاء، بدعة لا تزيدك من الله إلا بعداً؛ لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (إياكم ومحدثات الأمور، فإن كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار) .
    أين هذه الأدعية من البخاري، ومسلم، وأبي داود، والنسائي، وابن ماجة، والترمذي، وغير ذلك من المسانيد والسنن أين فيها هذا الدعاء لكل شوط؟ وأقول للأخ السائل: إن استعمال هذه الأدعية لا يزيد الإنسان من الله إلا بعداً ولا يزيده إلا ضلالاً، لكن يقول: ماذا أقول؟ قل ما تريد على ربك، اسأل ربك ما تريد من حاجات في نفسك، أشخاص في نفسك تريد الدعاء لهم، ادع لأهلك، لإخوانك المسلمين، ادع بما شئت، (ليسأل أحدكم ربه حتى شراك نعله) كرر إذا نفد ما عندك من أدعية، فالإلحاح في الدعاء مطلوب، والنبي صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا دعا، دعا ثلاثاً، وإذا سئمت فاقرأ القرآن، فالأمر واسع، أما أن تحمل هذه البدعة وتتقرب بها إلى الله فهذا خطأ، ثم إن في هذه الكتيبات من الأدعية ما ليس بمشروع أصلاً، ومنها ما لا يعرف معناه من قرأه، حتى الذي يقرؤه لا يعرف معناه حتى نسمع أناساً يقلبون الكلمات.
    سمعت رجلاً يقول: اللهم أغنني بحلالك عن حرامك فقال: اللهم أغنني بجلالك، لا أدري هل قال: عن جرامك أو عن حرامك، المهم أنه أخطأ؛ لأنه لا يعرف معنى ما يقرأ.

    (7/14)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم دخول مكة لمن لم ينو العمرة


    السؤال
    أتيت من الرياض في طريقي إلى المدينة، ثم إلى مكة وهذه رحلة عمل حيث أني أتوقف في كل بلدة أمر بها في طريقي حسب طبيعة عملي، فأنا مندوب مبيعات ويصعب علي الإحرام وأداء العمل في نفس الوقت ونهاية رحلة العمل في الجموم داخل حدود الميقات، فإذا أردت أداء عمرة حيث أنويها من الآن فمن أين أحرم؟ وهل أعود بعد انتهاء العمل إلى الميقات؟

    الجواب
    نعم إذا مر الإنسان بالميقات وهو صاحب عمل ولم ينو العمرة فلا حرج عليه، يدخل مكة بلا عمرة ويطوف إن شاء أو لا يطوف، فما دام أدى العمرة الواجبة عمرة الإسلام.
    لكن إذا مر بالميقات وهو يريد الأمرين: العمل والعمرة، فلا بد أن يحرم من الميقات، ثم يكمل العمرة وينهي عمله، فإذا قال: هذا يشق عليّ؛ لأني سأبقى في جدة مثلاً أو في الجموم قبل أن أصل إلى مكة قلنا: لا تنوِ العمرة في هذا السفر اجعل العمرة في سفر آخر والأمر ولله الحمد واسع.

    (7/15)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم من نوى العمرة بعد مجاوزة الميقات


    السؤال
    سافرت إلى الحجاز ولم يكن عندي نية للعمرة وعندما وصلت إلى جدة ومكثت فيها أياماً وجدت من يشجعني على أداء العمرة فهل أعتمر مع العلم أني لم أعتمر قبل ذلك أبداً؟

    الجواب
    نقول: في هذه الحال لك أن تحرم من جدة؛ لأنك في الأول لم ترد العمرة، ولكن يجب أن تعلم أن العمرة واجبة على الفور، وأن الواجب عليك أن تنوي العمرة حين مررت بالميقات، ثم تؤدي العمرة وترجع إلى جدة، ولكن ما دام الأمر كما قال السائل إنه قد ذهب إلى جدة وهناك وجد من يشجعه على العمرة فأحرم من هناك وأدى العمرة، نقول: لا حرج عليك، وليس عليه فدية، وعمرته هذه مجزئة عن عمرة الإسلام.

    (7/16)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم بيع الحيوانات حية بالوزن


    السؤال
    فضيلة الشيخ: مع كثرة الرحلات يكثر شراء الذبائح وقد سمعنا أن هناك أناساً يبيعون الذبائح حية بالكيلو، أي يزنها حية دمها ولحمها وفرشها وجميع ما فيها الكيلو بكذا، فهل هذا جائز؟

    الجواب
    ثبت في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه (أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن بيع الغرر) فلنطبق هذه المعاملة على هذا؟ إذا باعها حية بالوزن فهل في ذلك غرر أم لا؟ الجواب: فيه غرر، قد يكون بطنها مملوءاً بالماء، فيزيد وزنها فيحسب عليه كيلو الماء مثل كيلو اللحم، وهذه جهالة لا شك، وربما يتعمد البائع الغش في هذه الحال، فإذا أراد أن يبيعها ملأ بطنها ماءً، كما أن بعض الناس إذا أراد أن يبيع الشاة اللبون صراها، حتى يظن من رأى ضرعها أنها ذات لبن كثير، لهذا نقول: لا يجوز أن يبيعها وزناً، ونقول: بدل أن يبيعها وزناً يبيعها هكذا جزافاً وما المانع؟ لكن أحياناً يزين للإنسان سوء عمله -والعياذ بالله- فيظنه حسناً، فبدلاً من أن تقول: زنها، فتكون مائة كيلوا أو خمسين كيلو أو ما أشبه ذلك والكيلو مثلاً بخمسة، إذا كانت خمسين كيلو والكيلو بخمسة فيكون ثمنها مائتين وخمسين كيلو نقول: مائتين وخمسين بدون وزن، ثلاثمائة أو مائتين بدون وزن.

    (7/17)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم التسمي باسم ملاك وما شابهه


    السؤال
    ما حكم التسمي باسم ملاك (بالفتح) أو ملاك (بالكسر) للأنثى؟ وما هو قولكم فيمن يقول: إن هذا لا يجوز؛ لأن هذه الكلمة مأخوذة من الملك وهم الملائكة ولا يجوز مشابهة الملائكة في ذلك، وهل ذلك من تسمية الملائكة تسمية الأنثى كما ورد في القرآن نرجو الإجابة وفقكم الله؟

    الجواب
    أنا أكره أن يسمى الإنسان ابنته مِلاك أو مَلاك وأقول: هل ضاقت عليه الأسماء؟ الأسماء ألوف مؤلفة، وربما لا يكون عنده إلا هذه البنت، فالأسماء كثيرة يأخذ من أسماء نساء الصحابة رضي الله عنهن من أسماء نساء بلده، أما أن يأتي إلى أشياء أدنى ما نقول إن فيها شكاً، فدع ما يريبك إلى ما لا يريبك.
    والأسماء والحمد لله واسعة، أما الأسماء التي فيها التزكية فإن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم غير اسم برة إلى جويرية أو إلى زينب -امرأتان- ومثل ذلك أبرار لا يُسمى بها؛ لأن أبرار جمع بر، وإذا كان الرسول صلى الله عليه وآله وسلم غير برة مع أنها اسم أنثى فيها التأنيث، فكيف لا نغير اسم أبرار التي هي جمع لبر وبر اسم مذكر.

    (7/18)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم إيقاف النسل بحجة التفرغ للعبادة


    السؤال
    رجل له أربعة أبناء ويقول: إنه يرغب في إيقاف النسل ويكتفي بما عنده من أولاد ليتفرغ لعبادة ربه؛ لأن كثرة الأبناء تلهي فهل يأثم بذلك أم لا؟

    الجواب
    هذه نظرة قاصرة، فالأولاد تربيتهم من طاعة الله، وإذا اهتدى أولادك على يدك نفعوك حياً وميتاً كما قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له) ثم نقول لك: كثرة الأولاد كثرة للأمة.
    والنبي صلى الله عليه وآله وسلم حثَّ على أن يتزوج الإنسان الودود الولود من أجل كثرة الأولاد، وأخبر أنه يباهي الأنبياء بأمته يوم القيامة يكاثر بهم، فليعدل السائل عن هذا الاتجاه، وليكثر من الأولاد؛ ليكثر رزقه، وليكثر الاهتداء على يده، وليكون هؤلاء الأولاد ذخراً له في حياته وبعد مماته ولتحقيق مباهاته النبي صلى الله عليه وسلم يوم القيامة.

    (7/19)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم قراءة الفاتحة في التشهد نسياناً


    السؤال
    رجل يقرأ الفاتحة في التشهد ناسياً فهل يعيد الصلاة؟

    الجواب
    لا يعيد الصلاة إذا قرأ الفاتحة في التشهد ناسياً، لكن يجب أن يقرأ التشهد؛ لأن التشهد الأخير الذي يعقبه السلام ركن والتشهد الأول (الأوسط) واجب من واجبات الصلاة، وليعلم أنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (ألا وإني نهيت أن أقرأ القرآن راكعاً أو ساجداً) فلا يجوز للمصلي أن يقرأ القرآن وهو راكع ولا أن يقرأ القرآن وهو ساجد.
    نعم لو دعا بدعاء من القرآن فلا بأس، أما أن يتلو القرآن وهو راكع أو ساجد فإن ذلك حرام عليه، وقد ذهب بعض العلماء إلى أن من قرأ وهو راكع أو ساجد فإن صلاته تبطل؛ لأنه منهي عنه.

    (7/20)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم أخذ المصاحف من المساجد وإبدالها بغيرها


    السؤال
    فضيلة الشيخ: يوجد في بعض المساجد مصاحف قديمة كبيرة الحجم وردت قديماً من خارج هذه البلاد كهدية للحرم أو غيره من المساجد، وبعد فتح المجمع لطبع المصحف في المدينة ترك الناس هذه المصاحف فتراكم عليها الغبار أو قل القارئ فيها، فهل يجوز لي أن آخذ واحداً منها لوضوح حروفها ولحاجتي للقراءة فيها، وأجعل مكانه مصحفاً آخر مما يقرأ الناس فيه، بل أجعل بدله عشرة بنية صاحبها فهل يجوز لي ذلك؟

    الجواب
    الناظر على المساجد وعلى ما يُرى فيها من المصاحف والكتب هي وزارة الأوقاف، هي الجهة المسئولة، فإذا اتفقت مع الوزارة أو مع الناظر على مساجد هذا البلد الذي أنت فيه على أن تأخذ هذا المصحف وتضع بدله مصحفين أو ثلاثة أو أربعة ووافقوا على ذلك فهذا جائز، ولا يحل لهم أن يوافقوا إلا إذا كان هذا المصحف الذي تريده متعطلاً لا يقرأ فيه.
    أما أن تفعل ذلك بنفسك فإن هذا حرام؛ لأنه لا ولاية لك على هذا المسجد.

    (7/21)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم من نسي عدد أشواط الطواف والسعي


    السؤال
    إذا نسي الرجل كم طاف حول الكعبة أو كم سعى ستة أم سبعة فماذا يفعل؟

    الجواب
    أما الطواف فنسيانه وارد، يطوف الإنسان فلا يدري هل هذا الخامس أو السادس أو السابع؟ وإذا شك فإن كان عنده غلبة ظن فليبن على غلبة الظن، مثلاً: غلب على ظنه أنها سبعة أشواط يجعلها سبعة، وإذا غلب على ظنه أنها ستة أو سبعة، لكن غلبت الستة، يجعلها ستة، أما إذا لم يغلب على ظنه شيء بل هو شك محتمل، فليبن على الأقل، لأنه يقين، فإذا شك هل هي خمسة أو ستة بدون أن يرجح فليجعلها خمسة.
    أما السعي فالخطأ فيه قليل لماذا؟ لأن فيه علامة إن ختمت بـ الصفا فأنت إما زائد شوطاً وإما ناقص شوطاً يقيناً.
    وإن ختمت بـ المروة فأنت إما مصيب أو زائد.
    وعلى كل حال نقول فيه ما قلنا في الطواف: إذا غلب على ظنك أحد العددين فاعمل به، وإذا كان الشك متساوياً فخذ بالأقل.
    ولكن هل يسجد للسهو في الطواف والسعي؟ الجواب: الساعي لا يسجد، أما الطواف وأن كان صلاة إلا أن الله أباح لنا فيه الكلام إلا أنه لا يسجد، لأنه لا يتعبد في الطواف بالسجود، فإذا كان الأصل ليس فيه سجود، فكيف إذا كان فيه الشك، أي: كيف يجبر بالسجود وهو أصله ليس فيه سجود.

    (7/22)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم جلوس المرأة الحائض في المسعى


    السؤال
    إذا كنا جماعة ومعنا امرأة فحاضت هذه المرأة وليس لنا مسكن، وهذه المرأة قد تحفظت تحفظاً كاملاً هل يجوز لها الجلوس في المسعى من أجل البرد أم تخرج خارج المسجد في التوسعة الجديدة أم ماذا تفعل؟

    الجواب
    لا حرج عليها أن تجلس في المسعى؛ لأن المسعى ليس من المسجد بل خارج المسجد، له حدود معينة وجدار تحجزه عن المسجد الحرام، فليس من المسجد، فإذا جلست فيه الحائض فلا حرج عليها أن تنتظر أهلها أو ما أشبه ذلك.

    (7/23)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم طواف الوداع للمعتمر


    السؤال
    هل هناك مدة معينة يجوز للإنسان بعدها أن يطوف طواف الوداع أو أن الأمر مفتوح؟ وهل يجوز للإنسان أن يبقى بعد طواف الوداع ساعات خصوصاً ليشتري بعض الحاجيات أو الهدايا أم ماذا يفعل؟

    الجواب
    أما الشق الأول: الرجل إذا أتى معتمراً وطاف وسعى وقصر ومشى فهذا يغنيه عن طواف الوداع، ولا حاجة للوداع، وأما إذا مكث ولو ساعة فلا بد أن يودع، ثم الذي ينبغي ألا يشتري بعده شيئاً ولو كان من الأغراض التي يحتاج إليها، يشتري الأغراض التي يحتاج إليها قبل أن يطوف ثم يطوف هذا هو الأفضل؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمر أن يكون الطواف آخر شيء: (فليكن آخر عهده بالبيت الطواف) لكن لو فرض أنه طاف ثم مشى وفي أثناء الطريق رأى ما يعجبه مما يحتاجه واشتراه فلا حرج عليه، وكذلك لو طاف وخرج وتخلف بعض الرفقاء وجلس لانتظار الرفقاء فإن ذلك لا بأس به.

    (7/24)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم تارك الصلاة


    السؤال
    لي أخ لا يصلي وإذا كلمناه عن ذلك ونصحناه بدأ يسب الدين فماذا نفعل مع مثل هذا؟

    الجواب
    الواجب عليكم نحو هذا الرجل المناصحة، فإذا أيستم منه فالواجب أن ترفعوا أمره إلى الجهات المسئولة، ويجب في هذه الحالة على الجهات المسئولة أن تدعوه إلى الصلاة، فإن صلى وإلا وجب قتله كافراً مخلداً في النار، لأن الذي لا يصلي كافر، خارج عن الإسلام والعياذ بالله، فالواجب عليكم ما دامت هذه حاله أن تبلغوا الجهات المسئولة حتى تلزمه بشرائع الإسلام، فإن التزم فذاك، وإن لم يلتزم فلا بد أن يُقتل.

    (7/25)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم تغطية المرأة وجهها أثناء تأدية مناسك العمرة


    السؤال
    هل يجب على المرأة تغطية وجهها خلال جميع مناسك العمرة؟ وهل يستثنى شيء من أعمال العمرة تكشف المرأة عن وجهها فيه؟

    الجواب
    أما إذا كان ليس حولها رجال فلتكشف وجهها هذا هو الأفضل، وإذا كان حولها رجال لا يحل لها الكشف عندهم فالواجب عليها أن تستر وجهها، ومعلوم أنها في المطاف والمسعى والأسواق عندها رجال لا يحل لها أن تكشف وجهها أمامهم، أما في السيارة أو في البر، فإن المشروع في حقها أن تكشف وجهها ما دام الذين معها من محارمها.

    (7/26)


    --------------------------------------------------------------------------------

    مشروعية سوق الهدي في العمرة


    السؤال
    قرأت في بعض كتب الفقه أنه يشرع للمعتمر أن يذبح هدياً بعد عمرته استحباباً، هل هذا من السنن المندثرة في هذا الوقت، وحبذا لو نبهتمونا على هذه السنة إن كانت سنة وجزاكم الله خيراً؟

    الجواب
    هذه من السنن المندثرة، لكن ليس السنة أنك إذا اعتمرت اشتريت شاة وذبحتها، السنة أن تسوق الشاة معك تأتي بها من بلادك أو على الأقل من الميقات أو من أدنى حل عند بعض العلماء، ويسمى هذا (سوق الهدي) أما أن تذبح بعد العمرة بدون سوق فهذا ليس من السنة.

    (7/27)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم صلاة المرأة في المسجد الحرام


    السؤال
    هل فضل مضاعفة الصلاة في المسجد الحرام والمسجد النبوي خاصة بالرجال أم بالرجال والنساء؟ فإذا كان يشمل النساء أفلا نقول: إن صلاة المرأة في المسجد الحرام أو المسجد النبوي أفضل من بيتها، وكيف نرد على قول النبي صلى الله عليه وسلم (وبيوتهن خير لهن) ؟

    الجواب
    هذه كلمة خشنة جداً (كيف نرد على قول الرسول) صعبة! لكن الظاهر أن قصده: كيف نجيب عن قول الرسول صلى الله عليه وسلم.
    أقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام) وهذا المسجد هو الذي قال فيه: (لا تمنعوا إماء الله مساجد الله، وبيوتهن خير لهن) فأخبر أن صلاة المرأة في بيتها في المدينة خير من صلاتها في المسجد النبوي مع المضاعفة، مع أن الصلاة في المسجد النبوي مضاعفة، كذلك في مكة صلاتها في بيتها خير من صلاتها في المسجد الحرام.
    ولكن قد يقول قائل: كيف يكون خيراً وهذه مائة ألف صلاة في المسجد الحرام والمسجد النبوي بألف أو خير من ألف؟ نقول: هناك كمية وهناك كيفية، فالأجر في كيفيته وضخامته في بيتها يقابل العدد الحاصل بالكثرة، ثم إنه قد يقول قائل: إن المرأة إذا صلت في المسجد الحرام لا يحصل لها مائة ألف صلاة أو في المسجد النبوي لا يحصل لها أن تكون صلاتها خيراً من ألف صلاة؛ لأن المخاطب بذلك أهل المساجد، ومن أهل المساجد؟ الرجال دون النساء.
    ولذلك يقع في النفس شك لو صلت المرأة في المسجد الحرام هل تنال مائة ألف؟ ولو صلت في المسجد النبوي هل صلاتها خير من ألف صلاة؟ هذا محل نظر ومحل تأمل، لأن المخاطب في فضل المساجد هم أهل المساجد وهم الرجال، أما المرأة فبيتها خير لها من المسجد حتى من المسجد الحرام ومن المسجد النبوي.

    (7/28)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم الهرولة بالنسبة للنساء في السعي


    السؤال
    أشرتم وفقكم الله في الطواف والسعي إلى الهرولة هل الهرولة خاصة بالرجل وإذا كان الرجل معه امرأة بل نساء فهل يهرولن معه أم لا؟

    الجواب
    ذكر بعض أهل العلم أن علماء المسلمين أجمعوا بأن المرأة لا تهرول لا في الطواف ولا في السعي، وكان يتراءى لي في الأول أن المرأة في السعي تسعى بين العلمين، أي: تركض؛ لأن أصل السعي من أجل أم إسماعيل، لما تركها إبراهيم وولدها في مكة وترك عندهما جراباً من التمر ووعاءً من الماء، فلما نفد التمر والماء قل لبنها على ابنها وصار الابن يجوع لأن الأم ليس فيها لبن فجعل الابن يصيح، فضاقت عليها الأرض بما رحبت، فنظرت أقرب جبل إليها؛ لأن الولد كان عند محل الكعبة، وأقرب جبل إليها هو الصفا.
    فذهبت فصعدت تتسمع لعل الله أن يأتي بأحد، لأن ذلك الوقت ليس فيه أحد، فنزلت متجهة إلى المروة، لأنه أقرب جبل إليها أيضاً، وفي أثناء مسيرها مرت بوادي مجرى الشعيب، وهو عادة يكون منخفضاً فلما هبطت بالوادي أسرعت لئلا يغيب عنها ولدها، فلما صعدت مشت عادة حتى أتت المروة، فلما أتمت سبع مرات نزل الفرج من رب الأرض والسماوات، الله أكبر.
    نزل جبريل فركض برجله أو جناحه محل زمزم حتى نبع الماء، فجعلت من شفقتها عليه تحجره لئلا ينساب في الأرض، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (يرحم الله أم إسماعيل لو تركت زمزم لكانت عيناً معيناً) وجعلت تشرب من هذا الماء، وكان ماء زمزم لما شرب له، فكان يغنيها عن الطعام والشراب، فدرت على ولدها واستأنست، فمر ركب من جرهم، ورأوا الطيور تنزل على هذه الجهة لتشرب من الماء، فتعجبوا وقالوا: ليس في هذا المكان ماء! فكيف يكون هذا؟ فذهبوا نحو ما تأوي إليه الطيور، فإذا بأم إسماعيل وولدها، فنزلوا عندها وصارت قرية، مدينة.
    سبحان الله! بعد أن لم يكن فيها إلا الوحش، وإسماعيل وأمه.
    كان يتراءى لي إن المرأة تسعى بين العلمين؛ لأن أصله من سعي أم إسماعيل، لكن لما رأيت بعض أهل العلم نقل إجماع العلماء على أن المرأة تمشي ولا تسعى، رأيت أن الصواب أن تمشي بلا سعي.
    بقي علينا المحرم الذي معها هل يسعى ويتركها أو يمشي معها حسب مشيها؟ نقول: إن كانت المرأة تهتدي بنفسها وامرأة مجربة ولا يخشى عليها، فلا حرج أن يرمل في الأشواط الثلاثة ويقول لها في آخر الطواف: نلتقي عند مقام إبراهيم، وإن كانت لا تستقل بنفسها ويخشى عليها، فإن مشيه معها أفضل من الرمل وأفضل من السعي الشديد بين العلمين.

    (7/29)


    --------------------------------------------------------------------------------

    نصيحة لأولياء الأمور تجاه بناتهم


    السؤال
    من ابنتكم المحتارة الغيورة، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
    فضيلة الشيخ: تعلم أن الفتاة في هذا الزمن باتت مهيضة الجناح مهانة مزدراة تباع وتشترى، وإني إذ أكتب هذا الكلام لأبتغي من وراء هذا إلا الدفاع عن فتاة الإسلام ودفاعي هو دفاع لها عن عقيدتها وعفافها وعن شقاوتها وعن حياتها، لأن الفتاة المسلمة هي أم الأجيال ومربية الرجال وعليها أساس صلاح المجتمع، وقد يكون والد الفتاة سبباً رئيسياً في انحرافها أو خيانتها لزوجها، وكم في البيوت من مآسٍ بسبب الجشع وحب المال، فهل من كلمة للنساء وأولياء أمور النساء، جزاكم الله خيراً، كاتبة ذلك: فتاة وقف أبوها وأخوها في وجهها وهي تريد الزواج؟

    الجواب
    هذه المسألة مسألة عظيمة ومشكلة كبيرة، فإن بعض الرجال -والعياذ بالله- يخونون الله ويخونون أماناتهم ويجنون على بناتهم، والواجب على الولي أن يتبع ما يرضي الله ورسوله، وقد قال الله تعالى: {وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ} [النور:32] أي: زوجوا: {وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ} [النور:32] أي: زوجوا الصالحين من العبيد والإماء الرقيقات، وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه، إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير) وبعض الناس -والعياذ بالله- يجعل ابنته سلعة يبيعها على من يهوى ويمنعها عمن لا يهوى، فيزوجها من لا يرضى دينه ولا خلقه؛ لأنه يرى ذلك، ويمنعها عمن يرضى دينه وخلقه؛ لأنه لا يرى ذلك، وليت أننا نصل إلى درجة تجرؤ فيها المرأة على أنه إذا منعها أبوها من الكفؤ الذي رضيته ديناً وخلقاً تذهب إلى القاضي فيقول لأبيها: زوجها أو أزوجها أنا أو ولي غيرك، لأن هذا حق للبنت، إذا منعها أبوها من هو كفؤ فعليها أن تطلب من القاضي أن يزوجها ولي آخر أو يزوجها القاضي.
    وهذا حق شرعي فليتنا نصل إلى هذه الدرجة، لكن أكثر الفتيات يمنعها الحياء من أن تقدم على هذا، وتبقى النصيحة للولي أن يتقي الله عز وجل وألا يمنعها فتَفسد وتُفسد، وليزن ذلك بنفسه، لو أنه أراد النكاح ومنع منه ماذا تكون نفسه؟ ولقد حدثت قديماً أن رجلاً -والعياذ بالله- كان يمنع بناته من تزويجهن، وكبرن فمرضت إحداهن، قد يكون مرضها أيضاً بسبب منعها من الزواج والله أعلم، لكنها في سياق الموت وعندها نساء أوصتهن وقالت: قلن لأبي: حسبي الله عليه، وإن موعدي معه يوم القيامة، والعياذ بالله هكذا تقول لأبيها.
    وإن لم تقله فهذا هو الواقع حتى لو لم تقله فستكون خصماً له يوم القيامة: {يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ} [عبس:34-36] فنصيحتي للأولياء من آباء أو إخوة أن يتقوا الله عز وجل، وألا يمنعوا النساء من هو حق لهن من تزويجهن من يرضى دينه وخلقه، نعم لو اختارت من لا يرضى دينه فله أن يمنعها، لكن تختار رجلاً صالحاً في دينه قيماً في أخلاقه ثم يمنعها لهوىً في نفسه، هذا والله حرام وإثم وخيانة، وأي شيء يكون منعه سبباً له من الفساد فإثمه عليه.

    (7/30)


    --------------------------------------------------------------------------------
    وأخيراً أسأل الله عز وجل أن يجعل هذا العمل نافعاً، مباركاً، خالصاً لوجهه الكريم
    وأن ينفعني به في حياتي وبعد مماتي، وأن ينفع به كل من انتهى إليه؛ فإنه خير مسؤول، وأكرم مأمول، وهو حسبنا ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.

    حياكم الله بموقع بداية الهداية الخطوة إلى طريق العلم الشرعي الصحيح
    http://www.musacentral.com/

  4. #14
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المشاركات
    2,475
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    23-05-2024
    على الساعة
    01:42 AM

    افتراضي

    اللقاء الشهري

    اللقاء الشهري [8] 1،2
    لقد فرض الله سبحانه وتعالى علينا الصيام وجعله ركناً من أركان الإسلام لا يتم الإسلام إلا به، ورتب عليه الأجر العظيم والثواب الجزيل، وقد بيَّن أحكامه في كتابه الكريم، وفي هذه المادة تناول الشيخ أيام الصيام بشيء من الشرح وبيان الأحكام، ثم يجيب عن الأسئلة الواردة في اللقاء.

    (8/1)


    --------------------------------------------------------------------------------

    آيات الصيام في كتاب الله
    الحمد لله رب العالمين، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
    أما بعد: فإنها لمناسبة كبيرة جليلة أن نلتقي في هذا اللقاء المبارك الذي سماه أخونا الشيخ حمود بن عبد العزيز الصايغ محاضرة، والمقصود هو الفائدة، وسمها ما شئت: محاضرة، لقاءً مفتوحاً، غير مفتوح، سمها كما تحب والمهم هو الفائدة، هذا اللقاء في وقته مناسب، وفي مكانه مناسب: أما وقته فإنه باستقبال شهر رمضان المبارك، الذي أسأل الله تعالى أن يجعلني وإياكم ممن يصومه ويقومه إيماناً واحتساباً، ويُغفر له ما تقدم من ذنبه.
    وأما مكانه ففي الجامع الكبير في مدينة عنيزة، الجامع القديم الذين هو أقدم الجوامع في هذا البلد فيما نعلم، ويقع هذا اللقاء ليلة الأحد الثالث والعشرين من شهر شعبان عام (1413هـ) .
    إن موضوع هذا اللقاء هو الكلام عن الصيام والقيام، وفي اللقاء الذي سيكون إن شاء الله دورياً في رمضان سيكون الكلام عن الزكاة أيضاً.
    وقد طلب مني الأخ الشيخ حمود بن عبد العزيز الصايغ أن أقدم بين يدي الكلام تفسيراً موجزاً لآيات الصيام، وكان هذا قد وقع في قلبي من قبل، فإني قد هممت أن أتكلم على آيات الصيام في كتاب الله عز وجل؛ لأن خير ما يُربط به المؤمنون هو كتاب الله عز وجل، ولهذا ينبغي لكل فقيه ولكل محاضر ولكل داعية أن يربط الناس بكتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم لفوائد متعددة، منها: ربط الناس بالأصول؛ لأن أصول شريعتنا تنحصر في كتاب الله وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، والقياس والإجماع فرع عنهما؛ ولأن الناس إذا ربطوا بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم شعروا بأنهم يؤدون العبادات ويقومون بالمعاملات، اتباعاً لإرشاد الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم، وكون الإنسان يعتقد وهو يعمل العمل أنه متبع لكتاب الله ولسنة الرسول خيراً من كونه يعمله وهو يعتقد أنه آخذ بالكتاب الفلاني أو الكتاب الفلاني.
    المقلدون تقليداً محضاً الذين يعتمدون على كتب الفقهاء دون الرجوع إلى الأصول من الكتاب والسنة تجد الواحد منهم إذا عمل العمل يشعر بأنه مربوط بكلام العالم الذي قلده، لكن إذا حاولنا أن نربط الناس بكتاب الله وسنة الرسول عليه الصلاة والسلام كان ذلك خيراً وأفضل، كما كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يعلن في خطبة الجمعة يقول: (أما بعد، فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم) .
    والذي أرجو من إخواني طلبة العلم والدعاة إلى الخير والمرشدين أن يلاحظوا هذه المسألة، وأن يربطوا الناس بكلام الله وكلام رسوله عليه الصلاة والسلام حتى يعبد الناس ربهم وهم يشعرون بأنهم يفعلون ما يفعلون امتثالاً لأمر الله واتباعاً لسنة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم.
    ولهذا نجد الصحابة والتابعين عندما يريد أحد منهم أن يتكلم يقول: لأن الله قال؛ لأن رسول الله قال، وهذا أمر مهم جداً.
    وبناءً على ذلك أقول: إن الله تعالى في كتابه قال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة:183] .
    تأمل الخطاب: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} [البقرة:183] يخاطبنا الله عز وجل وينادينا باسم الإيمان أو بوصف الإيمان: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} [البقرة:183] إذاً نحن مؤمنون فماذا تريد منا يا ربنا؟ {كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [البقرة:183] كتب أي: فرض، وليس هذا الفرض تكليفاً لكم أنتم أيها الأمة وحدكم بل هو مكتوب على من قبلكم: {كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [البقرة:183] .
    وفي قوله: {كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [البقرة:183] فائدتان: الفائدة الأولى: تسلية هذه الأمة إذا أصابها ما يصيبها من الجوع والعطش بسبب الصيام، فإن الإنسان يتسلى بما يصيب غيره.
    الفائدة الثانية: بيان أن الله استكمل لهذه الأمة الفضائل التي نالتها الأمم السابقة: {كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [البقرة:183] ولهذا كانت شريعتنا -ولله الحمد نسأل الله أن يثبتنا عليها- متممة للشرائع السابقة حتى إن الرسول عليه الصلاة والسلام وصف رسالته بأنها كقصر تام البناء إلا موضع لبنة، فجعل الناس يطوفون بهذا القصر يدورون عليه ويتعجبون منه، إلا أنهم يقولون: هذا الموضع -موضع اللبنة- يعتبر ثلمة في القصر، ونقصاً فيه، قال الرسول عليه الصلاة والسلام: (فأنا اللبنة الذي تمم هذا القصر) ، ولهذا بعث عليه الصلاة والسلام ليتمم مكارم الأخلاق.
    قوله تعالى: {كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [البقرة:183] لماذا؟ هل لأجل أن نجوع ونعطش؟ لا.
    {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة:183] أي: من أجل أن تتقوا الله.
    قال النبي عليه الصلاة والسلام: (من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجه في أن يدع طعامه وشرابه) .
    ومن هنا يجب أن نشعر ونحن نصوم فنمسك عما أحل الله من الأكل والشرب والنكاح، نشعر بأننا نفعل هذا تعبداً لله وامتثالاً لأمره وتنفيذاً لفرضه، وأننا نتوسل بذلك ونتوصل إلى التقوى إلى اجتناب المحرمات والقيام بالواجبات.
    أكثر الناس يظنون أن الصيام مجرد حبس النفس عن الأكل والشرب والنكاح، فتجدهم يقضون أوقات النهار بالنوم أو العبث أو اللعب أو ما أشبه ذلك، وهذا خطأ، إذا صمت فليصم منك السمع والبصر واللسان والجوارح، اتق الله، تجنب محارم الله، قم بما أوجب الله عليك من الواجبات، صل مع الجماعة، أكثر من قراءة القرآن، أكثر من الصدقة، أكثر من الإحسان حتى تنال الحكمة التي من أجلها فرض الصوم.
    ما هذا الصوم؟ هل هو أشهر؟ هل هو سنوات؟ هل هو أسابيع؟ استمع: {أَيَّاماً مَعْدُودَاتٍ} [البقرة:184] لماذا قال: أياماً معدودات؟ لتقليلها وتهوينها على الإنسان، ليست شهوراً ولا سنين: {أَيَّاماً مَعْدُودَاتٍ} [البقرة:184] .
    قال: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة:184] هذا تسهيل آخر، مع ذلك لا يجب على كل واحد أن يصوم، المريض الذي يشق عليه الصوم يفطر ومتى يصوم؟ عدة من أيام أخر، المسافر ولو في الطائرة، ولو في سيارة مكيفة، ولو في أيام الشتاء يفطر تيسيراً: {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة:184] .
    ثم قال وهذا تسهيل ثالث: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} [البقرة:184] هذا تسهيل ثالث أن الإنسان مخير إن شاء صام وإن شاء أفطر وفدى.
    قال: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ} [البقرة:184] أي: يستطيعون أن يصوموا، {فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً} [البقرة:184] ودفع الفدية {فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} [البقرة:184] الصيام خير من الفدية، لكن كله جائز إن شئت فصم وإن شئت فأفطر وافدِ، هذه ثلاثة تسهيلات: الأول: أياماً معدودات.
    الثاني: سقوط الصيام عن المسافر والمريض إلى أيام أخر.
    الثالث: التخيير، إن شئت فصم وإن شئت فأفطر، ولكن إذا أفطرت فلا بد من الفدية {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً} [البقرة:184] وأدى الفدية: {فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة:184] .
    ولكن هل هذه التخييرات الثلاثة بقيت؟ وهل الأيام بقيت مبهمة أي: أياماً معدودات -لا ندري قد تكون في شعبان في رمضان في رجب في شوال في ربيع هل بقيت الأيام مبهمة؟ وهل بقي التخيير بين الصيام والفدية على ما هو عليه من التخيير؟ وهل بقي الترخيص للمريض والمسافر في الفطر؟ لننظر اقرأ الآية التي بعدها: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} [البقرة:185] هذه هي الأيام، إذاً الأيام المبهمة أولاً عينت في الآية الثانية بأنها شهر رمضان، ولماذا خص شهر رمضان؟ لماذا لم يكن الصوم في رجب؟ لماذا لم يكن في ذي القعدة؟ لماذا لم يكن في ذي الحجة؟ لماذا لم يكن في المحرم؟ هذه الأشهر الأربعة هي الحرم فلماذا لم يكن الصيام في الأشهر الحرم؟ لأن الأشهر الحرم جبين السنة، قال الله تعالى: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ} [التوبة:36] لماذا لم يكن الصيام في أحد الأشهر الحرم؟ استمع: {شَهْرُ رَمَضَانَ} [البقرة:185] لماذا خص رمضان؟ {الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنْ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ} [البقرة:185] فشهر حصلت فيه هذه البركة العظيمة، جدير بأن يكون محل الصوم، ولهذا كان ارتباط القرآن بالصوم.
    كان النبي عليه الصلاة والسلام ينزل عليه جبريل في كل رمضان يدارسه القرآن، ولا ينزل عليه في غيره من الشهور، ينزل عليه بالوحي لا بأس، لكن لا ينزل للمدارسة إلا في شهر رمضان، يدارسه القرآن كل سنة مرة، إلا في السنة التي توفي فيها دارسه إياه مرتين.
    إذاً هناك ار

    (8/2)


    --------------------------------------------------------------------------------

    مفهوم الصيام
    نقول: ما هو الصيام؟ الصيام في اللغة: بمعنى الإمساك، يقال: صام فلان عن الكلام، أي: أمسك، ومنه قوله تعالى: {فَإِمَّا تَرَيْنَ مِنْ الْبَشَرِ أَحَداً فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْماً} [مريم:26] أي: إمساكاً عن الكلام بدليل قوله: {فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيّاً} [مريم:26] هذا هو الصيام في اللغة، ومنه قول العامة عندنا: (صامت عليه الأرض) أي: أمسكته وحجبته، فالصوم الإمساك.
    ولكن الصوم شرعاً: التعبد لله، بترك الأكل والشرب والجماع وجميع المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس.
    التعبد لله: هذا الأمر الذي يجب أن نلحظه في التعاريف الشرعية، كثير من الفقهاء يقول لك: الصيام هو الإمساك عن الأكل والشرب والجماع وما يفطر من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، وهذا تعريف قاصر ليس فيه دعوة للروح، كذلك الصلاة عند الفقهاء: أقوال وأفعال معلومة، مفتتحة بالتكبير مختتمة بالتسليم، وهذا تعريف قاصر أيضاً، قل الصلاة: التعبد لله بأقوال وأفعال معلومة مفتتحة بالتكبير مختتمة بالتسليم.
    أقرن الناس بالعبادة.

    (8/3)


    --------------------------------------------------------------------------------

    من يجب عليه الصوم
    من الذي يجب عليه الصوم؟ نقول: الذي يجب عليه الصوم ما استكمل شروطاً ستة: أن يكون مسلماً، بالغاً، عاقلاً، قادراً، مقيماً، خالياً من الموانع.
    هذا الذي يجب عليه الصوم أداءً، يجب عليه أن يصوم رمضان في وقته.
    - فالمسلم ضده الكافر لا يجب عليه الصوم، لكن هل يعاقب عليه في الآخرة؟ نعم يعاقب عليه، فالكافر يعاقب على كل واجب أوجبه الله وتركه وهو لا يقبل منه ولو فعل، الكافر يعاقب على كل شيء حلال تناوله وانتفع به والمسلم لا يعاقب على الحلال.
    الكافر إن أكل عوقب يوم القيامة، إن لبس عوقب يوم القيامة، كل لقمة يأكلها الكافر يعاقب بها يوم القيامة، كل شربة يشربها يعاقب بها يوم القيامة، ما هو الدليل؟ قول الله تبارك وتعالى: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا} [المائدة:93] وغير الذين آمنوا وعملوا الصالحات عليهم جناح -هذا في الطعام- وقال في اللباس: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنْ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [الأعراف:32] .
    غير المؤمنين وإن كانت لهم في الدنيا لكن ليست خالصة يوم القيامة، يعاقبون عليها.
    إذاً الإسلام ضد الكفر، فالكافر لا نلزمه بالصوم، لكن نمنعه في بلاد المسلمين من إظهار الأكل والشرب، وهذه مسألة يجب أن ننتبه لها.
    لا يجوز فتح المطاعم ولو للكفار -وطبعاً للمسلمين غير مفتوحة- في أيام رمضان، ومن رأى منكم صاحب مطعم فتحه في رمضان وجب عليه أن يبلغ الجهات المسئولة لمنعه، ولا يمكن لأي كافر أن يظهر أكلاً أو شرباً في نهار رمضان في بلاد المسلمين، يجب أن يمنع من ذلك.
    - البالغ: ضده الصغير، الصغير لا يجب عليه أن يصوم لكن قال العلماء: يجب على وليه أن يأمره بالصوم ليعتاده اتباعاً للصحابة رضي الله عنهم، فقد كان الصحابة يصوِّمون الصبيان حتى إن الصبي يصيح من الجوع فيعطونه اللعبة من العهن -وهو الصوف أو القطن وما أشبهه- يعطونه لعبة يتلهى بها إلى غروب الشمس.
    قال أهل العلم: نحن تبع لـ سلفنا الصالح نأمر أبناءنا بالصوم ونلهيهم ونلعبهم حتى تغيب الشمس.
    - عاقل: ضده من لا عقل له من المجانين والمهذرين والمعتوهين وما أشبه ذلك، هؤلاء ليس عليهم صوم ولا إطعام أيضاً.
    - قادر: ضده العاجز، فالعاجز عن الصوم كما مر في الآية: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة:184] .
    لكن العلماء بالتتبع يقولون: إن العجز على قسمين: القسم الأول: عجز مستمر كعجز الشيخوخة وأمراض السرطان وما أشبهها، فهذه لا يُرجى زوالها إلا إن أمكن للشيخ أن يرجع شاباً.
    يقول الشاعر:
    ألا ليت الشباب يعود يوماً فأخبره بما فعل المشيب
    إذاً من عجز عن الصوم لكبر ففرضه الإطعام، من عجز عن الصوم لمرض لا يرجى زواله ففرضه الإطعام، يطعم عن كل يوم مسكيناً.
    أتدرون ماذا كان يفعل الصحابة؟ كان أنس بن مالك لما كبر وكان لا يستطيع الصوم فصار في آخر يوم من رمضان يصنع طعاماً فيجمع عليه ثلاثين فقيراً ويعشيهم، وتنتهي المسألة.
    أما القسم الثاني من العجز: فهو عجز طارئ يرجى زواله، فهذا هو المذكور في الآية أن عليه كما قال تعالى: {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة:184] .
    - مقيم: ضده المسافر، فالمسافر لا يلزمه الصوم في السفر، له أن يأكل ويشرب ويجامع زوجته إن كانت معه ولا حرج عليه، ويقضي إذا عاد إلى وطنه، وله فسحة في القضاء من رمضان إلى رمضان كم شهراً؟ أحد عشر شهراً هو فيها مخير، صم القضاء في شوال، صم في ذي القعدة، صم في ذي الحجة، لكن لا تصم يوم العيد ولا أيام التشريق، صم في محرم، في صفر، في ربيع في ربيع، في جمادى في جمادى، في رجب، في شعبان، لكن لا تؤخر إلى رمضان الثاني.
    والمسافر إذا كان ذاهباً للعمرة في رمضان هل يفطر في مكة؟ نعم يفطر في أم القرى في أفضل البقاع في أيام العشر؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو الأسوة وهو صلى الله عليه وآله وسلم أحرص الناس على الخير بلا شك، فتح مكة في العشرين من رمضان أو في الثامن عشر منها وبقي في العشر الأواخر في مكة ولم يصم، ثبت ذلك عن ابن عباس رضي الله عنهما في صحيح البخاري أنه لم يصم.
    ما قال: هذا زمن شريف ومكان شريف فأنا آسف إن لم أصم، بل أخذ بتيسير الله {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمْ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمْ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ} [البقرة:185] .
    ولقد شاهدت من يعتمرون في العشر الأواخر يدخل المسجد الحرام ويطوف وهو على آخر نفس من المشقة ويسعى وهو على آخر نفس من المشقة، فإذا قيل له: أفطر، قال: أسف! كيف أفطر؟ يقول: لا ما يمكن أن أفطر في العشر الأواخر من رمضان وفي مكة، أتحمل والأجر على قدر المشقة، هذا خطأ، هذا فهم خاطئ نقول: إذا كان أنشط لك أن تفطر فأفطر فأنت مأمور بالفطر.
    وفي غزوة الفتح كان الرسول صلى الله عليه وسلم سافر من المدينة في رمضان في السفر، كان يقول لهم: أفطروا ولكن لم يأمرهم بعزم، فلما قرب من مكة، قال النبي الذي أعطاه الحكمة: (إنكم ملاقوا العدو والفطر أقوى لكم فأفطروا) ألزمهم بالفطر، كان في الأول رخصة ثم صار عزيمة، لأنه أقوى لهم على العدو، فكذلك أيضاً في العمرة إذا كان أقوى لك أن تفطر فأفطر.
    أنت جئت للعمرة فأدِ العمرة على ما ينبغي، ولكن لو سألنا سائل فقال: هل الأفضل أن أبادر العمرة في النهار وأفطر أو أؤخرها إلى الليل وأبقى صائماً؟ الأول أفضل؛ لأن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا قدم مكة معتمراً لا يتأخر، حتى أنه ينيخ راحلته عند المسجد ويدخل ويطوف قبل أن ينزل منزله فهذا أفضل.
    - ومن الشروط كذلك: أن يكون خالياً من الموانع وهذا خاص بالنساء وهو ألا تكون حائضاً ولا نفساء، فإن كانت حائضاً أو نفساء فإنه لا يلزمها أن تصوم؛ لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الحائض: (أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم) فالحائض لا تصوم.
    ولو صامت هل يجزؤها؟ لا.
    قال أهل العلم: يحرم عليها الصوم بإجماع العلماء، ولا يصح منها الصوم بإجماع العلماء، وتقضي الصوم بإجماع العلماء.
    ثلاثة إجماعات: الإجماع الأول: يحرم.
    والثاني: لو صامت لم يصح.
    والثالث: يلزمها القضاء.
    هذه شروط وجوب الصوم.

    (8/4)


    --------------------------------------------------------------------------------

    مفسدات الصوم
    ما هي المفطرات؟ المفطرات: الأكل والشرب والجماع هذه ذُكرت في آية واحدة: {فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ} [البقرة:187] ما هذا؟ الجماع {بَاشِرُوهُنَّ} [البقرة:187] : أي النساء {وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا} [البقرة:187] هذا الأكل والشرب {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنْ الْفَجْرِ} [البقرة:187] قال: {يَتَبَيَّنَ لَكُمْ} [البقرة:187] ولم يقل: حتى يطلع، فلو فرض أننا شككنا: هل طلع الفجر أم لم يطلع فهل لنا أن نأكل ونشرب؟ نعم نأكل ونشرب.
    لو تبين بعد ذلك أن الفجر قد طلع، هل علينا القضاء؟ ليس علينا قضاء، لماذا؟ لأن الله قد أذن لنا أن نأكل ونشرب حتى يتبين، ونحن الآن ننظر إلى الأفق ونحن في شك، شخص يقول: طلع الفجر وآخر يقول: ما طلع الفجر، فيجوز لنا أن نأكل ما دمنا شاكين، وإذا تبين أن الفجر قد طلع قبل أكلنا فلا قضاء علينا سبحان الله! نأكل بالنهار ولا قضاء علينا! نقول: نحن حين أكلنا نعتقد أننا في الليل وقد أذن الله لنا {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ} [البقرة:187] .
    وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (إن بلالاً يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم، فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر) يطلع الفجر ثم يؤذن، ولهذا رخص للإنسان إذا سمع الأذان والإناء في يده - لبناً أو ماءً- أن يشرب حتى يقضي نهمته منه، وهذا من التيسير.
    إذاً هذه المفطرات الثلاث هي: الجماع والأكل والشرب، ودليلها قوله تعالى: {فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنْ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة:187] .
    الرابع: ما كان بمعنى الأكل والشرب، وهو الذي يغني عن الأكل والشرب مثل الإبر المغذية، الإبر المغذية مفطرة للصائم؛ لأنها تعطي البدن ما يعطيه الأكل والشرب، والله تعالى إنما حرم الأكل والشرب، وما كان بمعناهما فلها حكمهما؛ لأن الشريعة لا تفرق بين متماثلين.
    الإبر الأخرى التي تؤخذ في الوريد كإبر السكر وإبر البنج وإبر تخفيف الألم وما أشبهها، هل تفطر؟ نقول: لا تفطر، فإذا قال إنسان: إنها مفطرة لأنها تصل إلى داخل الجوف، أو إلى داخل البدن أو تختلط بالدم، قلنا: بيننا وبينك كتاب الله ائت بحرف واحد يدل على أن مثل هذا مفطر وعلى العين والرأس، أما أن الله يقول: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا} [البقرة:187] وأنت تقول: كل ما وصل إلى الدم أو إلى الجسم فهو مفطر، من قال هذا؟ أتضيق على عباد الله ما وسع لهم؟! الإبر التي بمعنى الأكل والشرب نقول: إنها مفطرة؛ لأنها تغني عن الأكل والشرب فهي بمعناه.
    ومع ذلك يا إخواني نقول: إنها مفطرة؛ لأنها بمعنى الأكل والشرب، ونحن خائفون من الله أن نضيق على عباد الله؛ لأنه قد يقول قائل: القياس هنا قياس مع الفارق، كيف قياس مع الفارق؟ الأكل والشرب هل الإنسان يتمتع به بمجرد كونه غذاءً أو يتمتع به أولاً وقبل كل شيء لكونه مطعوماً لذيذاً؟ الثاني.
    فمن الجائز أن تكون العلة في إفطار الأكل والشرب هي التلذذ به أكلاً وشرباً ثم تغذية البدن به ثانياً.
    والتلذذ بالإبر المغذية مفقود، ولهذا نجد المريض الذي يغذى بهذه الإبر أشوق ما يكون إلى الأكل والشرب، وإذا رخص له في الأكل والشرب تجده يأكل القدر كله؛ لأنه مشتاق إليه تماماً.
    إذاً: فلو أن أحداً من الناس عارضنا وقال: قياسكم ممنوع لظهور الفارق، أظن أن نقف مكتوفي الأيدي لا نستطيع أن نرد عليه، ولهذا نحن نقول: إن الإبر المغذية مفطرة ونحن على وجل وخوف، ولكن يسهل علينا هذا القول أن الغالب أن الإنسان لا يحتاج إلى إبر مغذية إلا وهو مريض، والمريض يحل له الفطر، فنقول: استعملها وأفطر واقض يوماً بدله.
    الخامس: نزول المني بشهوة بفعل من الصائم، ثلاثة شروط: نزول المذي هل يفطر؟ المذي ولو كان بشهوة أو بفعل من الصائم لا يفطر، فلو أن الرجل قبل زوجته وأمذى فصيامه صحيح.
    قولنا: بشهوة لو نزل بغير شهوة -أحياناً يصاب الإنسان بمرض فينزل المني بدون شهوة- فإنه لا يفطر.
    الثالث: بفعل الصائم، مثل: أن يباشر زوجته بالضم أو الإيلاج بين الفخذين أو ما أشبه ذلك فينزل، هذا بفعله.
    أو يستمني والاستمناء حرام في الصيام وغير الصيام، فإذا أنزل؛ فسد صومه، فإن كان بغير فعل منه مثل أن فكر رجل وهو صائم في الجماع فنزل منه المني بشهوة فهل يفسد صومه؟ لا يفسد صومه، لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم) وهذا الرجل حدث نفسه ولم يعمل شيئاً، ما حرك ذكره ولا ضم الأرض ولا ضم شيئاً ولا استمنى، إنما فكر فأنزل، نقول: صومه صحيح.
    السادس: القيء عمداً، إذا استقاء الإنسان عمداً فسد صومه، فإن غلبه القيء بأن هاجت عليه معدته حتى خرج ما فيها فصومه صحيح.
    أين ورد في القرآن أن القيء مفطر؟ نقول: نعم، في القرآن موجود أن القيء مفطر: {وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر:7] قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (من ذرعه القيء -أي: غلبه- فلا قضاء عليه، ومن استقاء عمداً فليقض) .


    السؤال
    لو هاجت معدته فهل يلزمه أن يمسكها أو يدعها؟ يدعها؛ لأنه لو أمسكها مع هيجانها وتهيئها للخروج كان في ذلك ضرر، لكن هل يجذبها؟ لأن بعض الناس إذا هاجت معدته جذبها لأجل أن يستقيء؟ نقول: لا، فإذا هاجت فقف منها موقف السلب، لا تجذبها ولا تمنعها ولا تضرك.
    السابع: خروج الدم بالحجامة، ما هي الحجامة؟ أي: إذا حجم الإنسان فخرج منه دم فإن صومه يفسد ويفطر بذلك؛ لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (أفطر الحاجم والمحجوم) أفطر، أي: فسد صومه، لأن الصوم ضده الفطر، وفي معنى الحجامة الفصد والشرط.
    والفرق بينهما أن الفصد قطع العرق عرضاً والشرط قطعه طولاً، فإذا حصل فصد أو شرط وخرج دم كدم الحجامة، فإنه يفطر بذلك وسمعتم الدليل.
    الثامن: خروج دم الحيض والنفاس، وهذا خاص بالمرأة، فإذا خرج من المرأة دم حيض أو نفاس ولو قبل الغروب بلحظة فسد صومها.
    وإن أحست به ولكن لم يخرج إلا بعد غروب الشمس ولو بلحظة فصومها صحيح، والدليل: قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الحائض: (أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم) وعرفتم أن صوم الحائض لا يصح بالإجماع، فإذا حاضت في أثناء النهار فسد صومها، ولزم عليها القضاء.
    هذه هي المفطرات التي تفسد الصيام.
    هل النظر بشهوة مفسد للصوم؟ ليس مفسداً؛ لأنه ليس من هذه الثمانية.
    التقبيل: قبَّل رجل امرأته بشهوة فهل ذلك مفطر أم غير مفطر؟ غير مفطر ولا ناقض للوضوء أيضاً.
    هذه المفطرات يشترط لكونها مفسدة للصوم ثلاثة شروط: 1- العلم.
    2- الذكر.
    3- الإرادة والاختيار.
    - العلم ضده الجهل.
    - الذكر ضده النسيان.
    - الاختيار ضده الإكراه وغير الإرادة.
    فإذا أتى الإنسان شيئاً من هذه المفطرات جاهلاً فصومه صحيح، وإن أتى واحداً من هذه المفطرات ناسياً فصومه صحيح، وإن أتى واحداً من هذه المفطرات غير مريد فصومه صحيح، ما هو الدليل؟ قوله تعالى: {رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة:286] فقال الله: فد فعلت.
    وقوله تعالى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} [الأحزاب:5] وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه) ثم إن الخطأ والنسيان ورد فيهما نصوص خاصة.
    مثال الخطأ: روى البخاري في صحيحه عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت: (أفطرنا في يوم غيمٍ على عهد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ثم طلعت الشمس) إفطارهم هنا كان جهلاً، لو علموا أن الشمس لم تغرب ما أفطروا.
    هل أمروا بالقضاء؟ لا.
    لأنه لو وجب عليهم القضاء لأمروا به، ولو أمروا به لنقل إلينا، لأنه إذا أمر به كان من الدين، والدين لا بد أن ينقل إلى الأمة لا سيما في هذه الأمور الكبيرة.
    ومثال النسيان: في الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه) هذا نص.
    الشرط الثالث: الاختيار والإرادة، والدليل على اعتبار هذا الشرط قوله تعالى: {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنْ اللَّهِ} [النحل:106] فإذا كان الكفر وهو أعظم المعاصي يرفع حكمه الإكراه فما دونه من بابٍ أولى.
    وإذا كان الإنسان لو كفر وهو مكره لم يخرج من الإسلام ولا إثم عليه، فلو أكل أو شرب وهو مكره لم يخرج من الصيام وليس عليه إثم.

    (8/5)


    --------------------------------------------------------------------------------

    مسائل مهمة في الصيام
    نأخذ على هذا مسائل: - رجل قام من آخر الليل وقدم السحور وأكل وشرب فإذا بالمؤذن يقيم الصلاة فما حكم صومه؟ صحيح.
    لأنه جاهل بالوقت، لو علم أن الفجر قد طلع ما أكل.
    - رجل سمع الأذان في الراديو عند غروب الشمس فظنه أذان مسجده فأفطر، ثم إذا بمؤذن مسجد في حيه يؤذن، هل عليه قضاء؟ لا قضاء عليه؛ لأنه جاهل.
    - رجل جاءه الصبي وقد سمع الأذان في الراديو، فقال: يا أبي أذن، أذن يا أبي، فأفطر الرجل هل يقضي أو لا يقضي؟ هنا يختلف الأمر هل يعتبر خبر الصبي؟ لا.
    هذا مفرط غير معذور؛ لأن خبر الصبي لا يوثق به فعليه القضاء، لكن لو جاءه بالغ عاقل وقال له: أذن وهو قد سمع الأذان من الراديو، فظنه أذان الحي فأكل بناءً على خبره فصومه صحيح.
    إذاً: لا يفطر الإنسان بالمفطرات إلا بشروط ثلاثة، وعرفتم أدلتها من الكتاب والسنة، والإنسان إذا أفتى أو إذا عمل في نفسه بما يدل عليه الكتاب والسنة فهو مطمئن.
    لكن يجب على كل واحد ألا يتسرع في الفتيا حتى يتبين له الأمر.
    وختاماً لهذا اللقاء فإني أحث نفسي وإياكم على اغتنام وقت رمضان بالذكر وقراءة القرآن والصدقة والإحسان إلى الخلق، والكف عن المحرمات الكف عن الكذب، عن الغيبة، عن النميمة، عن الغش، عن كل محرم؛ لأن هذا هو المقصود من الصيام.

    (8/6)


    --------------------------------------------------------------------------------

    فضل القيام في رمضان
    أما القيام فإن قيام رمضان سنة، سنه الرسول عليه الصلاة والسلام.
    والمشروع أن يكون قيام رمضان جماعة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قام في الناس جماعة ثلاث ليالٍ، ثم تأخر وقال: (إني خشيت أن تفرض عليكم) فبقي الناس بعد ذلك يصلي الرجلان والثلاثة والرجل الواحد، كل على حدة، وفي خلافة عمر خرج ذات يوم فوجد الناس أوزاعاً هذا يصلي وحده والرجلان على حده والثلاثة على حده.
    فرأى رضي الله عنه أن يجمع الناس على إمامٍ واحد، فجمعهم على تميم الداري وأبي بن كعب، هذا يصلي أحياناً وهذا أحياناً، وأمرهما أن يصليا بالناس بإحدى عشرة ركعة، هكذا ثبت في موطأ مالك رحمه الله كما كان الرسول عليه الصلاة والسلام: (لا يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة) وهذا هو العدد الأكمل والأفضل، فالإحدى عشرة أفضل من ثلاث وعشرين ولكن لا تكون الإحدى عشرة بالسرعة المعهودة عند كثير من الأئمة، لا تجد فيها طمأنينة ولا دعاء ولا تسبيحاً، غاية ما يكون أن يأتوا بالواجب حتى في التشهد، أكثر الأحيان إذا وصلت إلى أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله، قال: السلام عليكم.
    انتظر صل على النبي، تعوذ بالله من عذاب جهنم ومن عذاب القبر، دع الناس يدعون الله عز وجل، يقول: لا دعنا نمشي على طول لكي ننتهي قبل المساجد الأخرى، وإذا فعلنا ذلك فإن الناس يأتون إلينا كثيراً، لكن هذا غلط، نقول: اطمئن يا أخي، متى يحصل للإنسان رمضان؟ دع الناس يطمئنون ويدعون الله عز وجل وبدلاً من أن تخرج في ساعة، اخرج في ساعة ونصف.
    والذي ينبغي لنا أن نصلي مع الإمام حتى ينصرف من أجل أن ننال أجر الليلة كاملاً، لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة) وإن كان نائماً على فراشه، فكونك تبقى مع الإمام حتى ينصرف أفضل من كونك تنصرف قبل أن يتم، ثم في آخر الليل تقوم، ما دام الله يسر فصل، إذا صليت مع الإمام قيام ليلة كاملة، فاحمد الله على هذه النعمة وقم مع الإمام حتى ينصرف، لكن إذا قال الإنسان: أنا أريد أن أتهجد في آخر الليل، لإن لي عادة بذلك أو أرغب أن أناجي الله عز وجل في آخر الليل قلنا: لا بأس، لكن إذا أوتر الإمام وسلم من وتره، فقم وأت بركعة ليكون الوتر في حقك شفعاً ويكون وترك أنت آخر الليل، لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وتراً) وقال: (من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم من آخر الليل، فليوتر آخر الليل فإن صلاة آخر الليل مشهودة) وذلك أفضل.
    فإذا قال قائل: كيف أخالف الإمام والإمام صلى واحدة وأنا صليت اثنتين؟ ف

    الجواب
    أن هذا جائز، أليس الرجل إذا كان مقيماً وصلى خلف إمام مسافر وسلم المسافذر، ماذا يفعل؟ يتم، يأتي بركعتين أكثر من إمامه، يزيد على إمامه، وهذا مما جاءت به الشريعة.
    هذا الرجل زاد على إمامه لأنه ما نوى الوتر، نوى أن يصلي شفعاً ليجعل وتره في آخر الليل.
    والمهم أننا نوصي هنا بوصيتين.
    الوصية الأولى: للأئمة.
    والوصية الثانية: لسائر الناس.
    أما الأئمة فإننا نوصيهم بتقوى الله عز وجل، وأن يرفقوا بمن ورائهم، وأن يعطوا من وراءهم مهلة من أجل أن يذكروا الله ويسبحوه ويدعوه، وإذا اقتصروا على إحدى عشرة ركعة مع الطول كان خيراً من ثلاث وعشرين ركعة مع السرعة الفادحة.
    حدثني من أثق به أن رجلاً دخل المسجد في رمضان وهم يصلون صلاة التراويح -التراويح على العهد السابق- فقام يصلي معهم لكن كانوا في الأول يعجلون عجلة شديدة، يقول: فلما نام من الليل رأى في المنام أنه دخل هذا المسجد فوجد الجماعة يحندون ويرقصون، والحند معناه (كل واحد يأخذ جسمه وينزل) ويرقصون، إشارة إلى أن هذه الصلاة لعب، لا يطمئنون فيها، ولا يتمكنون من دعاء أو ذكر، لكن الآن ولله الحمد خفت المسألة، صار كثير من الأئمة يطمئنون في القراءة، يطمئنون في الركوع، في القيام بعد الركوع، في السجود، في الجلوس بين السجدتين، فيحصل خير كثير.
    أما الوصية الثانية: فهي لعامة الناس أن يحرصوا على هذه التراويح وأن يقوموا مع الإمام حتى ينصرف، أما ما يفعله بعض الناس ولا سيما فيما سبق من عهد يصلي في هذا المسجد ركعتين، وفي المسجد الثاني ركعتين، والثالث ركعتين، فهذا ضياع، نقول: إذا صليت مع الإمام صلاة العشاء، فاجلس في المسجد إلى أن تُتم التراويح.
    أسأل الله تعالى أن يتمم علينا وعليكم نعمته، وأن يجعلنا ممن يصومون رمضان ويقومونه إيماناً واحتساباً، إنه جواد كريم.

    (8/7)


    --------------------------------------------------------------------------------

    الأسئلة

    (8/8)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم رؤية هلال رمضان


    السؤال
    فضيلة الشيخ! ما حكم رؤية الهلال وهل يكفي لثبوته شهادة رجل واحد؟ وما كيفية رؤيته؟

    الجواب
    من هدي الصحابة رضي الله عنهم أنهم يتراءون الهلال ليلة الثلاثين من شعبان، قال ابن عمر رضي الله عنهما: (تراءى الناس الهلال -أي: صار بعضهم يريه بعضاً- فأخبرت النبي صلى الله عليه وآله وسلم أني رأيته فصام وأمر الناس بالصيام) فالسنة للناس أن يتراءوا هلال رمضان ليلة الثلاثين من شعبان، فإن رأوه صاموا، وإن لم يروه لغيم أو مطر؛ فإنهم يتمون شعبان ثلاثين يوماً، لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (إذا رأيتموه فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا، فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين) .
    ومن رآه فالواجب عليه أن يخبر أقرب محكمة إليه، ومعلوم أن الترائي للهلال يكون في مكان مرتفع، ويكون في مكان بعيد عن الأضواء؛ لأن الأضواء تحجب الرؤية، ولهذا يحجب ضوء الشمس رؤية الهلال، كذلك الأنوار التي في الأرض إذا كثرت وتسلطت على الأفق منعت الرؤيا، فيبعد الإنسان عن البلد وعن مكان الأضواء، ليكون ذلك أيسر لرؤيته، والعبرة برؤيته بعد غروب الشمس.
    هنا مسألة: شهر رمضان يكفي في رؤيته رجل واحد أو امرأة، وغيره لابد فيه من رجلين، فيصوّم الناس واحد ولا يفطرهم إلا اثنان، ولكن لا بد أن يكون الرائي ثقة ثقة في دينه، ثقة في نظره، فإن لم يكن ثقة في دينه أو في نظره، فلا عبرة بشهادته؛ لقوله تعالى: {وَأَشْهِدُوا ذَوَى عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق:2] فلابد من العدالة، ولا بد من قوة البصر، فلو جاءنا رجل إذا مشى يقدم يده لئلا يضربه الجدار، ثم قال: أنا رأيت الهلال وهو رجل ثقة في دينه، قلنا: رأيته؟ قال: نعم.
    قلنا: متأكد؟ قال: متأكد، فإذا الرجل لا يستطيع أن يهتدي إلى الطريق هل نقبل قوله؟ لا، لأنه فقد الشرط الثاني وهو قوة البصر، وذكر صاحب الفروع في كتابه: أن أحد القضاة جاءه رجل وقال: إني رأيت الهلال.
    قال: هل معك أحد؟ قال: نعم لكن ما رآوه، فدعا الذين معه.
    قال: هل رأيتم الهلال؟ قالوا: ما رأيناه، وهذا الرجل يقول: رأيت الهلال، وكان القاضي ذكياً، فقال: اذهب بنا إلى المكان الذي رأيت الهلال فيه لننظر إليه، فذهب بهم، فلما وقفوا أمام مغرب الشمس، قال له القاضي: هل ترى الهلال؟ قال: نعم رأيته، متأكد؟ قال: متأكد، تشهد؟ قال: أشهد، قال: باسم الله فمسح حاجبيه -مسح حاجب الرجل الذي يشهد- قال: الآن رأيت الهلال؟ قال: ما رأيته وإذا الذي رأى شعرة بيضاء في حاجبه، فلا بد من التثبت.

    (
    وأخيراً أسأل الله عز وجل أن يجعل هذا العمل نافعاً، مباركاً، خالصاً لوجهه الكريم
    وأن ينفعني به في حياتي وبعد مماتي، وأن ينفع به كل من انتهى إليه؛ فإنه خير مسؤول، وأكرم مأمول، وهو حسبنا ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.

    حياكم الله بموقع بداية الهداية الخطوة إلى طريق العلم الشرعي الصحيح
    http://www.musacentral.com/

  5. #15
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المشاركات
    2,475
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    23-05-2024
    على الساعة
    01:42 AM

    افتراضي

    حكم من رأى هلال رمضان وردت شهادته


    السؤال
    ما حكم من رأى هلال رمضان ولم يأت بشاهدي عدل وردت شهادته من قبل المحكمة، هل يصوم لأنه رأى الهلال أم يفطر مع الناس؟

    الجواب
    هذه المسألة فيها خلاف بين أهل العلم، والذي يظهر أنه يصوم لكن لا يخالف الجماعة، بمعنى أنه لا يظهر صومه لئلا يكون مخالفاً للجماعة، واخترنا هذا القول؛ لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (إذا رأيتموه فصوموا) وهذا رآه، وكونه ردت شهادته لفسقه أو للجهل بحاله لا يمنع من لزوم الصوم له وقد رآه، لكن لا يظهر المخالفة، ومثل ذلك: لو رأى هلال شوال لكن هلال شوال أضيق من هلال رمضان، لأن هلال شوال لا يثبت إلا بشاهدين، فهل الذي رأى هلال شوال وحده في مكان بعيد عن الناس لا يخالف الجماعة، هذا نقول له: أفطر، وأما الذي مع الناس فإنه لا يفطر وإن رخص له بعض العلماء بأن يفطر سراً، أما المجاهرة فإن ذلك لا يجوز؛ لأن هذا مخالفة للمسلمين، وفي الحديث عن الرسول عليه الصلاة والسلام: (الفطر يوم يفطر الناس، والأضحى يوم يضحي الناس) .

    (8/10)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم تبييت النية في أول ليلة من ليالي رمضان


    السؤال
    ما حكم تبييت النية في أول ليلة من ليالي رمضان؛ لأن الشهر قد يدخل ولا يعلم بدخوله بعض الناس خصوصاً أهل البوادي، فهل على من لم يبيت النية قضاء إذا كان الصيام فرضاً؟ وهل على الإنسان السهر حتى يثبت أو ينتفي الشهر؟

    الجواب
    أولاً: يجب أن نعلم: ما معنى تبييت النية؟ هل معنى تبييت النية أن تنام على نية؟ لا.
    معنى قول العلماء: تبييت النية: أي ألا يطلع الفجر إلا وقد نويت حتى لو نويت قبل طلوع الفجر بدقيقة واحدة أجزأك الصوم.
    من أجل أن تكون النية شاملة لكل اليوم، ولكن إذا كان ليلة الثلاثين من شعبان، ونام الإنسان على نية أنه إن كان غداً من رمضان فأنا صائم، ولم يستيقظ إلا بعد طلوع الفجر فهو على النية الأولى، فإذا تبين له أنه من رمضان فإن الصوم يجزؤه، لقول الله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن:16] .
    وهذا الرجل فعل استطاعته، ولا يلزم الإنسان أن يسهر ليلة الثلاثين من شعبان ترقباً للإعلان عن دخول الشهر.

    (8/11)


    --------------------------------------------------------------------------------

    وقت وجوب الإمساك عن الطعام في رمضان


    السؤال
    متى يمتنع الإنسان عن الأكل هل هو كما يقولون: عندما يهلل المؤذن؟ وما الحكم إذا شرب بعد الأذان متعمداً هل هو كمن شرب بعد العصر أم له صيام، فحجة بعض الناس يقول: بأن الفجر ليس كالمصباح يضيء بسرعة والأمر واسع فما الحكم؟

    الجواب
    على كل حال نقول: إذا كان المؤذن يؤذن إذا تبين الفجر، فقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (كلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر) .
    فإذا قال المؤذن: أنا رأيت الفجر وأنا لا أؤذن حتى أرى الفجر؛ فإنه يجب على الإنسان أن يمسك من حين أن يسمع الأذان إلا في الحالة التي رخص له فيها وهو ما إذا كان إناؤه في يده فله أن يقضي نهمته منه، وإما إذا كان الأذان حسب التوقيت، فالتوقيت ليس في الحقيقة مربوطاً بالأوقات الحسية الظاهرة، ولكنه توقيت بالحساب -المواقيت التي بأيدينا الآن توقيت أم القرى وغيره هو بالحساب- لأنهم لم يشاهدوا الفجر ولا الشمس ولا الزوال ولا دخول العصر ولا غروب الشمس، ولهذا بعض الناس إذا رأى الوقت وكانت الساعة تقدم أذن قبل أن يدخل الوقت بناءً على التقدير بالساعة، حتى إنه في العام الماضي أو في الذي قبله أذن أحد المؤذنين لصلاة المغرب والشمس لم تغرب مشاهدة فأفطر الناس على أذانه.
    الفجر -أيضاً- بعض المؤذنين -نسأل الله لنا ولهم الهداية- يتقدم في الأذان فيؤذن قبل الوقت بخمس دقائق أو أربع دقائق، لماذا؟ قال: احتياطاً للصيام، من أجل أن يمسك الناس.
    حتى أننا رأينا في بعض التقاويم يكتبون وقت الإمساك ووقت طلوع الفجر، وهذا من البدع، أي: أن تقديم أذان الفجر للاحتياط بدعة وتنطع في الدين، واعتداء على المواقيت الشرعية، وظلم للناس، وتغرير بهم، وله عدة مفاسد.
    أولاً: هل الاحتياط التنطع في الدين والتشدد فيه أم الاحتياط موافقة الشرع؟ الجواب: موافقة الشرع، وما دام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (كلوا واشربوا حتى تسمعوا أذان ابن أم مكتوم فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر) لماذا نقول للناس: أمسكوا قبل صلاة الفجر، فالاحتياط متابعة السنة، ثم إذا قدرنا أن هذا احتياط للصوم فهو إهمال للصلاة والصلاة أهم؛ لأن بعض الناس الذين في البيوت كالنساء والمرضى ونحوهم ممن لا يشهدون الجماعة، من حين ما يؤذن المؤذن يصلي، والصلاة لو وقعت تكبيرة الإحرام فقط قبل دخول الوقت ما أجزأت فيكون في هذا إهمال للصلاة والصلاة أوكد من الصيام.
    ومن العجب أننا نسمع أن بعض الناس يصوم ولا يصلي، فهل ترون أن صومه مقبول؟ لا؛ لأنه كافر، فالذي لا يصلي كافر، ولو صام لم يقبل منه.
    إذاً: الصلاة أهم من الصيام؛ فاحتياطنا للصلاة أولى من احتياطنا للصيام، نقول: أخِّر الأذان حتى ترى الفجر، إذا قال: هناك أنوار ولا نرى الفجر، فهذا صحيح، لكن من الممكن أن تسأل الذين هم بعيدون عن الأنوار: متى يطلع الفجر؟ وتقيس، وإن كان الفجر في مثل هذه الأيام يتقدم؛ لأن الليل يقصر.

    (8/12)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم من أفطر قبل الأذان متوهماً الأذان


    السؤال
    أفطرت يوماً قبل أذان المغرب بنصف ساعة، ظناً مني بسماع الأذان، وجاء رجل آخر وفطرته معي فهل عليَّ إعادة وهل عليَّ إثم صاحبي؟

    الجواب
    إذا كنت قد سمعت أذاناً أو كانت السماء مغيمة، وظننت أن الشمس قد غابت فأنت معذور، أما مجرد أن طنت أذنك فظننته أذاناً فإن ذلك لا يكفي، وعليك أن تقضي أنت ومن أفطر معك، وإن كان الذي أفطر معك قد يكون معذوراً حيث قلدك وظنك أهلاً للتقليد، فالذي معك إن قضى فهو أفضل وإلا فلا قضاء عليه، وأما أنت فعليك القضاء.

    (8/13)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم استعمال السواك في نهار رمضان إذا كان له طعم


    السؤال
    فضيلة الشيخ: عندما يستاك الصائم في يوم الصوم بسواك رطب فإنه يحس في ريقه ببعض الطعم بذلك السواك، فيصعب عليه لفظ هذا اللعاب إما لكثرته أو لوجوده في المسجد فما الحكم في ذلك؟

    الجواب
    الحكم في هذا أنه لا يجوز أن يبلع ريقه وفيه طعم المسواك، بل عليه أن ينظف مسواكه أولاً، أو يجعل أول استعماله في الليل، ثم يتسوك به وهو خالٍ من الطعم، فإذا لم يتمكن فإنه لا بد أن يتفل الريق الذي فيه الطعم، وإذا كان في المسجد فالمناديل -والحمد لله- اليوم كثيرة، يجعل في جيبه مناديل ويتفل بها، وإذا لم يتيسر ذلك أو خاف -كما يقول- من كثرته فليدع السواك في النهار؛ لأن السواك ليس بواجب.

    (8/14)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم من أتى مفطراً جاهلاً بذلك


    السؤال
    فعلت بعض مفطرات الصوم، وأنا لا أعلم أنها تفطر وفعلتها في أيامٍ عديدة، وأنا لا أعلم عددها الآن فما الحكم؟

    الجواب
    لا شيء عليه، ليس عليه قضاء ولا إثم؛ لأنه لا يدري أنها مفطرة.

    (8/15)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم امرأة كانت تحيض في رمضان ولا تقضي


    السؤال
    امرأة كانت تحيض في رمضان فتفطر ولا تقضي بعد رمضان ولها على ذلك ثلاثين سنة فماذا عليها؟

    الجواب
    إذا كانت هذه المرأة في مكان بعيد عن العلماء وعن طلبة العلم، كالتي تنشأ في بادية بعيدة ولا تعلم عن هذا الحكم فليس عليها قضاء؛ لأنها معذورة، أما إذا كانت مفرطة بأن كانت في بلد فيه العلماء -مدينة- لا يخفى مثل هذا الحكم إلا على مهمل ومفرط، فعليها أن تقضي ما تركت قضاءه، وإذا شكت فإنها تأخذ باليقين وهو الأقل، فإذا شكت هل هي تركت القضاء في ثلاث سنين أو في سنتين فلتأخذ بسنتين، في ثلاث أو أربع تأخذ بثلاث وهكذا.

    (8/16)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم صوم مريض بفشل كلوي


    السؤال
    رجل كبير في السن عمره يزيد على ستين سنة يعمل غسيلاً للدم الآن، وعنده فشل كلوي فيجلس على الماكينة ثلاث ساعات ونصف تقريباً في اليوم الواحد، لمدة ثلاثة أيام في الأسبوع، فهل عليه صيام وما كفارة فطره جزاكم الله خيراً؟

    الجواب
    ليس عليه صيام في هذه الحالة في الأيام الثلاثة التي يحتاج فيها إلى استعمال هذا الدواء؛ لأنه يمتزج في عروقه.
    ويحتمل ألا يكون عليه قضاء ولو استعمله؛ لأن هذا ليس أكلاً ولا شرباً ولا بمعنى الأكل والشرب، ولكن يحتاج إلى سؤال الأطباء: هل غسيل الدم يخرج الدم إذا أردنا غسله أو أدخله الماكينة ثم يرجع إلى الجوف أم ماذا؟ الظاهر لي -وأنا لا أدري- أنه يخرج الدم فيبقى النظر: هل هو بمعنى الحجامة لأنه دم كثير أم ليس بمعناها لأنه يعود إلى البدن فتعود قوته بخلاف الحجامة؟ ولهذا نقول: الأحوط أن الإنسان لمريضه يفطر ويقضي.

    (8/17)


    --------------------------------------------------------------------------------

    الراجح في صحة صوم الحاجم والمحجوم


    السؤال
    قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (أفطر الحاجم والمحجوم) إذا قلنا: إن العبرة من إفطار المحجوم أنه قد يشق عليه لكثرة نزول الدم فما العبرة من إفطار الحاجم.
    وآخر يقول: من المعلوم لديكم أن هناك من يقول بعدم جعل الحجامة من مفطرات الصيام ويستدلون بحديث في البخاري عن ابن عباس: (احتجم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو صائم) ويجيبون عمن قال بأن هذا الحديث نصه: (احتجم الرسول صلى الله عليه وسلم وهو محرم) فما الجواب؟

    الجواب
    أما الفقرة الأولى من السؤال وهي أننا إذا قلنا بفطر المحجوم لخروج الدم الكثير منه وإضعاف البدن فما العلة في فطر الحاجم؟ الجواب على هذا من أحد وجهين: فمن العلماء من قال إن إفطار الحاجم أمر تعبدي لا ندري ما الحكمة، فنأخذ باللفظ وإن لم نعرف الحكمة، وهذا هو المشهور من مذهب الحنابلة.
    ومنهم من قال إن العلة هي أن الحاجم يمص القارورة مصاً قوياً، وإذا مصها مصاً قوياً فإن الدم ينزل في فمه إلى معدته فيكون بذلك مفطراً، وإذا قدرنا أنه حفظ نفسه ولم ينزل فهذا نادر، والنادر لا حكم له، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، وبناءً على ذلك قال: لو أن الحاجم حجم بدون مص القارورة بل بوسيلة أخرى فإنه لايفطر، ولهذا لا يفطر الفاصد ولا الشارط، لأنهما لم يمصا القارورة، أي: ليس هناك قارورة يمصانها.
    أما بالنسبة لحديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: (أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم احتجم وهو صائم) فقد قال الإمام أحمد: إن هذه الرواية خالف فيها الراوي أصحاب عبد الله بن عباس الذين رووا الحديث، فقد رووه بأنه احتجم وهو محرم، ويكون قوله: (وهو صائم) رواية شاذة.

    (8/18)


    --------------------------------------------------------------------------------

    جواز الفطر في السفر


    السؤال
    فضيلة الشيخ: أشرتم في أول كلامكم بأن الفطر يجوز لمن سافر ولو على طائرة أو على سيارة مكيفة، فلو قال شخص: ما الدليل على ذلك؟ مع العلم أن هذه الأشياء لم تكن على عهده صلى الله عليه وسلم فما هو أساس القياس في مثل هذه الأشياء؟

    الجواب
    هنا لا قياس؛ لأن الذين يسافرون على السيارة أو على الطائرة مسافرون مفارقون لبلادهم وهذا هو السفر، أما السيارة والطائرة فقد ذكرها الله في القرآن، فقال تعالى: {وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ الْفُلْكِ وَالأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ} [الزخرف:12] وإذا كان في عهد التنزيل لا يعرف إلا فلك الماء، فإنه بعد عهد التنزيل عرف فلك البر وعرف فلك الجو، و (أل) في قوله: (من الفلك) إما للجنس وإما للعموم، وقال تعالى: {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لا تَعْلَمُونَ} [النحل:8] فالسيارة والطائرة والباخرة والبعير والحمار كلها وسائل سفر، والعبرة بالغاية وهو السفر، ولا قياس في هذه المسألة؛ لأنها داخلة في النص بدون قياس.

    (8/19)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم طلب الطبيب من المريض الإفطار


    السؤال
    في بعض الحالات المرضية وأثناء الصوم قد يطلب الطبيب من المريض الإفطار وذلك دفعاً للضرر عنه، وقد يرفض المريض الإفطار اجتهاداً منه في طلب الأجر من الله أو لعدم رغبته في صيام أيامٍ أخر، فما حكم طلب الطبيب في مثل هذه الحال لذلك المريض؟ وما حكم رفض المريض الإفطار الذي قد يضره فيما إذا استمر بالصوم؟

    الجواب
    أما الطبيب فيجب عليه أن يأمر المريض بالفطر إذا كان الصوم يضره؛ لأنه مؤتمن، وقد قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [النساء:58] وأما المريض فإذا قال الطبيب الثقة: إن الصوم يضره؛ صار الصوم في حقه حراماً، لقول الله تبارك وتعالى: {وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ} [النساء:29] {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة:195] فإن قال قائل: إن الآية في القتل: {وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ} [النساء:29] قلنا: إن عمرو بن العاص استدل بهذه الآية على ما يحصل به الضرر فأقره النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وذلك لما بعثه النبي صلى الله عليه وآله وسلم في سرية فأجنب وكانت الليلة باردة، فهل خاف إن اغتسل أن يموت أو أن يتضرر ويلحقه الزكام أو السخونة؟ لا شك أنه ليس هناك خوف من الموت، فلما قدم المدينة قال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (أصليت بأصحابك وأنت جنب؟ قال: يا رسول الله! ذكرت قول الله تعالى: {وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ} [النساء:29] وكانت الليلة باردة فتيممت فضحك النبي صلى الله عليه وآله وسلم) تقريراً لفعله.
    فنقول: الآية في القتل وما دونه، كل شيء فيه ضرر على نفسك فهو حرام عليك، فنقول للمريض الذي قال له الطبيب: إن الصوم يضرك ولكنه صام، نقول: هذا حرام عليك، ويخشى إن صمت وكان صومك سبباً في موتك أن تكون ممن أعان على قتل نفسه.

    (8/20)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم استعمال البخاخ والفرشة والمعجون في نهار رمضان


    السؤال
    فضيلة الشيخ: ما حكم استعمال البخاخ وهل يفطر؟ وكذلك ما حكم استعمال الفرشة والمعجون للصائم؟

    الجواب
    البخاخ الذي لا يصل إلى المعدة وإنما هو في الحلق والرئة لا يفطر؛ لأن ذلك ليس أكلاً ولا شرباً ولا بمعنى الأكل والشرب.
    وأما استعمال المعجون والفرشة في الصوم فإنها لا تفطر ما دام الإنسان قد ضبط نفسه ولم يصل إلى بطنه شيء منها، لكن لا نشير بها، أي: بالمعجون وذلك لأنه ربما ينزل شيء من المعجون إلى بطنه بدون أن يشعر به، فالأولى أن يجعل تنظيف أسنانه بالمعجون في الليل.

    (8/21)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم صيام تارك الصلاة


    السؤال
    فضيلة الشيخ! عمري الآن سبعون سنة ولم أترك الصيام، ولكني كنت لا أصلي والآن تبت منذ ثلاث سنين فهل صيامي الأول صيام أم صدقة وهل عليَّ شيء؟

    الجواب
    ليس عليك شيء، وصيامك الأول تؤجر عليه لما أسلمت؛ لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (أسلمت على ما أسلفت من الخير) فالأعمال الصالحة التي يفعلها الإنسان في حال كفره إذا أسلم فإنها تنفعه وعلى هذا فصيامك إن شاء الله تعالى مكتوب لك أجره وليس عليك قضاء.

    (8/22)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم العادة السرية والأحكام المترتبة عليها


    السؤال
    فضيلة الشيخ: أرجو منك وفقك الله الإجابة على سؤالي بل مشكلتي التي تؤثر عليَّ في حياتي وعبادتي، وأخشى أن تصرفني عن ديني، فأريد منك علاجاً شافياً لي ولغيري من الشباب خصوصاً ونحن نستقبل هذا الشهر المبارك، المشكلة هي العادة السرية ما حكمها وهل توجب الغسل؟ وهل تؤثر على الصلاة والصيام والعبادة، افتح لنا باباً نخرج منه فتح الله لك وللسامعين أبواب الجنة الثمانية؟

    الجواب
    العادة السرية وهي الاستمناء، أي: محاولة إخراج المني بأي وسيلة باليد بالتقلب على الفراش، بأي وسيلة، هذه محرمة في الصيام وغير الصيام، ودليل ذلك قول الله تبارك وتعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنْ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْعَادُونَ} [المؤمنون:5-7] ولقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (يا معشر الشباب! من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم؛ فإنه له وجاء) ووجه الدلالة من الحديث: أنه لو كان الاستمناء جائزاً لأرشد إليه النبي صلى الله عليه وآله وسلم؛ لأن الاستمناء لا مشقة فيه، بل فيه متعة للنفس، فلما عدل عنه إلى الصوم مع ما في الصوم من المشقة أحياناً، دل ذلك على أنه -أي: الاستمناء- ليس بجائز فهو حرام، وإذا نزل المني أفسد الصوم ووجب على الإنسان القضاء، وإذا نزل المني وجب على الإنسان الغسل، فلو صلى بغير اغتسال فصلاته باطلة، وبهذه المناسبة أود أن أقول: الجماع مفسد للصوم وإن لم يحصل إنزال، فإذا وقع الجماع في نهار رمضان ممن يجب عليه الصوم تعلق به خمسة أحكام: الأول: الإثم.
    الثاني: فساد الصوم.
    الثالث: وجوب المضي فيه.
    الرابع: وجوب القضاء.
    الخامس: الكفارة: وهي عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً، وزوجته مثله إن طاوعته، أما إن أكرهها وعجزت عن مدافعته، فإنه ليس عليها قضاء ولا كفارة ولا فساد صوم.
    والباب الذي يريح الإنسان من هذا الشيء هو أن يتجه الإنسان إلى ربه اتجاهاً صحيحاً بأن يمنعه من هذه العادة، فإن الإنسان إذا لجأ إلى ربه مضطراً إليه عز وجل أجاب الله دعاءه: {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الأَرْضِ أَءِلَهٌ مَعَ اللَّهِ} [النمل:62] إن الله يجيب دعوة المضطر ولو كان كافراً، والدليل: أنهم إذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين فإذا نجاهم إلى البر أشركوا، فهم مشركون وهو يعلم عز وجل أنهم يرجعون إلى الشرك إذا نجوا، ومع ذلك يجيبهم لاضطرارهم إليه ولجوئهم إليه، فالجأ إلى الله عز وجل واسأله أن يعصمك منها، ثم انتظر الفرج من الله سبحانه وتعالى، فإنك إذا تركت هذا لله عوضك الله خيراً منه عاجلاً غير آجل، وربما إذا استمررتَ على هذا الشيء مع علمك بالتحريم ربما يعسر الله أمرك ولا تحصل لك زوجة، ثم إذا هاجت عليك الشهوة فالجأ إلى الوضوء والصلاة أو مطالعة تفسير كلام الله أو شرح كلام الرسول عليه الصلاة والسلام أو الخروج إلى المسجد إذا كان يمكن في النهار مثلاً، المهم تتسلى عن هذا مع الاستعانة بالله وسؤاله عز وجل واللجوء إليه.

    (8/23)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم الطعام المتبقي في الفم والأسنان بعد عقد النية للصوم


    السؤال
    إذا استعقد الإنسان وبقي في فمه أو في بعض أسنانه شيء من الطعام فماذا عليه؟

    الجواب
    استعقد الإنسان أي: الصائم إذا عقد نية الصوم وأذن الفجر وبقي في فمه أو بين أسنانه شيء من الطعام نقول: هذا لا يضر ما دام ليس له طعم ولم تبتلعه فلا بأس، لكن الأفضل أن تخلل أسنانك من أجل أن يخرج ما بينها، حتى من الناحية الطبية الأفضل أن تخللها من أجل أن يخرج ما بينها من بقية الطعام -وهنا سؤال على هذا: لو أن الإنسان نوى الصوم وأكل وشرب وانتهى قبل الفجر بربع ساعة، ثم بدا له بعد أن عقد النية أن يأكل ويشرب قبل طلوع الفجر هل يجوز أم لا؟ نعم يجوز ولا حرج، والنية لا تمنعه، المانع هو طلوع الفجر.

    (8/24)


    --------------------------------------------------------------------------------

    وقت إجابة دعوة الصائم


    السؤال
    فضيلة الشيخ: للصائم دعوة مستجابة عند فطره، فمتى يكون محل هذه الدعوة: قبل الفطر أم في أثناءه أم بعده؟ وهل من دعوات وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم أو من دعاء تشيرون به في مثل هذا الوقت؟

    الجواب
    الدعاء يكون قبل الإفطار عند الغروب؛ لأنه يجتمع في حقه انكسار النفس والذل لله عز وجل وأنه صائم وكل هذه من أسباب الإجابة، أما بعد الفطر فإن النفس قد استراحت وفرحت، وربما يحصل غفلة، لكن ورد ذكر إن صح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم فإنه يكون بعد الإفطار: (ذهب الظمأ، وابتلت العروق، وثبت الأجر إن شاء الله) هذا لا يكون إلا بعد الفطر، وكذلك ورد عن بعض الصحابة أنه كان يقول: (اللهم لك صمت، وعلى رزقك أفطرت) فأنت ادع الله بالدعاء المناسب الذي ترى أنك محتاج إليه.

    (8/25)


    --------------------------------------------------------------------------------

    نصيحة بخصوص السهر في ليالي رمضان


    السؤال
    فضيلة الشيخ: من المعلوم عند الكثير من الناس أن في رمضان يكثر السهر في الليل، فيمضي الليل غالباً عند الكثير في غير عبادة لله عز وجل إما في مشاهدات لتمثيليات يسمونها دينية تأتي في رمضان، سواء كانت تمثل بعض المعارك لبعض التابعيات أو غيرها وفيها نساء ربما كن كاسيات عاريات، وكذلك يقضي كثير من الشباب هذا الليل في رمضان بالسهر الطويل على أمر لا يرضي الله عز وجل إما بلعب الورقة أو الكرة أو الذهاب إلى البراري أو الجلوس على الأرصفة فما نصيحتك وتوجيهك للجميع سواء كانوا شيباً أم شباباً؟

    الجواب
    إن نصيحتي أن يستغل هؤلاء هذا الوقت المبارك الثمين الذي يعز وجوده وربما لا يمر بهم مرة أخرى، فينامون أو يقرءون القرآن حتى يأتيهم النوم، ويا حبذا لو أن الناس بعد التراويح اجتمعوا وقرءوا القرآن، تدارسوه بينهم، يقرأ أحدهم ثمناً والآخر ثمناً بعده، أو يقرأ أحدهم ثمناً ثم يتبعه الآخر في الثمن الذي قرأه، يقرءون جزأين أو ثلاثة أو أربعة حسب نشاطهم، ويستغلون هذا الوقت في مراجعة التفاسير فيما قرءوه، فيحصلون على تعلم القرآن لفظاً ومعنى، هذا خير من أن يضيعوا أوقاتهم، هذا فضلاً عن كون بعضهم يضيعون الوقت في الشيء المحرم إما في مشاهدة المسلسلات التي فيها فتنة أو غير ذلك.
    فنصيحتي لإخواني أن يستغلوا هذا الوقت بما يرضي الله عز وجل، ثم إننا الآن لسنا في حاجة إلى نوم النهار، فالنهار قصير، والوقت بارد، والنهار أشغال، الدارس في مدرسته، والمعلم في مدرسته، والتاجر في متجره، والموظف في وظيفته، لسنا بحاجة إلى نوم النهار، فلنستغرق الليل بالنوم وبقراءة القرآن وبالقيام إذا تيسر وكان الإنسان قد شفع وتره مع إمامه وما أشبه ذلك.

    (8/26)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم مدارسة القرآن في رمضان


    السؤال
    هل تعتبر مدارسة القرآن الكريم في رمضان سنة كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل معه جبريل في رمضان وخاصة في الليل أرجو الإجابة؟

    الجواب
    الظاهر أنها من السنن؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام كان يدارسه جبريل القرآن، فإذا كان الإخوة يحتاج بعضهم إلى بعض في تحفيظ القرآن وتعاهد القرآن كان ذلك من السنة، ولكن لا يحضرني الآن نص عن الصحابة أنهم كانوا يفعلون ذلك، ولكن يكفينا أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يفعله مع جبريل من أجل تعاهد القرآن وحفظ القرآن.

    (8/27)


    --------------------------------------------------------------------------------

    المدة التي يختم فيها القرآن


    السؤال
    فضيلة الشيخ: نرجو من فضيلتكم أن تبينوا لنا المدة التي يختم فيها القرآن الكريم وما فعله النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام؟

    الجواب
    أدنى مدة يقرأ فيها القرآن ثلاثة أيام، وإن كان قد ورد عن بعض التابعين أنهم كانوا يختمون القرآن في رمضان خاصة في يوم وليلة، لكن الأفضل الاقتصار على ثلاثة أيام، وإن جعلها خمسة أيام أو ستة أيام فلا بأس، وإن جعلها في الشهر مرة أو مرتين فلا بأس، الأمر في هذا واسع، المهم أن يكون لرمضان مزية في تلاوة القرآن.

    (8/28)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم صلاة التراويح في المساجد للنساء


    السؤال
    كثير من النساء تصلي التراويح مع الرجال في المسجد فهل الأفضل لها هذا أم في البيت أفضل، خصوصاً وأن الكثير منهن تقول: إن ذلك مما يعينها ويشجعها خصوصاً إذا كانت لا تستطيع القراءة في المصحف؟

    الجواب
    صلاتها في البيت أفضل، لكن إذا كانت صلاتها في المسجد أنشط لها وأخشع لها وتخشى إن صلت في البيت أن تضيع صلاتها، فقد يكون المسجد هنا أفضل؛ لأن هذه المزية تتعلق بنفس العبادة والبيت يتعلق بمكان العبادة، والمزية التي تكون في العبادة أولى بالمراعاة من المزية التي تكون في مكانها، ولكن يجب على المرأة إذا خرجت أن تخرج متسترة غير متبرجة ولا متطيبة، وعليه فالنساء اللاتي يأتين بالبخور في الجانب الذي يصلي فيه النساء هن إلى الإثم أقرب منهن إلى الأجر؛ لأن النساء يتطيبن بهذا البخور، فتخرج المرأة وهي متطيبة، وقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (أيما امرأة أصابت بخوراً فلا تشهد معنا العشاء) نعم لو فرض أن المرأة جاءت بالبخور، فإذا وصلت المسجد وضعت البخور ولا تأخذه لا هي ولا من في المكان وإنما تطيب المكان فقط، فهذا لا بأس به إلا أن تركه أولى؛ لئلا يقتدي بها من لا تصنع هذا الصنيع؟

    (8/29)


    --------------------------------------------------------------------------------

    نصيحة للنساء المتبرجات


    السؤال
    فضيلة الشيخ: في ليالي رمضان يكثر خروج النساء للأسواق متنقبات أو مع السائقين فهل لكم حفظكم الله من نصيحة لأولئك؟ وهل لكم من حثٍ لطلاب العلم وخطباء الجوامع وأئمة المساجد في التنبيه على هذه الملحوظة، وهل من تشجيع للشباب في التعاون مع الهيئات في مثل هذا الأمر؟ وهل من تحذير لأولئك الشباب الذي قد يكون ملتزماً فربما يخرج ويترك أهله ولا يكون له أثر عليهم؟

    الجواب
    أقول: هذا من البلاء، فإن الملاحظ في ليالي رمضان أنه يكثر خروج النساء متنقبات أو متلثمات وربما يكون معهن رائحة فاتنة، وبهذا يكثر السفهاء الذين يحومون حول المتاجر وفي الأسواق، ويحصل بذلك من الشر والبلاء ما لا يعلمه إلا الله عز وجل، فنصيحتي لأولياء الأمور أن يأخذوا بيدٍ من حديد على نسائهم فلا يخرجن ليلاً، ومن كانت لها حاجة فليخرج معها وليها ويقف معها ويرجع معها.
    أما بالنسبة للشباب الذين يساعدون الهيئة على كف هذه الشرور فإنني أشجعهم على ذلك وأحثهم عليه، لكن يجب عليهم أن يستعملوا الحكمة وألا يتسرعوا في الإنكار، وألا ينكروا بشدة وزجر، بل بطمأنينة، وإذا كان مع المرأة ولي أمرها فليكلم ولي الأمر ولا يكلم المرأة؛ لأن كلام المرأة قد يؤدي إلى مفسدة؛ فقد تتكلم هي بكلام غير لائق لهذا الرجل الذي نهاها عن منكر، فليتكلم مع وليها، كذلك أيضاً تتكلم الهيئة وغير الهيئة من المتعاونين على السفهاء الذين يتابعون النساء ويتكلمون بما لا يليق فينصحونهم ويحذرونهم.

    (8/30)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم افتتاح صلاة التراويح بركعتين خفيفتين


    السؤال
    فضيلة الشيخ: ما تقولون في إمام يفتتح صلاة القيام بجماعته بركعتين خفيفتين من إحدى عشرة ركعة فما صحة فعله؟

    الجواب
    فعله هذا ليس بصحيح، افتتاح القيام الذي هو التراويح بركعتين خفيفتين غير صحيح؛ لأن افتتاح قيام الليل بركعتين خفيفتين إنما يكون لمن نام، ووجه ذلك: أن الإنسان إذا نام عقد الشيطان على قافيته ثلاث عقد، فإذا قام وذكر الله انحلت عقدة، فإذا تطهر انحلت العقدة الثانية، فإذا صلى انحلت العقدة الثالثة، ولهذا صار الأفضل لمن قام الليل بعد النوم أن يفتتح قيام الليل بركعتين خفيفتين ثبتت بذلك السنة من قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم وفعله، أما التراويح فإنها تفعل قبل النوم فلا تفتتح بركعتين خفيفتين.

    (8/31)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم قضاء صلاة التراويح لمن فاتته بعد الوتر


    السؤال
    إذا حضرت مع الناس وهم يصلون صلاة التراويح وقد فاتني شيء منها فهل أقضي ما فاتني بعد الوتر أم ماذا أصنع؟

    الجواب
    لا تقضي ما فاتك بعد الوتر، لكن إن كنت تريد أن تقضي ما فاتك، فاشفع الوتر مع الإمام، ثم صل ما فاتك ثم أوتر.
    وهنا مسألة أنبه عليها: لو جئت والإمام يصلي التراويح وأنت لم تصلِ العشاء فماذا تفعل؟ هل تصلي العشاء وحدك أم تدخل مع الإمام في التراويح بنية العشاء؟ الجواب: ادخل مع الإمام في التراويح بنية العشاء، وإذا سلم الإمام من التراويح فقم واقض ما بقي عليك من صلاة العشاء، وقد نص الإمام أحمد رحمه الله على هذه المسألة بعينها، واختارها شيخ الإسلام ابن تيمية، وهي القول الراجح؛ لأن القول الراجح: أنه يجوز أن يأتم المفترض بالمتنفل بدليل حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه أنه كان يصلي مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم صلاة العشاء ثم يرجع إلى قومه فيصلي بهم تلك الصلاة، هي له نافلة ولهم فريضة.

    (8/32)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم الذهاب إلى مساجد بعيدة لحسن صوت الإمام


    السؤال
    فضيلة الشيخ: ما تقولون لمن يذهب إلى مسجد بعيد عن المسجد الذي يصلي فيه دائماً إما استحساناً لصوت الإمام أو لزيادة خشوعه معه والراحة لذلك أو لغرضٍ آخر وذلك لأداء صلاة التراويح والتهجد؟

    الجواب
    لا حرج على الإنسان أن يذهب إلى مسجدٍ آخر غير مسجد حيه للأسباب التي ذكرها السائل أو لغيرها، لكن الأفضل أن يبقى في مسجد حيه؛ لأن ذلك يشجع أهل الحي إذا انضم بعضهم إلى بعض وعرف بعضهم بعضاً، فإذا تفلتوا وذهبوا إلى المسجد الآخر ربما لا يبقى مع الإمام أحد ويخرج، كما حدثنا عن ذلك، أن بعض المساجد القريبة من المساجد التي فيها قارئ، صوته حسن وأداؤه حسن، يذهبون إلى هذا المسجد الذي فيه هذا القارئ ويدعون مساجدهم حتى إنها تغلق ولا يصلى فيها صلاة العشاء ولا صلاة التراويح وهذا لا ينبغي، بل الذي ينبغي أن تعمر المساجد كلها بأهلها، هذا هو الأفضل، لكننا لا نحرم أن يذهب أحد إلى مسجد يكون القارئ أحسن صوتاً وأحسن أداءً.

    (8/33)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم مسح الوجه باليدين بعد الدعاء وتقبيل اليدين


    السؤال
    ما حكم مسح الوجه باليدين بعد الدعاء وتقبيل تلك اليدين؟

    الجواب
    أما تقبيل اليدين بعد الفراغ من الدعاء ومسح الوجه بهما فإنه بدعة لا أصل له، وأما مسح الوجه ففيه أحاديث ضعيفة قال عنها شيخ الإسلام ابن تيمية: إنها لا تقوم بها حجة وأنَّ مسح الوجه بعد الدعاء باليدين بدعة.
    وذهب بعض العلماء إلى أن الأحاديث بمجموعها تصل إلى درجة الحسن وتكون حجة، وأنه يسن مسح الوجه باليدين، والأمر في هذا واسع، إن مسح فلا يُنهى، وإن ترك فلا يؤمر، ولكن الذي ينهى عنه ويقال لفاعله: إنه بدعة هو تقبيل اليدين بعد مسح الوجه بهما.

    (8/34)


    --------------------------------------------------------------------------------

    واجبنا نحو الظروف القاسية التي تحيط بالمسلمين


    السؤال
    فضيلة الشيخ: كما أشرتم بأن شهر رمضان المبارك قادم ونحن نعيش أحوال المسلمين في كل مكان سواء في البوسنة أو فلسطين أو مصر أو غيرها، والأعراض تنتهك وأهل الإسلام يذبحون ويقتلون كالذبائح، فإلى متى يكون الصيام عن التكلم عن مذابح المسلمين؟ وماذا نفعل ونحن نشاهد هذه الظروف القاسية تحيط بالمسلمين؟ أرجو حثي والإخوة على العمل الذي ترونه تجاه ذلك؟

    الجواب
    العمل الذي نراه تجاه هذه المصائب أن نلجأ إلى الله عز وجل في نصرة كل مخذول خذله أهل الباطل، والله سبحانه وتعالى يقول: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِي إِذَا دَعَانِي} [البقرة:186] أما بالنسبة لهؤلاء الذين يؤذون أو يقتلون ويذبحون فإن الله سبحانه وتعالى قال في حقهم: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمْ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ} [آل عمران:142] ويقول عز وجل: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمْ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ} [البقرة:214] ونحث إخواننا المسلمين على مساعدة هؤلاء على قدر المستطاع بالمال البدن بالجاه؛ لأن في ذلك تفريجاً لكرباتهم، وإشعاراً بأن إخوانهم المسلمين معهم في أي مكان.
    وأما بالنسبة لما يلقاه الدعاة في البلدان التي ذكرها السائل، فإنه قد يكون ذلك فتحاً مبيناً؛ لأنه إذا حصل للدعاة في تلك البلاد هذا التضييق فإن الناس يجتمعون حولهم، ويحصل بذلك النصر، ولهذا سمى الله عز وجل صلح الحديبية (فتحاً) مع أن ظاهره أن فيه غضاضة على المسلمين، لكن صارت عاقبته حميدة، فهؤلاء الذين يؤذون في تلك البلاد لعل الله سبحانه وتعالى أن يجعل ذلك فتحاً مبيناً لهم فيلتف الناس حولهم وينتصرون على من يؤذيهم.

    (8/35)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم إفطار من وصل إلى البلد المسافر إليه


    السؤال
    فضيلة الشيخ! هل يجوز للمسافر إذا حضر إلى بلدة أن يواصل الإفطار ولو كان هذا يشق عليه؟ وهل الأجر يضاعف للمسافر الصائم علماً أن في الوقت الحاضر كل شيء ميسر؟

    الجواب
    إذا وصل الإنسان إلى البلد الذي سافر إليها وهو صائم فلا بأس أن يفطر؛ لأن الصائم مخير إن شاء استمر في صيامه وإن شاء أفطر، أما إذا وصل إلى بلده وهو صائم فإنه يجب عليه البقاء على صومه، ولا يحل له الفطر، فإن وصل إلى بلده وهو مفطر في السفر فإنه لا يلزمه الإمساك، لأن هذا الإمساك لا ينفعه إذ أنه قد أفطر أول النهار، وهذا ليس بصوم، فله أن يأكل ويشرب إلى أن تغرب الشمس، ولكنه إذا خاف من اتهامه أو ما أشبه ذلك فليأكل ويشرب سراً.

    (8/36)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم الصيام في السفر مع المشقة


    السؤال
    فضيلة الشيخ: من المعلوم أن الإنسان إذا أراد السفر إذا وافق شهر رمضان خصوصاً في النهار نعلم أن له رخصة في الإفطار، ولكني أتحرج للأخذ بهذه الرخصة حتى لو كلفني ذلك مشقة، وأيضاً أشعر أني أعطل ما أمر الله به، والله قد أمر أن تؤتى رخصه، فأجدني أريد أن آخذ بالرخصة وأجهر بها حتى أبين للناس أن هذه رخصة في هذه المسألة فهل أنا على صواب على الرغم من الحرج الذي يعتريني؟

    الجواب
    الذي فهمت من هذا السؤال أن هذا الرجل يصوم في السفر مع مشقة الصوم عليه وهذا خطأ، إذا شق على الإنسان الصوم في السفر فإنه يفطر: (رأى النبي صلى الله عليه وآله وسلم زحاماً ورجلاً قد ظلل عليه، فقال: ما هذا؟ قالوا: صائم يا رسول الله، قال: ليس من البر الصيام في السفر) وهذا الذي يصوم وهو مسافر مع مشقة الصوم عليه مخالف لمراد الله منه؛ لأن الله يقول: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمْ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمْ الْعُسْرَ} [البقرة:185] وإني أقول: إن جملة من علماء الأمة قالوا: إذا صام المسافر فصيامه مردود وعليه القضاء؛ لأن الله قال: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة:185] فجعل فرض المسافر عدة من أيام أخر، فإذا صام في سفره فكأنه صام رمضان في شعبان -أي: قبل دخول وقته- وهذا مذهب الظاهرية لكنه مذهب ضعيف؛ لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه صام في السفر في رمضان، وثبت أن الصحابة معه منهم الصائم ومنهم المفطر، ولم يعب الصائم على المفطر ولا المفطر على الصائم، لكني ذكرت ذلك من أجل ألا يتنطع المتنطع ويتعمق المتعمق، فيقول: لا بد أن أصوم مع مشقة الصوم عليه، نقول: لا تصم.
    إذا شق عليك الصوم فشرع الله أن تفطر.

    (8/37)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم الجهر بالفطر في نهار رمضان


    السؤال
    هل لي أن أجهر بالفطر حتى أبين للناس هذه الرخصة في هذه المسألة؟

    الجواب
    نعم وأنت مأجور على هذا، إذا أعلنت فطرك في السفر من أجل أن يعلم الناس أن هذا هو الأفضل مع المشقة، فأنت مأجور على هذا، وهذا من دعوة الناس إلى الهدى والرشاد.

    (8/38)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم السائل الذي يخرج من المرأة بصورة مستمرة


    السؤال
    ما حكم السائل الذي يخرج من المرأة إذا كان هذا السائل بصورة مستمرة؟ وإذا كان نجساً فهل يستدعي ذلك الوضوء لكل صلاة؟ وإذا لم تشعر به المرأة هل تتوضأ لكل صلاة؟

    الجواب
    الذي أرى أن السائل العادي الذي يخرج من المرأة ليس بنجس، بل هو طاهر إلا أنه ينقض الوضوء، وعلى هذا إذا خرج من المرأة وهي متوضئة؛ فليس عليها إلا أن تتوضأ فقط، أي: تجدد، ولا يجب عليها غسل فرجها، ولا ما أصاب ثوبها من هذا السائل، وفي هذه الحالة إذا كان يخرج منها باستمرار فإنها تتوضأ لوقت كل صلاة، ولا حرج عليها أن تجمع الظهر مع العصر أو المغرب مع العشاء إذا شق عليها أن تتوضأ لكل صلاة.
    أما بالنسبة للصيام فإنه لا يؤثر على صيامها شيئاً.

    (8/39)


    --------------------------------------------------------------------------------

    الراجح في عدد ركعات صلاة التراويح


    السؤال
    فضيلة الشيخ: ذكرتم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يزيد على إحدى عشرة ركعة، ولكن نرى أن بعض الناس ربما يصلون ثلاث عشرة ركعة، فما الذي تنصحون حفظكم الله في فعله؟ وما هو الأفضل: هل هي ثلاث عشرة أو إحدى عشرة، أو ثلاث وعشرون، وإذا قام الإمام ليصلي ثلاث وعشرون ركعة فهل نقوم معه أو نقتصر على السنة، أرجو التبيين والتوضيح، وفقكم الله؟

    الجواب
    أما الإحدى عشرة ركعة فقد ثبت في صحيح البخاري وغيره: أن عائشة رضي الله عنها سئلت: كيف كانت صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان؟ فقالت: (ما كان يزيد في رمضان ولا غيره على إحدى عشرة ركعة) وأما الثلاث عشرة ركعة فقد ثبتت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما حين بات عند خالته ميمونة، وسبر صلاة النبي صلى الله عليه وسلم تلك الليلة فصلى ثلاث عشرة ركعة، وعلى هذا فيكون: الإحدى عشرة ركعة، والثلاث عشرة ركعة كلها من السنة.
    وأما إذا زاد الإمام على هذا العدد فالسنة متابعته، وألا يتأخر الإنسان عن متابعته من أجل أن يحصل على قيام الليلة كما أشرنا إليه في حديثنا عن قيام الليل بأن الإنسان إذا قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة.
    ومن انصرف إذا أتم الإمام عشر ركعات وانصرف لأنه لا يريد الزيادة على إحدى عشرة ركعة، فقد خالف هدي الصحابة رضي الله عنهم، فإن الصحابة تابعوا عثمان بن عفان حيث زاد الصلاة الرباعية على ركعتين في منى، فالسنة في منى أن يصلي الإنسان الظهر والعصر والعشاء ركعتين ركعتين، صلى ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصلى ذلك أبو بكر، وصلى ذلك عمر، وصلى ذلك عثمان ثمان ينين من خلافته، ثم صلى أربعاً، فبلغ ذلك عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون، ورأى أن ذلك مصيبة أن يخرج عثمان عن هدي الرسول صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعن فعله هو نفسه، ومع ذلك كان يصلي مع عثمان أربعاً لئلا يخرج عن الجماعة، فقيل له: يا أبا عبد الرحمن! كيف تصلي أربعاً مع عثمان -أي: وأنت تنكر عليه-؟ فقال: الخلاف شر، أي: خروجي أو تأخري عن الصلاة شر، فهؤلاء الإخوة الذين يظنون أنهم متبعون للسنة هم مخالفون للسنة، فالسنة أن يتابعوا الإمام وألا ينصرفوا حتى ينصرف.

    (8/40)


    --------------------------------------------------------------------------------

    توجيه إلى أئمة المساجد


    السؤال
    فضيلة الشيخ: نرى أن بعض أئمة المساجد يتركون مساجدهم ويسافرون للعمرة وخاصة في العشر الأواخر من رمضان، وقد يبقى أحدهم في مكة جميع العشر يقول: لأصلي التراويح والقيام في الحرم وأصوم في مكة، مع حاجة الناس له في تلك الأيام في بلده أو مسجده الذي يجب عليه الصلاة فيه، وهم باستطاعتهم السفر للعمرة قبل العشر الأواخر، فما توجيهكم للأئمة وخاصة أن بعض المساجد تعاني كثيراً من ذلك؟ وهل من توجيه لأولئك أن يرتبوا أوقاتهم قبل العشر التي يحتاج الناس إليهم فيها؟

    الجواب
    الذي نرى أن هؤلاء الذين يذهبون إلى العمرة وهم أئمة ويضيعون مساجدهم أنهم كمن عمر قصراً وهدم مصراً، وذلك لأن بقاءهم في مساجدهم قيام بواجب عليهم، وذهابهم إلى العمرة غاية ما فيه أنه سنة، والسنة لا يمكن أن تفعل مع ترك الواجب، لكن إذا ذهبوا يوماً أو يومين فأرجو ألا يكون في هذا بأس، أما أن يذهبوا جميع العشر في الأيام التي يحتاج الناس إلى وجودهم فيها، فإن ذلك خطأ ظاهر، وهم إلى الإثم في هذه الحال أقرب منه إلى السلامة.

    (8/41)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم استعمال حبوب منع نزول الحيض في رمضان


    السؤال
    فضيلة الشيخ: إلى كتابة هذا السؤال لم يرد شيء عن استعمال حبوب منع نزول دم الحيض للضرورة، فإذا كانت المرأة تنزل دورتها في العشر الأواخر من رمضان وهي تحب ألا يفوتها فضل العشر الأواخر، فهل لها أن تستعمل تلك الحبوب لتعينها على طاعة الله أم ماذا؟

    الجواب
    لا نرى أنها تستعمل هذه الحبوب لتعينها على طاعة الله؛ لأن الحيض الذي يخرج شيء كتبه الله على بنات آدم، وقد دخل النبي صلى الله عليه وآله وسلم على عائشة وهي معه في حجة الوداع وقد أحرمت بالعمرة، فأتاها الحيض قبل أن تصل إلى مكة فوجدها تبكي، فقال لها: ما يبكيك؟ فأخبرته بأنها حاضت، فقال: (إن هذا شيء كتبه الله على بنات آدم) فالحيض ليس منها، فإذا جاءها في العشر الأواخر فلتقنع بما قدر الله لها، ولا تستعمل هذه الحبوب، وقد بلغني ممن أثق به من الأطباء أن هذه الحبوب ضارة في الرحم وفي الدم، وربما تكون سبباً لتشويه الجنين إذا حصل لها جنين، فلذلك نرى تجنبها، والحمد الله إذا حصل عليها الحيض وتركت الصلاة والصيام فإن ذلك بقضاء الله وقدره وليس بفعلها.

    (8/42)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم إفطار الحامل والمرضع


    السؤال
    هل المرأة الحامل يحق لها أن تفطر وكذلك المرضع، فإذا كان هذا جائزاً فهل لها أن تقضي متتابعاً أم طوال أيام السنة بالنسبة للحامل والمرضع؟

    الجواب
    يجوز للحامل والمرضع الفطر في رمضان، لكن بشرط أن تخاف على نفسها أو على الجنين في الحامل والطفل في المرضع، أما إذا كان بدنها قوياً وكان ذلك لا يضر لا الجنين ولا الطفل، فإنه لا يحل لها أن تفطر، وإذا أفطرت للحاجة أو للخوف على نفسها أو جنينها أو طفلها؛ فإنها تقضي إلى أن يبقى من رمضان القادم مثل ما عليها من الأيام، ففي هذه الحالة يجب أن تصوم القضاء ولها أن تقضي يوماً بعد يوم أو يوماً بعد يومين أو من كل أسبوع يومين حسب نشاطها وقدرتها، إلا أنها لا تؤخره إلى رمضان الثاني.

    (8/43)


    --------------------------------------------------------------------------------

    المراد بانصراف الإمام من الصلاة


    السؤال
    فضيلة الشيخ: ما المراد بالانصراف الذي أشرتم إليه بانصراف الإمام هل هو الانتظار حتى يخرج الإمام من المسجد أم حتى ينتهي من الصلاة؟

    الجواب
    المراد بالانصراف في قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (من قام مع الإمام حتى ينصرف) قضاء الصلاة، فإذا سلم الإمام فإن السنة أن ينصرف إلى المأمومين يقابلهم بوجهه، وحينئذٍ يكون قد انصرف ويكتب له قيام ليلة.
    وهذا السؤال سؤال جيد؛ لأن فيه براعة اختتام عند البلاغيين براعة يسمونها براعة استفتاح وبراعة أخرى براعة اختتام فكأن هذا السائل يقول: انصرفوا أيها المستمعون.
    وبارك الله فيكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

    (8/44)


    --------------------------------------------------------------------------------
    وأخيراً أسأل الله عز وجل أن يجعل هذا العمل نافعاً، مباركاً، خالصاً لوجهه الكريم
    وأن ينفعني به في حياتي وبعد مماتي، وأن ينفع به كل من انتهى إليه؛ فإنه خير مسؤول، وأكرم مأمول، وهو حسبنا ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.

    حياكم الله بموقع بداية الهداية الخطوة إلى طريق العلم الشرعي الصحيح
    http://www.musacentral.com/

  6. #16
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المشاركات
    2,475
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    23-05-2024
    على الساعة
    01:42 AM

    افتراضي

    اللقاء الشهري

    اللقاء الشهري [9]
    الحج هو الركن الخامس من أركان الإسلام، وفيه تتجلى العبودية في أسمى معانيها، لكن كثيراً من الأحكام الخاصة به قد يجهلها كثير من الناس، وفي هذا اللقاء أزيح الستار عن مسائل مهمة تتعلق بالحج، كان أهمها: أيها يقدم: الحج أم الدين أم الزواج أم شراء كتب طلب العلم؟ وغير ذلك من المسائل.

    (9/1)


    --------------------------------------------------------------------------------

    من أحكام الحج
    إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله الله تعالى بالهدى ودين الحق، فبلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين، فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
    أما بعد أيها الإخوة: فهذا هو اللقاء الأول الذي نلتقي به بعد شهر رمضان، هذا اللقاء الذي كان بعد شهر رمضان لقاء بعد عمل، قال فيه النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر الله له ما تقدم من ذنبه ومن قام رمضان إيماناً واحتساباً؛ غفر الله له ما تقدم من ذنبه) وأرجو أن نكون جميعاً ممن صامه وقامه إيماناً واحتساباً حتى يحصل لنا هذا الخير الكثير، أن يغفر لنا ما تقدم من الذنوب، ونسأل الله تعالى أن يقينا من الذنوب بعد هذا الخلاص منها، فإن الإنسان إذا خلص من الذنوب أصبحت صحيفته بيضاء، وأصبح قلبه منيراً، وحسنت أعماله، فإن ثبت على ذلك كان دليلاً على قبول الله سبحانه وتعالى لعمله، وإن كانت الأخرى فليتب إلى الله عز وجل وليصلح ما بقي لعله يستدرك ما مضى.
    ثم إن الله تعالى بحكمته ورحمته جعل بعد هذا الشهر مباشرة شهور الحج إلى بيت الله، والحج إلى بيت الله قال فيه النبي عليه الصلاة والسلام: (من حج فلم يرفث ولم يفسق، رجع كيوم ولدته أمه) أي من الذنوب؛ خالصاً منها، نقياً منها، كما أنه حين خرج من بطن أمه ليس له ذنب، فهو يرجع من الحج وليس له ذنب، وبهذا نعلم أن الله سبحانه وتعالى أرحم بعباده من الوالدة بولدها، فما انقضى شهر الصيام الذي يكون سبباً لمغفرة الذنوب حتى جاءت شهور الحج التي هي -أيضاً- سبب لمغفرة الذنوب، وإننا في هذا اللقاء نتكلم يسيراً عن شيء مما يتعلق بالحج.

    (9/2)


    --------------------------------------------------------------------------------

    مكانة الحج في الشريعة
    أولاً: الحج ركن من أركان الإسلام، لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم حين سأله جبريل قال: (أخبرني عن الإسلام؟ قال: أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت) .
    وقد أجمع المسلمون على أن الحج ركن من أركان الإسلام، وأن من أنكر فرضيته فهو مرتد عن الإسلام، ومن تهاون فيه فهو على خطر، يعني: من تركه مع وجوبه عليه فهو على خطر عظيم، حتى إن الإمام أحمد رحمه الله في رواية عنه قال: إنه يكفر كما لو ترك الصلاة، لكن القول الصحيح أنه لا يكفر ولكنه على خطر: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْ الْعَالَمِينَ} [آل عمران:97] فالحج فريضة، لكنه لا يجب إلا بشروط أهمها: الاستطاعة: أن يكون الإنسان مستطيعاً بماله وبدنه، ولا يكون مستطيعاً بالمال إلا أن يكون المال فاضلاً عن حاجاته وقضاء ديونه، فاضلاً عن حاجاته، أي: ما يحتاج إليه في بيته من طعام وشراب وأواني وفرش وغيرها من الحاجات التي لا بد منها، فإذا قدر أن شخصاً عنده مال لكن يحتاج إلى أواني في البيت، فهل يشتري الأواني ويدع الحج، أو يحج ويدع الأواني، الأول أم الثاني؟ الأول.
    نقول: اشتر الأواني، لأنها من الحوائج التي لا بد منها، ثم إن بقي شيء فحج به وإلا فلا.
    لا بد أن يكون المال الذي عنده فاضلاً عن الدين، والدين: ما وجب في الذمة من ثمن مبيع أو ثمن أرض أو أجرة أو غير ذلك، ليس الدين خاصاً بالمداينة كما هو معروف عند العامة لا.
    الدين شرعاً: كل ما ثبت في الذمة حتى القرض الذي يقترضه الشخص يكون ديناً عليه، حتى أجرة البيت للسكنى يكون ديناً، فلا بد أن يكون المال الذي تحج به فاضلاً عن الديون، فإن كان عليك دين؛ فإن الحج لا يجب عليك، حتى الفريضة لا تجب عليك، فإذا قدر أن شخصاً من الناس بيده ألف ريال، وعليه دين ألف ريال، فهل يقضي الدين بالألف ويدع الحج أو يحج ويبقى الدين في ذمته؟ الأول، فنقول: أوف الدين ثم حج؛ لأنك إذا مت وأنت لم تحج وإنما قضيت الدين مت وأنت بريء من الدين، ولكن لو حججت وبقي الدين في ذمتك ومت، فإن نفسك معلقة بالدين بعد الموت، وبهذا نعرف خطأ كثير من الناس الذين يحجون وعليهم ديون، وإذا قلت: يا أخي الدين مقدم، قال: ديني بمائة ألف والحج بألفين، والألفين ما تساوي شيئاً بالنسبة لمائة ألف، هل هذا منطق صحيح؟ لا.
    إذا كان عليك مائة ألف وأديت ألفين، يبقى عليك ثمانية وتسعون ألفاً، أي: فقد سقط شيء من الدين وليس عليك إثم في عدم الوفاء بالثمانية والتسعين، لأنك لم تقدر، ولكن قد يكون عليك إثم إذا حججت بألفين وتركت الوفاء، وهذه مسألة يجب أن نتنبه لها نحن، وأن ننبه عليها إخواننا؛ لأن كثيراً من محبي الخير الحريصين على الحج يحج وهو غارق في الديون بحجة أن المال الذي عنده لا يفي بالدين، لكنه يفي ببعض الدين، حتى لو فرض أنه ريال واحد، وعليك مائة ألف، فإذا أوفيت كم يبقى عليك؟ مائة ألف إلا ريال، فقد سقط عنك من ذمتك شيء ولا تستهن بالدين فالدين شديد.
    ألم تعلموا أن الرسول عليه الصلاة والسلام كان إذا قدم إليه الرجل ليصلي عليه سأل هل عليه دين أم لا؟ إذا قالوا: عليه دين وليس له وفاء ترك الصلاة عليه وقال: (صلوا على صاحبكم) مع أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بالمؤمنين رءوف رحيم ومع ذلك كان يترك الصلاة على الميت الذي هو محتاج إلى الصلاة عليه من أجل الدين.
    جيء إليه في يوم من الأيام برجل مدين ميت، فقدم إليه، فلما خطا خطوات ليصلي عليه، قال: (هل عليه دين؟ قالوا: لا نعلم عليه إلا دينارين فقط، فقال: صلوا على صاحبكم، وترك الصلاة عليه، فقام أبو قتادة رضي الله عنه وقال: يا رسول الله الديناران علي -التزم بها أبو قتادة في ذمته- قال: حق الغريم وبرئ منها الميت؟ قال: نعم.
    فتقدم النبي صلى الله عليه وسلم فصلى عليه) .
    الشهادة في سبيل الله لا تكفر الدين؛ وسئل الرسول صلى الله عليه وسلم عن الشهادة هل تكفر الذنب؟ قال: (نعم كل شيء) فلما أدبر الرجل دعاه وقال له: (إلا الدين؛ أخبرني بذلك جبريل آنفاً) .
    الدين حتى الشهادة لا تكفره، فإذا كان الأمر كذلك فلماذا نتهاون بالدين، وإني لأعجب من قوم مدينين عليهم ديون كثيرة ثم يذهب أحدهم يستدين، يشتري من فلان أو فلان أثاثاً للبيت زائداً عن الحاجة، يشتري كساء للدرج، لأن الدرج ليس عليه كساء، يفرش الدرج وهو فقير عليه ديون، هذا سفه في العقل وضلال في الدين.
    هناك قصة وقعت في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام: (جاءت امرأة للرسول عليه الصلاة والسلام وقالت: إني وهبت نفسي لك) الرسول عليه الصلاة والسلام يجوز له أن يتزوج الهبة، أما نحن فلا يجوز لنا أن نتزوج بالهبة، لو جاءت امرأة تقول لك: إني وهبت نفسي لك فقلت: قبلت ما صارت زوجتك، لكن لو جاءت للرسول عليه الصلاة والسلام وقالت: وهبت نفسي لك فقال: قبلت فإنها تصير زوجة له، قال الله تعالى: {وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} [الأحزاب:50] وهذا خاص بالرسول صلى الله عليه وسلم، جاءت هذه المرأة تقول: (يا رسول الله! وهبت نفسي لك، فصعد بها النظر وصوبه -نظر إلى أعلى بدنها وأسفل بدنها- ثم لم يرغب فيها، فسكت، فجلست المرأة، فقام رجل قال: يا رسول الله -استمع إلى الأدب مع الرسول صلى الله عليه وسلم- قال: يا رسول الله! إن لم يكن لك بها حاجة فزوجنيها) ما عمل بالقرائن وقال: إن سكوت الرسول دليل على أنه لا يريدها، ما عمل بهذا تأدباً مع الرسول واحتياطاً، قال: إن لم يكن لك بها حاجة فزوجنيها، فقال له الرسول عليه الصلاة والسلام: (أمعك شيء -يعني صداق- قال: نعم.
    إزاري) الرجل ما عليه إلا إزار، يعني أعلى بدنه مكشوف ليس عليه رداء، سبحان الله! إزارك إن أعطيتها إياه بقيت بلا إزار، وإن لبسته بقيت بلا مهر، فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (التمس ولو خاتماً من حديد) .
    انظر ولو خاتماً من حديد، وباللغة العامية (فتخة) فذهب الرجل يبحث فلم يجد، فرجع وقال: (ما وجدت شيئاً، قال: هل معك شيء من القرآن؟ قال: نعم، معي سورة كذا وكذا، قال: زوجتكها بما معك من القرآن) فزوجه بما معه من القرآن.


    السؤال
    هل قال: اذهب تسلف وتدين؟ لا.
    مع أن الرجل في حاجة، مع ذلك ما قال: اذهب فتدين أو تسلف واجعله مهراً، كل هذا لتحاشي الدين، الدين كما يقول العامة: الدين ذل في النهار وسهر في الليل، ولكن هذا لمن كان قلبه حياً، أما من كان قلبه ميتاً فالدين عنده شربة ماء فلا يهتم، يستدين من هذا الرجل مائة ألف ويذهب للثاني يستدين مائة ألف، وهو ما عنده ولا قرش، هذا والله سفه في العقول وضلال في الدين، احم ذمتك، ولا تجعل في ذمتك ديناً إلا لضرورة، أقول هذا تفريعاً على قولنا: إنه لا يجب الحج على من كان عليه دين، وأن الواجب أن يقضي دينه أولاً، ثم بعد ذلك يحج، وليحمد الله على تيسيره، فلو كان الله ألزمنا أن نحج ولو بالاستدانة صار الأمر صعباً، فاحمد الله على التيسير.

    (9/3)


    --------------------------------------------------------------------------------

    تقديم الزواج والحاجات الأصلية على الحج
    سؤال: رجل عنده مال ولكنه محتاج للزواج فهل يحج بالمال أم يتزوج؟

    الجواب
    يتزوج بالمال، لأن الزواج من الحوائج، بل أحياناً يكون من الضرورات، فهذا الرجل الذي جاءنا يسأل يقول: أنا عندي مال إن حججت به ما تزوجت، وإن تزوجت ما حججت، نقول: تزوج ولا تحج، ولكنك إذا قلت هذا ثار عليك العامة، والعوام هوام يقولون: يتزوج ويترك الفريضة ما يكمل دينه، وأركان الدين خمسة، الحج منها كيف تتركه يتزوج وينال شهوته ويترك فريضة وركناً من أركان الإسلام؟ العامي يقول هكذا، ماذا نقول له؟ نقول له: حتى الآن لم تكن فريضة عليه، لأنها لا تكن فريضة إلا بعد أن يتخلص من كل شيء، من الديون، ومن حاجاته الأصلية، ومن كل ما يحتاجه.


    السؤال
    إنسان طالب علم محتاج إلى كتب لا يتم طلبه للعلم إلا بها ولم يحج، وعنده فلوس إن اشترى الكتب ما حج، وإن حج ما اشترى الكتب فماذا يعمل؟ الجواب: يشتري الكتب ولا يحج، نقول: اشتر من الكتب ما تحتاج ولا تجعل مكتبة كبيرة عالمية، بل اشتر ما تحتاج وحج بعد ذلك؛ لأن الله قال: {مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} [آل عمران:97] والحاجة للكتب كالحاجة للطعام والشراب وقد تكون أشد، طالب العلم الحقيقي الذي يريد العلم يرى أن الكتب له بمنزلة الطعام والشراب بل أشد، فإذا كان الإنسان عليه دين فيقدم الدين على الحج، إذا كان يحتاج حاجات أصلية فيقدم الحاجات الأصلية، وبهذا تحصل للإنسان الطمأنينة.

    (9/4)


    --------------------------------------------------------------------------------

    الدَّين لا يمنع صحة الحج


    السؤال
    أنا سأحج مع قوم لا أنفق شيئاً، هم طلبوا مني أن أكون رفيقاً لهم لأنني رجل نشيط، أكفيهم عمل القهوة والطبخ وما أشبه ذلك، وأنا ما أخسر شيئاً وعلي دين هل أحج مع هؤلاء؟

    الجواب
    يحج إذن الدين ما يمنع الحج، بعض العوام يظنون أن الذي عليه دين لا يحج؛ لأن الحج ما يصلح منه، وهذا غير صحيح، الدين يمنع وجوب الحج لكن لو حج الإنسان بدون ضرر -يعني بدون أن يبذل مالاً- فإن ذلك لا بأس به، بل قد نقول: إنه فريضة في حقه، لأنه يدخل في قول الله تعالى: {مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} [آل عمران:97] .

    (9/5)


    --------------------------------------------------------------------------------

    وجوب المحرم في حج المرأة
    ثم إن من المهم أن نعلم أنه لا يجب الحج على المرأة إلا إذا وجدت المحرم، فمن لم تجد المحرم فلا حج عليها حتى لو كانت غنية، لأنها تستطيع حساً أن تذهب مع الناس وتحج، لكن شرعاً لا تستطيع، لأنه لا يجوز أن تسافر بلا محرم حتى للحج، والدليل قال ابن عباس رضي الله عنه وعن أبيه: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يخطب يقول: (لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم، فقام رجل وقال: يا رسول الله! إن امرأتي خرجت حاجة وإنني اكتتب في غزوة كذا وكذا، فقال الرسول عليه الصلاة والسلام: انطلق فحج مع امرأتك) فأمره أن يدع الغزو من أجل أن يحج مع امرأته، فدل ذلك على أنه لا يجوز للمرأة أن تسافر بلا محرم ولا للحج، ولا يغرنك تهاون الناس بهذا، عليك بطاعة الله ورسوله ولا تلتفت إلى أحد ما دام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يخطب الناس يعلن على المنبر يقول: (لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم) فإن الله يقول عن المؤمنين إنهم يقولون: سمعنا وأطعنا: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} [الأحزاب:36] .
    انظر يا أخي! إذا رأيت نفسك إذا أمرك الله ورسوله بشيء تختار غير أمر الله ورسوله فاعلم أنك ناقص الإيمان: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً} [الأحزاب:36] إيش {أَنْ يَكُونَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} [الأحزاب:36] بل يقولون: سمعنا وأطعنا، وينقادون أتم انقياد، هكذا المؤمن، فإذا قدر أن المرأة ماتت وعندها أموال عظيمة وليس لها محرم هل تأثم؟ لا.
    لا تأثم؛ لأنها ستقابل الله عز وجل فإذا قال لها: لماذا لم تؤدي الحج؟ تقول: قال نبيك: لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم، ولا حج عليها ليس عليها حج لأنها غير قادرة شرعاً، والعجز الشرعي كالعجز الحسي ولا فرق.
    أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولكافة المسلمين من كل ذنب، والآن يجيء دور الإجابة على الأسئلة.

    (9/6)


    --------------------------------------------------------------------------------

    الأسئلة

    (9/7)


    --------------------------------------------------------------------------------

    سخرية الناس ممن لا دَين له


    السؤال
    فضيلة الشيخ: ما رأيك في فئة من الناس يرون أن من لا دين عليه عنده نقص في رجولته، بل إن من دينه قليل تناله سخريتهم فيقولون: فلان دينه دين عجوز، مع أنهم يستدينون بنية عدم الوفاء؟

    الجواب
    أقول: إن هذا بلا شك خطأ، وأن العز والذل تبع الدين وعدم الدين، فمن لا دين عليه هو العزيز، ومن عليه دين فهو الذليل؛ لأنه في يوم من الأيام قد يطالبه الدائن ويحبسه، وما أكثر المحبوسين الآن في السجون بسبب الديون التي عليهم، فهذا القائل لا شك أنه سخيف العقل، وأنه ضال في كلامه، ولكن الذي يظهر أنه كالإنسان المريض يحب أن يمرض جميع الناس، فهو مريض بالدين ويريد أن يستدين جميع الناس حتى يتسلى بهم؛ لأن البلاء والمصائب إذا شاركك فيها غيرك هانت عليك، كما قال تعالى: {وَلَنْ يَنفَعَكُمْ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ} [الزخرف:39] لكن في الدنيا إذا اشترك الناس معك في البلية هانت عليك، كما قالت الخنساء ترثي أخاها صخراً:
    ولولا كثرة الباكين حولي على إخوانهم لقتلت نفسي
    وما يبكون مثلي أخي ولكن أسلي النفس عنه بالتأسي
    فالذي يظهر أن هذا القائل عليه ديون كثيرة، ويريد أن يكون الناس مثله، فنسأل الله أن يقضي عنه دينه حتى يعرف أن الدين ذل، وأن العز في عدم الدين.

    (9/8)


    --------------------------------------------------------------------------------

    الدين من أجل المباهاة بين الناس في الملبس والمركب


    السؤال
    فضيلة الشيخ: ما رأيك في الذين يستدينون ليشتروا بهذا الدين سيارة ليسوا بحاجة فعلية لها، إنما ذلك مضاهاة للآخرين وملاحقة للموديلات، وهل الأقساط الشهرية تدخل ضمن الدين المحذر منه وفقكم الله؟

    الجواب
    أرى أيضاً أن هذا ليس من العقل أن تشتري سيارة فوق مستواك لتباهي بها غيرك، أو تتبع الموديلات كلما ظهر موديل ذهبت تشتري وبعت السيارة الأولى بخسارة، هذا لا شك أنه خطأ وسفه، إذا كنت محتاجاً للسيارة فاشتر على قدر حالك، ويقول العامة في المثل المضروب الصحيح: مد رجلك على قدر لحافك، لأنك إذا مددتها أكثر من لحافك طلعت من اللحاف وأصابك البرد، فنقول لإخواننا: ارفقوا بأنفسكم، لا تشتروا من السيارات إلا ما اضطررتم إليه، ولا تشتروا من السيارات إلا ما كان على مستواكم.
    أما الأقساط الشهرية فهي من الدين لا شك؛ لأن الدين كما قلنا أولاً وقررناه كل ما ثبت في الذمة فهو دين.

    (9/9)


    --------------------------------------------------------------------------------

    من أخذ مالاً من الصدقات لشيء فلا يصرفه في غيره


    السؤال
    رجل أخذ مالاً من أهل الخير يستعين به على الزواج فزاد المال، هل يرجعه لمن أعطاه أم يتصرف به على ما يعينه على أمور دينه ودنياه؟

    الجواب
    يقول أهل العلم رحمهم الله إن الصدقات تحل حتى للغني، فإذا كان الذين أعطوه من المال أعطوه على أنه صدقة فهو له يتصرف فيه كما يشاء، وإن كان الذي أعطوه من المال من الزكاة لهذا الغرض نفسه -أي غرض الزواج- فإن ما زاد يجب عليه أن يرده لهم؛ لأنه غني عنه، فإن احتاجه لشيء آخر كتأثيث البيت مثلاً فليستأذن من هؤلاء، يقول: المهر وما يتعلق بالزواج انتهى وبقي معي فلوس، ولكني محتاج إلى أشياء أخرى، فهل تسمحون أن أصرفها فيها؟ فإذا قالوا: نعم، فلا بأس، وإلا ردها عليهم، والقاعدة عندنا في هذا: أن من أخذ من الناس أموالاً لشيء معين، فإنه لا يصرفها في غيره إلا بعد استئذانهم.

    (9/10)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم ذهاب المدين إلى الحج بعد استئذان الدائن


    السؤال
    مدين عليه دين هل يجوز له أن يستأذن من دائنه في الحج؟

    الجواب
    أقول: حتى لو أذن الدائن في الحج هل إذنه هذا إسقاط للدين؟ الجواب: لا.
    ليس إسقاطاً للدين، فليست العلة في عدم حج المدين أن دائنه يأذن أو لا يأذن، العلة أن ذمته مشغولة بالدين، وسواء أذن أو لم يأذن نقول: لا تحج حتى تقضي دينك، لأن الحج لم يجب عليك، والريال الذي تصرفه في الحج اصرفه في الدين.

    (9/11)


    --------------------------------------------------------------------------------

    التكسب لقضاء الدَّين مقدم على الحج ولو تبرعاً


    السؤال
    من عليه دين ويجد من يحج معهم على نفقتهم قلت: بأنه يكون الحج واجباً عليه، أفلا يسقط عنه الواجب، إن أراد أن يعمل في أيام الحج لسداد دينه؟

    الجواب
    نعم إذا كان يمكنه أن يعمل في أيام الحج لسداد دينه فهنا نقول: لا تحج، ليس عليك حج؛ لأنك سوف تستغل هذه الأيام بما تقضي به الدين.

    (9/12)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم الزواج لمن أرادت أن تحج وليس لها محارم


    السؤال
    هل يجب على الزوجة الغنية التي ليس لها محرم يحج بها، أن تتزوج ولو كانت عجوزاً؟

    الجواب
    من يريد أن يتزوج عجوزاً؟ الجواب: لا.
    لا يجب عليها، لأن القاعدة عند العلماء: أن ما لا يتم الوجوب إلا به فليس بواجب، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، فهذه المرأة هل وجب عليها الحج؟ لا.
    لكن لو تزوجت وصار لها محرم وجب عليها الحج، فلا يجب عليها أن تحصل على محرم، كما نقول: لا يجب على الرجل أن يتجر من أجل أن تجب عليه الزكاة، ولا يجب عليه أيضاً أن يتجر من أجل أن يجب عليه الحج، فهنا فرق بين ما لا يتم الواجب إلا به وما لا يتم الوجوب إلا به، فما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، وما لا يتم الوجوب إلا به فليس بواجب، وعليه فنقول: إن هذه المرأة لا يجب عليها أن تطلب الزوج من أجل أن يكون لها محرم فتحج.

    (9/13)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم الاستنفاع بالمبلغ المتبقي من الحج عن الغير في قضاء الدَّين


    السؤال
    ما رأيكم يا فضيلة الشيخ في إنسان يأخذ حجة عن غيره وهو عليه دين، وسينفعه ذلك المبلغ المتبقي في سداد دينه أو في معيشته؟

    الجواب
    هذا من حيث إنه لا يضر بأهل الدين قد نقول: إنه جائز؛ لأن هذا الذي أخذ دراهم ليحج بها سينتفع بها في قضاء الدين، لكن يشكل على ذلك مسألة وهي: النية؛ فإن هذا الرجل حج من أجل المال ولم يأخذ المال من أجل الحج، إذا حج الإنسان من أجل المال فقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية: من حج ليأخذ المال، فليس له في الآخرة من خلاق، أي: ما له نصيب من الآخرة؛ لأن الله قال في كتابه: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ * أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [هود:15-16] فالمشكلة هنا أن هذا الحاج حج ليأخذ المال فصارت نيته بعمل الآخرة الدنيا، فجعل عمل الآخرة وسيلة للدنيا، والعكس هو الصحيح؛ أن تجعل الدنيا وسيلة لعمل الآخرة، إذاً نقول لهذا الأخ: لا تأخذ المال لتحج حتى تقضي دينك؛ لأنك في هذه الحال إنما أردت المال فجعلت الحج كأنه تجارة، وكأنه سلعة تريد أن تتكسب بها.

    (9/14)


    --------------------------------------------------------------------------------

    متى يعطى اليتيم ماله؟


    السؤال
    فضيلة الشيخ: أنا وكيل شرعي عن أيتام، وأمهم هي أختي، وأموالهم بيدي، ولهم مصدر رزق ثابت وهو عبارة عن إيجار عمارة يوفي بحوائجهم، وسؤالي هو: متى يحق لي أن أعطيهم المال الذي لهم؟ وإذا كان أكبر الأولاد عمره أربعة عشر عاماً وأمهم جاهلة فمتى يحق لهم أخذ مالهم، مع أنها عندي في مكان أمين؟

    الجواب
    قد أفتانا الله عز وجل في هذا فقال سبحانه وتعالى: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى} [النساء:6] يعني اختبروهم في البيع والشراء {حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ} [النساء:6] أي: بلغوا الزواج والمعنى أنهم بلغوا {حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} [النساء:6] آنستم، يعني: أبصرتم ورأيتم أنهم مرشدون؛ فادفعوا إليهم أموالهم، وعلى هذا فنقول: هؤلاء الأيتام الذين أكبرهم من له أربع عشرة سنة لا تعطهم المال إلا إذا بلغوا وعرفت أنهم ذوو رشد بحيث يتصرفون في المال تصرفاً حكيماً فأعطهم المال؛ لأن الله بين ذلك في القرآن: {حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} [النساء:6] .

    (
    وأخيراً أسأل الله عز وجل أن يجعل هذا العمل نافعاً، مباركاً، خالصاً لوجهه الكريم
    وأن ينفعني به في حياتي وبعد مماتي، وأن ينفع به كل من انتهى إليه؛ فإنه خير مسؤول، وأكرم مأمول، وهو حسبنا ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.

    حياكم الله بموقع بداية الهداية الخطوة إلى طريق العلم الشرعي الصحيح
    http://www.musacentral.com/

  7. #17
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المشاركات
    2,475
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    23-05-2024
    على الساعة
    01:42 AM

    افتراضي

    حكم الذهاب إلى الحج على نفقة الغير مع وجود الدَّين


    السؤال
    فضيلة الشيخ: أنا شخص لم أؤد فريضة الحج وعلي ديون تقدر بعشرين ألف ريال، وقال لي أخ في الله: حج وأنا أتحمل دينك، وأنا في شوق إلى الحج أفدني وفقك الله؟

    الجواب
    إذا كان هذا الأخ في الله يريد أن يتحمل نفقة الحج بحيث لا يضرك الذهاب معه فلا بأس أن تذهب، ولا يجب عليك أيضاً؛ لأن فيه منة عليك، يخشى يوماً من الأيام ألا يكون أخاً لك في الله، بعد ذلك يمن عليك ويقول: هذا جزائي؛ حججت بك في العام الفلاني، والآن تفعل في ما تفعل، فنقول: إذا كان هذا الرجل يريد أن يحج بك على نفقته بحيث لا تخسر شيئاً فلا بأس أن تحج، ومع ذلك لا نقول: إنه يجب عليك أن تحج، وكلامي هذا لا يتناقض مع ما قلته أولاً: أن الرجل يذهب مع جماعة وعليه الدين؛ لكنه يذهب على أنه يخدمهم في القهوة والشاي وما أشبه ذلك؛ لأن هذا الرجل الذي يذهب معهم ليس لهم عليه منة، إذ أنه هو الذي له المنة عليهم لأنه يخدمهم.

    (9/16)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم الذهاب إلى مكة من أجل الحج والتكسب لقضاء الدَّين


    السؤال
    رجل عليه دين وهو يريد الحج، وفي الحج يشهد منافع ويعمل ويكتسب ولا يصرف من جيبه شيئاً بل يكتسب ويحج هل يحج أم لا؟

    الجواب
    نعم يحج؛ لأن هذا لن يخسر في حجه شيئاً وكما قال عن نفسه: أنه يستفيد فيكون في الحج فائدتان: الفائدة الأولى: أنه يسقط الفريضة عن نفسه.
    الفائدة الثانية: أنه يكتسب مالاً يستعين به على قضاء دينه.

    (9/17)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم الذهاب إلى الحج والاتفاق مع صاحب الدَّين على البراءة بعد الموت


    السؤال
    رجل أراد الحج وعليه دين، ولكنه متفق مع صاحب الدين على أنه إذا مات قبل السداد فلا شيء عليه؟

    الجواب
    هذا على كل حال دين هين، والدائن جزاه الله خيراً على هذه الأريحية والنفسية أنه يقول للأخ: إذا مت وأنت لم توف فإنني أسقط عنك الدين، ولكن يشكل علينا مسألة: ربما يموت الدائن قبله؛ فمن سيطالب بالدين؟ الورثة؛ فيقع في مشكلة، ولهذا نرى ألا يتهاون الإنسان بالدين أبداً، الدين ذل في النهار وسهر في الليل.

    (9/18)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم لبس النقاب للنساء


    السؤال
    فضيلة الشيخ: يلاحظ في هذه الأيام كثرة استعمال النقاب من بعض النساء؛ حتى أن بعضهن لا يكتفين بإظهار العينين فقط بل يظهرن الحاجبين وأجزاء من الوجنتين، ويظهرن بهذا الشكل في الأسواق، وفي المحلات التجارية، وفي السيارات مع محرمها أو مع سائقها الأجنبي، فنود من فضيلتكم تعريفنا بالحكم الشرعي في لبس النقاب والله يحفظكم؟

    الجواب
    الجواب على هذا السؤال مكتوب لنا في ورقة، وأظنه شائعاً بين الناس، والنقاب في الأصل حلال؛ لأن نساء الصحابة كن ينتقبن إلا المرأة المحرمة فلا يحل لها أن تنتقب؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهاها عن ذلك، فأصل النقاب حلال، لكن الشيء الحلال إذا كان ذريعة إلى أمر منكر فإنه منكر، وما قاله السائل من أن بعض النساء استعملن هذا النقاب الحلال على وجه حرام، بحيث تخرج الحاجب وشيئاً من الجبهة وشيئاً من الوجنتين، فإن هذا يخشى منه أن يتدرج الناس من سيئ إلى أسوأ، وأن يكون هذا العام عام الوجنتين والحاجبين، والعام الذي يليه عام الخدين والجبهة، والعام الذي وراءه عام الشفتين واللحيين وهكذا؛ لأننا نرى أن الشر يقوم به الناس على وجه التدرج، ونضرب لهذا مثلاً فيما يكون في بعض الدول الأخرى، هل الدول التي نسمع عنها ونخبر عنها هل قال لهم علماؤهم: إنه يحل لكن أيتها النساء أن تكشفن الوجوه وتتمكيجن وتكتحلن، وبعضهن يكشفن حتى الرءوس وحتى الرقاب، هل قال لهم علماؤهم ذلك؟ أبداً.
    ما قالوا هذا، علماؤهم قالوا: إنه يجوز كشف الوجه على رأي لهم، وهو رأي ضعيف، لكن هل اقتصر النساء على ذلك؟ فمن تدبر أحوال العالم وسنة الله عز وجل في الخلق علم أن الشر ينتشر شيئاً فشيئاً، وأن ما حوفظ عليه اليوم لا يحافظ عليه في الغد، لذلك نرى أن المرأة عليها أن تتقي الله عز وجل وألا تكون مفتاحاً للشر والفتنة وألا تنتقب، بل تبقى على حالها الأولى ولن يضرها شيئاً، نساؤنا فيما سبق كن يستعملن الغطاء غطاء الوجه الكامل ولم يضرهن ذلك شيئاً، أما لو فرضنا أن النساء سوف يلتزمن بالنقاب الشرعي الذي لا يخرج منه إلا العين من أجل النظر لم نقل بالمنع، ولكن ما دام رأينا أن المسألة تتوسع توسعاً لا يجوز، فإننا نرى أن على النساء أن يتقين الله عز وجل، وأن يتجنبن هذا الفعل المباح خوفاً من الوقوع في الشيء المحرم.

    (9/19)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم اختلاط الرجال بالنساء من غير المحارم في الأكل وغيره


    السؤال
    فضيلة الشيخ: انتشر في بعض المناطق القريبة اختلاط الرجال بالنساء؛ حيث يجلس الرجل مع ابنة عمه أو مع زوجة أخيه بل ربما اجتمعوا جميعاً على الطعام، فما نصيحتكم في هذا؟

    الجواب
    أما اجتماع العائلة في مكان واحد والنساء في جانب والرجال في جانب فهذا لا بأس به ولا حرج فيه، ما لم يكن هناك فتنة خاصة نعرفها من بعض الرجال أو من بعض النساء فهنا يمنع، وإلا فالأصل أن هذا جائز.
    أما الاجتماع على الأكل فهذا ليس بصحيح، الاجتماع على الأكل يمكن أن تكون هذه المرأة جنب رجل ليس بمحرم لها ولا زوج، وأيضاً الأكل كيف تأكل المرأة وهي متحجبة الوجه، فلابد أن تكشف؛ لأن المعروف أن الطعام يدخل من الفم ولا بد من كشف الغطاء، لذلك نرى منع هذا الشيء، أما وجودهم في مكان واحد في مجلس أو في بهو أو ما أشبه ذلك، فلا بأس إذا كانت النساء منعزلة عن الرجال.

    (9/20)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم هدم المسجد القديم بعد بناء المسجد الجديد


    السؤال
    إذا بنى أهل بلد مسجداً جديداً فهل يجوز هدم القديم لأنه لم يعد هناك من يصلي فيه؟

    الجواب
    هذا يرجع إلى وزارة الأوقاف، فإذا رأت الأوقاف نقل المسجد من هذا المكان إلى مكان آخر جديد؛ فإنه لا بأس أن يباع المسجد الأول ويتصرف فيه، يجعل بيتاً، يجعل موقفاً للسيارات أو كما يشاءون، لأنه زال عنه حكم المسجد، لكن لا بد من مراجعة إدارة الأوقاف في مثل هذه الأمور؛ لأن ولاة الأمر بالنسبة للمساجد هم الأوقاف فإدارة الأوقاف هي ولي الأمر في هذه الأمور.

    (9/21)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم كفارة الجماع لمن كان لا يحافظ على الصلاة والصوم


    السؤال
    فضيلة الشيخ: رجل جامع زوجته في نهار رمضان وهو عالم أن ذلك محرم وامرأته غير راضية بذلك، وهو في تلك الحال كان لا يحافظ على الصلاة ولا الصوم، ولكن هداه الله الآن فهو يحافظ على الصلاة والصوم وسؤالي ماذا عليه؟ وهل إعتاق الرقبة الواجبة تجزئ إذا دفع دية عن رجل مسلم دهس نصرانياً؟

    الجواب
    أولاً: نسأل هل هو حين جامع زوجته لا يصلي أبداً فهذا كافر، وإذا تاب من الكفر فالذنوب التي فعلها في حال كفره تغفر له، أما إذا كان مسلماً ملتزماً بالإسلام لكنه يصلي ويخلي؛ فهذا ليس بكافر فيلزمه حكم الإسلام فيما فعل ويلزمه كفارة الوطء في نهار رمضان، لكن بشرط أن يكون حين الوطء في بلده، أما إذا كان مسافراً فالمسافر له أن يجامع في نهار رمضان.
    لو فرضنا أن رجلاً سافر مع أهله في نهار رمضان وصام هو وأهله، ثم في أثناء النهار جامع أهله فليس عليه شيء إلا قضاء هذا اليوم؛ لأن المسافر لا يلزمه أن يصوم؛ لكن هذا إذا صام في البلد وجامع فإنه يلزمه أن يكفر، والكفارة عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً.
    أما زوجته ويقول: إنها غير راضية فإن كانت مكرهة وعجزت عن مدافعة الزوج؛ فليس عليها شيء لا قضاء اليوم ولا كفارة، وأما إذا كانت غير مكرهة لكنها غير راضية، يعني: تكره هذا الشيء إلا أنها وافقت فعليها الكفارة.
    أما قوله في إعتاق الرقبة: لو أن رجلاً مسلماً دهس نصرانياً فنقول لا يصح أن يعتق المسلم بأداء الدية، أولاً: لأن هذا المسلم الذي دهس الكافر لا يمكن أن يقتل بالكافر حتى لو أخذ السكين وذبحه ذبحاً، فإن المسلم لا يقتل بالكافر لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (لا يقتل مسلم بكافر) وعلى هذا فرقبة المسلم غير مستحقة لواجب الدية.
    الغالب أن الدهس حتى لو كان دهس كافر لا يقع عمداً من الناس، الناس ليسوا مجانين ليتعمدوا أن يدهسوا الناس في أسواقهم، وإنما يقع خطأ والخطأ ليس فيه قصاص؛ حتى لو دهس المسلم مسلماً خطأ، فإن الداهس لا يقتل، والقتل في العمد، وعلى هذا فنقول للأخ: لا يمكن أن يكون دفع الدية عن الرجل المسلم مجزئاً عن إعتاق الرقبة؛ لأن معنى إعتاق الرقبة أن تشتري عبداً مملوكاً فتعتقه.
    بعض الناس يقول: إنك إذا أنقذت غريقاً من الماء من الغرق فهذا إعتاق رقبة، لا شك أنه إعتاق نفس، لكنه ليس إعتاق رقبة، لا يجزئ عن إعتاق العبد.
    وبالمناسبة بعض الناس يقول: إذ أنقذ رجل امرأة من الغرق صار أخاً لها ومحرماً لها هذا صحيح أم غير صحيح؟ غير صحيح، أنقذها من الغرق أو من الحرق لا يكون محرماً لها.

    (9/22)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم الجمعيات التي تحصل بين الموظفين أو مجموعة من الناس


    السؤال
    فضيلة الشيخ: أسأل عن مجموعة من الشباب وضعوا لهم جمعية والمراد بهذه الجمعية أن يأخذ أحد الأفراد هذه الجمعية رواتب الجميع في شهر أو بعضها، ثم يأخذها شخص آخر في الشهر الثاني، فما حكم هذه الجمعية؟ وإذا كان عدد أفراد هذه الجمعية أكثر من ثلاثة عشر رجلاً فيكون أحد الأشخاص يدور على راتبه الحول وهو لم يستلمه هل يكون في هذا الراتب الذي حال عليه الحول زكاة أم لا؟

    الجواب
    هذه الجمعية ليس فيها بأس وهي جائزة ولا إشكال فيها أبداً، بأن يجتمع أناس أو موظفون يقولون: سنعطي واحداً منا ألف ريال، كل واحد منا يعطيه ألف ريال إذا كانوا عشرة سيأخذ الأول تسعة آلاف، في الشهر الثاني يأخذ الثاني تسعة آلاف، وهكذا حتى تدور عليهم جميعاً، هذه ليس فيها بأس إطلاقاً.
    ومن توهم من الناس أن هذا من باب القرض الذي جر نفعاً فهو وهم منه، أين النفع الذي جره؟ أنا سلفت هذا الرجل ألفاً وأخذت ألفاً أيضاً.
    ما جاءني نفع، يقول إنه يعلم أنه سيوفيه وسوف يأخذ عشرة آلاف نقول: نعم، هو يعلم أن هؤلاء الذين تسلفوا منه سوف يوفونه، وهل الإنسان الذي يسلف شخصاً بشرط أن يوفيه هل هذا قرض جر نفعاً؟ أبداً، على كل حال هي لا بأس بها.
    والفقرة الثانية من السؤال: هل تجب الزكاة في الديون التي على إخوانك الذين أقرضتهم؟ الجواب: نعم.
    وذلك لأنهم أغنياء والديون التي على الأغنياء تجب فيها الزكاة، ولكن أنت بالخيار: إن شئت أخرجت زكاتها مع مالك، وإن شئت أخرت زكاتها حتى تقبضها ثم تخرجها عما مضى.

    (9/23)


    --------------------------------------------------------------------------------

    صفة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم


    السؤال
    فضيلة الشيخ: ما هي صفة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم؛ هل هي أن يقول الإنسان: اللهم صل على محمد، أو اللهم صل على نبينا محمد وعلى آله وصحبه، أم الدعاء المشهور في التشهد: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد إلى آخره؟

    الجواب
    الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم يكفي منها أن تقول: اللهم صل على محمد، لكن الأفضل أن تقول: اللهم صل وسلم على محمد؛ لأن الله تعالى قال في كتابه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [الأحزاب:56] فهذا هو الأفضل.
    أما في الصلاة فإن الأفضل المحافظة على الصلاة المشهورة؛ لأن الصحابة قالوا: (يا رسول الله! علمنا كيف نسلم عليك، فكيف نصلي عليك إذا نحن صلينا عليك في صلاتنا؟ قال: قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد) والسلام كما علمتم، السلام هو: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، تقول: السلام عليك أيها النبي.
    وما رواه البخاري عن ابن مسعود رضي الله عنه أنهم كانوا يقولون: السلام عليك أيها النبي، في حياة الرسول عليه الصلاة والسلام، وأما بعد موته فكانوا يقولون: السلام على النبي، فهذا من رأي ابن مسعود رضي الله عنه؛ لأنه ثبت في موطأ الإمام مالك رحمه الله أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان على المنبر يعلم الناس التشهد، فقال في السلام: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، ذكر هذا وهو على المنبر بحضرة الصحابة كلهم وبعد موت الرسول عليه الصلاة والسلام، ثم إن الصحابة في حياة الرسول هل هم يقولون: السلام عليك، يخاطبونه؟ لا.
    لأنهم لا يجهرون بها ولا يسمعهم؛ ولأن المسلمين منهم من يصلي في حيه ومنهم من يصلي في غير المدينة في مكة، يصلون وفي كل مكان ويقولون: السلام عليك، فالكاف هنا ليست لخطاب الحاضر حتى نقول إنها بعد موت الرسول قد زال وصف الحضور في حقه، إنما هي كاف الخطاب في السلام عليك، لقوة استحضار المسلِّم للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، يعني كأنك لقوة استحضارك إياه كأنك تخاطب شخصاً بين يديك.
    إذاً الصلاة على النبي لا تتقيد بالصلاة التي علمها الرسول عليه الصلاة والسلام لأصحابه أن يصلوا عليه في الصلاة، إنما إذا كنت في الصلاة فلتصل كما أمر الرسول عليه الصلاة والسلام، أما في غير الصلاة فتقول: اللهم صل على محمد صلى الله عليه وسلم، وهذه كتب العلماء بين أيدينا تقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعضهم يقول: صلى الله عليه وآله وسلم.

    (9/24)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم الذهاب إلى الحج مع الأم مع وجود الدَّين
    السؤال فضيلة الشيخ: لي أم لم تحج وهي تريد أن تحج هذا العام، وطلبت مني أن أحضر إليها وأحج بها وأنا في القصيم بعيداً عنها، كذلك علي دين وهذا الدين معي وأنا أستطيع رده الآن، والدين كان لكي أشتري سيارة وأنا أريد أن أحج وحدي من هنا، فما رأيك في هذا الأمر وفقك الله؟ وآخر يقول: أنا رجل علي دين كثير لكن أمي طلبت مني أن نذهب إلى الحج، فما الجواب وهي لم تحج؟

    الجواب
    السؤال الأول يختلف عن السؤال الثاني بأن السائل الأول يقول: إنه قادر على وفاء الدين فنقول لهذا الأخ: أوف الدين؛ لأن الذي ينبغي للإنسان أن يبادر بوفاء الدين قبل أن يموت ثم يلعب الورثة في ماله ولا يوفون دينه، أوف الدين وحج بأمك وهذا من تمام البر أن تحج بها، ولقد شاهدت بعيني أناساً قد حملوا أمهاتهم على ظهورهم في الحج من عرفة إلى مزدلفة ومن مزدلفة إلى منى مع شدة الزحام ومشقة السير والله رأيتهم يحملون أمهاتهم على ظهورهم، والأم حقها كبير وعظيم، سهرها في ليلة من الليالي من أجل أن ترتاح وتنام تساوي الدنيا كلها، ألم تعلم أن الأم تسهر بالليل من أجل أن تنام أنت، تهدك حتى تنام، ثم تنام بعدك، تعبها في الحمل والولادة شيء لا يطاق، فلها حق عظيم عليك، فإذا أمرتك أن تأتي إليها من القصيم إلى بلدها ولو كانت في أمريكا وأنت قادر فاذهب إليها وحج بها وستجد من الله عز وجل كل خير؛ لأن البر شأنه كبير، وأمره عظيم، ومن بر بوالديه بر به أولاده.
    أما الثاني الذي عليه الدين فلا نرى أن يحج بأمه وعليه الدين إلا إذا قالت أمه: أنا أتحمل جميع نفقات الحج فحينئذ نقول: حج معها؛ لأنك في هذه الحال لن تضر أصحاب الدين شيئاً وتبر بأمك.

    (9/25)


    --------------------------------------------------------------------------------

    الراجح في الحج عن الوالدين أيهما يقدم؟


    السؤال
    قد حججت والحمد لله ولكن والدي ماتا ولم يحجا، وأنا أريد أن أحج عنهما ولكن هل أبدأ بأمي أو بأبي؟ وإن حججت عن أحدهما فأنا أريد أن أتدين للآخر للتوكيل عنه ليتم فريضة الحج، أفتونا مأجورين في أسرع وقت؟

    الجواب
    ما دمت حاضراً نعطيك الفتوى إن شاء الله نقول: حج عن أمك أولاً؛ لأن الأم أحق بالبر من الأب، وهي وأبوك كلهم فريضة، لو كان للأم نفل والأب فريضة: قلنا ابدأ بالفريضة للأب، لكن كلاهما فريضة فابدأ بالأم، ولا تتدين لتنيب من يحج عن أبيك، إذا كان العام القادم وأنت قادر فحج عن أبيك، وكونك أنت الذي تؤدي الحج خيراً من كونك تنيب غيرك؛ لأن إخلاصك لأبيك أكبر بكثير من إخلاص غيرك لأبيك، لهذا نقول: لا يجوز أن تتدين من أجل أن تنوب من يحج عن أبيك، بل حج عن أمك الآن هذا العام ما دمت قادراً، وفي العام القادم إن كنت قادراً فحج عن أبيك.

    (9/26)


    --------------------------------------------------------------------------------

    التفصيل في حكم الصلاة على من عليه دَين


    السؤال
    إذا كان النبي صلى الله عليه وسلم لم يصل على الذي في ذمته دين فهل هذا خاص به عليه الصلاة والسلام، أعني عدم الصلاة على المدين؟ ولماذا لا يكون من بعض الأئمة سؤال عن الموتى الذين يصلون عليهم؟

    الجواب
    إن الرسول عليه الصلاة والسلام كان لا يصلي على من عليه دين لا وفاء له -كما قلنا- لكن لما فتح الله عليه صار يقول: من كان عليه دين فعلي قضاؤه، فصار يقضي عن الناس ديونهم ويصلي عليهم، أما بالنسبة لغيره فالصحيح أن في ذلك تفصيلاً، فإن كان الرجل له قيمته في المجتمع، وإذا ترك الصلاة على هذا المدين اتعظ الناس بذلك وخففوا من الديون عليهم، فليفعل اقتداءً برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أما إذا كان من عامة الناس، وأنه إذا ترك الصلاة على المدين لم ينته الناس عن الدين ولا يزيده ذلك إلا شماتة به وسباً له فلا يفعل، فهناك فرق بين رجل له قيمته واعتباره في المجتمع إذا فعل الشيء قبله الناس واقتدوا به، وشخص آخر ليس له هذه القيمة ولا يزيده فعل ذلك إلا سباً وشتماً فلا يفعل هو في غنى عن هذا.

    (9/27)


    --------------------------------------------------------------------------------

    مسافر أدرك التشهد الأخير من صلاة الجمعة


    السؤال
    رجل مسافر جاء إلى صلاة الجمعة في المسجد فأدرك معهم التشهد الأخير، السؤال: هل يصلي أربعاً أم يصلي كصلاتهم ركعتين؟

    الجواب
    المسافر لا تلزمه الظهر إلا مقصورة، فإذا أدرك من الجمعة أقل من ركعة وجبت عليه الظهر، والظهر في حقه مقصورة ركعتان فليصل ركعتين فقط، لأنه غير مقيم بل هو مسافر، أما لو أدرك ركعة فإنه يأتي بركعة واحدة وتكون له جمعة.

    (9/28)


    --------------------------------------------------------------------------------

    أئمة يخالفون السنة في قراءتهم لصلاة الفجر


    السؤال
    فضيلة الشيخ: يوجد بعض أئمة المساجد يقرءون في صلاة فجر يوم الجمعة بسورة الإنسان في الركعة الأولى والثانية، وبعضهم يقرأ سورة السجدة في الركعة الأولى والثانية، وبعضهم يقرأ نصف سورة السجدة في الركعة الأولى، ونصف سورة الإنسان في الركعة الثانية، فهل عملهم هذا صحيح؟ وإذا كان غير صحيح فكيف ننكر عليهم؟ وما هو الدليل على الإنكار عليهم؟ وهل نقول لهم بأن عملهم هذا بدعة جزاكم الله خيراً؟

    الجواب
    لا نقول: إن عملهم بدعة لكننا نقول: إن عملهم تلاعب بالسنة، إذا كانوا صادقين في اتباع الرسول عليه الصلاة والسلام فليفعلوا ما فعل، ولهذا وصف ابن القيم رحمه الله أمثال هؤلاء بالأئمة الجهال، فنحن نقول: إذا كان لديك قوة وشجاعة على أن تقرأ (الم تنزيل السجدة) في الركعة الأولى و {هَلْ أَتَى} [الإنسان:1] في الركعة الثانية فافعل، وإن لم يكن لديك شجاعة فاقرأ سوراً أخرى؛ لئلا تشطر السنة وتلعب بها، فالسنة محفوظة، كان الرسول عليه الصلاة والسلام في فجر يوم الجمعة يقرأ في الركعة الأولى: (الم تنزيل السجدة) وفي الركعة الثانية: (الم تنزيل السجدة) وفي الركعة الثانية: {هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ} [الإنسان:1] فإما أن تفعل ما فعله الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وإما أن تقرأ سوراً أخرى، أما أن تشطر ما فعله الرسول وتقسم ما فعله الرسول فهذا خلاف السنة ولا شك أنه تلاعب بالسنة، فافعل هدي نبيك محمد عليه الصلاة والسلام، وكن شجاعاً؛ لأن بعض الأئمة يقول: إذا قرأت: (الم تنزيل السجدة) في الركعة الأولى و {هَلْ أَتَى} [الإنسان:1] في الركعة الثانية قالوا: لماذا تطيل علينا؟ لماذا تفعل؟ ثم صاروا فقهاء وهم عوام، يقولون: إن الرسول غضب على معاذ لما أطال بالناس، انظر العامي إذا اجتهد أصبح عالماً كبيراً!! يقولون: كيف تطول بنا والرسول غضب على معاذ وعاتبه، لكن نقول: كل ما فعله الرسول فهو تخفيف، حتى لو قرأ: (الم تنزيل السجدة) و {هَلْ أَتَى} [الإنسان:1] ولهذا قال أنس بن مالك: (ما صليت وراء إمام قط أخف صلاة ولا أتم صلاة من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم) .

    (9/29)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم بيع ما اشتري وهو ما زال في مكان البيع الأول


    السؤال
    فضيلة الشيخ: رجل يشتري سيارات للتجارة من صاحب معرض للسيارات، ويدفع قيمتها ويستلم مفاتيحها ويوقفها في جانب من المعرض للبيع، ولا يستطيع إخراجها من المعرض حتى تنقل ملكيتها لمن اشتراها فهو يقول: أوقفها في المعرض فإذا جاء من يشتريها أبيعها عليه سواء بنقد أو بدين، ويقوم الذي اشتراها بنقل الملكية لنفسه، علماً أن المشتري غالباً ما يبيع السيارة على صاحب المعرض أو على غيره والسيارة لم تتحرك من مكانها، فما حكم هذه المعاملة هل هي حلال أم حرام؟ إذا كانت حراماً فكيف يتصرف من وقع فيها؟ وهل يعتبر دفع القيمة واستلام المفاتيح من حيازة المتاع، أفتونا مأجورين؟

    الجواب
    الأسلم لهذا الرجل الذي يتعامل هذه المعاملة أن يجعل له حوشاً أي: مكاناً فسيحاً محوطاً، فإذا اشترى السيارات من المعارض نقلها إليه، ثم باعها من مكانه، أي المكان الذي أعده هو بنفسه.
    أما أن يبيعها وهي في المعارض فإن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى أن تباع السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم، والحديث هنا صريح، أما ما وقع من السائل قبل أن يعلم فإن الله تعالى قال في كتابه: {فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ} [البقرة:275] فهو إذا انتهى عما كان يعمل يعفى عنه عما سلف؛ لأن الله تعالى أرحم بعباده من الوالدة بولدها.

    (9/30)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم استعمال السواك عند القيام للصلاة


    السؤال
    فضيلة الشيخ: رأيتك تستعمل السواك عند قيامك للصلاة فهل ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم هذا العمل في هذا الوقت بالذات أمر؟ وما رأيك بمن يقول: بأن السواك في هذا الموضع قد يخرج الدم أرجو بسط المسألة؟

    الجواب
    السواك عند الصلاة سنة كما نص على ذلك أهل العلم مستدلين بقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لولا أن أشق على أمتي؛ لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة) ولا شك أن السواك إذا قرب من الصلاة كان أطهر للفم؛ لأنك لو تسوكت مثلاً قبل أن تدخل المسجد، فإنه فيما بين دخولك المسجد والصلاة قد يتغير الفم، لكن السواك عند الصلاة أطهر للفم، أما قوله: ربما يخرج منه الدم فهذا صحيح، بعض الناس تكون لثته مريضة فإذا استاك خرج منه الدم، فمثل هذا لا يستاك إذا كان يخشى أن يخرج منه الدم ولا يتمكن أن يكون معه منديل ينقي به الدم فنقول لهذا: تسوك عند الوضوء حتى يقلع عنك الدم، وإذا حصرت إلى الصلاة فلا تتسوك.

    (9/31)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم تعليق أدعية الركوب والسفر في السيارات


    السؤال
    فضيلة الشيخ: ما رأيك في هذه الأدعية التي توضع في السيارات كدعاء الركوب ودعاء السفر وغير ذلك؟ وماذا يرد على من قال: إنها من التمائم؟

    الجواب
    أقول: من قال إنها من التمائم فقد صدق إذا كانت السيارة مريضة، لكنها هنا معلقة الآن على السيارة وليس على الراكب، ووضعها في السيارات طيب؛ لأنه يذكر الراكب بدعاء الركوب، أو بدعاء السفر، وكل ما أعان على الخير فهو خير، فلا نرى في تعليقها بأساً، وليست من التمائم في شيء إلا كما قلت لكم أولاً: إذا كانت السيارة مريضة وعلق عليها هذا وشفيت بإذن الله فهذا طيب وحينئذ نريح أصحاب الورش.

    (9/32)


    --------------------------------------------------------------------------------

    شاب يمارس العادة السرية ويترك صلاة الفجر


    السؤال
    فضيلة الشيخ: أخبرك أني أحبك في الله، وأسأل الله تعالى أن يحشرنا والحاضرين في زمرة محمد صلى الله عليه وسلم، فضيلة الشيخ! أخبرك أني أول مرة أحضر مثل هذا اللقاء وسؤالي: أنا شاب أحب الدعاة ولكن فيَّ خصلتين: أولاً: أمارس العادة السرية وحاولت تركها ولم أستطع.
    ثانياً: أترك صلاة الفجر مع أنني ألوم نفسي كثيراً.
    فما نصيحتك لي والسلام عليك؟ وأرجو أن تدعو لي ويؤمن الحاضرون والله يحفظك؟

    الجواب
    نسأل الله له ولنا الثبات، أقول هذا إن شاء الله يرجى له الخير في المستقبل؛ لأنه يحاول أن يتخلص مما ابتلي به من العادة السرية، وهي الاستمناء، ومن حاول شيئاً مع الإخلاص لله عز وجل ودعاء الله عز وجل؛ فإن الله سبحانه وتعالى إذا علم منه صدق النية؛ أعانه على ذلك، فأنا أقول للأخ: اصدق النية مع الله، وادع الله سبحانه وتعالى في حال السجود، وبين الأذان والإقامة، وفي آخر الليل، فإن ذلك يعينك على أن تقلع عن هذه المسألة.
    أما بالنسبة لصلاة الفجر فحاول أن تنام مبكراً، لأن الذين يتأخرون عن صلاة الفجر إنما يغلبهم النوم، لأنهم لا ينامون إلا متأخرين، وهذا خلاف ما كان الرسول عليه الصلاة والسلام يفعله، فإنه عليه الصلاة والسلام كان يكره النوم قبل العشاء ويكره الحديث بعد العشاء، أي: الكلام، لأن الإنسان إذا سهر بعد العشاء فإنه لا يكاد يقوم لصلاة الفجر، فأنصح هذا الأخ أن يحرص على النوم مبكراً، وأن يوصي أهل البيت بأن يأتوا إليه ويوقظوه، وألا ينصرفوا؛ لأن بعض الناس إذا جاء يوقظ أولاده: يا فلان يا فلان: قم.
    أذن الفجر، ثم ينصرف الرجل الذي جاء يوقظهم، ولا يدري عنهم، لكن مثل هؤلاء الشباب يحتاجون إلى أن تقول لهم: قم، وتقف على رأسه حتى يقوم، وبعض الشباب لا يكفي أن يقوم أيضاً ربما يقوم ثم يرجع وينام، مثل هذا أمسك يده حتى تدخل الحمام.

    (9/33)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم الاستدانة للزواج


    السؤال
    فضيلة الشيخ: نرجو بيان حكم الاستدانة للزواج إذا كان الإنسان بحاجة ماسة للزواج؟

    الجواب
    كما سمعتم في أول كلامنا أن الرسول عليه الصلاة والسلام لم يرشد الذي قال: ليس عندي شيء إلى أن يستدين مع أن الصحابة رضي الله عنهم أحرص الناس على الخير، لو طلب من أي واحد منهم وكان غنياً أن يقرضه لأقرضه؛ لكن لم يرشده إلى ذلك؛ لأن الدين مما يكرهه الرسول عليه الصلاة والسلام ولا يحبذه كما عرفتم، فإذا كان محتاجاً إلى الزواج فإن الله عز وجل قال في كتابه: {وَلْيَسْتَعْفِفْ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [النور:33] وقال الرسول عليه الصلاة والسلام: (يا معشر الشباب! من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء) هكذا قال النبي عليه الصلاة والسلام.
    فالأحسن في حق هذا أن يصبر ويتصبر حتى يفرج الله له، نعم لو كان الرجل عنده راتب ويعرف أن هذا الراتب يمكن أن يوفي منه في خلال سنة مثلاً، فهذا لا بأس أن يستدين لأن الوفاء قريب، وأقول لكم أيضاً: إن الإنسان إذا بلغ به الحد إلى الحاجة الملحة للزواج وليس عنده شيء، وليس له أب ينفق عليه ويزوجه، فإن له أن يأخذ من الزكاة، ويجوز للغني أن يعطيه جميع زكاته حتى يتزوج بها.

    (9/34)


    --------------------------------------------------------------------------------

    شاب يذنب ثم يتوب ثم يعود وهكذا


    السؤال
    فضيلة الشيخ: أنا شاب أعمل ذنباً بعد وسوسة الشيطان، وكلما أعمل هذا الذنب أتوب إلى الله توبة خالصة، ولكني في كل مرة أعود لذلك الذنب وأتوب فما نصيحتك وتوجيهك لي؟

    الجواب
    نصيحتي لك أن تصدق الله في التوبة وسيعينك الله وأقول لك: كلما عملت ذنباً واستغفرت الله وتبت إلى الله توبة نصوحاً خالصة وعزمت ألا تعود في المستقبل، فإن الله يقبل توبتك مهما عملت، قال النبي عليه الصلاة والسلام: (لو لم تذنبوا لذهب الله بكم، وجاء بقوم يذنبون ويستغفرون، فيغفر الله لهم) الحمد لله هذه نعمة كبيرة، فأنت احرص على أن تكون توبتك خالصة، وأن تمتنع من هذه المعصية، ولكن مع ذلك إذا غلبتك نفسك ثم تبت ثانية فإن الله يتوب عليك.

    (9/35)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم سفر الخادمات مع غير المحارم للحج وغيره


    السؤال
    فضيلة الشيخ: ما حكم سفر الخادمة مع الرجل الذي ليس محرماً لها؟ وما رأيك بمن يستعمل حملة خاصة بالخادمات فيحج بهن وهو ليس من محارمهن، وليس معها لا كفيل ولا محرم، فما رأيك بهذا؟

    الجواب
    في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لا يجوز للمرأة أن تسافر بلا محرم، وليس لنا أن نخرج عن قول الله ورسوله مهما كان الأمر، لكن الخادمة إذا كانت في البيت وليس معها محرم واضطر الناس إلى السفر بها لأنه لم يبق في البيت أحد، فحينئذ يسمح لها أن تسافر معهم؛ لأن هذا ضرورة، وبقاؤها في البيت وحدها أشد ضرراً مما إذا سافرت معهم، وأشد خطراً، فإذا قال قائل: لماذا لا نقول له: أعطها أقاربك أو أصدقاءك حتى ترجع؟ نقول نفس الشيء أيضاً، ربما إذا أعطيتها أقاربي أو أصدقائي؛ ربما يكون قلبي مشوشاً ماذا حصل على هذه المرأة، فيبقى الإنسان غير مطمئن، فهذه المسألة تجوز في حالة واحدة وهي: إذا كان الناس معهم خادمة ولا يمكن أن يبقوها وحدها في البيت، فهنا تسافر معهم؛ على أني أقول هذا وأنا أستغفر الله وأتوب إليه.
    والحملة من باب أولى ألا تجوز، لكن مع الأسف أن الناس تهاونوا في هذا الأمر، وصاروا يودعون هؤلاء النساء، كأنهن غنم مع راع لا يدرون عنه نسأل الله السلامة

    (9/36)


    --------------------------------------------------------------------------------
    وأخيراً أسأل الله عز وجل أن يجعل هذا العمل نافعاً، مباركاً، خالصاً لوجهه الكريم
    وأن ينفعني به في حياتي وبعد مماتي، وأن ينفع به كل من انتهى إليه؛ فإنه خير مسؤول، وأكرم مأمول، وهو حسبنا ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.

    حياكم الله بموقع بداية الهداية الخطوة إلى طريق العلم الشرعي الصحيح
    http://www.musacentral.com/

  8. #18
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المشاركات
    2,475
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    23-05-2024
    على الساعة
    01:42 AM

    افتراضي

    اللقاء الشهري

    اللقاء الشهري [10] رقم1؛2
    مع إشراقة شهر هجري جديد يلوح في الآفاق موسم عظيم تمتزج فيه مختلف العبادات، التي حث عليها الشرع ورغب فيها؛ وذلك بدخول الأيام العشر من ذي الحجة؛ إيذاناً بقرب عبادة عظيمة هي حج بيت الله الحرام.
    في ظلال الأيام العشر من ذي الحجة وأيام الحج المباركة كان هذا اللقاء الشهري مع فضيلة الشيخ حيث وضح وبيَّن كثيراً من الأمور المهمة والمتعلقة بتلك العبادات، وما قد يتلبس بها من أخطاء لدى كثير من الناس.

    (10/1)


    --------------------------------------------------------------------------------

    فضل العشر الأول من ذي الحجة
    الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على نبينا محمد خاتم النبيين وإمام المتقين وخليل رب العالمين، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
    أما بعد: فقد سمعتم كلام أخينا الشيخ: حمود بن عبد العزيز الصايغ، بأن هذه المحاضرة عوض عن اللقاء الشهري الذي تقرر ولله الحمد في هذا العام، وكل من المحاضرة واللقاء ذو فائدة عظيمة؛ لأنه يحضره من شاء الله من عباد الله، يأتون إلى هذا المكان يلتمسون العلم وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة) والطرق التي يلتمس بها العلم، طرق للمشاة على الأرجل، وطرق للمشاة بالقلوب، أما الأول فظاهر أن يمشي الإنسان في الأسواق إلى مكان العلم في المساجد أو في المدارس أو في غيرها، وأما الثاني بأن يمشي الإنسان في طريق العلم بقراءة الكتب النافعة التي ألفها من يوثق بعلمهم ودينهم، ككتب شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم والشيخ محمد بن عبد الوهاب وغيرهم من المحققين من أهل العلم، كل تلك طرق يلتمس فيها العلم، وهذه بشرى سارة أن من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة.
    ونحن أيها الإخوة: في هذه الأيام، والليلة هي الخامسة والعشرون من شهر ذي القعدة عام ثلاثة عشر وأربعمائة وألف نستقبل موسماً عظيماً ألا وهو العشر الأول من ذي الحجة التي قال عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر) يعني: أن العمل الصالح في العشر الأول من ذي الحجة أحب إلى الله من العمل الصالح في عشر رمضان الأخيرة؛ لأن الحديث عام (ما من أيام) وأيام نكرة في سياق النفي، مؤكدة بـ (من) ، فتفيد العموم القطعي أنه لا يوجد أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه العشر.
    والقائل بهذا القول هو رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلم الخلق بشريعة الله وأعلم الخلق بالله وبما يحب الله، فلا تستغرب إذا سمعت من يقول: إن العمل الصالح في عشر ذي الحجة أفضل من العمل الصالح في عشر رمضان، لأن هذا له دليل من كلام رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهذا القول الذي قاله النبي صلى الله عليه وسلم لا يريد منا أن نفهم أن العمل الصالح في هذه الأيام أحب إلى الله من غيرها، وإنما يريد أن نفهم ونعمل، نكثر العمل الصالح في أيام العشر الأول من ذي الحجة.
    والعمل الصالح متنوع: قرآن، ذكر، تسبيح، تحميد، تكبير، أمر بالمعروف، نهي عن منكر، صلاة، صدقات، بر بالوالدين، صلة للأرحام، والأعمال الصالحة لا تحصى، إذا تصدقت بدرهم في هذه العشر وتصدقت بدرهم في عشر رمضان فأيهما أحب إلى الله؟ الصدقة في عشر ذي الحجة أحب إلى الله من الصدقة في عشر رمضان (قالوا: يا رسول الله! ولا الجهاد في سبيل الله؟) والجهاد ذروة سنام الإسلام، قال: (ولا الجهاد في سبيل الله) إلا في صورة واحدة: (إلا رجلاً خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء) .
    خرج بنفسه وماله الذي يجاهد عليه، كالفرس والرحل فقتل فلم يرجع بنفسه، وعقر جواده فلم يرجع بجواده، وأخذ ماله فلم يرجع بماله، هذا هو الذي يكون أفضل من العمل في العشر الأول من شهر ذي الحجة، وما عدا ذلك فالعمل الصالح فيها أحب الله من أي وقت كان.

    (10/2)


    --------------------------------------------------------------------------------

    ما يشرع من العمل في عشر ذي الحجة
    فلنستعرض ما الذي يُشرع في هذه الأيام بخصوصه، فنقول: يشرع فيها ذكر، الله لقول الله تعالى: {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ} [الحج:28] والأيام المعلومات هي عشر ذي الحجة فيكثر فيها من الذكر ومن ذلك: التكبير والتهليل والتحميد، تقول: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر، ولله الحمد.
    تُكثر من هذا، تقوله في المساجد جهراً، وفي الأسواق والبيوت، وربما يكون ذكرك هذا في البيوت حرزاً لبيتك من الجن والشياطين؛ لأن الله وصف الشياطين والجن بأنهم: (خناس) يخنسون عند ذكر الله ويختفون ويبعدون.
    الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.
    تذكر ذلك في كل وقت، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يذكر الله على كل أحيانه.
    ومن ذلك: صيام هذه الأيام العشر ما عدا يوم العيد، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصومها كما روى ذلك الإمام أحمد وأصحاب السنن عن حفصة بنت عمر بن الخطاب رضي الله عنهم: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يدع صيامها) وهذا هو القول الراجح.
    وأما حديث عائشة رضي الله عنها الذي في مسلم: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يصوم العشر) فإن العلماء قالوا: إذا تعارض عدلان ثقتان أحدهما مثبت والثاني نافٍ، يقدم المثبت؛ لأن معه زيادة علم.
    وقد يكون نفي عائشة رضي الله عنها نفي علم لا نفي واقع وبهذا يجمع بين الحديثين.
    ثم على فرض أن حديث حفصة غير محفوظ فإن الصيام من أفضل الأعمال فيدخل في قوله: (ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب الله من هذه الأيام العشر) .
    ومما يسن في هذه الأيام الرحيل إلى بيت الله الحرام لأداء العمرة والحج، وهذا أفضل ما يعمل في هذه الأيام بخصوصه، بمعنى أن الأعمال الخاصة في هذه الأيام أفضلها السير إلى بيت الله لأداء العمرة والحج، فإن الحج نوع من الجهاد في سبيل الله، سألت عائشة النبي صلى الله عليه وسلم: (هل على النساء جهاد؟ قال صلى الله عليه وسلم: عليهن جهاد لا قتال فيه: الحج والعمرة) .
    ويشير إلى هذا قول الله عز وجل: {وَأَنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ * وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة:195-196] .
    فعطف إتمام الحج والعمرة على الإنفاق في سبيل الله وهو يشعر بأن الحج نوع من الجهاد في سبيل الله وعلى هذا فإنه يجدر بنا أن نتكلم ولو يسيراً على الحج والعمرة.
    ومما يفعل في هذه الأيام العشر، في آخر يوم منها: التقرب إلى الله بالأضاحي، وهذا يكون لمن لم يحج من المسلمين في بلادهم، أما الحجاج فالمشروع في حقهم الهدي؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أهدى في حجه ولم يضح، وضحى في المدينة في غير سنة حجه.

    (10/3)


    --------------------------------------------------------------------------------

    الحج وشروطه
    بالنسبة للحج: الحج أحد أركان الإسلام التي بني عليها لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج بيت الله الحرام) .
    وقد أجمع المسلمون على فرضيته ولم يختلف اثنان من المسلمين في أن الحج فريضة وهو من المعلوم بالضرورة من الدين، كل المسلمين يعلمون أن الحج فريضة ولكنه لا يجب إلا بشروط.
    الشرط الأول: الإسلام وضده الكفر، فالكافر لا يجب عليه الحج ولا يؤمر به، يقال للكافر: أسلم أولاً ثم صل، ثم زك، ثم نأمره ببقية شرائع الإسلام، ولو حج الكافر لم يصح حجه.
    وبناءً على ذلك نذكر مسألة قد تكون مشكلة وهي: حج من لا يصلي، هل يصح حجه ويقبل منه الحج أو لا؟

    الجواب
    لا يقبل؛ لأنه غير مسلم ولا يجوز أن يمكن من لا يصلي من دخول حدود الحرم؛ لقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا} [التوبة:28] .
    ومن كان معه من لا يصلي -أي: في رفقته- فإنه يجب عليه أن يقول له: أسلم وإلا منعناك من دخول حدود الحرم.
    الشرط الثاني: البلوغ.
    وضده الصغر، فالصغير لا يجب عليه الحج ولكن يصح منه ولا يجزئه، والدليل على أنه يصح منه أن امرأة رفعت إلى النبي صلى الله عليه وسلم صبياً وقالت: (يا رسول الله! ألهذا حج؟ قال: نعم.
    ولك أجر) ولكن نسأل الآن: هل الأولى لمن كان معه أولاد أن يجعلهم يحجون أو لا؟ نقول: في عصرنا نرى ألا يجعلهم يحجون لمشقة الزحام عليهم وعلى أولياء أمورهم، وما دام الله عز وجل لم يفرض الحج عليهم فلنستمتع بهذه الراحة، ثم إن كثيراً من العلماء يقول: إن الإنسان إذا طاف بولده فإنه لا يجزئه الطواف، بل لا بد أن يطوف لنفسه أولاً ثم يطوف بولده ثانياً وهذا لا شك أن فيه مشقة شديدة وكبيرة؛ لهذا نشير على إخواننا الذين معهم أولاد ذكور أو إناث دون البلوغ ألا يمكنوهم من الحج راحة لهم وراحة لأهليهم، والله عز وجل يحب لعباده ويريد بهم اليسر ولا يريد بهم العسر.
    الشرط الثالث: العقل.
    وضده الجنون، فلو أن إنساناً من قبل أن يبلغ كان مجنوناً مخبولاً ليس عنده عقل، فإنه لا يجب عليه الحج؛ لأن القلم مرفوع عنه، حتى ولو كان من أبناء الأغنياء فإنه لا حج عليه ولا يلزمنا أن نُحجِّج عنه؛ لأن الحج ساقط عنه كما أن الصلاة والصيام ساقطة عنه، ولا يجب على المجنون من الأركان الخمسة إلا ركن واحد هو الزكاة.
    الشرط الرابع: الحرية.
    وضدها الرق، فالرقيق لا يجب عليه الحج، ويصح منه ولا يجزئه ويشبهه في ذلك الصغير، وهذا هو المشهور عند أكثر أهل العلم.
    الشرط الخامس: الاستطاعة.
    لقوله تعالى: {مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} [آل عمران:97] فالفقير لا يجب عليه الحج إلا إذا كان قريباً من مكة يمكنه المشي على قدميه فإنه يجب عليه، أما إذا كان لا يمكنه المشي على قدميه، وليس عنده مال يشتري به راحلة توصله إلى مكة فإنه لا حج عليه، أي لا يجب عليه، لكن لو فرض أنه تجشم المشاق وذهب مع الناس وحج أيجزئه أم لا؟ يجزئه.
    إذاً: من لا يستطيع بماله لو أنه حج وتكلف المشاق فإنه يصح منه الحج ويجزئه.
    ومن الاستطاعة ألا يكون على الإنسان دين، فإن كان على الإنسان دين فإن الحج لا يجب عليه، لأنه غير مستطيع، والدين حق آدمي مبني على المشاحة، فالآدمي لا يسامح في حقه، إن أديته حقه في الدنيا وإلا أخذه منك يوم القيامة من أعمالك الصالحة، لكن حق الله مبني على العفو.
    ولهذا لا يجب الحج على من عليه دين إلا في حال واحدة إذا كان الدين مؤجلاً أي مقسطاً وكان المدين واثقاً من وفائه كلما حل قسط وجد الوفاء عنده، وبيده مال عند الحج فهذا يجب عليه الحج؛ لأنه مستطيع، أما إذا كان لا يثق من وفاء الدين، فإنه لا يجب عليه الحج حتى لو كان الدين كثيراً.
    بعض الناس إذا صار الدين كثيراً قال: الدين كثير ولو وفرت نفقة الحج ما قضت من الدين شيئاً، نقول: هذه نظرية خاطئة، قدر أن الدين عشرة ملايين وأنك وفرت من نفقة الحج ألفين ريال، إذا أوفيتها كم يبقى عليك من الدين؟ عشرة ملايين إلا ألفين.
    إذن: سقط عنك الألفان وأنت متق لله ما استطعت، فمن العجب أن بعض الناس لشدة شوقه إلى المسجد الحرام تقول له: يا أخي! الحج ليس واجباً عليك؛ لأنك مدين وليس عندك قدرة على الوفاء، اقض دينك وحج، وأنت لو وافيت الله عز وجل ولم تحج فلا ذنب عليك، كما أن الفقير لا زكاة عليه ولو وافى الله عز وجل لا يعاقبه على عدم الزكاة، لأنه ليس له مال.
    أيضاً هذا المدين الذي يريد أن يحج، نقول له: لو وافيت الله فإنه ليس عليك ذنب؛ لأن من شروط الحج أن يكون لديك مال فاضل عن الدين الذي عليك.
    فإذا تمت الشروط؛ وجب على الإنسان أن يبادر بالحج ولا يؤخر، لقول الله تبارك وتعالى: (فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ} [المائدة:48] {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ} [آل عمران:133] .
    ولما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (من أراد الحج فليتعجل؛ فإن الإنسان لا يدري ما يعرض له) فإذا تمت شروط الوجوب؛ فإنه لا يجوز للإنسان أن يتأخر بل يحج.

    (10/4)


    --------------------------------------------------------------------------------

    كيفية أداء الحج
    أما كيف نؤدي الحج وهو أمر مهم؛ لأن العبادات لا تصح إلا بأمرين: الإخلاص لله والموافقة لشريعة الله عز وجل.
    إذاً: لا بد لكل من أراد الحج أن يعرف كيف يحج من أفواه العلماء، ومن الكتب المؤلفة في ذلك ممن يوثق بعلمه ودينه، وما أكثر الكتب -ولله الحمد- المؤلفة في المناسك، من مختصر جداً ومتوسط ومطول، ولكننا نوجز هذا الآن في الكلمات التالية:

    (10/5)


    --------------------------------------------------------------------------------

    صفة العمرة
    إذا وصلت إلى الميقات فاغتسل كما تغتسل للجنابة، ثم تطيب، ثم البس الإزار والرداء وهما ثياب الإحرام، هذا بالنسبة للرجل، أما المرأة فتلبس ما شاءت من الثياب إلا أنها لا تلبس ثياب زينة تكون متبرجة بذلك.
    ثم صل ركعتين سنة الوضوء أو إذا كانت الفريضة وقتها حاضر فصل الفريضة، ثم بعد ذلك اركب سيارتك وقل: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك، لبيك عمرة، فتلبي بالعمرة وتستمر في التلبية وتكثر منها وترفع صوتك بها إذا كنت رجلاً، أما المرأة فتسر بها.
    واعلم أنه لا يسمع صوتك شجر ولا حجر ولا مدر إلا شهد لك يوم القيامة.
    فإذا وصلت إلى مكة فبادر بأداء العمرة.
    اذهب إلى المسجد الحرام، وتدخل المسجد فتقدم رجلك اليمنى وتقول: باسم الله والسلام على رسول الله، اللهم افتح لي أبواب رحمتك، كسائر المساجد، ثم تتقدم إلى الكعبة، وتبدأ بالطواف فتحاذي الحجر الأسود، تتجه إليه وتستقبله، فإن قدرت على أن تصل إليه بسهولة بدون مشقة عليك ولا على الناس فافعل وقبله وامسحه باليد، وإن لم تقدر فالإشارة كافية، وفي هذا الطواف يسن للرجل شيئان: الشيء الأول: الاضطباع وهو أن يجعل وسط الرداء تحت إبطه الأيمن، وطرفيه على كتفه الأيسر في جميع الطواف، ولا يضطبع قبل الطواف، ولا يضطبع إذا فرغ من الطواف.
    الشيء الثاني: يسن الرمل، ولكن الرمل إنما يسن في الأشواط الثلاثة الأولى فقط، وأما الأربعة الباقية فيمشي فيها كما يمشي على عادته.
    ماذا يقول عند استلام الحجر؟ يقول عند أول مرة: باسم الله والله أكبر، اللهم إيماناً بك، وتصديقاً بكتابك، ووفاءً بعهدك، واتباعاً لسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم، ثم إذا دار وحاذى الحجر يقول: الله أكبر فقط.
    وماذا يقول عند استلام الركن اليماني؟ لا يقول شيئاً لا تكبيرة ولا تسمية؛ لأن ذلك لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم.
    وماذا يفعل في الركن اليماني؟ يستمله بيده فقط، يعني: يمسح عليه بيده اليمنى فقط، ولا تقبيل فيه، ولا تشر إليه لو لم تتمكن من الاستلام، وبين الركن اليماني والحجر الأسود يقول: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [البقرة:201] فإن كان المطاف زحاماً وانتهيت من هذا الدعاء قبل أن تحاذي الحجر الأسود فكرره؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دعا دعا ثلاثاً، كرر ثلاثاً أربعاً خمساً حتى تصل إلى الحجر الأسود.
    وماذا تقول في بقية الطواف؟ تقول ما شئت من ذكر ودعاء وقراءة قرآن؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إنما جعل الطواف بالبيت وبـ الصفا والمروة، ورمي الجمار لإقامة ذكر الله) وأما الكتيب الذي بأيدي كثير من الحجاج والعمار الذي فيه لكل شوط دعاء؛ فإنه بدعة، وكل بدعة ضلالة، فما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يخصص كل شوط بدعاء.
    فإذا أتممت سبعة أشواط فتقدم إلى مقام إبراهيم واقرأ: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة:125] وصل ركعتين خلف المقام تقرأ في الأولى: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون:1] وفي الثانية: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص:1] ثم تنصرف ولا تمكث في هذا المكان لا لدعاء ولا لغيره؛ لأن غيرك من الطائفين أحق منك، إذا أديت السنة فلا تحجزه على غيرك.
    ثم إذا فرغت من الركعتين فاذهب إلى الركن، أي: إلى الحجر الأسود واستلمه، أي: امسحه بيدك اليمنى بدون تقبيل وبدون تكبير، فإن لم يتيسر فلا تذهب ولا بإشارة، اخرج إلى الصفا، فإذا دنوت من الصفا، فاقرأ قول الله تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} [البقرة:158] واقرن ذلك بقولك: أبدأ بما بدأ الله به، واصعد الصفا، حتى ترى الكعبة، ثم استقبلها رافعاً يديك رفع الدعاء هكذا، تكبر ثلاثاً، وتقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده أنجز وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده.
    ثم تدعو بما شئت، ثم تعيد الذكر مرة ثانية، ثم تدعو، ثم تعيده مرة ثالثة، ثم تنزل متجهاً إلى المروة، وحينئذ تجد بين يديك عمودين أخضرين، فالسنة للرجل فيما بين هذين العمودين أن يسعى سعياً شديداً -أي: يركض ركضاً شديداً- إذا كان المسعى واسعاً، أما إذا كان ضيقاً فلا تتعب نفسك ولا تتعب غيرك، وامش كما يمشي الناس، فإذا وصلت إلى العلم الآخر فامش ولو كان في المسعى سعة، امش مشياً عادياً إلى أن تصل إلى المروة فتصعد عليها، وتستقبل القبلة وترفع يديك وتقول: ما قلته على الصفا، هل يكرر الساعي قول الله تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} [البقرة:158] كلما أتى على الصفا أو كلما أتى على المروة؟ لا.
    ولا تغتر بفعل العامة، هذه الآية لا تتلى إلا إذا دنوت من الصفا أول مرة فقط.
    وماذا يقول الساعي في بقية سعيه؟ يقول ما شاء، إلا أنه يروى عن ابن مسعود أنه كان يقول بين العلمين وهو يركض: (رب اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم) فإن قلتها فحسن، وإن قلت غيرها فحسن، ليس فيه توقيت عن الرسول صلى الله عليه وسلم، فإذا أتممت سبعاً وهنا أسأل: أين يكون الختام على الصفا أم على المروة؟ يكون على المروة، لكن إن قالت لك نفسك عند الصفا: إنك قد أتممت فهذا خطأ؛ لأنك إما أن تكون زدت شوطاً أو نقصت، لا يمكن أن يكون آخر السعي إلا على المروة، فإذا أتممت السعي سبعاً فقصر من شعر رأسك، وليكن التقصير تقصيراً مجزئاً عاماً لكل الرأس، فلا يجزئ أن يقص شعرات من رأسه ولو من كل جانب، بل لا بد أن يشمل الرأس بحيث يظهر على الرأس أنه مقصر، وبذلك تحل الحل كله، وتعود كما كنت قبل الإحرام، تلبس ما شئت مما أباح الله، وتتطيب، وإذا كان أهلك معك فهم حلال، وتبقى محلاً إلى يوم الثامن من ذي الحجة.

    (10/6)


    --------------------------------------------------------------------------------

    صفة الحج
    ماذا نفعل في اليوم الثامن؟ نغتسل في المكان الذي نحن فيه ونتطيب ونلبس ثياب الإحرام، ونقول: لبيك حجاً، لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك، ونبقى في منى نصلي بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر قصراً بلا جمع، فإذا طلعت الشمس فقد انتهى عمل اليوم الثامن.
    ماذا نعمل في اليوم التاسع؟ إذا طلعت الشمس فإن الحاج يسير إلى عرفة، فإن تيسر له أن ينزل في نمرة وهي مكان معروف فليفعل، وإن لم يتيسر فليستمر حتى يصل إلى عرفة وينزل في أي مكان كان من عرفة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم وقف في عرفة وقال: (وقفت هاهنا وعرفة كلها موقف) فيقف في أي مكان لكن لا بد أن يتأكد أنه داخل حدود عرفة، وقد وضعت الدولة وفقها الله علامات واضحة بارزة تحدد عرفة، ولا تغتر بمن ينزل قبل الحدود ولو كثروا، بل سر حتى تتيقن أنك دخلت في حدود عرفة، وتبقى في عرفة فإذا زالت الشمس، فأذن وصل الظهر ركعتين والعصر ركعتين؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في بطن عرنة الظهر ركعتين والعصر ركعتين وجمع بينهما جمع تقديم، فاتبع نبيك، ثم بعد هذا تتفرغ للذكر والدعاء وقراءة القرآن، ولو أن تكرر لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لو تكررها من صلاة العصر المجموعة مع الظهر إلى غروب الشمس لكان هذا خيراً؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (خير الدعاء دعاء يوم عرفة وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير) مع أن أكثر المسلمين عندهم أذكار أخرى، عندهم القرآن، عندهم دعاء، يدعون الله بما شاءوا من خير الدنيا والآخرة، هذا مكان دعاء وزمان دعاء، ادع الله بما شئت ولا سيما في آخر اليوم.
    إذاً: ماذا فعلنا في اليوم التاسع؟ صلاة الظهر والعصر جمعاً وقصراً، التفرغ للدعاء والذكر، فإذا لحقك ملل؛ لأن الإنسان قد يمل من الظهر إلى المغرب، إذا لحقك ملل فلا بأس أن تعطي نفسك حظها من الراحة إما بنوم أو بمطالعة كتاب أو ببحث مع إخوانك فيما ينفع بدون جدال، وينبغي إذا أراد الإنسان أن يقرأ كتاباً في هذا اليوم، أن يحرص على الكتب التي ترقق القلوب وتستدعي الخشوع؛ لأن المقام يقتضي ذلك.
    وبعد غروب الشمس فقد انتهى العمل في عرفة، فيسير الحاج منها إلى مزدلفة ويصلي بها المغرب والعشاء جمعاً وقصراً -والتي تقصر هي العشاء، أما المغرب فلا تقصر- وينام في مزدلفة إلى أن يطلع الفجر، ثم إذا طلع الفجر صلى الفجر بعد الأذان، وسنة الفجر يصليها ولا يتركها، يصلي الفجر ويبقى يذكر الله عز وجل إما في مكانه؛ أو إن تيسر له أن يذهب إلى المشعر الحرام الذي فيه المسجد اليوم فليفعل، وإن لم يتيسر ففي مكانه لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (وقفت هاهنا وجمع -يعني مزدلفة - كلها موقف) حتى يسفر فإذا أسفر جداً دفع قبل أن تطلع الشمس.
    إذاً: ماذا نفعل في هذه الليلة؟ نتوجه من عرفة إلى مزدلفة ونصلي فيها المغرب والعشاء جمعاً وقصراً ونبيت إلى أن يطلع الفجر ثم نصلي الفجر بعد الأذان وركعتي الفجر، ثم بعد ذلك نبقى في مزدلفة إلى الإسفار جداً نذكر الله عز وجل ونستغفره، ثم ندفع إلى منى، وهنا نسأل هل يجوز أن ندفع من مزدلفة قبل الفجر؟ نقول: نعم.
    يجوز لكن في آخر الليل، وكانت أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما ترقب القمر فإذا غاب مشت إلى منى، فيجوز أن يدفع من مزدلفة في آخر الليل، يعني: حول الساعة الثانية من الليل أو قريباً من ذلك، ولكن الأفضل أن تبقى في مزدلفة حتى تصلي الفجر وتذكر الله عز وجل، ثم تنصرف إلا إذا كان معك نساء أو صغار أو ضعفاء يشق عليهم مزاحمة الناس فانصرف أنت وإياهم قبل الفجر؛ لأجل أن تصلوا إلى منى قبل الفجر فترموا جمرة العقبة قبل أن يحصل الزحام من القادمين من مزدلفة؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم رخص للنساء ولا سيما الضعيفات أن ينصرفن من مزدلفة في آخر الليل.
    وكان ابن عمر رضي الله عنهما يبعث بأهله من مزدلفة في آخر الليل حتى يوافوا منى في صلاة الفجر، أما هو فيبقى في مزدلفة فيرموا الجمرة هناك قبل الفجر أو مع الفجر، وهذا هو فائدة الترخيص، أن يرخص للناس الضعفة في الدفع في آخر الليل، وأما حديث ابن عباس رضي الله عنهما: (أن النبي صلى الله عليه وسلم بعثه في أغيلمة بني عبد المطلب وقال أُبَيْنيَّ لا ترموا حتى تطلع الشمس) فهذا حديث اختلفت العلماء في صحته، فمنهم من ضعفه وقال: لا حجة فيه، ومنهم من صححه، وعلى القول بالتصحيح يكون هذا النهي من باب التنزيه والأولى لا من باب التحريم، إذ أننا لا نعلم أن للتقدم من مزدلفة فائدة إلا أن يرمي الإنسان قبل حطمة الناس، ثم إن رمي جمرة العقبة يكون من أول ما يأتي الإنسان إلى منى، ولهذا قال بعض العلماء: رمي جمرة العقبة تحية منى، كما أن الركعتين تحية المسجد، ويدل على ذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم رمى جمرة العقبة يوم العيد على بعيره قبل أن يذهب إلى رحله، أي: ما نزل في رحله، بل مشى (على طول) سلك الطريق الوسطى التي تخرج على جمرة العقبة، ثم رماها وهو على بعيره، مما يدل على أن الأفضل لمن وصل إلى منى سواء كان بعد طلوع الشمس أو في آخر الليل أن يبادر بالرمي وهو كذلك.
    ولننظر ماذا نفعل يوم العيد وهو أكثر الأيام أنساكاً، ولهذا يسمى يوم الحج الأكبر.
    إذا وصل الحاج إلى منى فماذا يبدأ به؟ يبدأ برمي جمرة العقبة بسبع حصيات متعاقبات يكبر مع كل حصاة: الله أكبر، الله أكبر، حتى يتم سبع حصيات، ولا يشترط أن تصيب الحصاة الشاخص -العمود القائم- لأن هذا العمود إنما جعل علامة على المكان، الشرط الذي لا بد منه أن تقع الحصاة في الحوض في المرمى، أما أن تضرب العمود القائم فليس بشرط، بعد رمي جمرة العقبة نذبح الهدي، وبعد ذبح الهدي نحلق ثم نتحلل ونتطيب وننزل إلى مكة لطواف الإفاضة والسعي، والطواف هنا طواف الحج؛ لأن طواف العمرة سبق والسعي سعي الحج؛ لأن سعي العمرة قد سبق، ثم نرجع إلى منى ونبقى فيها، وحينئذ نجد أن الحاج يفعل يوم العيد خمسة أنساك: الأول: رمي جمرة العقبة.
    الثاني: النحر.
    الثالث: الحلق والتقصير.
    الرابع: الطواف.
    الخامس: السعي.
    والأفضل أن ترتبها هكذا، فإن قدمت بعضها على بعض فلا حرج عليك؛ فالأمر واسع، حتى لو قدمت السعي على الطواف فإن ذلك جائز؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسأل في الرمي والتقديم والتأخير فما سئل عن شيء يومئذ قدم ولا أخر إلا قال: (افعل ولا حرج) وهذا من توسيع الله عز وجل على العباد أن جعل كل واحد يفعل ما يتيسر له، حتى لا يجتمع الناس على شيء واحد فيتضايقوا، ولهذا تجد الناس يوم العيد متفرقين، هذا يرمي، وهذا ينحر، وهذا يطوف، وهذا يسعى حتى يتسع المجال للأعمال.
    إذاً نرجع إلى يوم العيد، ماذا يصنع الحاج يوم العيد؟ يدفع من مزدلفة إلى منى، فيرمي جمرة العقبة، ثم النحر، ثم الحلق والتقصير، ثم الطواف والسعي، والأفضل أن تكون مرتبة هكذا وإن قدم بعضها على بعض فلا حرج.

    (10/7)


    --------------------------------------------------------------------------------

    مسائل في الحج
    وهنا مسائل للأعمال التي تفعل في يوم العيد، أولاً: هل يجب أن نلقط الحصى من مزدلفة أو السنة أن نلقطه من منى؟ السنة أن يُلقط من منى؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر ابن عباس أن يلقط له الحصى وهو على بعيره، وهذا يدل على أنه لقطه من منى، والظاهر أنه لقطه له وهو واقف على الجمرة؛ لأجل أن يرمي به.
    ثانياً: لو سقطت الحصاة من يدك وأنت ترمي فهل يجوز أن تأخذ من الحصى الذي تحت قدمك وترمي به؟

    الجواب
    نعم، يجوز ولو كانت الحصاة قريبة من الحوض.
    ثالثاً: لو أنه رمى خمساً وسقطت حصاتان من يده، ومع الزحام خرج وأخذ حصاتين ورمى بهما بعد أن أبعد عن الزحام هل يجوز هذا أو لا؟ الجواب: يجوز؛ لأن الموالاة في الرمي ليست بشرط عند كثير من العلماء، وإذا قلنا: إنها شرط فإن فواتها في مثل هذه الصورة ضرورة، فلا بأس.
    رابعاً: هل يجوز أن يؤخر الرمي إلى ما بعد الظهر؟ نعم يجوز، وإلى ما بعد الغروب فيجوز لكنه سيتوقف على ذلك التحلل؛ لأنه إذا لم يرم فإنه لا يتحلل؛ لكن بعض الفقهاء يقول: إنك إذا فعلت اثنين من ثلاثة حللت التحلل الأول، والثلاثة هي الرمي والحلق والطواف، يقول: إذا فعلت اثنين من هذه الثلاثة حللت التحلل الأول، وإذا أضفت إلى ذلك السعي حللت التحلل كله.
    خامساً: هل يتوقف الحل على ذبح الهدي أو لا يتوقف؟ بمعنى لو رمى الإنسان وحلق قبل أن ينحر هل يحل أو نقول لا تحل حتى تنحر؟ يحل ولا علاقة للذبح بالتحلل، بمعنى أنك تحل وإن لم تذبح الهدي، وبهذا يزول الإشكال الذي يشكل على بعض الحجاج الذين يعطون دراهمهم شركة الراجحي أو غيرها للهدي، فيقول مثلاً: هل أحل وأنا لا أدري هل ذبحوا الهدي أم لا؟ نقول: ليس لك شأن في هذا؛ سواء ذبحوها أم لم يذبحوها؛ لأن النحر لا علاقة له بالتحلل.
    سادساً: هل يجوز أن يؤخر الطواف والسعي إلى الليل؟ الجواب: نعم يجوز إلى الغد وإلى ما بعد الغد وإلى آخر يوم من الشهر، ولا يجوز أن يؤخر عن شهر ذي الحجة؛ لأن الله قال: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} [البقرة:197] فلا يجوز أن تؤخر الطواف عن آخر شهر ذي الحجة، ومع ذلك ما دمت لم تطف، فإنه باق عليك التحلل الثاني، فلا يحل لك النساء حتى تكمل ما يكون به التحلل الثاني.
    سابعاً: لو أن الإنسان طاف اليوم وأخر السعي إلى اليوم الثاني هل يجوز ذلك؟ الجواب: نعم يجوز؛ لأنه لا تشترط الموالاة بين الطواف والسعي، لكن الأفضل الموالاة، أما الوجوب فليس بواجب، ولهذا يجوز أن تطوف في أول النهار وتسعى في آخره، أو أن تطوف في النهار وتسعى في الليل أو بالعكس؛ لأن الأمر في هذا واسع والموالاة ليست بشرط.
    ثم في اليوم الثاني من أيام منى وهو اليوم الحادي عشر يذهب الحجاج إلى رمي الجمرات الثلاث بعد زوال الشمس، أي: بعد دخول وقت الظهر، فيرمون الجمرة الأولى وهي التي تلي مسجد -الخيف وهي أبعد الجمرات الثلاث عن مكة - بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة، ثم يتقدم فيقف مستقبلاً القبلة رافعاً يديه يدعو الله سبحانه وتعالى دعاء طويلاً، ثم يرمي الوسطى كذلك ويقف بعدها مستقبلاً القبلة رافعاً يديه، فيدعو الله سبحانه وتعالى دعاءً طويلاً ثم يرمي جمرة العقبة كذلك، أي: بسبع حصيات ولا يقف عندها، هكذا السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
    فإن شق عليه الوقوف طويلاً فليقف ولو يسيراً من أجل إحياء السنة.
    وفي اليوم الثاني عشر كذلك يرمي الجمرات الثلاث بعد الزوال كما ذكرنا، ثم إن شاء بقي إلى اليوم الثالث عشر وإن شاء خرج، فإن خرج فهو المتعجل، وإن بقي فهو أفضل، لقول الله تعالى: {فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ} [البقرة:203] .
    وهنا نسأل قوله: {فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ} [البقرة:203] هل يدخل فيهما يوم العيد أو لا يدخل؟ لا يدخل؛ لأنه لو دخل فيهما يوم العيد لكان يجوز أن يتعجل في اليوم الحادي عشر وليس كذلك، وقد فهم بعض العامة أن قوله: (فمن تعجل في يومين) منهما يوم العيد وليس كذلك؛ لأن الله قال: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ} [البقرة:203] والأيام المعدودات هي أيام التشريق.
    وأيام التشريق لا تكون إلا بعد العيد، ثلاثة أيام بعده، سميت أيام التشريق؛ لأن الناس يشرقون فيهن اللحم، أي: ينشرونه في الشمس حتى ييبس ولا يتعفن.
    وبهذا انتهى الحج فإذا أراد أن يرجع إلى بلده؛ فإنه لا يرجع حتى يطوف للوداع.
    قال أهل العلم: وإن أخر طواف الإفاضة -طواف الحج- فطافه عند الخروج ونوى طواف الإفاضة أجزأ عن الوداع، وإن نواهما جميعاً أجزأ عنهما، وإن نوى الوداع وحده لم يجزئ عن طواف الإفاضة وهذه مسألة يجب أن ننتبه لها.
    الذي يؤخر طواف الإفاضة حتى يطوفه عند خروجه له ثلاث حالات: الأولى: إما أن ينوي به طواف الوداع، فهنا لا يجزئه عن طواف الإفاضة ويبقى عليه طواف الإفاضة، وهو ركن من أركان الحج.
    الثانية: أو ينوي به طواف الإفاضة فقط فهذا يجزؤه عن طواف الوداع.
    الثالثة: أو ينويهما جميعاً فيجزئ عنهما جميعاً.
    وبهذا انتهت أعمال الحج.

    (10/8)


    --------------------------------------------------------------------------------

    العبادات التي يشارك فيها الناس الحجاج
    ونعرج يسيراً إلى أهل البلاد الأخرى غير أهل مكة وهم أهل البلاد الذين لم يقدر لهم الحج فهل عوضهم الله عز وجل بعبادات أخرى ليشاركوا الحجاج في عباداتهم؟

    الجواب
    نعم، أهل البلاد الأخرى يشاركون الحجاج في الذكر في هذه الأيام العشر، فبينما الحجاج تعج أصواتهم بالتلبية تعج أصوات أهل البلاد الأخرى بالتهليل والتكبير.
    وبينما الحجاج والعمار يعظمون الله عز وجل بترك أخذ الشعور، نجد أن أهل البلاد الذين يضحون ويتقربون إلى الله بترك أخذ الشعور والأظفار والجلود، فمن دخل عليه العشر وأراد أن يضحي؛ فإنه لا يأخذ من شعره ولا من بشرته ولا من ظفره شيئاً حتى يضحي.
    أهل الحج يذبحون يوم العيد هداياهم، وأهل البلاد يذبحون يوم العيد ضحاياهم، ولهذا كانت الضحايا التي تذبح يوم العيد من شعائر الله عز وجل التي يتقرب بها الإنسان إلى الله، بالذبح لا بالصدقة باللحم، الصدقة باللحم لا شك أنها قربة؛ لكن أهم شيء هو الذبح تقرباً إلى الله عز وجل، ولهذا فرق النبي صلى الله عليه وسلم بين شاة اللحم وشاة الأضحية فقال: (من ذبح قبل أن يصلي فشاته شاة لحم، ومن ذبح بعد الصلاة فقد أصاب النسك وسنة المسلمين) ففرق بين اللحم وبين الأضحية، ولهذا كان من الخطأ أن بعض الناس يعطي هيئة الإغاثة أو غيرها دراهم ليضحى بها عنه في بلاد أخرى.
    نقول: الأضحية شعيرة تتعلق بالإنسان نفسه فاذبحها أنت بيدك إن استطعت أو وكل من يذبحها واحضرها وكل منها؛ لأن الله أمر بالأكل منها، بل جعل الأكل قبل الإطعام، قال: (كلوا منها) وماذا؟ (وأطعموا) ولهذا ذهب بعض العلماء إلى وجوب الأكل من الأضحية، ومن دفع دراهم ليضحى بها في بلاد أخرى هل يمكن أن يأكل منها؟ لا.
    إذن: نقول ضح في بلدك وكل، أما إخوانك المسلمون المحتاجون، فابعث إليهم بالدراهم، ابعث إليهم بالأطعمة، ابعث إليهم بالأكسية، فضل الله واسع، أما أن تترك شعيرة من شعائر الإسلام لتقام في بلاد بعيدة عنك، فهذا خلاف ما تقتضيه السنة، ولا يضحي الإنسان إلا بما تحقق فيه أربعة شروط: الأول: أن يكون من بهيمة الأنعام وهي الإبل، والبقر، والغنم.
    الثاني: أن يبلغ بلغ السن المعتبر شرعاً؛ وهو نصف سنة في الضأن، وسنة في الماعز، وسنتان في البقر، وخمس سنين في الإبل، فما دون ذلك لا يضحى به.
    الثالث: أن يكون سليماً من العيوب المانعة من الإجزاء، وقد بينها النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: (أربع لا تجوز في الأضاحي: العوراء البين عورها، والمريضة البين مرضها، والعرجاء البين ضلعها، والعجفاء التي لا تنقى) أي: الهزيلة ليس فيها مخ.
    الرابع: أن يكون في الوقت المحدد وهو ما بعد صلاة العيد إلى ثلاثة أيام بعده.
    فلو ذبح الأضحية قبل الصلاة لم تجزئ، ولو ضحى بعد مضي أيام التشريق لم يجزئ، فلا بد أن تكون في الأيام المعتبرة شرعاً.
    هذا وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا وإياكم ممن حجه مبرور، وذنبه مغفور، وسعيه مشكور، وأن يتقبل منا جميعاً بمنه وكرمه، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
    والآن مع الأسئلة التي عند الأخ الشيخ حمود بن عبد العزيز الصايغ.
    وأخيراً أسأل الله عز وجل أن يجعل هذا العمل نافعاً، مباركاً، خالصاً لوجهه الكريم
    وأن ينفعني به في حياتي وبعد مماتي، وأن ينفع به كل من انتهى إليه؛ فإنه خير مسؤول، وأكرم مأمول، وهو حسبنا ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.

    حياكم الله بموقع بداية الهداية الخطوة إلى طريق العلم الشرعي الصحيح
    http://www.musacentral.com/

  9. #19
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المشاركات
    2,475
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    23-05-2024
    على الساعة
    01:42 AM

    افتراضي

    حكم الاستدانة للحج


    السؤال
    فضيلة الشيخ! ذكرتم أن من شروط الحج الاستطاعة، ونجد أن الكثير ممن يأتي من غير أهل هذه البلاد يأتون ولا استطاعة لهم، بل نجدهم يستدينون ويشق عليهم الحج أشد المشقة، ولكنهم يخشون ألا تتيسر لهم الفرصة، فهل يمنعون من أداء الحج بهذا السبب أم يقال لهم إذا جاءتكم الفرصة فحجوا ثم ييسر الله لكم سداد الديون فيما بعد؟

    الجواب
    نقول لهم: إن الرأي والشرع يقتضي ألا تحجوا وعليكم الدين، وألا تستقرضوا للحج، نقول: اقبلوا رخصة الله حيث خفف عنكم، وأنتم إذا وافيتم الله ولم تحجوا لعدم استطاعتكم فلا إثم عليكم.

    (10/11)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم الذهاب إلى مكة لأداء العمرة في أيام الحج


    السؤال
    ذكرتم حفظكم الله أنه يشرع في أيام العشر الرحيل إلى بيت الله الحرام؛ لأداء العمرة أليس في هذا مشقة ومضايقة لمن أتى إلى مكة لأداء العمرة والحج؟ هذا فقط أريد أن يكون عليه التنبيه.


    الجواب
    نحن نريد لأداء العمرة والحج، ونريد أيضاً لأداء العمرة؛ لأن العمرة مشروعة في أشهر الحج التي أولها شوال وآخرها ذو الحجة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعتمر إلا في أشهر الحج؛ حتى إن بعض العلماء تردد: هل العمرة في أشهر الحج أفضل أو العمرة في رمضان أفضل؟ لأن عمر الرسول صلى الله عليه وسلم كلها في أشهر الحج، عمرة الحديبية في ذي القعدة في أشهر الحج، عمرة القضاء في ذي القعدة في أشهر الحج، عمرة الجعرانة في ذي القعدة في أشهر الحج، عمرة حجة الوداع في ذي القعدة وذي الحجة في أشهر الحج، فلو أن الإنسان تيسر له أن يأتي للعمرة في أشهر الحج، في ذي القعدة في آخر شوال فذلك يكون طيباً؛ ونحن حيث قلنا يسير الناس أو يرتحل الناس إلى مكة فإنما قصدنا بذلك أن يؤدوا العمرة والحج جميعاً.
    وأما مسألة التضييق فقد قال بعض المعاصرين: ينبغي للإنسان إذا أدى الفريضة ألا يحج؛ لأنه يضيق على الناس ولكننا لا نرى هذا الرأي، نقول: الحج رغب فيه الشرع وحث عليه لكن بعد القدرة، والزحام الذي يحدث للناس والمشقة التي تأتي للناس لا تكون إلا من سوء التصرف، ولو أن الناس عملوا بهدوء وطمأنينة وخشوع ما حصلت هذه الأذية، ولهذا نرى أن الناس إذا كانوا يؤدون المناسك بهدوء وخشوع وتعبد لله لا يحصل لهم أذية أبداً؛ لأن الأذية تحصل من الجدال والمخاصمة والمغالبة لا من الكثرة.

    (10/12)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حج التطوع مع وجود المشقة والمزاحمة في الحج


    السؤال
    حول الموضوع الذي أشار إليه: فضيلة الشيخ هذا سائل يقول: شوقتمونا يا فضيلة الشيخ! للحج وفقنا لله ووفقكم لكل عمل صالح، ولكن ما قولكم بمقالة العامة: من حج فرضه فليقعد بأرضه، وكذلك النساء هل يمنع الولي زوجته أو ابنته أو أخته عن الحج بحجة الزحام وهي تريد التطوع لهذا السبب، أم أن الأفضل التزود وخصوصاً أن النبي صلى الله عليه وسلم سماه جهاداً والجهاد يرغب فيه ويتزود منه، وما رأيكم بمن يقول: لا تزاحموا الناس، أرجو التفصيل؟

    الجواب
    قلنا: الأفضل أن يحج ولكن يحرص على أن لا يتأذى ولا يؤذي بالمزاحمة، وأن غالب المشقة التي تحصل إنما هو من سوء التصرف فيما بين الناس.

    (10/13)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم الطواف بالصبي وعمن تجزئ


    السؤال
    فضيلة الشيخ ذكرتم وفقكم الله أن من طاف بولده لم يجزئه الطواف حتى يطوف عن نفسه أولاً ثم يطوف بولده فما دليل ذلك من الكتاب أو السنة؟ وما رأيكم بمن يقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقل للمرأة التي رفعت صبيها للنبي صلى الله عليه وسلم وقالت: (ألهذا حج؟ قال: نعم) فلم يقل لها بالتفصيل هذا أرجو إقناع من يعترض على ذلك بهذا الحديث؟

    الجواب
    نحن قلنا إن بعض العلماء يقول بهذا، أما رأيي في الموضوع فإنه إذا كان الولد المحمول يعقل النية وقال له أبوه أو حامله الذي يطوف: انو الطواف فحمله ونوى الطواف عن نفسه والحامل نوى الطواف عن نفسه، نرى أن هذا يجزئ فيجزئ عن الاثنين؛ وذلك لأن المحمول استقل بنيته، أما إذا كان المحمول لا يعقل النية ونوى الحامل عنه وعن المحمول فلا يمكن أن تكون نيتان في فعل واحد ويجزئ عن اثنين، هذا ما نراه في هذه المسألة.
    وأما حديث المرأة فالرسول عليه الصلاة والسلام لم يذكر لها إلا أن له حجاً فقط، ولم يقل غير ذلك، ولم يتعرض للطواف ولا للسعي، ولا للوقوف ولا لغيرها، فليس فيه دليل على أنه يجزئ أن يحمل الإنسان صبياً لا يعقل النية ثم ينوي عنه وعن الصبي.

    (10/14)


    --------------------------------------------------------------------------------

    المقصود بقوله تعالى: (وَلَيَالٍ عَشْرٍ)


    السؤال
    فضيلة الشيخ أشرتم إلى أن هذه الليالي العشر أفضل من العشر الأخيرة من رمضان فهل هي المرادة بقوله تعالى: {وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ} [الفجر:1-2] هل هي عشر ذي الحجة أم عشر رمضان، وإذا كان المراد عشر ذي الحجة فلماذا قال: (وليال) ولم يقل: وأيام، وتكون عشر ذي الحجة هي الأيام المعلومات في قوله تعالى: {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ} [الحج:28] وهل لـ شيخ الإسلام كلام في هذا؟

    الجواب
    نحن قلنا: إن هذه الأيام من أفضل أيام العشر، أما الليالي فسكتنا عنها، وذلك أن العلماء رحمهم الله قالوا: إن الأيام تطلق والمراد بها الليالي، والليالي تطلق ويراد بها الأيام، ففي قوله تعالى: {وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ} [الفجر:1-2] يرى بعض العلماء بل أكثر المفسرين أن المراد بها عشر ذي الحجة، ويرى آخرون أن المراد بها ليالي عشر رمضان، والقول الأول يقول: إنه يعبر في اللغة العربية بالليالي عن الأيام والليالي وحينئذ لا إشكال، لكن بعض أهل العلم رحمهم الله قال: إن ليالي عشر رمضان الأخيرة أفضل؛ لأن فيهن ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر، وأما أيام عشر ذي الحجة فهي أفضل من أيام عشر رمضان ففرق بين الليالي والأيام، وعلى كل حال نحن نحث إخواننا على أن يعملوا صالحاً في هذه الأيام العشر، عشر ذي الحجة ليلاً ونهاراً.

    (10/15)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم حج من بلغ ولم يصل بعد


    السؤال
    فضيلة الشيخ! طفل بلغ منذ سبعة أيام ولم يصل صلاة واحدة إلى الآن وهو يريد الحج، فهل على الناس منعه من الحج لكونه كافراً أو لا يمنعوه؟

    الجواب
    الواجب على هذا الطفل الذي بلغ منذ سبعة أيام أن يصلي، والواجب على وليه أن يأمره بالصلاة، ولا أعتقد أن طفلاً بهذا السن يمتنع عن الصلاة، الذي يخشى عليه الامتناع من الصلاة الكبير، أما هذا بمجرد ما يقول له أبوه: صل ويلزمه بالصلاة فسيصلي، وعلى هذا فنلزمه بأن يصلي ولا أظن من له سبعة أيام على البلوغ أنه يمتنع عن أبيه إذا أمره بالصلاة.

    (10/16)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم توزيع الأضحية بين الناس من باب المجاملات والمحاباة


    السؤال
    أشرتم وفقكم الله إلى الأضحية، والأضحية نجدها عند كثير من الناس تدخل فيها المجاملات والمحاباة، فنجد أن المسكين والفقير لا تصل إليه، بل أعطني وأعطك وهكذا فعل كثير من الناس، فمن أعطاه أحسن رد إليه الأحسن، فما هو المشروع في توزيعها؟ وهل من حث للناس على أن يغيروا هذه العادة؟ وما رأيكم وفقكم الله في جماعة أرادوا أن يجمعوا لحم الصدقة ويوزعوه على الفقراء فما رأيكم لو تأخر عن أيام الذبح الثلاثة؟

    الجواب
    أما الشق الأول من السؤال، وهو أن لحوم الأضاحي صارت يحابى فيها ويجامل، وأعطني أعطك، فلا شك أن هذا خلاف المشروع، هذا اللحم لحمٌ تُعبِّد بذبح البهيمة فيه إلى الله عز وجل؛ فينبغي أن يكون على مراد الله، يأكل الإنسان ما شاء ويهدي ما شاء ويتصدق بما شاء، واختار بعض العلماء أن يكون ذلك أثلاثاً: يأكل ثلثاً، ويهدي ثلثاً، ويتصدق بثلث، حتى ينفع نفسه بما يأكل، وينفع الفقراء بما يتصدق به عليهم، ويجلب المودة بينه وبين الناس بما أهداه إليهم، هذا هو الأفضل، ومع ذلك فليس بلازم أن يكون التوزيع هكذا، ثلثاً وثلثاً وثلثاً، بل لو أكل النصف وأهدى وتصدق بالباقي، أو أكل النصف وتصدق بالباقي فلا بأس، إنما اختار أكثر العلماء أن يجعلها أثلاثاً: ثلثاً له وثلثاً للهدية وثلثاً للصدقة.
    أما الشق الثاني وهو أن تجمع لحوم الصدقة ثم تعطى الفقراء على حسب حاجتهم فهذا لا بأس به، المهم أن تذبح في وقت الذبح أما أكل اللحم وتوزيعه فلا حد له.

    (10/17)


    --------------------------------------------------------------------------------

    ظاهرة توزيع الأراضي على أصحاب الحملات وضررها


    السؤال
    فضيلة الشيخ: سمعنا أنه في هذا العام تم توزيع بعض الأراضي على أصحاب الحملات، ولكن خصم أكثر من النصف، فلا يعطى إلا (45%) من نصيبه حتى اضطر بعضهم إلى أن يستأجر عمائر في العزيزية ليجلس بها هو ومن معه في النهار، ويأتي إلى منى أول الليل ثم ينصرف نصف الليل، فما رأيك في هذا؟ وما حكم الحجاج الذين معه إذا فات شرطهم وقد شرط عليهم المبيت بـ منى أرجو توضيح الأمر خوفاً من الخطورة؟

    الجواب
    أما الشق الأول وهو أن تستأجر في العزيزية أو خارج منى بيوتاً يسكن فيها الحجاج فهذا فيه تفصيل: إذا كان لم يتيسر له أن يأخذ مكانين، ولم يتيسر له إلا هذا المكان الضيق الذي لا يسع إلا نصف الحجاج الذين معه فهذه ضرورة ولا بأس، ولكن يحرصون على أن يكون مبيتهم في منى وإقامتهم في المكان الآخر.
    وأما الشق الثاني: وهو النزاع المتوقع بين صاحب الحملة وبين المحمولين فأرجو ألا يكون نزاع، وإن حصل النزاع فهناك جهات مختصة تفصل بين الناس.

    (10/18)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم دخول مكة من غير طريق التفتيش


    السؤال
    فضيلة الشيخ! غير أهل هذه البلاد يمنعون أن يحجوا إلا بعد مضي خمس سنوات، السؤال: هل يجوز لنا أن نحج بالوصول إلى مكة من طريق ليس فيه تفتيش، أو نمشي على الأقدام، وإن منعنا هل نعتبر من المحصورين أو لا؟

    الجواب
    الأولى لمن حج ولم يحصل على الترخيص أن يقول عند الإحرام: إن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني؛ حتى إذا منع تحلل ورجع بدون إحرام، أو تحلل وبقي في مكة، المهم أنه يحل بدون أن يكون عليه دم الإحصار، هذا هو الأولى حتى يسلم من الأمور التي قد تكون عاقبته بالنسبة له غير حميدة.
    ثم نقول: إذا أدى الإنسان الفريضة فالباقي تطوع، ولا ينبغي للإنسان أن يعرض نفسه للخطر أو أن يتخذ آيات الله هزواً فيحرم بثيابه المعتادة.

    (10/19)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم نزع الأشجار من منى مع الجهل أنها من الحرم


    السؤال
    فضيلة الشيخ: حججت فلما نزلت إلى منى قمت بنصب الخيمة ثم نزعت الأشجار التي في مكان الخيمة ولم أكن أعلم أن منى من حدود الحرم، فما الحكم وفقك الله؟

    الجواب
    الحكم أنه لا شيء على الإنسان إذا فعل شيئاً من المحظورات جاهلاً أو ناسياً أو مكرهاً، وهذه قاعدة عامة، فكل المحظورات في الإحرام أو في الحرم إذا فعلها الإنسان ناسياً أو جاهلاً أو مكرهاً فلا شيء عليه، ولهذا لو انفرش الجراد في الطريق -والجراد صيد يحرم إذا كان داخل حدود الحرم أو إذا كنت محرماً ولو كان خارج حدود الحرم- ورأيت الأرض مملوءة بالجراد فهل نقول: توقف ولا تمش حتى يرتحل الجراد عن الأرض، أو نقول امش وإذا أصبت شيئاً لم تقصده فلا شيء عليك؟ الثاني: لأن الله لا يكلف نفساً إلا وسعها، كذلك أيضاً الأشجار في منى أو في مزدلفة، إن قلعتها قصداً فهذا حرام عليك، وإن لم تقلعها ولكن فرشت عليها الفراش وتكسرت من أجل فرش الفراش وأنت ما أردت ذلك فلا حرج عليك.

    (10/20)


    --------------------------------------------------------------------------------

    كيفية تلبية الحاج الوكيل عن غيره


    السؤال
    ماذا يقول الإنسان في بداية الإحرام إذا كان الحاج وكيلاً عن غيره؟ وماذا يقول كذلك في يوم عرفة ويوم النحر وعند رمي الجمار وغير ذلك من المواقف هناك؟

    الجواب
    يقول: لبيك عن فلان؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلاً يقول: (لبيك عن شبرمة قال: ومن شبرمة؟ قال: أخ لي أو قريب لي، فقال: أحججت عن نفسك؟ قال لا.
    قال: حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة) فتقول: لبيك عن فلان فإذا نسيت اسمه، فقل: لبيك عمن أعطاني وكالة في الحج عنه، أو ما أشبه هذا من العبارة والله تعالى يعلمه، ولا يلزم أن تقول هذا عند الطواف، أو السعي، أو الوقوف، أو المبيت بـ مزدلفة، أو رمي الجمار، وإذا نويته من أول الإحرام كفى، ولذلك كان القول الصحيح: إنه لا يشترط في الطواف أن ينويه عن الحج أو العمرة ما دام محرماً بحج أو عمرة؛ لأنه إذا كان محرماً بحج فهذا الطواف للحج، وإذا كان محرماً بعمرة فالطواف للعمرة، فالطواف والسعي والوقوف كلها أجزاء في العبادة فتكفي النية الأولى، كما أنك في الصلاة هل تنوي الركوع؟ لا.
    بل تركع على أنه جزء من الصلاة والنية الأولى كافية.

    (10/21)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم الحج عن الغير من أجل المال


    السؤال
    فضيلة الشيخ! رجل حج عن آخر نيابة بمبلغ وقدره خمسة آلاف ريال، وهو ما حج إلا من أجل هذا المال، فهل المبلغ حلال له؟ وهل الحجة تصل للمحجوج عنه وهو ميت إذا كانت هذه نية الحاج، نأمل الإجابة على هذا السؤال بالتفصيل، وذلك لشدة الحاجة إلى هذه الإجابة؛ لأن أحد الخطباء في إحدى المدن خطب حول هذا الموضوع وعارضه بعض العوام بعد الصلاة فكتبت هذا السؤال لفضيلتكم لتجيبوا عنه بالتفصيل لأرسله إليهم؟

    الجواب
    ماذا قال الخطيب؟ وأين السائل؟ على كل حال لنفرض أن الخطيب قال: هذا لا يجوز وأن الذي عارضه قال: هذا يجوز.
    لنفرض هذا ونحن لا ندري ماذا قال كل واحد.
    يقول العلماء رحمهم الله ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية: من حج ليأخذ المال فليس له نصيب في الآخرة، لقول الله تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ * أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [هود:15-16] .
    وأما من أخذ ليحج ويقضي حاجة أخيه وينتفع هو بالدراهم أو بما زاد منها فلا بأس بذلك فالإنسان ونيته، فأنت إذا أخذت دراهم لتحج بها عن غيرك فاجعل نيتك أنك تريد قضاء حاجة أخيك، وتريد أيضاً أن تنتفع أنت بمشاهدة الأماكن المعظمة، وأن تستغل الوقت هناك بالدعاء ولكن إذا دعوت فاجعل لمن وكلك نصيباً من الدعاء.

    (10/22)


    --------------------------------------------------------------------------------

    تقديم الحج التطوع أم الحج عن الغير


    السؤال
    فضيلة الشيخ: أرجو النصيحة لي! لقد عرض عليَّ الحج هذا العام بتكلفة لا تذكر؛ لأنها يسيرة جداً، كما عرض عليَّ الحج عن غيري مقابل مبلغ من المال، مع العلم أني قد أديت الفريضة منذ سنوات، وأنا الآن عليَّ دين أي مدين وهذا المبلغ الذي سوف أتقاضاه مقابل قيامي بالحج عن غيري سوف يسدد أكثر ديني إن لم يكن كله، فما الأفضل في حقي الحج تطوعاً طلباً للمغفرة، وخصوصاً أن ذنوبي كثيرة، وأيضاً أنا مشتاق للحج، أم أن الأفضل الحج عن غيري حتى أسدد ديني وما رأيكم في قول شيخ الإسلام: (الارتزاق بأعمال البر ليس من شأن الصالحين) ؟

    الجواب
    أرى أن تسلك الأول أي تحج بالمال اليسير لنفسك وأن تدع هذا، ومن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه، فأنت بتركك أخذ الوكالة التي فيها زيادة مال لا شك أنك تركته لله، وإذا تركته لله، فسوف يعوضك الله سبحانه وتعالى خيراً منه.
    فالذي أشير به على الأخ السائل: أن يحج لنفسه بالمال الذي عنده وأن يسأل الله عز وجل أن يقضي دينه، أن يقول: اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الباطن فليس فوقك شيء، وأنت الظاهر فليس دونك شيء، اقض عني الدين وأغنني من الفقر.

    (10/23)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم التمتع بعد دخول ثامن ذي الحجة


    السؤال
    هل يصح التمتع بعد دخول زمن الحج، أي بعد ظهر اليوم الثامن؟

    الجواب
    يقول الله عز وجل: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ} [البقرة:196] وهذا يدل على أن العمرة تفعل قبل أوان الحج، فإذا قدمت مكة في اليوم الثامن فأمامك شيئان: الإفراد والقران، أما التمتع فقد فات، والإنسان لا ينبغي له أن يتشاغل عن الخروج إلى منى؛ لأنه إذا جاء ضحى اليوم الثامن فالمطلوب منك أن تكون في منى، فلو اعتمرت لمضى وقت أخللت به من أوقات الحج؛ لأن وقت الحج يدخل من ضحى اليوم الثامن، حيث إن الصحابة رضي الله عنهم أحرموا من ذلك الوقت، فإذا جئت متأخراً فالذي أختار له أن يأتي بحج مفرد أو بحج وعمرة مقرونين، أما التمتع فلا محل له في هذه الحال.

    (10/24)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم من جامع زوجته بعد التحلل الأول


    السؤال
    فضيلة الشيخ: رجل حج هو وزوجته، وبعد التحلل الأول جامع زوجته وكانت هي غير موافقة بل منعته من ذلك، فاستفتى ولكن من يفتي بغير علم؛ حيث كان يظنه عارفاً بالحكم فقال له: حجك باطل وعليك الإكمال والقضاء فتكاسل لما علم ببطلان حجه، وقال: سأحج من العام المقبل، وهو الآن يسأل ماذا عليه قبل أن يأتي وقت الحج الآن؛ علماً أنهما لم يكملا السعي والطواف، وهما من أهل الحرم؟

    الجواب
    الفتوى التي أفتى بها خطأ؛ لأن الذي أفتاه قال: إن حجك فاسد، والحج لا يفسد إذا كان الجماع بعد التحلل الأول، ولكن الذي يفسد هو الإحرام، بمعنى أننا نقول له إذا جامع بعد التحلل الأول اذهب إلى الحل، يعني: إلى أدنى الحل، يعني: إلى عرفة أو إلى مسجد التنعيم وأحرم منه وطف وأنت في إحرامك، واسع وأنت في إحرامك ولا شيء عليك سوى هذا إلا أنك تذبح شاة توزعها على الفقراء، وإن شئت تصوم ثلاثة أيام، وإن شئت تطعم ستة مساكين كل مسكين نصف صاع، وحجك صحيح.
    وإنني بهذه المناسبة أحذركم من شيئين: الشيء الأول: أن تستفتوا من لا تعلمون أنه من أهل التقوى؛ لأنه مع الأسف صار كثير من الناس يكون معه نتفة من العلم ويرى أنه البحر العلامة الفهامة، فيفتي في كل شيء أتاه، مثل هذا الرجل أفتى بفساد الحج وهو لم يفسد، فاحذروا أمثال هؤلاء.
    الأمر الثاني: أحذركم أن تحجوا دون أن تعرفوا أحكام الحج، أو إذا أخطأتم في الحج أن تسكتوا حتى إذا مضى سنوات جئتم تسألون، هذا ليس بصواب، إذا أردت أن تحج فاعرف أحكام الحج أولاً، ثم إذا وقع منك خطأ فلا تتأخر في السؤال، بادر بالسؤال حتى يمكنك أن تتلافى الخطأ في وقت قصير، فهذان أمران أحذركما منهما: الأمر الأول: استفتاء من لا تعلمون أنه أهل للفتوى.
    الأمر الثاني: أن تبادروا إذا أخطأتم بالسؤال عن حكم هذا الخطأ.
    لكن قبل ذلك أن تتعلموا أحكام الحج والعمرة، وهذا السائل ليس عليه إلا كما قلت: ذبح شاة أو يصوم ثلاثة أيام أو يطعم ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع، لكن الإطعام يكون في مكة.
    وأنا أجبت الآن على أنهما قد مضيا في إتمام النسك وطافا وسعيا، أما إذا كانا لم يطوفا ولم يسعيا فالواجب عليهما -الآن- أن يذهبا إلى مكة ويأتيا بعمرة يحرمان من الميقات ويطوفان ويسعيان ويقصران، ثم يطوفان طواف الإفاضة وسعي الحج، يعني: يجب أن يذهبا -قبل أن يجامعها- وقبل كل شيء ويطوفا ويسعيا؛ لكن يتقدم الطواف والسعي عمرة.
    الحكم إذن: إذا كانا لم يطوفا في السنة السابقة فالآن يجب أن يذهب -ولا يقرب الزوجة- يذهب هو وزوجته -ما لم تكن مكرهة- ويحرما بعمرة، فيطوفا ويسعيا ويقصرا، ثم بعد ذلك يطوفا طواف الإفاضة ويسعيا مع الفدية التي ذكرناها.

    (10/25)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم من إحداث أثناء طواف الحج


    السؤال
    فضيلة الشيخ: رجل طاف بالبيت في طواف الحج -طواف الإفاضة- وخلال الطواف أحدث ثم ذهب فتوضأ ورجع فأكمل الطواف بدون استئناف الطواف ظناً منه أن هذا الفعل صحيح، فماذا عليه الآن أثابكم الله؟

    الجواب
    الطواف الذي أحدث فيه ثم ذهب وتوضأ، إذا قلنا: إن الطهارة شرط للطواف؛ فإن طوافه الذي حصل فيه الحدث بطل، وبناء آخره على أوله لا يصح، وعلى هذا فيعتبر الآن غير طائف طواف الإفاضة، أما إذا قلنا: إنه لا يشترط الوضوء للطواف فإننا ننظر هل طال طلبه للماء ووضوؤه، فإن طال فإن طوافه لم يصح أيضاً؛ لأنه يشترط للطواف الموالاة، أما إذا كان وجد الماء قريباً، ثم توضأ ورجع بسرعة فطوافه صحيح.

    (10/26)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم الصلاة ركعتين بعد طواف الوداع


    السؤال
    هل بعد طواف الوداع يسن للإنسان أن يصلي ركعتين؟

    الجواب
    الظاهر أنه يسن أن يصلي ركعتين بعد طواف الوداع؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما ودع البيت صلى صلاة الفجر ولم يجعل الصلاة قبل الطواف، بل طاف أولاً ثم صلى ثانياً، وقد ذكر العلماء قاعدة عامة قالوا: كل طواف فبعده ركعتان.

    (10/27)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم الإتيان بعمرة في يوم عرفة


    السؤال
    في العام الماضي بسبب عدم استطاعتي للحج، قمت بأداء عمرة في يوم عرفة، وذلك بسبب خلو الحرم من الحجيج وكذلك لفضيلة العمل في العشر الأوائل من شهر ذي الحجة فقمت بعمل العمرة؟ فهل عملي هذا صحيح مع العلم أني فعلت ذلك مع اعتقادي بعدم فعلي للعمرة في مثل هذا الوقت في كل سنة.


    الجواب
    لا بأس أن يعتمر الإنسان يوم عرفة إذا كان غير حاج، والإنسان الذي أدى فريضة الحج لا يجب عليه أن يحج مرة أخرى، فإذا كان هذا الرجل من أهل جدة مثلاً، وقال: أريد أن أذهب إلى مكة؛ لأؤدي العمرة في هذا اليوم الذي يكون فيه الحرم خالياً، فإنا نقول: لا بأس بذلك ولا حرج عليك؛ سواء فعل ذلك عاماً وتركه عاماً آخر أو داوم عليه.

    (10/28)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم تقصير بعض الرأس بعد الطواف والسعي للعمرة


    السؤال
    رجل طاف للعمرة وسعى ثم قصر من جانب واحد من رأسه، ثم ذهب إلى أهله فماذا يلزمه في حال تعذر عودته إلى مكة وفي حال عدم تعذر ذلك؟

    الجواب
    الواجب عليه أن يحلق الآن أو يقصر، ويكون ما فعله من المحذورات قبل ذلك في محل العفو؛ لأنه كان جاهلاً، والحلق والتقصير لا يشترط أن يكون في مكة بل يجوز في مكة وغيرها، فنقول لهذا السائل: اخلع ثيابك التي عليك؛ لأنك لم تحل بعد، ثم قصر تقصيراً صحيحاً أو احلق، هذا ما لم تكن حين تقصيرك الأول تعتقد أن هذا هو الواجب عليك بناءً على فتوى سمعتها مثلاً، فإنه في هذه الحال ليس عليك شيء؛ لأن الله يقول: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [النحل:43] وبعض العلماء يرى أن التقصير من بعض الرأس كالتقصير من كل الرأس.

    (10/29)


    --------------------------------------------------------------------------------

    التلبية بعد ركوب السيارة أفضل منها قبل ذلك للاقتداء


    السؤال
    فضيلة الشيخ: هل الأفضل أن يلبي الإنسان نية النسك إذا صعد السيارة أو بعد الركعتين في الميقات؟ وما هي صيغة التلبية إذا صعد السيارة؟

    الجواب
    الأظهر أنه يلبي إذا ركب السيارة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لبى حين ركب، وإن لبى قبل ذلك بعد الصلاة فلا حرج، لكن ما دام الأمر فيه سعة فإنه إذا أخر حتى يركب السيارة يكون أفضل.
    وصفة التلبية أن تقول: لبيك اللهم حجاً -إن كنت في حج- أو لبيك اللهم عمرة -إن كنت في عمرة- لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك.

    (10/30)


    --------------------------------------------------------------------------------

    ذبح الفدية لمن خرج من مكة والتوكيل بها


    السؤال
    ذهبت في الطائرة إلى العمرة ولم أحرم حتى نزلت في مطار جدة ثم أحرمت وأتممت عمرتي فقيل لي عليك دم، لكني رجعت ولم أذبح وأردت هذه السنة أن أحج فمتى أذبح هذا الدم الذي وجب علي بترك الإحرام في الميقات؟ هل يجوز لي أن أذبحه في يوم النحر مع الهدي؟ وهل يجوز أن أشترك مع خمسة رجال في بدنة فيكون لي نصيبين من هذه البدنة نصيباً للهدي ونصيباً لما وجب علي من تجاوزي للميقات؟ ثم هل يجوز لي أن أوكل شخصاً غيري يذبح لي في الحرم وأنا في بلدي، وهل المقصود بالدم هي الشاة فقط؟

    الجواب
    نقول لهذا الأخ الذي ترك الإحرام من الميقات: عليك عند جمهور العلماء دم تذبحه في مكة إما بنفسك أو بوكيلك، ويجوز أن تشارك غيرك في بدنة ويكون لك منها سبعان وللآخرين خمسة أسباع؛ لأن سبعي البعير يجزئان عن شاتين، والبعير الكاملة تجزئ عن سبع شياه، ولكني كما قلت لكم قبل قليل: أحذر من ترك السؤال حتى مدة طويلة، وأنت إذا فعلت خطأ فبادر بتصحيحه؛ لأنك لا تدري ربما تموت قبل أن تبحث عن هذا الفعل فيلحقك في هذا إثم؛ لأنك مقصر.

    (10/31)


    --------------------------------------------------------------------------------

    من لا يصلي سنة الوضوء إلا عند إرادة الحج فلا حرج عليه


    السؤال
    فضيلة الشيخ: سنة الوضوء الآن لا تفعل إلا عند إرادة الحج أو العمرة فما رأيك في هذا؟

    الجواب
    رأيي لا بأس بهذا، يعني: لا يلزم أن الإنسان إذا فعل شيئاً فلا بد أن يفعله في كل حال، ما دامت السنة في الوضوء مشروعة وأراد أن يصلي فإن هذا لا بأس به ولا حرج، حتى ولو كان من عادته أنه لا يصليها.

    (10/32)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم السعي في سطح المسعى أو الطابق الثاني


    السؤال
    فضيلة الشيخ: ما حكم السعي في سطح المسعى أو الطابق الثاني أو في الخلوة -القبو- وهل يصح السعي بها وهل تنصح به عند الزحام؟

    الجواب
    أما السعي فوق، سواء في السطح الأعلى أو في الأوسط فهذا لا بأس به، وأما في الخلوة أو في القبو فلا أعرف أن تحت المسعى قبواً، فليس تحته قبو، وعلى هذا يكون محل السعي ثلاثة: الأرض، والسطح الذي فوقها، والسطح الأعلى، ولو بنوا سطحاً رابعاً فلا حرج، ولو بنوا خامساً فلا حرج؛ لأن الهواء تابع للقرار؛ كما أنه لو قدر أنه فتح قبو على طول المسعى فإنه يجزئ السعي فيه، والطواف أيضاً يجزئ في السطح الأعلى وفي السطح الأوسط.

    (10/33)


    --------------------------------------------------------------------------------

    وقت انتهاء رمي الجمرات


    السؤال
    متى ينتهي وقت رمي الجمرات في اليوم الأول والثاني والثالث؟

    الجواب
    في اليوم الأول ينتهي بطلوع الفجر وكذلك في اليوم الثاني ينتهي بطلوع الفجر، أما اليوم الثالث الذي هو الثالث عشر ينتهي بغروب الشمس؛ لأن ما بعد غروب الشمس خارج عن أيام التشريق التي قال الله تعالى فيها: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} [البقرة:203] .

    (10/34)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم الحج لامرأة لديها طفل رضيع


    السؤال
    زوجتي لم تؤد فريضة الحج إلى الآن، ولدينا طفل عمره أربعة أشهر وهو يرضع من أمه، فهل تحج أم تبقى عند طفلها، وهل الأفضل إذا حجت أن تأخذ حبوباً لإيقاف دم الحيض أم لا تأخذ أفيدونا وفقكم الله؟

    الجواب
    إذا كان الطفل لا يتأثر ولا يتضرر بسفرها عنه؛ بأن يرضع من لبن غير لبن أمه، وعنده من يحضنه حضانة تامة، فلا حرج عليها أن تحج خصوصاً إذا كانت فريضة، أما إذا كان يخشى على الطفل فإنه لا يحل لها أن تحج ولو كانت حجة الفريضة؛ لأن المرضع يباح لها أن تدع صيام الفرض إذا خافت على ولدها، فكيف لا تدع المبادرة بالحج إذا خافت على الولد؟ فإذا خافت على الولد فإن الواجب أن تبقى، وإذا كبر في العام القادم حجت، ولا حرج عليها إذا بقيت وتركت الحج؛ لأن الحج في هذه الحالة لا يجب عليها على الفور.
    أما استعمال الحبوب في الحج أو في العمرة فلا بأس بها؛ لأن هذه حاجة، ولكن يجب أن تستأذن الطبيب وأن تراجعه؛ لأنه قد تكون الحبوب ضارة فتضرها.

    (10/35)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم من أراد الحج ولديه بنتاً لها سبعة أشهر


    السؤال
    فضيلة الشيخ: عندي بنت لها سبعة أشهر وليس عندي من أضعها عنده، فهل لي أن أطوف عنها وآخذها معي للحج والعمرة أم ماذا أصنع؟

    الجواب
    اذهب أنت وزوجتك وطفلك، ولكن ليس بلازم أن تجعله يحرم، اتركه حراً بغير إحرام؛ لأن هذا يضيق عليكم ويضيق على نفسه.
    سبحانك اللهم وبحمدك، نشهد أن لا إله إلا أنت، نستغفرك ونتوب إليك.

    (10/36)


    --------------------------------------------------------------------------------
    وأخيراً أسأل الله عز وجل أن يجعل هذا العمل نافعاً، مباركاً، خالصاً لوجهه الكريم
    وأن ينفعني به في حياتي وبعد مماتي، وأن ينفع به كل من انتهى إليه؛ فإنه خير مسؤول، وأكرم مأمول، وهو حسبنا ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.

    حياكم الله بموقع بداية الهداية الخطوة إلى طريق العلم الشرعي الصحيح
    http://www.musacentral.com/

  10. #20
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المشاركات
    2,475
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    23-05-2024
    على الساعة
    01:42 AM

    افتراضي

    اللقاء الشهري

    اللقاء الشهري [11]
    إن من نعم الله على الإنسان أن أنعم عليه بنعمة الزواج، وجعل من الزوجة سكناً وراحة، ولكن بعض الناس ابتدعوا في دينهم وابتعدوا عن شرع ربهم؛ فكان لا بد من الحديث عن بعض حقائق الزواج التي تغيب عن كثير من الناس، ثم يتبعها بالإجابة عن الأسئلة.

    (11/1)


    --------------------------------------------------------------------------------

    بيان شدة عداوة النصارى للمسلمين
    الحمد لله رب العالمين، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
    أما بعد: فإننا نفتتح عامنا الهجري عام أربعة عشر وأربعمائة وألف، في هذا اللقاء في الثلث الأخير من شهر محرم، وهذا اللقاء كما تعرفون قد قرر كل شهر في يوم السبت ليلة الأحد الثالث من الشهر، وهذا شيء مقرر ومعلوم، ومعروف للجميع.
    ولا شك أن المواضيع التي يحب الناس أن يعرفوا فيها الحكم الشرعي من خلال هذا اللقاء كثيرة، ولكن ما هو الأهم ثم ما هو المهم؟ إننا نستعين بالله عز وجل على معرفة الأهم الذي يختلج في قلوب كثير من الناس ويريدون أن يعرفوا حكم الله فيه بواسطة هذه اللقاءات مني ومن غيري من أهل العلم.
    ولكن لا حرج أن يبين لنا بعض الناس، إما مشافهة وإما كتابة عن المواضيع الحساسة التي تهمهم، والتي يحتاج الناس إلى فقهها ومعرفة حكم الله تعالى فيها؛ لأن الإنسان مهما بلغ من دراية لأحوال الناس فلا يمكن أن يطلع على كل ما يختلج في صدورهم من المشاكل، فهناك مشاكل خاصة، وهناك مشاكل عامة، وهناك مشاكل اجتماعية، وهناك مشاكل سياسية، وهناك مشاكل قريبة، وهناك مشاكل بعيدة في البلاد الإسلامية؛ كما هو مشاهد الآن في بلاد البوسنة والهرسك التي يجب أن تكون عبرة وموعظة للناس، يعرفون بها أن اليهود والنصارى يد واحدة على المسلمين، وأن النصارى مهما تظاهروا بالولاية للمسلمين والمودة فإنهم كاذبون، إنما يسعون لمصالحهم الخاصة فقط، وأحبارهم وعلماؤهم يسعون لإضلال المسلمين بما يبذلونه من الشكوك، بل بما ينشرونه من الشكوك عبر محطات الإذاعة، بل أبلغ من ذلك أنهم يصدرون أشرطة الكاسيت إلى المسلمين للدعوة إلى النصرانية، والمسلمون ضعاف الدين قد يغترون بهذه الأساليب التي إذا سمعها الإنسان قال هذا هو الحق، ولكني أقول لكم: لا يوجد خير في أي دين من الأديان وهو خير حقيقي للعباد إلا وفي الدين الإسلامي ما هو خير منه مهما كان.
    فالتسامح موجود في الدين الإسلامي، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ} [البقرة:178] {وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [البقرة:237] .
    ليس التسامح خاصاً بما ينشر عن دين المسيح عيسى بن مريم، بل التسامح في الإسلام، لكن تسامح الإسلام في حزم، أي أنه يشرع التسامح في الموضع الذي يكون فيه التسامح خيراً، وأحياناً لا يكون التسامح خيراً، ولهذا قيد الله عز وجل العفو بالإصلاح فقال: {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} [الشورى:40] لأن العفو أحياناً لا يكون حميداً، أحياناً يكون العفو سبباً لتسلط الأشخاص واستمرارهم في شرورهم، وإذا أخذوا بالحزم وعوقبوا بما تقتضيه جرائمهم من العقوبة، كان في هذا خير كثير وكف أذى، ولهذا يجب ألا نحكم العاطفة في العفو عن الجناة في كل حال، بل يجب أن يكون لدينا رأفة ورحمة، وأن يكون لدينا حزم وعزيمة وقوة، ألم تسمعوا قول الله عز وجل: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ} [النور:2] فنهى الله تعالى عن الرأفة للزاني والزانية، مع أن الرأفة مطلوبة، ومن أسماء الله الرءوف، لكن الرأفة لها محل، والحزم والأخذ بالعقوبة له محل آخر.
    أقول: إن من ينظر إلى واقع المسلمين اليوم وإلى واقع النصارى يعرف تماماً شدة عداوة النصارى للمسلمين، وإلا فهل من المعقول أن توجد جمهورية إسلامية معترف بها بين الدول، ثم تمزق أشلاءً، وليته -أيضاً- على وجه كريم بل على وجه لئيم، يذبحون الرجال المسلمين كما تذبح الخراف، يؤتى بالإنسان الصبي اليافع الذي قلب أبيه وأمه متعلق به غاية التعلق فيذبح أمام والديه، ويقال: إنهم يجبرون الوالدين على شرب دم الولد والعياذ بالله.
    هل وجدتم أشنع من هذا؟ ومع ذلك فإننا نسمع بين حين وآخر وعوداً من الأمم الكافرة السافلة، لكنها وعود كاذبة، لعب بعقول المسلمين، لكن هل نأخذ من هذا عبرة بحيث نحذر منهم كما أمر الله عز وجل {وَخُذُوا حِذْرَكُمْ} [النساء:102] وألا نساندهم أو نساعدهم في الأمور الاقتصادية التي يسلبون بها أموالنا ثم يحولونها إلى رصاص تصوب نحو صدورنا، وكما تعلمون أنهم بالأمس اختتموا المؤتمر الاقتصادي على مستوى الرؤساء، وماذا تظنون بهذا المؤتمر؟ أهو خير للبشرية أم شر؟ نجزم بأنه شر، وأنهم يريدون أن يحتكروا العالم اقتصادياً، ولهذا أرى أنه يجب على الأمة الإسلامية -وهي كثيرة ولله الحمد- أن تُكوِّن نفسها، وأن تكوّن لها اقتصاداً مبنياً على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وإذا كان اقتصاد الأمة مبنياً على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فإنه الاقتصاد الناجح، ولكن مع الأسف أن بعض الناس يظنون أن الاقتصاد هو اتباع ما كان عليه الناس، سواء وافق الشريعة أم خالف الشريعة، ولهذا نجدهم يتسابقون الآن إلى أشياء محرمة تحريماً واضحاً، وإما مشتبهاً فيها، وكأنما خلقوا للدنيا والاستكثار منها؛ فلا يبالي الواحد أسقط في شرك الربا أم الميسر أو غير ذلك مما حرمه الله عز وجل.
    وخلاصة القول: إنه يجب علينا نحن المسلمين أن نحذر أعداءنا، وأن نعلم علم اليقين أنهم لن يسعوا لما فيه سعادتنا أبداً، وأن ننتبه وأن ننبه الشباب على خطورة الموقف وألا نغتر بما اغتر به كثير من الناس، مما يظهره أعداء المسلمين من المودة والموالاة والشفقة علينا؛ لأنهم إنما يريدون بذلك مصالحهم فقط، وما أيسر أن يتأمل الإنسان ثم يعرف حقيقة الأمر.
    فنسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعل قلوبنا يقظة وأن يقينا شر أعدائنا.

    (11/2)


    --------------------------------------------------------------------------------

    من منكرات الأفراح
    أما ما أحب أن أتكلم عليه في الموضوع، الذي هو موضوع الساعة، فهو ما يتعلق بالأفراح (أفراح الأعراس) ولابد أن نعرف حقائق في ذلك:

    (11/3)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم الاختلاط والرقص في الحفلات
    الحقيقة الأولى: أن الزواج نعمة من الله عز وجل كما قال الله تبارك وتعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً} [الروم:21] فهذه من آيات الله ومن نعم الله، وإذا كانت كذلك، فهل يليق بنا أن نستفتح هذه النعمة بشيء محرم؟

    الجواب
    لا.
    فمن المحرمات أن يختلط الرجال بالنساء في هذه الحفلات، بل شباب يختلطون بالشابات، وربما يحصل فوق الاختلاط من الرقص -ولا أقول هذا في بلدنا هذه- لكن سمعت أنه يوجد الاختلاط بين الرجال والنساء ويحصل رقص من الرجال والنساء في هذه المناسبة، وهذا لا شك أنه كفر بالنعمة، والواجب علينا أن نبعد الرجال عن النساء، نجعل هؤلاء في مكان وهؤلاء في مكان، ولا حرج أن تقوم النساء بضرب الدف والأغاني النظيفة الطاهرة، التي تنبئ عن الترحيب بالحاضرين وعن السرور بهذا النكاح وما أشبه ذلك.
    أما أن تتخذ المعازف والأغاني الخليعة؛ فلا يجوز أن نتوسع ونقول: إن الغناء وضرب الدف في الزواج من الأمور المشروعة ثم نتوسع ونأتي بالمعازف والمغنيات الخليعات، فإن هذا لا يجوز، إذا رخص الله لنا في شيء فلنقتصر على الرخصة، ولم يرخص الشرع في هذه المناسبة بهذا النوع من العزف -أي: عزف الدف- وهذا النوع من الأغاني إلا من أجل إدخال شيء من السرور على النفس بهذه المناسبة، أما أن نحولها إلى شيء آخر فإن هذا لا يجوز.

    (11/4)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم رفع الأغاني بمكبرات الصوت
    الحقيقة الثانية: لا يجوز أن ترفع هذه الأغاني بواسطة مكبر الصوت على الخارج؛ لما يترتب على ذلك من إزعاج الجيران ومن إظهار صوت المرأة على وجه يثير الفتنة، وقد قال الله سبحانه وتعالى لنساء النبي صلى الله عليه وسلم: {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنْ النِّسَاءِ إِنْ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً} [الأحزاب:32] ومعلوم أن خروج صوت المرأة وهي تغني أشد فتنة من أن تخضع بالقول لواحد من الناس، وهذه الحقيقة يجب أن يشعر بها كل واحد منا، كيف يليق بك أن تجعل مكبر الصوت وعلى أعلى صوته علىجدار القصر يؤذي الجيران ويزعجهم ويظهر صوت المرأة؟ إذا كان ولا بد فاجعل مكبر الصوت داخل القصر، في المكان الذي فيه النساء فقط وفي ذلك كفاية.

    (11/5)


    --------------------------------------------------------------------------------

    التفريط في النساء وعدم تفقدهن في الحفلات
    الحقيقة الثالثة: أن هؤلاء النساء يأتين إلى القصور مع أولياء أمورهن، فيضعها ولي الأمر ويذهب إلى أصحابه، وربما تطول المدة وينتهي الحفل وهذه المرأة لم يحضر وليها، وهذه مشكلة كبيرة وخطر عظيم، فمن الولاية والرعاية أن ولي المرأة إذا وضعها في مكان أن يكون قريباً منها بحيث إذا احتاجت إليه حاجة طارئة أو احتاجت إليه بعد انقضاء الحفل يكون قريباً منها ويتولاها هو بنفسه، خوفاً من أن يتولاها غيره فتهلك، وإذا كان لا يتمكن من القرب منها فإنه لا يحضرها أصلاً، لأن إحضارها إلى مكان الحفل ليس بواجب، حتى لو كانت من الأقارب إذا كان لا يستطيع أن يتولاها بنفسه أو يتولاها أحد من محارمها غيره فلا حاجة إلى أن تخرج أصلاً، ولكن كثيراً من الناس يتهاونون في هذه الأمور وهو خطأ، وأنت مسئول عن أهلك في الدنيا والآخرة، فلا تضيع هذه المسئولية باتباع هواك وغفلتك وتهاونك في أمور أهلك.

    (11/6)


    --------------------------------------------------------------------------------

    الإسراف في الإنفاق على الوليمة
    الحقيقة الرابعة: الزيادة في إنفاق المال في الوليمة الكبيرة التي تعد لنحو خمسمائة نفر ولا يحضر إلا مائة نفر، فإن هذا لا شك من الإسراف وقد قال تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} [الأعراف:31] والفقهاء رحمهم الله يقولون: تسن الوليمة بشاة فأقل، والآن -كما تشاهدون- تذبح غنم كثيرة، بل وربما تذبح الإبل ويدعى أمم كثيرة، ولا يحضر إلا نصف المدعوين أو ربعهم أو أقل أو أكثر، المهم ليس كلهم يحضرون فيضيع هذا المال، نعم.
    إن كان هناك أناس يأخذون ما فضل ويتصدقون به على العمال أو غيرهم ممن ينتفع به فالأمر في هذا أهون، وربما لا نقع في الإثم إذا كان الأمر كذلك لكن سوف نخسر مالاً كثيراً، وربما لا يحصل من يتلقى هذا الفضل وينتفع به، لهذا يجب أن ندبر هذا الأمر، والاقتصاد -كما يقال- نصف المعيشة.
    نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا وإياكم من المتواصين بالحق والصبر والمرحمة، وأن يجعل عامنا هذا عام خير وبركة لنا وللمسلمين جميعاً إنه جواد كريم.

    (11/7)


    --------------------------------------------------------------------------------

    الأسئلة

    (11/8)


    --------------------------------------------------------------------------------

    الفرق بين الطبل والدف


    السؤال
    ما المقصود بالدف؟

    الجواب
    الدف والطبل كلاهما من المعازف، لكن الفرق بينهما أن الدف يكون من وجه واحد، والطبل يكون من الوجهين أي: فالطار من الخشب أو غيره إذا ختم من الوجهين فهو طبل، وإذا كان من وجه واحد بحيث يكون كالصحن فإن هذا يسمى دفاً، والدف أهون من الطبل، لأن الطبل لما كان مستوراً من الوجهين سيكون له صوت ونغمة أقوى من صوت الدف، فلهذا قال العلماء: الدف جائز والطبل غير جائز.

    (11/9)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم استئجار من يضرب بالدف من النساء


    السؤال
    قلتم: إن ضرب الدف من الأمور المشروعة؛ فهل يجوز استئجار من يضرب الدف من النساء، أفيدونا جزاكم الله خيراً؟

    الجواب
    نعم يجوز استئجار من يضرب الدف من النساء؛ لأن هذا عمل مباح بل هو عمل مشروع، وكل عوض يكون على شيء جائز أو مشروع فإنه حلال؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله إذا حرم شيئاً حرم ثمنه) ويؤخذ من هذا الحديث قاعدتين: القاعدة الأولى: أن الله إذا حرم شيئاً حرم ثمنه.
    القاعدة الثانية: أن الله إذا أحل شيئاً أحل ثمنه.
    فعلى هذا يجوز استئجار المرأة التي تدف، لكن لا بد أن يكون الاستئجار معقولاً، أي أن الأجرة تكون معقولة، أما أن تأخذ خمسة آلاف على ضربها لمدة ساعة أو ساعتين، فهذا من التبذير والإسراف، فإذا كانت المرأة لا تأتي تغني لمدة ساعة أو ساعتين إلا بخمسة آلاف فلا تأت بها، خذ منها خمسمائة وسوف تجد من يغني ولو كان الغناء ليس كغناء المغنية المعروفة، يكفي ما في فتح الفم، والباقي أربعة آلاف وخمسمائة تجعلها لإخوانك الجياع في البلاد الإسلامية، وكذلك لإخوانك المحصورين في البلاد الإسلامية.

    (11/10)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم التعدد في الزواج


    السؤال
    رجل عنده قدرة مالية وبدنية للزواج الثاني، هل الأفضل الاقتصار على زوجة واحدة، أو التعدد وجزاكم الله خيراً؟

    الجواب
    التعدد أفضل من الواحدة لما فيه من كثرة النسل لهذه الأمة وكثرة تحصين الفروج من النساء اللاتي بقين بلا أزواج، ولكن بشرط أن يكون عند الإنسان قدرة مالية وقدرة بدنية، وقدرة عملية وذلك بالعدل بين النساء، أما أن يتزوج وهو يخشى ألا يعدل، فإن ذلك حرام عليه؛ لأن الله تعالى يقول: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً} [النساء:3] أمر الله أن يقتصر على واحدة: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء:3] يعني: من الإماء؛ فإن الإماء لا يجب العدل بينهن، له أن يجامع من شاء من إمائه إن كان عنده إماء ولا يجب عليه العدل، أما الزوجات فيجب أن يعدل بينهن، فمن كان له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وشقه مائل، إلا أن الله سبحانه وتعالى رخص للزوج أن يبقى مع الجديدة، إذا كانت بكراً سبعة أيام، ومع الثيب ثلاثة أيام ثم إذا تمت الثلاثة خيرها قال: إن شئت أكملت لك السبع ولكن تعطي زوجاتك الأخريات سبعاً سبعاً ثم تعود إلى الزوجة الجديدة مثاله: تزوج امرأة ثيباً ولما مضى ثلاثة أيام خيرها، قالت: أريد أن تكمل لي السبعة أيام، فكمل لها السبعة وعنده زوجة أخرى، فيبقى سبعة أيام مع الزوجة الأخرى، ثم يعود للزوجة الجديدة، لكن لو قالت: يكفيني ثلاثة أيام، فإنه يذهب إلى الأولى يوماً واحداً ثم يعود إلى الزوجة الجديدة؛ لأن ثلاثة أيام للزوجة الجديدة حق لها، من أجل أن الزوج في الغالب لا تطيب نفسه في أول ليلة من هذه الزوجة الجديدة، ثم من أجل أن تطمئن الزوجة لهذا الزوج وتأنس به؛ لأن ليلة واحدة قد لا يحصل بها الطمأنينة والأنس، فلهذا من حكمة الشرع أنه جعل للبكر سبعة أيام وجعل للثيب ثلاثة أيام، لكن الثيب تخير كما سمعتم، إن اختارت تكميل السبعة فله أن يكمل لها السبعة لكن يقسم للزوجة الأولى سبعة أيام.
    الغالب أن المرأة تختار الثلاثة، لأنها إذا اختارت إكمال السبعة بقي مع الأخرى سبعة أيام، لكن إذا اقتصرت على الثلاثة بقي يوماً واحداً ويرجع لها، وإذا قدرنا أن له ثلاث زوجات قبل هذه الزوجة، واختارت السبعة فبعد كم يرجع؟ يرجع بعد واحد وعشرين يوماً، فالغالب أن النساء لا تختار إلا الثلاثة التي لها فيها حق.
    وأخيراً أسأل الله عز وجل أن يجعل هذا العمل نافعاً، مباركاً، خالصاً لوجهه الكريم
    وأن ينفعني به في حياتي وبعد مماتي، وأن ينفع به كل من انتهى إليه؛ فإنه خير مسؤول، وأكرم مأمول، وهو حسبنا ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.

    حياكم الله بموقع بداية الهداية الخطوة إلى طريق العلم الشرعي الصحيح
    http://www.musacentral.com/

صفحة 2 من 10 الأولىالأولى 1 2 3 ... الأخيرةالأخيرة

موسوعه فتاوى اللقاء الشهري العلامه ابن عثمين

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. هنا كل كنوز العلامه محمد بن صالح العثيمين
    بواسطة ابو ياسمين دمياطى في المنتدى منتدى الصوتيات والمرئيات
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 28-02-2018, 09:02 PM
  2. هنا كل كنوز العلامه مصطفى العدوي
    بواسطة ابو ياسمين دمياطى في المنتدى منتدى الصوتيات والمرئيات
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 28-02-2018, 05:45 PM
  3. عشر خطط للمحافظة على راتبك الشهري من المصاريف
    بواسطة الزبير بن العوام في المنتدى المنتدى العام
    مشاركات: 13
    آخر مشاركة: 14-05-2014, 11:31 AM
  4. فضل العلم العلامه بن باز مرئى
    بواسطة ابو ياسمين دمياطى في المنتدى منتدى الصوتيات والمرئيات
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 19-04-2011, 02:16 AM
  5. ستيوارت العتيبي و مايكل الشهري وآخرون.. سعوديون يريدون إعلان إسلامهم
    بواسطة نعيم الزايدي في المنتدى منتدى قصص المسلمين الجدد
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 10-01-2011, 11:08 AM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

موسوعه فتاوى اللقاء الشهري العلامه ابن عثمين

موسوعه فتاوى اللقاء الشهري العلامه ابن عثمين