القرءان الكريم وليس التناخ تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ

آخـــر الـــمـــشـــاركــــات


مـواقـع شـقــيـقـة
شبكة الفرقان الإسلامية شبكة سبيل الإسلام شبكة كلمة سواء الدعوية منتديات حراس العقيدة
البشارة الإسلامية منتديات طريق الإيمان منتدى التوحيد مكتبة المهتدون
موقع الشيخ احمد ديدات تليفزيون الحقيقة شبكة برسوميات شبكة المسيح كلمة الله
غرفة الحوار الإسلامي المسيحي مكافح الشبهات شبكة الحقيقة الإسلامية موقع بشارة المسيح
شبكة البهائية فى الميزان شبكة الأحمدية فى الميزان مركز براهين شبكة ضد الإلحاد

يرجى عدم تناول موضوعات سياسية حتى لا تتعرض العضوية للحظر

 

       

         

 

 

 

    

 

القرءان الكريم وليس التناخ تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ

صفحة 11 من 13 الأولىالأولى ... 10 11 12 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 101 إلى 110 من 128

الموضوع: القرءان الكريم وليس التناخ تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ

  1. #101
    تاريخ التسجيل
    Sep 2006
    المشاركات
    2,125
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    07-12-2022
    على الساعة
    12:17 PM

    افتراضي


    الفرع الثاني


    (وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً)النساء: 159

    هل أسلم هذا البابا قبل موته ؟





    لقد أعلن الشيخ عبد المجيد الزنداني أن مخطوطات قمران قد تكون تسببت في موت بابا الفاتيكان يوحنا الثالث والعشرون1963م,عندما حاول الإعتراف والإعلان عن أن هذه المخطوطات قد بينت شخصية المسيح الحق كمايدين به المسلمون وأن دين الإسلام هو الدين الحق, والمسلمون هم الفرقة الناجية,وحينها إعترض سفير إسرائيل لدىالفاتيكان على دعوة البابا,ثم مالبثوا أن وجدوا البابا ميت على فراشه وبعد ذلك عاد الفاتيكان لسابق عهده في عداوته للحق والإسلام وإخفاء حقيقة المخطوطات .
    http://quran-m.com/container2.php?fun=artview&id=1203


    منتج الفيلم المسيء للرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَيعتنق الإسلام



    المدينة المنورة - أ ش أ:
    الأحد , 21 أبريل 2013 12:23
    لم يتوقع عضو حزب الحرية اليميني الهولندي السابق "أرنود فاندور" أن يدخل الإسلام الحنيف، ويتوجه بعد ذلك لزيارة الحرمين الشريفين، خصوصا أنه كان ينتمي للحزب الذي أسهم في إنتاج الفيلم المسيء لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.



    رافقت صحيفة "عكاظ" السعودية "فاندور" وهو يزور المسجد النبوى الشريف وعيناه تذرفان الدمع عند الروضة الشريفة وقبر النبى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقال فاندور: إنه كان ينتمي لأشد الأحزاب تطرفا وعداء للدين الحنيف، مبينا أنه بعد أن شاهد ردود الأفعال ضد إنتاج فيلم الفتنة، بدأ في البحث عن حقيقة الإسلام ليجيب عن تساؤلاته حول سر حب المسلمين لدينهم ورسولهم الكريم.


    وذكرت الصحيفة أن بكاء فاندور اشتد أثناء وقوفه أمام قبر الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَحيث جال بخاطره حجم الخطأ الكبير الذى وقع فيه قبل أن يشرح الله صدره للإسلام.
    وقال فاندور للصحيفة: "إن عملية البحث قادته لاكتشاف حجم الجرم الكبير الذي اقترفه حزبه السابق، وأنه بدأ في الانجذاب إلى الدين الإسلامي، وشرع في القراءة عنه بطريقة موسعة، والاقتراب من المسلمين في هولندا، حتى قرر اعتناق الدين الحنيف".
    كما زار "جبل أحد"، وقال: كم قرأت عن هذا المكان وهذه المعركة وكم أحببت أن أقف هنا اليوم، وهو شعور أجمل من القراءة والتقى فاندور إمامي المسجد النبوي الشريف الشيخ صلاح البدير، والشيخ علي الحذيفي، وأجرى حوارًا وديًا معهما وتلقى منهما الكثير من الدعم والتوجيهات والنصائح التي تعينه في حياته المستقبلية، وتوجه فاندور إلى معرض المسجد النبوي الشريف واستمع إلى شرح مفصل عن مراحل التوسعة الكبرى للمسجد النبوي الشريف والتي أمر بها خادم الحرمين الشريفين.أعلن أرناود فان دورن أحد المشاركين في إنتاج فيلم “الفتنة ” المسيء للإسلام، عزمه بعد إعلان إسلامه إنتاج فيلم يدافع فيه عن الرسول الأكرم، وذلك في أعقاب عمرة قام بها وزيارة للمدينة المنورة.
    وقال دورن في ختام زيارته للمدينة المنورة أن “وداع المدينة المنورة أمر محزن، ولكن عزائي أنني ذاهب إلى مكة المكرمة لأداء العمرة، وسأعود إلى هذه البقاع الطاهرة مرة أخرى في وقت قريب”.
    وكشف دورن السياسي السابق في حزب الحرية الهولندي عن “فكرة لإنتاج فيلم يتناول إبراز أخلاق وهدي النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ”، وذلك في تصريحات نشرت له اليوم بعد قيامه بزيارة للمدينة المنورة ومكة المكرمة والتقائه بالأئمة والدعاة في الحرمين الشريفين.
    وقالت صحيفة “عكاظ أون لاين” السعودية التي رافقت فان دورن وهو يزور المسجد النبوي الشريف أنه “بكى عند قبر النبي الكريم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ”.العجيب أن سبب اسلامههو أنه كان ينوي اصدار فيلماً اخراً يسيء فيه للاسلاموكان يريد ان يجمع مادته من كتبالمسلمين.
    وعندما بدأ يقرأ في كتبالمسلمينتغيرت لديه الصورة الذهنية التي صبغهاالاعلام في ذهنه عن الاسلامفأسلم والتقى مجموعة من المسلمين هناكواستقال من منصبه السياسي وأخذ يقبل على تعلم الاسلام من منابعه..يقول : أنا نادم على 47 سنة من عمريلم أعرف فيها الاسلاموجدت فيه الراحة والطمأنينة التي كنتأبحث عنها.



    ارنود فاندوز يستعد للصلاة بعد اسلامه








    ووصف أرنود خلالزيارته لمجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، أنه مشروع ضخم يقدم كتاب الله لجميعالمسلمين في جميع أنحاء العالم، وأضاف أنه سعيد جدا بهذا العمل المنظم في واحدة منأكبر المطابع في العالم، وقد رافقت «عكاظ» أرنود بعد ذلك إلى مسجد قباء، حيث التقىأمام وخطيب المسجد الشيخ صالح المغامسي..رابط الخبر على صحيفة عكاظالسعودية

    http://www.okaz.com.sa/new/Issues/20...130421592416.h
    Tm









    لتحميل كتبي فضلاً الضغط على الصورة التالية - متجدد بإذن الله

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي



  2. #102
    تاريخ التسجيل
    Sep 2006
    المشاركات
    2,125
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    07-12-2022
    على الساعة
    12:17 PM

    افتراضي

    الفرع الثالث

    عام الوفود

    عام الوفود، هو العام التاسع الهجري الموافق سنة632م، عُرف بذلك لكثرة الوفود التي قدمت المدينة المنورة مسلمة للنبي محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والتي يزيد عددها على سبعين وفدًا،وكان ذلك بعد غزوة تبوك في رجب سنة 9 هجرية.
    في هذا العام جاء إلى المدينة وفوداً كثيرة من أنحاء الجزيرة تعلن إسلامها أمام الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وكان نصراً كبيراً للمسلمين وبدأ الإسلام ينتشر وينتشر في كل الجزيرة العربية وذلك بفضل الله تعالى حتى نزلت السورة الكريمة، قال تعالى ( إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ* وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا) سورة النصر: 1 ـ 3، وفي هذا العام جاء وفد عظيم يمثلون مائة الف رجل وهو (وفد اليمامة) يعلن إسلامة لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فدخلوا على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَإلا رجل واحد إسمة (مسيلمة)، وعندما دخل القوم لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأعلنوا إسلامهم اعطاهم الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الهدايا، فقال له الوفد : يا رسول الله : إن فينا رجل من سادتنا خارج الدار وما رضى أن يدخل معنا فقال لهم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ما دام يحرس متاعكم إذن فهو ليس بأسوءكم واعطاهم الهدايا لة، فخرجوا لمسيلمة وقالوا له ما قاله رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عنة، فقال لهم مسيلمة : إنظروا مدحنى محمد، ثم بعد ذلك ذهب مسيلمة لبيت النبى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال لة القوم : متى تُسلم يا مسيلمة ؟ فقال لهم مسيلمة : أُسلم على أن يعطينى محمد الأمر من بعده، فسمعة الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأمسك النبى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عرجوناً صغيراً من الأرض وقال : والله يا مسيلمة لإن سألتنى هذا العرجون ما أعطيتة لك ووالله ما آرراك إلا الكذاب، وفي يوم آخر أرسل مسيلمة صحيفة إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تنص على : (من مسيلمة رسول الله إلى محمد رسول الله: آلا إنى أوتيت الامر معك فلك نصف الأرض ولى نصفها ولكن قريش قوماً يظلمون) فأرسل له النبى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (من محمد رسول الله إلى مسيلمة الكذاب، السلام على من أتبع الهدى، أما بعد، فإن الأرض لله يرثها من يشاء من عباده والعاقبه للمتقين) وأستمر أمر مسيلمة الكذاب حتى أدعى النبوة وتآمر مع أحد الناس واتفقوا على أن ينشروا خبر كاذب وهو أن محمد قال : (إن مسيلمة رسول مثلة) !!، فارتد كثير من الناس بعد ذلك، وأستمر الأمر حتى قُتل مسيلمة الكذاب بعد موت الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
    أسماء بعض الوفود

    في السنة التاسعة للهجرة: [LIST][*]
    وفود ثقيف.
    [*]
    وفد بني تميم.
    [*]
    وفد بني سعد.
    [*]
    وفد بني أسد.
    [*]
    وفد عبد قيس.
    [*]
    وفد نجران.
    [*]
    وفود بارق.
    [/LIST]
    وفي السنة العاشرة للهجرة:
    [LIST][*]
    وفد بني حنيفة.
    [*]
    وفد اليمن.
    [*]
    وفد معان.
    [*]
    وفد بني عامر
    [*]
    وفد بني فزارة
    [/LIST]
    الرحيق المختوم، صفي الرحمن المباركفوري، ص436-452.

    السيرة النبوية، ابن هشام، ج5، ص248، تحقيق: طه عبد الرؤوف سعد، دار الجيل،بيؤوت، ط1990.
    ولكثرة هذه الوفود في العام التالي لفتح مكّة ومطلع الذي يليه، سمّاه المؤرّخون(عام الوفود). وكان في طليعة هذه الوفود وفد ثقيف الذي قَدِم المدينة في أعقاب عودةالرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من غزوة تبوك.
    وفي غمرة أفراح النبيّّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بنجاح الإسلام وانتشاره، مرض ولده إبراهيم وتوفّي في نفسالعام.

    البراءة من المشركين‏
    لم يبقَ في الجزيرةالعربيّّة قوّة تتمسّك بالشرك والوثنيّة، إلّا أفرادا لا يُعتدّ بهم. وانتشرتالعقيدة الإسلاميّّة السمحاء، وكان لا بدّ من إعلان صريح حازم،يُلغي كلّ مظاهر الشركوالوثنيّة، في مناسك أكبر تجمُّع عباديّ سياسيّ، وحان الوقت المناسب لتُعلِن الدولةالإسلاميّّة شعاراتها في كلّ مكان، وتُنهي مرحلة المداراة وتأليف القلوب التيتطلّبتها المرحلة السابقة.

    واختار النبيّّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "يومالنحر في منى" مكاناً للإعلان، وعيَّن أبا بكر رضي الله تعالى عنه ليقرأ مطلع سورة التوبة: (بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ * وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ * فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)التوبة: 1ـ 5، التي تتضمّن إعلان البراءة بصراحة، وفيهذه الآيات النقاط التالية:
    1 ـ لا يدخل الجنّة كافر.
    2 ـ لا يطوف في البيت الحرام عُريان (إذ كانت تقاليد الجاهليّّة تسمح بذلك)، ولا يحجّ بعد هذاالعام مُشرِك.
    3 ـ من كان بينه وبين النبيّّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عهداً فأجلُه إلى مُدّته، ومن لم يكن له عهد ومُدّة من المشركين فإلى أربعة أشهر، وبعد ذلك سوف يُقتل من وُجِدَ مُشرِكاً.
    ونزل الوحي الإلهيّّ على النبيّّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قائلاً: (إنّه لا يؤدّي عنك إلّا أنت، أو رجل منك).
    فاستدعى النبيّّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الإمام عليّاً رضي الله تعالى عنه وأمره أن يركب ناقته العضباء ويلحق بأبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه، ويأخذ منه البلاغ ويؤدّيه للناس (ذكر هذه الواقعة: الكامل في التاريخ: ج2/ص291، تفسير مجمع البيان:ج 5/ص13.).
    ووقف الإمام عليّ رضي الله تعالى عنه بين جموع الحجيج في العاشر من ذي الحجّة، وهو يتلو البيان الإلهيّّ بقوّة وجرأة تتناسق مع حزم القرار ووضوحه، والناس ينصتون إليه بحذر ودقّة.. وكان أثر الإعلان على المشركين أن قَدِمُوا مسلمين على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
    مباهلة نصارى نجران

    في سياق ما كتبه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى قادة ورؤساء وملوك بلدان العالم، بعث كتاباً إلى أسقف نجران، يدعوه فيه مع المسيحيّين إلى عبادة الله تعالى، فاجتمع زعماء نصارى نجران لبحث الموضوع، وقرّروا أن يبعثوا وفداً إلى المدينة، وعلى رأسه الأُسقف نفسه ليأتوا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ويسألوه عن دلائل نبوّته.

    استقبل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الوفد، وأبدى احترامه لهم وفسح لهم المجال ليُمارسُوا طقوسهم، ثمّ عرض عليهم الإسلام فامتنعوا، وطال النقاش حول كون عيسى عليه السلام من البشر، فخلصوا إلى أن يباهلهم النبيّّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأمر منالله عزّ وجلّ(وذلك في قوله تعالى: (إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آَدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ * الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ * فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ سورة آل عمران:59 ـ 61..واتفقوا على اليوم اللّاحقموعداً.
    وهنا وقف أسقفهم وقال لقومه: انظروا إن جاء محمّد غداً بولده وأهل بيته فاحذروا مباهلته، وإنجاء بأصحابه وأتباعه فباهلوه.
    وفي اليوم التالي خرج رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى المباهلة ومعه الإمام عليّ، والسيّدة فاطمة، وسبطاه الحسن والحسين .
    فقال عندها أسقف نجران: يا معشر النصارى إنّي لأرى وجوهاً لو سألوا الله أنيُزيل جبلاً من مكانه لأزاله... فلا تُباهِلُوا فتهلكوا ولا يبقى على وجه الأرض نصرانيّ،فامتنعوا عن المباهلة، وصالحهم النبيّّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على دفع الجزية ضمن معاهدة وردت تفاصيلها في كتب التفاسيروالتاريخ (راجع: تاريخ اليعقوبي: ج2، ص72، الميزان في تفسير القرآن:ج3، ص232.).



    لتحميل كتبي فضلاً الضغط على الصورة التالية - متجدد بإذن الله

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي



  3. #103
    تاريخ التسجيل
    Sep 2006
    المشاركات
    2,125
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    07-12-2022
    على الساعة
    12:17 PM

    افتراضي

    الفرع الرابع

    لماذا اعتنقوا الإسلام ؟


    Why do they accept the Islam ?

    قال تعالى
    ( كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ )[آل عمران : 110]
    قال تعالى : ( وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنْ الْمُسْلِمِينَ )
    ويقول نبينا محمد عليه الصلاة والسلام : ( لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم ).
    يوجد هنا كنز حقيقي ....
    لن يشاهده أحد إلا وسيصيبه التعجب والفرح والانبهار ......
    ستجدون هنا عدد كبير من المرئيات المباشرة من موقع يوتيوب لا تحتاج إلى تحميل ....
    هذه المقاطع المرئية عبارة عن مسلمين جدد من كل جنس ولون يذكرون أسباب إسلامهم .....
    هذه المقاطع تسببت بدخول كثيرين في الإسلام,وقد وضعت عنوان كل مقطع باللغة العربية قبل العنوان باللغة الانجليزية .....

    شبكة NBC الأمريكية: عشرون ألف شخص يعتنقون الإسلام سنويا في أمريكا :
    NBC NEWS:20000 Americans Convert To ISLAM Each Year! :
    http://www.youtube. com/watch/ v/2PS2creVhaM
    قسيس أمريكي سابق يكشف اعتناق قساوسة كثيرين للإسلام :
    Yusuf Estes - Priests and Preachers accepting Islam :
    http://www.youtube. com/watch/ v/E6K0627FiCk
    الفنزويليون يدخلون في دين الله أفواجا :
    Many Latinos Convert Daily To ISLAM .. Live From Venezuela! :
    http://www.youtube. com/watch/ v/1XyrxzQIN9w
    الكثير من الألمان يعتنقون الإسلام يوميا :
    Every day many Germans convert to ISLAM :
    http://www.youtube. com/watch/ v/34kjurzK500
    التلفزيون الهولندي : الإسلام أسرع الديانات انتشارا بين الشباب الألماني :
    Holland TV:ISLAM fastest spreading Faith among Youth Germans :
    www.youtube. com/watch/ v/WAXXN6XOnzQ
    آلاف الدنمركيين يدخلون الإسلام :
    Thousands of Danish convert to Islam :
    http://www.youtube. com/watch/ v/kru6XQ8CT48
    تقرير تلفزيوني : آلاف اللاتينيين يعتنقون الإسلام :
    TV Report Thousands Hispanics Converting To ISLAM :
    http://www.youtube. com/watch/ v/yDwGsmTx3D4
    عالم ألماني وزوجته يعتنقون الإسلام :
    German Scientist & his wife,clinic assistant convert 2 islam :
    http://www.youtube. com/watch/ v/uP-2IqH_ l4c
    عالم أوربي يعتنق الإسلام :
    European Scientist converts to Islam :
    http://www.youtube. com/watch/ v/0IspK651RpY
    الدكتور البريطاني ويبر يعتنق الإسلام :
    Dr. Ian Weber from England converts to Islam :
    http://www.youtube. com/watch/ v/gUZR6XwU8Pw
    طالب علوم يعتنق الإسلام في أمريكا :
    science students turn to Islam :
    http://www.youtube. com/watch/ v/y3_JYk4Bo4Y
    تقرير تلفزيوني : النصارى في فرنسا يعتنقون الإسلام :
    TV_Report: Christians Convert To ISLAM in France :
    http://www.youtube. com/watch/ v/Dhu0eEuIsGg
    المسلمون في تكساس : قصص للمسلمين الجدد في تكساس :
    Turning Muslim in Texas - People reverting to Islam in Texas :
    http://video. google.com/ videoplay? do...46116459496 814
    امريكية تحولت للإسلام بعد أسابيع من 11 سبتمبر :
    Angela Collins - Muslim Convert weeks after 9/11 Incident :
    http://www.youtube. com/watch/ v/j6PJgJdEzNM
    أسترالية تعتنق الإسلام :
    NEW MUSLIM Woman from Australia CONVERT :
    http://www.youtube. com/watch/ v/-baqULx5IBU
    قصة مسلم أمريكي جديد :
    The Choice - A Story of New American Muslim Convert :
    http://www.youtube. com/watch/ v/CML3CRPMefA
    ايرلندي يعتنق الإسلام :
    Irish and "loving Islam" Convert to Islam :
    http://www.youtube. com/watch/ v/dIc5oFAva- 4
    يهودي يعتنق الإسلام :
    Jewish To Islam convert :
    http://www.youtube. com/watch/ v/KcBiJnLjwVw
    مسلم يروي التغيرات التي حصلت له بعد شهرين من إسلامه :
    www.youtube. com/watch/ v/IlOuITPE6kE
    http://www.youtube. com/watch/ v/1qpQvpmEqkc
    لماذا اعتنقوا الإسلام :
    Why do they accept the Islam :
    http://www.youtube. com/watch/ v/aJ3TGAnFc- U
    135 أمريكي يعتنقون الإسلام في وقت واحد :
    135 Convert to Islam :
    http://www.youtube. com/watch/ v/36Glj_FAGcw
    مسلمة جديدة تعتنق الإسلام في كندا :
    Convert to Islam from Canada :
    http://www.youtube. com/watch/ v/uKPer2fma9U
    براين يروي قصته من المسيحية إلى الإسلام :
    Revert to Islam - Brian From Christianity (Convert to Islam) ... :
    http://www.youtube. com/watch/ v/bI_YVnD9UvI
    العديد من العوائل النصرانية واليهودية يعتنقون الإسلام :
    Many Jew and Christian Families Convert To ISLAM :
    http://www.youtube. com/watch/ v/84ZtVLI5kXM
    قسيس كاثوليكي بريطاني يعتنق الإسلام :
    British Catholic Priest Converted To ISLAM :
    http://www.youtube. com/watch/ v/pn0iPlWQNlI
    يوناني يعتنق الإسلام :
    Greece Men Convert to Islam :
    http://www.youtube. com/watch/ v/IlAjkuECrHc
    هندوسي يعتنق الإسلام :
    Convert to Islam from Hinduism :
    http://www.youtube. com/watch/ v/zePqNxz895U
    نصرانية تعتنق الإسلام :
    Christian Convert to Islam :
    http://www.youtube. com/watch/ v/HDkW2Y35mKQ
    22 استرالي واسترالية يعتنقون الإسلام بعد محاضرة :
    Twenty two/22 Brothers and sisters convert to (Islam) .... :
    http://www.youtube. com/watch/ v/XQBn6loQTdY
    امرأتين من بريطانيا يعتنقون الإسلام :
    Two British Women of different colours convert to Islam :
    www.youtube. com/watch/ v/uEfMcPQfv7w
    ألماني يعتنق الإسلام :
    German convert to Islam :
    http://www.youtube. com/watch/ v/9U1zNXXQA6Q
    ثلاثة فرنسيات يعتنقون الإسلام :
    Three French Sisters Convert To ISLAM :
    www.youtube. com/watch/ v/JiksSo0lwL4
    الصحفية ريدلي تعتنق الإسلام :
    Sister Yvonne Ridley Becomes Muslim Islam Video :
    http://www.youtube. com/watch/ v/aOe5s5hP4Gw
    لماذا اعتنقت هذه الألمانية الإسلام :
    WHY Christians German Lady convert to ISLAM, SEE VIDEO :
    http://www.youtube. com/watch/ v/afFv22Wsd5A
    ألمانية تعتنق الإسلام
    Germany Convert To ISLAM :
    http://www.youtube. com/watch/ v/os4vUxfJizU
    لماذا اعتنق جيرومي الإسلام ؟
    Jerome - How I wrestled my way to Islam :
    http://www.youtube. com/watch/ v/b2YZGGDGUWE
    قصة ألماني اعتنق الإسلام :
    The story of a German convert to Islam :
    http://www.youtube. com/watch/ v/gjRjzTAk- RQ
    عبد السلام يعتنق الإسلام :
    Revert to Islam - Abduls Salam (Convert to Islam) ... :
    http://www.youtube. com/watch/ v/VqlilLIQJRE
    الأمريكية مريم تعتنق الإسلام :
    Revert to Islam - Maryam Noor (Convert From Christianity) .... :
    http://www.youtube. com/watch/ v/ig0N9aRT0Hc
    المان يعتنقون الإسلام في التلفزيون الألماني :
    Germans convert to Islam on german TV :
    http://www.youtube. com/watch/ v/nFqj3xPKc88
    تقرير تلفزيوني عن مسلمين جدد :
    TV Report Rechtsanwalt konvertiert zum ISLAM :
    http://www.youtube. com/watch/ v/_4LrIv6kK9o
    قسيس يعتنق الإسلام :
    Jolene: A Southern Baptist Converts to Islam :
    http://www.youtube. com/watch/ v/RHQOx12- WJU
    محمد مصعب يروي قصته في اعتناق الإسلام :
    Revert to Islam - Muahmmad Musab (Convert From Christianity) .... :
    http://www.youtube. com/watch/ v/Co0xom_ KcXM
    يوسف علي يروي قصة اعتناقه الإسلام :
    Revert to Islam - Yusuf Ali (Convert to Islam) ... :
    http://www.youtube. com/watch/ v/NcjXK7qzE_ k
    كيف اعتنقت ميلينا الأسلام :
    How Melina came to Islam :
    http://www.youtube. com/watch/ v/jLht7Kk0bGg
    عبدالله لبان يروي قصة اعتناقه للإسلام :
    Revert to Islam - Abdullah Laban (Convert to Islam) ... :
    http://www.youtube. com/watch/ v/gGeHzUkkJH4
    اللاتينيين يتركون الكنيسة ويعتنقون الإسلام :
    TV Report Latinos Leaving The Church And Turning To ISLAM :
    http://www.youtube. com/watch/ v/j2w14xxi0bM
    وليام شبيل و25 من عائلته يعتنقون الإسلام :
    William Chappelle and 25 members of his family embrace Islam :
    http://www.youtube. com/watch/ v/mkBW4l4TmPE
    الإسلام في هولندا :
    Islam In Netherlands :
    http://video. google.com/ videoplay? do...97847671713 770
    6 ألمان يعتنقون الإسلام :
    6 German convert to Islam - 2007 - LIVE :
    http://www.youtube. com/watch/ v/0SpqpGKp7ts
    كارولين تتحول إلى الإسلام :
    Caroline convert from Christianity to Islam :
    http://www.youtube. com/watch/ v/2Cpmvne2wj0
    امرأة يابانية تتحول إلى الإسلام :
    Japanese Women Turning To ISLAM. :
    http://www.youtube. com/watch/ v/L7PIOhK- SgA
    مسلمة أمريكية جديدة تتكلم عن الحجاب :
    American converted Muslim Woman speaking about the Veil :
    http://www.youtube. com/watch/ v/L85Mcq3EDX8
    الدكتورة ريتشارد سون يتحول إلى الإسلام في أمريكا :
    Dia Richardson converted to Islam in USA :
    http://www.youtube. com/watch/ v/Tp097NNj3Pk
    ألمانية نصرانية تتحول إلى الإسلام :
    German Christ convert to ISLAM :
    http://www.youtube. com/watch/ v/UTyu18RgrAo
    مسلمة جديدة تتكلم عن الإسلام من لندن :
    New Muslim Lady .. Live from London :
    http://www.youtube. com/watch/ v/NTlta20vsow
    امرأة هولندية تتحول إلى الإسلام :
    Dutch Women Turning To ISLAM in Holland :
    www.youtube. com/watch/ v/UyyxPO0HFLk
    امرأة من جنوب ألمانيا تتحول إلى الإسلام :
    New Sister From South Germany :
    http://www.youtube. com/watch/ v/EkBRKrUDnEU
    كيف تتحول إلى الإسلام :
    How to Convert to Islam :
    http://www.youtube. com/watch/ v/i9K7lmYaucU
    أربع مسلمون جدد من أربع مناطق مختلفة من العالم :
    4 New Muslims from 4 Corners of the World :
    http://video. google.com/ videoplay? do...59428535210 219
    جيني : كيف تحولت إلى الإسلام ؟
    Jenny - How I came to Islam :
    http://video. google.com/ videoplay? do...40716668905 509
    كات ستيفينس يتحول إلى يوسف إسلام :
    Cat Stevens becomes Yusuf Islam :
    http://video. google.com/ videoplay? do...65900354777 626
    اصغر مسلم جديد في بريطانيا :
    Islam Youngest Muslim Reverts in The World- in England :
    http://video. google.com/ videoplay? do...31311255429 137
    عبد الرحيم غرين يتحول إلى الإسلام :
    Why Abdul Raheem Green Came to Islam :
    http://www.youtube. com/watch/ v/wF8joJaOVJw
    روبرت يتحول إلى الإسلام :
    Robert converts to Islam :
    http://www.youtube. com/watch/ v/vU5HGHiNUu0
    قصة تحول مؤثرة إلى الإسلام :
    Islam : Best and inspirational Revert Story :
    http://video. google.com/ videoplay? do...40414685693 208
    قصة تحول كريستال إلى الإسلام :
    Revert to Islam - Sister Crystal (Convert From Christianity) ... :
    http://www.youtube. com/watch/ v/IZF9stLSYjY
    مسلمة جديدة أسبانية تتكلم عن حقوق المرأة في الإسلام
    Spanish Woman talks about Woman rights in Islam :

    http://www.youtube. com/watch/ v/exdCJ_wT9E4
    لتحميل كتبي فضلاً الضغط على الصورة التالية - متجدد بإذن الله

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي



  4. #104
    تاريخ التسجيل
    Sep 2006
    المشاركات
    2,125
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    07-12-2022
    على الساعة
    12:17 PM

    افتراضي

    الباب الثالث


    القرءان الكريم



    شبهات وردود



    مقدمة
    إن القرآن الكريم.. كتاب الله ووحيه المبارك..
    القرآن الكريم.. كلام الله المنزل، غير مخلوق، منه بدأ وإليه يعود..
    أحسن الكتب نظاماً، وأبلغها بياناً، وأفصحها كلاماً، وأبينها حلالاً وحراماً..
    أنزله الله رحمة للعالمين، وحجة على الخلق أجمعين، ومعجزة باقية لسيد الأولين والآخرين.. أعز الله مكانه، ورفع سلطانه، ووزن الناس بميزانه.. من رفعه؛ رفعه الله، ومن وضعه؛ وضعه الله.
    [ ‏قَالَ ‏ ‏عُمَرُ ‏ ‏أَمَا إِنَّ نَبِيَّكُمْ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏قَدْ قَالَ ‏إِنَّ اللَّهَ يَرْفَعُ بِهَذَا الْكِتَابِ أَقْوَامًا وَيَضَعُ بِهِ آخَرِينَ] رواه مسلم حديث رقم 1353.
    وهو دليل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على صدق نبوته ، وعلى أنه رسول الله جل علاه، وأنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يعرف معنى إعجاز القرآن وكيف يُتَحَدى به ، وأن التحدي الذي تضمنته آيات التحدي المذكورة في سورتي البقرة وهود وغيرها ، إنما هو تحد بلفظ القرآن ونظمه وبيانه فقط ، وليس بشيء خارج عن ذلك، فما هو بتحد بالإخبار بالغيب المكنون ولا بالغيب الذي يأتي تصديقه بعد دهر من تنزيله ، ولا بعلم مالا يدركه علم المخاطبين به من العرب ،ولا بشيء من المعاني مما لا يتصل بالنظم والبيان وإن كان كل ذلك من بعض مكوناته، ولكن الله جل علاه طالب العرب بأن يعرفوا دليل نبوة رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمجرد سماع القرآن الكريم، نعم مجرد السماع، وقد بين الله سبحانه وتعالى في غير آية من كتابه الكريم أن سماع القرآن فقط يقتضيهم إدراك معاينته لكلامهم وأنه ليس من كلام البشر, بل هو من كلام رب العالمين.
    إن القرآن الكريم.. كتاب الله ووحيه المبارك ..
    قال تعالى: (كِتَابٌ فُصِّلَتْ آَيَاتُهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ)فصلت: 3
    فالقرآن.. كلام الله المنزل، غير مخلوق، منه بدأ إليه يعود،يقول سبحانه وتعالي في سورة
    الشعراء 192ـ 195 وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ)الشعراء: 192 - 195
    أحسن الكتب نظاماً، وأبلغها بياناً، وأفصحها كلاماً، وأبينها حلالاً وحراماً..
    وقال تعالى: (لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ)فصلت: 42
    ويقول سبحانه وتعالى في سورة النساء 166 لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلَائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا)النساء: 166
    أنزله الله رحمة للعالمين، وحجة على الخلق أجمعين، ومعجزة باقية لسيد الأولين والآخرين.. أعز الله مكانه، ورفع سلطانه، ووزن الناس بميزانه.. من رفعه؛ رفعه الله، ومن وضعه؛ وضعه الله، [ ‏قَالَ ‏ ‏عُمَرُ ‏ ‏أَمَا إِنَّ نَبِيَّكُمْ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏قَدْ قَالَ ‏ ‏إِنَّ اللَّهَ يَرْفَعُ بِهَذَا الْكِتَابِ أَقْوَامًا وَيَضَعُ بِهِ آخَرِينَ [رواه مسلم حديث رقم 1353 .
    وكتاب الله الكريم كما يقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيه نبأ ما قبلكم، وخبر ما بعدكم، وحكم ما بينكم.. ‏[ عَنْ ‏ ‏الْحَارِثِ ‏ ‏قَالَ ‏ مَرَرْتُ فِي الْمَسْجِدِ فَإِذَا النَّاسُ يَخُوضُونَ فِي الْأَحَادِيثِ فَدَخَلْتُ عَلَى ‏ ‏عَلِيٍّ ‏ ‏فَقُلْتُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَلَا ‏ ‏تَرَى أَنَّ النَّاسَ قَدْ خَاضُوا فِي الْأَحَادِيثِ قَالَ وَقَدْ فَعَلُوهَا قُلْتُ نَعَمْ قَالَ أَمَا إِنِّي قَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏يَقُولُ ‏ ‏أَلَا إِنَّهَا سَتَكُونُ ‏ ‏فِتْنَةٌ ‏ ‏فَقُلْتُ مَا الْمَخْرَجُ مِنْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ كِتَابُ اللَّهِ فِيهِ نَبَأُ مَا كَانَ قَبْلَكُمْ وَخَبَرُ مَا بَعْدَكُمْ وَحُكْمُ مَا بَيْنَكُمْ وَهُوَ ‏ ‏الْفَصْلُ ‏ ‏لَيْسَ بِالْهَزْلِ مَنْ تَرَكَهُ مِنْ جَبَّارٍ ‏ ‏قَصَمَهُ ‏ ‏اللَّهُ وَمَنْ ابْتَغَى الْهُدَى فِي غَيْرِهِ أَضَلَّهُ اللَّهُ وَهُوَ حَبْلُ اللَّهِ الْمَتِينُ وَهُوَ الذِّكْرُ الْحَكِيمُ وَهُوَ الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ هُوَ الَّذِي لَا ‏ ‏تَزِيغُ ‏ ‏بِهِ الْأَهْوَاءُ وَلَا تَلْتَبِسُ بِهِ الْأَلْسِنَةُ وَلَا يَشْبَعُ مِنْهُ الْعُلَمَاءُ وَلَا ‏ ‏يَخْلَقُ ‏ ‏عَلَى كَثْرَةِ ‏ ‏الرَّدِّ ‏ ‏وَلَا تَنْقَضِي عَجَائِبُهُ هُوَ الَّذِي لَمْ تَنْتَهِ الْجِنُّ إِذْ سَمِعَتْهُ حَتَّى قَالُوا [ إ‏ِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ] ‏مَنْ قَالَ بِهِ صَدَقَ وَمَنْ عَمِلَ بِهِ أُجِرَ وَمَنْ حَكَمَ بِهِ عَدَلَ وَمَنْ دَعَا إِلَيْهِ هَدَى إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ].هكذا في سنن الدرامي ج 2 ص 435 ، كتاب فضائل القرآن ومع اختلاف يسير في ألفاظه في صحيح الترمذي ج 11 ص 30 أبواب فضائل القرآن حديث رقم 2831
    وهو دليل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على صدق نبوته ، وعلى أنه رسول الله جل علاه، وأنه عليه الصلاة والسلام كان يعرف معنى إعجاز القرآن وكيف يُتَحَدى به ، وأن التحدي الذي تضمنته آيات التحدي المذكورة في سورتي البقرة وهود وغيرها ، إنما هو تحد بلفظ القرآن ونظمه وبيانه فقط ، وليس بشيء خارج عن ذلك، فما هو بتحد بالإخبار بالغيب المكنون ولا بالغيب الذي يأتي تصديقه بعد دهر من تنزيله ، ولا بعلم مالا يدركه علم المخاطبين به من العرب ،ولا بشيء من المعاني مما لا يتصل بالنظم والبيان وإن كان كل ذلك من بعض مكوناته، ولكن الله جل علاه طالب العرب بأن يعرفوا دليل نبوة رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمجرد سماع القرآن الكريم، نعم مجرد السماع، وقد بين الله سبحانه وتعالى في غير آية من كتابه الكريم أن سماع القرآن فقط يقتضيهم إدراك معاينته لكلامهم وأنه ليس من كلام البشر, بل هو من كلام رب العالمين.
    والحديث عن القرآن الكريم يتطلب الخوض في عنصرين أثنين..يتمثلان في البعد المكاني والبعد الزماني لنزول القرآن الكريم..
    فأما عن البعد المكاني فيتمثل في شخص رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ...ومن ثم كانت آيات التحدي
    والمتمثلة في شخص من أنزل عليه القرآن الكريم وهو رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ واضحة وجلية..
    فمن المعروف أن الطريقة التي سلكها إلى ذلك فهي أن التحدي كان مقصوراً على طلب المعارضة بمثل القرآن، ففي يونس: (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ)يونس: 38
    ثم بعشر سور مثله مفتريات ـ مختلفات ـ لا يلتزمون فيها الحكمة ولا الحقيقة، وليس إلا النظم والأسلوب، وهم أهل اللغة ولن تضيق أساطيرهم وعلومهم أن تسعها عشر سور ففي هود13:
    ( أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) هود: 13
    ثم قرن التحدي بالتأنيب والتقريع ثم استفزهم بعد ذلك جملة واحدة فقال لهم في البقرة: (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (23) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ)البقرة: 23 – 24
    والمدقق في التحدي الموجود في البقرة يجده يخص شخص الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا )..أي إن كنتم تشككون في محمد [وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا]الرعد: 43.
    [ قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ ]الرعد: 43. وبناء عليه فلتحضروا رجلاً (مِنْ مِثْلِهِ)..
    لتحميل كتبي فضلاً الضغط على الصورة التالية - متجدد بإذن الله

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي



  5. #105
    تاريخ التسجيل
    Sep 2006
    المشاركات
    2,125
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    07-12-2022
    على الساعة
    12:17 PM

    افتراضي

    لقد تحدى الله سبحانه وتعالى أهل الفصاحة ، وسلك في ذلك طريقاً كأنها قضية من قضايا التاريخ، فحكمة هذا التحدي وذكره في القرآن الكريم ـ ولم يأت على لسان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في صورة حديث, بل في صورة آيات تتلى ـ إنما هي أن يشهد التاريخ في كل عصر بعجز العرب عنه وهم الفصحاء اللُسنْ والخطباء اللُدْ, وهم كانوا في العهد الذي لم يكن للغتهم خيرٌ منه ولا خير منهم في الطبع والقوة, فكانوا مظنة المعارضة والقدرة عليها, فالإعجاز كائن في رصف القرآن الكريم ونظمه وبيانه بلسان عربي مبين, بالإضافة إلى أنه لم يكن لتحديهم به معنى إلا أن تجتمع لهم وللغتهم صفات بعينها.
    أولها: أن اللغة التي نزل بها القرآن الكريم تحتمل هذا القدر الهائل من المفارقة بين كلامين, كلام هو كلامهم وكلام هو كلام الله عز وجل.
    ثانيها: أن أهلها قادرون على إدراك هذا الحاجز الفاصل بين الكلامين، وهذا إدراك دال على أنهم قد أوتوا من لطف تذوق البيان ومن العلم بأسراره ووجوهه قدرا وافراً يصح معه أن يتحداهم بهذا القرآن وان يطالبهم بالشهادة عند سماعه وأن تاليه عليهم نبي مرسل من عند الله فرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عاش إلى سن الأربعين وما عُرف عنه أنه كان يقرض الشعر ولم تكن له مثلاً بلاغة ( قس بن ساعدة ) أو ( أكثم بن صيفي )، ولم يثبت عليه على مدي سني عمره أنه قال شعراً، بل من المعروف أن كل شاعر من الشعراء قد تخصص في لون معين من الشعر لا يجيده غيره حتى أنهم قالوا: إن شعر امرئ ألقيس يحسن عند الطرب وذكر النساء ووصف الخيل، وشعر نابغة الذبياني يحسن عند الخوف, وشعر الأعشى عند الطلب ووصف الخمر، وشعر زهير عند الرغبة والرجاء, وهكذا, فكل شاعر يحسن كلامه في فن معين فإن كلامه يضعف في غير هذا الفن, والرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يكن طوال الأربعين سنة له علاقة بهذه الدوائر أو ذلك المجال, وهكذا كانت مفاجأة السماء, لقد أراد الله سبحانه وتعالى أن يختار رجلاً لم يُعرف عنه التفوق في لغته وإن اشتهر بكل صفات الخلق الطيب, اختار الله جل علاه محمداً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لتنزل عليه الرسالة التي يتحدى بها أكبر أهل عصره بلاغة رغم أنه لم يشهد له أحد أو عنه قبل الرسالة بأي شيء من البلاغة, لقد أُعطِىَ البلاغة وجوامع الكلم بعد ذلك, والقرآن الكريم يحسم هذه المسألة في أكثر من موضع فيقول جل علاه في سورة العنكبوت :
    (وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ)العنكبوت: 48
    إن الوحي الرباني يخاطب المعاندين على الرسالة فيقول لهم قل يا محمد إنني قد عشت بينكم أربعين عاماً لم أقل شعراً ولم ألق خطباً ولم أشارك في مجالس البلاغة, ألا تعقلون أن ما أقوله ليس من عندي ولكنه من وحي الخالق الذي لو شاء ما عرفتم بهذا الوحي.
    يقول جل شأنه وعز مقداره في سورة يونس: (قُلْ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلَا أَدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِنْ قَبْلِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ)يونس: 16
    والذي يقرأ أي كلام بليغ منثور لأي كاتب ثم جاء هذا الكاتب فاستشهد ببيت من الشعر في كلامه ثم عاد إلى النثر من جديد، فإن الأذن والذوق لا يخطئان هذا الانتقال، وهذه العودة خصوصاً طبقة الشعراء الذين جبل كلامهم على الأوزان والتفاعيل أو ما يعرف بالميزان الشعري ، فمثلاً في رسالة ( ابن زيدون ) الشهيرة والتي يستعطف فيها الوزير( ابن جَهْور) والتي يقول فيها: " ما هذا الذنب الذي لم يسعه عفوك ، والجهل الذي لم يأت من وراءه حلمك، والتطاول الذي لم تستغرقه تطولك، والتحمل الذي لم يف به احتمالك ولا أخلو من أن أكون بريئاً فأين العدل؟ أو مسيئاً فأين الفضل؟ .
    إلا يكن ذنب فعدلك أوسع أو كان لي فضل ففضلك أوسع
    حنانيك..... فقد بلغ السيل الزبى ونالني ما حسبي وكفى ..." .
    هنا وفي هذا النص نلتفت إلى أننا قد انتقلنا من النثر إلى الشعر في كلام هو في غاية البلاغة والفصاحة والانسجام وندرك هذا الانتقال ببساطة شديدة، ولكننا حينما نقرأ القرآن الكريم والذي فيه آيات على أوزان الشعر لا نحس أبداً بالانتقال من النثر إلى الشعر والعودة إلى النثر مرة أخرى لأن القرآن الكريم ليس شعراً على رصف الشعر وليس نثراً على رصف النثر, ولكنه نسيج وحده ، ولنأخذ على سبيل المثال الآيات 45ـ 52 من سورة الحجر فهذه الآيات الكريمة بها آيات على وزن الشعر وبها آيات على وزن النثر الخالص ولكن القارئ أو المستمع لا يحس بالانتقال من نثر إلى شعر ثم العودة إلى النثر مرة أخرى، كما لاحظنا في النص السابق من رسالة ابن زيدون، ولا يستطيع إدراك ذلك إلا من عنده ملكة الشعر بالفطرة، أو الدارس للميزان الشعري .
    ولنتناول الآيات البينات من سورة الحجر45ـ 52: (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آَمِنِينَ * وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ * لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ * نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ * وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ * إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ)الحجر: 45 - 52
    في هذا النص الكريم نجد انتقال من النثر إلى الشعر وعودة من الشعر إلى النثر مرة أخرى, ولكن القارئ أو المستمع إلى القرآن الكريم لا يحس بهذا الانتقال من فن مرسل من الكلام إلى فن مقيد بالوزن الشعري والعودة مرة أخرى إلى الفن المرسل، ولننظر في قوله تعالى في هذه الآيات :( نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ).
    إننا هنا أمام شعر من الممكن معرفة وزنه العروضي وهو بحر المجتث ( مستفعلن فاعلات ... مستفعلن فاعلات ) ومع ذلك لا تحس الأذن بهذا الانتقال من النثر إلى الشعر ثم العودة مرة أخرى، وهذا كثير جداً في القرآن جمعه العلامة عباس محمود العقاد في كتابه اللغة الشاعرة.ولا يعرف هذا كله إلا من كان له إمام بهذا الفن, والسؤال الآن هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كذلك؟ إن التاريخ ينفي ذلك تماماً.
    ثالثاً: أن البيان كان في أنفسهم أجلّ من أن يخونوا الأمانة أو يجوروا عن الإنصاف في الحكم عليه، فلقد قرعهم وعيّرهم وسفه أحلامهم وأديانهم حتى استخرج أقصى الضراوة في عداوتهم له , وظل مع ذلك يتحداهم، فنهتهم أمانتهم على البيان عن معارضته ومناقضته.
    فقطع لهم أنهم لن يفعلوا, وهي كلمة يستحيل أن تصدر من عربي إطلاقاً، لا يقولها عربي في العرب أبداً, وقد سمعوها واستقرت فيهم ودارت على ألسنتهم، وعرفوا أنها تنفي عنهم الدهر نفياً, وأنها تعجزهم آخر الأبد، فما فعلوا ولا طمعوا قط أن يفعلوا، بل إنه قد بالغ في اهتياجهم واستفزازهم ليثبت أن القدرة فيهم على المعارضة كقدرة الميت على أعمال الحياة، لن تكون ولن تقع، فقال لهم (وَلَنْ تَفْعَلُوا).
    فقطع لهم أنهم لن يفعلوا, وهي كلمة يستحيل أن تصدر من عربي إطلاقاً، لا يقولها عربي في العرب أبداً, وقد سمعوها واستقرت فيهم ودارت على ألسنتهم، وعرفوا أنها تنفي عنهم الدهر نفياً, وأنها تعجزهم آخر الأبد، فما فعلوا ولا طمعوا قط أن يفعلوا، بل إنه قد بالغ في اهتياجهم واستفزازهم ليثبت أن القدرة فيهم على المعارضة كقدرة الميت على أعمال الحياة، لن تكون ولن تقع، فقال لهم (وَلَنْ تَفْعَلُوا).
    وهذا التحدي يمكننا أن نستخرج منه تسعة حقائق ألا وهي:
    الحقيقة الأولى: أن قليل القرآن الكريم وكثيره في شأن الإعجاز سواء.
    الحقيقة الثانية: أن الإعجاز كان في بيان القرآن الكريم ونظمه ومبانيه.
    الحقيقة الثالثة: أن الذين تحداهم بهذا القرآن قد أُتوا القدرة على الفصل بين الذي هو كلام الله عز وجل و كلام البشر.
    الحقيقة الرابعة: أن الذين تحداهم به كانوا يدركون أن ما طُلِبوا به من الإتيان بمثله أو بعشر سور مثله مختلفات, هو هذا الضرب من البيان الذي يجدون في أنفسهم أنه خارج عن بيان البشر.
    الحقيقة الخامسة: أن هذا التحدي لم يقصد به الإتيان بمثله مطابقاً لمعانيه، بل أن يأتوا بما يستطيعون افتراءه واختلاقه من كل معنى أو غرض مما يعتلج في نفوس البشر.
    الحقيقة السادسة: أن هذا التحدي للثقلين جميعهم، انسهم وجنهم متظاهرين وهو تحد مستمر قائم إلى يوم الدين.
    الحقيقة السابعة:أن ما في القرآن الكريم من مكنون الغيب ومن دقائق التشريع ومن عجائب آيات الله في خلقه, كل ذلك بمعزل عن هذا التحدي المفضي إلى الإعجاز, وإن كان ما فيه من ذلك كله ليعد دليلاً على أنه من عند الله جل وعلا.
    الحقيقة الثامنة :نفهم من طبيعة هذا التحدي أن محمد بن عبد الله رسول الله إلى الناس كافة:
    يقول سبحانه وتعالى في سورة سبأ: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) سبأ: 28
    ويقولالله سبحانه وتعالى في سورة الأنبياء:
    (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ) الأنبياء: 107
    وإشعيا يطالب بتسبيح الرب تسبيحاًجديدا:
    [10غَنُّوا لِلرَّبِّ أُغْنِيَةً جَدِيدَةً تَسْبِيحَهُ مِنْ أَقْصَى الأَرْضِ. أَيُّهَا المنحدر ون فِي الْبَحْرِ وَمِلْؤُهُ وَالْجَزَائِرُ وَسُكَّانُهَا.]..وهذا مالا ينطبق إلا على أمة الإسلام فنحن أكثر أهل الأرض تسبيحاً لله ولمتسبقنا أمة في أن يكون التسبيح لله فرضاً عليها كل يوم أكثر من مائة مرة في الصلوات الخمس وهذا في الفرائض فقط من الصلوات ويليها تسبيحالله عز وجلأكثر من ثلاثة وثلاثين مرة بعد كل صلاةهذا فقط في الفرائض ولم أقل في السنة عن الرسول صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم وهذا تسبيح جديد لم تسبقنا به أمة من الأمم.
    ويأمرنا الله عز وجل ويأمرنبيه صلى الله عليه وسلم في القرآن بالتسبيح فيقول سبحانه في الطور(وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ (48) وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ) الطور: 48 - 49
    ويقول سبحانه وتعالى في سورة طه:
    (فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آَنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى)طه: 130
    ويقول عز وجلفي سورة الحجر:
    (فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ (98) وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ)الحجر: 98 - 99
    ويقول سبحانه وتعالى في سورة الفرقان:
    (وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا) الفرقان: 58
    وهناكالعشرات من الآيات في القرآن تأمرنا بالتسبيح فظهر يقيناً أنه لا أمة أمرت بالتسبيحكما أمرنا نحن ولم يفرض على أمة تسبيحاً جديداً غير أمة محمد صلى الله عليه وسلم.
    الحقيقة التاسعة: موجودة في آية التحدي الكبرى:
    قال تعالى وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (23) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ)البقرة: 23 – 24
    ما هو المقصود بقوله تعالى (عَبْدِنَا) الواردة في النص السابق؟.
    من المهم جداً أن نذكر النبوءة الواردة في إشعياء 42/1-21:
    الإصْحَاحُ الثَّانِي وَالأَرْبَعُونَ
    <SUP style="TEXT-INDENT: 0px !important">1</SUP>«هُوَذَا عَبْدِي الَّذِي أَعْضُدُهُ، مُخْتَارِي الَّذِي سُرَّتْ بِهِ نَفْسِي. وَضَعْتُ رُوحِي عَلَيْهِ فَيُخْرِجُ الْحَقَّ لِلأُمَمِ. <SUP style="TEXT-INDENT: 0px !important">2</SUP>لاَ يَصِيحُ وَلاَ يَرْفَعُ وَلاَ يُسْمِعُ فِي الشَّارِعِ صَوْتَهُ. <SUP style="TEXT-INDENT: 0px !important">3</SUP>قَصَبَةً مَرْضُوضَةً لاَ يَقْصِفُ، وَفَتِيلَةً خَامِدَةً لاَ يُطْفِئُ. إِلَى الأَمَانِ يُخْرِجُ الْحَقَّ. <SUP style="TEXT-INDENT: 0px !important">4</SUP>لاَ يَكِلُّ وَلاَ يَنْكَسِرُ حَتَّى يَضَعَ الْحَقَّ فِي الأَرْضِ، وَتَنْتَظِرُ الْجَزَائِرُ شَرِيعَتَهُ».
    التعليق على النص السابق:
    فمن هو المقصود بهذه النبوءة؟.والموجود في النص:[<SUP style="TEXT-INDENT: 0px !important">1</SUP>«هُوَذَا عَبْدِي الَّذِي أَعْضُدُهُ، مُخْتَارِي الَّذِي سُرَّتْ بِهِ نَفْسِي. وَضَعْتُ رُوحِي عَلَيْهِ فَيُخْرِجُ الْحَقَّ لِلأُمَمِ.].
    הןעבדיאתמך־בובחירירצתהנפשׁינתתירוחיעליומשׁפטלגויםיו ציא
    إن المدقق في لفظ عَبْدِيעבדי هكذا مجرداً لابد وأن ينصرف الذهن إلى شخص واحد محدد هو النبي محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لأنه من المألوف عند وصف أي نبي من الأنبياء بصفة العبودية لابد وأن يذكر اسمه بعدها إلا محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
    يقول سبحانه وتعالى:[ اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ ] ص/17.
    ويقول سبحانه وتعالى: [ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ] ص/ 41.
    ويقول سبحانه وتعالى: [ ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا ] مريم /2.
    كما أنه قد ورد نفس الشيء في الكتاب المقدس:
    لقد ورد في 1أخبار 6/49 [وَأَمَّا هَارُونُ وَبَنُوهُ فَكَانُوا يُوقِدُونَ عَلَىمَذْبَحِ الْمُحْرَقَةِ وَعَلَى مَذْبَحِ الْبَخُورِ مَعَ كُلِّ عَمَلِ قُدْسِالأَقْدَاسِ, وَلِلتَّكْفِيرِ عَنْ إِسْرَائِيلَ حَسَبَ كُلِّ مَا أَمَرَ بِهِ مُوسَى عَبْدُاللَّهِ]
    والنص العبري هكذا:הןעבדיאתמך־בובחירירצתהנפשׁינתתירוחיעליומשׁפטלגויםיו ציא
    وفي دانيال 6/20 [ فَلَمَّا اقْتَرَبَ إِلَى الْجُبِّ نَادَى دَانِيآلَ بِصَوْتٍ أَسِيفٍ: يَادَانِيآلُ عَبْدَاللَّهِ الْحَيِّ هَلْ إِلَهُكَ الَّذِي تَعْبُدُهُ دَائِماً قَدِرَعَلَى أَنْ يُنَجِّيَكَ مِنَالأُسُودِ؟].
    وهكذا في سائر القرآن الكريم إلا الحديث عن النبي الخاتم:
    [ وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُواْ شُهَدَاءكُم مِّن دُونِ اللّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ]. (البقرة : 23 )
    [ وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِن كُنتُمْ آمَنتُمْ بِاللّهِ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ]. (الأنفال : 41 )
    [ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ ]. (القمر : 9 )
    [ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا ]. (الكهف : 1 )
    [ تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً ]. (الفرقان : 1 )
    [ أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِن دُونِهِ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ]. (الزمر : 36 )
    [ فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى ]. (النجم : 10 )
    [ هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ ]. (الحديد : 9 )
    فلماذا يذكر النبي محمد بدون ذكر اسمه؟ .
    الإجابة ببساطة شديدة جاءت في قوله تعالى في سورة البقرة:
    [الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمْ وَ إِنَّ فَرِيقاً مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَ هُمْ يَعْلَمُونَ {146} الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ {147}] البقرة:146ـ 147.
    فمَن غير الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَمن الأنبياء لا يكل ولا ينكسر حتى يضع الحق في الأرض وله شريعة جديدة أكرمها فوضع الحق في الأرض ونشر الشريعة في كل البلاد ما في الفقرة 42/1 ؟,, مَن غيره ؟؟ إنالله عز وجل أمرنا أن نجاهد لنشر دين الحق ونشرالشريعة فإما النصر أو الشهادة , وإن يسوع قال ما أرسلت إلا إلى خراف بيت إسرائيلالضالة .متى15/24:
    والنص هنا يقول:[ 6أَنَا الرَّبَّ قَدْ دَعَوْتُكَ بِالْبِرِّ فَأُمْسِكُ بِيَدِكَ وَأَحْفَظُكَ وَأَجْعَلُكَ عَهْداً لِلشَّعْبِ وَنُوراً لِلأُمَمِ 7لِتَفْتَحَ عُيُونَ الْعُمْيِ لِتُخْرِجَ مِنَ الْحَبْسِ الْمَأْسُورِينَ مِنْ بَيْتِ السِّجْنِ الْجَالِسِينَ فِي الظُّلْمَةِ. ] والرسول محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُرسل إلى الناس كافة وهذا مصداقاً لقوله سبحانه وتعالى:
    [ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ] سبأ /28 .
    ويقول الله سبحانه وتعالى:[ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ ] الأنبياء/ 107 .
    وقوله: [ وَنُوراً لِلأُمَمِ ]..
    فقد قال الله عز وجل في كتابه الكريم عن الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
    [ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً. وَدَاعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُّنِيراً ] الأحزاب/ 47 .
    أما قوله في إشعياء أنه يفتح عيون العُمي ويخرج من الحبس المأسورين ويصفهم بأنهم جالسين في الظلمة والله عز وجل يقول في القرآن مخاطبا الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه يخرج الناس من الظلمات إلى النور فيقول سبحانه وتعالى:
    [ الَر كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ ] إبراهيم/ 1.
    ويقول عز وجل: [ رَّسُولاً يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ لِّيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحاً يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقاً] الطلاق/11.
    وقال عز واصفاً الذين ضلوا من الناس وتاهوا عن شريعة رب العالمين بأنهم في الظلمات:
    [ وَالَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا صُمٌّ وَبُكْمٌ فِي الظُّلُمَاتِ مَن يَشَإِ اللّهُ يُضْلِلْهُ وَمَن يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ] الأنعام/ 39.
    فهذا بلا جدال وصف الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولا يوجد عاقل ينكر أن هذه كانت من صفاته.
    كما أن يسوع لم يأت لعبدة الأصنام ولكنه جاء لليهود والرسول عليه الصلاة والسلامأول ما خاطب خاطب الكفار عبدة الأصنام وإشعيا يقول:
    [ 8أَنَا الرَّبُّ هَذَا اسْمِي وَمَجْدِي لاَ أُعْطِيهِ لِآخَرَ وَلاَ تَسْبِيحِي لِلْمَنْحُوتَاتِ.] أي الأصنام المنحوتة من الحجر كما يقول تفسير الكتاب المقدس.
    ويقول واصفاً إياه:
    [9هُوَذَا الأَوَّلِيَّاتُ قَدْ أَتَتْ وَالْحَدِيثَاتُ أَنَا مُخْبِرٌ بِهَا. قَبْلَ أَنْ تَنْبُتَ أُعْلِمُكُمْ بِهَا.] .
    والرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هو من أخبر عن أنباء الأمم الأولى وأخبر عن نفاذ سنة الله عز وجل في الكون فحكى عن عاد وثمود وعن قوم نوح ولوط وهود وصالح ويونس وعن قوم إبراهيم وعن قوم فرعون وهو من نبأ عما سيأتي من الأمور فتحققت نبوءاته وما زالت تتحقق.
    فهذا تصريح بأن هذه النبوءة لا تنطبق على أي أمة غير الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأمته بلا منازع فكيف يقولون أنها عن يسوع ؟؟.
    ويقول سبحانه وتعالى في سورة النساء 166 لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلَائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا)النساء: 166
    وهذا التحدي يمكننا أن نستخرج منه سبعة حقائق ألا وهي:
    الأولى: أن قليل القرآن الكريم وكثيره في شأن الإعجاز سواء.
    الثانية: أن الإعجاز كان في بيان القرآن الكريم ونظمه ومبانيه.
    الثالثة: أن الذين تحداهم بهذا القرآن قد أُتوا القدرة على الفصل بين الذي هو كلام الله عز وجل و كلام البشر.
    الرابعة: أن الذين تحداهم به كانوا يدركون أن ما طُلِبوا به من الإتيان بمثله أو بعشر سور مثله مختلفات, هو هذا الضرب من البيان الذي يجدون في أنفسهم أنه خارج عن بيان البشر.
    الخامسة: أن هذا التحدي لم يقصد به الإتيان بمثله مطابقاً لمعانيه، بل أن يأتوا بما يستطيعون افتراءه واختلاقه من كل معنى أو غرض مما يعتلج في نفوس البشر.
    السادسة: أن هذا التحدي للثقلين جميعهم، انسهم وجنهم متظاهرين وهو تحد مستمر قائم إلى يوم الدين.
    السابعة: أن ما في القرآن الكريم من مكنون الغيب ومن دقائق التشريع ومن عجائب آيات الله في خلقه, كل ذلك بمعزل عن هذا التحدي المفضي إلى الإعجاز, وإن كان ما فيه من ذلك كله ليعد دليلاً على أنه من عند الله جل وعلا.
    أما عن أسلوب التحدي لغير الناطقين بالضاد فكان عن طريق خطاب مباشر لهم كما وضحته سورة المائدة حيث يقول سبحانه وتعالى:(يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ (15) يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ)المائدة: 15 - 16
    ولقد بلغ التحدي مداه حينما تحدث مخاطباً علماء بني إسرائيل أنهم يعرفونه عليه الصلاة والسلام وأنه كشف عن تلاعبهم في نصوص التوراة بأن أخفوا اسمه الشريف ووضعوا بديلاً عنه كلمات لا يعرفها إلا العلماء منهم.
    تنويه
    في الفصل القادم سوف اتحدث عن(أحاديث جمع القرآن بين الرد والتأويل)..وذلك في الفرع الأول..ثم اتناول الحديث في الفرع الثاني عن( الجمع العثماني ومزاياه)..وفي الفرع الثالث أتحدث عن(دفع الاعتراض على عثمان رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَُ في جمع القرآن ورد الشبهات المثارة حول هذا الجمع)..
    وإنصافاً للحق لقد تناول هذه الأموربالتحقيق الدقيق كلا من السيّد علي الحسيني الميلاني.. و محمد شرعي أبو زيد..الأول في كتابه: (التحقيق في نفي التحريف عن القرآن الشريف)..المؤلف: السيّد علي الحسيني الميلاني..الناشر: دار القرآن الكريم..الفصل الثالث:الأقوال والآراء في أهل السنة حول التحريف وأحاديثه..
    والثاني في كتابه:(جمع القران..في مراحله التاريخية من العصر النبوي إلى العصر الحديث)
    وهو عبارة عن بحث تكميلي للحصول على درجة الماجستير في التفسير وعلوم القرآن..تأليف:محمد شرعي أبو زيد..وكانت مناقشته في كلية الشريعة بجامعة الكويت في شهر شوال من سنة 1419 ه.
    وكل الذي فعلته أنني قد وضعت المراجع بجوار النصوص المستشهد بها في بحثيهما كما أفعله عند تناولي لأي موضوع..فهذا هو نهجي ومنهجي في كافة دراساتي وأبحاثي..وهو مجهود لا يقل جهدا عن بحثيهما..
    لذا لزم التنوية..
    لتحميل كتبي فضلاً الضغط على الصورة التالية - متجدد بإذن الله

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي



  6. #106
    تاريخ التسجيل
    Sep 2006
    المشاركات
    2,125
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    07-12-2022
    على الساعة
    12:17 PM

    افتراضي

    الفصل الثاني


    الفرع الأول



    أحاديث جمع القرآن بين الرد والتأويل

    وأما الأحاديث التي رووها حول جمع القرآن ، المتضاربة فيما بينها ، والتي اعترف بعضهم كالإمام محمد أبو زهرة بوجود روايات مدسوسة مكذوبة فيها[المعجزة الكبرى : 33] فقد حاولوا الجمع بينها ، ثم رفع التنافي بينها وبين أدلة عدم التحريف والبناء على أن القرآن مجموع في عصر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وبأمر منه...
    وإليك بيان ذلك بالتفصيل :
    الرد على طعن الْملاحدة في تواتر القرآن
    تعلق بعض الْملاحدة بحديث أنس في حصر من جمع القرآن في عهد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
    عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: مَاتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَجْمَعِ الْقُرْآنَ غَيْرُ أَرْبَعَةٍ أَبُو الدَّرْدَاءِ وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَأَبُو زَيْدٍ قَالَ وَنَحْنُ وَرِثْنَاهُ. [رواه البخاري في كتاب فضائل القرآن باب القراء من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ح 5004 (8/663).
    وقد صرح أنس في هذه الرواية بصيغة الحصر، قال الحافظ: وقد استنكره جماعة من الأئمة.( يعني التصريح)، انظر فتح الباري (8/668)].
    وفي رواية قتادة قَالَ: قُلْتُ لأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: مَنْ جَمَعَ الْقُرْآنَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ أَرْبَعَةٌ كُلُّهُمْ مِنَ الأَنْصَارِ: أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَرَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ يُكْنَى أَبَا زَيْدٍ.[ رواه البخاري في كتاب الْمناقب باب مناقب زيد بن ثابت. صحيح البخاري مع فتح الباري (7/159) ح 3810، ومسلم في كتاب فضائل الصحابة باب فضائل أبي بن كعب. انظر صحيح مسلم مع شرح النووي (16/19) ح 2465.].
    فقالوا: كيف يكون القرآن متواترًا، مع ما يروى عن أنس مِن حَصْر مَن جمع القرآن في هؤلاء الأربعة.
    وتعلقوا أيضًا بأن أسانيد القراء تدور على ثمانية فقط من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقالوا: إن هذا العدد لا يبلغ مبلغ التواتر.
    ويجاب عن حديث أنس رضي الله تعالى عنه بوجوه:
    أولاً: الجواب بأن الحصر في كلام أنس إضافي، لا حقيقي.
    أي أن قول أنس (أَرْبَعَةٌ) لا مفهوم له؛ وليس الحصر في كلامه حقيقيًّا، بل هو حصر إضافي، أي: بالإضافة إلى غيرهم، وإلا فأين الخلفاء الأربعة، وأين سالْم مولى أبي حذيفة، وأين أبو موسى وغيرهم.
    ولذلك ثلاثة أدلة:
    الأول: كثرة الحفاظ من الصحابة:
    فقد روي حفظ جماعات من الصحابة في عهد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وثبت في الصحيح أنه قُتِل يوم بئر معونة سبعون مِمَّن جمع القرآن،[ رواه البخاري في كتاب الجهاد والسير باب من يُنْكَب في سبيل الله. صحيح البخاري مع فتح الباري (6/23) ح2801، ومسلم في كتاب الإمارة باب ثبوت الجنة للشهيد ح 677. صحيح مسلم مع شرح النووي (13/46-47).]. وروي أنه قتل في وقعة اليمامة مثلهم [اليمامة من حروب الردة، وقعت سنة 11ه].
    فهؤلاء الذين قتلوا من جامعيه يومئذ، فكيف الظن بِمن لم يُقتل مِمَّن حضرها، ومن لم يحضرها وبقي بالْمدينة أو بمكة أو غيرهما.
    الثاني: استحالة إحاطة أنس بحال كل الصحابة وأنَّهم لم يجمعوا القرآن كله.
    أي بتقدير أنه لا يعلم أن سواهم جمعه، وإلا فكيف له الإحاطة بكل من جمع القرآن مع كثرة الصحابة وتفرقهم في البلدان، وهذا لا يتم إلا إن كان لقي كل واحد منهم على انفراده، وأخبره عن نفسه أنه لم يكمل له جمع القرآن في عهد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهذا في غاية البعد في العادة.
    وقد يكون مراده: الذين علمهم من الأنصار أربعة، وأما غيرهم من الْمهاجرين والأنصار الذين لا يعلمهم فلم ينفهم، ولو نفاهم كان الْمراد نفي علمه، وإذا كان الْمرجع إلى ما في علمه لم يلزم أن يكون الواقع كذلك.
    كما أنه لم يذكر في هؤلاء الأربعة أبو بكر وعمر وعثمان وعلي رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَم ونحوهم من كبار الصحابة، الذين يبعد كل البعد أنَّهم لم يجمعوه،[ والذين منهم من كان يقول: وَاللهِ الَّذِي لا إِلَهَ غَيْرُهُ مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مِنْ كِتَابِ اللهِ إِلاَّ أَنَا أَعْلَمُ أَيْنَ أُنْزِلَتْ وَلاَ أُنْزِلَتْ آيَةٌ مِنْ كِتَابِ اللهِ إِلاَّ أَنَا أَعْلَمُ فِيمَ أُنْزِلَتْ وَلَوْ أَعْلَمُ أَحَدًا أَعْلَمَ مِنِّي بِكِتَابِ اللهِ تُبَلِّغُهُ الإِبِلُ لَرَكِبْتُ إِلَيْهِ. كما روى البخاري عَنْ عَبْدِ اللهِ بن مسعود رضي الله تعالى عنه صحيح البخاري كتاب فضائل القرآن باب القراء من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ(8/662) ح 5002.]. مع كثرة رغبتهم في الخير وحرصهم على ما دون ذلك من الطاعات، وكيف نظن هذا بِهم، ونحن نرى أهل العصور اللاحقة يحفظ القرآن منهم في كل بلدة ألوف، مع بعد رغبتهم في الخير عن درجة الصحابة؟. مع أن الصحابة لم يكن لهم أحكام مقررة يعتمدونَها في سفرهم وحضرهم إلا القرآن، وما سمعوه من النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فكيف نظن بِهم إهماله ؟. فكل هذا وشبهه يدل على أنه لا يصح أن يكون معنى الحديث أنه لم يكن في نفس الأمر أحد جمع القرآن إلا الأربعة الْمذكورون.[ نكت الانتصار لنقل القرآن ص 67، وفتح الباري (8/667-668)، وشرح النووي على صحيح مسلم (16/19)، والإتقان (1/200).].
    الثالث: اختلاف الرواية عن أنس في تحديد الأربعة
    فمِمَّا يدل على إرادة الحصر الإضافي اختلاف الرواية عن أنس رضي الله تعالى عنه في تحديد الأربعة، ففي رواية: أبي ومعاذ وزيد وأبو زيد،[ رواه البخاري في كتاب الْمناقب باب مناقب زيد بن ثابت ح 3810. صحيح البخاري مع فتح الباري (7/159)، ومسلم في كتاب فضائل الصحابة باب فضائل أبي بن كعب. انظر صحيح مسلم مع شرح النووي (16/19) ح 2465.].
    وفي رواية أخرى أبو الدرداء مكان أبيٍّ،[ رواه البخاري في فضائل القرآن باب القراء من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. انظر الصحيح مع فتح الباري (8/663) ح 5004]. وهذا دليل على عدم إرادة الحصر الحقيقي، فهو صادق في كلتا الروايتين؛ لأنه ليس معقولاً أن يكذب نفسه، فتعين أن الْمراد بالحصر هنا حصر إضافي، بأن يقال: إن أنسًا رضي الله تعالى عنه تعلق غرضه في وقت ما بأن يذكر الثلاثة، ويذكر معهم أبي بن كعب دون أبي الدرداء، ثم تعلق غرضه في وقت آخر بأن يذكر الثلاثة، ويذكر معهم أبا الدَّرْداء دون أُبَيِّ بن كعبٍ.[ مناهل العرفان (1/243-245).].
    كما اختلف العلماء في تحديد أبي زيدٍ الْمذكور في هذا الحديث، فبعضهم يَجعله سعد بن عبيد الأوسي، وبعضهم يجعله قيس بن السكن الخزرجي، وبعضهم يصحح أنَّهما جميعًا جمعا القرآن على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.[أسد الغابة في معرفة الصحابة (6/128).]. وبعضهم يجعله قيس بن أبي صعصعة.[ ذكره ابن أبي داود فيمن جمع القرآن. انظر فتح الباري (8/669).].والاختلاف في تحديد الْمعدود الْمحصور يدل على عدم إرادة الحصر الحقيقي.
    لتحميل كتبي فضلاً الضغط على الصورة التالية - متجدد بإذن الله

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي



  7. #107
    تاريخ التسجيل
    Sep 2006
    المشاركات
    2,125
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    07-12-2022
    على الساعة
    12:17 PM

    افتراضي

    ثانيًا: الجواب بتقدير مراد أنس بالحصر الإضافي:
    وذلك بوجوه:

    الأول: أن الْمراد به: لم يجمعه على جميع الوجوه والقراءات التي نزل بِها إلا أولئك.
    الثاني: أن الْمراد: لم يجمع ما نسخ منه بعد تلاوته، وما لم ينسخ غيرهم.
    الثالث: أن الْمراد بجمعه: تلَقِّيهِ من فِي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَبغير واسطة، بخلاف غيرهم، فيحتمل أن يكون تلقى بعضه بالواسطة.
    الرابع: أنَّهم تصدوا لإلقائه وتعليمه، فاشتهروا به، وخفي حال غيرهم عمن عُرف حالهم، فحصر ذلك فيهم بحسب علمه.
    الخامس: أن الْمراد بالجمع في هذا الحديث الكتابة، فلا ينفي أن يكون غيرهم جمعه حفظًا عن ظهر قلب، وأما هؤلاء فجمعوه كتابة، وحفظوه عن ظهر قلب.
    السادس: أن الْمراد أن أحدًا لم يفصح بأنه جمعه بمعنى أكمل حفظه في عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا هم، بخلاف غيرهم، فلم يفصح أحد منهم بأنه أكمل حفظه إلا عند رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين نزلت آخر آية منه، فلعل هذه الآية الأخيرة وما أشبهها ما حضرها إلا أولئك الأربعة مِمَّن جمع جميع القرآن.[ نكت الانتصار لنقل القرآن ص 68-69، وفتح الباري (8/667)، والإتقان (1/200-201).].
    وعليه فقد لقد تضاربت روايات أهل السنة حول جمع القرآن كما تقدم ، وعلى ضوئها اختلفت كلمات علمائهم.
    والمتحصل من جميعها : أن الجمع للقرآن كان على مراحل ثلاث:
    الأولى: على عهد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حيث كتب في الرقاع والعسب.
    والثانية : على عهد أبي بكر وكان بانتساخه من العسب والرقاع وغيرها وجعله في مكان واحد...
    والثالثة: على عهد عثمان والذي فعله ترتيبه وحمل الناس على قراءة واحدة... هذا ما كادت تجمع عليه كلماتهم، والجمع في عهد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّ مَكان « حفظا » و«كتابة» معا، أما حفظا: فإن الذين جمعوا القرآن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم كثيرون..[مباحث في علوم القرآن : 65]<SUP style="TEXT-INDENT: 0px !important"> </SUP>.
    وأما كتابة : فإن القرآن الكريم لم يكن كاملا في الكتابة على عهده عند الذين حفظوه كاملا لكن كانت كتابته كاملة عند الجميع ، فهو مكتوب كله عند جميعهم ، وما ينقص من عند واحد يكمله ما عند الآخرين ، إلا إنه كان متواترا كله عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في عصره حفظا[المعجزة الكبرى : 28.] ، فعمد أبو بكر إلى جمعه ، إذ أمر ـ بعد يوم اليمامة ـ بجمع تلك الكتابات وجمع القرآن منها بتأليفه وتدوينه[الإتقان 1 | 62 ،مناهل العرفان 1 | 242 ، إعجاز القرآن : 236.] ، ثم لم كثرت فيه القراءات ووقعت في لفظه الاختلافات جمع عثمان المصاحف من أصحابها وحمل الناس على قراءة واحدة من بينها وأعدم سائر المصاحف المخالفة لها.
    لكن استخلاص هذه النتائج من تلك الأحاديث، ودفع الشبهات التي تلحق بالقرآن، يتوقف على النظر في ما ورد في هذا الباب سندا ومتنا والجمع بينها بحمل بعضها على البعض بقدر الإمكان ، وهذا أمر لا بد منه... فنقول :
    أولاً : لقد وردت عن بعض الصحابة أحاديث فيها حصر من جمع القرآن على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في عدد معين، اتفق عبد الله بن عمرو وأنس بن مالك على أنهم « أربعة » على اختلاف بينهما في بعض أشخاصهم...
    فعن عبد الله بن عمرو أنهم : عبد الله بن مسعود ، سالم ، معاذ بن جبل ، أبي ابن كعب..[صحيح البخاري 6 | 102 ، صحيح مسلم 7 | 14. ].
    وعن أنس بن مالك ـ في حديث عن قتادة عنه ـ هم : أبي بن كعب ، معاذ بن جبل ، زيد بن ثابت ، أبو زيد ، قال : من أبو زيد ؟ قال : أحد عمومتي.[صحيح البخاري 6 | 102. واختلف في اسم أبي زيد هذا. انظر الإتقان 1 | 74.].
    وفي آخر ـ عن ثابت عنه ـ ، قال : « مات النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولم يجمع القرآن غير أربعة :
    أبو الدرداء ، ومعاذ بن جبل ، وزيد بن ثابت ، وأبو زيد» .
    فأي توجيه صحيح لحصر جماع القرآن في أربعة ؟ وكيف الجمع بين ما روي عن الصحابيين ، ثم بين الحديثين عن أنس ؟.
    قال السيوطي : « قد استنكر جماعة من الأئمة الحصر في الأربعة ، وقال المازري : لا يلزم من قول أنس (لم يجمعه غيرهم) أن يكون الواقع في نفس الأمر كذلك... قال : وقد تمسك بقول أنس هذا جماعة من الملاحدة ولا مستمسك لهم فيه ، فإنا لا نسلم حمله عليه ظاهره » ثم ذكر السيوطي كلاما للقرطبي ونقل عن الباقلاني وجوها من الجواب عن حديث أنس ثم قال: « قال ابن حجر : وفي غالب هذه الاحتمالات تكلف »[ الإتقان 1 | 244 ـ 247 .].
    ثانياً : قد اختلفت أحاديثهم في « أول من جمع القرآن » ففي بعضها أنه « أبو بكر» وفي آخر «عمر» وفي ثالث «سالم مولى أبي حذيفة» وفي رابع «عثمان» .
    وطريق الجمع بينها أن يقال:
    إن أبا بكر أول من جمع القرآن أي دونه تدوينا، وأن المراد من :«فكان [عمر] أول من جمعه في المصحف» أي : أشار على أبي بكر أن يجمعه وأن المراد فيما ورد في « سالم » : أنه من الجامعين للقرآن بأمر أبي بكر، وأما « عثمان » فجمع الناس على قراءة واحدة .
    ثالثاً : في بيان الأحاديث الواردة في كيفية الجمع وخصوصياته في كل مرحلة.
    أما في المرحلة الأولى : فقد رووا عن زيد قوله :« كنا على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نؤلف القرآن من الرقاع...»[ المستدرك 2 | 662 .] ورووا عنه أيضا :« قبض رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَولم يكن القرآن جمع في شيء »[ الإتقان 1 | 202 .] وأنه قال لأبى بكر لما أمره بجمع القرآن : «كيف تفعل شيئا لم يفعله رسول الله ؟ !»[ صحيح البخاري 6 | 225 .].
    إلا انه يمكن الجمع بين هذه الأخبار بحمل النافية على عدم تأليف القرآن وجمعة بصورة كاملة في مكان واحد، بل كانت كتابته كاملة عند الجميع... وهكذا تندفع الشبهة الأولى .
    وأما في المرحلة الثانية : فإنه وإن كان أمر أبي بكر بجمع القرآن وتدوينه بعد حرب اليمامة لكن الواقع كثرة من بقي بعدها من حفاظ القرآن وقرائه ، مضافا إلى وجود القرآن مكتوبا على عهد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ... فلا تطرق الشبهة من هذه الناحية في تواتره، وأما الحديث: « إن عمر سأل من آية من كتاب الله كانت مع فلان قتل يوم اليمامة...» فإسناده منقطع[الإتقان 1 | 59 .] فالشبهة الثانية مندفعة كذلك .
    وأما جمع القرآن من العسب واللخاف وصدور الرجال ـ كما عن زيد ـ فإنه لم يكن لان القرآن كان معدوما ، وإنما كان قصدهم أن ينقلوا من عين المكتوب بين يدي النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولم يكتبوا من حفظهم ، وأما قوله : وصدور الرجال : فإنه كتب الوجوه السبعة التي نزل بها القرآن ، فكان يتتبعها من صدور الرجال ليحيط بها علما[المرشد الوجيز : 57 .] .
    وأما قول أبي بكر لعمر وزيد : « اقعدا على باب المسجد فمن جاء كما بشاهدين على شيء من كتاب الله فاكتباه » فقد قال الشيخ أبو الحسن السخاوي في « جمال القراء » : معنى هذا الحديث ـ والله أعلم ـ من جاء كم بشاهدين على شيء من كتاب الله تعالى. أي : من الوجوه السبعة التي نزل بها القرآن ولم يزد على شيء مما لم يقرأ أصلا ولم يعلم بوجه آخر[المرشد الوجيز : 75 .] ، وأما معنى قوله في الآية التي وجدها عند خزيمة فقال ابن شامة: « ومعنى قوله : فقدت آية كذا فوجدتها مع فلان ، أنه كان يتطلب نسخ القرآن من غير ما كتب بأمر النبي ، فلم يجد كتابة تلك الآية إلا مع ذلك الشخص ، وإلا فالآية كانت محفوظة عنده وعند غيره .
    وهذا المعنى أولى مما ذكره مكي وغيره[كالزركشي في البرهان 1 | 234 .] :
    إنهم كانوا يحفظون الآية لكنهم نسوها فوجودها في حفظ ذلك الرجل فتذاكروها وأثبتوها ، لسماعهم إياها من النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [المرشد الوجيز : 75 .] . وأما أن عمر أتى بآية الرجم فلم يكتبها لأنه كان وحده، فهي رواية مخالفة للمعقول والمنقول[الجواب المنيف في الرد على مدعي التحريف: 121 .] وإن أمكن تأويلها ببعض الوجوه، وهكذا تندفع الشبهة الثالثة.
    وأما في المرحلة الثالثة: فإن عثمان ـ عندما اختلف المسلمون في القراءة ـ أرسل إلى حفصة يطلب منها ما جمع بأمر أبي بكر قائلا : « أرسلي إلينا بالصحف ننسخها في المصاحف...)[ صحيح البخاري 6 | 225 ـ 226 .] .
    المصاحف ثم نردها عليك. فأرسلت بها حفصة إلى عثمان فأمر زيد ابن ثابت و... فنسخوها
    هذا هو الواقع في هذه المرحلة ، وما خالفه يطرح أو يؤول كالحديث الذي روي : أنه كان لا يقبل من أحد شيئا حتى يشهد شاهدان. أوله ابن حجر على أن المراد من « الشاهدين » هو «الحفظ والكتابة» ،وناقش البيهقي في سنده وتبعه ابن شامة وصبحي الصالح<SUP style="TEXT-INDENT: 0px !important"> </SUP>[ مباحث في علوم القرآن : 76 .]، قال ابن شامة بعد أن رواه :
    [ وأخرج هذا الحديث الحافظ البيهقي في كتاب المدخل بمخالفة لهذا في بعض الألفاظ وبزيادة ونقصان فقال : جلس عثمان على المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : إنما عهد كم بنبيكم صلى الله عليه وسلم منذ ثلاث عشرة سنة ، وأنتم تختلفون في القراءة ، يقول الرجل لصاحبه : والله ما تقيم قراءتك، قال : فعزم على كل من كان عنده شيء من القرآن إلا جاء به ، فجاء الناس بما عندهم، فجعل يسألهم عليه البينة أنهم سمعوه من رسول الله ، ثم قال : من أعرب الناس ؟ قالوا : سعيد بن العاص ، قال : فمن أكتب الناس ؟ قالوا : زيد بن ثابت كاتب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : فليمل سعيد وليكتب زيد قال : فكتب مصاحف ففرقها في الأجناد فلقد سمعت رجالا من أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقولون : لقد أحسن .
    قال البيهقي : فيه انقطاع بين مصعب وعثمان ، وقد روينا عن زيد بن ثابت أن التأليف كان في زمن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وروينا عنه أن الجمع في الصحف كان في زمن أبي بكر رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَُوالنسخ في المصاحف كان في زمن عثمان ، وكان ما يجمعون أو ينسخون معلوما لهم ، فلم يكن به حاجة إلى مسألة البينة . قلت : لم تكن البينة على أصل القرآن ، فقد كان معلوما كما ذكروا إنما كانت على ما أحضروه من الرقاع المكتوبة ، فطلب البينة عليها أنها كانت كتبت بين يدي رسول الله وبإذنه على ما سمع من لفظه على ما سبق بيانه ، ولهذا قال : فليمل سعيد ، يعني من الرقاع التي أحضرت ، ولو كانوا كتبوا من حفظهم لم يحتج زيد فيما كتبه إلى من يمليه عليه .
    فإن قلت : كان قد جمع من الرقاع في أيام أبي بكر رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَُ ، فأي حاجة إلى استحضارها في أيام عثمان ؟.
    قلت : يأتي جواب هذا في آخر الباب ]..[ المرشد الوجيز : 58 ـ 59 .].
    قال أبو شامة : [ وأما ما روي من أن عثمان جمع القرآن أيضا من الرقاع كما فعل أبو بكر فرواية لم تثبت ، ولم يكن له إلى ذلك حاجة وقد كفيه بغيره... ويمكن أن يقال : إن عثمان
    طلب إحضار الرقاع ممن هي عنده وجمع منها وعارض بما جمعه أبو بكر أو نسخ مما جمعه أبو بكر ، وعارض بتلك الرقاع أو جمع بين النظر في الجميع حالة النسخ ، ففعل كل ذلك أو
    بعضه استظهارا ودفعا لوهم من يتوهم خلاف الصواب ، وسدا لباب القالة : إن الصحف غيرت أو زيد فيها أو نقص ].[ المرشد الوجيز : 75 .] .
    وأما ما رووا عن ابن مسعود من الطعن في زيد بن ثابت فكله موضوع[مباحث في علوم القرآن : 82 .] ، وإن عمل زيد لم يكن كتابة مبتدأه ولكنه إعادة لمكتوب، فقد كتب في عصر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وإن عمله لم يكن عملا أحاديا بل كان عملا جماعيا[المعجزة الكبرى : 33 .].
    وأما المصاحف التي أمر بتحريقها ـ قال بعضهم ـ:
    [ فإنها ـ والله أعلم ـ كانت على هذا النظم أيضا ، إلا أنها كانت مختلفة الحروف على حسب ما كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سوغ لهم في القراءة بالوجوه إذا اتفقت في المعنى - وإن اختلفت في اللفظ ].[ مقدمتان في علوم القرآن : 45 .].
    قال:ويشهد ذلك ما روي عن محمد بن كعب القرظي ، قال: رأيت مصاحف ثلاثة:
    مصحفا فيه قراءة ابن مسعود، ومصحفا فيه قراءة أبي، ومصحفا فيه قراءة زيد فلم أجد في كل منها ما يخالف بعضها بعضا ].[ مقدمتان في علوم القرآن : 47 .].
    لتحميل كتبي فضلاً الضغط على الصورة التالية - متجدد بإذن الله

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي



  8. #108
    تاريخ التسجيل
    Sep 2006
    المشاركات
    2,125
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    07-12-2022
    على الساعة
    12:17 PM

    افتراضي

    الفرع الثاني

    الجمع العثماني ومزاياه

    وهو على ثلاثة مباحث
    المبحث الأول: عمل عثمان رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَُ في جمع القرآن
    المبحث الثاني: مزايا جمع القرآن في عهد عثمان رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَُ
    المبحث الثالث: الفرق بين جمع القرآن في مراحله الثلاث

    المبحث الأول: منهج عثمان رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَُ في جمع القرآن


    كان المقصود من جمع القرآن زمن عثمان رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَُ قطع دابر الفتنة التي طرأت على المسلمين من الاختلاف في كتاب الله، بجمع وتحديد الأوجه المتواترة المجمع عليها في تلاوة القرآن، وإبعاد كل ما لم تثبت قرآنيته، سواء بنسخ، أو بأن لم يكن قرآنًا أصلاً.
    قال القاضي الباقلاني: لم يقصد عثمانُ قَصْدَ أبي بكرٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَُما في جمع نفس القرآن بين لوحين، وإنما قصد جمعَهم على القراءات الثابتة المعروفة عن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏ ، وإلغاء ما ليس كذلك، وأخْذَهُم بِمصحفٍ لا تقديم فيه ولا تأخير، ولا تأويل أُثبِت مع تنزيلٍ، ولا منسوخ تلاوته كُتِبَ مع مُثْبَت رسمه ومفروضٍ قراءتُه وحفظُه؛ خشية وقوع الفساد والشبهة على من يأتي بعد. [البرهان في علوم القرآن - بدر الدين محمد بن عبد اله الزركشي - دار المعرفة للطباعة والنشر - بيروت - بدون تاريخ (1/235-236)، والإتقان في علوم القرآن - جلال الدين السيوطي - المكتبة العصرية بيروت - 1408 ه 1988م (1/171).].
    فأراد عثمان رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَُ أن ينسخ من الصحف التي جمعها أبو بكر رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَُ مصاحف مجمعًا عليها تكون أئمة للناس في تلاوة القرآن.
    قال ابن حزم: خشي عثمان رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَُ أن يأتي فاسقٌ يسعى في كيد الدين، أو أن يهِمَ واهمٌ من أهل الخير، فيبدِّل شيئًا من المصحف، فيكون اختلاف يؤدي إلى الضلال، فكتب مصاحف مجمعًا عليها، وبعث إلى كل أفق مصحفًا، لكي -إن وهم واهمٌ، أو بدَّل مبدِّل- رُجِع إلى المصحف المجمع عليه، فانكشف الحق، وبطل الكيد والوهم. [الفصل في الملل والأهواء والنحل - أبو محمد علي بن حزم الظاهري ت 456 ه - تحقيق د. عبد الرحمن عميرة ود. محمد إبراهيم نصر - شركة مكتبات عكاظ جدة - الطبعة الأولى 1402 ه 1982م. (2/212-213).].
    فلم يكن قصد عثمان جمع ما ليس مجموعًا، فقد كان القرآن زمن الصديق قد جُمِع، وإنما قصَدَ نسخَ ما كان مجموعًا منه زمن الصديق في مصاحف يقتدي بِها المسلمون.
    قال النووي: خاف عثمان رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَُ وقوع الاختلاف المؤدي إلى ترك شيء من القرآن، أو الزيادة فيه، فنسخ من ذلك المجموع الذي عند حفصة، الذي أجمعت الصحابة عليه مصاحفَ، وبعث بِها إلى البلدان، وأمر بإتلاف ما خالفها، وكان فعله هذا باتفاق منه ومن علي بن أبي طالب، وسائر الصحابة، وغيرهم رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَُم .ـ [التبيان في آداب حملة القرآن - أبو زكريا يحيى بن شرف الدين النووي الشافعي ت 665 ه - مؤسسة علوم القرآن بدمشق، ومكتبة دار التراث بالمدينة المنورة - الطبعة الأولى - 1403 ه 1983م ص 96.].
    قال البيهقي: ثم نسخ (زيدٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَُ ) ما جمعه في الصحف (في عهد أبي بكر رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَُ ) في مصاحف بإشارة عثمان بن عفان رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَُ على ما رسم المصطفى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏.ـ [دلائل النبوة ومعرفة أحوال صاحب الشريعة - أحمد بن الحسين البيهقي - ت 458 ه - تحقيق د. عبد المعطي قلعجي - دار الكتب العلمية - بيروت - الطبعة الأولى 1405 ه 1985م. (7/148).].
    2 - خطة العمل
    شرع الصحابة الموكلون بجمع القرآن في كتابة المصحف الإمام، الذي نسخوا منه بعد ذلك المصاحف المرسلة إلى الأمصار، وكان الخليفة عثمان رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَُ يتعاهدهم ويشرف عليهم، وكان الموجودون من الصحابة جميعًا يشاركون في هذا العمل.
    ويُمكن أن يلخص منهج الجمع العثماني فيما يأتي:
    1 - الاعتماد على جمع أبي بكر الصديق رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَُ ، ويظهر هذا جليًّا في طلب عثمان رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَُ الصحف التي جمع فيها أبو بكرٍ القرآن من حفصة رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا ، وقد كانت هذه الصحف -كما مرَّ- مستندةً إلى الأصل المكتوب بين يدي النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏.وبذلك ينسد باب القالة، فلا يزعم زاعم أن في الصحف المكتوبة في زمن أبي بكر رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَُ ما لم يُكتب في المصحف العثماني، أو أنه قد كتب في مصاحف عثمان ما لم يكن في صحف أبي بكر. [الكواكب الدرية - محمد بن علي بن خلف الحسيني (الحداد) - مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي بمصر - 1344 ه.ص 21.].
    عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قال: … فَأَرْسَلَ عُثْمَانُ إِلَى حَفْصَةَ: أَنْ أَرْسِلِي إِلَيْنَا بِالصُّحُفِ نَنْسَخُهَا فِي الْمَصَاحِفِ ثُمَّ نَرُدُّهَا إِلَيْكِ، فَأَرْسَلَتْ بِها حَفْصَةُ إِلَى عُثْمَانَ، فَأَمَرَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ وَعَبْدَ اللهِ بْنَ الزُّبَيْرِ وَسَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ فَنَسَخُوهَا فِي الْمَصَاحِفِ. [رواه البخاري في صحيحه: كتاب فضائل القرآن باب جمع القرآن (8/626) ح 4987.].
    2 - أن يتعاهد لجنة الجمع ويشرف عليها خليفة المسلمين بنفسه:
    فعن كَثِير بن أفلَحَ قال: لَمَّا أراد عثمان رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَُ أن يكتب المصاحف جمع له اثني عشر رجلاً من قريش والأنصار ، فيهم أُبَيُّ بن كعبٍ وزيد بن ثابت، قال: فبعثوا إلى الرَّبْـعَةِ<SUP style="TEXT-INDENT: 0px !important"> </SUP>[الرَّبْعَة: جُونة العطَّار، وصندوق أجزاء المصحف. القاموس المحيط (ربع) ص 929.]..التي في بيت عُمَرَ، فجِيء بِها، قال: وكان عثمانُ يتعاهدهم. [رواه ابن أبي داود في كتاب المصاحف باب جمع عثمان رحمة الله عليه . كتاب المصاحف - أبو بكر عبد الله بن أبي داود السجستاني - دار الكتب العلمية - بيروت - الطبعة الأولى 1405 ه 1985م.
    ص 33، وأورده الحافظ ابن كثير من طريق ابن أبي داود، وقال: إسناده صحيح. فضائل القرآن - أبو الفداء إسماعيل بن كثير الدمشقي ت 774 ه - مطبعة المنار بمصر - 1347 ه. ص 45.].
    3 - أن يأتي كلُّ مَن عنده شيءٌ من القرآن سمعه من الرَّسُول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏ بِما عنده، وأن يشترك الجميع في علم ما جُمِع، فلا يغيب عن جمع القرآن أحدٌ عنده شيء منه، ولا يرتاب أحدٌ فيما يودَع المصحف، ولا يُشَكُّ في أنه جمِع عن ملأٍ منهم. [ انظر البرهان في علوم القرآن (1/238-239).]
    ويدل على ذلك ما صحَّ عن عليِّ بنِ أبي طالبٍ أنه قال: يا أيها الناسُ، لا تغلوا في عثمان، ولا تقولوا له إلا خيرًا في المصاحف وإحراق المصاحف، فوالله ما فَعَلَ الذي فَعَلَ في المصاحفِ إلاَّ عن ملأٍ منَّا جميعًا، فقال: ما تقولون في هذه القراءة؟ فقد بلغني أن بعضهم يقول: إن قراءتي خيرٌ من قراءتك، وهذا يكاد أن يكون كُفْرًا. قلنا: فماذا ترى؟ قال: نرى أن نجمع الناس على مصحفٍ واحدٍ، فلا تكون فرقةٌ، ولا يكون اختلافٌ. قلنا: فنعم ما رأيت. [رواه ابن أبي داود في كتاب المصاحف باب جمع عثمان المصاحف ص 30. وقال الحافظ ابن حجر: بإسنادٍ صحيح. فتح الباري بشرح صحيح البخاري - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني ت 852 ه - المكتبة السلفية بالقاهرة - الطبعة الثالثة - 1407 ه. (8/634).].
    وورد كذلك أن عثمان رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَُ دعا الناس إلى أن يأتوا بِما عندهم من القرآن المكتوب بين يدي النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏ ، وأنه كان يستوثق لذلك أشد الاستيثاق.
    فعن مصعب بن سعد قال: قام عثمان رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَُ فخطب الناس فقال: أيها الناس! عهدكم بنبيكم منذ ثلاث عشرة سنةً، وأنتم تَمترون في القرآن… فأَعْزِم على كل رجل منكم ما كان معه من القرآن شيءٌ لَمَا جاء به، وكان الرجل يجيء بالورقة والأديم فيه القرآن، حتى جمع من ذلك كثرةً، ثم دخل عثمان، فدعاهم رجلاً رجلاً، فناشدهم: لَسَمِعْتَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ، وهو أملاه عليك؟ فيقول: نعم. [ رواه ابن أبي داود في كتاب المصاحف باب جمع عثمان رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَُ القرآن في المصاحف. كتاب المصاحف - أبو بكر عبد الله بن أبي داود السجستاني - دار الكتب العلمية - بيروت - الطبعة الأولى 1405 ه 1985م. ص 31.].
    4 - الاقتصار عند الاختلاف على لغة قريش.
    كما جاء في حديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ عُثْمَانَ قَالَ لِلرَّهْطِ الْقُرَشِيِّينَ الثَّلاَثَةِ: إِذَا اخْتَلَفْتُمْ أَنْتُمْ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ فِي شَيْءٍ مِنَ الْقُرْآنِ فَاكْتُبُوهُ بِلِسَانِ قُرَيْشٍ، فَإِنَّمَا نَزَلَ بِلِسَانِهِمْ فَفَعَلُوا. [ رواه البخاري في صحيحه: الجامع الصحيح (مع شرحه فتح الباري) - أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري ت 256 ه - المكتبة السلفية بالقاهرة - الطبعة الثالثة 1407 ه.كتاب فضائل القرآن باب جمع القرآن (8/626) ح 4987.].
    والمقصود من الجمع على لغة واحدة: الجمع على القراءة المتواترة المعلوم عند الجميع ثبوتُها عن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وإن اختلفت وجوهها، حتى لا تكون فرقةٌ ولا اختلاف، فإن ما يعلم الجميع أنه قراءة ثابتة عن رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يختلفون فيها، ولا ينكر أحدٌ منهم القراءة بِها.
    قال أبو شامة: يحتمل أن يكون قوله: نزل بلسان قريش، أي: ابتداء نزوله، ثم أبيح أن يقرأ بلغة غيرهم. [فتح الباري بشرح صحيح البخاري - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني ت 852 ه - المكتبة السلفية بالقاهرة - الطبعة الثالثة - 1407 ه. (8/625).].
    فلعلَّ عثمان رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَُ عندما جمع القرآن رأى الحرف الذي نزل القرآن أولاً بلسانه أولى الأحرف، فحمل الناس عليه عند الاختلاف. [فتح الباري بشرح صحيح البخاري - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني ت 852 ه - المكتبة السلفية بالقاهرة - الطبعة الثالثة - 1407 ه. (8/625).].
    وقد اختلف الصحابة في كلمة (التابوت) هل هي بالتاء أم بالهاء.
    كما قال الزهري: واختلفوا يومئذٍ في (التابوت) و(التابوه)، فقال النفر القرشيون: (التابوت)، وقال زيدٌ: (التابوه)، فرُفِع اختلافهم إلى عثمان، فقال: اكتبوه (التابوت)، فإنه بلسان قريشٍ. [ رواه ابن أبي داود في كتاب المصاحف باب جمع عثمان رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَُ القرآن في المصاحف ص 26، وانظر فتح الباري (8/635).].
    على أنه قد ورد أن الذي رأى أنَّها بالتاء هو زيدٌ، كما روى الطحاوي عن زيد ابن ثابت أنَّه لَمَّا بَلَغَ: } إنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمْ التَّابُوتُ{، [ سورة البقرة من الآية 248.]<SUP style="TEXT-INDENT: 0px !important"> </SUP>قَالَ زَيْدٌ: فَقُلْت أَنَا: (التَّابُوتُ)، فَرَفَعْنَا ذَلِكَ إلَى عُثْمَانَ، فَكَتَبَ (التَّابُوتُ). [ رواه الطحاوي في تأويل مشكل الآثار، باب بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ مِنْ قَوْلِهِ: أُنْزِلَ الْقُرْآنُ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ. (4/193).].
    5 - أن يُمنع كتابة ما نُسخت تلاوته، وما لم يكن في العرضة الأخيرة، وما كانت روايته آحادًا، وما لم تُعلم قرآنيته، أو ما ليس بقرآن، كالذي كان يكتبه بعض الصحابة في مصاحفهم الخاصة، شرحًا لمعنىً، أو بيانًا لناسخ أو منسوخٍ، أو نحو ذلك. [ انظر البرهان في علوم القرآن (1/235-236)، والإتقان في علوم القرآن (1/171).].
    ومِمَّا يدل لذلك ما ورد عن محمد بن سيرين عن كَثِير بن أفلَحَ قال: فكانوا إذا تدارؤوا في شيء أخَّروه، قال محمد: فقلت لكَثِيرٍ -وكان فيهم (فيمن يكتب): هل تدرون لم كانوا يُؤَخِّرونه؟ قال: لا. قال محمد: فظننت أنَّهم إنَّما كانوا يُؤَخِّرونه لينظروا أحدثهم عهدًا بالعرضة الآخرة، فيكتبونَها على قوله. [ رواه ابن أبي داود في كتاب المصاحف باب جمع عثمان رحمة الله عليه المصاحف ص 33، وأورده الحافظ ابن كثير من طريق ابن أبي داود، وقال: إسناده صحيح. فضائل القرآن ص 45.].
    6 - أن يشتمل الجمع على الأحرف التي نزل بِها القرآن، والتي ثبت عرضها في العرضة الأخيرة [انظر نكت الانتصار لنقل القرآن - القاضي أبو بكر محمد بن الطيب الباقلاني ت 403 ه - تحقيق د. محمد زغلول سلام - منشأة المعارف - الإسكندرية - 1971م.
    ص 387-388.]<SUP style="TEXT-INDENT: 0px !important"> </SUP>مع مراعاة ما يأتي:
    أ- عند كتابة اللفظ الذي تواتر النطق به على أوجهٍ مختلفةٍ عن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ، يبقيه الكَتَبَةُ خاليًا عن أية علامة تقصِر النطق به على وجه واحد؛ لتكون دلالة المكتوب على كلا اللفظين المنقولين المسموعين متساوية، [النشر في القراءات العشر - أبو الخير محمد بن محمد بن الجزري الدمشقي ت 833 ه - راجعه الشيخ علي محمد الضباع- دار الكتاب العربي - بدون تاريخ. (1/33).]<SUP style="TEXT-INDENT: 0px !important"></SUP>
    فتكتب هذه الكلمات برسم واحدٍ في جميع المصاحف، محتمل لما فيها من الأوجه المتواترة، ومن أمثلة ذلك:
    1 - قوله تعالى: ) كَيْفَ نُنْشِزُهَا(،<SUP style="TEXT-INDENT: 0px !important"> </SUP>[سورة البقرة من الآية 259.] بالزاي المنقوطة، فقد قرأها أبو جعفر ونافع وابن كثير وأبو عمرو ويعقوب } نُنْشِرُهَا {، بالراء المهملة. [النشر في القراءات العشر - أبو الخير محمد بن محمد بن الجزري الدمشقي ت 833 ه - راجعه الشيخ علي محمد الضباع- دار الكتاب العربي - بدون تاريخ. (2/231).].

    2 – وقوله عز وجلّ: ( هُنَالِكَ تَبْلُوا كُلُّ نَفْسٍ مَا أَسْلَفَتْ )[سورة يونس من الآية 30.] ،<SUP style="TEXT-INDENT: 0px !important"> </SUP>بالباء الموحدة من البلوى، فقد قرأ حمزة والكسائي وخلف: ( هُنَالِكَ تَتْلُوا كُلُّ نَفْسٍ مَا أَسْلَفَتْ )، بالتاء المثناة من التلاوة، مكان الباء الموحدة. [النشر في القراءات العشر - أبو الخير محمد بن محمد بن الجزري الدمشقي ت 833 ه - راجعه الشيخ علي محمد الضباع- دار الكتاب العربي - بدون تاريخ. (2/283).].

    3 - وقوله تعالى: ( فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ )،<SUP style="TEXT-INDENT: 0px !important"> </SUP>[سورة الهمزة، آية 9.] بفتح العين والميم، فقد قرأ حمزة والكسائي وخلف وشعبة: ( فِي عُمُدٍ مُمَدَّدَةٍ )، بضم العين والميم. [النشر في القراءات العشر - أبو الخير محمد بن محمد بن الجزري الدمشقي ت 833 ه - راجعه الشيخ علي محمد الضباع- دار الكتاب العربي - بدون تاريخ. (2/403)].

    ب- ما لا يحتمله الرسم الواحد، كالكلمات التي تضمنت قراءتين أو أكثر، ولم تنسخ في العرضة الأخيرة، ورسمُها على صورة واحدة لا يكون محتملاً لما فيها من أوجه القراء، فمثل هذه الكلمات ترسم في بعض المصاحف على صورة تدل على قراءة، وفي بعضها برسم آخر يدل على القراءة الأخرى. [ سمير الطالبين في رسم وضبط الكتاب المبين، للشيخ على محمد الضباع. ص 101-106،وانظر أيضًا شرح الإعلان بتكميل مورد الظمآن لإبراهيم المارغني التونسي ص 436 وما بعدها].
    ولم يكتب الصحابة تلك الكلمات برسمين أحدهما في الأصل والآخر في الحاشية؛ لئلا يُتَوَهَّم أن الثاني تصحيحٌ للأول، وأن الأول خطأ، وكذلك لأن جعل إحدى القراءات في الأصل والقراءات الأخرى في الحاشية تحكُّمٌ، وترجيحٌ بلا مرجِّح؛ إذ إنَّهم تلقَّوْا جميع تلك الأوجه عن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وليست إحداها بأولى من غيرها.[ مناهل العرفان في علوم القرآن - محمد عبد العظيم الزرقاني - دار الفكر - بيروت - 1408 ه 1988م. (1/259)، والكواكب الدرية - محمد بن علي بن خلف الحسيني (الحداد) - مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي بمصر - 1344 ه. ص 22-23].
    ومن الأمثلة على ذلك:
    1 - قوله تعالى: ( وقالوا اتخذ الله ولدًا )[ سورة البقرة، من الآية 116.] ،<SUP style="TEXT-INDENT: 0px !important"> </SUP>فقد قرأها عبد الله بن عامرٍ الشامي: ( قالوا اتخذ الله ولدًا ) بغير واو. وهي كذلك في مصاحف أهل الشام. [كتاب المصاحف - أبو بكر عبد الله بن أبي داود السجستاني - دار الكتب العلمية - بيروت - الطبعة الأولى 1405 ه 1985م.ص 54، والنشر في القراءات العشر (1/11)، تنبيه الخلان إلى شرح الإعلان بتكميل مورد الظمآن - إبراهيم بن أحمد المارغي التونسي - مكتبة الكليات الأزهرية - القاهرة - 1981م. ص 442.].
    2 – قوله عز وجلّ: ( وَوَصَّى بِها إِبْرَاهِيمُ )،<SUP style="TEXT-INDENT: 0px !important"> </SUP>[سورة البقرة، من الآية 132.] فقد قرأها أبو جعفرٍ، ونافعٌ، وابن عامرٍ: ( وَأَوْصَى بِها إِبْرَاهِيمُ ) من الإيصاء. وقد رسمت في مصاحف أهل المدينة والشام بإثبات ألف بين الواوين. قال أبو عبيد: وكذلك رأيتها في الإمام مصحف عثمان رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَُ، ورسمت في بقية المصاحف بواوين قبل الصاد، من غير ألفٍ بينهما. [كتاب المصاحف - أبو بكر عبد الله بن أبي داود السجستاني - دار الكتب العلمية - بيروت - الطبعة الأولى 1405 ه 1985م.ص 49، 51، 54، و تنبيه الخلان إلى شرح الإعلان بتكميل مورد الظمآن - إبراهيم بن أحمد المارغي التونسي - مكتبة الكليات الأزهرية - القاهرة - 1981م. الظمآن ص 442.].
    3 - وقوله تعالى: ( وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ )،<SUP style="TEXT-INDENT: 0px !important"> </SUP>[سورة التوبة من الآية 100.] فقد قرأها عبد الله بن كثير المكي: ( وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ )، بزيادة (مِنْ) قبل (تَحْتِهَا). وهي كذلك في المصحف المكي، وفي بقية المصاحف بحذفها. [ النشر في القراءات العشر (1/11)، و(2/280)، و تنبيه الخلان إلى شرح الإعلان بتكميل مورد الظمآن - إبراهيم بن أحمد المارغي التونسي - مكتبة الكليات الأزهرية - القاهرة - 1981م.ص 448، وكتاب المصاحف لابن أبي داود ص 57.].

    4 - وقوله تعالى: (وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الأَعْيُنُ ‎)، [من الآية 71 من سورة الزخرف.] في قراءة أبي جعفر، ونافع، ورواية حفص عن عاصم بِهاء بعد الياء في (تَشْتَهِيهِ)، وقد قرأها بقية القراء: ( وَفِيهَا مَا تَشْتَهِي الأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الأَعْيُنُ ‎)، دون الهاء الأخيرة. [ النشر في القراءات العشر (2/370)، وكتاب المصاحف لابن أبي داود ص 49، 53، 56.].
    قال أبو عمرو الداني: في مصاحف أهل المدينة والشام (تَشْتَهِيهِ) بِهاءين، ورأيت بعض شيوخنا يقول: إن ذلك كذلك في مصاحف أهل الكوفة، وغلط.
    وقال أبو عبيد: وبِهاءين رأيته في الإمام. وفي سائر المصاحف (تَشْتَهِي) بِهاء واحدة اه.
    [ شرح الإعلان بتكميل مورد الظمآن ص 455-456.].
    7 - بعد الفراغ من كتابة المصحف الإمام يراجعه زيد بن ثابت ، ثم يراجعه عثمان رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَُ بنفسه.عن زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: فَقَدْتُ آيَةً مِنَ الأَحْزَابِ حِينَ نَسَخْنَا الْمُصْحَفَ، قَدْ كُنْتُ أَسْمَعُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ بِها، فَالْتَمَسْنَاهَا فَوَجَدْنَاهَا مَعَ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ الأَنْصَارِيِّ ( مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ) [سورة الأحزاب، من الآية 23.] ،فَأَلْحَقْنَاهَا فِي سُورَتِهَا فِي الْمُصْحَفِ. [ رواه البخاري في الصحيح كتاب فضائل القرآن باب جمع القرآن (8/626) ح 4988.].
    كانت هذه هي المراجعة الأولى لزيدٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَُ ، ويظهر من الروايات أنه عرضه مرتين أخريين، فأظهرت الثانية الاختلاف في لفظ (التابوت)، ولم تكشف الثالثة عن شيء.فعن زيد بن ثابت أنَّه لَمَّا بَلَغَ: ( إنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمْ التَّابُوتُ) قَالَ زَيْدٌ: فَقُلْت أَنَا: التَّابُوتُ، فَرَفَعْنَا ذَلِكَ إلَى عُثْمَانَ، فَكَتَبَ التَّابُوتَ، ثُمَّ عَرَضَهُ -يَعْنِي الْمُصْحَفَ- عَرْضَةً أُخْرَى، فَلَمْ أَجِدْ فِيهِ شَيْئًا، فَأَرْسَلَ عُثْمَانُ إلَى حَفْصَةَ أَنْ تُعْطِيَهُ الصَّحِيفَةَ، وَحَلَفَ لَهَا لَيَرُدَّنَّ الصَّحِيفَةَ إلَيْهَا، فَأَعْطَتْهُ فَعَرَضْتُ الْمُصْحَفَ عَلَيْهَا، فَلَمْ يَخْتَلِفَا فِي شَيْءٍ، فَرَدَّهَا إلَيْهَا وَطَابَتْ نَفْسُهُ، وَأَمَرَ النَّاسَ يَكْتُبُونَ مَصَاحِفَ. [ رواه الطحاوي في تأويل مشكل الآثار، باب بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ قَوْلِهِ: أُنْزِلَ الْقُرْآنُ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ. (4/193)].
    وفي هذا الأثر ما يدل على أن المعارضة بِما جمعه الصديق كانت بعد الانتهاء من كتابة المصحف الإمام، لِمزيد الاطمئنان، وفي هذا ما يدل على بقاء الأوجه الثابتة من القراءة بغير اختلافٍ بين الحفَّاظ والعلماء.
    وقد نفَّذ الصحابة رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَُ هذه الضوابط أدقَّ تنفيذٍ، فكانوا ربَّما انتظروا الغائب الذي عنده الشيء من القرآن زمانًا، حتى يستثبتوا مِمَّا عنده، على الرغم من أن القائمين بالكتابة والإملاء كانوا من الحفاظ القراء.
    عن مالك بن أبي عامر، قال: كنتُ فيمن أملى عليهم، فربَّما اختلفوا في الآية، فيذكرون الرجل قد تلقَّاها من رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولعله أن يكون غائبًا أو في بعض البوادي، فيكتبون ما قبلها وما بعدها، ويدعون موضعها حتى يجيء، أو يُرسَل إليه. [<SUP style="TEXT-INDENT: 0px !important"> </SUP>رواه ابن أبي داود في كتاب المصاحف باب جمع عثمان رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَُ القرآن في المصاحف. ص 29.].
    ثم أمر عثمان رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَُ بعد ذلك بنسخ المصاحف عن المصحف الإمام، وإرسالها إلى الأمصار، وهي التي عرفت فيما بعدُ بالمصاحف العثمانية.
    لتحميل كتبي فضلاً الضغط على الصورة التالية - متجدد بإذن الله

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي



  9. #109
    تاريخ التسجيل
    Sep 2006
    المشاركات
    2,125
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    07-12-2022
    على الساعة
    12:17 PM

    افتراضي


    المبحث الثاني: مزايا جمع القرآن في عهد عثمان رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَُ


    كان نسخ القرآن في المصاحف في زمن عثمان بن عفان رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَُ تحقيقًا لوعد الله عز وجلّ بحفظ كتابه العزيز، قال تعالى: ( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ )سورة الحجر : 9. فقد وحَّد هذا الجمع صف المسلمين وكلمتهم، وردَّ عنهم ما كان محدقًا بِهم من الفتنة العظيمة، واجتث بذور الشقاق من بينهم.
    ومِمَّا سبق ذكره من خطة عمل الصحابة في جمع القرآن زمن عثمان بن عفان رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَُ يتبين لنا مزايا ذلك الجمع المبارك، [انظر مناهل العرفان في علوم القرآن - محمد عبد العظيم الزرقاني - دار الفكر - بيروت - 1408 ه 1988م. (1/260-261).] ويمكن تلخيص بعضها فيما يأتي:
    1.مشاركة جميع من شهد الجمع من الصحابة فيه، وإشراف الخليفة عليه بنفسه.
    2.بلوغ من شهد هذا الجمع وأقرّه عدد التواتر.
    3.الاقتصار على ما ثبت بالتواتر، دون ما كانت روايته آحادًا.
    إهمال ما نسخت تلاوته، وما لم يستقرَّ في العرضة الأخيرة. [ انظر نكت الانتصار لنقل القرآن - القاضي أبو بكر محمد بن الطيب الباقلاني ت 403 ه - تحقيق د. محمد زغلول سلام - منشأة المعارف - الإسكندرية - 1971م. ص 383.]
    4.ترتيب السور والآيات على الوجه المعروف الآن، بخلاف صحف أبي بكر رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَُ، فقد كانت مرتبة الآيات دون السور.
    5.كتابة عدد من المصاحف يجمع وجوه القراءات المختلفة التي نزل بِها القرآن الكريم.
    6.تجريد هذه المصاحف من كل ما ليس من القرآن، كالذي كان يكتبه بعض الصحابة من تفسير للفظ، أو بيان لناسخ أو منسوخ، أو نحو ذلك.
    7.ولقد حظي الجمع العثماني برضى من شهده من أصحاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ والتابعين، وقطع الله به دابر الفتنة التي كادت تشتعل في بلاد المسلمين، إذ جمعهم رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَُم على ما ثبتت قرآنيته، فانتهى بذلك ما كان حاصلاً من الاختلاف بين المسلمين.
    عن مصعب بن سعد قال: أدركت الناس حين شقَّق عثمان رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَُ المصاحف، فأعجبهم ذلك، أو قال: لم يعِبْ ذلك أحدٌ. [ رواه الداني في المقنع في معرفة رسم مصاحف الأمصار - أبو عمرو عثمان بن سعيد الداني ت 444 ه - مكتبة الكليات الأزهرية - القاهرة - بدون تاريخ. ص 18، ورواه ابن أبي داود في كتاب المصاحف باب اتفاق الناس مع عثمان على جمع المصاحف، ص 19، ولفظه: ولم ينكر ذلك منهم أحدٌ.].
    وقد عُدَّ جمعُ القرآن في المصاحف في زمن عثمان رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَُ من أعظم مناقبه.
    فعن عبد الرحمن بن مهديٍّ [هو الإمام الكبير، والحافظ العلم: أبو سعيد العنبري، قال على بن المديني: ما رأيت أعلم منه. توفي سنة 198 ه. انظر تقريب التهذيب - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني ت 852 ه - المكتبة العلمية - المدينة المنورة - بدون تاريخ. (1/499)، و تذكرة الحفاظ - شمس الدين محمد بن أحمد الذهبي ت 748 ه - دار إحياء التراث العربي - بدون تاريخ. (1/329).].
    قال: خصلتان لعثمان بن عفَّانَ ليستا لأبي بكر، ولا لِعُمَرَ: صبرُهُ نفسَه حتَّى قُتِل مظلومًا، وجمعُهُ الناسَ على المصحف. [ رواه ابن أبي داود في كتاب المصاحف، باب اتفاق الناس مع عثمان على جمع المصاحف، ص 19.].
    وقد دافع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَُ عن عثمان في جمع القرآن وإحراق المصاحف؛ لئلا يتهمه من لا فقه له بتضييع القرآن، أو الجرأة عليه، وأخبر أنه فعل ذلك عن رضى من شهده من الصحابة، وأنه لو كان واليًا إذ ذاك لفعل مثل الذي فعل عثمان رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَُ.
    عن سويد بن غفلة قال: سمعت عليَّ بنَ أبي طالبٍ يقول: يا أيها الناسُ، لا تغلوا في عثمان، ولا تقولوا له إلا خيرًا في المصاحف وإحراق المصاحف، فوالله ما فَعَلَ الذي فَعَلَ في المصاحفِ إلاَّ عن ملأٍ منَّا جميعًا … قال: قال عليُّ: والله لو وليت لفعَلْتُ مثلَ الذي فَعَلَ.
    [ رواه ابن أبي داود في كتاب المصاحف باب جمع عثمان المصاحف ص 30، قال الحافظ ابن حجر: بإسنادٍ صحيح. فتح الباري (8/634).].






    المبحث الثالث: الفرق بين جمع القرآن في مراحله الثلاث


    نستطيع بعد هذا العرض أن نتبين الفرق بين جمع القرآن في مراحله الثلاث، فقد كان لكل مرة من مرات جمع القرآن أسباب خاصة، وكان لكل مرة أيضًا كيفية خاصة، فالفرق بين المراحل الثلاث كان من حيث الأسباب والكيفيات:
    الفرق بين المراحل الثلاث من حيث الأسباب:
    1.أسباب جمع القرآن في عهد النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏: زيادة التوثق للقرآن، والتحري في ضبط ألفاظه، وحفظ كلماته، وإن كان التعويل في ذلك الوقت إنما كان على الحفظ والاستظهار، وتبليغ الوحي على الوجه الأكمل.
    2.سبب جمع القرآن في زمن أبي بكر رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَُ: الخوف على ضياع شيء من القرآن بِهلاك حفَّاظه، وضياع ما عندهم مِمَّا كُتِب بين يدي النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏.
    3.سبب جمع القرآن في عهد عثمان رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَُ: خوف الفتنة التي وقع فيها المسلمون بسبب اختلافهم في القراءة بحسب ما تعلموه من الأحرف التي نزل بِها القرآن، والمحافظة على كتاب الله من التبديل والتغيير.
    الفرق بين المراحل الثلاث من حيث الكيفية:
    1 ـ كيفية جمع القرآن في عهد النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏: ترتيب الآيات في سورها، وكتابة الآيات فيما تيسر من مواد الكتابة، مع بعثرة ذلك المكتوب، وعدم جمعه في مكان واحد.
    2 ـ كيفية جمع القرآن في زمن أبي بكر رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَُ: جمع المكتوب في عهد النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏ ونقله في صحفٍ، وهي أوراق مجردة، مرتب الآيات أيضًا، وبحيث تجتمع كل سورة متتابعة في تلك الصحف، لكن من غير أن تجمع تلك الصحف في مجلد أو مصحفٍ واحد.
    3 ـ كيفية جمع القرآن في عهد عثمان رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَُ: نقل ما في صحف أبي بكر في مصحف إمامٍ، ونسخ مصاحف منه، وإرسالها إلى الآفاق، لتكون مرجعًا للناس عند الاختلاف. [ انظر: الإتقان في علوم القرآن - جلال الدين السيوطي - المكتبة العصرية بيروت - 1408 ه 1988م (1/171/172)، و مناهل العرفان في علوم القرآن - محمد عبد العظيم الزرقاني - دار الفكر - بيروت - 1408 ه 1988م. (1/262-263)، و الكواكب الدرية - محمد بن علي بن خلف الحسيني (الحداد) - مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي بمصر - 1344 ه.ص 26-27.].
    قال البيهقي (بعد حديث زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ نُؤَلِّفُ الْقُرْآنَ مِنَ الرِّقَاع)ِ [ رواه الترمذي في جامعه كتاب المناقب باب في فضل الشام واليمن (5/734) ح 3954 وقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ، والبيهقي في دلائل النبوة (7/147).]: وهذا يشبه أن يكون أراد به تأليف ما نزل من الكتاب: الآيات المتفرقة في سورها، وجمعها فيها بإشارة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ، ثم كانت مثبتة في الصدور، مكتوبة في الرقاع واللخاف والعسب، فجمعها منها في صحفٍ بإشارة أبي بكرٍ وعمر، ثم نسخ ما جمعه في الصحف [يعني في عهد أبي بكر.] في مصاحف بإشارة عثمان بن عفان رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَُ على ما رسم المصطفى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏. [دلائل النبوة ومعرفة أحوال صاحب الشريعة - أحمد بن الحسين البيهقي - ت 458 ه - تحقيق د. عبد المعطي قلعجي - دار الكتب العلمية - بيروت - الطبعة الأولى 1405 ه 1985م. (7/147-148).].
    قال القاضي الباقلاني: لم يقصد عثمانُ قَصْدَ أبي بكرٍ في جمع نفس القرآن بين لوحين، وإنما قصد جمعَهم على القراءات الثابتة المعروفة عن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وإلغاء ما ليس كذلك، وأخْذَهُم بِمصحفٍ لا تقديم فيه ولا تأخير، ولا تأويل أُثبِت مع تنْزِيلٍ، ولا منسوخ تلاوته كُتِبَ مع مُثْبَت رسمه ومفروضٍ قراءتُه وحفظُه؛ خشية وقوع الفساد والشبهة على من يأتي بعد. [البرهان في علوم القرآن - بدر الدين محمد بن عبد اله الزركشي - دار المعرفة للطباعة والنشر - بيروت - بدون تاريخ (1/235-236)، و الإتقان في علوم القرآن - جلال الدين السيوطي - المكتبة العصرية بيروت - 1408 ه 1988م (1/171).].
    وقال ابن حزم: خشي عثمان رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَُ أن يأتي فاسقٌ يسعى في كيد الدين، أو أن يهِمَ واهمٌ من أهل الخير، فيبدِّل شيئًا من المصحف، فيكون اختلاف يؤدي إلى الضلال، فكتب مصاحف مجمعًا عليها، وبعث إلى كل أفق مصحفًا، لكي -إن وهم واهمٌ، أو بدَّل مبدِّل رُجِع إلى المصحف المجمع عليه، فانكشف الحق، وبطل الكيد والوهم. [الفصل في الملل والأهواء والنحل - أبو محمد علي بن حزم الظاهري ت 456 ه - تحقيق د. عبد الرحمن عميرة ود. محمد إبراهيم نصر - شركة مكتبات عكاظ جـدة - الطبعة الأولى 1402 ه 1982م. (2/212-213).].

    صور لمخطوات القرءان الكريم من البلدان المختلفة





















    لتحميل كتبي فضلاً الضغط على الصورة التالية - متجدد بإذن الله

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي



  10. #110
    تاريخ التسجيل
    Sep 2006
    المشاركات
    2,125
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    07-12-2022
    على الساعة
    12:17 PM

    افتراضي

    الفرع الثالث


    رد الشبهات التي أثيرت حول الجمع العثماني


    الشبهة الأولى: الطعن باستنكار ابن مسعود رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَُ تولي زيد رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَُ الجمع.
    وقد طعن بعض الطاعنين على كتاب الله في جمع القرآن في زمن عثمان رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَُ بِما ورد عن ابن مسعودٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَُ من استنكار تولي زيدٍ هذا الجمع، وعدم توليه إياه، مع كونه أعلم أصحاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بكتاب الله، واستدلوا على ذلك بالأحاديث السابقة في اعتراض ابن مسعود على عثمان، ومنها:
    عَنْ شَقِيقٍ عَنْ عَبْدِ اللهِ أَنَّهُ قَالَ: ( وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ (سورة آل عمران، من الآية 161. ثُمَّ قَالَ: عَلَى قِرَاءةِ مَنْ تَأْمُرُونِي أَنْ أَقْرَأَ؟ فَلَقَدْ قَرَأْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِضْعًا وَسَبْعِينَ سُورَةً، وَلَقَدْ عَلِمَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ ? أَنِّي أَعْلَمُهُمْ بِكِتَابِ اللهِ، وَلَوْ أَعْلَمُ أَنَّ أَحَدًا أَعْلَمُ مِنِّي لَرَحَلْتُ إِلَيْهِ. قَالَ شَقِيقٌ: فَجَلَسْتُ فِي حَلَقِ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَا سَمِعْتُ أَحَدًا يَرُدُّ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَلاَ يَعِيبُهُ.) رواه مسلم في صحيحه، كتاب فضائل الصحابة، بَاب مِنْ فَضَائِلِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ (16/16) ح 2462، وابن أبي داود في كتاب المصاحف باب كراهية عبد الله بن مسعود ذلك ص 23. ).
    وقالوا: إن استنكار ابن مسعودٍ طعنٌ في جمع القرآن، وهو دليلٌ على أن القرآن الذي بين أيدينا ليس موثوقًا، وهو أيضًا طعنٌ في تواتر القرآن، إذ لو كان ما كتبه عثمان متواترًا لَما وسع ابن مسعود استنكاره.) مناهل العرفان في علوم القرآن - محمد عبد العظيم الزرقاني - دار الفكر - بيروت - 1408 ه 1988م. (1/283(.
    والجواب عن هذه الشبهة:
    أولاً: أن الاستنكار المروي عن ابن مسعودٍ لم يكن طعنًا في جمع القرآن، ولا استنكارًا لفعل الصحابة، وإنَّما كان استنكارًا لاختيار من يقوم بِهذا الجمع، إذ كان يرى في نفسه أنه الأولى أن يسند إليه هذا الجمع، مع كمال ثقته في زيدٍ وأهليتِه للنهوض بِما أسند إليه.
    ومسألة اختيار من يقوم بجمع القرآن تقديرية، ولا شكَّ أن تقدير عثمان، ومن قبله أبو بكر وعمر أن زيدًا أكفأ من غيره للقيام بِهذا العمل -أصدق من تقدير ابن مسعودٍ له، كما مرَّ بنا قريبًا في تصويب اختيار عثمان زيدًا على غيره لجمع القرآن.( انظر مناهل العرفان (1/283(.
    وأما حداثة سِنِّ زيدٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَُ ، فليست مطعنًا، فكم من صغيرٍ فاق من هو أكبر منه، وقد كان في ثقة النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بزيد -كما مرَّ قريبًا- ما يدل على أهليته وكفايته، وقد قدَّم النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعض صغار السِنِّ على من هم أكبر منهم لَمَّا رأى من كفايتهم وأهليتهم فيما قدَّمهم فيه، كما قدَّم أسامة بن زيد بن حارثة على جيش فيه كبار المهاجرين والأنصار، وهو ابن ست عشرة سنة، رغم طعن بعض الناس في إمارته، وأنفذ هذا الجيش أبو بكر رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَُ ، ولم يأبه لاستنكار بعض ذوي السن من الصحابة، محتجًّا في ذلك بتقديم الرَّسُول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إياه.
    عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ، قَالَ: غَزَوْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبْعَ غَزَوَاتٍ، وَخَرَجْتُ فِيمَا يَبْعَثُ مِنَ الْبُعُوثِ تِسْعَ غَزَوَاتٍ، مَرَّةً عَلَيْنَا أَبُو بَكْرٍ وَمَرَّةً عَلَيْنَا أُسَامَةُ.( رواه البخاري في صحيحه كتاب المغازي باب بعث النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أسامة إلى الحرقات (7/590) ح 4271..
    وعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِي الله عَنْهمَا، قَالَ: بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْثًا، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ، فَطَعَنَ بَعْضُ النَّاسِ فِي إِمَارَتِهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنْ تَطْعَنُوا فِي إِمَارَتِهِ، فَقَدْ كُنْتُمْ تَطْعَنُونَ فِي إِمَارَةِ أَبِيهِ مِنْ قَبْلُ، وَايْمُ اللهِ، إِنْ كَانَ لَخَلِيقًا لِلإِمَارَةِ، وَإِنْ كَانَ لَمِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ، وَإِنَّ هَذَا لَمِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ بَعْدَهُ.( رواه البخاري في صحيحه، كتاب فضائل الصحابة باب مناقب زيد بن حارثة (7/108-109) ح 3730 (.
    ولما طلب الناس تأمير من هو أسنُّ من أسامة بعد وفاة النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قال أبو بكر ? لعمر لما كلمه في ذلك: ثكلتك أمُّك يا ابن الخطاب! استعمله رَسُول اللهِ ?، وتأمرني أن أنزعه.( تاريخ الطبري (2/246)، وانظر فتح الباري بشرح صحيح البخاري - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني ت 852 ه - المكتبة السلفية بالقاهرة - الطبعة الثالثة - 1407 ه.
    (7/759)...
    ثانيًا: أن استنكار ابن مسعود أن يترك حرفه، هو شهادة لحرفه بالصحة، لأنه أخذه عن رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وليس في ذلك طعنٌ على حرف زيد من حيث هو، وإنَّما غاية ما هنالك أنه لا يرى ترك حرفه لحرف أحدٍ غيره.
    قال الباقلاني: ليست شهادة عبد الله لحرفه وأنه أخذه من فم رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طعنًا على حرف غيره، ولكنه عنده حجةٌ في أنه لا يَجِب عليه تركه، وتحريق مصحف هو فيه.( نكت الانتصار لنقل القرآن - القاضي أبو بكر محمد بن الطيب الباقلاني ت 403 ه - تحقيق د. محمد زغلول سلام - منشأة المعارف - الإسكندرية - 1971م.ص 364. (


    ثالثًا: أنه على فرض كون استنكار ابن مسعودٍ طعنًا في صحة جمع القرآن وتواتره، فقد ثبت بِما لا مجال للشك معه أنه قد رجع عن ذلك -كما مرَّ قريبًا.( انظر المبحث السابق، ومناهل العرفان (1/284.. (


    رابعًا: أننا لو سلَّمنا أن ابن مسعود استمرَّ على استنكاره، وأن استنكاره كان طعنًا في تواتر القرآن وصحة جمعه في زمن عثمان رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَُ ، فإننا نجيب بأن طعن ابن مسعود في التواتر لا يقدح فيه، فإن التواتر حجة قاطعة بصحة ما روي متواترًا، وإذا كان الجماعة الذين اتفقوا على صحة جمع القرآن في زمن عثمان قد بلغوا حدَّ التواتر وأكثر، فإن إنكار الواحد أو الاثنين لا يقدح في ذلك التواتر، فإن من شهد حجةٌ على من لم يشهد.
    خامسًا: أن قول ابن مسعود: وَلَقَدْ عَلِمَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنِّي أَعْلَمُهُمْ بِكِتَابِ اللهِ، وَلَوْ أَعْلَمُ أَنَّ أَحَدًا أَعْلَمُ مِنِّي لَرَحَلْتُ إِلَيْهِ. ليس قطعًا على أنه ليس فيهم من هو أعلم منه بكتاب الله، وإنما هو اعتقاد ابن مسعود، وهو غير معصوم في هذا الاعتقاد.( نكت الانتصار لنقل القرآن - القاضي أبو بكر محمد بن الطيب الباقلاني ت 403 ه - تحقيق د. محمد زغلول سلام - منشأة المعارف - الإسكندرية - 1971م. ص 364


    الشبهة الثانية: الفاتحة والمعوذتان عندابن مسعودرَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَُ.
    طعن بعض الطاعنين على جمع القرآن بأن عبد الله بن مسعود ? أنكر أن المعوذتين من القرآن، وكان يَمحوهما من المصحف، وأنه لم يكتب فاتحة الكتاب في مصحفه، وزعموا أن في ذلك قدحًا في تواتر القرآن.( مناهل العرفان (1/275(.)وقد ثبت أن عبد الله بن مسعودٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَُ كان لا يكتب المعوذتين في مصحفه، وروي عنه أنه كان لا يكتب فاتحة الكتاب كذلك.
    فعَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ قَالَ: سَأَلْتُ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ، قُلْتُ: يَا أَبَا الْمُنْذِرِ، إِنَّ أَخَاكَ ابْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ كَذَا وَكَذَا،( قال الحافظ ابن حجر: هكذا وقع هذا اللفظ مبهمًا، وكأن بعض الرواة أبْهمه استعظامًا له، وأظن ذلك سفيان، فإن الإسماعيلي أخرجه من طريق عبد الجبار بن العلاء عن سفيان كذلك على الإبْهام. فتح الباري (8/615() فَقَالَ أُبَيٌّ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ لِي: قِيلَ لِي فَقُلْتُ. قَالَ: فَنَحْنُ نَقُولُ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (رواه البخاري في صحيحه، كتاب تفسير القرآن، باب سورة (قل أعوذ برب الناس) (8/614) ح 4977. (
    وَعَنْه أيضًا أنه قَالَ: قُلْتُ لأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ: إِنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ كَانَ لاَ يَكْتُبُ الْمُعَوِّذَتَيْنِ فِي مُصْحَفِهِ. فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَنِي أَنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ الَسَلَّامَ قَالَ لَهُ: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ، فَقُلْتُهَا، فَقَالَ: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ فَقُلْتُهَا، فَنَحْنُ نَقُولُ مَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.ـ(رواه أحمد في مسنده، مسند الأنصار (6/154( ح 20682. (
    وعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ كَانَ عَبْدُ اللهِ يَحُكُّ الْمُعَوِّذَتَيْنِ مِنْ مَصَاحِفِهِ، وَيَقُولُ: إِنَّهُمَا لَيْسَتَا مِنْ كِتَابِ اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى.( رواه أحمد في مسنده، مسند الأنصار (6/154) ح 20683. قال الهيثمي: رواه عبد الله بن أحمد والطبراني، ورجال عبد الله رجال الصحيح، ورجال الطبراني ثقات. مجمع الزوائد - نور الدين علي بن أبي بكر الهيثمي ت 807 ه - دار الكتاب العربي - بيروت - الطبعة الثالثة 1402 ه - 1982م. (7/152(.)
    وروى الأعمش عن إبراهيم قال: قيل لابن مسعودٍ لِمَ لَمْ تكتب الفاتحة في مصحفك؟ فقال: لو كتبتها لكتبتها في أول كل سورة.( رواه عبد بن حميد في مسنده، انظر تفسير القرآن العظيم لابن كثير (1/9)، وفتح القدير للشوكاني (1/62)، ورواه أبو بكر الأنباري، انظر: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي(1/81( (.


    وعن ابن سيرين أن أُبَيَّ بن كعبٍ وعثمانَ كانا يكتبان فاتحة الكتاب والمعوذتين، ولم يكتب ابن مسعودٍ شيئًا منهن.( رواه عبد بن حميد في مسنده، ومحمد بن نصر المروزي في تعظيم قدر الصلاة، انظر فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير - محمد ين علي الشوكاني ت 1250 ه - تحقيق د. عبد الرحمن عميرة - دار الوفاء للطباعة والنشر - المنصورة - الطبعة الأولى 1415 ه 1994م (1/62().
    لتحميل كتبي فضلاً الضغط على الصورة التالية - متجدد بإذن الله

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي



صفحة 11 من 13 الأولىالأولى ... 10 11 12 ... الأخيرةالأخيرة

القرءان الكريم وليس التناخ تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. هل القرءان الكريم معصوم !!؟
    بواسطة المهندس زهدي جمال الدين محمد في المنتدى مشروع كشف تدليس مواقع النصارى
    مشاركات: 117
    آخر مشاركة: 20-02-2015, 11:45 PM
  2. ثلاث كتب في الدفاع عن القرءان الكريم ..
    بواسطة ahmedali في المنتدى منتدى الكتب
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 14-03-2010, 01:19 AM
  3. مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 05-06-2009, 01:56 AM
  4. الإستكشافات العلمية الحديثة تثبت أن القرءان من عند الله وليس من عند بشر
    بواسطة عطاء الله الأزهري في المنتدى الإعجاز العلمي فى القرأن الكريم والسنة النبوية
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 25-08-2005, 04:18 PM
  5. رسائل من القرءان الكريم الى أهل الضلال
    بواسطة مـــحـــمـــود المــــصــــري في المنتدى الرد على الأباطيل
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 15-08-2005, 01:15 PM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

القرءان الكريم وليس التناخ تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ

القرءان الكريم وليس التناخ تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ