الصوفية الوجه الآخر

آخـــر الـــمـــشـــاركــــات


مـواقـع شـقــيـقـة
شبكة الفرقان الإسلامية شبكة سبيل الإسلام شبكة كلمة سواء الدعوية منتديات حراس العقيدة
البشارة الإسلامية منتديات طريق الإيمان منتدى التوحيد مكتبة المهتدون
موقع الشيخ احمد ديدات تليفزيون الحقيقة شبكة برسوميات شبكة المسيح كلمة الله
غرفة الحوار الإسلامي المسيحي مكافح الشبهات شبكة الحقيقة الإسلامية موقع بشارة المسيح
شبكة البهائية فى الميزان شبكة الأحمدية فى الميزان مركز براهين شبكة ضد الإلحاد

يرجى عدم تناول موضوعات سياسية حتى لا تتعرض العضوية للحظر

 

       

         

 

    

 

 

    

 

الصوفية الوجه الآخر

النتائج 1 إلى 10 من 40

الموضوع: الصوفية الوجه الآخر

العرض المتطور

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Sep 2006
    المشاركات
    2,112
    آخر نشاط
    04-08-2025
    على الساعة
    09:29 PM

    افتراضي

    مَصَادِرُ التّصوُّفِ وَمَآخِذُهُ

    إن أمر التصوف كله مختلف فيه , فكما أختلف في أصله واشتقاقه , وحده وتعريفه , بدئه وظهوره , وفي أول من تسمى به وتلقب به , كذلك اختلف في منبعه ومأخذه , ومصدره ومرجعه , فتشعبت الآراء وتنوعت الأقوال , وتعددت الأفكار , فقال قائل : إنه إسلامي بحت في أشكاله وصوره , ومبادئه ومناهجه , وأصوله وقواعده , وأغراضه ومقاصده , حتى في ألفاظه وعباراته , وفلسفته وتعاليمه , ومواجيده وأناشيده , ومصطلحاته ومدلولاته , وهذا هو إدعاء الصوفية ومن والاهم , وناصرهم , ودافع عنهم .

    وقال قوم :

    لا علاقة له بالإسلام إطلاقا , قريبة ولا بعيدة في اليوم الذي نشأ فيه , ولابعد ماتطور , وهو أجنبي عنه كاسمه , فلذلك لا يفتش عن مصادره ومآخذه في القرآن والسنة وإرشاداتهما , بل يبحث عنها في الفكر الأجنبي , وهو رأي أكثر السلفيين ومن نهج منهجهم وسلك مسلكهم وكذلك الفقهاء والمتكلمين من أهل السنة من المتقدمين , والأكثرية الساحقة من المستشرقين , والكثير من الباحثين والمفكرين المتحررين من الجمود وعصبية التقليد , من المتأخرين .

    وقالت طائفة :

    إنه اسم للزهد المتطور بعد القرون المشهود لها بالخير كردّ فعل لزخرفة المدينة وزينتها التي انفتحت أبوابها على المسلمين بعد الغزوات والفتوحات وانغماسهم في ترف الدنيا ونعيمها , ثم حصلت فيه التطورات , ودخلت أفكار أجنبية والفلسفات غير الإسلامية وذهب إلى هذا الرأي ابن تيمية والشوكاني من السلفيين وغيرهم من بعض أعلام أهل السنة , حتى الصوفية أنفسهم وبعض المستشرقين .

    وقال الآخرون : إن التصوف وليد الأفكار المختلطة من الإسلام واليهودية والمسيحية ومن المانوية والمجوسية والمزدكية , وكذلك الهندوكية والبوذية , وقبل كل ذلك من الفلسفة اليونانية وآراء الأفلاطونية الحديثية , وتمسك بهذا الرأي بعض الكتّاب في الصوفية من المسلمين وغير المسلمين .

    فهذه هي خلاصة الاختلاف والآراء المختلفة في أصل التصوف ومأخذه , ننقاشها في هذا الباب , وندعم رأينا الذي نراه من بين هذه الآراء المتعددة , بالأدلة والشواهد , الخارجية منها والداخلية.

    فنقول : إن أفضل طريق للحكم على طائفة معينة وفئة خاصة من الناس هو الحكم المبني على آرائه وأفكاره التي نقلوها في كتبهم المتعمدة والرسائل الموثوق بها لديهم بذكر النصوص والعبارات التي يبني عليها الحكم , ويؤسس عليها الرأي ولا يعتمد على أقوال الآخرين ونقول الناقلين , اللهم إلا للاستشهاد على صحة استنباط الحكم وإستنتاج النتيجة .

    وهذه الطريقة ولو أنها طريقة وعرة شائكة , صعبة مستعصبة , وقل من يختارها ويسلكها , ولكنها هي الطريقة الصحيحة المستقيمة التي يقتضيها العدل والإنصاف .
    وعلى ذلك عندما نتعمق في تعاليم الصوفية الأوائل والأواخر , وأقاويلهم المنقولة منهم , والمأثورة في كتب الصوفية , القديمة والحديثة نفسها , نرى بونا شاسعا بينهما وبين تعاليم القرآن والسنة , وكذلك لا نرى جذورها وبذورها في سيرة سيد الخلق محمد صلوات الله وسلامه عليه وأصحابه الكرام البررة خيار خلق الله وصفوة الكون , بل بعكس ذلك نراها مأخوذة مقتبسة من الرهبنة المسيحية , والبرهمة الهندوكية , وتنسك اليهودية , وزهد البوذية , والفكر الشعوبي الإيراني المجوسي عند الأوائل , والغنوصية اليونانية والأفلاطونية الحديثة لدى الذين جاءوا من بعدهم , وتدل على ذلك تعريفات القوم للتصوف , التي نقلناها عن كبارهم فيما سبق .

    وكما تنطق وتشهد تعاليمهم التي هي بمثابة الأسس للتصوف , والضوابط لمن يدخل في طريقتهم .

    فنبدأ أولا بإبراهيم بن أدهم , وهو من الطبقة الأولى وأئمة التصوف الأوائل , وكثيراً ما تبدأ كتب طبقات الصوفية بذكره واسمه , ولا يخلوا كتاب من كتب التصوف وسيرته .
    ومما يذكر بيانا لشأنه الرفيع ومكانته السامية أنه كان من أبناء الملوك وملكا لبلخ , وتزوج من امرأته جميلة , وله ولد , ولكنه ترك الملك والزوجة والأولاد , وكل من كان يملكه , للنداء الغيبي , أو للقاء الخضر الذي لقنه ذلك , مثل ما ترك بوذا ملكه وزوجته , وأبنه وملاذ الدنيا وزخارفها طبقا بطبق , وحذو القذة بالقذة , خلافا لتعاليم الإسلام وأسوة الرسول وسيرة الصحابة , ولا يوجد له أي مثال في الكتاب ولا في السنة , ولا من السلف الصالح ومع ذلك يبجّل الصوفية ذكره , ولذلك يجعلونه قدوة يقتدى , ومثالا يحتذى , ويفتخرون بذكره وأحواله , مع أن أحواله تلك ليست إلا ناطقة بالبوذية المنسوخة الممسوخة التي لم ينزل الله بها من سلطان .

    فنود أن نورد تلك الحكاية الصوفية الباطلة , من التصوف القديم الأصيل , ومن الصوفي الذي يعدّ من الأعلام والأقطاب مقارنة بقصة بوذا , المنقولة من الكتب البوذية , ولبيان أنها تشتمل على ترهات وأكاذيب فاحشة مكشوفة تنطق بكونها مختلفة موضوعة مكذوبة.

    وننقل هذه القصة من تذكرة صوفية قديمة ( تذكرة الأولياء ) لفريد اليدن العطار , مقتبسين ترجمتها العربية من صادق نشأت :
    ( إن إبراهيم بن أدهم كان ملكا لبلخ , وتحت إمرته عالم , وكانوا يحملون أربعين سيفا من الذهب وأربعين عمودا من الذهب من أمامه ومن خلفه , وكان نائما ذات ليلة على السرير , فتحرك سقف البيت ليلا , كأنما يمشي أحد على السطح , فنادى : من هذا .. ؟ فقال : صديق فقدت بعيرا أبحث عنه على هذا السقف , فقال : أيها الجاهل , أتبحث عن البعير فوق السطح ...؟ فقال له : وأنت أيها الغافل تطلب الوصول إلى الله في ثياب حريرية وأنت نائم على سرير من ذهب ...؟ فوقعت الهيبة في نفسه من هذا الكلام , واندلعت في قلبه نار , فلم يستطع النوم حتى الصباح , وعندما أشرق الصبح ذهب إلى الإيوان وجلس على السرير متحيرا مفكرا حزينا , ووقف أركان الدولة كل في مكانه واصطف الغلمان وأذنوا إذنا عاما , فدخل رجل مهيب من الباب بحيث لم يكن لأي أحد من الخدم أو الحشم الجرأة على أن يقول له من أنت , ولم ينبسوا ببنت شفه , وتقدم الرجل حتى واجه سرير إبراهيم , فقال له : ماذا تريد ..؟ قال : أنزل في هذا الرباط , قال : ليس هذا برباط , إنما هو قصري , وإنك لمجنون , فقال : لمن كان هذا القصر قبل هذا ؟ قال : كان لأبي , قال وقبل ذلك , قال : كان ملكا لجدي ... وقبل ذلك ؟ قال : ملكا لفلان , قال : أو ليس الرباط هو ما يحل به أحد و يغادره الآخر .. ؟ قال هذا و اختفى , وكان هو الخضر عليه السلام , فازدادت حرقة روح إبراهيم ولوعته , وازداد ألمه حدة نتيجة لهذه الحال , وازدادت هذه الحال من واحد إلى مائة ضعف , إذ أنه رأى أنه قد اجتمع ما شاهده نهارا مع ما وقع ليلا ولم يعرف مما سمع , ولم يعلم ماذا رأى اليوم , فقال : أسرجوا الجواد لأني أريد الذهاب للصيد , فقد حدث لي اليوم شيء لست أدري ما هو , فيا إلهي إلى أين تنتهي هذه الحال ... ؟ فأسرجوا له جوادا , وتوجه للصيد , فكان يتجول في البرية دهشا بحيث لم يعرف ماذا يفعل , فأنفصل عن جيشه وهو في تلك الحال من الدهش , فسمع صوتا في الطريق يقول له : انتبه , فانتبه , ولم يصغ إليه , وذهب وجاءه هذا النداء للمرة ثانية , فلم يعره سمعا للمرة الثالثة نفس ذلك النداء , فأبعد نفسه عنه , وسمع للمرة الرابعة من يقول : ( انتبه قبل أن تنبه ) ففقد صوابه تماما وفجأة ظهرت غزالة فشغل نفسه بها , فأخذت الغزالة تخاطبه قائلة : إنهم بعثوني لصيدك , وإنك لن تستطيع صيدي , ألهذا خلقت ؟ أو بهذا أمرت ؟ إنك خلقت للذي تعمله وليس لك عمل آخر , فقال إبراهيم : ترى ما هذه الحال ....؟ وأشاح بوجهه عن الغزالة , فأرتفع نفس ذلك الصوت الذي قد سمعه من الغزالة من قربوس السرج , فوقر في نفسه الخوف والفزع وأزداد كشفا , وحيث أن الحق تعالى أراد أن يتم الأمر ارتفع ذلك الصوت ثلاث مرات أخر من حلقة جيبه , وبلغ ذلك الكشف هنا حد الكمال , وأنفتح عليه الملكوت ونزل , وحصل له اليقين , فابتلت الملابس والجواد من ماء عينيه , وتاب توبة نصوحا , وانتحى ناحية من الطريق , فرأى راعيا يرتدي لبادا , وقد وضع قلنسوة من اللباد على رأسه , وأمامه الأغنام وأخذ منه اللباد ولبسه ووضع قلنسوة اللباد على رأسه وطفق يسير راجلا في الجبال والبراري هائما على وجهه ينوح من ذنوبه , ثم غادر المكان إلى أن بلغ نيسابور , فأخذ يبحث عن زاوية خالية يتعبد فيها حتى وصل إلى ذلك الغار المعروف واعتكف فيه تسعة أعوام .
    ومن ذا الذي يعلم ما كان يفعله هناك في الليل والنهار , إنه ينبغي أن يكون رجلا عظيما ذا مادة واسعة حتى يستطيع الإقامة في مثل ذلك المكان , وصعد إبراهيم يوم خميس إلى ظاهر الغار وجمع حزمة حطب واتجه في الصباح إلى نيسابور حيث باعها , وصلى الجمعة واشترى بثمن الحطب خبزا , وأعطى نصفه لفقير وتناول النصف الآخر , وأتخذ منه إفطاره وداوم صيامه حتى الأسبوع التالي , وبعد أن وقف الناس على شأنه هرب من الغار وتوجه إلى مكة , وقيل أنه بقي أربعة عشر عاما يطوي البادية حيث كان يصلي ويتضرع طوال الطريق حتى أشرف على مكة , وروي أنه كان له طفل رضيع عند مغادرته بلخ , ولما أيفع طلب من أمه أباه , فقصت له الأم الحال قائلة : إن أباك قد تاه , ونقل عنه أنه قال : عندما كنت أسير في البادية متوكلا , ولم أتناول شيئا مدة ثلاثة أيام جاءني إبليس وقال : أنت ملك , وتركت هذه النعمة لتذهب جائعا إلى الحج ...؟ لقد كان بمقدورك الحج بعز وجلال حتى لا يصيبك كل هذا الأذى, قال: عندما سمعت هذا الكلام منه رفعت صوتي وقلت : إلهي ‍‍!! سلطت العدو على الصديق حتى يحرقني فأغثني حتى أستطيع قطع هذه البادية بعونك, فسمعت صوتا يقول: يا إبراهيم ‍! ألق ما في جيبك حتى تكشف ما هو في الغيب فمددت يدي
    إلى جيبي فوجدت أربعة دوانيق فضية كانت قد بقيت منسية , ولما رميتها جفل إبليس مني وظهرت قوة من الغيب ) [انظر ( تذكرة الأولياء ) لفريد الدين العطار ص 53 وما بعد ط باكستان ]..

    وورد ذكره وحكايته أيضا في ( طبقات الصوفية ) للسلمي [طبقات السلمي ص 12 مطابع الشعب القاهرة 1380 ﻫ .] .
    وفي ( حلية الأولياء ) للأصبهاني[ حلية الأولياء للأصبهاني ج7 ص 367 وما بعد ط دار الكتاب العربي لبنان .].
    وفي ( الرسالة ) للقشيري [ الرسالة القشيرية ج1 ص54 وما بعد ط دار الكتب الحديثة – القاهرة بتحقيق الدكتور عبد الحليم محمود ]..
    وفي ( جمهرة الأولياء ) للمنوفي الحسيني [ جمهرة الأولياء ج2 ص 125 ط مؤسسة الحلبي - القاهرة 1967م .].
    وفي ( نفحات الأنس ) للجامي [ نفحات الأنس للجامي ص41 الطبعة الفارسية إيران .].
    وفي ( طبقات الأولياء ) لابن الملقن المتوفى 804 ﻫ [ طبقات الأولياء لابن ملقن ص 5 نشر مكتبة الخانجي – القاهرة الطبعة الأولى 1393 ﻫ ]..

    وفي ( الطبقات الكبرى ) للشعراني [ الطبقات الكبرى للشعراني ج1 ص 69 .] .

    فهذه هي قصة إبراهيم بن أدهم , وفيها ما فيها من ترك الأهل والزوج والولد بدون جريمة ارتكبوها , وإثم اقترفوه , خلافا لأوامر القرآن وإرشادات الرسول صلى الله عليه وسلم , المشهورة المعروفة شبها ببوذا , وهاهي خلاصة قصته :

    ( وكانت قبيلة ساكياس تقطن في شمال بنارس , وهي التي ولد فيها أواسط القرن السادس قبل الميلاد , وقد مات في سنة 478 قبل الميلاد بعد أن عمر ثمانين عاما . وتزوج بوذا في سن التاسعة عشرة ابنة عمه , وكان في رغد وسعادة . وبينما كان يسير يوما إلى الصيد وهو في التاسعة والعشرين شاهد رجلا قد بلغ من كبر سنه منتهى الضعف والعجز , ورأى في وقت آخر شخصا مبتلى بمرض استعصى علاجه ويحتمل الآلام وبعد مدة أخرى تأثر واشمأز لرؤية منظرا كريها لجثة في حالة من الفساد , وكان خادمه وصاحبه الوفي المسمى ( جانا ) يذكره وينبهه في كل هذه الحالات ويقول له : ( هذا هو مصير حياة البشر ) وشاهد بوذا أحد النساك يمر عليه وهو في منتهى الراحة والأبهة والكرامة فسأل جانا ما حال هذا الرجل .. ؟ فحكي له جانا تفصيلا عن أخلاق الزهاد الذين أعرضوا عن كل شيء وعن أحوالهم, وقال له
    : إن هؤلاء الجماعة في سير وارتحال دائم وهم يعلمون الناس أثناء سياحتهم ورحلاتهم تعاليم هامة بالقول والعمل.
    والخلاصة أنه برغم اختلاف الروايات لا شك في أن ذهن هذا الأمير الشاب قد أخذ يضطرب تدريجيا وينفر من الحياة وضوضائها .
    ووفد عليه رسول يوما في أثناء أزماعه العودة من النزهة وبشره بميلاد ولد هو أول مولود له , فقال بوذا لنفسه في تلك الحالة النفسية المضطربة دون أن يشعر : ( ها هي ذي رابطة جديدة تربطني بالدنيا ) . والخلاصة أنه عاد إلى المدينة بينما كان المطربون يلتفون حوله . فطرب ورقص في تلك الليلة أقاربه وذوو رحمه فرحا بالمولود الجديد . لكن بوذا كان من الامتعاض والاضطراب بحيث لم يكترث بتلك الأوضاع أبدا . وأخيرا نهض من فراشه في آخر الليل كمن التهمت النار داره وأوعز إلى جانا أن يحضر له الفرس ومد رأسه في هذه الأثناء إلى غرفة زوجته وولده الوحيد من غير أن يوقظهما وعلى العتبة أخذ على نفسه عهدا ألا يعود إلى داره ما لم يصبح ( بوذا ) أي ( حكيما مستنيرا ) وقال :
    ( أذهب لأعود إليكم معلما وهاديا لا زوجا ووالدا ) والخلاصة أنه خرج مع جانا وهام في البراري , وفي هذه اللحظة ظهر في السماء ( مارا ) أي الوسواس الكبير ( إبليس أو النفس الأمارة ) ووعده بالملك والعز في الدنيا بأسرها لكي يرجع عن عزمه لكنه لم يقع في شرك الوسوسة . فسار بوذا قليلا في تلك الليلة على شاطئ النهر ثم وهب لجانا جوهره وملابسه الفاخره وأعاده ومكث سبعة أيام بلياليها في غابة ثم التحق بخدمة برهمي يدعى ( الارا ) كان في تلك البقعة وأختار بعد ذلك صحبة برهمي آخر يسمى ( أودراكا ) وتعلم من هذين الرجلين حكمة وعلوم الهند كلها , ولكن قلبه لم يستقر بعد فذهب إلى غابة كانت في أحد الجبال , وهناك صحب خمسة من التلاميذ الذين كانوا يحيطون به ومارس التوبة والرياضات الشاقة ست سنين حتى اشتهر في تلك الناحية , فاعتزم لهذا أن يهجر ذلك المكان ولما قام ليذهب سقط على الأرض لشدة ضعفه وعجزه , وغاب عن وعيه بحيث ظن تلاميذه أنه فارق الحياة , ولكنه عاد إلى رشده فترك الرياضات الشاقة منذ ذلك الحين وأخذ يأكل طعامه بانتظام , ولما رأى التلاميذ الخمسة الذين كانوا في صحبته أنه مل من الرياضة نفضوا أيديهم من إحترامه وتركوه وذهبوا بنارس .
    أما بوذا فإنه ترك ملذات الدنيا وثروتها والمقام فيها حتى ينال الضمير والطمأنينة عن طريق التعلم والفلسفة وحكمة الآخرين فلم يستطع أن ينال بتلك الرياضة والتوبة طمأنينة القلب التي كان يصبوا إليها والحاصل أنه بقي حيران في أمره ذاهلا وفي نفس ذلك اليوم الذي تفرق فيه عن تلامذته مكث بوذا تحت شجرة يتأمل ويفكر في نفسه , ماذا يعمل ... ؟ وأي طريق يتبع .. ؟ وهاجمته وساوس كثيرة وتاقت نفسه إلى الزوجة والولد والجاه والثروة والترف والنعيم , واستمر هذا الكفاح والجهاد مع النفس حتى غروب الشمس . ونتيجة لهذا الكفاح اتصل ( بنير فانا ) وتأكد لديه أنه أصبح ( بوذا) أي أنه نال الإشراق واستنار , وحينئذ نال بوذا ما كان يصبو إليه من الراحة والطمأنينة . لذلك عزم أن يمارس الإرشاد . وأن يعرض رغبته على الآخرين , وكان بوذا وقتئذ في الخامسة والثلاثين من عمره فقصد في بادئ الأمر أستاذيه ( الارا ) و ( أودراكا ) ولكنه علم بعد , بأنهما قد توفيا , فذهب إلى تلامذته الخمسة من بنارس وأرشدهم وجعلهم من أتباعه , وآمن به أبوه وأمه وزوجته كذلك , ثم أمر زمرة من خواص مريديه أن يقوموا بإرشاد الناس ) [ انظر للت دستر الباب الحادي والعشرون فقرات 125 , 126 , 127 , 131 , أيضا دائرة المعارف البريطانية نقلا عن تاريخ التصوف في الإسلام للدكتور قاسم غني ترجمة عربية ص 223 وما بعد , أيضا جستجودر تصوف إيران ( فارسي ) للدكتور عبد الحسين زرين كوب ص 6 , 7 ط مؤسسة انتشادات امير كبير طهران 1363 ﻫ.].

    فهذه هي خلاصة قصة بوذا , وهي عين ما ذكره الصوفية عن إبراهيم بن أدهم ابن الأمير البلخي الذي طلق الدنيا وتزيّا بزيّ الدراويش , وبلغ درجة أكابر الصوفية برياضته الطويلة , وتلك صورة طبق لأصل لما كانوا قد سمعوه عن حياة بوذا [ نفس المصدر السابق أيضا .].

    ثم علّق عليه الدكتور قاسم غني الباحث الإيراني بقوله :
    ( وحدس ( جولدزيهر ) يمكن أن يكون صحيحا وهو من الأحتمالات القريبة من الواقع , وقد شوهدت لها نظائر كثيرة – إلى أن قال - : وإذا ما قارن أحد بين قصة بوذا كما وردت في مدونات البوذيين بقصة إبراهيم بن أدهم ذات الطابع الأسطوري , الواردة في كتب تراجم العارفين مثل ( حلية الأولياء ) للأصفهاني , و ( تذكرة الأولياء ) للشيخ العطار وجد شبها عجيبا بين تلك القصتين يستلف نظرة )[ انظر تاريخ التصوف في الإسلام للدكتور قاسم غني عربية ص 223 ].

    هذا وهناك أقوال لإبراهيم بن أدهم وغيره من كبار الصوفية وأقطابهم في الزواج والأولاد تخبر بجلاء عن مواردها ومنابعها , فها هي تلك الأقوال من أهم كتب الصوفية :

    ينقل الطوسي والعطار عن إبراهيم بن أدهم أنه قال :
    ( إذا تزوج الفقير فمثله مثل رجل قد ركب السفينة , فإذا ولد له ولد قد غرق ) [ كتاب اللمع للطوسي ص 265 باب آداب المتأهلين ومن ولد بتحقيق الدكتور عبد الحليم محمود وطه عبد الباقي سرور , وتذكرة الأولياء للعطار ص 57 ط باكستان ].

    ونقل السهروردي عنه أنه قال : ( من تعود أفخاذ النساء لا يفلح ) [عوارف المعارف للسهروردي ص 166 , أيضا غيث المواهب العلمية للنفزي الرندي ج1 ص 208 .].

    ونقل أبو طالب المكي ـ وهو من أعلام الصوفية البارزين وأئمتهم المتوفى سنة 386 ﻫ ـ عن قطب من أقطاب الصوفية الأوائل عن أبي سليمان الداراني المتوفى سنة 215 ﻫ :
    ( من تزوج فقد ركن إلى الدنيا ) [ قوت القلوب لأبي طالب المكي ج1 ص 252 ط دار صادر بيروت , غيث المواهب العلية ج1 ص 208 ]..

    ونقل السهروردي في ( عوارفه ) الذي هو أشهر كتاب في التصوف عن أبي سليمان الداراني أيضا أنه قال : ( ما رأيت أحدا من أصحابنا تزوج فثبت على مرتبته )[ عوارف المعارف للسهروردي الباب الحادي والعشرون ص 165 ط دار الكتاب العربي بيروت 1983 م .].

    ونقل المكي عن سيد الطائفة الجنيد البغدادي أنه قال : ( أحب للمريد المبتدي أن لا يشغل قلبه بالتزوج ) [ انظر قوت القلوب في معاملة المحبوب لأبي طالب المكي ج1 ص 267 .].

    كما نقل عن بشر بن الحارث أنه قيل له : ( إن الناس يتكلمون فيك , فقال : وما عسى يقولون ؟ قيل : يقولون : إنك تارك السنة يعنون النكاح .
    فقال : قل لهم : إني مشغول بالفرض عن السنة , وقال مرة : ما يمنعني من ذلك إلا آية في كتاب الله تعالى قوله : { ولهن مثل الذي عليهن } , و لعسى أن لا أقوم بذلك , وكان يقول : لو كنت أعول دجاجة لخفت أن أكون جلاداً على الجسر هذا . يقوله في سنة عشرين ومائتين والحلال والنساء أحمد عاقبة , فكيف بوقتنا هذا ؟
    فالأفضل للمريد في مثل زماننا هذا ترك التزويج ) [ قوت القلوب ج2 ص 238 , أيضا عوارف المعارف ص 165 , أيضا الطبقات الكبرى للشعراني ج1 ص 73 ط دار العلم للجميع - القاهرة 1954 م .]

    ويقول السهروردي :
    ( التزوج انحطاط من العزيمة إلى الرخص , وجوع من الترمح إلى النقص , وتقيدا بالأولاد والأزواج , ودوران حول مظان الاعوجاج , والتفاف إلى الدينا بعد الزهادة , وانعطاف على الهوى بمقتضى الطبيعة والعادة ) [ انظر عوارف المعارف ص 164 , 165 .].

    والحديث موصول بإذن الله تعالى

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Sep 2006
    المشاركات
    2,112
    آخر نشاط
    04-08-2025
    على الساعة
    09:29 PM

    افتراضي

    المصطلحات والغموض

    إن أي انحراف عن السنة ولو كان قليلاً فإنه يزداد مع الأيام , وتأتي الروافد من هنا وهناك باجتهادات خاطئة أو تصورات باطلة فيتسع الخرق ويقوى الباطل , وقد وقع المتصوفة منذ نهاية القرن الثالث الهجري بمشكله المصطلحات الغامضة المبهمة التي يستطيع كل متصوف تفسيرها حسب ما يشاء فالمبتدئ يفسرها تفسيراً بريئاً والمتعمق منهم يفسرها حسب غلوه
    وضلاله , وهذه المشكلة ( المصطلحات ) وعدم وضوحها هي من أسباب ضلال الأمم قبلنا , فالكلمات التي تحتمل الصواب والخطأ هي من بعض أسباب وقوع النصارى في القول بإلوهية المسيح عليه السلام, فعندما يقول سبحانه عن عيسى ( وروح منه ) فهذا لا يعني أنه جزء منه بل هذه إضافة تشريف , كما يقول تعالى ( ناقة الله ) أو كما يوصف أحد الصحابة بأنه ( أسد الله ) أو ( سيف الله ) أو قوله تعالى ( سخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعاً منه ) ولذلك حذر القرآن الكريم في إتباع المتشابه وأنه يجب رد المتشابه إلى المحكم , والمحكم : ( قل هو الله أحد , الله الصمد , لم يلد ولم يولد ..) قال الإمام أحمد: بكلمة ( كن) كان عيسى عليه السلام وليس هو الكلمة نفسها , وقال تعالى في حق بني إسرائيل ( ولا تلبسوا الحق بالباطل ) .

    تكلم المتصوفة في مصطلحاتهم عن الفناء والبقاء والصحو والمحو , والتجريد والتفريد و وهي ألفاظ تحتمل الحق والباطل , بل هي أقرب إلى الباطل , وقد اعترف مؤلفوهم باستحداث مصطلحات خاصة بهم .

    قال أبو بكر الكلاباذي " إن للقوم عبارات تفردوا بها , واصطلاحات فيما بينهم لا يكاد يستعملها غيرهم " ومن أوائل من تكلم بهذه المصطلحات أبو حمزة الصوفي البغدادي ( ت 296ﻫ) والبسطاني وأبو سعيد الخراز ( ت277 ﻫ) .

    وهذه أمثلة لبعض مصطلحاتهم وتعريفهم لها ثم نتكلم عن الآثار المترتبة عليها :

    الفناء:
    هذه كلمة مبهمة مجملة قد تعني وجهاً باطلاً بل كفراً وهو ما يسمونه ( الفناء عن وجود السوّي ) أي ليس موجوداً إلا الله سبحانه وكل ما عداه ليس له وجود حقيقي , وهذه هي وحدة الوجود.
    وقد تعني هذه الكلمة ( الفناء ) أن يغيب عن الناس والخلق ولا يشهد سوى الله ويقع في ( الغيبوبة ) ويغيب حتى عن العبادة , وقد يتوهم أنه صار هو والإله شيئاً واحداً " ويظن أنه تضمحل ذاته في ذاته وصفاته في صفاته " [ البقاعي : تنبيه الغبي / 81 . وقد يسمونه: الجمع أو السُكر وهذا إذا عاد إليه عقله يعلم أنه كان غالطاً في ذلك وأن الرب رب والعبد عبد] .
    وقد تعني هذه الكلمة ما يسمونه ( الفناء عن إرادة السوى ) أي لا يحب إلا الله ولا يوالي إلا فيه ولا بيغض إلا فيه , فهذا صحيح وإن كان لا يسلم لهم بالتعبير بـ ( الفناء ) لأن فيه كما قلنا غموض واشتباه , وأما الفناء الذي يسمونه فناء النفس عن التشاغل بما سوى الله فلا يسلم لهم أيضاً " بل أمرنا الله بالتشاغل بالمخلوقات ورؤيتها والإقبال عليها "[ الذهبي : سير أعلام النبلاء 15/393.].

    الجمع والفرق:

    قالوا عن الجمع أنه إشارة إلى حق بلا خلق, والفرق إشارة إلى خلق بلا حق. ويقصدون أن الفرق هو ما يكون كسباً للعبد من إقامة العبودية لله , والجمع هو مشاهدة الربوبية , والجمع قريب من الفناء بالمعنى الأول الذي هو وحدة الوجود .

    السكر والصحو:قالوا عن السكر : حال تبدو للعبد لا يمكنه معها ملاحظة السبب ولا مراعاة الأدب[ الكلاباذي : العرف / 114 .], والصحو هو رجوع العارف إلى الإحساس بعد غيبته وزوال إحساسه[ الجرجاني : التعريفات /132 .],

    العشق :
    واستحدثوا هذه الكلمة وهذا لا يوصف به الرب تبارك وتعالى ولا العبد في محبته ربه.
    هذه نماذج من مصطلحاتهم وهي كثيرة جداً و كلها رموز وألغاز فتكلموا عن الحال والمقام والعطش والدهش , وجمع الجمع ... الخ , وإذا أخذنا واحدة من هذه المصطلحات لنرى هل هي صحيحة من ناحية شرعية ؟ هل الفناء عن المخلوقات وعدم التشاغل بها من الإسلام ؟ والجواب بالنفي لأن الله يقول : " قل انظروا ماذا في السماوات والأرض " وقال عليه السلام " حبب إلي من دنياكم النساء والطيب " وكان يحب عائشة وأباها ويحب أولاد ابنته الحسن والحسين , ويجب العسل , ويحب وطنه , ويحب الأنصار ... "[ الذهبي : سير إعلام النبلاء 15/394 .].
    وأما محاولتهم للفناء في الله فهذا مستحيل , لأن الله سبحانه هو الخالق وهم مخلوقون , فكيف يتحد المخلوق بالخالق ؟ وقد يحاولون التمويه فيقولون ( بالصحو بعد المحو ) ( أو الفرق في الجمع ) أي أن يرجع الإنسان إلى حال العبودية وقد يتكلمون هذا باللسان فقط أي أنه رجع إلى العبودية .

    والحقيقة أن كل هذا أوهام , والإسلام يحث على حفظ العقل , فكيف يسعى مسلم لزوال عقله , والصوفي عندما يتحدث عن أسرار الربوبية يحاول شيئاً لا يطيقه الإنسان , لذلك سيصل إلى كارثة ( وحدة الوجود ) التي هي كفر , ويفقد فيها الاتزان النفسي , وهي نزعة خفية عند الإنسان الذي لا يخضع للوحي وهي نزعة التكبر والتأله , ويحاول أن يأت بها عن طريق ( وحدة الوجود ) وهي نزعة فرعونية عندما قال " أنا ربكم الأعلى " .
    إن فكرة ( الفناء ) موجودة في الديانة البوذية وتسمى عندهم ( نرفانا) وربما أخذها الصوفية عنهم .

    النتائج المترتبة على مثل هذا الخلط :

    1ـ إن الدخول في هذه المتاهات يبعد المسلم عن العلم النافع والعبادة والعمل فيتكلم في أشياء ليس لها وجود ولا تعني في عالم الواقع شيئاً , والمسلم مأمور بإعمار الدنيا لتكون جسراً إلى الآخرة وهذه المصطلحات تسيطر على الجاهل وتربك العاقل إذا لم يكن دينه قوياً .

    2ـ ليس في الإسلام أسرار , فالقرآن واضح , والسنة واضحة , وهذه الألغاز تجعل الدين وكأنه بحاجة إلى (هيئة) لحل هذه الأسرار , ويتحول الأمر إلى باطنية تفسر كل شيء حسب أهوائها فكل شيء نسبي , وذاتي " ولذلك يمنعون من قراءة كتبهم لكل أحد "[ حقائق التصوف /527 .].

    3ـ إن الاسترسال في هذه المصطلحات سيؤدي حتماً إلى عقيدة ( وحدة الوجود ) وهذا انسلاخ من الدين , فالمسلمون يرجعون إلى الكتاب والسنة , والصوفية يرجعون إلى الذوق والكشف والخيالات وكلام مشايخهم, وهذا أمر مشكل لأن لكل إنسان ذوق فالنصراني يتذوق التثليث , والمشرك يتذوق الشرك ... الخ .

    كما تتميز هذه المرحلة عند الصوفية بما يسمونه ( المقامات ) كالتوكل والرضا.. وانحرفوا فيه أيضاً عن الفهم الإسلامي الصحيح , فالتوكل عندهم هو عد الأخذ بالأسباب , قال الهروي : " التوكل في طريق الخاصة عمىً عن التوحيد ورجوع إلى الأسباب " ويقول أبو سعيد الخراز " كنت في البادية فنالني جوع شديد فطالبتني نفسي إن أسأل الله طعاماً , فقلت : ليس هذا من فعل المتوكلين "[ الكلاباذي التعرف / 150 .].
    فهذا الشيخ خالف السنة في الخروج إلى البادية دون زاد , وفهم التوكل فهماً خاطئاً , والله سبحانه وتعالى خلق الأسباب وطلب من العباد الأخذ بها والمسلم لا يعتمد على الأسباب وحدها ولكن يفعلها ويتوكل على الله ويطلب النتائج من الله .

    وقالوا عن مقام ( الرضا ) أنه الاسترسال مع القدر , فيكون مستسلماً لما يأتي من عند الله , وهذا الكلام تنقصه الدقة , فالمسلم لا يعترض على قدر الله كالمرض والفقر ولكن يدفع قدر الله بقدر الله , فهو يدفع المرض بالدواء ويدفع الفقر بالعمل والكسب . أما إذا كان هناك أمر ديني مثل الصلاة والصوم فلا يقول: أنا لا أصلي لأن الله لم يقدر لي الصلاة فهذا من الحيل الشيطانية, ويشبه كلام المشركين فالأوامر الشرعية يجب أن تنفذ والمصائب تدفع بقدر الله ويصبر عليها. والخلاصة أن هذه الألفاظ المستحدثة عند الصوفية هي كما وصفها ابن القيم " تسمع جعجعة ولا ترى طحناً " [ مدارج السالكين 3/437 .].

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Sep 2006
    المشاركات
    2,112
    آخر نشاط
    04-08-2025
    على الساعة
    09:29 PM

    افتراضي

    الصوفية الوجودية

    تعتبر هذه المرحلة من أخطر مراحل الصوفية , حيث تسربت إليها الفلسفة اليونانية فابتعدت بها عما سبقها من مراحل التصوف بل جعلتها من الصوفية الخارجة عن الإسلام فكانت شبيهة بالنصرانية عندما دخلها الروم ومزجوها بالتثليث والفلسفة ولذلك قيل إن النصرانية ترومت ولم يتنصر الروم , بل نستطيع أن نجزم من خلال استقراء ما طرأ على الرسالات السماوية التي بدلت وحرفت كاليهودية والنصرانية أن للفلسفة دوراً كبيراً في هذا التبديل ؛ فبسبب نقد الفلاسفة للنصوص التوراتية واتهامها بأنها ساذجة أو أساطير , تحت هذا الضغط راح علماء اليهود يؤولن النصوص تأويلات رمزية كما فعل (فيلون) اليهودي , فأولوا إبراهيم عليه السلام بأنه النور , وزوجته سارة بأنها الفضيلة وهكذا فعلوا بقصة آدم وحواء وقصة بني آدم وقصة يوسف عليه السلام .
    ومن ( فيلون انتقلت طريقة التأويل الرمزي إلى النصرانية خصوصاً عندما هاجمها رجال الأفلاطونية المحدثة وممثلو الثقافة اليونانية , وأقر رجال اللاهوت النصراني على أنه ورد في الأناجيل أشياء غير معقول فأولوها تأويلاً يرضى عنه الفلاسفة [ انظر البحث الذي كتبه د . عبد الرحمن بدوي عن التأويل بالباطل وأثره في التوراة والإنجيل في كتابه مذاهب الإسلاميين الجزء الثاني].

    وفي الإسلام جاء الفلاسفة بعد ترجمة الكتب اليونانية ككتاب " التاسوعات" لأفلاطين الإسكندري , نقله إلى العربية عبد المسيح بن ناعمة الحمصي بعنوان " الأثولوچيا" أي الربوبية [ أحمد أمين : ظهور الإسلام 4/156.].

    كما ترجم كتاب " أثولكوچيا " للأرسطوطاليس وفيه نظرية الفيض والإشراق التي ستلعب دوراً خطيراً في التصوف خصوصاً عند السهروردي [ يحيى بن حبش بن أميرك السهروردي من مؤيدي فلسفة الإشراق التي من زعمائها أفلوطين , ثبت عليه الانحلال من الدين وادعاء النبوة فأفتى علماء حلب بكفره وقتل سنة 587هـ . انظر الذهبي : سير أعلام النبلاء 21/201 وبدوي : شخصيات قلقة /95. ابن تيمية : درء تعارض العقل والنقل 5/82 .].
    وابن عربي [ هو أبو بكر محي الدين محمد بن علي بن محمد الحاتمي الطائي الأندلسي ولد ( بمرسية ) سنة 560هـ ونشأ بها ثم ارتحل وطاف البلدان فجاء بلاد الشام والروم والمشرق ودخل بغداد , كان يكتب الإنشاء لبعض ملوك المغرب , اختلف الناس في شأنه فذهب طائفة إلى أنه زنديق وقال آخرون إنه ولي ولكن يحرم النظر في كتبه , والصحيح أنه اتحادي خبيث , ولم يشتهر أمره وكتبه إلا بعد موته لأنه كان منقطعاً عن الناس إنما يجتمع به آحاد الاتحادية ولهذا تمادى في أمره ثم فضح وهتك , توفي سنة 637هـ . انظر : شذرات الذهب لابن عماد 5/190 والبقاعي / 178 , وبدوي : تاريخ التصوف / 41 . ابن تيمية : درء تعارض العقل والنقل 5/82 .]

    وتحت ضغط الفلسفة قام المعتزلة بحذف أو تأويل كل نص يناقض العقل – بزعمهم – كما غرقوا في الجدل العميق الذي يدور حول ألفاظ ( الجوهر – والجزء الذي لا يتجزأ – والجسم – والمتحيز و .... الخ ) , ومثلوا دور الترف الفكري أحسن تمثيل , فانحرفوا بذلك عن الإسلام العملي الإيجابي .

    وأما الصوفية فقد دخلت عليهم الفلسفة من باب ( التشبه بالإله على قدر الطاقة ) فحاولوا إثبات تشبه العبد بالرب في الذات والصفات والأفعال , كما فعل الغزالي ومن تبعه في كتابه : ( المضنون به على غير أهله )[ ابن تيمية : درء تعارض العقل والنقل 5/82 .].

    ثم جاء ابن عربي وتلامذته فقالوا بالوحدة المطلقة , لأن الفلاسفة يقولون: الوجود الحقيقي هو للعلة الأولي ( الله ) لاستغنائه بذاته , فكل ما هو مفتقر إليه فوجوده كالخيال . ومن هنا نشأت نظرية " وحدة الوجود " عند ابن عربي وقد انطلقت ابتداء مما يردده الصوفية بشكل عام من أن الموجود الحق هو الله سبحانه , ويعنون بذلك أن الموجودات والكائنات إنما هي صور زائفة ومجرد أوهام وليست ذاتاً منفصلة قائمة بنفسها , فمثلها لا يستحق أن يطلق عليه الوجود الحقيقي[ بعض المفكرين في هذا العصر ـ وهم من أهل السنة ـ من أطلق عبارة : أن الموجود والحق هو الله سبحانه وإنما قصد بذلك معنى لا يصادم الشرع وهو أن الله سبحانه وهو الباقي السرمدي بخلاف الموجودات الغائبة التي لا تستطيع القيام بنفسها بل هي مستندة إلى وجود الله سبحانه و وهو معنى وإن لم يصادم الشرع إلا أنه مدخل لكثير من التصورات التي قد تؤدي للوقوع في البدعة , والالتزام بالألفاظ الشرعية أولى وأهل السنة يعتقدون أن الله سبحانه وتعالى حق قيوم على مخلوقاته , وأنه خلق الكائنات وجعل لها ذواتاً منفصلة لا علاقة لها بذاته , وهي موجودة حقيقة وليست صوراً أو أوهاما وأنها تفني في هذه الحياة الدنيا , وأن وجودها مستقل عن الخالق المعبود .].
    ولكنها حرفت عند ابن عربي عن مفهومها لدى الصوفية بحيث انتهى إلى القول بوحدة الوجود فقال أن الوجود الحقيقي هو الله سبحانه , ولكننا نرى هذه الكثرة والتعدد قائمة أمام أعيننا فلا يمكن إنكارها ومن ثم فهذه الموجودات كلها ليست سوى الله ذاته ـ تعالى الله عما يقول الظالمون علواً كبيراً ـ وكلها مظهر من مظاهره وتجل من تجلياته , وليست آية من آياته كما مفهوم أهل السنة فحقيقة الرب إذن أنه وجود مطلق لا اسم له ولا صفة ولا يرى في الآخرة , وليس له كلام ولا علم ولا غير ذلك ولكن يُرى في الكائنات [ انظر البقاعي في كتابه : تنبيه الغبي 19/40 وابن تيمية في الإيمان الأوسط /132 والشوكاني في قطر الولي /190 .].
    فكل كائن هو الله والله هو كل كائن, فاتحد بذلك الوجود مع الخالق المعبود, وتم له ما أراد من هدم صرح التوحيد وكان هذا القول أشد شركاً من قول النصارى, إذ أن الكل في هذا التصور المريض إله يعبد.

    ويحاول ابن خلدون شرح فكرة ابن عربي , إذ أن هذه التصورات الباطلة عادة ما تكون غامضة ومتناقضة حتى على أصحابها , يقول ابن خلدون : يعنون بهذه الوحدة أن الوجود له قوى ذاتية فالقوة الحيوانية فيها قوة المعدن وزيادة , والقوة الإنسانية فيها قوة الحيوان وزيادة , والفلك يتضمن الإنسانية وزيادة , وكذلك الذوات الروحانية (الملائكة ) ثم القوة الجامعة التي انبثت في جميع الموجودات , فالكل واحد هو نفس الذات الإلهية " [ المقدمة /471 .].

    وحين يرد السؤال: كيف يقال بوحدة الوجود ؟ وهناك خالق ومخلوق ومؤمنون وكفار والكفار يعذبون في النار فمن الذي يعذبهم ؟ ... حتى لا يرد هذا السؤال راح ابن عربي يحرف كل آيات القرآن الكريم ويطبق باطنيته وكفره في كتاب ( فصوص الحكم ) فموسى عليه السلام لم يعاقب هارون عليه السلام إلا لأن هارون أنكر على بني إسرائيل عبادة العجل , وهم ما عبدوا إلا الله لأن الله قضى ألا نعبد إلا إياه , ولذلك كان موسى أعلم من هارون[ البقاعي / 120 نقلاً عن فصوص الحكم – فص 192 .].

    والريح التي دمرت عاد هي من الراحة لأنها أراحتهم من أجسامهم المظلمة وفي هذه الريح عذاب وهو من العذوبة[ المصدر السابق / 95 – فص رقم 109.].

    ويحكم ابن عربي بإيمان فرعون بقوله تعالى : " قرة عين لي ولك " فكان قرة عين لفرعون بالإيمان الذي أعطاه الله عند الغرق[ المصدر السابق 128 وفي هذا المقام لا بد من القول بأن اعتذار البعض عن ابن عربي بأنه يقصد كذا أو كذا ويؤولون كلامه , هذا غير مقبول . قال العراقي " لا يقبل ممن اجترأ على مثل هذه المقالات القبيحة أن يقول أردت بكلامي هذا خلاف ظاهره ولا يؤول كلامه ولا كرامة " . ].
    وهكذا راح يعيث فساداً في بقية قصص الأنبياء ومن شاء فليرجع إلى كتبه ففي كل سطر سيجد رائحة ( وحدة الوجود) . وكلامه هذا في الحقيقة هو إبطال للدين من أصله لأن وعيد الله للكفار لا يقع منه شيء فهو وتلامذته يتسترون بإظهار شعائر الإسلام وإقامة الصلاة والتزي بزي النسك والتقشف وتزويق الزندقة باسم التصوف [ انظر تنبيه الغبي إلى تكفير ابن عربي للشيخ برهان الدين البقاعي .].

    فالفلاسفة لم يقولوا بوحدة الوجود على طريقة ابن عربي ولكنهم هم الذين مهدوا الطريق لهذه النظرية الباطنية بقولهم على الله مالا يعلمون ووصفهم إياه بصفات من نسج خيالهم , وهذا كله بسبب بعدهم عن الشرائع السماوية والأخذ من نور الأنبياء , ولذلك تخيلوا الإله ذاتاً بسيطة منزهة عن أي شائبة من شوائب التركيب , والصفات مثل العليم القدير السميع البصير هي عندهم تركيب , فقالوا أن من أحق صفاته ( الوجود ) وإذا قيل لهم وجود أي شيء ؟ فالجواب ليس بوجود شيء , فهو هكذا وجود بلا أية صفة فليس هذا الوجود هو الله سبحانه الذي نعرفه نحن المسلمين والذي أرسل الأنبياء ونزل الكتب وإنما هو عندهم وجود مطلق بلا أية صفة وطبعاً هذا لا يكون إلا تصورات باطلة في أذهانهم وهو غير الواقع . وبما أن هذه الصفة ( الوجود ) هي أخص وصف لله , تركب في عقولهم أن كل وجود هو واجب مثل وجود لله , وبما أن العالم موجود فهو الله , تعالى الله عن قولهم علواً كبيراً[ انظر تنبيه الغبي إلى تكفير ابن عربي للشيخ برهان الدين البقاعي .].

    هذا الكلام من الفلاسفة كان الإرهاص الذي أدى بابن عربي إلى القول بوحدة الوجود , وإن كان مذهبه أكثر شراً من مذهب الفلاسفة , خاصة وأنه آيات القرآن لتنسجم مع نظريته الباطلة وخاصة أن كثيراً من المسلمين المغفلين من يعظمه ويسميه " الشيخ الأكبر " .

    طبعاً هناك روافد أخرى أوصلت هؤلاء الناس إلى هذا القول الشنيع الذي يعتبر من أشد المخالفات للإسلام وعقيدة التوحيد , و من هذه الروافد الفناء الذي تحدثنا عنه في المبحث السابق , كما أن نفي صفات الله التي قالت بها الجهمية وانتشر شيء من أثرها في صفوف المسلمين , يمكن أن يساعد على نظرية الوحدة , إن نفي صفة العلو مثلاً يؤدي إلى القول بأنه سبحانه في كل مكان , ثم وزعوه في الموجودات كلها , مع ذلك فسيبقى للفلسفة الدور الأكبر في محاولة تخريب العقيدة الإسلامية الصافية السهلة , بل بتخريب المجتمعات الإنسانية , لأنها تقوم على نظريات في الذهن وليست في الواقع , وهذا مما حدا بعالم كبير كابن تيمية أن يقول محذراً منها بعد أن نفذ إلى أعماقها : " ولا شك أن كل من كان أقرب إلى الشرائع السماوية كان اقرب إلى العقل ومعرفة الحقيقة . وهل رأيت فيلسوفاً أقام مصلحة قرية من القرى " [ درء تعارض العقل والنقل 5/65 وابن تيمية هنا يقصد الفيلسوف الذي يعيش بنظريات بعيدة جداً عن الواقع ويعيش بعيداً عن واقع الناس , ومشكلة الفلاسفة أنهم يعالجون أموراً ليست من اختصاصهم , وقد جاء الأنبياء والرسل بحلها بأقرب السبل وأيسرها .].
    وهو هنا يلتقي مع مفكر غربي هو الدكتور ألكسس كاريل الذي يرى أن الفلسفة أساءت كثيراً للمجتمعات الغربية حين كانت تنظر في الكتب فقط دون معرفة الواقع العملي , ويقول: " ليس هناك مذهب فلسفي قد استطاع أن يحظى بقبول جميع الناس , وكل استنباطات الفلاسفة ما هي إلا فروض " [ تأملات في سلوك الإنسان 1/47 .].
    و يتابع نقده للفلسفة : " كان من الممكن للعلم أن يكفل لنا نجاح حياتنا الفردية والاجتماعية ولكننا فضلنا نتائج التفكير الفلسفي فارتضينا أن نأسن وسط المعاني المجردة .
    ولا شك أن فلاسفة عصر النور هم الذين مكنوا لعبادة الحرية بصورة عمياء في أوروبا وأمريكا "[ المصدر السابق 1/7 .] .

    إذا المشكلة واحدة في القديم والحديث , فعندما يبتعد الناس عن الشرائع السماوية التي جاءت لخير الإنسان في الدنيا والآخرة , تأتيهم الأزمات تلو الأزمات , أزمات اجتماعية وسياسية واقتصادية , نتيجة هذا الفصام النكد بين ما فطر الإنسان عليه من التوجه إلى بارئه وبين شياطين الإنس وما يوحون به ويبدو أن النفس الإنسانية يصعب عليها الاستمرار في طريق الاعتدال فهي إما أن تميل إلى التشدد والغلو أو إلى التساهل والترخص والخروج عن التكاليف وقد يسول الشيطان لمن أحس من نفسه زيادة فهم أنه إن رضي في علمه ومذهبه بظاهر السنة كان مثل العامة ولذلك لا بد من التنطع والتبدع والإتيان بالغرائب وهذه شهوات خفية لا يدركها ولا يبتعد عنها إلا العلماء الربانيون .

    ولعله من المناسب قبل أن ننهي هذا المبحث أن نذكر رأي بعض العلماء في ابن عربي وتلامذته باعتباره زعيم هذه المدرسة الوجودية .

    قال الشيخ أبو محمد بن عبد السلام في ابن عربي هو شيخ سوء مقبوح كذاب , يقول بقدم العالم ولا يحرم فرجاً " [ الفتاوى لا بن تيمية 2/240 .].

    ويروي ابن تيمية عن الشيخ إبراهيم الجعيري أنه كان يقول : " رأيت ابن عربي هو شيخ نجس يكذب بكل كتاب أنزله الله, وبكل نبي أرسله الله " [ نفس المصدر 2/240 .].
    وقال ابن تيمية[الفتاوى 2/242 .]. : ورأيت بخطه في كتابه ( الفتوحات المكية ) هذين البيتين :
    الرب حق , والعبد حق
    ياليت شعري من المكلف


    إن قلــت عـبد, فــذاك رب أو قـلـت رب أنـي يكلـــف
    ولما كان الله في نظر (ابن عربي) هو المخلوقات والمخلوقات هي الله فحينئذ تكون العبادة عنده متبادلة.. ويعبر عن ذلك بقوله:
    " فيحمدني وأحمده ....
    ويعبدني وأعبده " ...
    ثم يذهب شيخ الصوفية الأكبر بعد هذا إلى القول بوحدة الأديان، لا فرق لديه بين سماويها، وغير سماويها فيقول في ذلك:
    وقد كنت قبل اليوم أنكر صاحبي
    إذا لم يكن ديني إلى دينه داني

    فأصبح قلبي قابلاً كل حالة
    فمرعى لغزلان ودير لرهبان

    وبيت لأوثان وكعبة طائف
    وألواح توراة ومصحف قرآن

    وفي كتاب "الفتوحات المكية).. هاهو يعبر عن اعتقاده بوحدة الوجود بقوله: "سبحان من خلق الأشياء وهو عينها".

    ثم ماذا يقول الحلاج وهو يشرح لنا عقيدة الحلول: "من هذب نفسه في الطاعة لا يزال يصفو ويرتقي في درجات المصفاة حتى يصفو عن البشرية فإذا لم يبق فيه من البشرية حظ حل فيه روح الإله الذي حل في عيسى ابن مريم وكان جميع فعله فعل الله تعالى"، وفي كتاب (النفحات القدسية) يقول محمد بهاء الدين البيطار أحد مشايخ الصوفية:
    وما الكلب والخنـزير إلا إلهنا
    وما الله إلا راهب في كنيسة


    ويقول البقاعي قاطعاً الطريق على من يؤول لابن عربي :
    " قال الأصوليون : لو نطق بكلمة الردة وزعم أنه أضمر تورية , كفر ظاهراً وباطناً "[ تنبيه الغبي /23 .].
    ومن تلامذة ابن عربي : ابن الفارض الذي يؤكد وحدة الوجود دون خجل أو مواربة , وفي قصيدته المشهور ( بالتائية )
    يعيد هذه الفكرة ويكررها حتى لا يبقى شك عند القارئ أو السامع مثل قوله :

    لها صلاتي بالمقام أقيمهـا
    وأشهـد أنها لي صلـت

    كلانا مصل عابد ســاجد إلــى حقيـقة الجمـع في كـل ســجدة
    وما كـان صلي سواي فـلم تكـن صلاتي لغيري في أداء كل ركعـة
    ومـازلت إيـاها وإيـاي لـم تزل ولا فرق بل ذاتي لذاتي أحــبت

    فهل بعد هذا من تصريح , صلاته لنفسه لأنها هي الله والعياذ بالله , وحتى لا يظن أحد أن هذا ( سكر) الصوفية , يؤكد أنه في حالة صحو:

    ففي الصحو بعد المحو لم أك غيرها
    وذاتي بذاتي إذا تحلت تجلت


    ولا يزال الصوفية إلى الآن يعجبون بهذه التائية ويسمون صاحبها ( سلطان العاشقين ) رغم ما فيها من كفر , ورغم ما يقولون عنه أنه كان يحب الجمال , وأنه كان يذهب إلى قرية ( البهنسا) فيرقص على الدف مع النساء وهكذا يدجلون على الناس ويقولون بأن هذا الرقص من الدين والحقيقة أنها مواخير يخجل منها أي مسلم استروح رائحة الإسلام , لقد ابتلي المسلمون بمن فسد من هؤلاء الصوفية فبثوا فيهم أوهاماً قد تملك الجاهل وتربك العاقل إذا لم يغلبها بالتمسك بمنهج أهل السنة من الصحابة والتابعين رضوان الله عليهم .
    إن "الجيلي" وهو من كبار مشايخ الصوفية – يعلن في صراحة أو وقاحة – أنه إله الكون الأعظم فيقول في كتاب "الإنسان الكامل 1/22":

    لي الملك في الدارين لم أر فيهما
    سواي فأرجو فضله أو فأخشاه

    وقد حزت أنواع الكمال، وأنني
    جمال جلال الكل، ما أنا إلا هو

    إلى أن يقول:
    وإني رب للأنام وسيد
    جميع الورى اسم، وذاتي مسماه


    أما "الحلاج" – وهو إمام من أئمة الصوفية – فإنه يقول في كتاب (الطواسين/34) :
    أنا من أهوى ومن أهوى أنا
    نحن روحان حللنا بدنا

    فإذا أبصرتني أبصرته
    وإذا أبصرته أبصرتنا

الصوفية الوجه الآخر

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. مفاجأة - كتاب (( نقض الصوفية ))
    بواسطة aamer في المنتدى منتدى الكتب
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 18-01-2008, 10:33 PM
  2. مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 11-07-2007, 10:04 PM
  3. فرَّ من ( الصوفية ) فرارك من الأسد ، وعليك بالتوحيد والسنة
    بواسطة أنصار الحق في المنتدى العقيدة والتوحيد
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 02-11-2006, 04:40 AM
  4. الصوفية
    بواسطة الليزر في المنتدى العقيدة والتوحيد
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 09-10-2006, 12:06 AM
  5. الوجه الآخر للكتاب المهلوس
    بواسطة ismael-y في المنتدى منتدى نصرانيات
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 24-12-2005, 03:35 PM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

الصوفية الوجه الآخر

الصوفية الوجه الآخر