ومن ذلك نستنتج أن جوهر التفكير هو التفسير والتفسير يقوم على عملية الربط الفكري الذكي في الدماغ ، وواقع هذه العملية كالتالي:
أحبتي في الله إن أهم ما في عملية التفكير أي التفسير أن يتم ربط الواقع بمعلومات سابقة لها علاقة به ربطا صحيحا، فإذا كانت المعلومات السابقة صحيحة وتمت عملية الربط بشكل سليم فإن عملية التفكير لتشكيل المعنى الجديد للواقع توصلنا إلى الاستنارة.
وتكون النتيجة التي نصل إليها هي زوال الغموض والإشكال والالتباس في الواقع المحسوس ووجود فهم وصورة في الذهن تتسم بأنها واضحة وحقيقية له أي حكما صحيحا على الواقع. فعندنا شرطان لإنتاج الاستنارة: صدق المعلومات السابقة، وصحة الربط.
أحد اهم قوانين التفكير:
لكن لا بد من إدراك أن أحد قوانين التفكير في الدماغ هو أن هذا الدماغ لا يحب الجهل والغموض بل يميل دائما إلى الوضوح بربطه بين ما يحس به مع نمط معروف مشابه له في الذاكرة وذلك تهربا من الغموض والجهل.
ولكن قد يكون هذا الأمر خيرا في أحيان وشرا في أحيان أخرى.
فالعقل بطبعه يميل إلى الوضوح في الرؤية الذهنية وإلى النور، وإذا كان الواقع المشاهد غامضا مستترا فإن ذلك يزعج العقل ويحرك غريزة البقاء مما يولد الحيرة والتشكك في النفس أي الخوف، لذلك فإنه يدفع طاقة العقل إلى النشاط للبحث عن أي تفسير ممكن للواقع -سواء أكان قريبا أم بعيدا- وذلك بربطه بأقرب ما يشبهه في الذاكرة من أنماط المعلومات السابقة مما يؤدي إلى الخطأ في التفسير أي الحكم الخاطئ على الواقع.
وإذا وصل الإنسان بعد التفكير إلى حكم خاطئ على الواقع، فإن سلوكه تجاهه سيكون بناء على حكمه عليه أي بناء على فهمه وتصوره لهذا الواقع، والذي يحول دون الوقوع في الأحكام الخاطئة هو السعي إلى الاستنارة في التفكير بتحقيق الشرطين اللازمين لذلك وهما –كما ذكرنا- صدق المعلومات السابقة، وسلامة الربط.
وهذه الاستنارة لها علاقة بما يسمى سلامة البصيرة في القلب لا بد من استيضاحها ومن ثم الانضباط بها وصولا إلى الحق والعدل وتحقيق أسمى الغايات بالسعي لنيل رضوان الله جل وعلا. وهنا لا بد من الانتقال إلى قضية البصيرة شرحا وتعقيبا وربطا بالعقل.
يتبع
المفضلات