خطاب الله لإبراهيم عليه السلام - واختلاف العهدين

تقابلنا في صباح اليوم التالي :

مكسيموس: فقرأت حتى انتهيت إلى العدد الحادي والثلاثين وما بعده من الفصل الحادي عشر من سفر التكوين. فقلت: يا ايها القس ؛؛ إن التوراة إلى الآن لم تذكر أحوال إبراهيم وإيمانه وتوحيده ونبوته وكلام الله معه حينما كان في بلاده فيما بين النهرين " الفرات والدجلة " ولم تذكر من أحواله إلا أن " تارح " أخذ إبراهيم ابنه ولوطا ابن ابنه وسارة امرأة إبراهيم فخرجوا من أور الكلدانيين ليذهبوا إلى أرض كنعان فأتوا إلى حاران وأقاموا هناك ومات تارح في حاران، ثم قالت في الفصل الثاني عشر ما ملخصه: وقال الله: لإبراهيم أخرج من أرضك ومن عشيرتك ومن بيت أبيك إلى الأرض التي أريك.

فذهب إبراهيم وذهب معه لوطا وكان إبراهيم ابن خمس وسبعين سنة لما خرج من حاران فأخذ إبراهيم سارة ولوطا وكل مقتنياتهما والنفوس التي امتلكا في حاران، يا ايها القس ؛؛ والعهد الجديد يقول في أوائل الفصل السابع من أعمال الرسل " ظهر إله المجد لإبراهيم وهو فيما بين النهرين قبلما سكن في حاران وقال له: أخرج من أرضك ومن عشيرتك إلى الأرض التي أريك، فخرج حينئذ من أرض الكلدانيين وسكن في حاران ".

يا ايها القس ؛؛ هل كان الله خاطب إبراهيم فيما بين النهرين وأهملته التوراة وحولته إلى الخطاب في حاران؟ أم كان هذا الخطاب في حاران وحوله العهد الجديد إلى ما بين النهرين. لكن نفس الخطاب يبين أنه كان بين النهرين أرض إبراهيم ومحل عشيرته وبيت أبيه. فإن حاران ليست أرض إبراهيم ولا فيها له عشيرة ولا بيت أبيه بل كان هو وأبوه ولوط وسارة في حاران نزلاء غرباء. يا سيدي فلماذا يكون مثل هذه في التوراة.

القس: يا مكسيموس قد وقع ما لا تحب فاقرأ.

شك إبراهيم في التوراة - والكلام المشوش


مكسيموس: فقرأت حتى انتهيت إلى الفصل الخامس عشر وقرأت فيه من العدد الثامن إلى الثاني عشر وفيها " إن الله قال لإبراهيم: أنا الرب الذي أخرجك من أور الكلدانيين ليعطيك هذه الأرض لترثها، فقال: أيها السيد الرب. بماذا أعلم أني أرثها، فقال له: خذ لي عجلة ثلثية وعنزة ثلثية وكبشا ثلثيا ويمامة وحمامة. فأخذ هذه كلها وشقها من الوسط وجعل شق كل واحد منها مقابل الآخر وأما الطير فلم يشقه فنزلت الجوارح على الجثث وكان إبراهيم يزجرها " .

فقلت: يا ايها القس إن أعطاه الأرض من أناس لآخرين من الأمور العادية في الدنيا والله يقول له: أعطيك هذه الأرض لترثها فكيف يشك إبراهيم بوعد الله ويقول له: بماذا أعلم أني أرثها. أفلا يفيده وعد الله علما.

ألم يكن مؤمنا. هل جاءت الحية الصادقة الناصحة لإبراهيم كما جاءت لحوا وقالت له: لا ترثها بل إن هذا القول كالقول لآدم بأنه يوم يأكل من الشجر موتا يموت. يا سيدي دعنا من هذا.

ولكن ما هو محصل هذه العلامة التي أعطاها الله. " بقول التوراة " لإبراهيم لكي يحصل له العلم بصدق الوعد. أفلا ترى أن كلام العلامة هو دمدمة وكلام مبتور لا محصل له ولا فائدة ولا ربط. ولم يقل الله لإبراهيم: شق هذه الحيوانات ما عدا الطير فلماذا فعل إبراهيم ذلك. أهكذا يكون كلام الله والتوراة الحقيقية؟ حاشا الله ولكتبه ولأنبيائه.


القس: يخطر في بالي أنه جاء في القرآن في حديث إبراهيم مثل هذا الكلام فاقرأ ذلك من أواخر سورة البقرة.

عمانوئيل: فقرأت الآية 260 (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلَكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ).

القس: كيف ترى هذا الكلام يا مكسيموس.

مكسيموس: أراه كلاما منتظم البيان تام الفائدة عظيم الحجة جاريا في مهم المعارف يحقق إيمان ويبين مجده بطلب الاطمئنان بتأييده المعلوم بالحسن. فإن إحياء الموتى أمر كبير يحتاج الاطمئنان في الإيمان به إلى التأييدات الحسية.

لكن يا سيدي كيف يذكر القرآن هذا والتوراة تذكر غيره على ما سمعته. مع أن اليهود والنصارى يقولون إن القرآن يأخذ قصصه من التوراة . فما هو سبب الاختلاف ؟

القس: السبب هو أن أحد الكتابين يكتب وحي الله الحقيقي فاجعل عقلك ميزانك .

القس : دعني الآن اذهب لأنهي بعض الأعمال ولنا لقاء آخر .

روح القدس يحل عليك يا بني ويأخذ بيدك إلى الصواب ويلهمك الحق .