أزعجني بشدة مشهد أعضاء المجمع المقدس للأقباط الأرثوذكس.. في الصورة التي نشرتها لهم «المصري اليوم» في عدد أمس.. بعد اتخاذ قرار فصل الدكتور جورج حبيب بباوي عميد معهد الدراسات اللاهوتية بولاية إنديانا الأمريكية.. وحرمانه من ممارسة الشعائر الدينية الكنسية.

وفي الصورة ظهر قداسة البابا شنودة.. وأعضاء المجمع المقدس البالغ عددهم ٦٦ أسقفاً.. وعلامات السعادة والسرور بادية علي وجوههم.

وتذكرت عبارة نقيب الصحفيين الأسبق كامل زهيري: «عضوية النقابة كالجنسية.. لا تسقط عن الصحفي».. وهي العبارة الخالدة التي قالها نقيب النقباء في مواجهة طلب الرئيس الراحل أنور السادات إسقاط عضوية النقابة عن بعض الصحفيين.. ممن كان يسميهم رذالات.. الذين اختلفوا معه وهاجموه وانتقدوا سياساته.. وخلط الرئيس السادات بين من يهاجمه وبين من يهاجم مصر.. واعتبر الهجوم عليه هو هجوما علي مصر.

كذلك عضوية الكنيسة.. يجب أن تكون كالجنسية لا تسقط عن المصري القبطي مهما كانت الأسباب.. وانتقاد رأس الكنيسة قداسة البابا شنودة.. لا يعني هدم الكنيسة وهرطقة وخروجاً عن الملة.. يستدعي الحرمان والفصل من الكنيسة.. كما حدث مع الدكتور جورج حبيب بباوي.

إنني لا أتدخل في الشأن الكنسي.. ولا أرغب في ذلك.. لكنني أعلق علي شأن عام.. هو حرمان مصري من كنيسته، أو من إسلامه، أو من عضوية النقابة التي ينتمي إليها أو من جنسيته.

انتقاد البابا شنودة ليس انتقاداً للكنيسة.. والهجوم عليه ليس هدماً لها.. إلا إذا اعتبر قداسة البابا، واعتبر أعضاء المجمع المقدس معه، أن البابا هو الكنيسة.. وأن الكنيسة هي البابا.. كما كان ينادي لويس الرابع عشر: أنا فرنسا.. وفرنسا أنا.

لا يا قداسة البابا.. ليس هكذا ترعي حقوق شعبك.. مهما اشتط البعض منهم.. ومهما كانت انتقاداتهم لك.. واعتراضهم علي طريقة إدارتك للكنيسة.. أو حتي ممارستك الشعائر الكنسية.. فهذا يدخل في إطار حرية الرأي.. لا حرية العقيدة.. وقداستك ليست فوق النقد.. ولا أحد في هذا العالم فوق النقد.. ولا يحق لك أو لمجمعك المقدس أن يصدر قرارًا.. قيل إنه بالإجماع.. بحرمان عضو في الكنيسة وأحد رعاياها من ممارسة شعائرها.. والفصل منها.

ألا يوجد أسقف واحد من بين الـ ٦٦ أسقفا، هم أعضاء المجمع المقدس، يعترض علي هذا القرار.

الإجماع لا يصدر إلا في المسائل الإلهية فقط.. وحتي الله سبحانه وتعالي هناك من ينكر وجوده.. فأين نحن كبشر وأين قداستك من وجود الله.

لست مع الدكتور بباوي.. ولست مع الانتقادات التي وجهها إلي قداستك.. ولا أعرف خلفيات الخلاف بينه وبينك.. ولا أوجه التشابه بين أفكاره وأفكار الأب متي المسكين.. الذي يمثل النقيض لك في الكثير من الأفكار.

وأكثر ما أزعجني إلي جانب صورة هذا المشهد هو التهديد الصادر عن أعضاء المجمع المقدس بفصل أي عضو في الكنيسة يختلف مع البابا شنودة ويخرج عن التعاليم التي ينادي بها.. ويتبع تعاليم الأب متي المسكين.

ليس هكذا تدار شؤون المؤسسات الديمقراطية.. وليس هكذا تدار شؤون الكنيسة.. بطريقة ديكتاتورية.. لا وجود فيها للرأي الآخر.. والفكر المختلف.. ولا أقول المعارض.. وعضوية الكنيسة كالجنسية لا يجب أن تسقط عن أي قبطي.

http://www.almasry-alyoum.com/articl...9054&r=t:p015: