أولا أنا أفترض أنك تقصد بسؤلك هل الكتاب المقدس كلام الله بصورة خاصة أو مختلفة. لأنه من المعلوم عندك وعندنا أنه لا يوجد شيء في العالم يحدث دون تعيين من الله. بالتالي السؤال لا يطرح بشكل عام بل بصورة محددة. أي هل الكتاب المقدس هو إعلان خاص من الله.
ثانيا: الشخص الويحد الذي يستطيع أن يحدد له ما هو كتاب الله هو الله نفسه. فأراء لكل البشر فرادى أو مجتمعين لا وزن لها إطلاقا.
فلا معنى لمن يريى أنه يجب أن يكون كتاب الله بهذه الصورة أو تلك. لأنه في نهاية الأمر كل صورة يمكن أن تفترض أن يكون عليها كتاب من الله ستعارضها صورة يفترضها شخص أخر. ولا وزن لأحدهما أكثر من الأخرى. بالتالي الذي يحدد أي كتاب هو كتاب الله هو الله نفسه.
ثالثا: عندما يحدد الله كتابه فهو يستخدم كتابه لكي يحده. هذا يعني أن كتاب الله هو سلطة مطلقة ونهائية في ذاته، ولا يحتاج لشهادة خارجه لكي يثبت أنه كتاب الله.
رابعا: يعطي الله نفسه الدليل في كتابه على أن هذا الكتاب كتابه (سأتي لهذه النقطة فيما بعد بتفصيل أكثر).
خامسا: إقتناع أو عدم إقتناع أي شخص ببرهان لا علاقة له بالبرهان نفسه، فالإقتناع مسألة شخصية وتختلف من شخص لأخر.
الديلي الذي أعطاه الله.
في الكتاب المقدس أعطى الله دليلا في غاية البساطة من ناحية كيفية نقضه وهدم كل الكتاب المقدس، وفي نفس الوقت الدليل نفسه لم ينقضه أحد ولن ينقضه أحد. حسب الكتاب المقدس "بدء الحكمة مخافة الرب" أي أن بداية المعرفة هي الله نفسه، والذي لا يبدأ بمعرفة الله فما لديه هو "علم كاذب الأسم".
بصورة بسيطة جدا وبكلمات أخرى حسب الكتاب المقدس لو لم تبدأ بمنهجية الكتاب المقدس في روؤية العالم من ناحية ما هو حقيقي ومن هو الإنسان إلى أخر ما يقدمه الكتاب فسوف تدمر بذلك إمكانية المعرفة البشرية من أساسها.
ولكي ينقض هذا الدليل فكل ما عليك فعله هو أن تأتي بأي أمر نعرفه وتعطينا تبريرا حول كيفية معرفته بششرط ألا يكون هذا التبرير معتمدا على رؤية الكتاب المقدس للكون.
أرأيت بساطة الأمر؟
كل ما عليك فعله هو أن تعرف أي شيء بمعزل عن الكتاب المقدس.
ولكن هنا يفترض بنا التوضيح والتعريف.
المقصود بالمعرفة: المعرفة هي أمر حقيقي صحيح مبرر. فلا يكفي أن تؤمن بشيء لتقول أنك تعرفه فلو لم يكن لديك تبريرا له فأنت لا تعرفه. حتى لو كنت مؤمنا به.
المقصود بمنهج الكتاب: لم أستخدم كلمة الكتاب المقدس عامدا حتى لا تتخيل أن ما نتكلم عنه هو فط ما كتب من وقت موسى، فحسب الكتاب المقدس معرفة الله هي أمر مسلم به عند كل البشر بدون استثناء حتى الذين يعلنون إلحادهم.
أخيرا: بما أن الكتاب المقدس هو سلطة مطلقة فأي برهان يقدم على السلطة المطلقة يجب أن يعتمد على هذه السلطة نفسها وإلا فقدت السلطة إطلاقها. وأي حوار في هذه الحالة بين منهجين مختلفين، أي منهجين يتبعا سلكتين مختلفتين لا يمكن أن يكون برهانا مباشرا. لأن البرهان المباشر يستلزم سلطتك المطلقة لكي يكون له معنى، بالتالي لا يصلح لأن يبرهنها. لكن الحوار والإثبات في هذه الحالة يجب أن يكون برهانا غير مباشر أي مقارنة منهج بمنهج.
والتحدي الذي يطرحه الكتاب المقدس هو أن الإنسان بلا دفاع في رفضه لله كما أعلن عن نفسه في الكتاب، وأن ما يعلن الإنسان عنه أنه حكمة هو في أصله جهالة.
فلنقارن مناهج إذن
المفضلات