

-
أهداف الاستشراق
الهدف الديني
إن كنّا أخذنا بالقول إن الاستشراق بدأ بتشجيع من الكنيسة ورجال الدين فإن الاهتمام الديني يعد أول أهداف الاستشراق وأهمها على الإطلاق. فعندما رأى النصارى وبخاصة رجال الدين فيهم أن الإسلام اكتسح المناطق التي كانت للنصرانية وأقبل كثير من النصارى على الدين الإسلامي ليس لسماحته فحسب ولكن لأنه بعيد عن التعقيدات وطلاسم العقيدة النصرانية ، ولأنه نظـام كامل للحياة . كما أن رجال الدين النصارى خافوا على مكانتهم الاجتماعية والسياسية في العـالم النصراني فكان لابد أن يقفوا في وجه الإسلام حيث إنه ليس في الإسلام طبقة رجال دين أو أكليروس كما في النصرانية.[1]
فغاية الهدف الديني هي معرفة الإسلام لمحاربته وتشويهه وإبعاد النصارى عنه، وقد اتخذ النصارى المعرفة بالإسلام وسيلة لحملات التنصير التي انطلقت إلى البلاد الإسلامية،وكان هدفها الأول تنفير النصارى من الإسلام. ولذلك فإن الكتابات النصرانية المبكرة كانت من النوع المتعصب والحاقد جداً حتى إن بعض الباحثين الغربيين في العصر الحاضر كتب نقداً عنيفاً لاستشراق العصور (الأوروبية ) الوسطى من أمثال نورمان دانيال Norman Daniel في كتابه الإسلام والغرب.[2] فقد كتب دانيال أن أسباب حقد النصارى وسوء فهمهم للإسلام مـازال بعضه يؤثر في موقف الأوروبيين من الإسلام بالرغم من التحسن العظيم الحديث في الفهم والذي أشاد به بعض المسلمـين.[3] وكتاب ريتشارد سوذرن صورة الإسلام في العصور الوسطى [4]
الهدف العلمي
ما كان لأوروبا أن تنهض نهضتها دون أن تأخذ بأسباب ذلك وهو دراسة منجزات الحضارة الإسلامية في جميع المجالات العلمية .فقد رأى زعماء أوروبا " أنه إذا كانت أوروبا تريد النهوض الحضاري والعلمي فعليها بالتوجه إلى بواطن العلم تدرس لغاته وآدابه وحضارته"([5]) وبـالرجوع إلى قوائم الكتب التي ترجمت إلى اللغات الأوروبية لعرفنا حقيقة أهمية هذا الهـدف من أهداف الاستشراق فالغربيين لم يتركوا مجالاً كتب فيه العلماء المسلمون حتى درسـوا هذه الكتابات وترجموا عنها، وأخذوا منها.وقد أشار رودي بارت Rudi Paret -في كتابه عن الدراسات العربية الإسلامية -إلى إمكانية أن تقوم الأمة الإسلامية في العصر الحاضر بدراسة الغرب فيما يمكن أن يطلق عليه علم الاستغراب ([6])، فإن المسلمين في نهضتهم الحاضرة بحاجة إلى معرفة الإنجازات العلمية التي توصل إليها الغرب عبر قرون من البحث والدراسة والاكتشافات العلمية والاستقرار السياسي والاقتصادي.
الهدف الاقتصادي التجاري
عندما بدأت أوروبا نهضتها العلمية والصناعية والحضارية وكانت في حاجة إلى المواد الأوليـة الخام لتغذية مصانعها ، كما أنهم أصبحوا بحاجة إلى أسواق تجارية لتصريف بضائعهم كان لا بد لهم أن يتعرفوا إلى البلاد التي تمتلك الثروات الطبيعية ويمكن أن تكون أسواقاً مفتوحة لمنتجاتهم . فكان الشرق الإسلامي والدول الأفريقية والآسيوية هي هذه البلاد فنشطوا في استكشافاتهم الجغرافية ودراساتهم الاجتماعية واللغوية والثقافية وغيرها.
ولم يتوقف الهدف الاقتصادي عند بدايات الاستشراق فإن هذا الهدف ما زال أحد أهم الأهداف لاستمرار الدراسات الاستشراقية . فمصانعهم ما تزال تنتج أكثر من حاجة أسواقهم المحـلية كما أنهم ما زالوا بحاجة إلى المواد الخام المتوفرة في العالم الإسلامي. ولذلك فإن بعض أشهر البنوك الغربية(لويد وبنك سويسرا) تصدر تقارير شهرية هي في ظاهرها تقارير اقتصادية ولكنها في حقيقتها دراسات استشراقية متكاملة حيث يقدم التقرير دراسة عن الأحوال الدينية والاجتماعية والسياسية والثقافية للبلاد العربية الإسلامية ليتعرف أرباب الاقتصاد والسياسة على الكيفية التي يتعاملون بها مع العـالم الإسلامي.
الهدف السياسي الاستعماري
لقد خدم الاستشراق الأهداف السياسية الاستعمارية للدول الغربية فقد سار المستشرقون في ركاب الاستعمار وهم كما أطلق عليهم الأستاذ محمود شاكر -رحمه الله- " حملة هموم الشمال المسيحي- فقدموا معلومات موسعة ومفصلة عن الدول التي رغبت الدول الغربية في استعمـارها والاستيلاء على ثرواتها وخيراتها. وقد اختلط الأمر في وقت من الأوقات بين المستعمر والمستشرق فقد كان كثير من الموظفين الاستعماريين على دراية بالشرق لغة وتاريخاً وسياسة واقتصـاداً . وقد أصدر - على سبيل المثال- مستشرق بريطاني كتاباً من أربعة عشر مجلداً بعنوان: (دليل الخليج: الجغرافي والتاريخي) وكان الموظف الاستعماري لا يحصل على الوظيفة في الإدارة الاستعمارية ما لم يكن على دراية بالمنطقة التي سيعمل بها.
واستمر الارتباط بين الدراسات العربية الإسلامية وبين الحكومات الغربية حتى يومنا هذا بالرغـم من أنه قد يوجد عدد محدد جداً من الباحثين الغربيين دفعهم حب العلم لدراسة الشرق أو العالم الإسلامي. ومن الأدلة على هذا الارتباط أن تأسيس مدرسة الدراسات الشرقية والأفريقية بجـامعة لندن قد أُسّسَت بناء على اقتراح من أحد النواب في البرلمان البريطاني.([7]) وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية رأت الحكومة البريطانية أن نفوذها في العالم الإسلامي بدأ ينحسر فكان لا بد من الاهتمام بالدراسات العربية الإسلامية فكلفت الحكومة البريطانية لجنة حكومية برئاسة الإيرل سكاربورو Scarbrough لدراسة أوضاع الدراسات العربية الإسلامية في الجامعات البريطانية. ووضعت اللجنة تقريرها حول هذه الدراسات وقدمت فيه مقترحاتها لتطوير هذه الدراسات واستمرارها([8]).
وفي عام 1961 كونت الحكومة البريطانية لجنة أخرى برئاسة السير وليام هايترSir William Hayter لدراسة هذا المجال المعرفي ، وقامت اللجنة باستجواب عدد كبير من المتخصصين في هذا المجال ، كما زارت أقسام الدراسات العربية والإسلامية في الجامعات البريطانية وفي عشر جامعات أمـريكية وجامعتين كنديتين . وكانت زيارتها للولايات المتحدة بقصد التعرف على التطورات التي أحدثها الأمريكيون في هذا المجال ، وكان ذلك بتموين من مؤسستي روكفللر و فورد .([9])
ومما يؤكد ارتباط الدراسات العربية الإسلامية بالأهداف السياسية الاستعمارية (رغم انحسار الاستعمار العسكري) أن الحكومة الأمريكية موّلت عدداً من المراكز للدراسات العربية الإسلامية في العديد من الجامعات الأمريكية ، وما زالت تمول بعضها إما تمويلاً كاملاً أو تمويلاً جزئياً وفقا لمدى ارتباط الدراسة بأهداف الحكومة الأمريكية وسياستها.([10])
كما يستضيف الكونجرس وبخاصة لجنة الشؤون الخارجية أساتذة الجامعات والباحثين المتخصصين في الدراسات العربية الإسلامية لتقديم نتائج بحوثهم وإلقاء محاضرات على أعضاء اللجنة ، كما ينشر الكونجرس هذه المحاضرات والاستجوابات نشراً محدوداً لفائدة رجال السياسة الأمريكيين.([11])
الهدف الثقافي
من أبرز أهداف الاستشراق نشر الثقافة الغربية انطلاقاً من النظرة الاستعلائية التي ينظر بها إلى الشعوب الأخرى . ومن أبرز المجالات الثقافية نشر اللغات الأوروبية ومحاربة اللغة العربية. وصبغ البلاد العربية والإسلامية بالطابع الثقافي الغربي. وقد نشط الاستشراق في هذا المجال أيما نشاط. فأسس المعاهد العلمية والتنصيرية في أنحاء العالم الإسلامي وسعى إلى نشر ثقافته وفكره من خلال هؤلاء التلاميذ. وقد فكّر نابليون في ذلك حينما طلب من خليفته على مصر أن يبعث إليه بخمسمائة من المشايخ ورؤساء القبائل ليعيشوا فترة من الزمن في فرنسا "يشاهدون في أثنائها عظمة الأمة (الفرنسية) ويعتادون على تقاليدنا ولغتنا، ولمّا يعودون إلى مصر، يكون لنا منهم حزب يضم إليه غيرهم" ([12]) ولم يتم لنابليون ذلك ولكن لمّا جاء محمد علي أرسل بعثة من أبناء مصر النابهين يقودهم رفاعة رفعت الطهطاوي، وقد قال محمود شاكر إن هؤلاء " يكونون أشد استجابة على اعتياد لغة فرنسا وتقاليدها فإذا عادوا إلى مصر كانوا حزباً لفرنسا وعلى مر الأيام يكبرون ويتولون المناصب صغيرها وكبيرها، ويكون أثرهم أشد تأثيراً في بناء جماهير كثيرة تبث الأفكار التي يتلقونها في صميم شعب دار الإسلام في مصر.." ([13])
وقد حرص الغرب على الغزو الثقافي من خلال التغريب الفكري بعدة طرق ذكرها السيد محمد الشاهد فيما يأتي:
1- التعليم من حيث المنهج ومن حيث المادة العلمية …
2- وفي مجال الإعلام تُسْتَغل كل وسائل الإعلام المتاحة وخاصة أفلام السينما والتلفاز تأثير غير مباشر."([14])
وظهر الهدف الثقافي من خلال الدعوة إلى العامية وإلى محاربة الفصحى والحداثة في الأدب والفكر حيث نادى البعض بتحطيم السائد والموروث وتفجير اللغة وغير ذلك من الدعوات. وقد بلغ من ثقتهم بأنفسهم في هذا المجال أن كتب أحدهم يتوقع أن لا يمر وقت طويل حتى تستبدل مصر باللغة العربية اللغة الفرنسية كما فعلت دول شمال أفريقيا.([15])
- الحواشي :
[1] - آصف حسين." المسار الفكري للاستشراق " ترجمة مازن مطبقاني ، مجلة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية . العدد السابع ربيع الثاني 1413، ص 566-592.
[2] -Norman Daniel. Islam and The West: The Making of An Image. Revised edition (Oxford: Oneworld,1993)
[3] - المرجع نفسه ، صفحة 9 ( المقدمة)
[4] -ريتشارد سوذرن . صورة الإسلام في أوروبا في العصور الوسطى. ترجمة وتقديم رضوان السيد.( بيروت: معهد الإنماء العربي، 1984)
[5] - المرجع نفسه ص 36.
[6] -رودي بارت ، مرجع سابق.ص 15.
[7] -غراب ، مرجع سابق. ص48
[8] -Report of The Interdepartmental Commission of Inquiry of Oriental , Slavonic , European and African Studies (London, 1947)
[9] -Report of the Sub-Committee on Oriental, Slavonic, East European and African Studies (London,1961)
[10] - Moroe Berger. “ Middle Eastern And North African Studies : Development and Needs.” In Middle East Studies Association Bulletin, Vol.1. No.2, November 15,1967.
وانظر الدراسات العربية الإسلامية في جامعات أمريكيا الشمالية ، إعداد اللجنة المنبثقة عن مؤتمر الشباب المسلم المنعقد في طرابلس عام 1973وتم تحديثها عام 1975 ونشرت في مدينة سيدر رابدزCedar Rapids بولاية أيوا الأمريكية ، وقام بترجمتها مازن مطبقاني ، وراجع الترجمة الدكتور علي النملة ( تحت الطبع)
[11] -من الأمثلة على ذلك محاضر جلسات الكونجرس في صيف عام 1985 الذي بلغت صفحاتها اثنتين وأربعين وأربعمائة صفحة. وقد قام الدكتور أحمد خضر إبراهيم بترجمة أجزاء منها ونشرها في مجلة المجتمع الكويتية قبيل احتلال العراق الكويت.
[12] - محمود شاكر ، رسالة في الطريق إلى ثقافتنا.(جدة: دار المدني، 1407هـ، 1987م)ص108.
[13] -المرجع نفسه ،ص 141.
[14] -السيد محمد الشاهد. رحلة الفكر الإسلامي : من التأثر إلى التأزم. (بيروت: دار المنتخب العرب، 1414هـ/1994م)ص 181.
[15] -Saleh J. Altoma. “ The reception of Najib Mahfouz in American Publication.” In Comperatine and General Literature .( Bloomington: Indiana University Press. 1993) p160-179 quoting George Young .Egypt. London: E. Benn, 1927. P284-85.
-
مناهج الاستشراق
مناهج المستشرقين
من الصعب أن نجمع المستشرقين كلهم في بوتقة واحدة ونزعم أن منهجهم كان واحداً في كل الأزمان والأوقات وفي كل الموضوعات التي تناولوها، ولكن تسهيلاً لهذا الأمر فيمكن إجمال هذه المناهج التي يشترك فيها عدد كبير من المستشرقين قديماً وحديثاً في تناول العلوم الإسلامية عموماً.
1- محاولة رد معطيات الدين الإسلامي إلى أصول يهودية ونصرانية
وهذا الأمر يتمثل في كثير من الكتابات حول الوحي وحول القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، ويقول في ذلك عماد الدين خليل نقلاً عن جواد علي "إن معظم المستشرقين النصارى هم من طبقة رجال الدين أو من الخريجين من كليات اللاهوت، وهم عندما يتطرقون إلى الموضوعات الحساسة من الإسلام يحاولون جهد إمكانهم ردها إلى أصل نصراني..."([1]) وقد ذكر طيباوي في دراسة أن عدداً من المستشرقين الناطقين باللغة الإنجليزية يعتقدون بذلك ومنهم على سبيل المثال مونتجمري وات وبرنارد لويس وغيرهم.([2]) وانظر أيضاً البحث الذي كتبه التهامي نقرة بعنوان ’القرآن والمستشرقون‘([3])
2- التشكيك في صحة الحديث النبوي الشريف
دأب المستشرقون عموماً على التشكيك في صحة الحديث النبوي الشريف من خلال الزعم بأن "الحديث لم يدون وقد نقل شفاهاً مما يستوجب في نظرهم عدم صحة الأحاديث"([4]) والأمر الثاني في نظرهم كثرة الوضع في الحديث، والأمر الثالث اتهام المستشرقين للفقهاء بوضع الأحاديث وتلفيقها "لترويج آرائهم واختلاق الأدلة التي تسند تلك الآراء.."([5])
3- البحث على الضعيف والشاذ من الروايات:
يقول جواد علي "لقد أخذ المستشرقون بالخبر الضعيف في بعض الأحيان وحكموا بموجبه، واستعانوا بالشاذ ولو كان متأخراً، أو كان من النوع الذي استغربه النقدة وأشاروا إلى نشوزه، تعمدوا ذلك لأن هذا الشاذ هو الأداة الوحيدة في إثارة الشك".([6])
وهذا الأمر مشهور إلى حد كبير فهم يذهبون إلى الكتب التي تجمع الأحاديث وبخاصة مثل كنز العمال وغيرها من الكتب التي لا يرد فيها تصحيح أو تخريج للأحاديث، وقد كتب باحث بريطاني عن فتح المسلمين قسطنطينية بأنه وردت أحاديث عن أن الذي سيفتحها سيكون اسمه اسم نبي ثم لما لم تفتح ادعى أن الأحاديث لا تصح لأن تكون مصدراً، أما أنه لم يعرف صحة الحديث من عدمه فأمر لا يهمه وهو الذي يدعي العلمية والنزاهة.
4-الاهتمام بالفرق والأقليات وأخبار الصراعات والبحث عن الوثنيات والتاريخ السابق لبعثة الرسول صلى الله عليه وسلم.
كثرت كتابات المستشرقين عن الفرق كالشيعة والإسماعيلية والزنج وغيرهم من الفرق التي ظهرت في التاريخ الإسلامي وأعطوها من المكانة والاهتمام أكثر مما تستحق، بل إن هناك من كتب عن المنافقين في عهد الرسول e وأطلق عليهم لقب المعارضة لإعطاء ما قاموا به من عداوة لله ولرسوله شرعية. وحصل بعضهم على درجة الدكتوراه في بحوث حول هذه الفرق.
5- الخضوع للهوى والبعد عن التجرد العلمي:
يقول الدكتور عبد العظيم الديب "فالمستشرق يبدأ بحثه وأمامه غاية حددها، ونتيجة وصل إليها مقدماً، ثم يحاول أن يثبتها بعد ذلك، ومن هناك يكون دأبه واستقصاؤه الذي يأخذ بأبصار بعضهم..."([7]).
6- التفسير بالإسقاط
يشرح الدكتور الديب هذا الخطأ المنهجي بأنه "إسقاط الواقع المعاصر المعاش، على الوقائع التاريخية الضاربة في أعماق التاريخ فيفسرونها في ضوء خبراتهم ومشاعرهم الخاصة وما يعرفونه من واقع حياتهم ومجتمعاتهم"([8]) فمثلاً واقع الغربيين يدل على تنازعهم على السلطة وإن كان الأمر يبدو في الحاضر انتخابات وحرية اختيار ولكن الحقيقة أن من يملك المال يستطيع أن يصل إلى الأصوات حتى صدر في أمريكا كتاباً بعنوان ’بيع الرئيس‘ وكتاباً آخر عن ’صناعة الرئيس‘ فجاء المستشرقون إلى بيعة الصديق رضي الله عنه فصوروها على أنها اغتصاب للسلطة أو تآمر بين ثلاثة من كبار الصحابة هم والله أنقى البشر بعد الأنبياء والرسل وهم أبو بكر وعمر وأبو عبيدة عامر بن الجراح رضي الله عنهم أجمعين فزعموا أن هؤلاء الثلاثة تآمروا على أن يتولوا الخلافة الواحد تلو الآخر.
وذكرت كذلك أنهم سموا المنافقين بالمعارضة وغير ذلك من الإسقاطات التي تدل على سوء طوية وخبث وبعد عن المنهج العلمي.([9])
7- المنهج الانتقائي وإثارة الشكوك في معطيات السنة والتاريخ
عرف عن كثير من المستشرقين في كتاباتهم حول السيرة النبوية الشريفة وحول التاريخ الإسلامي أنهم ينتقون بعض الأحداث والقضايا ويكتبون عنها ويهملون غيرها كما أنهم يشككون في أمور من المسلمات لدينا في التاريخ الإسلامي فمن ذلك أنهم كما قال د. محمد فتحي عثمان "لقد غالوا في كتاباتهم في السيرة النبوية وأجهدوا أنفسهم في إثارة الشكوك وقد أثاروا الشك حتى في اسم الرسول e ولو تمكنوا لأثاروا الشك حتى في وجوده..."([10])
8- التحريف والتزييف والادعاء
قام بعض المستشرقين بتحريف كثير من الحقائق التي تخص الإسلام ورسالته وتاريخه فمن ذلك مثلاً أن بعضهم أنكر عالمية الإسلام وبخاصة فيما يتعلق برسائل الرسول e إلى الملوك والأمراء خارج جزيرة العرب كرسائله إلى هرقل والمقوقس وكسرى ، وإنكار عالمية الرسالة الإسلامية يظهر فيما كتبه جوستاف لوبون في كتابه ’تاريخ العرب‘ حيث زعم أن الرسول r رأى أنه كان لليهود أنبياء وكذلك للنصارى فأراد أن يكون للعرب كتاب ونبي، وكأن الرسالة والنبوة أمر يقرره الإنسان بنفسه.
أما التزييف فأنقل ما أورده الدكتور الديب عن رواية عن أموال الزبير بن العوام رضي الله عنه فقد أورد ديورانت هذا الخبر "وكان للزبير بيوت في عدة مدن، وكان يمتلك ألف جواد وعشرة آلاف عبد..." والخبر كما أوردته المصادر الإسلامية الموثقة هو كالآتي "كان للزبير ألف مملوك يؤدون إليه خراجهم كل يوم، فما يُدخل إلى بيته منها درهماً واحداً، يتصدق بذلك جميعه" وفي مناقشة الخبر أوضح الديب أن المستشرق أضاف ألف جواد أقحمها في الخبر وليس لها أساس ثم إن في الخبر أن الزبير رضي الله عنه يتصدق بكل دخلهم لا يدخل بيته منها شيء فلم يورده فهل هذا من الأمانة العلمية ؟([11])
9- اعتماد مصادر غير موثوقة لدى المسلمين
من العيوب المنهجية في الدراسات الاستشراقية أنهم يعمدون إلى المصادر غير الموثقة عند المسلمين فيجعلونها هي المصدر الأساس لدراساتهم وبحوثهم ومن ذلك أنهم يرجعون إلى كتاب مثل كتاب ’الأغاني‘ للأصفهاني فيجعلونه مرجعاً أساسياً في دراساتهم للتاريخ الإسلامي وللمجتمع الإسلامي، كما يعمدون إلى المراجع التي ضعفها العلماء المسلمون أو طعنوا في أمانة أصحابها فيجعلونها أساساً لبحوثهم أو كان أصحاب تلك المراجع منحازين إلى فئة معينة أو متعصبين.
- الحواشي :
[1] - عماد الدين خليل. دراسات تاريخية ص159
[2] -عبد اللطيف طيباوي. المستشرقون الناطقون باللغة الإنجليزية . ترجمة قاسم السامرائي. ص 10-13.
3-مناهج المستشرقين في الدراسات العربية والإسلامية، ج1 ، ص 21-57.
[4] - عبد القهار دواد العاني، الاستشراق والدراسات الإسلامية عمّان:دار الفرقان، 1421هـ ص 121
[5] -المرجع نفسه ص 122.
[6] -جواد علي، تاريخ العرب في الإسلام، ص 8
[7] -عبد العظيم الديب. المنهج في كتابات الغربيين عن التاريخ الإسلامي قطر :كتاب الأمة، عدد 27 ص 71
[8] - المرجع نفسه ص 99-100
[9] - عماد الدين خليل، مرجع سابق ص 167
[10] - محمد فتحي عثمان، أضواء على التاريخ الإسلامي ص 69
[11]- الديب ، مرجع سابق ص 115-116.
يتبع
معلومات الموضوع
الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
المواضيع المتشابهه
-
بواسطة صل على الحبيب في المنتدى من ثمارهم تعرفونهم
مشاركات: 7
آخر مشاركة: 30-10-2007, 03:26 AM
-
بواسطة أقوى جند الله في المنتدى المنتدى التاريخي
مشاركات: 2
آخر مشاركة: 07-06-2007, 02:05 PM
-
بواسطة الليزر في المنتدى الرد على الأباطيل
مشاركات: 2
آخر مشاركة: 15-12-2006, 01:10 PM
-
بواسطة ali9 في المنتدى منتدى نصرانيات
مشاركات: 3
آخر مشاركة: 11-01-2006, 11:22 PM
-
بواسطة ismael-y في المنتدى شبهات حول القران الكريم
مشاركات: 2
آخر مشاركة: 25-11-2005, 04:12 PM
الكلمات الدلالية لهذا الموضوع
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى

المفضلات