لَّقَدْ كَفَرَ ٱلَّذِينَ قَآلُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْمَسِيحُ ٱبْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ مِنَ ٱللَّهِ شَيْئاً إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ ٱلْمَسِيحَ ٱبْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَن فِي ٱلأَرْضِ جَمِيعاً وَللَّهِ مُلْكُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
الإمام / سيد قطب
إن القول بأن الله هو المسيح بن مريم فهو الكفر؛ وأما القول بأن اليهود والنصارى هم أبناء الله وأحباؤه، فهو الافتراء الذي لا يستند إلى دليل.. وهذا وذلك من مقولات أهل الكتاب، التي تخفي نصاعة التوحيد؛ والتي جاءهم الرسولليكشف عن الحقيقة فيها، ويرد الشاردين المنحرفين عن هذه الحقيقة إليها .
إن الذي جاء به عيسى - عليه السلام - من عند ربه هو التوحيد الذي جاء به كل رسول .
والإقرار بالعبودية الخالصة لله شأن كل رسول.. ولكن هذه العقيدة الناصعة أدخلت عليها التحريفات؛ بسبب دخول الوثنيين في النصرانية؛ وحرصهم على رواسب الوثنية التي جاءوا بها ومزجها بعقيدة التوحيد، حتى لم يعد هناك إمكان لفصلها وفرزها وتنقية جوهر العقيدة منها.
ولم تجئ هذه الانحرافات كلها دفعة واحدة؛ ولكنها دخلت على فترات؛ وأضافتها المجامع واحدة بعد الأخرى؛ حتى انتهت إلى هذا الخليط العجيب من التصورات والأساطير، الذي تحار فيه العقول.
فوقعت بينهم الاختلافات ، ولتصفية هذه الخلافات اجتمع في عام 325 ميلادية " مجمع نيقية " الذي اجتمع فيه ثمانية وأربعون ألفاً من البطارقة والأساقفة.
وكانوا مختلفين في الآراء والأديان إلى أن اختار الإمبراطور الروماني " قسطنطين " بألوهية المسيح وسلط أصحابه على مخالفيهم .
ولقد وقع بين الذين قالوا: إنا نصارى (مسيحيين) من الخلاف والشقاق والعداوة والبغضاء في التاريخ القديم والحديث مصداق ما قصه الله - سبحانه - في كتابه الصادق الكريم؛ وسال من دمائهم على أيدي بعضهم البعض ما لم يسل من حروبهم مع غيرهم في التاريخ كله.
سواء كان ذلك بسبب الخلافات الدينية حول العقيدة؛ أو بسبب الخلافات على الرياسة الدينية؛ أو بسبب الخلافات السياسية والاقتصادية والاجتماعية. وفي خلال القرون الطويلة لم تسكن هذه العداوات والخلافات ولم تخمد هذه الحروب والجراحات.. وهي ماضية إلى يوم القيامة كما قال أصدق القائلين، جزاء على نقضهم ميثاقهم، ونسيانهم حظا مما ذكروا به من عهد الله، وأول بند فيه هو بند التوحيد، الذي انحرفوا عنه بعد فترة من وفاة المسيح عليه السلام. لأسباب لا مجال هنا لعرضها بالتفصيل.
إن هذا القرآن هو معلم هذه الأمة الإسلامية ومرشدها ورائدها وحادي طريقها على طول الطريق. وهو يكشف لها عن حال أعدائها معها من الفعلة الخائنة، والنية الخائنة، والكلمة الخائنة، والنظرة الخائنة ، فهذا هو جوهر جبلتهم، وهذا هو جوهر موقفهم، مع الرسول - صلى الله عليه وسلم - ومع الجماعة المسلمة، وكشف تاريخهم مع هدى الله كله، ولو ظلت هذه الأمة الإسلامية تستشير قرآنها؛ وتسمع توجيهاته؛ وتقيم قواعده وتشريعاته في حياتها، ما استطاع أعداؤها أن ينالوا منها في يوم من الأيام.
فهل الذين باعوا أراضي فلسطين لليهود ، وهل الذين يؤمنوا بمبدا : من لطمك على خدك الايمن فحول له الاخر .... قادرين على حماية ذريبة بقر ليشعلوا فتنة لحماية أمة يصل تعدادها ما يقارب 100 مليون نفس ؟ .
مجرد رأي .
المفضلات