الرد على كامل النجار .. للأخ الجاحـظ حفظه الله

آخـــر الـــمـــشـــاركــــات


مـواقـع شـقــيـقـة
شبكة الفرقان الإسلامية شبكة سبيل الإسلام شبكة كلمة سواء الدعوية منتديات حراس العقيدة
البشارة الإسلامية منتديات طريق الإيمان منتدى التوحيد مكتبة المهتدون
موقع الشيخ احمد ديدات تليفزيون الحقيقة شبكة برسوميات شبكة المسيح كلمة الله
غرفة الحوار الإسلامي المسيحي مكافح الشبهات شبكة الحقيقة الإسلامية موقع بشارة المسيح
شبكة البهائية فى الميزان شبكة الأحمدية فى الميزان مركز براهين شبكة ضد الإلحاد

يرجى عدم تناول موضوعات سياسية حتى لا تتعرض العضوية للحظر

 

       

         

 

    

 

 

    

 

الرد على كامل النجار .. للأخ الجاحـظ حفظه الله

النتائج 1 إلى 10 من 12

الموضوع: الرد على كامل النجار .. للأخ الجاحـظ حفظه الله

العرض المتطور

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Aug 2006
    المشاركات
    99
    آخر نشاط
    24-09-2007
    على الساعة
    05:27 AM

    افتراضي

    يتبع: دعواه في الأخطاء النحوية والصرفية





    استعرضنا ظاهرة الترخص في الفقرة السابقة، وقلنا أن الترخص ظاهرة أدبية موجودة في كل اللغات وتختلف عناصرها وتطبيقاتها باختلاف مرونة اللغة، ولما كانت اللغة العربية من أكثر اللغات مرونة، بان لنا مدى أهمية معرفة هذه الظاهرة وتناولها في النص الأدبي بين إنشاء ونقد.

    وتحت ظاهرة الترخص نجد ظاهرة التحويل، فالتحويل ظاهرة خاصة من الظاهرة الأم، وهي تطال كلاً من مجالي النحو والصرف.

    لقد استخدم اللغويون العرب القدماء بعض العبارات والمصطلحات الدالة على التحويل في الصيغ الصرفية، وهي على نحو عشرين ضربًا من ضروب التحويل، وهي في جميعها تستند على أسس لغوية اعتمد عليها القدماء حين الإشارة إلى التحويل في الصيغ الصرفية، ومن بينها ما يلي:


    1) النظر في (الأصل والفرع)، حيث أن هناك بعض الصيغ تكون أصلاً وبعضها فرع عنها، فصيغة المبالغة فرع عن اسم الفاعل.

    2) الاهتمام بالمعنى المستقى من النص الأدبي.

    3) الضرورة الشعرية، التي تجعل الشاعر يلجأ إلى استخدام صيغة بدلاً من أخرى أكثر شيوعًا واستعمالاً، بل هي الأساس عند اللغويين، قال الشاعر:



    تنفي يداها الحصى في كل هاجرة
    نفي الدراهيم تنقاد الصياريف



    أراد الدراهم والصيارف.

    4) ربط التحويل في الصيغ بالجانب الدلالي، كما في صيغ المبالغة.

    5) الجانب الصوتي له صلته بالتحويل، ومن ذلك قال طرفة:



    خذول تراعى ربربًا بخميلة
    تناول أطراف البرير وترتدي



    (تناول) أصلها (تتناول)، لأنه فعل مؤنث مستقبل، ومثله قوله تعالى: (تنزل الملائكة) بمعنى تتنزل، فاستثقل الجمع بين تاءين.

    6) تحويل بعض التراكيب النحوية اعتمادًا على التحويل في الصيغ، فالعرب تقول للشيء معناه (فعل) قد تفاعل، كقولك: قد تباعد ما بين القوم، تريد (بعد ما بينهم)، وكذلك: تطاول الليل، أي طال، وتعالى النهار، أي علا.

    7) النظر في الفصائل النحوية من أسس التحويل في الصيغ، كقوله تعالى: (وقالوا هذه أنعام وحرث حجر)، إذ أن (حجر) فعل بمعنى مفعول، كالذبح والطحن، ويستوي في الوصف التذكير والتأنيث والواحد والجمع، لأن حكمه حكم الأسماء غير الصفات، وهذا ما استنكره صاحبنا حينما أعترض على استعمال (رئيا) بمعنى (مرئي).

    8) الاهتمام بكلام العرب، فهم –مثلاً- يقولون للكذب مكذوب، وللضعف مضعوف، وليس له عقد ومعقود الرأي، فيجعلون المصدر في ثير من الكلام مفعولاً، ويتصل بكلام العرب الإشارة إلى اللهجات العربية، وما يندرج تحتها من تحويل في الصيغ.


    ومما سبق نرى مكانة ظاهرة التحويل وأهميتها في لغتنا العربية، فهي ظاهرة معروفة جيدًا عند اللغويين واستعمال القرآن لها لم يكن شيئًا غريبًا كما يظن البعض.


    ومما يتصل بالتحويل استعمال صيغة المفرد للدلالة على الجمع، كما في قولك:


    الرجل أقوى من المرأة.


    ويقصد بذلك (جنس الرجال) أقوى من (جنس النساء)، وكذلك قولك:

    أهلك الناس الدينار والدرهم ، ويقصدون بذلك الدراهم والدنانير،

    وفي القرآن الكريم نجد نظائر لأسلوب التحويل هذا مثل قوله سبحانه:

    (إنا خلقنا الإنسان في أحسن تقويم)، إذ أراد بالإنسان الناس.

    وقوله: (مستكبرين به سامرًا تهجرون)، معناه سمارًا،

    وقوله: (والملائكة بعد ذلك ظهير)، يعني ظهراء،

    وقوله: (ثم يخرجكم طفلاً)، أي أطفالاً،

    وقوله: (إن المتقين في جنات ونهر)، معناه أنهار،

    وقوله: (سيهزم الجمع ويولون الدبر) أي الأدبار،

    وقوله: (فاعترفوا بذنبهم) أراد ذنوبهم،

    وقوله: (وأشهدوا ذوي عدل منكم)، أي عدالة، فالمصدر يصلح للمفرد والجمع.


    وقد قال الشاعر:


    كلوا في بعض بطنكم تعفوا
    فإن زمانكم زمن خميص



    أي في بعض بطونكم


    ومما يطبع التحويل في الصيغ إضافة الجمع إلى المفرد، وهذا يتصل بالضمائر:

    لقد أشار الفراء إلى ذلك أثناء توقفه أمام قوله تعالى: (لتستووا على ظهوره)، قائلاً: كيف يقال على ظهوره؟ فأضاف الظهور إلى الواحد؟ قلت: إن ذلك الواحد في معنى الجمع، بمنزلة الجند والجيش والجميع، فإن قال:
    فهلا قلت: لتستووا على ظهره؟

    قلت: إن الواحد فيه معنى الجمع، فرددت الظهور إلى المعنى، ولم تقل ظهره، فيكون كالواحد الذي معناه ولفظه واحد، فكذلك تقول: كثرت نساء الجند، وقلت: رفع الجند أعينه، ولا تقل: عينه، وكذلك كل ما أضفت إليه من الأسماء الموضوعة، فأخرجها على الجمع، فإذا أضفت إليه اسمًا في معنى فعل جاز جمعه وتوحيد مثل قولك: رفع الجند صوته، وأصواته أجود، وجاء هذا لأن الفعل لا صورة له في الاثنين إلا كصورته في الواحد.


    ومثله ما ذكره النجار في قوله تعالى:

    ( وإن لكم في الإنعام لعبرة نسقيكم مما في بطونه من بين فرث ودم لبنًا خالصًا سائغا للشاربين ) النحل 66.

    فينطبق عليها ما ينطبق على الآية السابقة، ومن النكات البلاغية اختلاف هذا اللفظ عن نظيره في الآية الأخرى:

    ( وإن لكم في الأنعام لعبرة نسقيكم مما في بطونها ولكم فيها منافع كثيرة ومنها تأكلون ) المؤمنون 21، فالتحويل –كما أشرنا- له علاقة بالمعنى ولا يجيء اعتباطًا عند اختلاف الآي عن بعضها، وقد كان السياق هو الداعي هنا لاختيار الضمير المذكر في الآية الأولى، واختيار المؤنث في الثانية.
    ففي الآية الأولى يتحدث تعالى عن اللبن، واللبن لا يخرج من جميع الأنعام، إنما من قسم منها، وهو بعض إناثها الحلوب، لذلك عبر عنها بالضمير المذكر الدال على القلة.

    أما الآية الثانية فهي تتحدث عن المنافع الكثيرة للأنعام كلها، ذكورها وإناثها، صغارها وكبارها، فاقتضى السياق إلحاق الضمير الدال على الكثرة فقال (بطونها).

    وربما نجد مفردًا قبله جمع كقوله تعالى: (ولا تكونوا أول كافر به)، فوحد الكافر وجمع ما قبله، وذلك من كلام العرب فصيح جدًا في الاسم إذا كان اشتقاقه من فعل مثل الفاعل والمفعول، يراد به: ولا تكونوا أول من يكفر به، فتحذف (من) ويقوم الفعل مقامها، فيؤدي الفعل عن مثل ما أدت (من) عنه من التأنيث والجمع وهو في لفظ توحيد.

    ولا يجوز في مثله من الكلام أن تقول: أنتم أفضل رجل، ولا أنتما خير رجل، لأن الرجل يثنى ويجمع ويفرد، فيعرف واحده من جمعه، بينما القائم قد يكون لشيء ولـ(من)، فيؤدي عنهما وهو موحد، ألا ترى أنك تقول: الجيش مقبل، والجند منهزم، فإذا صرت إلى الأسماء قلت: الجيش رجال، والجند رجال، ففي هذا تبيان، وقد قال الشاعر:


    وإذا هم أطعموا فالأم طاعم
    وإذا هم جاعوا فشر جياع



    فجمعه وتوحيده جائز حسن.



    وربما نجد جمعًا يليه مفرد ثم صيغة كقوله تعالى: (ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة)، وقد وحد الله (سمعهم) ولم يجمعه لعدة وجوه:

    1) السمع مصدر، والمصدر اسم جنس يقع على القليل والكثير، ولا يفتقر إلى التثنية والجمع.
    2) أن يقدر مضاف على لفظ الجمع، والتقدير: على مواضع سمعهم.
    3) أن يكون اكتفى باللفظ المفرد لما أضافه إلى الجمع، لأن إضافته إلى الجمع يعلم بها أن المراد به الجمع، وهو كثير في كلام العرب وأشعارهم.

    وهناك تحويل في الضمائر كقوله تعالى: (مثلهم كمثل الذي استوقد نارًا فلما أضاءت ما حوله ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلمات لا يبصرون)، وذلك لأنه نزل منزلة (من)، وهي كما أسلفنا يرد الضمير إليها بالإفراد والجمع على السواء.

    ومما يتصل بالتثنية استعمال المفرد الدال عليها،

    قال تعالى: (عن اليمين وعن الشمال قعيد) لم يقل قعيدان، يريد: قعود، فجعل القعيد جميعًا كما تجعل الرسول للقوم وللاثنين.

    قال تعالى: (أنا رسول رب العالمين) بموسى وهارون،

    ومثله قول الشاعر:


    الكنى إليها وخير الرسول
    أعلمهم بنواحي الخبر



    ومثله قول الفرزدق:


    إني ضمنت لمن أتاني ما جنى
    وأبى وكان وكنت غير غدور



    فلم يقل غدورين.




    وهناك استعمال للمثنى والفعل في حالة الجمع ، وذلك كما في قوله: (هذان خصمان اختصموا في ربهم)، لأنهما جمعان ليسا برجلين، ولو قيل: اختصما، كان صوابًا. ومثله: (وإن طائفتان من المسلمين اقتتلوا) يذهب إلى الجمع، ولو قيل: اقتتلا لجاز، يذهب إلى الطائفتين.


    وربما نجد استعمالاً لصيغة الجمع الدالة على التثنية كقوله: ( كانتا رتقًا ففتقناهما ) ، إذ قال (رتقًا) ولم يقل رتقين، لأنه مصدر تقديره: كانتا ذواتى رتق، أي أن التقدير قد حول كلمة رتق من حالة النصب إلى حالة الجر عن طريق الإضافة، وقد حذف المضاف إليه وأقيم المضاف إليه مقامه، وقد تطرقت لهذا في الفقرة السابقة.

    وقوله تعالى: ( لقد صفت قلوبكما )، وهو يريد قلبين،

    وقوله تعالى: ( أتينا طائعين )، ولم يقل طائعتين ولا طائعات، ذهب به إلى السماوات ومن فيهن، وقد يجوز أن تقول وإن كانتا اثنتين: أتينا طائعين، فيكونا كالرجال لما تكلمتا.


    وهناك جمع لما أصله أن يفرد كقوله تعالى: (لا بيع فيه ولا خلال)، فإن المراد (ولا خلة) دليل الآية الأخرى، لكن جمعه لأجل مناسبة رؤوس الآي.




    وبعد هذا العرض لما يتصل بالمفرد والجمع والمثنى، نتوقف أمام التحويل في أزمنة الأفعال.

    قال تعالى: ( فلما ذهب عن إبراهيم الروع وجاءته البشرى يجادلنا في قوم لوط )

    فلم يقل جادلنا، ومثله في الكلام لا يأتي إلا بفعل ماض كقولك: فلما أتان أتيته، وقد يجوز: فلما أتاني أثب عليه، والأصل: فلما أتاني أقبلت أثب عليه، وتقديره الفعل (أقبلت)، وهو فعل ماض، للتوافق مع الفعل الماضي السابق عليه، بالإضافة إلى أن الموقع الإعرابي للفعل أثب أصبح في موضع نصب على أنه حال.

    وقوله سبحانه: ( والله الذي أرسل الرياح فتثير سحاباً فسقناه الي بلد ميت فأحيينا به ألارض بعد موتها )، وهو ما عابه صاحبنا على القرآن!

    وهو أسلوب بليغ وظفه الشعراء عند البعث على الاستغراب، انظر إلى قول تأبط شرًا:



    بأني قد لَقيت الغول تهوي
    بسَهب كالصحيفة صَحْصَحان



    فأَضرِبُها بلا دهش فخرت
    صريعاً لليدين وللجِرَان



    فابتدأ بـــ (لقيت) لإِفادة وقوع ذلك ثم ثنى بـــ (أضربها) لاستحضار تلك الصورة العجيبة من إقدامه وثباته حتى كأنهم يبصرونه في تلك الحالة.

    ومثل ذلك قوله عز وجل: ( ألم تر ان الله انزل من السماء ماء فتصبح الارض مخضرة ان الله لطيف خبير )

    وكذلك قوله تعالى: ( إن نشأ ننزل عليهم آية من السماء فظلت أعناقهم لها خاضعين )، فلم يقل (فتظل)، وذلك صواب أن تعطف على مجزوم الجزاء بـ(فَعَل)، لأن الجزاء يصلح في موضع يفعل وفي موضع فَعَل.

    ألا ترى أنك تقول: إن قمت أقم لك، وإن تقم قمت لك؟ فهما بنفس المعنى.

    ومثله قوله تعالى: ( من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم )، فقال نوف وهي جواب لكان.


    ومثله أيضًا قول الشاعر:



    إن يسمعوا سبة طاروا بها فرحًا
    مني وما يسمعوا من صالح دفنوا



    فرد الجواب بـ (فَعَل) وقبله (يفعل).



    وهناك ما يسمى العدول عن صيغة الماضي إلى صيغة المستقبل،

    كقوله تعالى: ( ففريقًا كذبتم وفريقًا تقتلون

    وقوله: ( أتى أمر الله فلا تستعجلوه ).


    ومثله قول الشاعر:



    وكنت أرى كالموت من بين ليلة
    فكيف ببين كان ميعاده الحشر



    أي يكون ميعاده.




    كما تُحول صيغة المستقبل إلى الماضي، كما قال الشاعر:



    وإذا مررت بقبره فانحر له
    كوم الهجان وكل طرف سابح



    واتضح جوانب قبره بدمائها
    فلقد يكون أخادم وذبائح



    أي فلقد كان

    وأيضًا قوله تعالى: ( فلم تقتلون أنبياء الله من قبل ).

    يقول قائل: إنما (تقتلون) للمستقبل، فكيف قال (من قبل)؟ ونحن لا نجيز في الكلام: أنا أضربك أمس؟ ذلك جائز إذا أردت بـ (تفعلون) الماضي، ألا ترى أنك تعنف الرجل بما سلف من فعله فتقول: ويحك لم تكذب؟! لم تبغض نفسك إلى الناس؟

    وذلك مثل قوله تعالى: (واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان) ولم يقل تلت الشياطين،

    أنظر إلى قول الشاعر:



    إذا ما انتسبنا لم تلدني لئيمة
    ولم تجدي من أن تقرى به بدًا



    فالجزاء للمستقبل، والولادة كلها قد مضت، وذلك المعنى معروف، ومثله أيضًا قولنا: انظر إلى سيرة فلان تجده لم يسئ، والمعنى: لم تجده أساء. فلذلك صلحت (من قبل) مع قوله: (فلم تقتلون أنبياء الله من قبل)، وليس الذين خوطبوا بالقتل هم القتلة، إنما قتل الأنبياء أسلافهم الذين مضوا، فتولوهم على ذلك، ورضوا به، فنسب القتل إليهم.



    ومن التحويل في الصيغ الفعلية أن تكون ماضية دالة على مفرد، ثم يعطف فعل ماض يدل على الجماعة، قال تعالى:

    (أفمن كان على بينة من ربه كمن زين له سوء عمله واتبعوا أهواءهم)، ولم يقل اتبع هواه، وذلك أن (من) تكون في معنى واحد وجميع، فردت أهواءهم على المعنى.

    ومثله: (ومن الشياطين من يغوصون له

    وفي موضع آخر (ومنهم من يستمع إليك)، وفي موضع آخر (ومنهم من يستمعون إليك).

    وربما نجد صيغة (يفعلون) معطوفة على (فعلوا)، قال تعالى: (إن الذين كفروا ويصدون عن سبيل الله)، لأن معناهما كالواحد في الذي وغير الذي، ولو قيل: (إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله) لم يكن فيها ما يُسأل عنه، وردك (يفعلون) على (فعلوا) لأنك أردت: إن الذين كفروا يصدون بكفرهم.



    كما يتم تأويل صيغة (أفعل) بـ (فعل) كقوله تعالى: ( فما أصبرهم على النار )، معناه فما الذي صبرهم على النار.






    والالتفات ضرب من ضروب ظاهرة التحويل، وقد أشار إليه العلماء القدامى، وهو (انصراف المتكلم عن المخاطبة إلى الإخبار، وعن الإخبار إلى المخاطبة) (انظر ابن المعتز/ البديع ص106)، ومن أنواع الالتفات وضع الظاهر موضع المضمر، قال الشاعر:



    زعم العواذل أن ناقة جندب
    بجنوب خبت وعريت وأجمت



    كذب العواذل لو رأين مناخًا
    بالقادسية قلن لج وذلت



    فقد قال: كذب العواذل، ولم يقل: كذبن، قال الجرجاني في دلائل الإعجاز ص 251: (وقد زاد هذا أمر القطع والاستئناف وتقدير الجواب تأكيدًا بان وضع الظاهر موضع المضمر).




    ومن مظاهر التحويل إحلال يتصل بالمصدر والصفة، ومن ذلك قوله تعالى: (وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونًا)، هنا (هونًا) حال، أو صفة للمثنى بمعنى هينين أو مشيًا هينًا، إلا أن وضع المصدر موضع الصفة مبالغة.


    وقد يوضع اسم الفاعل موضع المصدر نحو: قم قائمًا، أي قيامًا، كما يوضع المصدر مقام اسم الفاعل، قال الشاعر:



    ألم ترني عاهدت ربي وأنني
    لبين رتاج قائمًا ومقام



    على حفلة لا أشتم الهر مسلمًا
    ولا خارجًا من في زور كلام



    الذي عليه المحققون أن (خارجًا) مفعول مطلق، والأصل: ولا يخرج خروجًا، ثم حذف الفعل، وأناب الوصف عن المصدر، كما عكس في قوله تعالى: (إن أصبح ماؤكم غورًا) بمعنى غائرًا.

    ومن الإحلال الذي له صلته بالمصدر قوله تعالى: (أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله)، ولم يقل: سقاة الحاج وعامري المسجد، فهذا مثل قوله (ولكن البر من آمن بالله).

    وقد أنشد الكسائي:



    لعمرك ما الفتيان أن تنبت اللحى
    ولكنما الفتيان كل فتى ندى



    فجعل الخبر الفتيان (أن)، وهو كما تقول: إنما السخاء حاتم، وإنما الشعر زهير.

    وهناك آيات ليس بها تحويل، بل كان العدول عن صيغة لضرب دلالي، أنظر إلى قوله تعالى: (وإذا مرضت فهو يشفين)، فلم يقل: (أمرضني)، يقول الزمخشري: لأن كثيرًا من أسباب المرض يحدث بتفريط الإنسان في مطعمه ومشربه وغير ذلك.




    وبعد هذا الاستعراض المطول بان لنا أن ما يسميه النجار بأخطاء نحوية ولغة صعبة ليس إلا دليلاً على مدى سطحية معرفته وفقدانه أدنى مقومات النقد المنهجي.

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Aug 2006
    المشاركات
    99
    آخر نشاط
    24-09-2007
    على الساعة
    05:27 AM

    افتراضي

    يتبع: دعواه في الأخطاء النحوية


    تعـــدد اللهجـــات

    إن اللغة المشتركة التي قيل بها الشعر الجاهلي ونزل بها القرآن الكريم لم تنشأ من فراغ، ولم تتكون من تلقاء نفسها، بل استمدت خصائصها من اللهجات العربي المختلفة للقبائل المتعددة التي كان يلتقي أفرادها بدوافع التجارة والدين والفن والتعارف في الأسواق المشهورة، فهي لغة فنية قائمة فوق اللهجات وإن غذتها جميع اللهجات، وقد اشتمل القرآن بقراءاته على استعمالات لهجية لهذه القبائل في اللغة المشتركة.


    وقد قدم الدكتور أحمد علم الدين الجندي دراسة مطولة لعدد استعمالات كل لهجة في القرآن، فخلص إلى أن هناك استعمالاً لأربع وسيتن لهجة تجمع بين لهجات الأماكن والقبائل العربية المتعددة، وهذه القائمة التي قدمها الجندي تهدم قائمة الفارابي المشهورة التي تداولتها كتب السيوطي.



    فاللغة الفصحى تقرب إلى كل لهجة عربية فتكون أدنى إليها من غيرها من اللهجات، وإنما كانت قريبة منها لأن بعض عناصر تركيبها ملاحظ فيها، فالفصحى لكونها لغة العرب جميعًا تم نموها في المجتمع العربي في عمومه لا في قبيلة معينة، وتقبلت في نموها عناصر من جميع اللهجات حتى بدت قريبة إلى كل لهجة، وعلى هذا الأساس نجد أن اللغويين قرروا أن اللهجات كلها حجة على اختلافها، وأن الناطق على قياس لغة من اللغات مصيب غير مخطئ، وكل ما كان لغة لقبيلة قيس عليه، وليس لنا أن نرد إحدى اللغات بصاحبتها لأنها ليست أحق بذلك من رسيلتها، وهذا فهم دقيق لخصائص اللغة المشتركة، لأنها تكونت خصائصها من مجموع ما تجمع فيها من اللهجات المتعددة.


    ومعنى هذا أن وجود استعمال واحد يؤدي معنى واحدًا، بطريقتين مختلفتين في إعراب بعض كلماته، لا يعد إلا ترخصًا من اللغة المشتركة في العلامة الإعرابية، وهي من الميزات الرائعة للغة العربية، ونشير الآن إلى بعض مواضع تعدد اللهجات في في التركيب الواحد:


    (1) إعراب الأسماء الستة حيث يجوز فيها الإعراب بالحروف أو الحركات أو معاملتها معاملة الأسماء المقصورة، فيطاح بالعلامات الإعرابية كلها سواء أكانت حروفًا أم حركات، وتقر اللغة المشتركة هذه الاستعمالات جميعًا.


    (2) إلزام المثنى الألف، وهي لغة الحارث بن كعب الذين يقلبون الياء الساكنة إذا انفتح ما قبلها ألفًا، يقولون أخذت الدرهمان واشتريت ثوبان، وقد جاءة على لغتهم أبيات شعر مثل:


    تزود منا بين أذناه ضربة
    دعته إلى هابي التراب عقيم




    وقول بعض أهل اليمن:


    أي قلوص راكب تراها
    طاروا علاهن فشل علاها



    واشدد بمتنى حقب حقواها
    ناجية وناجيًا أباها





    وعلى وفاق هذه اللهجة جاءت قراءة ابن عامر وحمزة والكسائي: (إن هذان لسحاران) طه 63.

    (3) عدم حذف حرف العلة من المضارع الناقص المجزوم.


    (4) (ما) الحجازية والتيمية، وقد وردت في القرآن آيات على لغة الحجازيين منها قوله تعالى: ( ما هذا بشرًا ) يوسف 31، وقوله: ( ما هن أمهاتهم ) المجادلة 2، فبنوا تميم يجرونها مجرى (هل)، وأهل الحجاز فيشبهونها (ليس).


    (5) في أسلوب الاستثناء التام المنفي المنقطع، يختار الحجازيون النصب (وهو لغة أهل الحجاز)، وذلك قولك ما فيها أحد إلا حمارًا، أما بنوا تميم فيقولون لا أحد فيها إلا حمارٌ.


    (6) إسقاط الحركة الإعرابية من الاسم المنقوص، أجازه أبو حاتم السجستاني في الاختيار، ومثاله: (من أوسط ما تطعمون أهالكيم) بسكون الياء.


    (7) ضم الهاء أو كسره كما في قوله تعالى: ( إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ومن أوفى بما عاهد عليهُ الله فسيؤتيه أجرًا عظيمًا ) الفتح 10.
    فأصل الهاء مضمومة وحولت كسرًا للجر حتى صارت الأغلب.






    عودة إلى ما توهمه النجار من أخطاء نحوية،

    يقول النجار:


    اقتباس
    وسورة ألاعراف، ألآية 160 تقول : "وقطعناهم اثنتي عشرة أسباطاً أمماً". وكلنا يعرف ان التمييز العددي يختلف بإختلاف المعدود. فالاعداد من واحد الى عشرة يكون ما بعدها جمع، فنقول تسعة نساء. ومن أحدى عشر وما فوق يكون ما بعدها مفرداً، فنقول أثنتي عشرة سبطاً وليس أسباطاً.
    وهذا ليس بمشكل إذ جيء باسم العدد بصيغه التأنيث في قوله: (اثنتي عشرة) لأن السبط أطلق هنا على الأمة فحذف تمييز العدد لدلالة قوله: (أمماً) عليه.

    و(أسباطاً) حال من الضمير المنصوب في (وقطّعناهم) ولا يجوز كونه تمييزاً لأن تمييز اثنتي عشرة ونحوه لا يكون إلاّ مفرداً.

    وقوله: ( أمماً ) بدل من أسباط أو من أثنتي عشرة، وعدل عن جعل أحد الحالين تمييزاً في الكلام إيجازاً وتنبيهاً على قصد المنة بكونهم أمماً من آباء أخوة. وأن كل سبط من أولئك قد صار أمة، قال تعالى:
    ( واذكروا إذ كنتم قليلاً فكثّرَكم ) الأعراف 86، مع ما يذكر به لفظ أسباط من تفضيلهم، لأن الأسباط أسباط إسحاق بن إبراهيم عليه السلام.


    ويقول النجار:


    اقتباس
    و هناك كذلك أخطاء نحوية في كثير من آيات القرآن. انظر الى الآية 69 من سورة المائدة : "ان الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون والنصارى من آمن بالله واليوم الاخر وعمل صالحاً فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون". والنحو يتطلب ان تكون كلمة "الصابئون" منصوبة لانها اسم "ان"، وكل اسماء "ان" الاخرى في الاية منصوبة الا "الصابئون" ، والاصح ان تكون "الصابئين". واذا نظرنا الى الاية 17 من سورة الحج، نجد ان "الصابئين" منصوبة، كما ينبغي ان تكون : "ان الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين اشركوا ان الله يفصل بينهم يوم القيامة ان الله على كل شئ شهيد".
    ولا أدري ما هذه الفرضية التي افترضها، وكأن محمدًا الذي ألف القرآن ودرس اللغات واطلع على الديانات فاتته هذه الغلطة التافهة!

    وكأنه كان لا يعرف النحو وكلام العرب، لكنه تعلمه فجاء بها صحيحة في الآية الثانية! وطبعًا نسي أن يصححها في الأولى!

    أو كان يعرف كلام العرب فذكرها صحيحة تارة، ثم نسي النحو وكلام العرب فغلط بها تارة في الأخرى!

    وكأن مجتمع المدينة والمسلمين والمشركين واليهود وسائر العرب لم تنتبه لهذه الغلطة وتكتشف مدى سطحية لغة محمد صلى الله عليه وسلم فتركته بلا تعليق!

    لا بأس، فهذه قناعة البعض، المهم... إن المجيء بالصابئين مرفوعة متفق مع أساليب النحو،

    يقول ابن عاشور:

    ( إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابؤون والنصارى من آمن بالله واليوم الاخر وعمل صالحًا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون ) المائدة 69.

    جعل خبر (إنّ) محذوفاً، وحذفُ خبر (إنّ) وارد في الكلام الفصيح غير قليل، كما ذكر سيبويه في «كتابه». وقد دلّ على الخبر ما ذكر بعده من قوله: { فلا خوف عليهم } إلخ. ويكون قوله: { والّذين هادوا } عطفَ جملة على جملة، فيجعل { الّذين هادوا } مبتدأ، ولذلك حقّ رفع ما عُطف عليه، وهو { والصابُون }. وهذا أولى من جعل { والصابون } مَبْدأ الجملة وتقدير خبر له، أي والصابون كذلك، كما ذهب إليه الأكثرون لأنّ ذلك يفضي إلى اختلاف المتعاطفات في الحكم وتشتيتها مع إمكان التفصّي عن ذلك، ويكون قوله: { من آمن بالله } مبتدأ ثانياً، وتكون (من) موصولة، والرّابط للجملة بالّتي قبلها محذوفاً، أي من آمن منهم، وجملة { فلا خوف عليهم } خبراً عن (مَن) الموصولة، واقترانها بالفاء لأنّ الموصول شبيه بالشرط. وذلك كثير في الكلام، كقوله تعالى:
    { إنّ الّذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثمّ لم يتوبوا فلهم عذاب جهنّم }
    [البروج: 10] الآية، ووجود الفاء فيه يعيّن كونه خبراً عن (مَن) الموصولة وليس خبر ـــ إنّ ـــ على عكس قول ضابي بن الحارث:ومن يَك أمسى بالمدينة رحلُه فإنّي وقبّار بها لغريب
    فإنّ وجود لام الابتداء في قوله: «لغريب» عيَّن أنّه خبر (إنّ) وتقديرَ خبر عن قبّار، فلا ينظّر به قوله تعالى: { والصابون }.


    وأخيرًا يقول النجار:


    اقتباس
    وفي سورة النساء الآية 162 : "لكن الراسخون في العلم منهم والمؤمنون يؤمنون بما انزل اليك وما انزل من قبلك والمقيمين الصلاة والمؤتون الزكاة والمؤمنون بالله واليوم الآخر". فكلمة : المقيمين" لا تتماشى مع قواعد النحو المعروفة. فهي معطوفة على "الراسخون" ويجب ان تكون مرفوعة، وليست منصوبة كما في الآية، فالمعطوف دائماُ يتبع ما عُطف عليه. وقال القرطبي في تفسيره : (قرأ الحسن ومالك بن دينار وجماعة "المقيمون" على العطف، وكذا هو في حرف عبد الله. ولكن سيبويه قال : إنه نُصب على المدح). وهذا يذكرنا بالمقولة المشهورة لأحد العرب الاندلسيين عندما قال القاضي الاندلسي أبو محمد علي بن حزم أن القرآن يحتوي على أخطاء نحوية، قال الاندلسى : ما حاجتنا الى النحو وعندنا القرآن؟ إذا لم يوافق النحو القرآن، يجب أن نغير قواعد النحو. وهذا ما يُفهم من قول سيبويه انها نصبت على المدح.
    أخطاء نحوية؟!! ونغير قواعد النحو كمان؟!!!

    ثم الاستشهاد بكلام سيبويه؟؟

    هل تعرف يا دكتور كامل النجار كتاب سيبويه؟ ما اسمه؟ وما أبوابه؟

    ألم تجد بابًا اسمه:


    باب ما ينتصب في التعظيم والمدح وإن شئت جعلته صفة فجرى على الأول، وإن شئت قطعته فابتدأت


    عيب والله أن تدلس فتجعل تعارضًا بين سيبويه والقرآن ثم تتهم المسلمين بتغيير قواعد النحو حتى تتفق مع أخطاء القرآن.

    لقد وردت (المقيمين) منصوبة لأنها حال، ومثلها قوله تعالى:

    ( والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضّرّاء ) البقرة 177.

    ومثلها قول الخرندق:


    لا يبْعَدَنْ قومي الذي هُمُو
    سُمّ العُداة وآفَة الجزر



    النازلون بكلّ معترك
    والطيِّبيّين معاقِدَ الأزْر






    فلا تعارض ولا أخطاء نحوية وإنما هو جري وراء ضلالات عبد الفادي السابقة.

الرد على كامل النجار .. للأخ الجاحـظ حفظه الله

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. كتاب :محمد صلى الله عليه وسلم المثال الأسمى للشيخ ديدات (حفظه الله)
    بواسطة عمرو بن العاص في المنتدى منتديات محبي الشيخ أحمد ديدات
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 22-10-2006, 04:37 PM
  2. د . كامل النجار : قراءة نقدية غير شريفة (للأخ نيقولا)
    بواسطة الأندلسى في المنتدى مشروع كشف تدليس مواقع النصارى
    مشاركات: 29
    آخر مشاركة: 17-08-2006, 09:10 PM
  3. د. كامل النجار ..أخر النقاد الغير محترمين !!
    بواسطة Alexi_Tarek في المنتدى شبهات حول العقيدة الإسلامية
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 07-05-2006, 04:46 PM
  4. هل الإنجيل كلمة الله الحقة ؟بين الشيخ ديدات (حفظه الله ) والقس الدكتور ستانلي
    بواسطة عمرو بن العاص في المنتدى منتديات محبي الشيخ أحمد ديدات
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 14-04-2006, 07:59 PM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

الرد على كامل النجار .. للأخ الجاحـظ حفظه الله

الرد على كامل النجار .. للأخ الجاحـظ حفظه الله