ُيهان حسين و نادية جودة
مأزق تتعرض له وزارة الإعلام هذه الأيام بعد صدور حكم محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية بإلغاء قرار وزير الإعلام السلبي بمنع ظهور ثلاث مذيعات 'محجبات' علي شاشة القناة الخامسة بالتليفزيون المصري وما يترتب علي ذلك من آثار، بينما رفضت المحكمة طلب التعويض المقدم منهن باعتبار أن إلغاء القرار خير تعويض لهن.
وكانت المذيعات (غادة الطويل، ورانيا رضوان، وهالة المالكي) قد قمن بارتداء الحجاب منذ سنوات قليلة وفوجئن بإدارة التليفزيون تمنعهن من الظهور علي الشاشة وتحويلهن إلي وظائف إدارية في مجال الإعداد والتعليق.
قالت المحكمة في حيثياتها إن المشرع الدستوري ارتقي بالحرية الشخصية وجعلها حقا طبيعيا وهي مصونة لا تمس، وحظر أي تمييز أو تقييد أو استبعاد ينال بصورة تحكمية من الحقوق والحريات، خاصة أن الحرية هي (ملاك) الحياة الإنسانية لا تخلقها شرائع بل تنظمها، ولا توجدها قوانين بل توفق بينها.. وقد كفلتها دساتير العالم ومنها مصر، وقررت لها من الضمانات ما تسمو به عن المآرب الشخصية وتكفل لأبناء البلاد تمتعهم بحقوقهم الفردية.
وأضافت المحكمة أن المذيعة تتمتع وفقا للدستور بالحرية الشخصية وما يتفرع عنها من حريتها في ارتداء الملابس للظهور علي الشاشة، إلا أن هذه الحرية ليست مطلقة، وإنما هي مقيدة بعدم الإخلال بالنظام العام أو منافاة تقاليد المجتمع والأعراف المتفق عليها وبما يقبله الذوق العام ولا يشذ عنه مما يقتضي منها الظهور بالمظهر اللائق علي الشاشة، وبالتالي يكون قرار وزير الإعلام بمنعهن من الظهور علي الشاشة قد (أخطأ) في التقدير واستبعد المذيعات بما ينال بصورة (تحكمية) من حقوقهن علي نحو يخل بمبدأ المساواة بين زميلاتهن.
ووصفت المحكمة إدارة التليفزيون بأنها (تغولت) * أي أصبحت مثل الغول * علي حرية المذيعة الشخصية وهي من الحقوق الطبيعية الدستورية التي لا تمس مما يكون معه القرار مخالفا للدستور والقانون.
صدر الحكم برئاسة المستشار حمدي خميس نائب رئيس الدولة وعضوية المستشارين د. محمد عبد الوهاب خفاجي وماهر نسيم نائبي الرئيس.
ومن المعروف أن المذيعات الثلاث أصحاب الدعوي القضائية من الرعيل الأول للقناة الخامسة منذ بدء بثها في عام 1990، وقدمت غادة الطويل عددا من البرامج الهادفة إلي جانب قراءتها للنشرة الإخبارية باللغة الإنجليزية، بينما قدمت هالة المالكي اثنين من أنجح البرامج الجماهيرية هما (عاجل جدا)، و(في خدمتك) لحل مشاكل مواطني الإسكندرية والبحيرة ومطروح، في حين شاركت رانيا رضوان في تقديم برنامج (طلباتك إيه) الذي استمر عدة سنوات علي شاشة الخامسة إلي جانب قراءتها للنشرة الإخبارية باللغة الفرنسية.
الطريف أن إحدي مذيعات القناة الخامسة والتي تقدم عدة برامج في الوقت الحالي تلجأ إلي (خلع) حجابها علي باب الاستوديو للظهور علي الشاشة حيث إن العمل بالتليفزيون هو مصدر رزقها الوحيد بينما ترتدي الحجاب خارج الاستوديو!!
في حين ارتدت بعض المذيعات الأخريات حجابهن وفي انتظار أحكام قضائية أخري بالتمكين من العودة لعملهن علي الشاشة.
وبعد صدور الحكم اتصلنا بالمذيعات المحجبات بالقناة الخامسة اللائي أكدن فرحتهن الشديدة بالحكم وأنهن متفائلات بتنفيذه.
أما المحامية أماني السيد التي ترافعت في القضية فلا تتوقع أن يتم التنفيذ من قبل التليفزيون، وإذا نفذ فسيكون علي طريقة المسئولين بالتليفزيون، بمعني أن تظهر المذيعة علي الشاشة لمرة واحدة ثم تïمنع من الظهور بعد ذلك لأن هذا الحكم ليس نهائيا فهو أول درجة ولابد أن تفصل فيه المحكمة الإدارية العليا ليكون نهائيا وينفذ بشكل دائم ولذلك ستكون الخطوة القادمة * كما أكدت أماني * هي الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا.
سألنا سوزان حسن رئيسة التليفزيون فأكدت أن القضاء أعاد للمذيعات حقهن في الظهور علي الشاشة وبالتأكيد سيتم تنفيذ الحكم. أما الإعلام فله الحق في وضعهن في المكان المناسب الذي يليق بهن، وغالبا ما سيعملن في البرامج الدينية.
وأضافت أن هذا الأمر ليس قرارها بمفردها فهو خاضع للمناقشة داخل اتحاد الإذاعة والتليفزيون خلال الأيام القادمة

http://www.elosboa.com/elosboa/issues/433/0308.asp