الأم وبائعة اللبن وعمر الفاروق


روى ابن زيد عن جد "أسلم" قال: بينما كنت مع عمر بن الخطاب - وهو يعّس بالمدينة - إذا هو قد أعيا فاتكأ على جانب جدار في جوف الليل

فإذا امرأة تقول لابنتها: يا بنتاه قومي إلى اللبن فامذقيه (أي اخلطيه) بالماء
فقالت لها ابنتها: يا أُمتاه، أما علمت ما كان من عزمة أمير المؤمنين اليوم، ألا يُشاب اللبن بالماء
فقالت الأم : قومي إلى اللبن فامذقيه بالماء، فإنك في موضع لا يراك فيه عمر ولا منادي عمر
فقالت البنت لأمها: والله ما كنت لأطيعه علانية وأعصيه سراً

وكان أمير المؤمنين - في استناده إلى الجدار - يسمع هذا الحوار فالتفت إليّ

يقول: يا أسلم ، ضع على هذا الباب علامة

ثم مضى أمير المؤمنين في عسه، فلما أصبح

ناداني: يا أسلم امض إلى البيت الذي وضعت عليه العلامة، فانظر من القائلة، ومن المقول لها؟ انظر هل لهما من رجل؟

يقول أسلم: فمضيت، فأتيت، الموضع فإذا ابنة لا زوج لها، وهي تقيم مع أمها وليس معهما رجل، فرجعت إلى أمير المؤمنين عمر فأخبرته الخبر

فدعا إليه أولاده ، فجمعهم حوله ثم
قال لهم: هل منكم من يحتاج إلى امرأة فأزوجه؟ لو كان بأبيكم حركة إلى النساء، ما سبقه أحد منكم إلى الزواج بهذه المرأة التي أُعرف نبأها، والتي أحب لأحدكم أن يتزوجها.
فقال عاصم : يا أبتاه تعلم أن ليس لي زوجة فأنا أحق بزواجها

فبعث أمير المؤمنين من يخطب بنت بائعة اللبن لابن أمير المؤمنين عاصم، فزوجه بها.
فولدت له بنتاً تزوجها عبد العزيز بن مروان ، فولدت له خامس الخلفاء الراشدين الخليفة الزاهد : عمر بن عبد العزيز - رضوان الله عليهم أجمعين.

كان من يمن هذا التصرف الكريم أن جاءت ثمرة هذا الزواج ، خليفة لا تعرف الإنسانية له نظيراً في عدالته، وزهادته، وسعادة رعاياه به، - رضي الله عنه -

عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
ما استفاد المؤمن بعد تقوى الله عز وجل، خيراً له، من زوجة صالحة: إن أمرها أطاعته، وإن نظر إليها سرته، وإن أقسم عليها أبرته، وإن غاب عنها نصحته في نفسها وماله . (رواه ابن ماجه ).


كتبها السيف البتار المشرف العام - جزاه الله خيرا