أبن تيمية وغازان التترى

ورد عن الأخبار فى أواخر 698 بزحف غازان التترى وجيشه من ايران نحو حلب ، وفى وادى سليمة يوم 27 ربيع الأول سنه 699 هـ ، التقى جمع غازان بجمع الناصر بن قلاوون ، وبعد معركة حامية الوطيس ، هـُزِم جمع الناصر وولى الجند وامراؤهم الأدبار ونزح الأعيان - اعيان دمشق - الى مصر يتبعون سير الناصر ، حتى خلت دمشق من حاكم ، او امير ، او اعيان البلاد ، ولكن شيخ ألسلام ابن تيميه بقى صامدا مع عامة الناس ، فاجتمع شيخ الأسلام ، مع من بقى من اعيان البلاد ، واتفق معهم على تولى الأمور ، وان يذهب هو على راس وفد من الشام لمقابلة غازان ، فقابله فى بلدة النبك ، ودارت بينهما مناقشة عنيفة قال البالسى :قال الشيخ ابن تيمية رحمه الله لغازان ونرجمانه يترجم كلام الشيخ ،

ابن تيمية : انت تزعم انك مسلم ، ومعك قاض وامام وشيخ ومؤذن على ما بلغنا فغزوتنا ، وبلغت بلادنا على ماذا ؟ وابوك وجدك كانا كافرين وما غزوا بلاد الأسلام بعد ان عاهدونا ، وانت عاهدت ، فغدرت ، وقلت فما وفيت !

وجرت بين ابن تيمية وغازان امور قام بها ابن تيمية كلها لله ، ثم قرب غازان الى الوفود طعاما فاكلوا الا ابن تيمية

فقيل له : الا تأكل ؟
قال ابن تيمية : وكيف آكل من طعامكم وكله مما نهبتموه من اغنام الناس وطبختموه بما قطعتم من اشجار الناس ؟

وغازان مصغ لما يقول ، شاخص اليه لا يعرض عنه ، وان غازان من شدة ما اوقع فى قلبه من الهيبة والمحبة سأل : من هذا الشيخ ؟ انى لم ار مثله ، ولا اثبت قلبا منه و لا اوقع من حديثه على قلبى ، ولا رايتنى اعظم انقيادا لأحد منه !

فأُخبر بحاله وما هو عليه من العلم والعمل ، ثم طلب منه غازان الدعاء
فقال الشيخ يدعو له : اللهم ان كان عبدك هذا انما يقاتل لتكون كلمتك العليا ويكون الدين كله لك ، فانصره وايده ، وملكه البلاد والعباد وان كان قد قام رياءَ وسمعهَ وطلبا للدنيا ولتكون كلمته هى العليا ، وليذل الأسلام واهله فأخذله ، وزلزله ، ودمره ، وغازان يؤمن على دعائه ويرفع يديه

قال البالسى : فجعلنا نجمع ثيابنا خوفا من نتلوث بدم ابن تيمية اذا اُمِر بقتله ، فلما خرجنا من عنده ، قال قاضى القضاه نجم الدين وغيره :

كدت تهلكنا ، وتهلك نفسك ، والله لا نصحبك من هنا ، فقال: وانى والله لأصحبكم

قال البالسى : فانطلقوا عصبه ، وتأخر هو فى خاصة نفسه ، ومعه جماعة من اصحابه ، فتسامعت به الخواتين ، والأمراء واصحاب غازان فأتوه ، يتبركون بدعائه ، وهو سائر الى دمشق ، ووالله ما وصل الى دمشق الا فى نحو ثلاث مئة فارس فى ركابه . وكنت انا فى جملة من كان معه واما اولئك الذين ابوا ان يصحبوه فخرج عليهم جماعة من التتار فشلحوهم اى سلبوهم ثيابهم وما معهم .


هكذا افحم ابن تيمية غازان وانتصر عليه بفضل الله