بالطبع الحوار دائر منذ فترة طويلة تتخطى الشهرين إن لم يكن ثلاثة وأنا تعمدت أن أفتح الموضوع ثم أتركه عسى أن يتدخل أحد الأصدقاء النصارى فيطرح ما عنده ونطرح ما عندنا ونتعلم منه أو يتعلم منا ولكن لم يحدث .
وقد أفاد الأخوين الأستاذين ( سعد ) و ( مور زان ) بمشاركات عظيمة استفدنا منها جميعاً وهذا ما كنت أرجوه .
لن أطيل في المقدمات فقد وضعت تمهيداً للموضوع وأدخل في الموضوع مباشرة :
من هو كـــــاتب إنجيل لوقا ؟؟ وما هو الدليل .؟؟
وحتى يكون البحث حيادياً كما أرجوا ويكون مرجع للجميع من مسلمين ومسيحيين فسأسوق كل الدفاعات المقدمة في هذا الجانب ( والتي كنت آمل أن يسوقها صديق مسيحي ) ومن ثم أرد عليها .
ولكن حتى نعرف من هو كاتب إنجيل لوقا فليس أمامنا إلا طريقان لا ثالث لهما :
1- أن نعرف عن طريق الوحي , بمعنى أن يكون بيننا الآن من هو على صلة بالوحي ليخبرنا أن لوقا هو كاتب الإنجيل الثالث المسمى بإنجيل لوقا . وهذا بالطبع غير ممكن .
2- أن نعرف عن طريق السند المتصل , بمعنى أن يكون لوقا كتب إنجيله ثم سلمه إلى تلاميذه قائلاً أنا من كتب هذا الإنجيل أو يكون قد أملاه عليهم ثم يسلمه تلاميذه إلى من هم دونهم ( أي تلاميذهم ) مصرحين بلا لبس أو غموض أن هذا الإنجيل قد كتبه معلمنا لوقا ثم يسلمه هؤلاء إلى من بعدهم وهكذا بلا إنقطاع حتى يصلنا .
وجدير بالذكر أن العلماء المسيحيين قد قسموا الأدلة إلى صنفين :
1- أدلة خارجية .
2- أدلة داخلية .
والأدلة الخارجية هي شهادات الآباء والقديسين في العصور الأولى , وهذا ما نطالب به .
والأدلة الداخلية هي المستقاة من الإنجيل أو الكتاب نفسه يُفهم منها أن كاتبه هو فلان . وهذه لا علاقة لها بالموضوع إذ أن الأدلة الداخلية لا تفيد في شيئ ولا تثبت نسبة كتاب إلى فلان بعينه فمن الجائز أن يقوم أحد بكتابة إنجيل ثم يكتب إسم الشخص الذي يريد نسبة الإنجيل له فيه , كإنجيل بطرس المنحول مثلاً , فقد صرح كاتبه بقوله ( أنا سمعان بطرس ومعي أخي ... ) ومع ذلك فهو إنجيل منحول ( أبو كريفا ) ولا يعترفون به . وسنأتي على هذا لاحقاًً .
نأتي للدفاعات المقدمة في هذا الجانب :
1- القمص تادرس يعقوب ملطي قال في مقدمة تفسير إنجيل لوقا عند نسبة السفر إليه :
{
1. جاءت شهادة الكنيسة في القرون الأولى واضحة أن الكاتب هو لوقا البشير، كاتب سفر الأعمال ورفيق الرسول بولس، كما يظهر من كتابات الآباء يوستين الشهيد وإيريناؤس وأوريجينوس وترتليان.
2. بجانب هذه الأدلة الخارجية، السفر نفسه يحمل دلائل علي أن كاتبه هو معلمنا لوقا. فمنها أن هذا السفر موجّه إلى "ثيؤفيلس" نفس الشخص الذي وُجّه إليه سفر أعمال الرسل، بل وجاءت مقدمة سفر الأعمال تكمل خاتمة إنجيل لوقا، فالكاتب واحد. والسفران متشابهان في اللغة والأسلوب والأفكار. هذا والتعبيرات الدقيقة التي استخدمها في وصف الأمراض التي شفاها السيد المسيح تدل على أن الكاتب طبيب، فكطبيب احترامًا منه لمهنة الطب لم يقل ما ذكره مرقس الرسول عن نازفة الدم: "قد تألمت كثيرًا من أطباء كثيرين وأنفقت كل ما عندها، ولم تنتفع شيئًا، بل صارت إلى حال أردأ" (مر 5: 26)، إنما اكتفى بالقول: "قد أنفقت كل معيشتها للأطباء، ولم تقدر أن تُشفي من أحد" (لو 8: 43). } إنتهى .
قلت ( أيوب ) : كما رأينا قد أشار القمص إلى أدلة خارجية وهي شهادة آباء القرون الأولى فأورد منهم (
كما يظهر من كتابات الآباء يوستين الشهيد وإيريناؤس وأوريجينوس وترتليان. ) وإذا راجعنا شهادة هؤلاء الآباء كل على حدة كما يلي :
1-إيريناؤس (202 م ) في كتابه "ضد الهرطقات"،
IRENAEUS AGAINST HERESIES
في الفصل الأول، الفقرة الأولى يقول:
Matthew also issued a written Gospel among the Hebrews(3) in their own dialect, while Peter and Paul were preaching at Rome, and laying the foundations of the Church. After their departure, Mark, the disciple and interpreter of Peter, did also hand down to us in writing what had been preached by Peter. Luke also, the companion of Paul, recorded in a book the Gospel preached by him. Afterwards, John, the disciple of the Lord, who also had leaned upon His breast, did himself publish a Gospel during his residence at Ephesus in Asia.
فقد نشر متى إنجيلا مكتوبا بين العبرانيين بلهجتهم عندما كان بطرس وبولس يكرزان ويؤسسان الكنائس في روما . وبعد رحيلهما سلم لنا مرقس تلميذ بطرس ومترجمه ، كتابة ما بشر به بطرس . ودون لوقا ، رفيق بولس في سفر الإنجيل الذي بشر به (بولس) ، وبعد ذلك نشر يوحنا نفسه ، تلميذ الرب والذي اتكأ على صدره إنجيلا أثناء أقامته في أفسس في آسيا الصغرى
قلت : وهذه أقوى شهادة من الممكن أن يأتوا بها تشير إلى أن هناك من تحدث عن إنجيل لوقا فإريناؤوس هو أقدم من ذكر إنجيل لوقا في كتابه ضد الهرطقات سنة 202م
ولم يسبقه أحد من آباء القرون الأول أو الثاني في ذكر أن لوقا قد كتب إنجيلاً وللرد على هذا أقول وبالله أستعين :
أ- إن إريناؤوس هو من مواليد القرن الثاني ولوقا توفي في القرن الأول فكما قال القمص تادرس يعقوب ملطي في مقدمة تفسير إنجيل لوقا أنه قيل أن لوقا توفي عن عمر يناهز الأربعة والثمانين ولوقا قد مات في القرن الأول وإريناؤوس ولد في النصف الثاني من القرن الثاني فهناك إنقطاع بين لوقا وإريناؤوس لعشرات السنين فلا إريناؤوس عاصر لوقا ولا شاهده فكيف ينقل هذا الخبر ؟؟
ب - إريناؤوس لم يصرح من أين علم بهذا الخبر ( أن لوقا كتب إنجيلاً ) وقوله ( مرقس قد سلم لنا إنجيلاً ) هو قول يطعن في شهادته إذ أنه ما رأى مرقس ولا عاينه فكيف يكون قد إستلم منه ؟؟؟ هذا عن مرقس فما بالك بلوقا ؟؟؟ .
ج - إريناؤوس هذا مطعون في شهادته ولا يمكن قبول رأيه ما لم يسنده إلى أحد من الناس وحتى إن أسنده إلى أحد غيره من التلاميذ أو تلاميذ التلاميذ فالمسيحيون أنفسهم يطعنون فيه ولا يقبلون شهادته إلا التي توافق هواهم وبيان هذا كما يلي :
قال إريناؤوس في كتابه ( ضد الهرطقات ) الفصل الثاني والعشرين أن المسيح قد مات عن عمر يناهز الخمسين عاماً مستدلاً ببراهين فقد إستشهد بإنجيل يوحنا ( 8 / 57 ) عندما قال :
 |
|
 |
|
Jn:8:57: فقال له اليهود ليس لك خمسون سنة بعد.أفرأيت ابراهيم. (SVD) |
|
 |
|
 |
فقال أن المسيح حينها كان قد تخطى الأربعين عاماً ثم قال
وصرح بكل وضوح أن هذا الخبر قد قاله يوحنا الرسول لتلاميذه الذين رافقوه في آسيا وهم الذين ظلوا معه حتى حكم تراجان .
ومع ذلك يكذبه كل المسيحيين على وجه الأرض الآن
رغم أنه صرح بأن هذا ما قاله يوحنا الرسول إلى تلاميذه ومنهم بوليكاربوس الذي هو تلميذ يوحنا ومُعلم أو صديق أريناؤوس ورغم إستشهاده بالإنجيل .
فكيف يكذبوه في خبر قد نقله لهم بالتواتر مستشهداً بالإنجيل ويصدقوه في خبر منقطع لم يقدم عليه دليل ولم يستشهد بأحد فيه ولم يعاين وقوعه ؟؟؟؟
نعم إنه إتباع الظن والهوى وتغليب العواطف ....
فإن كان قول إريناؤوس يخدمنا فنعم الرأي هو وإريناؤوس يكون عندنا ثقة وحُجة وخير مرجع .
وإن كان قول إريناؤوس لا يناسبنا فهو متوهم أو كاذب حتى وإن نقل الخبر بالسند المتصل إلى أحد الرسل أو استشهد بالانجيل .
وكذلك خطأه الأب متى المسكين والبابا شنودة والكاتب عدلي وصيف ناقلاً لكلام متى المسكين والبابا شنودة مؤيداً لرأيهم .
يقول هارفي ومتى هنري وغيرهم معلقين على هذا كقول هارفي في الحاشية :
((
يدرك القارئ هنا الأحرف الغير مرضية للتقليد , حيث أن الحقيقة المجرّدة مضطربة .فمن خلال التّدبّر المبني على التّاريخ الانجيلي , وبالإضافة إلى شهادة خارجيّة , نجد أنه من المؤكد أن عمل المسيح امتدّ قليلاً فوق ثلاثة سنوات , لكن هنا يصرّح إيريناؤوس أن هذا تضمّن أكثر من عشرة سنوات , و يدعو إلى تقليد مبني كما يقول من خلال هؤلاء الذين رافقوا الرسول- يوحنا - )) .
فإرينايوس تارة يكون حُجة ومرجع وتارة يسفهونه وليس بحُجة ولا مرجع .
د - لا يمكن القول أن إريناؤوس إستلم هذه المعلومة من بوليكاربوس تلميذ يوحنا الرسول فهذا مستحيل لأسباب وجيهة جداً منها مثلاً : أن بوليكاربوس نفسه لم يكن يعلم شيئ عن إنجيل إسمه إنجيل لوقا أو أن لوقا قد كتب إنجيل .
ومنها أن إريناؤوس نفسه لم يصرح أن بوليكاربوس أخبره بهذا فكيف نقول بما لم يقله صاحب الشهادة نفسه ؟؟ سيكون ظن وإحتمال لا محل له ولا يمكن أبداً أن نقبل بكتاب نقول أنه كتاب الله بالظن والإحتمال .
ومنها أن يوحنا الرسول الذي هو مُعلم بوليكاربوس هو آخر تلاميذ المسيح وفاةً والمهم أنه توفي بعد كتابة إنجيل لوقا بعشرات السنين ومع ذلك فهو لا يعرف أي شيئ عن هذا الإنجيل . ولو كان يعلم لأخبر تلاميذه ولكن بوليكاربوس وغيره لم يعرفوا إنجيل لوقاً أبداً ولم يذكروه في كتاباتهم .
فكيف يمكن أن نقطع أن أريناؤوس قد أخذ هذه المعلومة من بوليكاربوس ؟؟؟ إنه إحتمال واحتمال ساقط لتغليب الأهواء ومع الإحتمال يسقط الاستدلال .
وكل ما يخص الباحث في أمر أريناؤوس هنا هو نقطتين :
1- إريناؤوس لم يعاين ولم يشاهد لوقا يكتب إنجيله إذ أن السند بينهما منقطع لعشرات السنين ( مايقارب القرن من الزمان 100 عام تقريباً ) ولا نعلم من أخبره بهذه الملعومة فهو لم يصرح بهذا .
2- إريناؤوس متهم بالكذب أو التوهم كما سبق الإشارة في قضية ( عمر المسيح ) حتى وإن أسند قوله إلى الرسل .
فهذا حال أقدم شاهد وأعظم ما يمكن أن يقدموه عن إنجيل لوقا فما بالك بباقي الشهادات ؟؟؟
ويجب أن أُشير من باب العدل هنا أنه لا يوجد من هو أقدم من إريناؤوس قد أشار أن لوقا قد كتب إنجيل ولا نعرف هل الإنجيل الذي يشير إليه أريناؤوس هو نفس الإنجيل الموجود بين أيدينا الآن ؟؟ فهذا مبحث آخر محله يكون فيما بعد .
وباقي الأدلة سوف نأتي عليها تباعاً فاتبع السطور ولا تتعجل .
أستميحكم عذراً في أني أتأخر بعض الوقت بين كل مداخلة ومداخلة وذلك بسبب مشاغلي فأسألكم الدعاء .
كتبه / ayoop2 خطاب المصري .
المفضلات