سفارات صليبية للتحالف مع المغول
البابا أنوسنت الرابع أرسل سفارات عدة للمغول.. لكنها لم تنجح
امتدت إمبراطورية المغول حين مات جنكيز خان في سنة (623 هـ = 1227م) من كوريا شرقًا إلى فارس غربًا، ومن جنوب روسيا شمالاً حتى المحيط الهندي جنوبًا، ثم اتسعت في عهد أقطاي الذي خلف جنكيز خان على المغول، فشملت الدولة الخوارزمية في فارس وأذربيجان، بعد أن تمكنوا من القضاء عليها، وقتل زعيمها "جلال الدين منكبرتي" في سنة (628 هـ = 1240) ثم بدءوا في الهجوم على أوربا، وتمكنوا من الانتصار على القوات البولندية وحلفائها في معركة "ليجنتز" في (25 رمضان 638 هـ = 9 إبريل 1241م)، ثم اتجهوا إلى بلاد المجر، وهزموا ملكها بيلا الرابع في (شوال 638 هـ = إبريل 1241م)
واتسمت غارات المغول بالسرعة والوحشية، وممارسة أبشع أساليب القتل والفتك؛ ما ألقى الفزع في نفوس الناس، وزرع الرعب والهلع في أفئدتهم. وقد زلزلت أنباء المغول العالم الإسلامي والمسيحي بعدما وصل نفوذ المغول إلى حدود أوربا.
وفي الوقت الذي تعرض له الجناح الشرقي من العالم الإسلامي لخطر المغول، وأصبحت الخلافة العباسية على وشك السقوط، وهو ما تم بعد ذلك، كانت سواحل الشام خاضعة للصليبيين، وكانت حملاتهم ترمي للسيطرة على مصر، وتكريس وجودهم في هذه المنطقة.
[تحرير] أنباء المغول تصل إلى أوربا
لم يعرف الأوربيون شيئًا عن المغول وخطرهم الداهم إلا في فترة متأخرة، وبعد اجتياحهم المشرق الإسلامي، وكان الفارون من جنوب روسيا حين غزاها المغول أول من قدّم معلومات عن الخطر المغولي إلى غرب أوربا، وزاد شعورهم بالخطر حين اجتاح التتار "جورجيا" و"أرمينيا" ولذا تحركت البابوية لدرء هذا الخطر، وهي تعد حملة صليبية جديدة، فوضع البابا "أنوسنت الرابع" (641 – 652 هـ = 1243 – 1254م) تحت عنوان: "علاج ضد الخطر المغولي" ثلاث سفارات بابوية:
كانت الاستعدادات تجري في الغرب الأوروبي على قدم وساق بين "البابا إنوسنت الرابع" و"لويس التاسع" ملك فرنسا لإرسال حملة صليبية إلى مصر، وإعادة الاستيلاء على بيت المقدس، ورأى البابا في المغول الذين يواصلون زحفهم نحو قلب العالم الإسلامي فرصة لا تضيع في عقد تحالف معهم؛ للقضاء على المسلمين، والاستيلاء على ثرواتهم، والسيطرة على طرق التجارة الدولية.
[تحرير] السفارات الصليبية
أرسل البابا أول سفارة إلى المغول في سنة (643 هـ = 1245م)، حملت رسالة إلى زعيم المغول، يدعوه فيها إلى اعتناق المسيحية على المذهب الكاثوليكي، وإحلال السلام بين الغرب والمغول. ويبدو أن هذه السفارة لم تنجح في مهمتها تمامًا.
أرسل البابا سفارة ثانية، غادرت ليون في (15 من ذي القعدة 1244 هـ = 16 من إبريل 1245م)، ووصلت منغوليا وحضرت حفل تتويج "جيوك خان" على عرش المغول في مدينة "قرة قورم" عاصمة المغول في (9 ربيع الآخر 644 هـ = 24 أغسطس 1246م)، وقد أكرم كيوك خان وفادة سفارة البابا، ورد على المطالب البابوية بالرفض، وطلب من البابا أن يخضع هو وسائر ملوك أوربا المسيحيين للسيادة المغولية.
وفي الوقت الذي خرجت فيه السفارة الثانية للمغول كانت هناك سفارة ثالثة خرجت في إثرها، ضمت رهبانًا من جماعة "الدومنيكان" وأوكلت إليها مهمة مختلفة عن مهمة السفارتين السابقتين، فقد أمر البابا هذه السفارة أن تصل إلى أول جيش مغولي تقابله في فارس، وأن يحضّ قائده على الامتناع عن نهب الناس، وبخاصة المسيحيين منهم، وأن يعتنق المسيحية، وأن يتوب عن خطاياه، فالتقت السفارة بجيش مغولي في "تبريز" في (17 محرم 645 هـ= 24 مايو 1247م)، وكان رد قائد الجيش المغولي أن رسالة البابا أدت إليه النصيحة بعدم القتل والتدبير، وأنه يرفض دعوته إلى اعتناق المسيحية، وعلى البابا وملوك أوروبا أن يعلنوا خضوعهم لسلطان المغول. ومن ثم لم تؤد السفارات الثلاثة ما كان يطمح له البابا من جذب المغول الوثنيين إلى المسيحية ووقوفهم معا ضد المسلمين.
[تحرير] تحالف مغولي أرميني
ومما يذكر أن المغول نجحوا في إقامة تحالف مع دولة أرمينيا الصغرى المسيحية أصبحت بمقتضاه تابعة للمغول. وتضمن الاتفاق الذي عقد بين الطرفين، تبعية "هيتون" ملك أرمينيا للمغول، وضرورة التعاون مع الدول المسيحية لاسترجاع بيت المقدس، وتعيين ملك أرمينيا مستشارًا لخاقان المغول في شئون المشرق، وإعفاء الكنائس في الإمبراطورية المغولية من أنواع الضرائب كافة.
عادت المفاوضات مرة أخرى بعد انقطاع بين المغول وأوربا للقيام بعمل مشترك ضد المسلمين، فبعث "جغطاي خان" ملك المغول بسفارة إلى الملك لويس التاسع أثناء إقامته بقبرص قبل أن يقوم بالحملة الصليبية السابعة. وفي هذه السفارة يدعو "جغطاي" ملك فرنسا إلى التعاون معًا ضد المسلمين، واستعادة الأراضي المقدسة منهم، وقد أسرع ملك فرنسا بالرد، فأوفد سفارة إلى المغول لتنظيم التعاون بينهما، لكنها فشلت أمام اشتراطات المغول، وطلبهم أن يرسل الملك الفرنسي جزية سنوية إلى خان المغول.
وهكذا فشل المشروع البابوي في إقامة تحالف مع المغول ضد المسلمين، بسبب غطرسة المغول، وعدم قبولهم التحالف مع أي جهة تعتبر نفسها على قدم المساواة معهم.
أنظر أيضاً تحالف سفارات صليبية مع المغول على هذا الرابط فى إسلام أون لاين.
http://www.islamonline.net/Arabic/hi...rticle34.SHTML
تأثيرات الحملات الصليبية
كان للحملات الصليبية تأثير كبير على اوروبا في العصور الوسطى ، في وقت كان السواد الاعظم من القارة موحدا تحت راية البابوية القوية ، ولكن بحلول القرن الرابع عشر الميلادي ، تفتت المبدأ القديم للمسيحية ، وبدأ تطور البيروقراطيات المركزية التي شكلت فيما بعد شكل الدولة القومية الحديثة في انجلترا وفرنسا والمانيا وغيرها.
كان تأثر الاوروبيين بالحضارة العربية والاسلامية كبيرا في فترة الحروب الصليبية ، ولكن يرى العديد من المؤرخين ان التأثير الاعظم وانتقال المعارف الطبية والمعمارية والعلمية الاخرى كان قد حدث في مناطق التبادل الثقافي والتجاري التي كانت في حالة سلام مع الولايات الاسلامية ، مثل الدولة النورمانية في جنوب ايطاليا ومناطق التداخل العربي- الاسلامي مع اوروبا في الاندلس ومدن الازدهار التجاري في حوض المتوسط كالبندقية وجنوه والاسكندرية ، ولكن ما من شك بتأثر الاوروبين بالعرب خلال الحملات الصليبية ايضا ، فكان تطور بناء القلاع الاوربية لتصبح ابنية حجرية ضخمة كما هي القلاع في الشرق بدلا من الابنية الخشبية البسيطة التي كانت في السابق ، كما ساهمت الحملات الصليبية في انشاء المدن- الدول في ايطاليا التي استفادت منذ البدء من العلاقات التجارية والمبادلات الثقافية مع الممالك الصليبية والمدن الاسلامية.
وكان للحملات الصليبية اثارا دموية ، فبالاضافة الى سفك الدماء في الحروب في الشرق ، كانت الاقليات من غير المؤمنين تعاني الامرين ، فكان الهراطقة الالبيجيين في جنوب فرنسا واليهود في المانيا وهنغاريا قد تعرضوا لمذابح بوصفهم "كفرة" او "قتلة المسيح" ، وادى ذلك الى تنمية التمييز العرقي بين شعوب اوروبا الذي كان تكتل اليهود في اوروبا وعزلهم من نتائجه ، الامر الذي الهم فيما بعد الفكر النازي والفاشي في فترة مراهقة الدول القومية في اوروبا.
الحروب الصليبية في الذاكرة الانسانية
ترى الشعوب التي تم السيطرة عليها من قبل الصليبيين اثناء الحروب الصليبية على انها كانت شكل استعماري وفترة قمع وتأخر ، ويرى المسلمون في شخصيات كصلاح الدين والظاهر بيبرس ابطالا محررين ، وكذلك يرى الاوروبيون الشخصيات المشاركة في الحروب الصليبية ابطالا مغامرين محاطين بهالة من القداسة ، فيعتبر لويس التاسع قديسا ويمثل صورة المؤمن الخالص في فرنسا ، ويعتبر ريتشارد قلب الاسد ملك صليبي نموذجي ، وكذلك فريدريك بربروسا في الثقافة الالمانية.
كما ينظر إلى مسمى حملة صليبية في عديد من الثقافات الغربية نظرة إيجابية على أنه حملة لأجل الخير أو لهدف سامي ويعمم المصطلح أحيانا ليتخطى الإطار الديني، فقد ترد عبارات كـ"بدأ فلان حملة صليبية لإطعام الجياع"، كما استخدم المصطلح من قبل الرئيس الأمريكي جورج بوش لوصف ما أسماه الحرب على الإرهاب في 16 سبتمبر 2001 في عبارة مثيرة للجدل "This crusade, this war on terrorism is going to take a while." أي "هذه الحملة الصليبية، هذه الحرب على الإرهاب سيستلزمها وقت."
الدوافع الدينية
كانت دعوة الباباوية للحروب الصليبية التي بدأها البابا اوربان الثاني في نوفمبر 1095 بعقده مجمعا لرجال الدين في مدينة كليرمون فران الفرنسية ، وكان الكثير من الحملات قد بررت بتطبيق "ارادة الرب" عن طريق الحج الى الارض المقدسة للتكفير عن الخطايا ، وكانت الدعوات تروي عن اضطهاد الحكم الاسلامي للمسيحيين في الارض المقدسة وتدعو الى تحريرهم ، وتراجعت هذه الدوافع الدينية مع مرور الوقت لتصل الى حد تدمير مدينة القسطنطينية المسيحية الشرقية في الحملة الصليبية الأولى و الرابعة على أيدي الصليبيين أنفسهم .
الدوافع الاجتماعية
كان قانون الارث المطبق في اوروبا ينص على ان يرث الابن الاكبر عقارات والده وعبيده بعد موته ، وتوزع المنقولات بين ابنائه ، وبسبب هذا القانون نشأت طبقة من النبلاء او الاسياد الذين لم يكونوا يملكون اقطاعيات ، فشاعت بينهم القاب مثل "بلا ارض" و"المعدم" دلالة على عدم ملكيتهم لقطعة ارض ، ورأى الكثير من هؤلاء فرصتهم في الحملات الصليبية للحصول على اراض في الشرق ، ورأى آخرون فيها فرصة لتوسيع املاكهم بضم املاك جديدة ، كما كان الفقراء يجدون فيها فرصة لحياة جديدة افضل ووسيلة تخرجهم من حياة العبودية التي كانوا يعيشونها في ظل نظام الاقطاع السائد في ذلك الوقت.
المصادر والمراجع موسوعة ويك بيديا
وهنا التاريخ يعيد نفسه بنفس ألآعيب الصليبيين الأوائل فى تصنعهم للقول باإضطهاد المسلمين للمسيحيين فى بلاد الإسلام وجعل هذا القول الخبيث ثمة شعار لغزو بلاد العرب المسلمين كي يحرروا مسيحي العرب وبعد الوصول إلى مايريدونه من وضع أقدامهم على بلاد المسلمين فلايفرق سيفهم ولارصاصهم بين مسلم ولامسيحي عربي فالإثنان من العرب!!لكن المسيحيون العرب نسوا ماذاقوه من ذل ومهانة ومن وبال أمر فى عهود الإحتلال الصليبي الغربي وأخذوا يرددون نفس المقولة لعل الغرب يحررهم من الذين حرروهم من الإستعمار الغربي وهم المسلمين الذين يخافون الله عز وجل فى كل صغيرة وكبيرة وشريعتهم هى الشريعة العادلة التى بها يحرر العبد ويرد بها الظالم عن ظلمه حتى ولو قال أنه مسلما وهو ظالم فيقتص منه لنصرة المظلوم ولو كان المظلوم يعتنق أي دين آخر دون الإسلام.
يتبع:-
المفضلات