التتمة ... خولة بنت ثعلبة بن اصرم الخزرجيـة
عندما قال الرسول عليه الصلاة والسلام لخوله بنت ثعلبة الخزرجية : ماعندى من أمرك شيء ، جادلت رسول الله كثيرا تريد أن يجد لها حلا.. ولما لم تجد إجابة عاجلة توجهت إلى الله عز وجل ثم قالت: اللهم أنى أشكو إليك شده وجدي وما شق على من فراقه، اللهم انزل على لسان نبيك ما يكون قيه فرجا.
ودارت هذه المفاجأة في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وسمعت عائشة أم المؤمنين ومن معها من أهل البيت... ولنترك السيدة عائشة تروى لنا ما حدث في هذه اللحظة:
قالت السيدة عائشة رضي الله عنها: فلقد بكيت وبكى من كان معنا من آهل البيت رحمة لها ورقة عليها
وبينما هي على هذه الحال أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى زوجها اوس بن الصامت يستفسر منه عما حدث ، ولما حضر اوس بين يديه يسأله الرسول صلى الله عليه وسلم "ماذا تقول ابنة عمك ؟"
فقال اوس : صدقت ، قد تظهرت منها وجعلتها كظهر أمي فما تأمرنا يا رسول الله في ذلك ؟
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا تدن منها ولا تدخل عليها حتى آذن لك ، فصمت الرجل ، عند ذلك تدخلت خوله بالحديث قائلة : يا رسول الله : ما له من شيء وما ينفق عليه إلا إنا، وصمت الجميع في انتظار الحل من السماء
طال انتظار خوله وزوجها وأكثرت من الدعاء والتضرع له واستمرت تشكو الى الله همها – ففتحت السماء أبوابها لهذا الدعاء وسمع الله شكواها .
وبينما هي في حيرة من أمرها ، ترفع رأسها إلى السماء وتحول عيناها بقلق في السماء ومرة تنظر لمن حولها ، وأخرى تنظر إلى الرسول الكريم ، تستجدى رحمة الله من بين شفتيه عندما تتحرك هاتفة بالحل الاسلامى العظيم .
بينما هذا يحدث فإذا بالرسول عليه الصلاة والسلام يغشاه الوحي ويذهب في ما يشعر به عادة عند نزول الوحي وشعر برعشة وبروده في ثناياه وتعرق حتى انحدر العرق من وجنتيه الطيبتين .
عند ذلك هتفت عائشة قائلة: يا خوله انه لينزل عليه ما هو إلا فيك، فقالت خوله: اللهم خيرا، فأنى لم ابغ من نبيك إلا خيرا.
وتكمل السيدة عائشة رضي الله عنها، قصة هذه اللحظات العصيبة فتقول:
فما سُرّى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ظننت أن نفسها تخرج فرقا من أن الفرقة ( اى أنها تتفطر خوفا من صدور حكم بالتفريق بينها وبين زوجها )
فسـرى عن الرسول وهو يبتسم : فقال يا خوله : هتفت خوله قائلة : لبيك يا رسول الله ، ونهضت قائمة فرحة بتبسم الرسول لها فقال علية صلوات ربى وسلامه لها : قد انزل الله فيك وفيه ، ثم تلا عليه السلام هذه الآيات :
قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنكُم مِّن نِّسَائِهِم مَّا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنكَراً مِّنَ الْقَوْلِ وَزُوراً وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ ))) المجادلة 1-4
ثم نظر إلى اوس بن الصامت قائلا :
- هل تستطيع عتق رقبة
- قال اوس : لا والله
- فقال الرسول: هل تستطيع أن تصوم ؟
- قال اوس : لا والله ، لو أنى آكل في اليوم مرة أو مرتين لضعف بصري ولظننت أنى أموت .
- فقال الرسول: هل تستطيع أن تطعم 60 مسكينا ؟
- فقال اوس : إلا أن تعينني منك بصدقة .
فتطر الرسول إلى زوجته قائلا: " مُريه فليأت إلى أم المنذر بنت قيس فليأخذ منها شطرا وسق تمرا ( نصف حمل من التمر) فيتصدق به على ستين مسكينا ، عند ذلك ذهب إلى حيث أمره الرسول صلى الله عليه وسلم يعدو مسرعا حتى جاء به على ظهره وأطعم ستين مسكينا .
وبذلك صارت زوجته حلالا له ، وجعل الله وسيلة للمسلمين لكي يتخلصوا من مواريث الجهل والجاهلية .
هكذا كانت خوله بنت ثعلبه ضوءا من أضواء الإسلام أنارت الطريق أمام الحاضرين والتائبين عن الذنوب فيقبل الله توبتهم.
ونتعلم من هذه القصة كيف تكون سماحة الإسلام لا يغنى فيه مال ولا بنون ، إنما الغنى من أتى الله بقلب سليم ، والقي السمع وهو شهيد ؟
رحم الله خوله فقد كانت سيده عظيمة تتسم بالذكاء والفطنة. وكانت سببا فى نزول آيات منع الظهار.
تمت بحول الله
( المراجع : وموقع خيمة ، وموقع القصص القرآنى ، كتاب قصص النساء فى القرآن لعبد المنعم الهاشمى ، وكتاب القصص القرآنى انجليزى )
المفضلات