فماذا حدث بعدما علم بيهوديتها؟
1ـ إن بعض علماء اليهود القدماء شارحي الكتاب المقدس وواضعي الكتب التفسيرية المعروفة باسم التلمود والمشنا وغيرها، والتي أصبحت من التراث المقدس أيضا بالإضافة للعهد القديم، يقولون أن مردخاي تزوج أستير بعد أن تولى تربيتها وصارت فتاة جميلة.
2. لقد كان مردخاي نموذجا لليهودي الانتهازي والذي يتاجر بأي قيم أو مبادئ من أجل تحقيق المكاسب والذى ينطبق عليه مقولة أن الغاية تبرر الوسيلة , فإنه يقدم زوجته كمحظية للملك الفارسي حتى يصل من خلالها الى أعلى المناصب , فنرى في السفر أنه يأمرها أن لا تقول لأحد أنها يهودية , ومن يفعل ذلك لا يستبعد عنه ان يطلب منها إخفاء حقيقة أنها زوجته , وبالفعل نرى في السفر كيف أصبح مردخاي الرجل الثاني في المملكة بفضل هذا العهر .
فالملك احشويروش فارسي الجنسية والديانة وهو وثنى يؤمن كغيره من الفرس بآلهة ومعبودات فارسية ،لم يظهر الكاتب أي اعتراض على زواج أستير اليهودية بهذا الوثني , كما لم يعترض مردخاي ولا أستير على هذه المخالفة لشريعة ديانتهم !!..
يريدنا المؤلف ان ننظر الى الملك باعتباره من المغفلين فلا يدري أبسط الأمور الخاصة بحريمه عندما صوره لنا انه لم يعرف ان أستير من أصل يهودي !!..
"20وَلَمْ تَكُنْ أَسْتِيرُ أَخْبَرَتْ عَنْ جِنْسِهَا وَشَعْبِهَا كَمَا أَوْصَاهَا مُرْدَخَايُ. وَكَانَتْ أَسْتِيرُ تَعْمَلُ حَسَبَ قَوْلِ مُرْدَخَايَ كَمَا كَانَتْ فِي تَرْبِيَتِهَا عِنْدَهُ..".
3. وهل يعقل أن أمرا كهذا يخفى عن الملك الذي يسيطر على ممالك العالم حينئذ؟.
ولماذا أوصى مردخاي أستير أن تخفى هذه الحقيقة بينما هي موضع افتخار اليهود ؟.
لماذا هذا المكر والخداع ؟.
لماذا هذا التناقض في الشخصية اليهودية، حيث نجد مردخاي يجاهر بيهوديته ويفتخر بها بينما يطلب من زوجته ان تخدع الملك وتخفى يهوديتها ؟.
فقولنا ان مردخاي كان قوادا متاجرا بشرف زوجته أستير ليس مجرد تخمين او افتراض بلا أساس ولما كانت التقاليد التراثية اليهودية القديمة والتي تذكر زواج مردخاي من أستير ابنة عمه إلا أنها في نفس الوقت أباحت أن تجمع أستير بين رجلين..
ولما كانت الديانة اليهودية لا تجيز الزواج من غير الملة اليهودية لذلك وجدنا أستير وقد صارحت الملك بيهوديتها والذي قبل أن تعيش معه في الحرام نظير ان يعطيها كل ما تريد فلقد عين مردخاي كبيراً لوزرائه...بالإضافة إلى أنه أنعم على اليهود بالعودة إلى فلسطين لمن أراد منهم العودة..
4. ويعلق جورجي كنعان على ذلك بقوله:
" وهذه القصص التي تنطوي على إيحاء ضمني بإباحة استخدام الزوجة اتقاء لضر متوهم، أو ابتغاء لكسب مرجو، قد أفسحت أمام اليهود، منذ أقدم العصور، مجالاً فريداً لتطبيق القاعدة اللا أخلاقية: الغاية تبرر الواسطة أياً كانت الغاية وكيفما كانت الواسطة. وكأن كتاب العهد القديم، ما خلعوا على أنبيائهم وملوكهم، أبشع الصور وأقذرها، إلا ليبيحوا لأنفسهم، ولأتباعهم من بعدهم، ارتكاب المعاصي والرذائل والاستخفاف بالقيم والأخلاق، في سبيل الوصول إلى غاياتهم.
وإذا كان القدوة قذراً سافلاً، فلا لوم على المقتدي أن يكون كذلك، وكأنهم قصدوا من تدوين هذه الحوادث المنكرة في أسفارهم المقدسة، أن يتركوا دروساً أخلاقية للأجيال اليهودية، ممهورة بتواقيع مقدسة في مقدمتها توقيع رب الجنود " يهوه"، وإلى جوار تواقيع الآباء الأولين الكبار لبني إسرائيل وهم في عرفهم إبراهيم وإسحق ويعقوب"
(د. جورجي كنعان: أمجاد إسرائيل في أرض فلسطين - ص 47.).
وهكذا بسبب زناها عاد اليهود إلى فلسطين.
المفضلات