فتأمل أيها المسلم في محاسن هذه الشريعة العظيمة، وما في أحكامها وحدودها من الحكم والمنافع العميمة، لأنها أحكام رب العالمين، العالم بعباده وبمصالحهم ومضارهم في الدنيا والدين، قال تعالى: ﴿أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾ [الملك:14].
فهو سبحانه الذي شرع هذه الأحكام زجرا عن اقتراف تلك الفواحش والآثام.
وتأمل عمق فهم أئمة هذا الدين، وحرصهم على مرضاة رب العالمين، وحبهم الخير والنفع والصيانة للمسلمين، محذرين عقوبة الله على سلوك تلك المسالك والتعرض لتلك المهالك، التي دل عليها قول الله تعالى: ﴿ وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا﴾ [النساء: 115].
وقد صح عن ابن عُمر رضي الله عنه، قال: سمعتُ رسولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: مَن حَالت شفَاعَتُهُ دون حَدٍّ من حُدودِ الله، فقد ضادَّ الله. أخرجه أبو داود (3597) وغيره.
فإذا كانت الشفاعة المفوتة للحد مضادة لله في حكمه؛ فإن إنكار هذا الحد من أعلى مراتب المضادة والمشاقة لله عز وجل في حكمه والعياذ بالله.
وإذا كان بنوا إسرائيل هلكوا بذلك فلماذا نحن نستجلب ما هلكوا به ففي الصحيحين من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ، أن النَّبِيِّ ﷺ، قَالَ: «إِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِسُؤَالِهِمْ وَاخْتِلاَفِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ» أخرجه البخاري (7288) ومسلم (1337).
وفي الصحيحين: عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّ قُرَيْشًا أَهَمَّهُمْ شَأْنُ المَرْأَةِ المَخْزُومِيَّةِ الَّتِي سَرَقَتْ، فَقَالُوا: وَمَنْ يُكَلِّمُ فِيهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالُوا: وَمَنْ يَجْتَرِئُ عَلَيْهِ إِلَّا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، حِبُّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَلَّمَهُ أُسَامَةُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ، ثُمَّ قَامَ فَاخْتَطَبَ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ، أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الحَدَّ، وَايْمُ اللَّهِ لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا» أخرجه البخاري (3475) ومسلم (1688).
فإذا كان ذلك في تعطيل حد من الحدود جزئيا على صنف من الناس مع الاعتراف بأصل شرعيته كان سبب هلاك تلك الأمم قبلنا.
فكيف بما يجره هؤلاء العقلانيون من الويل على الأمة بتعطيل بعض الحدود كليا، مع جحود شرعية ذلك الثابتة بالكتاب والسنة، فهذه لا شك أنها دعوة أشأم على المسلمين وأشنع مما جلبه يهود على أنفسهم وغيرهم بسبب العطف المزعوم على أشرافهم وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا.
وليست الأمة المحمدية مقلدون لليهود في ذلك كما يزعم هؤلاء، بل هذه من شريعة المسلمين، وعليها أدلتهم، وإجماعهم، وكون ذلك نزل على نبي الله موسى عليه الصلاة والسلام في التوراة، فاليهود كتموه وأعرضوا عنه ولم يعملوا به وأماتوه؛ كما دل عليه ما أخرجه البخاري (7543): عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ اليَهُودَ جَاءُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَذَكَرُوا لَهُ أَنَّ رَجُلًا مِنْهُمْ وَامْرَأَةً زَنَيَا، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا تَجِدُونَ فِي التَّوْرَاةِ فِي شَأْنِ الرَّجْمِ» فَقَالُوا: نَفْضَحُهُمْ وَيُجْلَدُونَ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلاَمٍ: كَذَبْتُمْ إِنَّ فِيهَا الرَّجْمَ، فَأَتَوْا بِالتَّوْرَاةِ فَنَشَرُوهَا، فَوَضَعَ أَحَدُهُمْ يَدَهُ عَلَى آيَةِ الرَّجْمِ، فَقَرَأَ مَا قَبْلَهَا وَمَا بَعْدَهَا، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلاَمٍ: ارْفَعْ يَدَكَ فَرَفَعَ يَدَهُ فَإِذَا فِيهَا آيَةُ الرَّجْمِ، قَالُوا: صَدَقَ يَا مُحَمَّدُ فِيهَا آيَةُ الرَّجْمِ، فَأَمَرَ بِهِمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرُجِمَا فَرَأَيْتُ الرَّجُلَ يَحْنِي عَلَى المَرْأَةِ، يَقِيهَا الحِجَارَةَ. وأخرجه مسلم (1699).
وأخرج بعده (1700) عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: مُرَّ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَهُودِيٍّ مُحَمَّمًا مَجْلُودًا، فَدَعَاهُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «هَكَذَا تَجِدُونَ حَدَّ الزَّانِي فِي كِتَابِكُمْ؟»، قَالُوا: نَعَمْ، فَدَعَا رَجُلًا مِنْ عُلَمَائِهِمْ، فَقَالَ: «أَنْشُدُكَ بِاللهِ الَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى، أَهَكَذَا تَجِدُونَ حَدَّ الزَّانِي فِي كِتَابِكُمْ» قَالَ: لَا، وَلَوْلَا أَنَّكَ نَشَدْتَنِي بِهَذَا لَمْ أُخْبِرْكَ، نَجِدُهُ الرَّجْمَ، وَلَكِنَّهُ كَثُرَ فِي أَشْرَافِنَا، فَكُنَّا إِذَا أَخَذْنَا الشَّرِيفَ تَرَكْنَاهُ، وَإِذَا أَخَذْنَا الضَّعِيفَ أَقَمْنَا عَلَيْهِ الْحَدَّ، قُلْنَا: تَعَالَوْا فَلْنَجْتَمِعْ عَلَى شَيْءٍ نُقِيمُهُ عَلَى الشَّرِيفِ وَالْوَضِيعِ، فَجَعَلْنَا التَّحْمِيمَ، وَالْجَلْدَ مَكَانَ الرَّجْمِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللهُمَّ إِنِّي أَوَّلُ مَنْ أَحْيَا أَمْرَكَ إِذْ أَمَاتُوهُ»، فَأَمَرَ بِهِ فَرُجِمَ، فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ} [المائدة: 41] إِلَى قَوْلِهِ {إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ} [المائدة: 41]، يَقُولُ: ائْتُوا مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنْ أَمَرَكُمْ بِالتَّحْمِيمِ وَالْجَلْدِ فَخُذُوهُ، وَإِنْ أَفْتَاكُمْ بِالرَّجْمِ فَاحْذَرُوا، فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} فِي الْكُفَّارِ كُلُّهَا.
ففي هذا أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حكم على اليهوديين بما أنزل الله، كما أمره ربه عز وجل بقوله: ﴿وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ﴾ [المائدة: 49].
وكما أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قررهم بما في التوراة، وحكم عليهم به أنزل الله فيها، فهو كذلك حكم عليهم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بما أنزل عليه في القرآن الكريم، وهذا يدل على أن هذا الحد كما أنه مأمور به في هذه الملة، فهو مأمور به أيضا في الملل الماضية، ويؤيد ذلك أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حكم عليهم بما أنزل الله عليه: حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ جَاءَ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ اقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ فَقَامَ خَصْمُهُ فَقَالَ صَدَقَ اقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ فَقَالَ الأَعْرَابِيُّ إِنَّ ابْنِي كَانَ عَسِيفًا عَلَى هَذَا فَزَنَى بِامْرَأَتِهِ فَقَالُوا لِي عَلَى ابْنِكَ الرَّجْمُ فَفَدَيْتُ ابْنِي مِنْهُ بِمِائَةٍ مِنْ الْغَنَمِ وَوَلِيدَةٍ ثُمَّ سَأَلْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ فَقَالُوا إِنَّمَا عَلَى ابْنِكَ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ أَمَّا الْوَلِيدَةُ وَالْغَنَمُ فَرَدٌّ عَلَيْكَ وَعَلَى ابْنِكَ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ وَأَمَّا أَنْتَ يَا أُنَيْسُ لِرَجُلٍ فَاغْدُ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا فَارْجُمْهَا» فَغَدَا عَلَيْهَا أُنَيْسٌ فَرَجَمَهَا رواه البخاري (2695) ومسلم (1698).
فتأمل طلبهم للقضاء بينهم بكتاب الله وتأكيده ذلك بقوله: «لأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ» وفيه رجم الزانية المحصنة.
ومما يدل على أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قضى بينهم بكتاب الله القرآن قول عُمَرُ بن الْخَطَّابِ رضي الله عنه في خطبة الجمعة على رؤوس المهاجرين والأنصار: إِنَّ اللَّهَ قد بَعَثَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحَقِّ وَأَنْزَلَ عليه الْكِتَابَ فَكَانَ مِمَّا أُنْزِلَ عليه آيَةُ الرَّجْمِ قَرَأْنَاهَا وَوَعَيْنَاهَا وَعَقَلْنَاهَا فَرَجَمَ رسول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَجَمْنَا بَعْدَهُ فَأَخْشَى إن طَالَ بِالنَّاسِ زَمَانٌ أَنْ يَقُولَ قَائِلٌ ما نَجِدُ الرَّجْمَ في كِتَابِ اللَّهِ فَيَضِلُّوا بِتَرْكِ فَرِيضَةٍ أَنْزَلَهَا الله وَإِنَّ الرَّجْمَ في كِتَابِ اللَّهِ حَقٌّ على من زَنَى إذا أَحْصَنَ من الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ إذا قَامَتْ الْبَيِّنَةُ أو كان الْحَبَلُ أو الِاعْتِرَافُ اتفق عليه أخرجه البخاري (6830) ومسلم (1691).قال ابن الجوزي في كشف المشكل: فمعنى قول عمر: فيضلوا ـ أن الإجماع انعقد على بقاء حكم ذلك
وفي رواية عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ خَطَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَقَالَ هُشَيْمٌ مَرَّةً خَطَبَنَا فَحَمِدَ اللَّهَ تَعَالَى وَأَثْنَى عَلَيْهِ فَذَكَرَ الرَّجْمَ فَقَالَ لا تُخْدَعُنَّ عَنْهُ فَإِنَّهُ حَدٌّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى أَلا إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ رَجَمَ وَرَجَمْنَا بَعْدَهُ وَلَوْلا أَنْ يَقُولَ قَائِلُونَ زَادَ عُمَرُ فِي كِتَابِ اللَّهِ مَا لَيْسَ مِنْهُ لَكَتَبْتُهُ فِي نَاحِيَةٍ مِنْ الْمُصْحَفِ شَهِدَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَقَالَ هُشَيْمٌ مَرَّةً وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ وَفُلانٌ وَفُلانٌ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ رَجَمَ وَرَجَمْنَا مِنْ بَعْدِهِ أَلا وَإِنَّهُ سَيَكُونُ مِنْ بَعْدِكُمْ قَوْمٌ يُكَذِّبُونَ بِالرَّجْمِ وَبِالدَّجَّالِ وَبِالشَّفَاعَةِ وَبِعَذَابِ الْقَبْرِ وَبِقَوْمٍ يُخْرَجُونَ مِنْ النَّارِ بَعْدَمَا امْتَحَشُوا رواه أحمد.
قال النووي: قوله ( فأخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائل ما نجد الرجم في كتاب الله فيضلوا بترك فريضة ) هذا الذي خشيه قد وقع من الخوارج ومن وافقهم وهذا من كرامات عمر رضي الله عنه وَيَحْتَمِل أَنَّهُ عَلِمَ ذَلِكَ مِنْ جِهَة النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. اهـ
قلت: ونحن مؤمنون بأن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مبين لكتاب الله قال تعالى: ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ﴾ [النحل: 44].
وقال تعالى: ﴿وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ﴾ [النساء: 113] والحكمة هنا السنة عند جمهور المفسرين.
ونظير ذلك قوله تعالى: ﴿وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى﴾ [النجم: 3-4].
ورب العزة سبحانه يقول: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ [الحشر:7].
ويقول: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا [الأحزاب36].
ويقول: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [النساء: 65].
فهذه الأدلة وغيرها كثير قاضية بوجوب قبول كل ما ثبت عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دون التفات إلى تقسيم السنة تقسيما حادثا إلى متواتر يقبل، وآحاد يرد عياذا بالله من ذلك.
قال الحافظ في نزهة النظر: أَنَّهُمْ مُتَّفِقونَ عَلى وُجوبِ العَمَلِ بِكُلِّ مَا صَحَّ، ولوْ لَمْ يُخْرِجْهُ الشَّيْخانِ.
وقال ابن القيم في اعلام الموقعين (3/491): وَاَلَّذِي نَدِينُ الله بِهِ وَلَا يَسَعُنَا غَيْرُهُ وهو الْقَصْدُ في هذا الْبَابِ أَنَّ الحديث إذَا صَحَّ عن رسول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولم يَصِحَّ عنه حَدِيثٌ آخَرَ يَنْسَخُهُ أَنَّ الْفَرْضَ عَلَيْنَا وَعَلَى الْأُمَّةِ الْأَخْذُ بِحَدِيثِهِ.
والله عزوجل هو الذي شرع أحكامه لخلقه، وليس العبد مشرعا لنفسه ولا لغيره قال تعالى: ﴿ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ * نَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ * هَذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾ [الجاثية: 18-20].
وقال تعالى: ﴿ شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ﴾ [الشورى:13].
وقال تعالى: ﴿أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ﴾ [الشورى:21].
وقال تعالى: ﴿ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ﴾ [يوسف: 40].
والقول بإلغاء هذا الحد البالغ الأهمية أو غيره من حدود الله لا قائل به من المؤمنين، ولا سلف لقائله هذا إلا من أنحس الناس على أهل القبلة، وأشد الناس فتنة ونكاية بالإسلام وأهله ممن يدعونه؛ وهم الخوارج، وبعض أفراخهم المعتزلة العقلانين الذين طال اعتداؤهم شريعة الله وكتابه وأسمائه وصفاته، وإجماع المسلمين.
قال القرطبي في المفهم (7/216): إذا زنى المحصن وجب الرَّجم بإجماع المسلمين ، ولا التفات لانكار الخوارجِ والنّظَّامِ، الرَّجْمَ ؛ إمَّا لأنهم ليسوا بمسلمين عند من يكفِّرهم ، وإما لأنَّهم لا يعتد بخلافهم ؛ لظهور بدعتهم وفسقهم على ما قرَّرنا في الأصول.
وقال النووي عند حديث (3199) وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاء عَلَى وُجُوب جَلْد الزَّانِي الْبِكْر مِائَة , وَرَجْم الْمُحْصَن وَهُوَ الثَّيِّب , وَلَمْ يُخَالِف فِي هَذَا أَحَد مِنْ أَهْل الْقِبْلَة , إِلا مَا حَكَى الْقَاضِي عِيَاض وَغَيْره عَنْ الْخَوَارِج وَبَعْض الْمُعْتَزِلَة , كَالنَّظَّامِ وَأَصْحَابه , فَإِنَّهُمْ لَمْ يَقُولُوا بِالرَّجْمِ. ا.هـ
ونقل ابن عبد البر في الاستذكار (7/478): الإجماع على ذلك ثم قال:
وأما اهل البدع والخوارج منهم ومن جرى مجراهم من المعتزلة فانهم لا يرون الرجم على زان محصن ولا غير محصن ولا يرون على الزناة الا الجلد وليس عند احد من اهل العلم ممن يعرج على قولهم ولا يعدون خلافا.
وساق عن بن عباس قال سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول ايها الناس ان الرجم حق فلا تخدعن عنه فان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد رجم وكذلك ابو بكر ورجمنا بعدهما وسيكون قوم من هذه الامة يكذبون بالرجم وبالدجال وبطلوع الشمس من مغربها وبعذاب القبر وبالشفاعة وبقوم يخرجون من النار بعد ما امتحشوا
قال ابو عمر: الخوارج والمعتزلة يكذبون بهذا كله عصمنا الله من الضلال برحمته. اهـ
وقال ابن المنذر في كتابه الإجماع (112): وأجمعوا على أن الحر إذا تزوج تزويجاً صحيحاً، ووطئها في الفرج، أنه محصن يجب عليهما الرجم إذا زنيا.
وقال ابن بطال في شرح البخاري (8/431): فالرجم ثابت بسنة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وبفعل الخلفاء الراشدين، وباتفاق أئمة أهل العلم؛ منهم مالك بن أنس في أهل المدينة، والأوزاعي في أهل الشام، والثورى وجماعة أهل العراق، والشافعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور. ودفع الخوارج الرجم والمعتزلة واعتلوا بأن الرجم ليس فى كتاب الله تعالى وما يلزمهم من اتباع كتاب الله مثله يلزمهم من اتباع سنة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لقوله تعالى : ﴿وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا﴾ [ الحشر: 7 ] فلا معنى لقول من خالف السنة وإجماع الصحابة واتفاق أئمة الفتوى ولا يعدون خلافًا.
وقال ابن حزم في المحلى (11/231): اتَّفَقُوا كلهم حَاشَ من لاَ يُعْتَدُّ بِهِ بِلاَ خِلاَفٍ وَلَيْسَ هُمْ عِنْدَنَا من الْمُسْلِمِينَ فَقَالُوا إنَّ على الْحُرِّ وَالْحُرَّةِ إذَا زَنَيَا وَهُمَا مُحْصَنَانِ الرَّجْمَ حتى يَمُوتَا.
وقال ابن رشد في بداية المجتهد (2/434) فَأَمَّا الثُّيَّبُ الْأَحْرَارُ الْمُحْصَنُونَ فَإِنَّ الْمُسْلِمِينَ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ حَدَّهُمُ الرَّجْمُ إِلَّا فِرْقَةً مِنْ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ فَإِنَّهُمْ رَأَوْا أَنَّ حَدَّ كُلِّ زَانٍ الْجَلْدُ.
وقال ابن قدامة في المغني (9/35): وُجُوبِ الرَّجْمِ عَلَى الزَّانِي الْمُحْصَنِ، رَجُلًا كَانَ أَوْ امْرَأَةً. وَهَذَا قَوْلُ عَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ الصَّحَابَةِ، وَالتَّابِعِينَ، وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنْ عُلَمَاءِ الْأَمْصَارِ فِي جَمِيعِ الْأَعْصَارِ، وَلَا نَعْلَمُ فِيهِ مُخَالِفًا إلَّا الْخَوَارِجَ.
وقال العيني في عمدة القاري (24/41): اسْتِحْقَاق الزَّانِي الْمُحصن للْقَتْل وَهُوَ الرَّجْم بِالْحِجَارَةِ، وَأجْمع الْمُسلمُونَ على ذَلِك.
قال الجصاص في أحكام القرآن (5/105) وقد أنكرت طائفة شاذة لا تعد خلافا الرجم وهم الخوارج وقد ثبت الرجم عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بفعل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وبنقل الكافة والخبر الشائع المستفيض الذي لا مساغ للشك فيه وأجمعت الأمة عليه فروى الرجم أبو بكر وعمر وعلي وجابر بن عبدالله وأبو سعيد الخدري وأبو هريرة وبريدة الأسلمي وزيد بن خالد في آخرين من الصحابة..
والحاصل: أن منكري ذلك على خطر عظيم:
قال القاضي عياض رحمه الله في الشفا (2/238): وكذلك وقع الإجماع على تكفير كل من دافع نص الكتاب، أو خص حديثاً مجمعاً على نقله مقطوعاً به، مجمعاً على حمله على ظاهره ، كتكفير الخوارج بإبطال الرجم. اهـ
وقال ابن حزم في طوق الحمامة (287) وقد أجمع المسلمون إجماعاً لا ينقضه إلا ملحد أن الزاني المحصن عليه الرجم حتى يموت.
وقال الزجاج في معاني القرآن (2/178): وقوله: ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾ أي من زعم أن حكماً من أحكام اللَّه التي أتَتْ بها الأنبياءُ عليهم السلام باطل فهو كافر، أجمعت الفقهاءَ أن من قال إِن المحصَنَين لا يجب أن يرجما إذا زنيا وكانا حُرَّين كافِرٌ، وإنما كفر من رد حكماً من أَحكام النبي ﷺ لأنه مكذِبٌ له، ومن كذب النبي فهو كافر. اهـ
وكذا قال الأزهري في تهذيب اللغة (10/112).
وكذا قال النحاس في معاني القرآن (2/315): وقد أجمعت الفقهاء على أنه من قال لا يجب الرجم على من زنى وهو محصن أنه كافر. اهـ وكذا قال ابن منظور في لسان العرب (5/145).
هذا ما قصدناه من الرد على منكري عقوبة الرجم في الإسلام بدافع الرحمة.
وصدق رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ القائل: «الأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ فما تَعَارَفَ منها ائْتَلَفَ وما تَنَاكَرَ منها اخْتَلَفَ».
وجاء عن عثمان رضي الله عنه أنه قال: ما أسر عبد بسريرة إلا رداه الله رداء مثلها إن خيرا فخير ، وإن شرا فشر أخرجه أبو داود في الزهد (100).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الاستقامة (355): ولهذا جاء عن عثمان أو غيره أنه قال: ما أسر أحد بسريرة إلا أبداها الله على صفحات وجهه وفلتات لسانه. اهـ.
وقد وضعت الشريعة شروطاً من الصعب جداً توافرها قبل إيقاع العقوبة، فإن لم تتوافر هذه الشروط مجتمعة لا يقام الحد على صاحب الجريمة جلداً كان أو رجماً، فهذه الجريمة لا تثبت إلا بشهادة أربعة شهود عدول يشهدون عند القاضي أنهم رأوا الرجل والمرأة يزنيان، قال الله تعالى: ﴿ لَوْلا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُوْلَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ ﴾ [النور:13].

وقد فرضت الشريعة عقوبة الجلد ثمانين جلدة على من قذف رجلاً عفيفاً أو امرأة عفيفة بالزنا ثم لم يأت بأربعة شهداء، قال الله: ﴿ وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ [النور:4].

حتى لو شهد ثلاثة على رجل أو امرأة بالزنا، وذكروا أنهم رأوا منهما الزنا بلا خفاء، فإن هؤلاء الشهود الثلاثة يجلدون، ويَسلم الرجل والمرأة من حد الزنا؛ لكون الشهود لم يكونوا أربعة!
قد قرر الفقهاء أنَّ الزاني إذا تاب قبل القدرة عليه، فإن التوبة تُسْقِط عنه الحد، وإذا رجع عن إقراره وكذَّب نفسه لم يُقم عليه الحد، وإذا اختلف الشهود في وصف الحادثة يسقط الحد عن المتهمين بالزنا ويجلد الشهود حد القذف!! بل لو أقر رجل بأنه زنى بامرأة وسمّاها، فإنه يُقام الحد عليه وحده، ولا يقام على تلك المرأة إلا إذا أقرت!

ومن القواعد الشرعية المعروفة: «ادرءوا الحدود بالشبهات»، فأي شبهة فإنها تكون في صالح المتهم، ويجب على القاضي أن يسقط الحد عن الرجل أو المرأة بأدنى شبهة.

وقد رغَّبت الشريعة الإسلامية في الستر على عورات المسلمين، وإمساك الألسنة عن ذكر الفاحشة إن وقعت، قال الله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ﴾ [النور:19].

وحين أقر ماعز الأسلمي رضي الله عنه بالزنا لم يستعجل النبي صلى الله عليه وسلم في رجمه، بل حرص على أن يجد أي مسوغ لمنع إقامة الحد عليه، وعاتب الرجل الذي حثه على الإقرار وتمنى أنه ستره، فعن نعيم بن هزال رضي الله عنهما عن أبيه ((أنَّ ماعزاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فأقر عنده أربع مرات، فأمر برجمه، وقال لهزال: لو سترته بثوبك كان خيراً لك)). رواه أبوداود (4377)، وهو في السلسلة الصحيحة (3460).

فهل بعد هذا كله يُقال: إنَّ جلد الزاني غير المحصن، ورجم الزاني المحصن يُنافي رحمة الشريعة وحكمتها؟!.
ماذا يبقى للإنسان من آدميته وكرامته إذا تُركت هذه الفاحشة يُعلن بها أمراض القلوب من غير استحياء، ثم لا يمنعهم أحد من هذه الفاحشة؟! إن من يتجرأ على هذه الفعلة الشنيعة، ثم افتضح حاله حتى يراه هذا العدد في ذلك الوضع؛ لهو إنسان مفسد ضال مضل، ولو لم يتم بتره أو تربيته فإنه يشكل خطراً عظيماً على المجتمع كله.

ونعوذ بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن.
﴿رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ﴾ [آل عمران: 8]

ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب، اللهم مصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك.
هذا والله ولي التوفيق وحق النقل والاقتباس والطبع مكفول لكل مسلم وسلمة حتى ولو لم يشر إلى المصدر المنقول عنه.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.



وكان الفراغ منه في الأول من يونيو 2021م.
زهدي جمال الدين محمد
الإسكندرية. جمهورية مصر العربية.