و للرد نقول
لفهم معنى حديث يجب الاطلاع على مختلف رواياته
فللحديث الشريف رواية أخرى تقول
- خمسٌ من الدوابِّ لاجناحَ ، على مَن قتلَهنّ ، في قتلِهن : الغرابُ ، والحِدَأةُ ، والعقربُ ، والفأرةُ ، والكلبُ العقورُ . وفي روايةٍ : خمسٌ لاجناحَ في قتلِ ما قتلَ منهن في الحرمِ . فذكر بمثلِه .
الراوي : عائشة أم المؤمنين المحدث : البخاري
المصدر : صحيح البخاري الصفحة أو الرقم1829 خلاصة حكم المحدث : صحيح
و يتضح من هذه الرواية أن معنى الحديث أن المحرم للحج أو العمرة لا يأثم إذا قتل أحد هذه الدواب الخمس فلا جناح عليه فى قتلهن و ليس أن المسلم مأمور دائما بقتلهن فالمسلم مخير فى قتلهن أو تركهن وفقا لما يراه و وفقا لهل يقع عليه ضرر منهن أم لا ؟ فإن قتلهن حتى و هو محرم دفعا لضررهن فلا إثم عليه
و الأصل أن المحرم لا يحل له قتل الحيوان للصيد و لكن هذه الدواب الخمسة مباح له أن يقتلهن دفعا لضررهن حتى فى الحرم و هو محرم
و ليس كل الغربان يباح قتلها بل الغراب الأبقع فحسب على الأرجح
- خَمسُ فواسقَ تُقْتَلْنَ في الحِلِّ و الحَرَمِ : الحيَّةُ ، و الغرابُ الأبقعُ ، و الفأرةُ ، و الكَلبُ العقورُ ، و الحُدَيَّا
الراوي : عائشة أم المؤمنين المحدث : الألباني
المصدر : صحيح الجامع الصفحة أو الرقم: 3244 خلاصة حكم المحدث : صحيح
و إنما أبيح قتل الغراب الأبقع لما يتسبب فيه من الأذى
قال القاضي عياض : وقوله : " الغراب الأبقع " كل ما فيه بياض وسواد فهو أبقع ، وأصله لون يخالف بعضه بعضا . اهـ .
وقال ابن قدامة: وهذا يُقيد المطلق في الحديث الآخر ، ولا يمكن حَمْله على العموم ، بدليل أن المباح من الغربان لا يَحِلّ قَتْله .
قال العيني : (الروايات الْمُطْلَقة محمولة على هذه الرواية الْمُقَيَّدة التي رواها مسلم ، وذلك لأن الغراب إنما أُبيح قتله لكونه يبتدئ بالأذى ، ولا يبتدئ بالأذى إلا الغراب الأبقع ، وأما الغراب غير الأبقع فلا يبتدئ بالأذى ، فلا يباح قتله ، كالعقعقق وغراب الزرع ، ويقال له الزاغ ، وأفتوا بجواز أكله ، فَبَقِي ما عداه من الغربان مُلْتَحِقًا بالأبقع .)
فالحكمة من إباحة قتل الغراب الأبقع أنه يبدأ بالأذى
ونقل المناوي عن الزمخشري أن الفسقهنا بمعنى: الخبث والخروج عن الحرمة، ونقل عن غيره أنها فواسق بمعنى: خروجها بالإيذاء والإفساد عن طريق معظم الدواب، وكأن فسقها بهذا المعنى كان سبباً في جواز قتلها، للإيذاء المترتب عليه، قال المناوي: ويزيد الغراب: بحل سفرة المسافر، ونقب جربه.انتهى
فلعل هذه هي الحكمة من قتل الغراب و هى أنه يفسد متاع المسافرين و ينقب جربهم
و كذلك الحدأة
فالحدأة قد تنقض من السماء لتخطف أشياء و هى تحسبها لحما كما جاء فى حديث آخر فى البخارى
- أنَّ وليدةً كانت سوداءَلحيِّ منَ العربِ ، فأعتَقوها فكانتْ معَهم ، قالتْ : فخرَجَتْ صَبِيَّةٌ لهم ، عليها وِشاحٌ أحمرُ من سُيورٍ ، قالتْ : فوضَعَتْه ، أو وقَع منها ، فمرَّتْ به حُدَيَّاةٌ وهو مُلقًى ، فحسِبَتْه لحمًا فخطِفَتْه ، قالتْ : فالتَمِسوه فلم يَجِدوه ، قالتْ : فاتهِموني به ، قالتْ : فطفِقوا يُفَتِّشونَ ، حتى فتَّشوا قُبُلَها ، قالتْ : واللهِ إني لقائمةٌ معَهم ، إذ مرَّتِ الحُدَيَّاةُ فألقَتْه ، قالتْ : فوقَع بينهم ، قالتْ : فقلتُ : هذا الذي اتَّهَمتُموني به ، زعَمتُم وأنا منه بريئةٌ ، وهو ذا هو ، قالتْ : فجاءَتْ إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فأسلَمَتْ ، قالتْ عائشةُ : فكان لها خِباءٌ في المسجدِ أو حِفشٌ ، قالتْ : فكانَتْ تأتيني فتحَدَّثُ عِندي ، قالتْ : فلا تجلِسُ عِندي مجلسًا ، إلا قالتْ : ويومَ الوِشاحِ من أعاجيبِ ربِّنا * ألا إنه من بلدةِ الكفرِ أنجاني قالتْ عائشةُ : فقلتُ لها : ما شأنُك ، لا تَقعُدين معي مَقعدًا إلا قلتِ هذا ؟ قالتْ : فحدَّثَتْني بهذا الحديثِ.
الراوي : عائشة أم المؤمنين المحدث : البخاري
المصدر : صحيح البخاري الصفحة أو الرقم439 خلاصة حكم المحدث : صحيح
و للإمام مالك قول جميل فى فهم الحديث
وقال مالك : المعنى فيهن كونهن مؤذيات ، فكل مؤذ يجوز للمحرم قتله ، وما لا فلا .
فلو لم يقع أذى من الغراب أو الحدأة على المحرم فله ألا يقتلهما إنما أبيح قتلهما لما يتسببا فيه من الأذى
( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة )
ثم وصف تعالى ذكره نفسه بأنه المتوحد بخلق جميع الأنام من شخص واحد ، معرفا عباده كيف كان مبتدأ إنشائه ذلك من النفس الواحدة ، ومنبههم بذلك على أن جميعهم بنو رجل واحد وأم واحدة وأن بعضهم من بعض ، وأن حق بعضهم على بعض واجب وجوب حق الأخ على أخيه ، لاجتماعهم في النسب إلى أب واحد وأم واحدة وأن الذي يلزمهم من رعاية بعضهم حق بعض ، وإن بعد التلاقي في النسب إلى الأب الجامع بينهم ، مثل الذي يلزمهم من ذلك في النسب الأدنى وعاطفا بذلك بعضهم على بعض ، ليتناصفوا ولا يتظالموا ، وليبذل القوي من نفسه للضعيف حقه بالمعروف على ما ألزمه الله له (تفسير الطبرى)
المفضلات