المطلب الأول

البيع بثمن بخس

قال تعالى: ﴿ وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ يوسف:20. لم يصرح النص القرآني بحكم البيع بثمن بخس، وكذلك فعل القانون المدني المصري، ولذلك يمكن القول بأن عقد البيع يصح رغم كون الثمن المسمى بخسا ولا يتناسب مع قيمة المبيع.
محكمة النقض المصرية
الطعن رقم ٤٩٥ لسنة ٧٦ قضائية
الدوائر المدنية - جلسة ٢٠١٣/٠٥/١٢
العنوان:
بيع " أركان عقد البيع: الرضا: البيع البات: عيوب الرضا: الغبن " " الثمن " "التزامات المشترى: الالتزام بتكملة الثمن في حالة الغبن في البيع " " صورية عقد البيع: أثرها " حكم " عيوب التدليل: مخالفة القانون والقصور في التسبيب " صورية " العقود والتصرفات القانونية التي ترد عليه الصورية: الصورية في عقد البيع " الطعن بالصورية: الطعن بالصورية من الوارث على التصرف الصادر من مورثه “. عقد أركان العقد وشروط انعقاده: عيوب الرضا: الغبن". وصية " طعن الوارث في تصرفات مورثه بأنه يستر وصية"
الموجز:
الثمن البخس. ماهيته. ما يقل كثيراً عن قيمة المبيع. اعتباره ثمناً جدياً قصد البائع أن يتقاضاه. اعتبار العقد صحيحاً ومنجزاً معه. طلب البائع إبطاله أو تكملة الثمن. شرطه. وقوع البيع على عقار وكونه صادراً من غير ذي أهلية وأن يزيد الغبن على الخمس. للبائع أن يطلب تكملة الثمن إلى أربعة أخماس ثمن المثل. م ٤٢٥ مدني. علة ذلك.
القاعدة:
الثمن البخس ( في عقد البيع ) فهو الذى يقل كثيراً عن قيمة المبيع ولكنه ثمن جدى قصد البائع أن يتقاضاه ، وهو بهذا الوصف لا يمنع من صحة البيع وتنجيزه ، ولا يملك البائع أن يطلب إبطاله أو تكملة الثمن إلا إذا كان البيع واقعاً على عقار وصادراً من غير ذي أهلية وكان فيه غبن يزيد على الخمس فللبائع أن يطلب تكملة الثمن إلى أربعة أخماس ثمن المثل طبقاً للمادة ٤٢٥ من القانون المدني (٤) ، ذلك أنه لا يشترط أن يكون المقابل في عقد البيع متكافئاً مع قيمة المبيع ، بل كل ما يُشترط فيه ألا يكون تافهاً ، فالثمن البخس يصلح مقابلاً لالتزامات البائع .
(موقع محكمة النقض المصرية)
https://www.cc.gov.eg/judgment_singl...62334&ja=59018.
والثمن البخس هو الثمن الذي يقل عن قيمة المبيع كثيرا ولكنه ثمن جدي قصد البائع أن يتقاضاه كما قصد المشتري أن يدفعه نظير حصوله على المبيع (المرجع السابق).
وقد عرفه البعض بأن الثمن الذي يقل كثيرا عن قيمة المبيع بشكل خارج عن المألوف وعن تقويم المقومين (الزعبي محمد يوسف العقود المسماة: شرح عقد البيع في القانون الأردني دار النشر , 1999, ص 166)، وفي اللغة (ثمن بخس) دون ما يحب.
وقوله عز وجل: ﴿ وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ أي ناقص دون ثمنه (ابن منظور، أبو الفضل جمال الدين " لسان العربي ").
وإذا كانت القاعدة أن عقد البيع ينعقد صحيحا نافذا لازما ولو كان الثمن بخسا إلا أن المؤثر في عقود المعاوضات المالية، بأن كان المتعاقد ضحية تغرير نتج عن غبن فاحش وفق النظام الذي حدده القانون المدني المصري والذي يعتبر التغرير المقترن بالغبن الفاحش سببا لعدم لزوم العقد لصالح المتعاقد الذي وقع ضحية للتغرير والتحايل. (جمعة، عبد الرحمن، المرجع السابق، أنظر أيضا الزعبي، محمد يوسف " العقود المسماة: شرح عقد البيع في القانون الأردني دار النشر , 1999 , ص 166.).
وحيث يبدو واضحا من جو النص القرآني أن السيارة الذين عثروا على سيدنا يوسف عليه السلام لم يكونوا مهتمين بالاحتفاظ به فيستبعد احتمال تعرضهم لتغرير من أي نوع، كما يستبعد أن يكونوا قد شعروا بالغبن لبيع سيدنا يوسف بثمن بخس بدليل قوله تعال ﴿ وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ.
وعلى ذلك جرى حكم بيع سيدنا يوسف صحيحا نافذا لازما لاستبعاد شبهة التغرير المقرون بالغبن الفاحش. لكن اللافت أن هذا البيع وقع على آدمي حر هو سيدنا يوسف عليه السلام وهو باطل من هذه الناحية أيا ما كان الثمن الذي بيع به نبي الله يوسف، وقد نصت المادة 210 من مجلة الأحكام العدلية العثمانية على ما يلي بيع ما لا يعد مالا بين الناس والشراء به باطل.
مثلا لو باع جيفا أو آدميا حرا واشترى بهما مالا فالبيع والشراء حرام.
وعلى أهمية النص الوارد في مجلة الأحكام العدلية العثمانية لتناوله حالة بطلان البيع إذا وقع على ما لا يعد مالا، إلا أنه لم يوضح الحكم الخاص بالبيع لو وقع على ما يعد مالا ولكنه جرى بثمن بخس.
ولعل من المفيد أن يوضح المشروع المصري موقفه من عقد البيع إذا تم بثمن بخس نظرا لما يحيط بهذا البيع من شبهات، ذلك أن الإنسان الراشد لا يقايض الشيء بما يعادل أو يدانيه في القيمة إلا إذا كان حصوله على الشيء المراد بيعه بثمن بخس قد تم بطريقة غير شرعية كالسرقة أو اللقطة مثلا.
وعلى المشرع في هذا الصدد أن يضع معيارا لتقدير ما إذا كان الثمن المسمى في عقد البيع بخسا، وألا يترك الأمر مفتوحا لاجتهادات قد تؤدى إلى الاختلاف وتعارض الأحكام. (تعتبر مجلة الأحكام العدلية العثمانية مصدرا تاريخيا والتي تقضي " بلغي العمل بما يتعارض مع أحكام هذا القانون من مجلة الأحكام العدلية.). https://maqam.najah.edu/legislation/158/