يَسُوعُ أَنَاثِيمَا
كلمة وردت في نصوص عديدة في العهد الجديد لا نعرف لها معنى ولها علاقة بصلب السيد المسيح، هل هي لغة عربية؟
هل هي لغة عبرية؟ هل هي لغة آرامية؟ أم أنها كلمة يونانية؟
لماذا هذه الكلمة متروكه هكذا في النصوص بلغة غير مفهومه؟
هل هناك سِر وراء ترك الكلمة مُبهمة ؟.
فلنشاهد
يقول الرسول بولس: "إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يُحِبُّ الرَّبَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ فَلْيَكُنْ أَنَاثِيمَا! مَارَانْ أَثَا. نِعْمَةُ الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ مَعَكُمْ. مَحَبَّتِي مَعَ جَمِيعِكُمْ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ. آمِينَ" (1كورنثوس 22:16-24).
لماذا لم تترجم كلمتي (مَارَانْ أَثَا) و (أَنَاثِيمَا) ؟.
أولاً: معنى (مَارَانْ أَثَا)..
جاء في شروحاتهم أن معنى (مَارَانْ أَثَا) الواردة في النص كالأتي:
كلمة (مار) السريانية، والآرامية بمعني سيد أو (رب). وكلمة (آثا) تعني يأتي.
والعبارة كلها معناها: الرب يأتي أو ربنا سيأتي. وهي عبارة تحية كان يتبادلها المسيحيون في العصر الرسولي، معزين أو مبشرين بعضهم بعضاً بمجيء الرب- أي افرحوا إن الرب سيأتي- وأحياناً كانوا يختمون بها رسائلهم، كما ختم بها القديس بولس الرسول رسالته الأولي إلى أهل كورنثوس.
ففي بعض الأحيان يحتفظ الاسم نفسه بالكلمة باللغة الأصلية، إذ أنه في بعض الأحيان تجد أن ترجمة بعض الكلمات التي لها مصطلحات معينة وأخذت على مدى التاريخ جو معين. فإن الترجمة لها يضعفها.
فكل كلمة لها تاريخ، وعليه أصبح للكلمة في تاريخها لها معنى معين لو ترجمتها تفقد المعنى.

ثانياً: معنى كلمة (أَنَاثِيمَا)
من العبارات التي يستخدمها رجال الدّين المسيحيّ في معاقبة وإقصاء أو التخلّص مِمَّن لا يريدونهم في كنيستهم: الحرمان، الطرد، الإبعاد، اللّعنة، العزل،. وهذه كلّها يعبّرون عنها بالكلمة اليونانيّة أَنَاثِيمَا (Anathema)، التي تعني أصلاً ما يُقدَّم للآلهة مِن قرابين.
تقول التوراة في سفر التثنية (21 /22):
[إِنِ ارْتَكَبَ إِنْسَانٌ جَرِيمَةً عِقَابُهَا الإِعْدَامُ، وَنُفِّذَ فِيهِ الْقَضَاءُ وَ (عَلَّقْتُمُوهُ عَلَى خَشَبَةٍ)، 23فَلاَ تَبِتْ جُثَّتُهُ عَلَى الْخَشَبَةِ، بَلِ (ادْفِنُوهُ فِي نَفْسِ ذَلِكَ الْيَوْمِ)، لأَنَّ (الْمُعَلَّقَ مَلْعُونٌ مِنَ اللهِ). فَلاَ تُنَجِّسُوا أَرْضَكُمُ الَّتِي يَهَبُهَا لَكُمُ الرَّبُّ مِيرَاثاً.].
ـ وقد أكّد ذلك إمام النصارى وأستاذهم الأعظم (شاول اليهودي):
غلاطية 3: 13إِنَّ الْمَسِيحَ حَرَّرَنَا بِالْفِدَاءِ مِنْ (لَعْنَةِ الشَّرِيعَةِ)، إِذْ (صَارَ لَعْنَةً) عِوَضاً عَنَّا، لأَنَّهُ قَدْ كُتِبَ: («مَلْعُونٌ كُلُّ مَنْ عُلِّقَ عَلَى خَشَبَةٍ»).

ورغم ذلك يؤمن كثير من النصارى بصلب المسيح (رغم أن التوراة تنصّ على أن المصلوب ملعون ونجس)، بل ويقدّسون قول اليهودي شاول (بدلاً من لعنه والبراء منه وأقواله) الذي كذب عليهم وجعل المسيح لعنة («مَلْعُونٌ كُلُّ مَنْ عُلِّقَ عَلَى خَشَبَةٍ»). أو كما تأفّك: إِذْ (صَارَ لَعْنَةً) عِوَضاً عَنَّا.

إن الإيمان بيسوع مصلوباً يعني الإيمان به ملعوناً! ففي رِسَالَة بُولُسِ الأُولَى إِلَى أَهْلِ كُورِنْثُوسَ كان أتباعه يَلعَنُونَه، بشكل عفوي و نهاهم بولس عن ذلك في رسالته إليهم و التي كتبها في ربيع 56 م:[3لِذلِكَ أُعَرِّفُكُمْ أَنْ لَيْسَ أَحَدٌ وَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِرُوحِ اللهِ يَقُولُ: «يَسُوعُ أَنَاثِيمَا». وَلَيْسَ أَحَدٌ يَقْدِرُ أَنْ يَقُولَ: «يَسُوعُ رَبٌّ» إِلاَّ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ.].. (أنظر1 كُورِنْثُوسَ 12/3).

ثم بعد أقل من سنة يَنقلِبُ بولس رأساً على عقب، و يكتب رسالته إِلَى أَهْلِ غَلاَطِيَّةَ في شتاء 57 م لِيُعْلِنَ بوجهٍ لا يقبَلُ التأويل، أنّ المسيحَ يسوع ملعونٌ كما جاء في (غلا 3/13) :
[13اَلْمَسِيحُ افْتَدَانَا مِنْ لَعْنَةِ النَّامُوسِ، إِذْ صَارَ لَعْنَةً لأَجْلِنَا، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: «مَلْعُونٌ كُلُّ مَنْ عُلِّقَ عَلَى خَشَبَةٍ». 14لِتَصِيرَ بَرَكَةُ إِبْرَاهِيمَ لِلأُمَمِ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ، لِنَنَالَ بِالإِيمَانِ مَوْعِدَ الرُّوحِ.].

وهكذا فإن معنى كلمة «يَسُوعُ أَنَاثِيمَا» ... أي أن «يَسُوعَاً مَلْعُونٌ».
هذه فضيحة! وبالخصوص أنّ يسوع هو الله المتجسّد في دين بولس.

يقول المفسر البرت بارنيس عن كلمة أناثيما الآتي:
Albert Barnes’ Notes on the Bible – Albert Barnes (1798-1870)
Accursed – Margin, “Anathema” (ἀνάθημα anathēma); see the Act_23:14 note; Rom_9:3 note; compare 1Co_16:22; Gal_1:8-9. The word is one of execration, or cursing; and means, that no one under the influence of the Holy Spirit could curse the name of Jesus, or denounce him as execrable and as an impostor.

الترجمة:
(ملعون – الهامش، “أناثيما” (ἀνάθημα anathēma)؛ أنظر أعمال الرسل 23: 14 ورومية 9: 3 وقارن كورونثيوس الأولى 16: 22 وغلاطيه 1: 8 و9.
الكلمة مُشتقة من اللعن، وهي تعني أنه لا يمكن لشخص تحت سيطرة الروح القدس أن يلعن اسم يسوع، أو أن يصفه بأنه مقيت أو محتال.) انتهى.
قد علمنا أن الكلمة لها معنى معروف فلماذا لم تترجم في هذه النصوص؟.

الإجابة ترجع إلى سببين:
الأول: يصف بولس كل من لم يؤمن بيسوع أناثيما فهو ملعون.
(وَلكِنْ إِنْ بَشَّرْنَاكُمْ نَحْنُ أَوْ مَلاَكٌ مِنَ السَّمَاءِ بِغَيْرِ مَا بَشَّرْنَاكُمْ، فَلْيَكُنْ «أَنَاثِيمَا») رسالة بولس الرسول إلى أهل غلاطية 1 :8.!.
(إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يُحِبُّ الرَّبَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ فَلْيَكُنْ أَنَاثِيمَا. مَارَانْ أَثَا) كورنثوس 16: 221.
(كَمَا سَبَقْنَا فَقُلْنَا أَقُولُ الآنَ أَيْضاً: إِنْ كَانَ أَحَدٌ يُبَشِّرُكُمْ بِغَيْرِ مَا قَبِلْتُمْ، فَلْيَكُنْ أَنَاثِيمَا) غلاطية 1: 9.
من لا يحب يسوع فهو ملعون أو محروم من دخول الجنة، يا لها من محبة مسيحية رائعة!.
يرموننا باللعنة ثم يقولون الله محبة.

ثانيا: بولس لعن يسوع نفسه:
(لِذَلِكَ أُعَرِّفُكُمْ أَنْ لَيْسَ أَحَدٌ وَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِرُوحِ اللهِ يَقُولُ يَسُوعُ أَنَاثِيمَا. وَلَيْسَ أَحَدٌ يَقْدِرُ أَنْ يَقُولَ يَسُوعُ رَبٌّ إِلاَّ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ) كورنثوس 12: 31.
(اَلْمَسِيحُ افْتَدَانَا مِنْ لَعْنَةِ النَّامُوسِ، إِذْ صَارَ لَعْنَةً لأَجْلِنَا، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: «مَلْعُونٌ كُلُّ مَنْ عُلِّقَ عَلَى خَشَبَةٍ».). غلاطية: 3 :13.
يلعنون المسيح في صلواتهم ويلعنوننا إن لم نلعنه..

ونحن بدورنا نقول في شأنه:
(وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا) مريم :15.