

-
المبحث الأول
الحيل التي اتَّبعها [ يوسف ] مع اخوته .!.
إن ّ[ احتيال ] سيّدنا يوسف لأجل أخذ أخيه عنده ، دون أمرٍ سلطوي ، أو إشعارٍ لهم بحقيقةِ شخصه .
و [ احتياله ] لإبعاد الشكِّ عن تدبيراته من أجل أخذ أخيه .
و [ احتياله ] لهم حتى يقبلوا بشريعة أبيهم لكي يُبقي أخاه عنده.
كلُّ ما تقدَّم ، أمرٌ يستحق التوقف والتأمل الفقهي ، لأجل الوصول الى حُكمٍ في مسألةٍ هي من أخطر المسائل حسَّاسيَّةً ، ألا وهي مسألة ما أطلق عليه ، أو قل ما اصطُلِح عليه:( بالحيل الشرعيَّة).
إنّ الاصطلاح لا مناقشة فيه ..إذ: [ لا مشَّاحة في الاصطلاح ] ، فالعبرة بحقيقة الأشياء لا بأسمائها ، فاختلاف الأسماء لا يُغيِّرُ مِن حقيقة المسميَّات ، وإن كان الأفضل تجنُّب الألفاظ المثيرة للإبهام والإيهام .
إنَّ لفظ [ الاستحسان ] أثار ما أثار بسبب الفهم المتعجل لمعناه ، ولو رجعنا إلى مقصود أصحابه منه لَما قيل الذي قيل فيه وفي المتَّخذين له دليلا، وما زال ذلك غُصَّةً في حلوق الطرفين : القائلين به ، والمنكرين له .
فلو اختار أصحابُهُ غيْرَ هذا الاسم لَمَا توَلَّد الالتباس ، ولو تأنى مُنْكِرُه لما لِيِمَ على حُكمهِ ، والله سبحانه وتعالى يقول : (… فتبينوا ... ) .
بعد هذا ينبغي أن نُشَخِّص ( الحيلة ) التي استعملها سيِّدُنــــا [ يُوسف ]عليه السلام ، حتى نستطيع الحكم عليها بمقبوليَّةٍ أو رفضٍ ، لكي يكون الكلام بعدئذٍ في مدى إمكان الأخذ بها في شريعتنا ، رغم أنَّها وردت في قرآننا العظيم ، على أنّها مِن تطبيقات الشرائع السابقة لشريعة نبيِّنا عليه أفضل الصلاة والتسليم .
لقد احتال لهم أول مرَّة :
(فلمّا جهّزهم بِجَهازِهِم جَعَلَ السقاية في رحْل أخيه ثمَّ أذنّ مؤذّن أيتها العيرُ إنّكم لسارقون )[15]فقد فعل هذا تمهيداً لاتِّهامهم بالسرقة.
ثم احتال لهم ثانيةً حين سألهم :
( .. فما جزاؤه إن كنتم كاذبين ..)
فلما أراد أن يستبقي عنده أخاه ، ولم يكن له من سبيلٍ في قانـــــون [ الملك ] ، سألهم عن شريعة أبيهم [ يعقوب] في مثل هذه الحالات ، فأخبروه باسترقاق المسروق منه للسارق ، إن ثبتت السرقة .
فاحتال لهم ثالثة :
(فبدأ بأوعيتهم قبل وعاء أخيه ثم استخرجها من وعـاء أخيه كذلك كدنا ليوسف ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك إلا أن يشاء الله نرفع درجات من نشاء وفوق كل ذي علم عليم ) .
فإبعاداً للظن والتُهمة ، بدأ بالتفتيش في غير رحل أخيه ، أو وِعاء السارق المجازي ، وهو أخاه . وهذا نوع [ احتيال ] .
إنّ هذا الاحتيال امتدحه الله سبحانه وتعالى بكونه هو فعل الذين رفع الله سبحانه وتعالى درجتهم بالعلم :
(..نرفع درجات من نشاء وفوق كل ذي علم عليم ) .
فكان ( الكيد ) - أي التدبير - من الله سبحانه وتعالى ، هو الذي ألهم سيِّدنا يوسف ما فعل ، ولولا فعل سيِّدنا يوسف لما أخذ أخاه ، فهو ممن رفع الله درجته بهذا العلم !! ..
********
إنَّ في هذه الآية من الأمور القانونية والفقهيَّة ، أمور منها :
1- [ احتيال] سيّدنا [ يوسف عليه السلام ] ، بجعل السقاية في رحل أخيه ، تمهيداً لاتّهامه بالسرقة ، ومن ثم تنفيذ بقية ما رسمه في ذهنه !!..
2- [ احتياله ] بانتزاع رضاهم بتحكيم شريعة أبيهم [ يعقوب ] !..
3- [ احتياله ] بإبعاد الظنِّ منهم في كون الأمر مدبَّرٌ ، فيبدأ تفتيشه برحالهم .
فهل : [ الاحتيال ] جائز للأنبياء فقط ؟ أم هو جائز لنا ؟.
وهل : جوازُهُ أصلاً وابتداءً ؟ ، أم عن طريق الرجوع إلى شَرْعِ مَنْ قَبْلَنا ؟.. هذا هو موضوع المبحث الآتي. ..
لتحميل كتبي فضلاً الضغط على الصورة التالية - متجدد بإذن الله
معلومات الموضوع
الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
المواضيع المتشابهه
-
بواسطة صاحب القرآن في المنتدى فى ظل أية وحديث
مشاركات: 76
آخر مشاركة: 21-06-2015, 12:43 AM
-
بواسطة ابوغسان في المنتدى اللغة العربية وأبحاثها
مشاركات: 0
آخر مشاركة: 26-11-2014, 06:23 PM
-
بواسطة فريد عبد العليم في المنتدى المنتدى الإسلامي العام
مشاركات: 0
آخر مشاركة: 13-03-2010, 02:00 AM
-
بواسطة ياسر سواس في المنتدى المنتدى العام
مشاركات: 0
آخر مشاركة: 16-02-2010, 10:39 PM
-
بواسطة نسيبة بنت كعب في المنتدى منتدى الصوتيات والمرئيات
مشاركات: 2
آخر مشاركة: 08-09-2007, 12:22 PM
الكلمات الدلالية لهذا الموضوع
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى

المفضلات