

-
اسهل عقيده اسلاميه لاطفل المسلم من الكتاب: التوحيد للناشئة والمبتدئين المؤلف: عبد العزيز بن محمد بن علي آل عبد اللطيف
التوحيد للناشئة والمبتدئين
بسم الله الرحمن الرحيم
توجيهات عامة الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد: فهذا كتاب التوحيد للمرحلة الأولية، وقد روعي فيه عرض أهم مسائل التوحيد مع الإيجاز، ووضوح العبارة بما يناسب تلك المرحلة، وقد حوى جملة من الأدلة على مسائل التوحيد، مع حسن العرض وترتيب المعلومات، وإشارة إلى بعض الجوانب التربوية والسلوكية لتلك المادة.
وهذا الكتاب يصلح تدريسه للناشئة والمبتدئين.
سائلا الله القدير أن ينفع به، ويجعله خالصا لوجهه الكريم، وأن يبارك في جهود العاملين للإسلام، وأن يرزق الجميع حسن القصد واتباع الحق وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
المؤلف
(1/3)
________________________________________
[أسئلة في التوحيد للمبتدئين (1) ]
لا إله إلا الله
محمد رسول الله
ربى الله
أنا أعبد ربى
أنا أحبّ ربى س1: مَن ربُّك؟
ج1: ربّي الله.
س 2: مَن الذي خلقك؟
ج 2: الله الذي خلقني وخلق الناس جميعًا.
س3: مَن الذي خلق الليل والنهار والشمس والقمر؟
ج3: الله الذي خلق الليل والنهار والشمس والقمر.
س4: مَن الذي خلق الأرض التي نمشي عليها؟
ج4: الله الذي خلق الأرض التي نمشي عليها.
س5: مَن الذي خلق البحار وأجرى الأنهار؟
ج 5: الله الذي خلق البحار وأجرى الأنهار.
(1/5)
________________________________________
س6: من الذي ينزِّل المطر من السماء؟
ج6: الله الذي ينزِّل المطر من السماء.
س7: مَن الذي خلق الأشجار وأخرج منها الثمار؟
ج7: الله الذي خلق الأشجار وأخرج منها الثمار.
(1/6)
________________________________________
[أسئلة في التوحيد للمبتدئين (2) ]
أنا أعبد الله
أنا أحب الله
الله خلق الناس لعبادته وطاعته
عبادة الله وطاعته واجبة على جميع الناس س1: ما دينك؟
ج1: ديني الإسلام.
س2: ما الإسلام؟
ج2: الإسلام هو توحيد الله، وطاعة الله، وترك مخالفة أمر الله تعالى.
س3: ما أساس الإسلام؟
ج3: أساس الإسلام شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله.
س4: لماذا نقوم جميعا لأداء الصلاة عند سماع الأذان؟
ج4: لأن الصلاة ركن من أركان الإسلام، ولا يكون الإنسان مسلما إلا بفعلها.
(1/7)
________________________________________
س5: مَن الرسول الذي أرسله الله إلينا؟
ج5: النبي محمد صلى الله عليه وسلم هو الرسول الذي أرسله الله إلينا.
س6: لماذا أرسل الله محمدا صلى الله عليه وسلم إلى الناس جميعًا؟
ج6: أرسله الله إلى الناس ليعلمهم الإسلام.
س7: ما الذي يدعو إليه النبي محمد صلى الله عليه وسلم؟
ج7: يدعو النبي محمد صلى الله عليه وسلم إلى عبادة الله وحده، وترك عبادة غير الله.
(1/8)
________________________________________
[معرفة الأصول الثلاثة]
رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا
وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولا ونبيا
يجب علينا معرفة ثلاثة أصول:
معرفة الرب تعالى والدين والرسول الأصل الأول: معرفة الربّ 1 - ربي الله الخالق المالك المدبِّر: قال تعالى: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} [الزمر: 62] (1) .
2 - أعرف ربي بآياته ومخلوقاته: قال تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ} [فصلت: 37] (2) .
3 - الله هو المعبود المستحق للعبادة وحده لا شريك له: قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 21] (3) .
س1: لأي شيء خلقك الله؟
_________
(1) سورة الزمر آية: 62.
(2) سورة فصلت آية: 37.
(3) سورة البقرة آية: 21.
(1/9)
________________________________________
ج1: خلقني لعبادته، كما قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56] (1) .
س2: ما عبادته؟
ج 2: عبادته توحيده وطاعته.
س3: ما معنى لا إله إلا الله؟
ج 3 معنى لا إله إلا الله: لا معبود بحقٍّ إلا الله.
الأصل الثاني: معرفة الدين 1 - الإسلام هو توحيد الله وطاعته، وترك مخالفة أمر الله: قال تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ} [النساء: 125] (2) .
2 - الإسلام هو الدين الذي ارتضاه الله للناس جميعا: قال تعالى: {وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3] (3) .
3 - الإسلام هو دين الخير والسعادة والسرور: قال تعالى: {بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [البقرة: 112] (4) .
_________
(1) سورة الذاريات آية: 56.
(2) سورة النساء آية: 125.
(3) سورة المائدة آية: 3.
(4) سورة البقرة آية: 112.
(1/10)
________________________________________
س1: كم أركان الإسلام؟ وما هي؟
ج1: أركان الإسلام خمسة وهي:
1 - شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله.
2 - إقام الصلاة.
3 - إيتاء الزكاة.
4 - صوم رمضان.
5 - حج بيت الله الحرام مع الاستطاعة.
الأصل الثالث: معرفة النبي صلى الله عليه وسلم 1 - نبيي محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم.
2 - أرسل الله نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم إلى الناس جميعا ليعلمهم الإسلام.
3 - يجب عليّ طاعةُ النبي صلى الله عليه وسلم.
قال تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: 7] (1) .
_________
(1) سورة الحشر آية: 7.
(1/11)
________________________________________
[أصول عقيدتنا]
أصول عقيدتنا ثلاثة
معرفة ربنا وديننا ونبينا الأصل الأول: معرفة ربنا سبحانه 1 - ربنا الله سبحانه خالق السماوات والأرض: قال تعالى: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ} [الأعراف: 54] (1) .
2 - ربنا الله الذي خلق الإنسان وأحسن خلقه: قال تعالى: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} [التين: 4] (2) .
3 - ربنا الله الذي يدبِّر الأمر: قال تعالى: {يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ} [السجدة: 5] (3) .
4 - خلق الله الجن والإنس لعبادته: قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56] (4) .
5 - أمرنا الله بالكفر بالطاغوت والإيمان بالله:
_________
(1) سورة الأعراف آية: 54.
(2) سورة التين آية: 4.
(3) سورة السجدة آية: 5.
(4) سورة الذاريات آية: 56.
(1/12)
________________________________________
قال تعالى: {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى} [البقرة: 256] (1) .
6 - العروة الوثقى هي: لا إله إلا الله، ومعناها: لا معبود بحق إلا الله.
الأصل الثاني: معرفة ديننا الإسلامي 1 - ديننا هو الإسلام لا يقبل الله من أحد سواه:
قال تعالى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ} [آل عمران: 85] (2) .
2 - مراتب الدين الإسلامي ثلاث: الإسلام، والإيمان، والإحسان.
3 - الإسلام: هو الاستسلام لله تعالى بالتوحيد، والانقياد له بالطاعة، والخلوص من الشرك وأهله.
4 - الإيمان: أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره.
5 - الإحسان: أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك.
_________
(1) سورة البقرة آية: 256.
(2) سورة آل عمران آية: 85.
(1/13)
________________________________________
الأصل الثالث: معرفة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم 1 - هو محمد بن عبد الله بن عبد المطّلب الهاشمي القرشي صلى الله عليه وسلم، وهو أفضل الأنبياء وخاتمهم.
2 - بلّغ نبينا صلى الله عليه وسلم هذا الدين، وأمرنا بكل خير، ونهانا عن كل شر.
3 - يجب علينا الاقتداء بنبينا صلى الله عليه وسلم واتِّباعه.
قال تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: 21] (1) .
4 - يجب علينا تقديم محبة نبينا صلى الله عليه وسلم على محبة الأمهات والآباء وجميع الناس.
قال صلى الله عليه وسلم: «لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحبّ إليه من والده وولده والناس أجمعين» (2) ومحبته تكون باتِّباعه وطاعته.
_________
(1) سورة الأحزاب آية: 21.
(2) أخرجه البخاري ومسلم.
(1/14)
________________________________________
[معاني الشهادتين]
أشهد أن لا إله إلا الله
وأشهد أن محمدًا رسول الله 1 - معنى شهادة أن لا إله إلا الله: لا معبود بحق إلا الله.
2 - العبادة: هي كل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال.
3 - أنواع العبادة كثيرة منها: الدعاء، والخوف، والتوكل، والصلاة، والذكر، وبر الوالدين وغيرها.
ودليل الدعاء قوله تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} [غافر: 60] (1) .
ودليل الخوف قوله تعالى: {فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [آل عمران: 175] (2) .
دليل التوكل قوله تعالى: {وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [المائدة: 23] (3) .
_________
(1) سورة غافر آية: 60.
(2) سورة آل عمران آية: 175.
(3) سورة المائدة آية: 23.
(1/15)
________________________________________
ودليل الصلاة قوله تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [الروم: 31] (1) .
ودليل الذكر قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا} [الأحزاب: 41] (2) ودليل بر الوالدين قوله تعالى: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا} [الأحقاف: 15] (3) .
4 - تُصْرَفُ جميع أنواع العبادة لله وحده لا شريك له، فمن صرف منها شيئا لغير الله فهو كافر.
قال تعالى: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} [المؤمنون: 117] (4) 5 - خلق الله الجن والإنس لعبادته وحده.
قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56] (5) .
6 - من عبد الله تعالى حقًّا فسيجد سعادة عظيمة وسرورا كبيرا
_________
(1) سورة الروم آية: 31.
(2) سورة الأحزاب آية: 41. .
(3) سورة الأحقاف آية: 15.
(4) سورة المؤمنون آية: 117. .
(5) سورة الذاريات آية: 56.
(1/16)
________________________________________
وحياة طيبة.
قال تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً} [النحل: 97] (1) .
1 - معنى شهادة أن محمدا رسول الله: تصديقه فيما أخبر، وطاعته فيما أمر، واجتناب ما عنه نهى وزجر، وأن لا يعبد الله إلا بما شرع.
2 - اسمُ نبيِّنا: محمد بن عبد الله بن عبد المطلب الهاشمي القرشي، فهو أفضل العرب نسبا صلى الله عليه وسلم.
3 - أرسل الله نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم إلى الناس كافة، وافترض طاعته على جميع الناس.
قال تعالى: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا} [الأعراف: 158] (2) .
4 - عاش النبي صلى الله عليه وسلم في مكة المكرمة، ودعا إلى التوحيد وعبادة الله وحده، ثم هاجر إلى المدينة النبوية، وأمر ببقية أحكام
_________
(1) سورة النحل آية: 97.
(2) سورة الأعراف آية: 158.
(1/17)
________________________________________
الإسلام مثل الزكاة والصوم والجهاد وغيرها، وتوفي صلى الله عليه وسلم في المدينة وعمره ثلاث وستون سنة.
5 - من خالف أمر النبي صلى الله عليه وسلم فهو مستحق للعذاب الأليم.
قال تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور: 63] (1) 6 - من أطاع النبي صلى الله عليه وسلم فسينال السعادة الكاملة، والفوز الكبير. قال تعالى: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [آل عمران: 132] (2) .
وقال تعالى: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النور: 54] (3) .
_________
(1) سورة النور آية: 63. .
(2) سورة آل عمران آية: 132.
(3) سورة النور آية: 54.
(1/18)
________________________________________
[أنواع التوحيد]
أنواع التوحيد التوحيد: هو إفراد الله تعالى بالربوبية والألوهية وكمال الأسماء والصفات.
أنواع التوحيد: ثلاثة، وهي توحيد الربوبية، وتوحيد الألوهية وتوحيد الأسماء والصفات.
1 - توحيد الربوبية: وهو توحيد الله بأفعاله - سبحانه - مثل الخلق والرزق وتدبير الأمور والإحياء والإماتة ونحو ذلك.
فلا خالق إلا الله، كما قال تعالى: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} [الزمر: 62] (1) .
ولا رازق إلا الله، كما قال تعالى: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا} [هود: 6] (2) .
ولا مدبِّر إلا الله، كما قال تعالى: {يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ} [السجدة: 5] (3) .
_________
(1) سورة الزمر آية: 62.
(2) سورة هود آية: 6.
(3) سورة السجدة آية: 5.
(1/19)
________________________________________
ولا محيي ولا مميت إلا الله، كما قال تعالى: {هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [يونس: 56] (1) .
وهذا النوع قد أقر به الكفار على زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يدخلهم في الإسلام، كما قال تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} [لقمان: 25] (2) .
2 - توحيد الألوهية: وهو توحيد الله بأفعال العباد التي أمرهم بها. فتصرف جميع أنواع العبادة لله وحده لا شريك له، مثل الدعاء والخوف والتوكل والاستعانة والاستعاذة وغير ذلك.
فلا ندعو إلا الله، كما قال تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: 60] (3) .
ولا نخاف إلا الله، كما قال تعالى: {فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [آل عمران: 175] (4) .
_________
(1) سورة يونس آية: 56.
(2) سورة لقمان آية: 25.
(3) سورة غافر آية: 60.
(4) سورة آل عمران آية: 175.
(1/20)
________________________________________
ولا نتوكل إلا على الله، كما قال تعالى: {وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [المائدة: 23] (1) .
ولا نستعين إلا بالله، كما قال تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: 5] (2) .
ولا نستعيذ إلا بالله، كما قال تعالى: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} [الناس: 1] (3) .
وهذا النوع من التوحيد هو الذي جاءت به الرسل عليهم السلام، حيث قال تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [النحل: 36] (4) .
وهذا النوع من التوحيد هو الذي أنكره الكفار قديما وحديثا، كما قال تعالى على لسانهم: {أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ} [ص: 5] (5) .
3 - توحيد الأسماء والصفات: وهو الإيمان بكل ما ورد في
_________
(1) سورة المائدة آية: 23.
(2) سورة الفاتحة آية: 5.
(3) سورة الناس آية: 1.
(4) سورة النحل آية: 36.
(5) سورة ص آية: 5.
(1/21)
________________________________________
القرآن الكريم والأحاديث النبوية الصحيحة من أسماء الله وصفاته التي وصف بها نفسه أو وَصفه بها رسوله على الحقيقة.
وأسماء الله كثيرة، منها: الرحمن، والسميع، والبصير، والعزيز، والحكيم.
قال تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11] (1) .
_________
(1) سورة الشورى آية: 11.
(1/22)
________________________________________
[صفات الفائزين]
صفات الفائزين قال الله تعالى: {وَالْعَصْرِ - إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ - إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} [العصر: 1 - 3] (1) .
أقسم الله تعالى بالعصر وهو الزمان على أن الإنسان في خسارة وهلاك إلا من حقق أربع صفات:
1 - الإيمان: وهو معرفة الله تعالى، ومعرفة نبيه، ومعرفة دين الإسلام.
2 - العمل الصالح: مثل الصلاة والزكاة والصيام والصدق وبرّ الوالدين.
3 - التواصي بالحق: وهو الدعوة إلى الإيمان والعمل الصالح، والترغيب في ذلك.
4 - التواصي بالصبر: وهو الصبر على فعل الطاعات، والصبر عند وقوع المصائب.
_________
(1) سورة العصر الآيات: 1- 3.
(1/23)
________________________________________
[ما ينافي التوحيد ويضاده]
ما ينافي التوحيد ويضاده 1 - أول ما فرض الله على الناس الإيمان بالله والكفر بالطاغوت.
كما قال تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [النحل: 36] (1) .
2 - معنى الطاغوت: كل ما عُبد من دون الله وهو راضٍ.
3 - صفة الكفر بالطاغوت: أن تعتقد بطلان عبادة غير الله تعالى وتتركها وتبغضها، وتكفِّر أهلها وتعاديهم.
4 - الشرك ضد التوحيد، فالتوحيد هو إفراد الله تعالى بالعبادة، والشرك هو صرف إحدى العبادات لغير الله تعالى، مثل أن يدعو غير الله، أو يسجد لغير الله.
5 - الشرك أكبر الذنوب وأعظمها، لقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48] (2) .
_________
(1) سورة النحل آية: 36.
(2) سورة النساء آية: 48.
(1/24)
________________________________________
والشرك يبطل جميع الطاعات، ويوجب الخلود في النار وعدم دخول الجنة، كما قال تعالى: {ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأنعام: 88] (1) .
وقال تعالى: {إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ} [المائدة: 72] (2) .
6 - الكفر ينافي التوحيد، فالكفر أقوال وأعمال تخرج فاعلها عن التوحيد والإيمان.
ومثال الكفر: الاستهزاء بالله تعالى، أو آيات القرآن، أو الرسول كما قال تعالى: {قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ - لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} [التوبة: 65 - 66] (3) .
7 - النفاق ينافي التوحيد، فالنفاق: أن يظهر للناس التوحيد والإيمان ويبطن في قلبه الشرك والكفر.
ومثال النفاق: أن يظهر بلسانه الإيمان بالله ويبطن الكفر كما
_________
(1) سورة الأنعام آية: 88.
(2) سورة المائدة آية: 72.
(3) سورة التوبة آية: 65، 66.
(1/25)
________________________________________
قال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ} [البقرة: 8] (1) .
أي يقولون بألسنتهم آمنا بالله وما هم بمؤمنين حقيقة في قلوبهم.
_________
(1) سورة البقرة آية: 8.
(1/26)
________________________________________
[الإيمان بالله واليوم الآخر]
الإيمان بالله واليوم الآخر معنى الإيمان باليوم الآخر: التصديق الجازم بوقوع هذا اليوم، فيؤمن كل واحد منا بأن الله تعالى يبعث الناس من القبور، ثم يحاسبهم ويجازيهم على أعمالهم، حتى يستقر أهل الجنة في منازلهم، وأهل النار في منازلهم.
والإيمان باليوم الآخر أحد أركان الإيمان، فلا يصح الإيمان إلا به.
والإيمان باليوم الآخر يتضمن ثلاثة أمور: 1 - الإيمان بالبعث والحشر: وهو إحياء الموتى من قبورهم، وإعادة الأرواح إلى أجسادهم، فيقوم الناس لرب العالمين، ثم يحشرون ويجمعون في مكان واحد، حفاة غير منتعلين، عراة غير مستترين، غرلا غير مختونين.
ودليل البعث قوله تعالى: {ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ - ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ} [المؤمنون: 15 - 16] (1) .
_________
(1) سورة المؤمنون آية: 15 - 16.
(1/27)
________________________________________
ودليل الحشر قوله صلى الله عليه وسلم: «يحشر الناس يوم القيامة حفاة عراة غرلا» (1) .
2 - الإيمان بالحساب والميزان: يحاسب الله الخلائق على أعمالهم التي عملوها في الحياة الدنيا، فمن كان من أهل التوحيد ومطيعا لله ورسوله فإن حسابه يسير، ومن كان من أهل الشرك والعصيان فحسابه عسير.
وتوزن الأعمال في ميزان عظيم، فتوضع الحسنات في كفة، والسيئات في الكفة الأخرى، فمن رجحت حسناته بسيئاته فهو من أهل الجنة، ومن رجحت سيئاته بحسناته فهو من أهل النار.
ودليل الحساب قولَه تعالى: {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ - فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا - وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا - وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ - فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا - وَيَصْلَى سَعِيرًا} [الانشقاق: 7 - 12] (2) .
_________
(1) متفق عليه.
(2) سورة الانشقاق آية: 7- 12.
(1/28)
________________________________________
ودليل الميزان قوله تعالى: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ} [الأنبياء: 47] (1) .
3 - الجنة والنار: الجنة هي دار النعيم المقيم، أعدها الله للمؤمنين المتقين، المطيعين لله ورسوله، فيها جميع أنواع النعيم الدائم من المأكولات والمشروبات والملبوسات وجميع أنواع المحبوبات.
وأما النار فهي دار العذاب المقيم، أعدها الله للكافرين الذين كفروا بالله وعَصَوا رُسله، فيها من أنواع العذاب والآلام والنكال ما لا يخطر على البال.
ودليل الجنة قوله تعالى: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} [آل عمران: 133] (2) .
_________
(1) سورة الأنبياء آية: 47.
(2) سورة آل عمران آية: 133.
(1/29)
________________________________________
وقوله تعالى: {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [السجدة: 17] (1) .
وأما الدليل على النار فقوله تعالى: {فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} [البقرة: 24] (2) .
وقوله تعالى: {إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالًا وَجَحِيمًا - وَطَعَامًا ذَا غُصَّةٍ وَعَذَابًا أَلِيمًا} [المزمل: 12 - 13] (3) .
اللهم إنا نسألك الجنة وما قرّب إليها من قول وعمل، ونعوذ بك من النار وما قرّب إليها من قول وعمل.
_________
(1) سورة السجدة آية: 17.
(2) سورة البقرة آية: 24.
(3) سورة المزمل الآيتان: 12 - 13.
(1/30)
________________________________________
[مقدمة عن العقيدة الإسلامية وأهميتها]
مقدمة عن العقيدة الإسلامية وأهميتها إن الدين الإسلامي عقيدةٌ وشريعة، فأما العقائد فيراد بها: الأمور التي تصدق بها النفوس، وتطمئن إليها القلوب وتكون يقينا عند أصحابها لا شك فيها ولا ريب.
والشريعة: تعني التكاليف العملية التي دعا إليها الإسلام كالصلاة والزكاة والصيام وبر الوالدين وغيرها.
وأسس العقيدة الإسلامية هي: الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والإيمان بالقدر خيره وشره.
والدليل على ذلك قوله تعالى: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ} [البقرة: 177] (1) .
وقوله تعالى في القَدَر: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ - وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ} [القمر: 49 - 50] (2) .
وقوله صلى الله عليه وسلم،: «الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته ورسله
_________
(1) سورة البقرة آية: 177.
(2) سورة القمر الآيتان: 49، 50.
(1/31)
________________________________________
واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره» (1) .
* * * أهمية العقيدة الإسلامية: تظهر أهمية العقيدة الإسلامية من خلال أمور كثيرة منها ما يلي:
1 - أن حاجتنا إلى هذه العقيدة فوق كل حاجة، وضرورتنا إليها فوق كل ضرورة؟ لأنه لا سعادة للقلوب، ولا نعيم، ولا سرور إلا بأن تعبد ربها وفاطرها تعالى.
2 - أن العقيدة الإسلامية هي أعظم الواجبات وآكدها؛ لذا فهي أول ما يطالب به الناس، كما قال صلى الله عليه وسلم: «أُمِرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله» (2) .
3 - أن العقيدة الإسلامية هي العقيدة الوحيدة التي تحقق الأمن والاستقرار، والسعادة والسرور.
كما قال تعالى: {بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [البقرة: 112] (3) كما أن العقيدة الإسلامية وحدها هي التي تحقق العافية والرخاء، قال تعالى: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ} [الأعراف: 96] (4) .
4 - أن العقيدة الإسلامية هي السبب في حصول التمكين في الأرض، وقيام دولة الإسلام.
قال تعالى: {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ} [الأنبياء: 105] (5) .
_________
(1) أخرجه مسلم.
(2) أخرجه البخاري ومسلم.
(3) سورة البقرة آية: 112. .
(4) سورة الأعراف آية: 96.
(5) سورة الأنبياء آية: 105.
(1/32)
________________________________________
[الإيمان بالله عز وجل]
[الإيمان بوجود الله تعالى]
الإيمان بالله عز وجل معنى الإيمان بالله عز وجل: هو التصديق الجازم بوجود الله تعالى، والإقرار بربوبيته وأُلوهيته وأسمائه وصفاته.
فتضمن الإيمان بالله عزّ وجل أربعة أمور: 1 - الإيمان بوجود الله سبحانه وتعالى.
2 - الإيمان بربوبية الله تعالى.
3 - الإيمان بأُلوهية الله تعالى.
4 - الإيمان بأسماء الله وصفاته.
وسنتحدث عن هذه الأمور الأربعة تفصيلًا على النحو الآتي:
1 - الإيمان بوجود الله تعالى: 1 - إن الإقرار بوجود الله تعالى أمرٌ فطريّ في الإنسان، وأكثر الناس يعترفون بوجود الله، ولم يخالف في ذلك إلا قلة قليلة من الملاحدة.
(1/34)
________________________________________
إن كل مخلوق قد فطر على الإيمان بخالقه من غير سبق تعليم، وها نحن نسمع ونشاهد من إجابة الداعين وإعطاء السائلين ما يدلُّ دلالة يقينية على وجوده تعالى كما قال سبحانه.
{إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ} [الأنفال: 9] (1) .
ب - ومن المعلوم عند كل شخص أن الحادث لا بد له من مُحْدِث، وهذه المخلوقات الكثيرة والتي نشاهدها في كل وقت لا بد لها من خالقٍ أوجدها، وهو الله عز وجل، لأنه يمتنع أن تكون مخلوقة من غير خالقٍ خَلقها، كما يمتنع أن تخلق نفسها؛ لأن الشيء لا يخلق نفسه.
كما قال تعالى: {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ} [الطور: 35] (2) .
ومعنى الآية: أنهم لم يُخلقوا من غير خالق، ولا هم الذين خلقوا أنفسهم، فيتعيّن أن يكون خالقهم هو الله تبارك وتعالى.
جـ- إن انتظام هذا الكون بسمائه وأرضه ونجومه وأشجاره يدلّ دلالة قطعية على أن لهذا الكون خالقا موحَّدا وهو
_________
(1) سورة الأنفال آية: 9.
(2) سورة الطور آية: 35.
(1/35)
________________________________________
الله سبحانه وتعالى: {صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ} [النمل: 88] (1) .
فهذه الكواكب والنجوم - مثَلَا - تسير على نظام ثابت لا يختل، وكل كوكب يسير في مجال لا يتعداه ولا يتجاوزه.
يقول تعالى: {لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} [يس: 40] (2) .
[الإيمان بربوبية الله تعالى]
2 - الإيمان بربوبية الله تعالى: 1 - معنى الإيمان بربوبية الله تعالى: هو الإقرار بأن الله تعالى رب كل شيء ومالكه وخالقه ورازقه، وأنه المحيي المميت النافع الضار، الذي له الأمر كله، وبيده الخير، وهو على كل شيء قدير، ليس له في ذلك شريك.
والإيمان بربوبية الله هو التصديق الجازم بأن الله سبحانه وتعالى هو الربّ لا شريك له، وإفراد الله بأفعاله، بأن يعتقد أن الله وحده الخالق لكل ما في الكون، كما قال تعالى: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} [الزمر: 62] (3) .
_________
(1) سورة النمل آية: 88.
(2) سورة يس آية: 40.
(3) سورة الزمر آية: 62.
(1/36)
________________________________________
وأنه الرزّاق لجميع المخلوقات، كما قال تعالى: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا} [هود: 6] (1) .
وأنه المالك لكل شيء، حيث قال سبحانه: {لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ} [المائدة: 120] (2) .
ب- قرر الله تعالى انفراده بالربوبية على جميع خلقه، فقال سبحانه: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة: 2] (3) .
ومعنى ربّ العالمين: أي خالقهم ومالكهم ومصلحهم ومربيهم بأنواع نعمه وفضله.
جـ- وقد فطر الله الخلق على الإيمان بربوبية الله تعالى، حتى مشركي العرب زمن النبي صلى الله عليه وسلم، كما قال سبحانه: {قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ - سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ - قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ (4) إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ - سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ} [المؤمنون: 86 - 89] (5) .
_________
(1) سورة هود آية: 6.
(2) سورة المائدة آية: 120.
(3) سورة الفاتحة آية: 2.
(4) معنى يجير ولا يجار عليه: أي يدفع عن عباده المكاره، ولا يقدر أحد أن يدفع ما قدره الله.
(5) سورة المؤمنون الآيات: 86- 89.
(1/37)
________________________________________
إن الإيمان بربوبية الله تعالى لا يكفي العبد في حصول الإسلام، بل لا بد أن يؤمن بألوهية الله تعالى، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد قاتل مشركي العرب مع إقرارهم بربوبية الله تعالى.
د- إن جميع الكون بسمائه وأرضه، وكواكبه ونجومه، وشجره، وإنسه وجنه، كله خاضع لله تعالى.
قال تعالى: {وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ} [آل عمران: 83] (1) .
فليس لأحد من المخلوقات خروج عن قدر الله تعالى، فإن الله تعالى هو مليكهم يصرِّفهم كيف يشاء وِفق حكمته، وهو خالقهم جميعا، وكل ما سوى الله مصنوع فقير محتاج إلى خالقه تعالى.
هـ- إذا تقرر أن الله تعالى له الأمر كله، فلا خالق إلا الله ولا رازق إلا الله، ولا مدبر للكون إلا الله وحده، فلا تتحرك ذرة إلا بإذنه، فإن هذا يوجب تعلق قلوبنا بالله وحده وسؤاله
_________
(1) سورة آل عمران آية: 83.
وأخيراً أسأل الله عز وجل أن يجعل هذا العمل نافعاً، مباركاً، خالصاً لوجهه الكريم
وأن ينفعني به في حياتي وبعد مماتي، وأن ينفع به كل من انتهى إليه؛ فإنه خير مسؤول، وأكرم مأمول، وهو حسبنا ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.
حياكم الله بموقع بداية الهداية الخطوة إلى طريق العلم الشرعي الصحيح
http://www.musacentral.com/
معلومات الموضوع
الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
المواضيع المتشابهه
-
بواسطة مصرمصر في المنتدى المنتدى العام
مشاركات: 2
آخر مشاركة: 29-01-2012, 01:18 PM
-
بواسطة ابو ياسمين دمياطى في المنتدى منتدى الصوتيات والمرئيات
مشاركات: 0
آخر مشاركة: 09-12-2010, 02:37 AM
-
بواسطة ابو ياسمين دمياطى في المنتدى منتدى الصوتيات والمرئيات
مشاركات: 0
آخر مشاركة: 13-11-2010, 03:54 AM
-
بواسطة ابو ياسمين دمياطى في المنتدى منتدى الصوتيات والمرئيات
مشاركات: 0
آخر مشاركة: 21-07-2010, 07:20 AM
-
بواسطة شبكة الحقيقة الاسلامية في المنتدى المنتدى العام
مشاركات: 15
آخر مشاركة: 26-01-2008, 09:43 AM
الكلمات الدلالية لهذا الموضوع
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى

المفضلات