س2/ طيب هذا جيد، نقرؤه عليكم حتى يعرف الإخوة ما نعاني يقول: أرفع إليكم هذا الاقتراح وهو عبارة عن وجهة نظر قد تصيب وقد تخطئ –وهذا صحيح جزاك الله خيرا-، وهو يعبر عن رأي كثير من الطلاب الذين يحضرون هذا الدرس المبارك، وهذا الاقتراح أن في الدرس يلاحظ أن كثيرا من الاستطراد والتفصيل في كثير من المسائل وهو وإن كان مهما ومفيدا في ذاته إلا أني أشعر أنه غير مناسب في هذا المقام، وذلك لأمور منها:
واحد: أن الحضور فيما يظهر ويغلب على الظن من المبتدئين أو المتوسطين في الطلب فعرض بعض المسائل عليهم فيه تشتيت لأذهانهم وربما لم يستوعبوا الكثير منها، وأعرف بعضا من هؤلاء الطلاب.
الثاني: أن المتقدمين في طلب العلم والمتميزين من الممكن أن يُخصّوا بدرس بحيث يبين في بداية الدرس أنه للخاصة وليس لكل أحد.
الثالث: أن بعض المبتدئين والمتوسطين ربما فهموا بعض المسائل فهما خاطئا.
الرابع: ربما ترك الكثير حضور الدرس والانتفاع به لأنه يشعر أنه لا يفهم كثيرا منه.
الخامس: ربما لم يكن لذكر بعض المسائل حاجة ماسة لجميع الطلاب، ويمكن أن تخص بمن يحتاجها أو يسأل عنها.
وفي الختام أقترح أن يوزع على الطلاب استبيان شامل لما يتعلق بالدرس كي يستفاد من آراء واقتراحات الطلاب، وأرجو أن لا أكون أثقلت عليكم بكثرة الكلام وأسأل الله سبحانه وتعال أن يحفظكم ويبارك فيكم ينفع بكم ويبارك فيكم.
ج/ جزاكم الله خيرا. هذا الاقتراح هو وجيه في نفسه، وفي الحقيقة كما تعلمون أنه لابد من التدرج في طلب العلم، لكننا نقع في حرج في مثل هذه الدروس، من لهم الحق الأول وهم الإخوة من الطلاب جزاهم الله خيرا الذين مشوا معنا سنوات في الدروس السابقة، فعلموا شرح لمعة الاعتقاد، ثم علموا شرح الواسطية ثم الآن شرح الطحاوية، فالتدرج في الطلب نمارسه معهم شيئا فشيئا، والعلم له دورة ففي العقيدة مثلا الذي ينتهي معنا إلى شرح الطحاوية وقد علم ما قبلها فقد أخذ دورة كاملة يمكن معه إذا فهم كل ما نقول أن يكون فهم ما ينبغي فهمه في مسائل الاعتقاد.
أما القول بأن هذا للخاصة فهذا في الحقيقة درس للمتوسطين أو ما هو أقل من المتوسط؛ لأن العلم واسع وكثير لكن هذا بلا شك أنه عند من لم يسمع ما قبله فإنه ربما يكون صعب كثيرا؛ لكنه مثلا في هذا الشرح تجد مسائل فيها تقرير أكثر من التقرير الذي في الواسطية، والواسطية ذكرنا تقرير أشياء أكثر مما كان قبلها، وهكذا هذا هو الذي ينبغي على طالب العلم أن يترقى فيه.
فالذي يحضر وهو لم يؤهّل لهذا المستوى مثلا وصعُب عليه بعض الأشياء لعدم تقدم منهجية له في الطلب قبل ذلك فإنه يصبر معنا ويراجع، يفهم ما يفهم والشكوى على الله فيما لم يفهم، وإما أن يجتهد هو في أن يفهم الجميع، وهو لابد له أن يحصِّل ما أحب أنه لا يفهم أو أنه لا يستفيد فكونه يحضر عند من يستفيد منه ويرقيه في العلم أولى.
ولا شك الدروس دائما نواجه فيها بمثل هذا، يأتي واحد يقول هذا صعب، الثاني يقول اليوم ما جبت شيئا زيادة يعني، والواحد يقع في حرج في مثل هذه الزيادة، والعلم واسع العلم كثير كما يقول العوام: العلم بحر، صحيح العلم بحر.
هو تكلم جزاه الله خيرا، وعبارته عبارة طالب علم أثابه الله، تكلم عن جملة من الإخوة الموجودين لأننا نشوف كثير منهم ممن قد لا يمشون معنا خاصة في مسائل القدر، تأتي الآن مسائل العرش والكرسي والملائكة ومسائل كثيرة سهل تقريرها ما في زيادة يعني شيء صعب.
والقدر كما ذكرنا لكم فيه أشياء محدودة.
س3/ هذا سؤال يتعلق بشبهة في القدر.
ج/ الشبهات المنهج فيها حتى نتفاهم مع من عرضت له حتى يستوعب إن شاء الله تعالى، ما تلقى على العامة لأنه يمكن فيه ما لا شبهة عنده.
س4/ لا يخفى أن كتب الأصول في كثير من المسائل التي لها خلفية اعتقادية كالاعتزال أو أشعرية ونحوها فما نصيحتكم لطالب العلم الذي يقرأ في كتب الأصول؟
ج/ كتب الأصول أنا لا أعلم كتابا في الأصول سلم في العقيدة؛ يعني من الكتب التي تستحق أن(100) تكون كتب أصول، فيه كتب للمتأخرين للمعاصرين سهلة ما فيها إلا بعض المسائل للمبتدئين ونحو ذلك لا تدخل في ضمن الكلام؛ لكن كتب الأصول المعروفة لا تسلم من الغلط في العقيدة؛ لكن بعضها يكثر ككتب المعتزلة كالمعتمد وغيره وبعض تلك الكتب يكثر فيها الأغلاط على مذهب الأشاعرة كالمحصول وأشباهه، والبعض يكون لا بأس به يعني فيه جمل كبيرة أو قليل فيه الغلط كروضة الناظر لابن قدامة وككتاب ابن النجّار الكوكب المنير شرح المختصر وككتاب الشوكاني الذي لخص فيه بحر المحيط الذي سماه إرشاد الفحول ونحو ذلك هذه فيها معلومات والغلط فيها في العقيدة قليل.
والحقيقة أن كتب الأصول كتبت للفن يعني لتقرير فن الأصول.
والذي أراه أن طلاب العلم اليوم مقصدهم من العلم هو أن يفهموا الكتاب والسنة، والأصول آلة، فكنت أتمنى ولا أزال أن يوجد مؤلف يكتب في الأصول للانتفاع به في فهم نصوص الكتاب والسنة؛ يعني مسائل أصولية تُعرض بتقرير ما إذا فهمه الطالب كان له أثر في فهم نصوص الكتاب والسنة في العقيدة والفقه، وهذا لو اعتنى به بعض الإخوة فإنهم سيُفيدون غيرهم فيه خاصة من له عناية بالعقيدة وبتحرير المسائل في الفقه؛ لأنه سيجد أن كثيرا من المسائل الأصولية ينتفع بها لا شك العالم وطالب العلم لكن قد تكون تطبيقاتها قليلة جدا، والمسائل التي يكثر تطبيقها يحتاج إليها تكون في غمرة تلك المسائل، فإذا كان هناك عالم أو طالب علم متمكّن وكتب هذه المسائل في مقدمات الأصول الخلافية أو في أركان الأصول الأربعة وبحثها فإنه سينفع لا شك الطلاب نفعا عظيما؛ لأن طالب العلم بحاجة ماسة جدا إلى الأصول ولكن المحتاج إليه في العقيدة وفي الفقه من مسائل أصول الفقه المعروفة فإنه ليس بالكثير فإنما هو يعني متوسط ليس بالكثير يعني بالأكثر فإنما هو متوسط، حبذا لو تحققت هذه الأمنية أعان الله الجميع على ما فيه رضاه.
س5/ هل من سُلب التوفيق وكان له الخذلان يستطيع أن يهتدي بما أعطاه الله من الآلات؟
ج/ هذا مبني على عدم فهم التوفيق والخذلان يراجع معنى التوفيق والخذلان.
نكتفي بهذا القدر.
??(??

[الأسئلة]
نجيب على بعض الأسئلة بين يدي الدرس.
س1/ هل النبي عليه الصلاة والسلام يُحبّ لذاته لأن ذاته حميدة، أم يحب لله جل وعلا لما اتصف من النبوة والرسالة؟
ج/ هذا سؤال جيد، نبينا عليه الصلاة والسلام جمع من الأوصاف والعلل والأسباب التي من أجلها يحب المحب من أحب جمع كل الأسباب والأوصاف، فهو عليه الصلاة والسلام يحب من كل جهة:
يُحبّ لله جل وعلا لأن الله جل وعلا أمر بحبه عليه الصلاة والسلام.
ويحبّ لأن الله جل وعلا اصطفاه وفضله وجعله رسولا ورحمة للعالمين.
ويحبّ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ لأن الله خصه بالقرآن وخصه بالآيات والبراهين وخصه بما لم يخصّ به الأنبياء والرسل.
ويحبّ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ لأجل جهاده في الله حق الجهاد ونصحه لهذه الأمة وتبليغه رسالة ربه جل جلاله.
ويحبّ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ لعظم الإحسان لكل أحد، فما من أحد إلا وهو قد أحسن إليه عليه الصلاة والسلام أيما إحسان، وإذا كان الناس فيما بينهم يحبون من أحسن إليهم كما قال شاعرهم:
أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم فطالما استعبد الإنسانَ إحسانُ
فنبينا عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ أحسن أيما إحسان وأفاض على هذه الأمة من إحسانه وفضله عليه الصلاة والسلام بما بلغ من رسالة ربه واقتدى بهدي ربه جل وعلا، فيُحبّ لذلك أعظم المحبة عليه الصلاة والسلام، فلو لا أنّ الله جل وعلا منَّ علينا ببعثة محمد عليه الصلاة والسلام ثم باتّباعه لكنا من الهالكين، فنبينا عليه الصلاة والسلام يحب لما في عنق كلّ أحد من هذه الأمة له عليه الصلاة والسلام من المنّة، فمنّته عليه الصلاة والسلام على كل أحد، ولهذا جعل الله جل وعلا من جميل ثوابه لنبيه أنّ له مثل أجور أمته، وكل من عمل عملا صالحا من الإيمان وشعبه، فله عليه الصلاة والسلام مثل أجره، والناس يحبّون أيضا بأنواع الصفات، فيحب المحب فلانا لكرمه، ويحبّ المحب فلانا لخلقه ولشجاعته ولإمامته ولفتواه ولحكمه ولحسن تعامله ولأشياء كثيرة من الخلال والأوصاف ولتعامله مع أهله ولكماله في صفاته وأخلاقه وسجاياه.
والنبي عليه الصلاة والسلام إذا نظرنا إلى كل جهة من هذه الجهات فإنه يحب عليها عليه الصلاة والسلام.
ولكن مع هذا كله فإن القاعدة عند أهل العلم من أهل السنة أن النبي عليه الصلاة والسلام محبته ليست استقلالا ولكن تبع لمحبة الله جل وعلا، وهذا يعظّم شأن نبينا محمد عليه الصلاة والسلام.
وفي الحقيقة من تأمل ذلك حق التأمل فإنه يحبه عليه الصلاة والسلام، وبرهان المحبة قوله جل وعلا ?قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمْ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ?[آل عمران:31]، وقد قال الشاعر في معرض كلام له لما ذكر بعض الصفات التي ينبغي أن يتحلّى بها من يعظ الناس قال:
.................. إن المحبّ لمن يحبّ مطيع
المحبة للنبي عليه الصلاة والسلام ليست مراسيم تنسج ولا أشعار يتباهى بها وليست هي خلافة يتزين بها من يتزين إنما اتبع لسنته عليه الصلاة والسلام وحقيقة المحبة لمن أحب أنه يتبع هذا النبي الكريم عليه الصلاة والسلام، فهو الرسول المصطفى والخليل المجتبى الذي أرسله الله جل وعلا بالهدى، فطاعته عليه الصلاة والسلام أول ثمرات محبته عليه الصلاة والسلام، لهذا إذا عظمت المحبة فإن الطاعة تكون أعظم، لهذا قال من قال من السلف لما كثر الأدعياء ?قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمْ اللَّهُ? وقال آخر: ليس الشأن أن تُحِبَّ ولكن الشأن أن تُحَب، ليس الشأن أن تحب النبي عليه الصلاة والسلام ولكن الشأن أن يحبك النبي عليه الصلاة والسلام، ليس الشأن أن تُحِبَّ الله جل وعلا ولكن الشأن أن يحبك الله جل جلاله، والله جل وعلا لا يحب إلا أهل توحيده والإنابة إليه وخلع الأنداد والشرك؛ الذين يحبون نبيه عليه الصلاة والسلام ويحققون معنى الشهادة له لأنه رسول الله عليه الصلاة والسلام.
س2/ يقول: إني أقول الشعر وأكثر ما أخوض فيه الفخر فأفخر بنفسي ومكارمي أخلاقي إلا أني أبالغ في بعض الأحيان وما ذاك إلا لأفعل هذا الأمر الذي دعوته في شعري فما الحكم في ذلك الشعر بعامة؟
ج/ الشعر حكمه في الشرع أنه كسائر الكلام حسنه حسن وقبيحه قبيح، ولهذا تندرج على ما يورد الإنسان في الشعر الأحكام الشرعية؛ لأنه محاسب على كلامه إن قال نثرا أو قال شعرا.
فلهذا نبينا عليه الصلاة والسلام قال لحسان «أهجهم وروح القدس معك» واستنشد لأمية بن أبي الصلت إلى مائة بيت؛ أبيات فيها توحيد الله توحيد الربوبية وذِكر بعض آثار الربوبية في خلق الله جل وعلا، فقال لما سمع عليه الصلاة والسلام قال «إن كاد ليُسلم في شعره» أو كما قال عليه الصلاة والسلام فيما هو مروي في الصحيح.
وحسّان شعره سائر وعبد الله بن روحة شعره سائر وكثير من الصحابة من الشعراء.
فالشعر محمود ولما قيل للنابغة، وكان قد أسلم وهو من الشعراء المشهورين ومن أصحاب المعلقات، لما قيل له ألا تنشد الشعر قال ألهاني عن الشعر سورة البقرة وآل عمران، فالشعر ينبغي أن يتقي الله فيه المرء، فالذي يقول الشعر يستخدم هذه الملكة التي آتاه الله جل وعلا في نظم الشعر فيما فيه خير له، أما الفخر بالنفس ومسائل الأخلاق والمدح الذي يكون في الوجه الذي لا يكون فيه مصلحة شرعية، فإن هذا مما يضرب عنه، ولهذا حسن أن تكون شاعرا ولكن لا تكن غافلا عن أن الشعر يحاسب عليه المرء.
* الأسئلة طويلة حبذا لو تكون الأسئلة مختصرة، ينقلون كلام طويل ثم يريدون شرحها وتوضيحها وهو يحتاج مقام غير هذا المقام.
س3/ إذا توضأ الشخص وأراد أن يصلي سنة الظهر وأراد أن ينوي معها سنة الوضوء هل تجزي مع التوضيح جزاك الله خيرا؟
ج/ هذا مبني على أصل مهم أن يعلمه طالب العلم وهو أن النوافل بحسب ما جاء في الأدلة في تأكيدها جعلها طائفة من العلماء على مراتب:
* فجعلوا آكد النوافل الوتر.
* ثم يليه ركعتي الفجر.
* ثم يلي ذلك الرواتب.
* ثم يلي ذلك في المرتبة الرابعة ما له سبب مثل تحية المسجد سنة الوضوء وأشباه ذلك صلاة الاستخارة.
* ثم الخامس عامة النوافل والتطوعات.
هذه إذا تداخلت اثنتان منها فإنه تدخل التي في مرتبة أدنى في الأعلى إذا ما صلى سنة الوضوء وصلى الراتبة فإنها تكفي عنه، وإذا دخل المسجد -تحية المسجد مما لها سبب- صلى الراتبة فإنها تكفي عنه، وهكذا في نظائره.
فإذن إذا اجتمعت الراتبة مع صلاة لها سبب فإن الصلاة التي لها سبب تدخل فيها، حتى الاستخارة فإذا أراد المرء أن يستخير فإن النبي عليه الصلاة والسلام قال في حديث الاستخارة «إذا همّ أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ثم ليقل: اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك» إلى آخر الحديث فقوله «فليركع ركعتين» هذا يشمل ركعتي الراتبة أو تحية المسجد أو خاصة بالاستخارة، فإذا وجد الركعتين بما هو أعلى كركعتي الفجر أو الرواتب عموما فإنه تدخل هذه فتكون صلاة استخارة؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال فليركع ركعتين من غير الفريضة.
إذن هذا أصل عام يمكن أن تجيب به، وأن تفهم به كثير من النظائر في هذه المسألة.
س4/ في قوله تعالى ?وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا?[لقمان:34]، البعض يقول الله جل وعلا لم يقل وما تدري نفس ماذا تعمل غدا؛ لأن الإنسان قد يعلم ماذا يعمل إذا فلهذا يقولون إن الكسب لا يعني العمل فما هو القول الصحيح في تفسير هذه الآية؟
ج/ الآية هذه كنظائرها ?وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا? يعني ماذا تعمل في الغد لأن الكسب بمعنى العمل لكنه عمل يتحصل منه على شيء وهو أجره سمي العمل في النص كسبا لأنه كأنه شيء يكتسبه مثل واحد يتاجر قالوا: كسب كذا. يعني عمل وخرج له شيء من عمله، فلما كان العمل الصالح يؤجر عليه العبد سمي بالنص كسبا، لا بمعنى الكسب عند المبتدعة فإن ذلك كما أوضحت لك في الدروس له معنى آخر.
نكتفي بهذا القدر، ونبتدئ -إن شاء الله- في الدرس. نعم اقرأ
??(??

[الأسئلة]
نجيب عن بعض الأسئلة
س1/ ذكرتم كثرة الأدلة على ثبوت علو الله جل وعلا بذاته ومع ذلك فأكثر الفرق تُنكر العلو وتصرفه إلى المعاني الأخرى، فما سبب ذلك؟
ج/ سببه أنّ إثبات العلو عندهم علو الذات يقتضي إثبات الجهة؛ أن يكون الله جل وعلا في جهة، وإثبات الجهة يقتضي التحيز، والتحيز ممتنع عندهم عقلا لأنهم من صفات الجسام، فمنعوا العلو لأجل ذلك، هذه شبهتهم.
س2/ ذكر بعض العلماء في مقدمة القول: الحمد لله الواحد القهار العزيز الغفار يبسط كفه في الأسحار. فهل العبارة الأخيرة صحيحة؟
ج/ هذه أخذها من الحديث الصحيح الذي في الصحيح أن النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ قال «إن الله يبسط يده في الليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده في لالنهار ليتوب مسيء الليل»، العبارة صحيحة؛ لأن السحر بعض الليل.
س3/ آية الأنبياء ?الذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ?[الأعراف:206]، فهل هذه العندية عندية ذات أم عندية القهر؟
ج/ العندية عندية ذات، العندية لا تنقسم، العندية عندية ذات يعني عند الله جل وعلا فوق سمواته هذا معناه.
قوله تعالى في سورة الأنبياء ?وَلَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِندَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ?[الأنبياء:19]، ليست ?الذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ? أو فالذين عند ربك ?وَلَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِندَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ (19) يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ?[الأنبياء:19-20]،.
والآية الآخرى ?وَلاَ تَكُن مِّنَ الْغَافِلِينَ (205) إِنَّ الَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ?[الأعراف:205-206]. (111)
س4/ ما معنى (ذات) في قولنا: ذات الله سبحانه؟
ج/ الذات في اللغة تأنيثه، يقال: هذا الشيء ذو صفات وهذه ذات صفات. هذا في الأصل ولا تطلق إلا مضافة لا تطلق الذات مستقلة إنما تطلق مضافة، وقد جاءت في قول الصحابي رَضِيَ اللهُ عنْهُ في شعره المشهور قال:
وذلك في ذات الإله وإن يشأ يبارك على أوصال شِلْوٍ ممزّع
استعمال كلمة ذات مضافة لله جل وعلا موجودة وقد قال سبحانه ?فَاتَّقُواْ اللّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ?[الأنفال:1]، استعملت بعد ذلك الذّات ويعنى بها ما يقابل الصفات فقُسم الشيء إلى صفة وإلى ذات، ذات وصفات، لِم قسم هذا التقسيم؟ لأن الصفة تضاف إلى الموصوف، فكأنه قال القائل الذات يعني الشيء الذي هو ذو الصفات فالذات المتصفة بالصفات، فقسموها لأجل أن الذات كأنه نعتها بقوله الذات الموصوفة بالصفات، فيكون تتمة الكلام محذوف.
ثم استعمل كلمة الذات هكذا بالتعريف، أستعملت بدون إضافة ولا بالتنكير معرفة الذات، استعملت استعمالا واسعا في كلام أهل العقائد.
فإذن نقول: الذات يُعنى بها الذات الموصوفة بالصفات؛ يعني ما يضاف إليه الوصف ويتّصف به، طبعا ربنا جل جلاله وتقدست أسماؤه لا نضيف إليه من شيء إلا إذا ثبت به الدليل بالكتاب أو السنة، وما يتوسع في الكلام في بيان العقيدة من الألفاظ أو التعابير الأَوْلى بل الذي ينبغي ويتأكد على طالب العلم أن يستعمل تعابير السلف لأنها أبعد عن الخطأ في التعبير.
لهذا يمرّن طالب العلم نفسه على أن يعبر في هذه المسائل مسائل العقيدة بتعابير السلف لأنهم أعلم وأحكم في هذه المسائل.
س5/ ج/ الله سبحانه وتعالى ينزّه نفسه ويسبح له كل شيء وتنزيه الله جل وعلا نفسه عن النقائص هو معنى تسبيح الله هو معنى التسبيح، هذا جواب على سؤال صياغته ما كانت مناسبة من صاحبه، يستفيد الجواب.
س6/ أين ذكر هذه الأدلة ابن القيم ؟
ج/ ذكرها في كتابه اجتماع الجيوش الإسلامية غزو المعطلة والجهمية وفي النونية وفي غيرها، ذكرها شارح الطحاوية عندك.
س7/ نرجو إكمال شرح البلوغ في درس الخميس؟
ج/ نرجو إن شاء الله أن يتيسر له دورة أخرى نشرح فيها قطعة أخرى منه إن شاء الله تعالى.
س8/ ما هو ضابط الإسم والصفة فيما ورد في الكتاب والسنة مثلا ?وَكَانَ اللّهُ غَنِيًّا حَمِيدًا?[النساء:131](112) هل يقال الغنى هنا صفة أم اسم؟ وهل المحسن من أسماء الله عز وجل؟
ج/ الجواب كان غنيا هذا وصفه بالغنى، لكن ?إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ?[لقمان:26]، هذا اسم وإذا أُطلق الإسم فإنه يقتضي الاسم والصفة لأن أسماء الله جل وعلا مشتملة على صفات، وأما إذا جاءت الصفة فإنه لا يستقل ورود الصفة بإثبات الاسم؛ بل قد ترد الصفة ولا نثبت لله جل وعلا الاسم الذي فيه الصفة، وهذه فيها يعني بحث أطول في وقته إن شاء الله.
المحسن من أسماء الله جل وعلا؛ لأنه جاء في الحديث «إن الله محسن» ومن أسماء العلماء من القديم عبد المحسن وشيخ الإسلام وابن تيمية وابن القيم وعلماء الدعوة أيضا إذا ذكروا أسماء الله جل وعلا عدوا فيها المحسن. والمحسن صفة كمال والمحسن اسم متضمن لصفة كمال لا نَقص فيها بوجه من الوجوه.
س9/ في بعض كليات الجامعة يذكر بعض المدرسين أشياء خطأ في العقيدة ولكنّا لا نملك العلم الكافي لمجادلتهم، وكذلك هم لا يسمحون بالمجادلة وكذلك نخشى إثارة الشبه، وكذلك نخاف أن يتسلط علينا بالدرجات إلى آخره؟
ج/ مسألة الدرجات ونحوها ليست عذر، إن من رضي الله عنه أرضى عنه الناس.
وأنا أذكر مرة لما كنا في الجامعة حصل أن كان أحد الأساتذة يدرّس وكان عنده خلل في مسائل الاعتقاد في مسائل الصحابة رضوان الله عليهم الخلاف الذي حصل بين علي رَضِيَ اللهُ عنْهُ ومعاوية.
فذكرت له قول أهل السنة أن الصحابة يجب احترامهم وتعظيمهم وتوقيرهم وأن هذا دين كلمات التي فيها تنقص أو تحتمل التنقص لا يجوز أن تقال، هذه ما يرضى بها من يعظم ويوقر الصحابة.
حصل بحث، ثم تركتُ الحضور إلى آخر العام إلى الاختبار، يمكن من عشرين سنة، 99 أو نحوها، ولله الحمد ما حصل لا حجز ولا درجات ونتقيص ولا شيء ولا مثل يقول مع أنه كان غياب مستمر.
المقصود أن العبد إذا نصر الله جل وعلا ونصر دينه لابد أنه يحصل له ابتلاء وقد يكرمه الله جل وعلا بأنه يحفظه، وهذا من نعمة الله جل وعلا وكرمه.
فلهذا ينبغي أن يكون العبد واضحا في هذه المسائل، إذا كان يعلم يبين؛ لكن كيف يبين هل هو بإغلاظ أو يبين بالمجادلة المحمودة ?وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ?[العنكبوت:46]، وقال سبحانه ? وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ?[النحل:125]، فالأسلوب مهم، والصدع بالحق لا يعني الغلظة في الكلام حتى يكون معاندا متجبرا مكابرا أو يغلظ هو كما أغلظ فرعون على موسى فأغلظ عليه موسى بعد ذلك.
المقصود من هذا أن من عنده علم واجب عليه أن يبينهـ ولا يجوز له أن يكتمه، لابد أن يبينه إذا كان عالما وكان حريا، المسألة واضحة عنده، لا شبهة عنده فيها لأجل أنه أحيانا يورث المجادل شبهة أخرى أو يضعفك أمام الآخرين فتصبح حجته أقوى، ولهذا لا يدخل في المجادلة إلا المتمكن.
في مثل هذه الحالات إذا خشي المرء أن يتجادل أمام الناس يذهب معه في مكانه أو يناقشه على انفراد، هذا أولى لكن السكوت مطلقا ما يسوغ في أي مسألة.
قد يرجح طالب العلم عدم الانكار علما مثلا في بعض الأحيان لمصلحة شرعية؛ لكن السكوت مطلقا بحيث أنه يمر المنكر أو فساد العقيدة أو نحو ذلك دون كلام فيه لاشك هذا من الذنوب.
س10/ قلتم من معاني العلو العندية، هل هذا المعنى لغوي أم شرعي؟
ج/ لا، العلو معانيه نقول: علو ذات علو قهر علو قدر، علو ذات علو صفات ونحو ذلك.
لكن العندية يعني فيما جاء من الأدلة فيه ذكر (عند ربك)، (عند الله) فهذه دليل لعلو الله جل وعلا ونوع من أنواع الأدلة في الكتاب والسنة فلا نقول أن معنى العلو الندية؟ لا، نقول إنه قد تأتي (عند) ويراد بها العلو. كما في قوله في الآيات التي ذكرنا لاشك ?الذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ?[الأعراف:206]، ونحو ذلك.
س11/ الأخ كتب كتابة في أولها دعاء جزاه الله خيرا، ثم يقول: ولكن هناك بعض الدروس التي فاتت ولم أتمكن من الحضور، قد حاولنا أن نأخذ هذه الدروس التي سجلت ولكن رفضوا بحجة عدم الإذن فنرجو السماح بالأشرطة؟
ج/ الأشرطة إن شاء الله يعني في طريقها، وأسأل الله جل وعلا أن يعفو عني الزلل وأن ينفعكم؛ لكن الأفضل أنها تنتهي ينتهي الشرح ثم تنشر الأشرطة هذا الأفضل، أنتم تستمروا من الآن إلى آخر الطحاوية ونحن الآن تقريبا تجاوزنا النصف وأظن هذه السنة كافية لإنهاء هذا الكتاب العظيم ثم بعد لك تبدؤون من أولها.
س12/ جاء عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه نهى عن بيعتين في بيعة، فما صورة هذه المسألة؟ وهل تصح دليلا لمن منع التقسيط، وما حكم الزيادة مقابل الأجل إلى آخره؟
ج/ النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ نهى عن بيعتين في بيعة، ونهى عن شرطين في بيع، ومعنى البيعتين في بيعة والشرطين في بيع، معنى الشرط هنا المشروط، وهو العقد، فالبيعة في البيعة يعني العقد في عقد، بيعتان في بيعة يعني عقدان في عقد.
نهى عن شرطين في بيع؛ يعني عن عقدين في بيع وهذا التفسير الصحيح لها.
صورة بيع التقسيط، بيع التقسيط لا دخل في هذا؛ لأنه ينتهي المتعاقدان على أحد الصورتين؛ ولكن يدخل فيه لو تفرقا بدون تحديد أحد عقدي البيعيعني هل هو آجل أم حاضر.
يعني مثلا يقول القائل أنا أريد أن اشتري هذه السيارة فيقول: هي حاضر بمائة وآجل مائة وعشرين، يقول أوافق أشتريت فيقول انتهينا، فيستلم السيارة.
هنا ما تحددت السورة هل هو شرى حاضرا أم اشترى آجلا.
فلهذا ذكر السلف ما جاء عن ابن مسعود رَضِيَ اللهُ عنْهُ وعن غيره فيه عدم التحديد -تحديد صورة العقد-؛ هل هو آجل أو حاضر؛ لأنه يختلف، لأن الضمان أيضا يختلف، وثم أشياء تترتب على ذلك.
أما إن تفارقا على صورة من صورتي العقد على هذه أو هذه، فهذا يسمى بيع إما حاضر وإما آجل، أريد هذه السارة قال بمائة حاضر وبمائة وعشرين آجل، قال أريدها حاضرا هذا عقد مستقل وشراء بعقد واحد غير متعدد قال اريدها آجلة قال بمائة وعشرين، فكتب العقد أو اتفقا على أن البيع آجلا بمائة وعشرين بعد سنة، هذا ليس بيعتين في بيعة، بيعتين في بيعة يعني إما كذا وإما كذا، والمباع واحد، إما مائة حاضرة أو مائة وعشرين مؤجلة والمثمن واحد صار هناك صار عقدان في عقد، أما إذا تفارقا على صورة واحدة فهذا عقد واحد، قال أريدها آجلة بمائة وعشرين..
هذه صورة بيع الآجل، اختلف المعاصرون فيه، وأتباع المذاهب الأربعة والأئمة الأربعة متفقون على جوازه، وقد نقل الاتفاق الحافظ في فتح الباري: وقد اتفق العلماء على جواز البيع الاجل بزيادة لقاء الأجل إذا تفارقا على بيعه.
ولهذا نقول: الصحيح الذي هو قول جماهير أهل العلم وهو المستفق مع الأدلة وأقول السلف، ولا يخالفها ما جاء لأن يوجه الصورة التي ذكرنا من المفارقة دون التحديد أحد صورتي البيع.
نقول: الصحيح جواتز بيع التقسيط، جواز بيع الآجل يعني أنت يزيد في الثمن لقاء الأجل هذا ليس بربا وليس ببيعتين في بيعة؛ لأن فيه إرفاق بالناس والإرفاق مطلوب.
هذا جواب قوله ما حكم الزيادة مقابل الأجل.
الزيادة في المثمن، في السلع، مقابل الأجل جائزة، ثم بعد ذلك يسلم الثمن بعد انتهاء الأجل بعد السنة بعد السنتين، يقول أشتري هذا البيت بخمسمائة ألف مليون ريال، متى تسدد؟ قال: أسدد لك بعد سنتين قال لا بعد سنتين تسدد لي أجعل القيمة مليون ومائة، قال ماشي فينفارقان فيكون التسديد بعد مضي المدة، لا بأس، إذا قال لا بأس أنا أأجل لك الثمن ولكن إجعله نجوما لي يعني إجعله أقساطا، كلمة أقساط في الشرع في الأدلة كلام السلف تسمى النجوم مثل ما نجوم الكتابة إذا أراد المكاتبة إذا أراد العبد أن يعتق نفسه فإنه يجعل عليه الثمن نجوما، لا بأس.
المقصود أنه المقصود في البيع، الأصل في البيع الإباحة إلا ما نهى عنه الشارع؛ لكن المطلوب أن لا يكون عقدا ربويا، أن لا يكون عقد غرر، وأن تتم الشروط الشرعية فيه.
س13/ ما حكم قول القائل: مادة القرآن في وقت كذا؟
ج/ الجواب أنّ القرآن كلام الله جل وعلا، صفة من صفاته، تعظيمه واجب لأنه أعظم شعائر الله جل وعلا التي أشعر عباده بتعظيمها وإجلالها قد قال جل وعلا في سورة الحج ?وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ?[الحج:32]، فتعظيم شعائر الله واجب، تعظيم حرمات الله جل وعلا واجب، والقرآن لا يذكر بغيره ولا يجعل كغيره، فتجعل مادة من المواد كغيره، فتعظيم القرآن يقضي بأن لا يُجعل في تسميته كغيره من المواد، يقال: مادة جغرافيا، مادة إنجليزية، ومادة قرآن. هذا فيه عدم تعظيم والهل جل وعلا أمرنا بتعظيم كتابه، ثم القرآن كلام الله وكلام الله جل وعلا ليس بمادة؛ لأن المادة قد تطلق ويراد بها المادة المخلوقة، أو يراد بالمادة المخلوقة والقرآن كلام الله جل وعلا صفة من صفاته ليس بمخلوق.
نكتفي بهذا القدر، وأسأل الله جل وعلا لكم التوفيق والسداد والعلم والعمل، وأن يجمعنا على المحية فيه وعلى طاعته وعلى نصرة دينه إنه جواد كريم، صلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.
??(??


الأسئلة]
نجيب على بعض الأسئلة لما يجتمع الإخوة.
س1/ هل يفهم من قوله تعالى ?لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ?[الأنعام:103]، أن المؤمنون في الجنة عندما يتجلى لهم الرب سبحانه وتعالى أنهم لا يرون جميع ذات الرب سبحانه وتعالى؟
ج/ أولا تعلمون أن الأصل في عقيدة السلف واتباع القرآن والسنة هو عدم تجاوز القرآن والحديث، وأنّ الكلام في الصفات والكلام في تقرير العقائد يتفصيل إنما جاء بعد فشو البدع وكثرة كلام الضّالين من الفرق في ذلك، فتوسع من توسع من أئمة السلف لأجل أن المخالف توسّع والحق يُقذف به على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق.
فالأصل أن المسلم السني المتبع لطريقة السلف الرّاغب في الاعتقاد الحق أن لا يشغل نفسه بتفاصيل أسئلة في الصفات ليست على ظاهر الأدلة التي وقفنا عليها من سنة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أو ما جاء في القرآن من آياته العظام.
لهذا لا ينبغي تفصيلات الكلام في الصفات؛ بل قد يدخل ذلك في الكلام المذموم إذا كان ليس ثم حاجة في تفصيل الكلام في الرد على اهل البدع أو تقرير عقيدة من عقائد أهل السنة والجماعة.
لهذا نقول: ظاهر قوله الله جل وعلا ?لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ? أنّ الله جل وعلا لا تحيط به الأبصار، وأنه وإن رآه من شاء الله جل وعلا من عباده وشرفه بأن يرى الرب جل جلاله فإنه يراه رؤية وليست بإحاطة.
لذلك ظاهر الآية أن افحاطة بالرب جل وعلا ممتنعة، سواء أكان ذلك في عرصات القيامة أم كان ذلك بعد دخول أهل الجنة الجنة جعلني الله وإياكم منهم.
س2/ يدعو بعض الأئمة قائلا: اللهم لا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين ولا أقل من ذلك، فهل ورد على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولا أقل من ذلك؟ وهل يعتبر هذا من التعدي في الدعاء؟
ج/ أما الحديث الذي أعلمه أنه مقتصر على طرفة عين «ربي لا تكلني لنفسي طرفة عين» وأما الزيادة ولا أقل من ذلك تحتاج منكم إلى بحثأنا لا احفظها الآن.
واما كونها تعدي فليسا من التعديس لأنها من المبالغة في التذلل، والوقوف عند ما ورد في الحديث لاشك أنه أَوْلى لأنه كمال الذل بالهل جل وعلا وكما إظهار الفقر والحاجة والتبرّي من الحول والقوة.
س3/ معلوم أن الإمام أحمد رحمه الله قال في مذهب المفوضة إنه من شر المذاهب، ومع ذلك وجد في كتب أصحاب مذهبه بعض التفويض كما في كتاب المردواوي في شرح لامية شيخ الإسلام وفي لمعة الاعتقاد، فهل هناك فرق بين ما يقصد الإمام أحمد وما وقع فيه بعض أتباعه أم لا؟ نرجو بسط القول في ذلك.
ج/ مذهب المفوضة مذهب كبير، والذين قالوا بالتفويض كثرة جدا وليسوا بالقليل سواء من المتقدمين يعني في عهد الإمام أحمد وما قبل إلى زماننا هذا.
ثَم رسالة طبعت مؤخرا يعنوان التفويض فيها تفصيل المكلام على المذهب بما لا يمكن أن يقال في هذا الموضع ما يستحقه المقام وتستحه المسألة.
لكن الذي ينبغي أن تفهمه أن التفويض قسمان:
* تفويض للكيفية.
* وتفويض للمعنى.
والذي ورد عن السلف فيمن قال منهم إنهم يفوضون، أو نفوض هذا، أو نكل علمه إلى قائله، أو نحو ذلك مما يفهم منه التفويض، فيراد به تفويض الكيفية؛ لأن الكيفية من التأويل الذي لا يعلمه إلا الله جل وعلا كما قال سبحانه ?هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِن قَبْلُ?[الأعراف:53]، إلى آخر الآية في الأعراف، وكذلك قوله ?وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ?[آل عمران:7]، عند الوقف على لفظ الجلالة يدخل في التأويل ما تؤول إليه حقائق الأخبار، ومنها العلم بيالكيفيات.
فلاشك أن أحدا لا يعلم كيفية اتصاف الرب جل وعلا بصفاته، ولا كيفية الغيبيات على حققيتها التي خلقها الله جل وعلا عليه؛ لأن هذا من العلم من علم الغيب الذي اختص الله جل وعلا به نفسه العلية جل جلاله وتقدست أسماؤه.
فهذا المعنى الأول تفويض الكيفية وهذا نؤمن به، فنفوض كيفية الأمور الغيبية ومن ذلك صفات الرب جل وعلا نعوت جلاله ومعاني أسمائه، وما يتصل بذلك من أمور الغيب نفوض كيفيتها إلى ربنا جل وعلا.
والقسم الثاني من التفويض تفويض المعنى؛ يعني يقول أنا أفوض العلم بالمعنى، أفوض المعنى، ما أدري أيش معنى الرحمن الرحيم، ما أعرف إيش معنى الرحمن، ثم استوى على العرش ما أعلم معنى استوى، أفوض معناها إلى الله، فالاستواء ربما يكون معناه القهر، ربما يكون معناه العلو، ربما يكون معناه الرحمة، ربما يكون معناه أي معنى، فيوفضون المعنى.
فيقولون: لا نعلم معاني الغيبيات ولا أحد يعلمها.
ولهذا ذهب إلى هذا المذهب قلة -يعني تفويض المعنى- قلة من المتقديمن يعني في القرن الثاني والثالث، وشاع عند طائفة من المتأخرين بسبب أنه قول للأشاعرة، وقد نضموه في عقائدهم بقول القائل في جوهرة التوحيد:
وكل نص أوهم التشبيها أوله أو فوّض ورم تنزيها
فباب الأشاعرة له في الصفات قولان:
الأول وهو الراجح عندهم والأقوى أن تؤول الصفات التي تتعارض مع الصفات السبع التي أثبتوها وتتعارض مع العقل.
والثاني وهم صحيح عندهم؛ لكنه ليس بقول أهل العلم والحكمة هو تفويض المعنى.
وهذا التفويض -تفويض المعنى- حيث يقول لا نعلم معنى الصفات، هذا موجود عند الأشاعرة من بعد أبي الحسن الأشعري إلى وقتنا الحاضر، وهو أيضا الذي راج على جملة من الحنابلة في كتبهم، حيث ظنّوا أنّ ذمّ الإمام أحمد لمن فوّض أنه تفويض الإثبات في أصله؛ يعني لا ندري نثبت أو لا، لا ندري الصفة موجودة أو غير موجودة أو نفي الصفة من أصلها، وفهموا أيضا من قوله قول الإمام أحمد وقول الشافعي ونحو ذلك (لا كيف ولا معنى) في الصفات، مثل ما ساقها صاحب اللمعة، فهموا منه أنه التفويض، وفهموا هذا من قول الشافعي: نؤمن بما جاء عن الله على مراد الله، ونؤمن بما جاء عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على مراد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. أنه في التويض.
هذا التفويض في الحقيقة تفويض المعنى هوز الذي قال فيه شيخ الإسلام ابن تيمية وقال فيه غيره أيضا: إن التفويض هو شر المذاهب. وذلك لأنّ تفويض المعنى يرجع إلى عدم العلم به، ولهذا صنفهم ابن تيمية في أول درء التعارض: إلى أن من فوّض فهو من اهل التجهيل يعني الذين يقولون إنه لا يوجد أحد يعلم معن الصفات، ما يوجد أحد، الصحابة يعلمون؟لا، هذه المعاني مجهولة حتى إن بعضهم يقول إن النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ لا يعلم هذه المعاني، إنما هو إثبات ألفاظ دون معاني، فتفوض المعنى لا معنى معقول من هذه الصفات.
ولاشك أن مذهب المفوضة هو شر المذاهب؛ لأنه يقتضي تجهيل الصحابة رَضِيَ اللهُ عنْهُم بل يقتضي أن في القرآن كلاما وىيات كثيرة لا أحد يعلم معناها، ومعلوم أن أكثر القرآن في الغيبيات ولذلك جاء أول آية في القرآن في امتداح الذين يؤمنون بالغيب يعني في سورة البقرة ?الم (1) ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ (2) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ?[البقرة:1-2]، والإيمان بالغيب يقتضي الإيمان بالكيفيات والله جل وعلا أعلم بها، والإيمان بمعاني ما دلنا ربنا جل وعلا به على الغيب، نؤمن بها على ظاهرها؛ يعني على ما دلت عليه لغة العرب.
نعم معلوم أن المعاني في الشيء الواحد تتفاوت، فمثلا إذا أخذت السمع، إذا أخذت البصر، إذا أخذت القوة، خذ القوة مثلا والقدرة، الكائن الضعيف النملة لها قوة ولها قدرة ولها نطق ولها سمع ولهذا بصر، فأصل القوة موجود فيها؛ يعني معنى القوة موجود فيها، ما هو أعلى منها في الخِلْقة من جهة مثلا الهرة موجود عندها قوة، لاشك موجود عندها، بصر موجود عندها سمع، موجود عندها قدرة على أشياء، خذ الأعلى منها الأعلى إلى أن تصل إلى الإنسان إلى أن تصل من الحيونات من جهة القوة والقدرة أقوى من الإنسان يعني بذاته يعني من جهة الحوانات المفترسة كالأسد ونحو ذلك.
إذن القوة قدر مشترك، القدرة قدر مشترك؛ لكن نقول إنه مادام انها في النملةمختلفة عن الإنسان، نقول: لا في الإنسان ماله قوة أن قوة النملة هذه هذا تحديد للصفة لبعض أفردها، لبعض من يتصف بها وهذا جناية على المعنى الكلي؛ لأن اللغة العربية كليات فيها كليات المعاني أما الذي يوجد في الخارج فهي الذوات نعم نقول جدار يد أشياء هذه تتصورها؛ لكن من جهة المعاني، المعاني تتصور هذا المعنى بالإضافة إلى من اتصف به.
ولهذا شيخ الإسلام انتبه لقوة هذا المعنى في الرد في المبتدعة الصفاتية والجهمية وغيرهم، فقررهم في كتابه التدمرية كما تعلمون.
إذن فتفويض المعنى، المعنى أصلا متفاوت فإذا فوضنا المعنى معناه أننا لا نعلم أي قدر من هذا المعنى، وهذا لاشك أنه نفي وجهالة بجميع دلالات النصوص على الأمور الغيبية، وهذا باطل؛ لأن القرآن حجة، وجعله الله جل وعلا دالا على ما يجب له جل وعلا وما يتّصف به ربنا سبحانه وتعالى من نعوت الجلال والجمال والكمال.
التفويض يحتاج إلى مزيد بسط؛ لكن يمكن أن ترجعوا إليه في مظانه، وكثير من العلماء فهم وظنّ أن مذهب شيخ الإسلام ابن تيمية والسلف هو التفويض، حتى إنهم ينقلون كلام شيخ الإسلام ويحملونه على الفويض مثل السفاريني ومثل [...] يوسف في أقوايل الثقات، وجماعة من المتأخرين ينقلون كلام شيخ الإسلام وفهموا مذهب الإمام أحمد ومذهب شيخ الإسلام ومذهب السلف الذي هو أسلم أنه التفويض، وهذا ليس بصحيح، إذا كان المقصود تفويض المعنى بحيث إنه لا نعلم معنى استوى، لا نعلم معنى ?وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ?[البقرة:255]، إيش معنى العلي، نقول لا نعلم معناها، لا نعرف العلو، ما نعرف هنا العلي، قد يكون بمعنى الرحيم، قد يكون بمعنى القدير، هذا تجهيل وجهالة؛ بل ربما آل إلى الطعن في القرآن.
س4/ هل الشيطان أو الجن يعلم ما في نفس ابن آدم؟
ج/ يحتاج إلى مراجعة وتأمل، ما أدري.
س5/ ما منهج أهل السنة في الرؤى والمنامات من حيث الاعتماد عليها؟
ج/ هذه لا يتميز بها أهل السنة عن غيرهم، هذه مسألة من مسائل الفقه والأدب يعني الآداب العامة.