المكان الطبيعي للبابا

محمود سلطان : بتاريخ 3 - 10 - 2006

القناة التليفزيونية الأولى التابعة لهيئة الإذاعة البريطانية ، بثت فيلما وثائقيا اتهمت فيه بابا الفاتيكان الحالي "بنديكتوس السادس عشر" بالتستر على شكاوي انتهاكات جنسية ضد الأطفال، حينما كان كاردينالا.

الفيلم بث من خلال برنامج بانوراما الأسبوع ، الذي اختار وثيقة قالت الـ بي بي سي يوم أول أمس 2\10\2006 أن الكاردينال "جوزيف راتزينغر" ـ البابا الحالي ـ كتبها بنفسه عام 1962 أوصى خلالها المطارنة بالتستر على الاعتداءات الجنسية التي يرتكبها القساوسة على الأطفال ، بعدما باتت ظاهرة وليست "انحرافات " فردية.

الأب "توم دويل" محامي الكنيسة الكاثوليكية السابق - والذي طرده بابا الفاتيكان لانتقاده الطريقة التي تعامل بها مع الانتهاكات الجنسية للأطفال – هو من ترجم الوثيقة بناء على طلب من منتجي البرنامج واتهم البابا صراحة بأنه هو الذي وضع سياسة التستر على فضائح رجاله الجنسية داخل الكنائس.

الطريف أن اسقف مدينة بيرمنغهام " فينسينت نيكولاس" كان رد فعله على طريقة أجهزة الأمن العربية وقال لـ بي بي سي إن ما ورد في برنامج بانورما "مضلل برمته وملفق لأنه أساء التعامل مع وثيقتين للفاتيكان واستخدمهما بشكل مضلل "

رغم أن هذه الفضائح لم تعد سرا ، إذ تنشرها يوميا وسائل الإعلام ووكالات الأنباء على "كل الحبال" !
مطرانية "دبلن" في 3 مارس الماضي ، أصدرت تقريرا ـ قدمته للجنة التحقيق القضائية ـ كشف أن أكثر من 100 كاهن في الكنيسة الكاثوليكية في دبلن على الأقل متورطون خلال الـ 66 عاما الأخيرة بالاعتداء الجنسي على أكثر من 350 طفلا .

وقال رئيس الأساقفة "ديرموند مارتن"، في تصريح لـ"الغارديان" البريطانية، إن الكنيسة ستبيع ممتلكاتها لكي تدفع تعوضيات معتبرا أن هذه الخطوة هي تضحية من الكنيسة تكفيرا عن أخطاء الماضي.

في إبريل الماضي كشفت وكالة أسوشيتد برس أن مجموعة "جافين" التي يعمل بها عدد من ضباط مكتب التحقيقات الفيدرالي أجرت تحقيقات لصالح الكنيسة الكاثوليكة لاستعادة الثقة التي اهتزت كثيرًا بعد ظهور فضائح التحرش الجنسي وسوء المعاملة في عام 2002زاروا خلالها أكثر من 195 أبرشية كاثوليكية وأصدرت المجموعة تقريرا فيه العشرات من الوقائع المؤلمة ، على سبيل المثال كشف التقرير عن توجيه 783 اتهام بالتحرش الجنسي للقساوسة الكاثوليك بأمريكا في عام 2005 وحده، الأمر الذي يرفع عدد الاتهامات في هذا الشأن منذ عام 1950 إلى أكثر من 12 ألف اتهام. وكانت الكنيسة الكاثوليكية الأمريكية قد دفعت أكثر من مليار دولار منذ عام 1950 لمواجهة قضايا التحرش الجنسي.

في 21 \ 3 \2001 ، اعترف الفاتيكان بصحة تقارير صحفية تحدثت عن انتهاكات أخلاقية في صفوف الكنيسة، وقالت إن قساوسة ورجال دين كبارا أرغموا راهبات على ممارسة الجنس معهم، وتعرضت بعض الراهبات للاغتصاب وأجبرت أخريات على الإجهاض.
وأدانت وكالة الأنباء التبشيرية "ميسنا" ما أسمته "مفاسد المبشرين" لكنها في الوقت نفسه دعت إلى تذكر أن هؤلاء القساوسة ورجال الدين يظلون بشرا. وفي المقابل قال المتحدث الرسمي باسم المؤتمر الأميركي للأساقفة الكاثوليك إن "أقل ما يمكن قوله عن هذا التقرير هو أنه مروع ومزعج".

موقع قناة الجزيرة القطرية على الانترنت نقل في مارس عام 2001 أيضا عن صحيفة "لا ريببليكا" الإيطالية تقريرا قال إن بعض الراهبات أجبرن على أخذ حبوب منع الحمل. وأشار إلى أن معظم حالات الاعتداء الجنسي على الراهبات حدثت في أفريقيا حيث "تعرف الراهبات على أنهن آمنات من الإصابة بفيروس الإيدز" المنتشر في القارة السمراء.

وكانت الاتهامات قد ظهرت للمرة الأولى في التقرير الكاثوليكي القومي الأسبوعي في مدينة كانساس في 16 مارس ونقلته وكالة أنباء أديستا -وهي وكالة إيطالية دينية صغيرة- مما أدى إلى وصوله لأجهزة الإعلام العامة.

وقد أعدت التقرير الذي تحدث عن حالات محددة بالأسماء وحالات تورط أصحابها راهبة وطبيبة تدعى ماورا أودونوهو، وقدمت الراهبة تقريرها إلى رئيس مجمع الفاتيكان للأوامر الدينية الكاردينال مارتينز سومالو في فبرايرعام 1995.

وقد أمر الكاردينال آنذاك بإنشاء فريق عمل من المجمع لدراسة المشكلة مع أودونوهو والتي كانت تعمل منسقة الإيدز في منظمة (كافود) وهي منظمة دينية تابعة لطائفة الروم الكاثوليك تتخذ من لندن مقرا لها.

وقدمت أودونوهو أدلة واضحة على اتهاماتها، وقالت إنه في إحدى الحالات أجبر قسيس راهبة على الإجهاض مما أدى إلى موتها، ثم قام بنفسه بعمل قداس لها.
وبشأن أفريقيا قال تقريرها إن الراهبات لا يستطعن هناك رفض أوامر القساوسة بهذا الشأن، وأكدت أن عددا من القساوسة هناك مارسوا الجنس مع الراهبات خوفا من إصابتهم بالإيدز إذا "مارسوه مع العاهرات"، وترغم الراهبات على تناول حبوب لمنع الحمل، لكنها قالت إن مؤسسة دينية اكتشفت وجود 20 حالة حمل دفعة واحدة بين راهباتها العاملات هناك.

وأشار التقرير إلى أن الأسقف المحلي لإحدى المناطق طرد رئيسة دير عندما اشتكت له من أن 29 راهبة من راهبات الدير حبالى بعد أن أرغمن على ممارسة الجنس مع القساوسة.

وبين أدينا وقائع كثيرة أكثر إيلاما مما ذكرت غير أني لم أشأ أن أؤذي مشاعر الكثير ممن سيؤلمهم قراءة مثل هذه الجرائم الكنسية الكاثوليكية ونحن في شهر رمضان شهر الطهر والعفاف.

غير أني ذكرتها بمناسبة بث الفيلم الوثائقي في التليفزيون البريطاني والذي كشف وبالوثائق تستر البابا الحالي عندما كان كاردينالا على كل هذه الجرائم ما يجعله مشاركا فيها بالتضامن والتستر عليها ، مايستوجب محاسبته قضائيا وحال إدانته يكون مكانه الطبيعي ، ليس "رأس" الكنيسة الكاثوليكية وإنما السجن مع المجرمين وتجار المخدرات والرقيق واصحاب بيوت الدعارة.

http://www.almesryoon.com/ShowDetail...D=24810&Page=1