#الطريق_الى_الحق4⃣

(الذي يأتي من فوق هو فوق الجميع)
يستدل النصارى على الوهية المسيح بان المسيح قد اتى من فوق او من السماء كما قال :" أما أنا فمن فوق. أنتم من هذا العالم، أما أنا فلست من هذا العالم"

ويرون ان هذا دليل على الوهيته وعلى أنه كائن إلهي فريد
وللرد نقول : قول المسيح: " أما أنا فلست من هذا العالم " ليس دليلاً على الألوهية بحال ، فمراده اختلافه عن سائر البشر باستعلائه عن العالم المادي بل هو من فوق ذلك الحطام الذي يلهث وراءه سائر الناس ، وقد قال مثل هذا القول في حق تلاميذه أيضاً بعد أن لمس فيهم حب الآخرة والإعراض عن الدنيا كما ورد :
لَوْ كُنْتُمْ مِنَ الْعَالَمِ لَكَانَ الْعَالَمُ يُحِبُّ خَاصَّتَهُ. وَلَكِنْ لأَنَّكُمْ لَسْتُمْ مِنَ الْعَالَمِ بَلْ أَنَا اخْتَرْتُكُمْ مِنَ الْعَالَمِ لِذَلِكَ يُبْغِضُكُمُ الْعَالَمُ.
وايضا قوله :
أَنَا قَدْ أَعْطَيْتُهُمْ كلاَمَكَ وَالْعَالَمُ أَبْغَضَهُمْ لأَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنَ الْعَالَمِ كَمَا أَنِّي أَنَا لَسْتُ مِنَ الْعَالَمِ
فقال في حق تلاميذه ما قاله في حق نفسه من كونهم جميعاً ليسوا من هذا العالم ، فلو كان هذا على ظاهره ، وكان مستلزماً الألوهية ، للزم أن يكون التلاميذ كلهم آلهة ، لكن تعبيره في ذلك كله نوع من المجاز، كما يقال: فلان ليس من هذا العالم، يعني هو لا يعيش للدنيا و لا يهتم بها ، بل همُّـهُ دوماً رضا الله والدار الآخرة وهذا حال الأنبياء جميعًا .
بل والاكثر من ذلك كما ذكرت الاناجيل ان كل من آمن بأن يسوع هو المسيح كان مولودًا من فوق , ومن كان مولدًا من فوق يستطيع أن يرى ملكوت الله :
«الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يُولَدُ مِنْ فَوْقُ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَرَى مَلَكُوتَ اللَّهِ».
كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ أَنَّ يَسُوعَ هُوَ الْمَسِيحُ فَقَدْ وُلِدَ مِنَ اللهِ.

قولهم لقد قال المسيح : أنا قبل أن يكون إبراهيم أنا كائن

وللرد على هذا الاستدلال نقول : إن صح ما ذكره يوحنا ونسبه للمسيح من قوله : «قبل أن يكون إبراهيم أنا كائن» فإن هذا القول لا يفيد في ألوهية المسيح بشيء ، وإنما يعني أنه في علم الله الأزلي ، فليس المقصود الوجود الحقيقي للمسيح كشخص ، بل المقصود الوجود القدري والإصطفائي ، أي اختيار الله واصطفاؤه له قديم ، كما قال بولس عن نفسه وأتباعه :

كَمَا اخْتَارَنَا فِيهِ قَبْلَ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ، لِنَكُونَ قِدِّيسِينَ وَبِلاَ لَوْمٍ قُدَّامَهُ فِي الْمَحَبَّةِ،
أي اختارنا بقدره القديم وفي علمه الأزلي ، ولا يفيد أنهم وجدوا حينذاك وانهم الهة ، وهذا الاختيار والإصطفاء هو المجد الذي منحه الله المسيح .

و قد ورد مثل ذلك في حديث سيدنا محمد صل الله عليه وسلم : «كنت نبيا وآدم بين الروح والجسد»

فإذا كان المسيح إلهًا لأنه قال عن نفسه: «قبل أن يكون إبراهيم أنا كائن» فماذا يكون سليمان بن داود عندما يقول :
«اَلرَّبُّ قَنَانِي أَوَّلَ طَرِيقِهِ مِنْ قَبْلِ أَعْمَالِهِ مُنْذُ الْقِدَم مُنْذُ الأَزَلِ مُسِحْتُ مُنْذُ الْبَدْءِ مُنْذُ أَوَائِلِ الأَرْضِ».

فالذي يقرأ بداية الإصحاح الأول من سفر الأمثال سيعرف أن الكلام لسليمان فيكون سليمان أولى بالألوهية من المسيح ، وماذا يكون ايضا إرميا الذي قال عنه الرب :

«4فَكَانَتْ كَلِمَةُ لرَّبِّ إِلَيَّ: قَبْلَمَا صَوَّرْتُكَ فِي لْبَطْنِ عَرَفْتُكَ وَقَبْلَمَا خَرَجْتَ مِنَ لرَّحِمِ قَدَّسْتُكَ.
الا تصلح هذه الفقرة كدليل ان ارميا هو ايضا اله ؟؟؟ و لكن لم يقل احد ذلك ابدا
وماذا يكون ايضا ( ملكي صادق ) الذي له صفات وخصائص تفوق صفات وخصائص المسيح إذ يقول عنه الكتاب :

«لأَنَّ مَلْكِي صَادَقَ هذَا، مَلِكَ سَالِيمَ، كَاهِنَ اللهِ الْعَلِيِّ، ... بِلاَ أَبٍ، بِلاَ أُمٍّ، بِلاَ نَسَبٍ. لاَ بَدَاءَةَ أَيَّامٍ لَهُ وَلاَ نِهَايَةَ حَيَاةٍ.

فلما لا يقول النصارى بألوهية ملكي صادق الذي يُشبه بابن الله ؟ بل هو متفوق على المسيح الذي يذكر النصارى أنه صُلب ومات ، وله أم ، فى حين ان ملكى صادق تنزه عن هذا كله فهو بلا اب ولا ام ، ولا بدايه له ولا نهايه .