قال الله تعالى في القرآن العظيم: "أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاء إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ"(سورة البقرة: 133).
المعنى: " إذْ قَالَ لِبَنِيهِ " إذْ قَالَ يَعْقُوب لِبَنِيهِ حِين حُضُور مَوْته . وَمَعْنِيّ بِقَوْلِهِ : " مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي " أَيْ شَيْء تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْد وَفَاتِي . " قَالُوا نَعْبُد إلَهك " يَعْنِي بِهِ : قَالَ بَنُوهُ لَهُ : نَعْبُد مَعْبُودك الَّذِي تَعْبُدهُ , وَمَعْبُود آبَائِك إبْرَاهِيم وَإِسْمَاعِيل وَإِسْحَاق إلَهًا وَاحِدًا, أَيْ نُخْلِص لَهُ الْعِبَادَة وَنُوَحِّد لَهُ الرُّبُوبِيَّة فَلَا نُشْرِك بِهِ شَيْئًا وَلَا نَتَّخِذ دُونه رَبًّا . وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ : " وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ " وَنَحْنُ لَهُ خَاضِعُونَ بِالْعُبُودِيَّةِ وَالطَّاعَة .(تفسير الطبري).
هذا هو رد الذرية الصالحة لبني يعقوب عليه السلام، إنه اخلاص العبادة والطاعة لله رب العالمين.
وقال سبحانه: "وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِن قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ" (يوسف: 6).
المعنى: "وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ"، يعني: النبوّة، "وَعَلى آلِ يَعْقُوبَ"، أَيْ: عَلَى أَوْلَادِهِ فَإِنَّ أَوْلَادَهُ كُلَّهُمْ كَانُوا أَنْبِيَاءَ، "كَما أَتَمَّها عَلى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ"، فَجَعَلَهُمَا نَبِيَّيْنَ "إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ"، وَقِيلَ: الْمُرَادُ مِنْ إِتْمَامِ النِّعْمَةِ عَلَى إِبْرَاهِيمَ الْخَلَّةُ. وَقِيلَ: إِنْجَاؤُهُ مِنَ النَّارِ، وَعَلَى إِسْحَاقَ بِإِخْرَاجِ يَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ مِنْ صُلْبِهِ.(البغوي: معالم التنزيل).
فأتم الله تعالى نعمته على آل يعقوب عليه السلام، فجعل الله تعالى منهم الاسباط ، وليس الزناة كما نسبه مؤلف الكتاب المسمى مقدس لبني يعقوب عليه السلام.
وقال تعالى: "وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلا جَعَلْنَا صَالِحِينَ" (الانبياء: 72).
المعنى: " وَكُلا جَعَلْنَا صَالِحِينَ " يعني عاملين بطاعة الله، مجتنبين محارمه، وعنى بقوله: (كُلا) إبراهيم، وإسحاق، ويعقوب .(تفسير الطبري).
فنبي الله يعقوب عليه السلام كان من الصالحين، ولم يكن من العاصين كما نسب له مؤلف الكتاب المسمى مقدس الخديعة بأخذ البكورية من أخيه عيسو. وأنه صارع الرب. وأنه عصى ربه فلم ينفذ حد الرجم بحق ابنه رأوبين عندما زنا بزوجة أبيه وهي بمثابة امه.
وقال تعالى: " وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ ( 45 ) إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ ( 46 ) وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِ ( 47 )"(سورة ص).
المعنى:
قوله تعالى: " وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ " على التوحيد ، كأنه يوجه الكلام إلى أن إسحاق ويعقوب من ذرية إبراهيم ، وأنهما ذكرا من بعده .
وقوله :" أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ " ويعني بالأيدي : القوة ، يقول : أهل القوة على عبادة الله وطاعته . ويعني بالأبصار : أنهم أهل أبصار القلوب ، يعني به : أولي العقول للحق .
وقوله: " إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ" معناه : إنا أخلصناهم بخالصة هي ذكرى الدار الآخرة ، فعملوا لها في الدنيا، فأطاعوا الله وراقبوه، وقد يدخل في وصفهم بذلك أن يكون من صفتهم أيضا الدعاء إلى الله وإلى الدار الآخرة ، لأن ذلك من طاعة الله ، والعمل للدار الآخرة .
وقوله: " وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِ" يقول: وإن هؤلاء الذين ذكرنا عندنا لمن الذين اصطفيناهم لذكرى الآخرة - الأخيار الذين اخترناهم لطاعتنا ورسالتنا إلى خلقنا. (تفسير الطبري).
الحمد لله على نعمة الإسلام وما أعظمها من نعمة
المفضلات