سفراء بعثة الرجيع

بعث e بعثة الرجيع على أثر قدوم رهط من قبيلتي عضل والقارة المضريتين إلى المدينة وقالوا : (إن فينا إسلاما فابعث معنا نفرا من أصحابك يفقهونا في الدين ويقرئونا القرآن ويعلمونا شرائع الإسلام) وهكذا بعث الرسول e هذه السرية التي تتألف من عشرة من الصحابة، وجعل عليهم "عاصم بن ثابت بن الأقلح" أميرًا، حتى إذا كانوا بين عسفان ومكة أغار بنو لحيان، وهم قريب من مائتي مقاتل، فالجأوهم إلى تل مرتفع بعد أن أحاطوا بهم من كل جانب، ثم أعطوهم الأمان من القتل، ولكن قائد السرية أعلن رفضه أن ينزل في ذمة كافر وقالوا لهم : إنا والله لا نريد قتلكم ولكن عهد الله وثباته ألا نفتحكم ، وقالوا ذلك لأنهم يريدون أن يسلموهم لكفار قريش ويأخذوا في مقابلتهم أجرا نعلمهم أنه لا شيء أحب إلى قريش من أن يأتوا بأحد من أصحاب محمد e يمثلون به ويقتلونه بمن قتل منهم ببدر وأحد فأبوا أن يقبلوا منهم .فدع الدعاة إلى أسلحتهم يقاتلون الغادرين ومن أعانهم من قبيلة هذيل ، وماذا يجزي قتال نفر يعدون على الأصابع لنحو مائة’ من الرماة ، وراءهم قومهم يشدون أزرهم؟ فرماهم عاصم بالنبل حتى نفذت نبله ، ثم طاعنهم بالرمح حتى كسر رمحه ، وبقى السيف فقال " اللهم حميت دينك أول نهاري فاحم لي لحمي أخره " وكانوا يجردون كل من قتل من أصحابه، فكسر غمد سيفه ثم قاتل حتى قُتل، وقد جرح رجلين وقتل واحدًا ثم شرعوا فيه الأسنة[1] حتى قتلوه، وكانت سلافة بنت سعد بن الشُّهيد[2] قد قُتل زوجها وبنوها الأربعة، وقد كان عاصم قتل منهم اثنين: الحارث، ومسافعًا، فنذرت لإن أمكنها الله منه أن تشرب في قحف رأسه الخمر، وجعلت لمن جاء برأس عاصم مائه ناقة، قد علمت بذلك العرب وعلمته بنو لحيان، فأرادوا أن يحتزوا رأس عاصم ليذهبوا به إلى سلافة بنت سعد ليأخذوا منها مائه ناقة، فبعث الله تعالى عليهم الدّبْرَ [3] فحمته، فلم يدنُ إليه أحد إلا لدغت وجهه، وجاء منها شيء كثير لا طاقة لأحد به، فقالوا: دعوه إلى الليل، فإنه إذا جاء الليل ذهب عنه الدبر، فلما جاء الليل بعث الله عليه سيلاً ولم يكن في السماء سحاب في وجه من الوجوه، فاحتمله فذهب به فلم يصلوا إليه.لقد قتل عاصم في سبعة من أفراد السرية بالنبال، ثم أعطى الأعراب الأمان من جديد للثلاثة الباقين، فقبلوا غير أنهم سرعان ما غدروا بهم بعد ما تمكنوا منهم، وقد قاومهم "عبد الله بن طارق "فقتلوه واقتادوا الاثنين إلى مكة، وهما خبيب وزيد بن الدثنة فباعوهما لقريش، وكان ذلك في صفر سنة 4 هـ. [4]
فقدموا بهما مكة فباعوهما فابتاع خبيبا حُجير بن أبي أهاب التميمي حليف بني نوفل لعقبة بن عامر بن نوفل وكان حجير أخا الحارث بن عامرلأمه ليقتله بأبيه، وأما زيد بن الدثنة فابتاعه صفوان بن أمية ليقتله بأبيه أمية بن خلف وكان شراؤهما في ذي القعدة فحبسوهما حتى خرجت الأشهر الحرام فقتلوا زيدا، وأما خبيب فقد مكث أسيرا حتى خرجت الأشهر الحرام ثم أجمعوا على قتله، وكانوا في أول الأمر أساءوا إليه في حبسه فقال لهم: ما يصنع القوم الكرام هكذا بأسيرهم، فأحسنوا إليه بعد ذلك وجعلوه عند امرأة تحرسه وهي ماوية مولاة حجير وقد قالت ماوية: كان خبيب يتهجد بالقرآن فإذا سمعه النساء بكين ورققن عليه، فقلت له: هل لك من حاجة؟ قال: لا إلا أن تسقيني العذب ولا تطعميني ما ذُبح على النصب وتخبريني إذا أرادوا قتلي، فلما أرادوا ذلك أخبرته فوالله ما اكترث بذلك ولما خرجوا بخبيب من الحرم ليقتلوه قال: ذروني أصلِّ ركعتين، فتركوه فصلى سجدتين فجرت سُنَّة لمن قُتل صبرا أن يصلى ركعتين ثم قال خبيب: لولا أن يقولوا جزعَ لزدت وما أبالى على إي شِقَّي كان لله مصرعي ثم قال:
وذلك في ذات الإله وإن يشأ
يبارك على أوصال شلو ممزع
" اللّهم أحْصِهِمْ عَدَدًا، واقتلهم بَدَدًا ، ولا تُبْقِ منهم أحدا"، ثم قال : فقال له أبو سفيان : أيسرك أن محمدا عندنا نضرب عنقه، وأنك في أهلك ؟ فقال : لا والله، ما يسرني أني في أهلي وأن محمدا في مكانه الذي هو فيه تصيبه شوكة تؤذيه
واستقبل الموت وهو ينشد
وَلَسْت أبَالى حِيْن أقْـتَلَ مُسـْلِما عَلَى أي جَنَّب كَـان فِي الْلَّه مَضْجَعِي
فَلَسْت بِمُـــبْد ٍلِلـْعَدُو تَخَشّعْـــــا وَلَا جَزِعَـا إنِّـي إلَى الْلَّه مَرْجِعِـــــي [5]
ثم صلبوه ووكلوا به من يحرس جثته، فجاء عمرو بن أمية الضمري، فاحتمله بخدعة ليلا، فذهب به فدفنه، وكان الذي تولي قتل خبيب هو "عقبة بن الحارث"، وكان خبيب قد قتل أباه حارثا يوم بدر . [6]
( [1] ) الأسِنَّةَ إلاَّ جَمْع سِنانٍ للرُّمْحِ - تاج العروس (35/ 224)
( [2] ) سلافة بنت سعد الأنصارية، والدة عثمان بن طلحة. الإصابة في تمييز الصحابة 11308- (8/ 181)
( [3] ) الدَّبْر وهي النَّحْلة سميت بذلك لتدبيرها ونيقتها في عمل العسل[الفائق في غريب الحديث و الأثر 1/ 410]
( [4] ) السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل احداث د. على محمد الصلابى جـ2 ص192 الأنوار في سيرة النبي المختار [ص 63]
( [5] ) الاكتفاء بما تضمنه من مغازي رسول الله والثلاثة الخلفاء [2 /90]
( [6] ) السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل احداث د. على محمد الصلابى جـ2 ص193 الرحيق المختوم [ص 267]
التعديل الأخير تم بواسطة الناصح ; 24-04-2017 الساعة 09:51 AM
معلومات الموضوع
الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
المواضيع المتشابهه
-
بواسطة الناصح في المنتدى شبهات حول السيرة والأحاديث والسنة
مشاركات: 2
آخر مشاركة: 05-09-2014, 10:59 AM
-
بواسطة الناصح في المنتدى شبهات حول السيرة والأحاديث والسنة
مشاركات: 3
آخر مشاركة: 23-01-2013, 04:48 PM
-
بواسطة نعيم الزايدي في المنتدى المنتدى الطبي
مشاركات: 0
آخر مشاركة: 11-06-2011, 03:00 AM
-
بواسطة امه مسلمة في المنتدى المنتدى العام
مشاركات: 1
آخر مشاركة: 06-11-2010, 11:17 AM
-
بواسطة muad في المنتدى المنتدى الإسلامي
مشاركات: 2
آخر مشاركة: 09-12-2007, 01:44 AM
الكلمات الدلالية لهذا الموضوع
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى

المفضلات