المطلب الأول (1-2-1-3) :- الرغبة الشريرة للانسان هي سبب التحريف
1- تحريف العقيدة ووجود عدة أديان هو نتيجة لتدخل الرغبة الشريرة للانسان وتزين الشيطان له تلك الأفعال
الحقيقة ان الدين الحق هو دين واحد فقط ولكن المحرفون يبدلون ويغيرون :-
قال الله تعالى :- (كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلاَّ الَّذِينَ أُوتُوهُ مِن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ لِمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَن يَشَاء إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (213) ) صدق الله العظيم (سورة البقرة)
قال الله تعالى :- ( وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلاَّ أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُواْ وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (19) )
صدق الله العظيم (سورة يونس)
من تفسير المنار لــ محمد رشيد رضا :-
(إن المراد الجنس البشري في جملته ، فإنهم كانوا أمة واحدة على الفطرة ، إذ كانوا يعيشون عيشة السذاجة والوحدة كأسرة واحدة ، حتى كثروا وتفرقوا فصاروا عشائر فقبائل فشعوبا تختلف حاجاتها وتتعارض منافعها ، فتتعادى وتتقاتل في التنازع فيها ، فبعث الله فيهم النبيين والمرسلين لهدايتهم ، وإزالة الاختلاف بكتاب الله ووحيه ، ثم اختلفوا في الكتاب نفسه أيضا بغيا بينهم واتباعا لأهوائهم )
انتهى
وأيضا من تفسير التحرير والتنوير بتصرف :-
(والمراد هنا أمة واحدة في الدين ….. ثم إن البشر أدخلوا على عقولهم الاختلاف البعيد عن الحق بسبب الاختلاف الباطل والتخيل والأوهام بالأقيسة الفاسدة . وهذا مما يدخل في معنى قوله - تعالى - :( لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ثم رددناه أسفل سافلين إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات) ، فتعين أن المراد في هذه الآية بكون الناس أمة واحدة الوحدة في الحق ، وأن المقصود مدح تلك الحالة لأن المقصود من هذه الآية بيان فساد الشرك وإثبات خطأ منتحليه بأن سلفهم الأول لم يكن مثلهم في فساد العقول ، وقد كان للمخاطبين تعظيم لما كان عليه أسلافهم ، ولأن صيغة القصر تؤذن بأن المراد إبطال زعم من يزعم غير ذلك .
ووقوعه عقب ذكر من يعبدون من دون الله أصناما لا تضرهم ولا تنفعهم يدل على أنهم المقصود بالإبطال ، فإنهم كانوا يحسبون أن ما هم عليه من الضلال هو دين الحق ، ولذلك صوروا إبراهيم وإسماعيل يستقسمان بالأزلام في الكعبة . فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم الفتح كذبوا والله إن استقسما بها قط ، وقرأ ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما وما كان من المشركين وبهذا الوجه يجعل التعريف في الناس للاستغراق . )
انتهى
2- الناس جميعا كانت بدايتهم دين واحد وملة واحدة وهو عبادة الله عز وجل وحده لا شريك له والاستسلام لأوامره وطاعته
ولكن تفرق البشر واختلفت أهواءهم ورغباتهم واتبعوا أقوال الشيطان فدخل الكفر والشرك والوثنية ودخلت القصص الملفقة والتي تم دمجها بالقصص الحقيقية التي توارثوها عن أجدادهم
أ- فالتشابه فى القصص بين الأمم لا يعنى عدم وقوعها ولكن يعنى أن تلك القصة حدثت بالفعل فى الأجداد المشتركون لكل تلك الأمم ثم تفرق الأحفاد وكون كل منهم أمة مستقلة عن الأخرى فظل تداول تلك القصة بينهم ثم بمرور الأيام شكلت كل أمة تلك القصة حسب أهواءها فغيرت وبدلت فيها واتبعت أقوال الشيطان وأشركت بالله عز وجل فعبدت أبطال تلك القصة بعد تبديلها وتغيرها وتحريفها أو يعبدون شخصيات أخرى ظهرت بينهم بعد انفصالهم عن باقي الأمم
فكذلك دخلت عقائد ما أنزل الله عز وجل بها من سلطان وتم مزجها ببعض قليل ممن تبقى من العقيدة التي ارتضاها رب العالمين للبشر ووجود القصة فى أكثر من شعب يثبت أن أصلها حقيقي و واقعي
ب- ثم يحاول هؤلاء الذين كفروا واتبعوا الشيطان (مثل اليونانيين والرومان كما سنرى ان شاء الله فى باقي مباحث هذا الباب ) أن ينشروا أفكارهم الوثنية فى الأمم الأخرى التي ظلت على نقاءها (مثل بنى اسرائيل ) ، ونجد أنه قد يساعدهم فى ذلك أشخاص من نفس تلك الأمم النقية (مثل كهنة اليهود وأتباعهم ممن تأثروا بالثقافة اليونانية ) فيذهبون ويقلدون الأمم الوثنية ويقلدون أفكارهم ومعتقداتهم ولكن مع تغير فى مسميات الشخصيات فهم يحولون شخصياتهم المحلية التي كانت موجودة بالفعل ومشهورة ومحبوبة بين الناس (والتي تكون قد ظهرت بعد استقلالية تلك الأمة النقية عن باقي الأمم ) الى ما يشبه شخصيات الأمم الوثنية ، ويزينون لأقوامهم الكفر بالكلام المنمق الجميل الذى يخاطب عاطفتهم بينما هذا الكلام وتلك الأفكار هي فى حقيقتها الكفر والظلام والشر
قال الله تعالى :- (وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِؤُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ(30)) صدق الله العظيم (سورة التوبة)
المفضلات