المطلب الأول (1-2-2-2) :- لكلمة اليهود معنيان فى عصر كتابة العهد الجديد :-
وهو اسم أحد أبناء سيدنا يعقوب عليه الصلاة والسلام (التكوين 29 :35 ، 35: 23 )
ثم أصبح اسم لسبطه (الخروج 31: 2 ، تثنية 33 :7 ، يشوع 14 :6 )، ثم أصبح اسم لمملكة يهوذا الجنوبية التي كانت تضم سبط يهوذا وبنيامين والكهنة اللاويين (هوشع 4 :15 ، إرميا 2 :28 ، إرميا 32 :12 )
ثم أصبح اسم لكل الأسباط ، وكان فى كل تلك المراحل السابقة دلالة على عرق أو موطن ولم يكن اسم لمعتقد الا فى مرحلة متأخرة (و ان شاء الله سوف أتحدث بمزيد من التفصيل عن معنى كلمة اليهود فى المبحث الأول - الباب السابع)
وكنتيجة لظهور يهود تشبهوا باليونانيين وتركوا الشريعة فى ظل تمسك بعض من بنى اسرائيل بالشريعة ونشوء صراع مسلح بين الفئتين ثم خلافات استمرت فترة طويلة من الزمان
فأصبح لكلمة يهودي فى ذلك العصر دلالتان :-
معنى عام:-
وهو كل شخص من بنى اسرائيل سواء التزم بالشريعة وتعليمات الكهنة وباسلوب الحياة اليهودية (أي متدين) أم أحدث بها تغيرات ومزجها بأفكار يونانية أو شخص يهودي عادى ، أي هو مسمى يتم اطلاقه على كل فئات اليهود (يوحنا 2: 13 ، 2: 18 ، 6 :4 ، 7 :2 ، 11: 19 ،11 :55 ، 12 :9 ، 18: 20 ) (متى 27: 37 ،، 28: 15 ) ، (لوقا 23 :3 ،23 :38 ) ،(مرقس 15 :26 ) ، (غلاطية 2 :15) ، وسبب ذلك هو اعتقادهم أن أي شخص مولود من بنى اسرائيل ومهما فعل من أخطاء فهو من شعب الله عز وجل ، وكانت كلمة (يهودي) فى أصلها عندهم لها دلالة المديح
معنى خاص :-
وهو على كل شخص تمسك باسلوب الحياة اليهودية والشريعة فى حياته (يوحنا 5: 10 ، 5: 16 ، 7 :1 ، 7 :11 ، 7 :13) ، (رومية 2 :17)
فهم فئة من اليهود المتمسكين بالشريعة فى حياتهم يرون أن الخلاص ليس بالايمان فقط ولكن أيضا بالعمل بالناموس والشريعة فى جميع مناحي الحياة العامة والخاصةأي أنهم كانوا يتبعون اسلوب الحياة اليهودية
ولكن بمرور الزمان جاء بعدهم من زعموا تمسكهم بالشريعة بينما تسللت اليهم الأفكار الوثنية و أصبحوا يتظاهروا بتطبيق الناموس بينما فى حقيقتهم لا يطبقوا كل الوصايا فأخذوا أجزاء وتركوا أجزاء (يوحنا 7: 19 ، أعمال الرسل 7: 53) ، ورفضوا التصديق برسل رب العالمين اليهم وكذبوا بآيات رب العالمين لذلك كان المسيح عليه الصلاة والسلام يواجههم ويطالبهم بتطبيق جميع الوصايا وطاعة رب العالمين
وهؤلاء اليهود المتمسكين بالشريعة كانوا عدة طوائف أهمها (الفريسيين والأسينيين) اختلفوا فى كيفية تطبيق الشريعة و فهمها ، وحتى هؤلاء تسللت اليهم أيضا الأفكار اليونانية الوثنية
والدليل على ذلك هو:-1- نجده فى انجيل يوحنا فنقرأ :-
7 :2 و كان عيد اليهود عيد المظال قريبا
ثم نقرأ :-
7 :11 فكان اليهود يطلبونه في العيد و يقولون اين ذاك
7 :12 و كان في الجموع مناجاة كثيرة من نحوه بعضهم يقولون انه صالح و اخرون يقولون لا بل يضل الشعب
7 :13 و لكن لم يكن احد يتكلم عنه جهارا لسبب الخوف من اليهود
نلاحظ الآتي :-
ب- ثم نقرأ أنه فى هذا العيد الخاص باليهود كانت الجموع تتحدث وتتناقش حول المسيح عليه الصلاة والسلام فالبعض منهم يقولون عنه أنه صالح والبعض الأخر يقولون أنه يضلل الشعب (والمقصود من الشعب هو شعب بنى اسرائيل أي أن تلك الجموع هم من اليهود أيضا)
ج- ولكننا نجد فى العدد (13) أن تلك الجموع كانوا خائفون أن يتكلموا جهارا بسبب خوفهم من اليهود
أليس هؤلاء الجموع هم يهود ، فهذا يعنى أن اليهود يخافون من اليهود ولكن الحقيقة ان تلك الجموع هم كل اليهود العاديين أما كلمة اليهود فى العدد (13) فكان المقصود منهم فئة معينة من هؤلاء اليهود وهم الفريسيين المتمسكين بتطبيق الشريعة
مما يعنى أن كلمة ( اليهود) لم تكن دائما تأتى بمعنى شعب بنى اسرائيل كله ولكنها كانت تأتى بمعنى فئة من بنى اسرائيل ملتزمة بالشريعة
وهذه الفئة كانت فى عهد المسيح عليه الصلاة والسلام تأخذ بظاهر الشريعة ولا تأخذ كل الوصايا ويتباهون أنهم ملتزمون بالشريعة وكان المسيح عليه الصلاة والسلام يطالبهم بتطبيق جميع الوصايا التي فى الناموس وألا يتركوا شئ منها (مت 23 :1 الى 23 :3 ، 23 :23، 5 :17 الى 5 :20 ، يوحنا 14 :21 )وأيضا فى (يعقوب 2 :10)
2- و نقرأ من تفسير القس أنطونيوس فكرى لهذا النص نجده يقول :-
3- كما نقرأ أيضا من موقع الأنبا تكلا :-
(وترد كلمة "يهود" نحو 70 مرة في إنجيل يوحنا، وفي غالبيته الحالات، ترد في الإشارة إلى السلطات الدينية في أورشليم وعدائها للرب يسوع (ارجع مثلا إلى 5: 18، 9: 18، 11: 8، 18: 36 ). ومما يستلفت النظر أن والدي الإنسان المولود أعمى، وكانا كلاهما يهوديين، قيل عنهما: "كانا يخافان من اليهود" (يو 9: 22). وكلمة "اليهود" (يو 18: 12) تشير إلى "رؤساء الكهنة و الفريسيين" (يو 18: 3))
انتهى
http://st-takla.org/Full-Free-Coptic-Books/FreeCopticBooks-002-Holy-Arabic-Bible-Dictionary/28_E/E_242.html
(ملحوظة :-
وان كنت اختلف مع موقع الأنبا تكلا فى مدى اتساع الدلالة الثانية لكلمة (اليهود) فلم يكن المقصود منها السلطات الدينية فقط وانما كان المقصود منها أوسع من ذلكوهو الشخص المتمسك بالشريعة فى اسلوب حياته سواء كان من السلطات الدينية أو من الذين اتبعوا تلك الفئة وانضموا الى حزبهم ، فالسلطات الدينية من الكهنة و الفريسيين هم فى الأصل من المتمسكين بالناموس والتقليد
فالمقصود بالكلمة هو الشخص المتمسك بالناموس والتقليد ، ولو كان يقصد شخصيات الزعماء أو السلطات الدينية فقط كان ذكر كلمة ( الرؤساء ) ولكنه لم يفعل ذلك لأنه يقصد صفتهم وأنهم من المتمسكين بالناموس والتقليد فهذا كان هو المعنى الخاص لكلمة اليهود فى النص ، فالخوف كان من فئة المتمسكين بالشريعة والتقليد فى اسلوب حياتهم (أي اليهود بمعناه الخاص)
والدليل على ذلك :-
من انجيل يوحنا :-
9 :18 فلم يصدق اليهود عنه انه كان اعمى فابصر حتى دعوا ابوي الذي ابصر
و ان قرأنا الأعداد التي تسبقه نقرأ أن هؤلاء اليهود هم الفريسيين (أي فئة المتمسكين بالشريعة والتقليد )
فنقرأ :-
9 :13 فاتوا الى الفريسيين بالذي كان قبلا اعمى
9 :14 و كان سبت حين صنع يسوع الطين و فتح عينيه
9 :15 فساله الفريسيون ايضا كيف ابصر فقال لهم وضع طينا على عيني و اغتسلت فانا ابصر
هؤلاء قوم من الفريسيون المتمسكين بالناموس ولم يخبرنا النص أنهم زعماء بل هم فريسيين وهؤلاء تم اطلاق كلمة يهود عليهم بمعناه الخاص ) (وان شاء الله سوف أوضح المزيد من الأدلة على معنى ودلالة كلمة اليونانيين عند كتاب العهد الجديد فى الفصل الثالث من الباب الثاني )
المفضلات