النقد رقم 13: زعم التناقض بين قوله تعالى " وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آَمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آَمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ ... آَلْآَنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ ... فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آَيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آَيَاتِنَا لَغَافِلُونَ "يونس 90-92 ... حيث أخبرتنا هذه الآيات عن نجاة فرعون من الغرق ... بينما كان القرآن صريحاً في اخباره عن غرق فرعون مع جنوده في الآيات الآتية " وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًا ... فَأَرَادَ أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ مِنَ الْأَرْضِ فَأَغْرَقْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ جَمِيعًا "الاسراء 102-103 ... وأيضاً في الآية " فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ " القصص 40

§ بديهياً لا يوجد أي تناقض ... إنما الخطأ في تناول السيد الناقد لكلمات القرآن الكريم بسطحية ... أو عدم فهمه للمعنى اللغوي للكلمة أو غير ذلك ... وكيف ؟؟؟ إن القرآن الكريم أثبت بوضوح في آيات سورتي الاسراء والقصص المذكورتين غرق وموت فرعون مع جنوده في البحر ... وفى آيات سورة يونس علمنا أن الله أمر موج البحر بأن يقذف جثة فرعون بعد غرقه على الشاطئ فينجو ببدنه
(أي بجسده بلا روح فيه) ليراه الناس ويكون آية لهم وموعظة (ارجع الى معجم الصّحّاح في اللغة وأيضا الى معجم مختار الصحاح لمعرفة المعنى اللغوي لكلمة بدن = الجسد بلا روح فيه) ... هذا في الوقت الذي تمتعت فيه أسماك البحر بوجبة غذائية شهية من أبدان جنود فرعون الغرقى ...

§
إن القارئ الذكي إذا تتبع بعمق سياق آيات سورة يونس سيلاحظ أن الله لم يقل " فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ " وسكت .... إنما قال بعدها " بِبَدَنِكَ " أي بجسدك الذي لا روح فيه (أي بجثة المتوَفى) ... إذن فكلمة " بِبَدَنِكَ " لم توضع دون فائدة او تزيّد في الكلام لأن القرآن الكريم كتاب معجز لا يتضمن مثل ذلك ... إنما لكي توضح ان النجاة كانت بالجسد فقط وليس فيه الروح.

§ ولأن القرآن الكريم يفسر بعضه بعضاً فالمتابع للسياق بعد ذلك سيعلم ماذا وراء رؤية الناس لجثة فرعون الغريق التي قذفها الموج على الشاطئ حيث قال تعالى ...
" لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آَيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آَيَاتِنَا لَغَافِلُونَ "يونس 92 ... فلو كان فرعون لم يغرق ونجا ... فكيف سيكون " آيَة " لمن خلفه إذا شاهدوه حياً ولم يشاهدوا جثته غريقاً ... ثم تدبر قوله " وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آَيَاتِنَا لَغَافِلُونَ " ... وتمعن في لفظ " آَيَاتِنَا " ...

السؤال رقم 13 للسيد الناقد:

§ يؤمن النصارى أن الكتاب المقدس قد كتب عن طريق وحي الله للكتبة ...
" كُلُّ الْكِتَابِ هُوَ مُوحًى بِهِ مِنَ اللهِ " رسالة بولس الرسول الثانية إلى تيموثاوس 3-16 ... وبناء على ذلك فإن الله هو الذي أوحى لمرقص فكتب انجيل مرقص ... كما أوحى الله ليوحنا فكتب انجيل يوحنا ... وطالما أن الله هو الذي أوحى لهما وبالتالي لن يكون هناك أي اختلاف بالطبع بين الانجيلين عند ذكرهم لنفس الحدث ... بل يجب ان يكون التطابق التام هو الأمر الذي سنجده ...

§ ولكن في حادثة صلب المسيح سنجد أنه قد ورد في
انجيل مرقص 15/25" وَكَانَتِ السَّاعَةُ الثَّالِثَةُ فَصَلَبُوهُ " ... بينما ورد في انجيل يوحنا 19/14-18" وَكَانَ اسْتِعْدَادُ الْفِصْحِ، وَنَحْوُ السَّاعَةِ السَّادِسَةِ ... فَقَالَ (بيلاطس) لِلْيَهُودِ: "هُوَ ذَا مَلِكُكُمْ (أي المسيح) !!! ". فَصَرَخُوا: "خُذْهُ! خُذْهُ! اصْلِبْهُ!" قَالَ لَهُمْ بِيلاَطُسُ: "أَأَصْلِبُ مَلِكَكُمْ ؟؟ " أَجَابَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ: " لَيْسَ لَنَا مَلِكٌ إِلاَّ قَيْصَرَ !!! " ... فَحِينَئِذٍ أَسْلَمَهُ إِلَيْهِمْ لِيُصْلَبَ ... فَأَخَذُوا يَسُوعَ وَمَضَوْا بِهِ ... فَخَرَجَ وَهُوَ حَامِلٌ صَلِيبَهُ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي يُقَالُ لَهُ "مَوْضِعُ الْجُمْجُمَةِ" وَيُقَالُ لَهُ بِالْعِبْرَانِيَّةِ "جُلْجُثَةُ" حَيْثُ صَلَبُوهُ " ... وَصَلَبُوا اثْنَيْنِ آخَرَيْنِ مَعَهُ مِنْ هُنَا وَمِنْ هُنَا، وَيَسُوعُ فِي الْوَسْطِ. "

مما تقدم يتضح:

1. تم صلب المسيح حسب ما ورد في انجيل مرقص وطبقاً لوحي الله لمرقص في الساعة الثالثة.

2.
طبقاً لوحي الله ليوحنا فان المسيح كان ما زال يحاكم حتى الساعة السادسة (أي بعد صلبة كما ورد في انجيل مرقص بثلاث ساعات) ... ثم سُلِمَ المسيح لليهود بعد ذلك ليبدأ رحلته الطويلة وهو حامل صليبه الى مكان الصلب ليُصلب.

3. إن أياً من مرقص ويوحنا لم يشهد عملية الصلب ... وبالتالي فان توقيت الصلب المذكور لكل منهما هو وحي الله المباشر لهما وليس عن أي طريق غير ذلك ...
" كُلُّ الْكِتَابِ هُوَ مُوحًى بِهِ مِنَ اللهِ " رسالة بولس الرسول الثانية إلى تيموثاوس 3-16...

4.
ولذلك هناك سؤالاً يطرح نفسه ... كيف يوحى خالق السماوات والأرض وما بينهما بتوقيتين بهذا الاختلاف الكبير لهذا الحدث الجلل وهو صلب الله الظاهر في الجسد ... وهو سبحانه وتعالى مدبر حركة الكون كله بما ومن فيه ... بل وكل جزء يسير من الثانية محسوب عنده بمقدار ... فهو الذي " كُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ " الرعد 8


والله أعظم وأعلم
يتبع بإذن اللـــــــــــــه وفضله