النقد رقم 7: زعم التناقض بين قوله تعالى " وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آَبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ " الأعراف 28... وبين قوله تعالى " وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا " الإسراء 16 ... فهل الله ينهى عن الفحشاء ام يأمر بالفحشاء ؟؟؟

§ من البديهي أن الله ينهى عن الفحشاء ولا يأمر بالفحشاء بالطبع ... وهذا ما صرحت به آية سورة الأعراف التي استدل بها الناقد ... حيث ردت على أكاذيب الكافرين ... فعندما كانوا يفعلون الفاحشة كانوا يقولون:
" وَجَدْنَا عَلَيْهَا آَبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا " الأعراف 28 ... فكذبهم الله بقوله: " إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ ... أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ " الأعراف 28

§ ولقد حرّم الله الفحشاء بالقطع ... وبالتالي لا يعقل أن يأمر الله بذلك ... بل إن الله لا يأمر الا بالقسط والخير ... ولذلك قال تعالى
" إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُون " النحل 90 ... وقال تعالى " قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ " الأعراف 29 ... وأيضاً قال تعالى " إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ " النساء 85

§
أما آية سورة الإسراء فلا تدل على أن الله يأمر بالفحشاء ... ولا تتناقض مع آية سورة الأعراف بالطبع ... وإنما تلتقي معها في تقرير أمر الله بالخير والقسط ... ونهيه عن الشر والفحشاء ... وكيف ذلك ؟؟؟

§ إن القارئ الذكي للآية رقم
16 بسورة الإسراء ... " وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا " ... سيفطن للآتي:

1.
حرف الفاء الأول في كلمة " فَفَسَقُوا " هو حرف عَزَلَ كلمة " أَمَرْنَا " عن كلمة " َفسَقُوا ".
2. كلمة " أَمَرْنَا " تدل على أمر صادر من الله سبحانه وتعالى ... ولكن لم يذكر ولم يحدد في منطوق الآية صراحة حقيقة أو تفصيل ما أمر الله به ... أي أن المأمور به محذوف.
3.
وكلمة " َفسَقُوا " هي فعل قام به المترفون ... والفسق في اللغة هو الخروج عن الطَّاعة (معجم مقاييس اللغة) ... ويؤكد ذلك أيضاً قوله تعالى " إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ " الكهف 50 ... أي لكن إبليس الذي كان من الجن خرج عن طاعة ربه. التفسير الميسر
4. أي أن الله أمر المترفين بأمر ما ... ولكن هذا الأمر لم تصرح به الآية الكريمة ... فما كان منهم إلا أنهم خرجوا عن طاعة الله ولم ينفذوا هذا الأمر.

§
وإذا تمشينا جدلاً مع سؤال السيد الناقد ... هل الله يأمر بالفحشاء أم ينهى عن الفحشاء ؟؟؟ وعرضنا هاذين الاحتمالين جدلاً أيضاً على الآية المذكورة رقم 16 بسورة الإسراء سنجد الآتي:

§
الاحتمال الأول: أن الأمر الذي لم تصرح به الآية الكريمة كان أمراً بالفحشاء ... فهل نفذ المترفون هذا الأمر حينئذ حسب نص الآية ... الإجابة لا ... ولماذا ... لأن الآية تقول انهم " فسقوا " ... أي خرجوا عن طاعة وتنفيذ هذا الأمر وبالتالي لم يفعلوا الفحشاء وفعلوا عكسها ... أي فعلوا الخير ... إذن لا يستقيم ولا يعقل حينئذ أن يطبق عليهم العقوبة المذكورة في باقي نص الآية ... " فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا " ... اذن هذا الاحتمال يرفضه أي عاقل ...

§
الاحتمال الثاني:أن الأمر الذي لم تصرح به الآية الكريمة كان أمراً بالخير ونهياً عن الفحشاء (شأنه في ذلك شأن كل ما يأمر به الله في آيات القرآن الكريم التي ذكرنا بعضاً منها بعاليه) ... فهل نفذ المترفون هذا الأمر حسب نص الآية ... الإجابة لا ... ولماذا ... لأن الآية تقول انهم " فسقوا "... أي خرجوا عن الطاعة وبالتالي لم ينفذوا ما اُمِروا به من الخير ... بل وفعلوا عكس ذلك أي الفحشاء ... وبالتالي يستقيم ويعقل حينئذ أن يطبق عليهم العقوبة المذكورة في باقي نص الآية ...... " فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا " ... اذن هذا الاحتمال هو الذي يقبله ويقتنع به بالطبع أي عاقل ...


§ إن القران المعجز قد يحذف بعض الكلمات من تعبيره قصداً حتى يفكر فيه المتدبرون ويقدّروا الكلام الذي يقتضيه السياق ولا يأخذوا الأمر على غير ذلك وهذا معنى لا يدركه المحجوب عن القرآن الكريم ... إن المأمور به هنا محذوف ولكنه معروف ببداهة لأي عاقل من طبيعة أوامر الآمر وهو الله سبحانه وتعالى ...

§
إنه من المستحيل بالقطع ان يأمر الله المترفين او غيرهم بالفحشاء !!! وفضلاً عما ذكرناه من توضيح بعاليه فإن في قوله ... " أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا " كلام مقدر يقتضيه السياق والمعنى ... والتقدير أمرنا مترفيها بما يأمر به الله من أمور الخير والطاعة ... " إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُون " النحل 90 ... فماذا كان رد فعل المترفين مع هذا الأمر ؟؟؟؟ عصوا امرنا وفسقوا بها وخرجوا عن طاعة الله وفعلوا الفاحشة ... ولذلك حق عليهم القول والحكم والعذاب فأهلكناهم ودمرناهم ...

§ هذا وإنه من البديهي انه لا يمكن ان يعاقب الله على ما أمر به ... فاذا كان الله (حاشاه) امر بالفاحشة (كما يحاول الناقد ان يوهم القارئ السطحي) فكيف يعاقب على ذلك ... ولكن العقاب يكون في حالة الفسوق (أي مخالفة أمر) خالق السماوات والأرض وما بينهما.
السؤال رقم 7 للسيد الناقد:

§
يقول النصارى عن السيد المسيح في القداس الإلهي في القسمة السريانية ... " انفصلت نفسه عن جسده (أي ناسوته) .... ولاهوته (أي طبيعته الإلهية) لم تنفصل قط عن نفسه ولا عن جسده " .... أو كما يقولون إن لاهوته لم يفارق ناسوته لحظة واحدة ولا طرفة عين.

§ وهنا سؤالاً يطرح نفسه ... هل قال السيد المسيح صراحة أنه ناسوت ولاهوت ... وإذا كان قال ذلك فأين هو النص تحديداً في الكتاب المقدس الذي ورد على لسان السيد المسيح نفسه (وليس من استنتاج أتباعه) والذي أخبر فيه صراحة أنه جزء لاهوتى وجزء ناسوتى ؟؟؟ أي انه إله كامل وإنسان كامل في نفس الوقت ... لاسيما أن موضوع الناسوت واللاهوت هو ركيزة أساسية في النصرانية ...

§
وإذا كان ناسوت السيد المسيح قد مكث تسعة أشهر يتكون وينمو في بطن أمه السيدة مريم حتى خرج منها ثم رضع هذا الناسوت من ثدييها حتى فطم ... كل هذا والناسوت لم يفارق اللاهوت لحظة واحدة ولا طرفة عين ... فهناك من يسأل وأين كان الناسوت (الذي لم يفارق اللاهوت لحظة واحدة ولا طرفة عين) قبل بدء انطلاقه للتكوين في بطن أمه.

§ وإذا كان اللاهوت أزلي منذ البداية أي قبل خلق آدم ... والناسوت معه لم يفارقه لحظة واحدة ولا طرفة عين حسب عقيدة النصارى ... إذن فقد كان الناسوت قبل خلق آدم موجوداً ومعداً للفداء والموت على الصليب قبل خطيئة ادم واكله من شجرة معرفة الخير من الشر ... ويكون الله بذلك قد غضبَ من أكْلِ آدم من الشجرة قبل أنْ يأكل آدم من الشجرة ... وأنَّ آدم حينئذ كان مُساقًا إلى اﻷكل من الشجرة ... أي غير حر، بل مُجْبَر على اﻷكل .... وإلاَّ لو كان الأمر بخلاف ذلك فإنه يلزم أنَّ يكون آدم قد خلق قبل ناسوت الله ... او يكون قد أكَلَ من الشجرة قبل أنْ يأكُل من الشجرة، وهذا اجتماع للنقيضين ... أو يكون اللاهوت قد ظل وحيداً (أي مفارقاً للناسوت) الالاف السنين حتى حملت السيدة مريم بالناسوت ... فحينئذ اتحد اللاهوت بالناسوت !!!! كل هذه أسئلة تطرح نفسها وتطلب الرد عليها من السيد الناقد !!!!

[TR]

[/TR]


يتبع بإذن اللـــــــــه وفضله