نعني بالنظم: ترتيب الكلمات ترتيبًا مخصوصًا، بحيث تؤدي المعنى المراد على أكمل وجه، وتكون متلائمة مع بعضها في ترابط وثيق، وترتيبها على حسب ترتيب المعاني في النفس، بحيث يكون كل لفظ موضوعًا في مكانه، ولو وضع غيره في مكانه لم يصح1.
وقد أفرد عبد القاهر الجرجاني كتابه العظيم "دلائل الإعجاز" للبرهنة على ما في النظم القرآني من وجوه الإعجاز. ولنأخذ مثالاً واحدًا من الآيات القرآنية التي أوردها عبد القاهر الجرجاني مبينًا بعض جوانب الإعجاز فيها، وذلك قول الله تعالى في شأن اليهود: {وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ} (البقرة: 96). يقول عبد القاهر:
"إذا أنت راجعت نفسك، وأذكيت حسَّك، وجدت لهذا التنكير، وأنه قيل: {عَلَى حَيَاةٍ}ولم يقل: "على الحياة" حسنًا وروعة ولطف موقع لا يُقْدَرُ قَدْرُه، وتجدك تَعْدَم ذلك مع التعريف وتخرج من الأريحية والأنس إلى خلافهما. والسبب في ذلك أن المعنى على الازدياد من الحياة، لا الحياة من أصلها.. فكأنما قيل: ولتجدنهم أحرص الناس ـ ولو عاشوا ما عاشوا ـ على أن يزدادوا إلى حياتهم في ماضي الوقت وراهنه حياة في الذي يستقبل"2.
وقد كُتِبَ في الإعجاز البياني للقرآن الكريم مئات المؤلفات نذكر من ذلك:
o الكشاف للزمخشري.
o إعجاز القرآن للخطابي.
o إعجاز القرآن للباقلاني.
o دلائل الإعجاز، عبد القاهر الجرجانى.
o المغني للقاضي عبد الجبار.
o الشفا في التعريف بحقوق المصطفى للقاضي عياض (فيه مبحث خاص بإعجاز القرآن).
o نهاية الإيجاز في دراية الإعجاز للفخر الرازي.
o منهاج البلغاء لحازم القرطاجني.
o البرهان في علوم القرآن للزركشي.
o الإتقان في علوم القرآن للسيوطي.
o معترك الأقران فى إعجاز القرآن للسيوطى.
o إعجاز القرآن لمصطفى صادق الرافعي.
o الإعجاز البياني للقرآن، د. عائشة عبد الرحمن.
o النبأ العظيم، د. محمد عبد الله دراز.
o من بلاغة القرآن، د. أحمد أحمد بدوى.
o إعجاز القرآن البيانى، د. حفنى محمد شرف.
o الظاهرة القرآنية، مالك بن نبى.
o إعجاز القرآن، د. عبد الكريم الخطيب.
o البيان فى روائع القرآن، د. تمام حسان.
o من روائع القرآن، د. محمد سعيد رمضان البوطى.
o الإسلام يتحدى، وحيد الدين خان ... إلخ.
وما من كتاب في البلاغة، وما من تفسير للقرآن الكريم إلا وعرض للإعجاز للقرآني من وجوه شتَّى، وأكثر ما ركزت عليه تلك المؤلفات هو الإعجاز البياني والبلاغي.
وجميع هذه الكتب التي تناولت بعض أسرار الإعجاز في القرآن بدأت بتحدي القرآن للإنس والجن على أن يأتوا بمثله، وإذ عجزوا عن ذلك، فإن هذا ـ في حد ذاته ـ دليل قاطع وبرهان ساطع على الإعجاز القرآني.
ثم تلا ذلك تفصيل وجوه الإعجاز اللغوي والبلاغي، فمن ذلك:
****************************
(1) دلائل الإعجاز، عبد القاهر الجرجاني، ص 42.
(2) دلائل الإعجاز، ص 223 ( بتصرف يسير).