سلسلة شرح دروس أحكام التجويد للمبتدئين _ كتابي المختصر في علم التجويد
الدرس الأول : ما هو القرآن الكريم ؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على إمام المتقين وسيد المرسلين وخاتم النبيين وشفيعنا بإذن الله غداً يومَ الدين سيدَّنا محمد وعلى آله الأطهار وصحابته الكرام وتابعيهِ الأخيار ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، أما بعد :
أهلاً وسهلاً بكم مع أول درس في سلسلة شرح دروس أحكام التجويد للمبتدئين من كتابي المختصر في علم التجويد ، والذي سنتحدث به اليوم ان شاء الله هو شرحُ تعريفِ القرآن الكريم .
اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا اللهم علماً .
رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهو قولي .
إن سألك سائل ما فقال لك : ما هو القرآن الكريم ؟ فبم سترد عليه .
نقول : القرآن الكريم هو كلام الله تعالى المنزل على قلب نبيه محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم بواسطة الملك جبريل عليه السلام المعجز بلفظه ومعناه المتعبد بتلاوته المنقول إلينا بالتواتر المكتوب بين دفتي المصحف من أول سورة الفاتحة إلى آخر سورة الناس المتحدى بأقصر سورة منه .
نيجي مع بعض نشرح كل كلمة في التعريف ، وخلاصة ما أريده منكم هو أن تفهم التعريف وتحفظ ما تيسر لك منه بحيث إن سألك سائل ما تستطيعُ أن تجيب عليه .
قلنا : القرآن الكريم كلامُ الله ، ايه بنفهم من الكلام هذا ؟
نفهم من هذا أنه ليس بكلام ملك ولا جن ولا إنس ولا أي مخلوق من مخلوقات الله إنما هو كلام الله تعالى .
المنزل ، ايه يعني ؟
يعني : خرجنا من الكلام الذي استأثر الله به لنفسه ، فكما نعلم في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم نقول : نسألك اللهم بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحداً من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك ، أيوة هي هذه الذي نريدها ، ما استأثر به الله تعالى في علم الغيب عنده هو خارجٌ عن إطار كلمة المنزل ، طبعاً تكملة الدعاء : أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا ، ونور صدورنا ، وجلاء همومنا وغمومنا وذهاب أحزاننا ، اللهم علمنا منه ما نسينا وعلمنا منه ما جهلنا ، وارزقنا تلاوته آناء الليل وأطراف النهار على الوجه الذي يرضيك عنا ، اللهم آمين .
على قلب نبيه : فيه تشريف للنبي صلى الله عليه وسلم .
محمد صلى الله عليه وسلم : نفهم أن القرآن الكريم خاتم الكتب السماوية المحفوظ من التحريف أنزل على خاتم النبيين والمرسلين بأبي وأمي والناس أجمعين سيدنا وحبيبنا وقدوتنا وإمامنا وقرة أعيننا محمداً صلى الله عليه وسلم ، وبهذا نكون قد خرجنا من الكتب السماوية الأخرى فالتوراة أنزلت على سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام ، والإنجيل أنزل على سيدنا المسيح عيسى عليه الصلاة والسلام ، مع العلم أن الكتاب المقدس هو نسخة محرفة عن التوراة بما يعرف ب ( العهد القديم ) والإنجيل بما يعرف ب ( العهد الجديد ) ، و نحنُ كمسلمين نؤمن بجميع الكتب السماوية التي أنزلت على الأنبياء عليهم الصلاة والسلام لا الكتاب المدعو ب ( الكتاب المقدس ) الذي هو محرف وبه الأباطيل والأكاذيب والافتراءات على رب العزة وعلى سيدنا المسيح عليه وعلى رسولنا أفضل الصلاة وأتم التسليم ، قال تعالى : " آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير " .
بواسطة الملك جبريل عليه السلام : وبهذا نخرج من كل ملكٍ غيرَ جبريل عليه السلام فملك الوحي هو جبريل لا أحد سواه .
قال تعالى : " قل من كان عدواً لجبريل فإنه نزله على قلبك بإذن الله مصدقاً لما بين يديه وهدى وبشرى للمؤمنين ، من كان عدواً لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال فإن الله عدوٌ للكافرين "
المعجز بلفظه ومعناه: نكون قد خرجنا عن الحديث النبوي والحديث القدسي .
الفرق بين القرآن والحديث القدسي والحديث النبوي :
القرآن : اللفظ والمعنى من عند الله تعالى .
الحديث النبوي : اللفظ والمعنى من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم مع العلم أنه وحيٌ من الله ( إن هو إلا وحي يوحى ) .
الحديث القدسي : المعنى من عند الله واللفظ من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم مع العلم أنه كذلك وحي من الله ( إن هو إلا وحي يوحى ) .
لذلك أثبت أهل العلم فروقًا بين الحديث القدسي والقرآن وهو:
أن القرآن معجزٌ بلفظه بينما الحديث القدسي ليس معجزًا بلفظه.
القرآن لا يجوز روايته بالمعنى بينما الحديث القدسي يجوز روايته بالمعنى.
المتعبد بتلاوته : فلا تصح صلاة المسلم إلا بتلاوة سورة الفاتحة في كل ركعة ، والفاتحة من القرآن الكريم ، ولا يصح أن تستبدلها بأن تقرأ شيئاً من الحديث النبوي أو القدسي الشريف ، وبمجرد تلاوة القرآن الكريم أنت مأجور حتى وإن لم تعمل ، فمجرد التلاوة تؤجر عليها لقوله صلى الله عليه وسلم : " من قرأ حرفا من كتاب الله فله حسنة والحسنة بعشر أمثالها ، لا أقول الم حرف ، ولكن ألف حرف ، ولام حرف ، وميم حرف . " والحديث حسنٌ صحيح .
المنقول إلينا بالتواتر ،
التواتر : هو النقل المستفيض لخبر من الأخبار ، طبقة بعد طبقة ، من أول الإسناد لأخره ، بحيث يحيل العقل تواطئ جميع الرواة على الكذب .
وهذه الطريقة التي وصلنا بها القرآن الكريم ، الله تعالى أقرأ جبريل عليه السلام ، ، جبريل عليه السلام أقرأ النبي صلى الله عليه وسلم ، النبي صلى الله عليه وسلم أقرأ الصحابة رضوان الله عليهم من فمه إلى أذنيهم ، ومن أفواههم سمع تلاوتهم حتى أقرهم عليها ، والصحابة رضوان الله عليهم نهجوا نهج رسول الله صلى الله عليه وسلم فنقلوه إلى التابعين والتابعين إلى تابعي التابعين حتى وصلنا كما تعلموه عن رسولنا صلى الله عليه وسلم صوتياً وكتابياً .
فنرى أن أبي بن كعب وعلي بن أبي طالب وعثمان بن عفان وعبد الله بن مسعود وزيد بن ثابت رضوان الله عليهم جميعاً أخذوا وتلقوا وتعلموا تلاوة القرآن الكريم عن طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم ، زر بن حبيش أخذ عن علي وعثمان وعبد الله بن مسعود رضوان الله عليهم ، عبد الله بن حبيب أخذ عن أبي بن كعب وعن عثمان وعن زيد بن ثابت رضوان الله عليهم ، سعد بن إياس أخذ عن عبد الله بن مسعود ، والإمام عاصم أخذ عن ثلاثتهم أي ( زر بن حبيش وعبد الله بن حبيب وسعد بن إياس )
والإمام حفص وشُعبة أخذوا عن الإمام عاصم رحمهما الله .
المكتوب بين دفتي المصحف : وهنا لابد أن نعرف أن المصحف غير القرآن ، فالقرآن هو المكتوب بين دفتي المصحف ، القرآن من مادة قرأ فهو مقرء ، والمصحف أو الصحف ماهو مكتوب ، فالذي أحرق هي المصاحف كلها عدا النسخة الأصلية الموجودة عند أمنا حفصة رضي الله عنها ، ولا يصح أن نقول أحرق القرآن فالقرآن وصلنا صوتياً عن طريق التلقي وكُتب في المصاحف وقد حفظه الله من التحريف صوتياً وكتابياً فلله الحمد .
من أول سورة الفاتحة إلى آخر سورة الناس : فالقرآن الكريم الموجود في المصحف العثماني وهو نسبة إلى الجمع الثاني الذي حدث بعد جمع أبي بكر رضي الله عنه في عهد الصحابي الجليل عثمان بن عفان رضي الله عنه وهو موافقٌ للجمع الذي في عهد أبي بكر رضي الله عليه وهو موافقٌ لما كُتب في عهد البني صلى الله عليه وسلم بشهادة الوحي جبريل عليه السلام .
المتحدى بأقصر سورة منه : ولا يصحُ أن نقول بأصغرِ سورة ، فالسور إما طوال أو قصار ، أما سور القرآن الكريم فجميعها كبيرةٌ عظيمةٌ ولا يصح أن نقول عنها صغيرة .
إذن خلاصة ما نريده من هذا الدرس أن نكون قد فهمنا معنى القرآن الكريم وأن نحفظ تعريفاً مختصراً ميسراً له ، فالقرآن الكريم : هو كلام الله تعالى المنزل على قلب نبيه محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم بواسطة الملك جبريل عليه السلام المعجز بلفظه ومعناه المتعبد بتلاوته المنقول إلينا بالتواتر المكتوب بين دفتي المصحف من أول سورة الفاتحة إلى آخر سورة الناس المتحدى بأقصر سورة منه .أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ، سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك ، وإلى لقاء جديد في درس جديد عما قريب بإذن الله رب العالمين ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .