8- ما هو موقف علماء المسيحية من إضلال البشر وماذا يقول الكتاب المقدس عن ذلك
1- رأى البابا شنوده فى إضلال البشر
يقول البابا شنوده فى كتابه خبرات فى الحياه تحت عنوان الإرادة والسماح
سمعت كثيرا من الناس يقولون عن كل شيء يتم: هكذا أراد الله! سواء كان هذا الذي تم خيرا أو شرا. بينما الله لا يريد سوى الخير. أما الشرور التي تحدث على الأرض فأنها تحدث ضد إرادة الله الخيرة.الله سمح أن تحدث بما منحه للإنسان من حرية وسيدينه عليها وهناك فرق كبير بين إرادة الله، وسماح الله.
فى الحقيقة فإن هذا الكلام يتطابق مع ما جاء به القرأن والإسلام ولكن الاختلاف يكمن فى كون البابا شنوده تلاعب بالالفاظ حتى لا يتشابه كلامه مع كلام المسلمين وبالتالى يفقد المسيحيين شبهة هامه يثيرونها على الإسلام
فكلام البابا شنوده يحتوى على عدة امور وهى
انه يقول ان هناك إرادة خيره لله وهناك سماح لله للخير والشر وهذا مثل كلام علماء المسلمين عن إرادة الله الشرعيه وهى التى تريد منا الخير والصالح لنا وإرادة قدريه وهى المسماه بالمشيئة وهى التى تقع لنا من خير وشر
فأستبدل البابا شنودة لفظ الإرادة القدرية او المشيئة بلفظ اخر وهو السماح مع العلم انه لا يوجد نص فى الكتاب المقدس يقول ان الله يسمح وهو لا يريد
والسؤال الذى يطرح نفسه هو ما هو الفرق بين السماح والإرادة والمشيئة ولماذا اختار البابا شنودة لفظ السماح وليس الإرادة ؟
والإجابة هى ان السماح عندما تحدث يكون لها طريقتين إما عن قدرة وقوة او عن ضعف وعجز وقلة حيلة مثل المدير الضعيف الذى يسمح بعبث موظفيه دون رغبته بسبب ضعفه امامهم وقلة حيلته معهم والسماح غير ملزم للشخص المسموح له
أما الإرادة فهى تحدث عن قدرة وقوة ولا تحدث عن ضعف وعجز ومن الممكن ان تكون ملزمة او غير ملزمة للشخص المراد له الشىء
أما المشيئة فهى الإرادة الواجبة النفاذ الملزمة للشخص المراد له الشىء وبالطبع تكون عن قدرة وقوة وقال اهل العلم ان المشيئة هى الإرادة والسماح عن حكمة اى اراد ذلك وسمح بها من اجل حكمة له فى حدوث ذلك
ولذلك اختار البابا شنودة لفظ السماح من اجل ان يقول ان الله فى المسيحية لا يلزم الإنسان بالوقوع فى الشر فهو يسمح له بالوقوع فى الشر إذا اراد الشخص ذلك وبالطبع هذا بسبب جهله فى ان الله فى الإسلام لا يلزم الشخص الا بالطريق الذى يختاره الشخص ولا يتراجع عنه كما اشرنا سابقا
ولكن البابا شنوده وقع فى عدة اخطاء وهى
1-
القول أن الله يسمح وهو لايريد سيجعل الشخص يعتقد ان السماح هو عن ضعف وليس عن قوة وقدرة خاصة ان الكتاب المقدس لا يقول ان الله يسمح وهو لا يريد من الأساس حتى يقول ان ذلك عن قوة وقدرة وليس عن ضعف وعجز
2-
ان هناك الكثير من الشرور التى تحدث للإنسان دون ان يكون له ذنب فيها ودون ان يكون هو الذى اختارها مثل الزلازل والحروب والبراكين والحوادث والموت والضيقات وكلها شرور عند البابا شنوده لا يريدها الله ولكن يسمح بها فقط من اجل التجارب وهى ملزمة للناس ان يقعوا فيها كى يجربهم الله وبالتالى تنتقل هذه الشرور من بند السماح الغير ملزم الى بند الإرادة الملزمة او المشيئة النافذة وبالتالى نقول ان الله اراد الشر لهؤلاء وخاصة انه هو الذى خلق هذا الشر ولم يخلقه اله اخر غيره وهو الذى جاء بهذا الشر على هؤلاء القوم ولم يجلبه اله اخر غيره
3-
ان الله حينما يسمح بشىء تكون له حكمة فى ذلك فالله حكيم ولا يسمح بشىء الا وله حكمة فى ذلك وهذا ايضا فى المسيحية فعلماء المسيحية يقولون ان الله يسمح بالشر لحكمة فى ذلك وهى اما التجربة او التأديب او إظهار العجائب كما حدث مع فرعون والسماح عندما يكون لحكمة ولسبب يريده الذى سمح بذلك تكون فى هذه الحالة إرادة لأنه يريد شيئا من وراء سماحه للأمر ويسمح لها من اجل الوصول لهدف يريده فتكون بذلك عن إرادة منه فالسماح عن حكمة هى إرادة
4-
ان هذا يناقض ما جاء فى الكتاب المقدس عن ان الله هو الذى قسى قلب فرعون ولم يقل الكتاب ان الشيطان هو الذى قسى قلبه والله سمح وهو لا يريد فيقول الكتاب
وَلكِنِّي أُقَسِّي قَلْبَ فِرْعَوْنَ وَأُكَثِّرُ آيَاتِي وَعَجَائِبِي فِي أَرْضِ مِصْرَ.(خروج 3:7)
ثُمَّ قَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى: «ادْخُلْ إِلَى فِرْعَوْنَ، فَإِنِّي أَغْلَظْتُ قَلْبَهُ وَقُلُوبَ عَبِيدِهِ لِكَيْ أَصْنَعَ آيَاتِي هذِهِ بَيْنَهُمْ.(خروج 1:10)
وَأُشَدِّدُ قَلْبَ فِرْعَوْنَ حَتَّى يَسْعَى وَرَاءَهُمْ، فَأَتَمَجَّدُ بِفِرْعَوْنَ وَبِجَمِيعِ جَيْشِهِ، وَيَعْرِفُ الْمِصْرِيُّونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ». فَفَعَلُوا هكَذَا(خروج 4:14)
فالله هنا هو الذى اغلظ قلب فرعون وشدده وجعل قلبه قاسى وذلك لكى لا يؤمن فرعون فيعاقبه الله فيتمجد الله بعقابه لفرعون ففرعون الكتاب المقدس ليس له اى ذنب سوى ان الله قسى قلبه حتى لا يؤمن فيعاقبه الله ويتمجد الله بعقابه له وهذا اكبر دليل ان الله اضل فرعون وهو يريد ذلك من اجل ان يتمجد الله بعقابه
5-
ان مقولة السماح دون الإرادة لن تنمعنا من ان ننسب الضلال والغواية الى الله وهذا ليس من اختراعى بل من الكتاب المقدس وكلام علماء المسيحية
*فيقول موقع النبا تكلا فى الرد على تناقض من تناقضات الكتاب المقدس وهو من الذى امر داوود بإحصاء شعب اسرائيل وهى معصية عند الله فى ذلك العصر

من الذي دفع داود لإحصاء الشعب؟ هل هو الرب (2صم 24: 1) أم أنه الشيطان (1أي 21: 1)؟
تفسير الموقف سهل وبسيط، وله ما يقابله في الكتاب من مواقف مشابهة،
فمن هو الذي أسقط داود في الغواية..؟ أنه الشيطان بسماح من الله،
اى ان الله حينما دفع داوود للإحصاء كان المقصود به ان الله سمح للشيطان ان يغوى داوود وبالتالى فإن سماح الله بالإحصاء دون ان يريده لم يمنع الكتاب من ان ينسب الأمر الى الله
*ويقول القس انطونيوس فكرى فى تفسيره على إضلال الله للنبى الكاذب

هنا يقول الرب أنه يضل هذا النبي الكذاب أي أن الله سمح لهؤلاء الأنبياء الكذبة أن يفعلوا ذلك لأن عواقب الخطية هي من ترتيب الله لذلك يقال أن الله أضل هذا النبي، أي سمح الله بهذا لينال عقابه
اى ان سماح الله بضلال النبى جعل الله ينسب الإضلال الى نفسه
وبالتالى فلا قيمة لمقولة السماح دون الإرادة طالما ان الإضلال منسوب الى الله سواء بالسماح او بالإرادة

2- الكتاب المقدس ينسب الإضلال الى الله
سفر إشعياء 63: 17
لِمَاذَا أَضْلَلْتَنَا يَا رَبُّ عَنْ طُرُقِكَ، قَسَّيْتَ قُلُوبَنَا عَنْ مَخَافَتِكَ؟ ارْجعْ مِنْ أَجْلِ عَبِيدِكَ، أَسْبَاطِ مِيرَاثِك
سفر حزقيال 14: 9
فَإِذَا ضَلَّ النَّبِيُّ وَتَكَلَّمَ كَلاَمًا، فَأَنَا الرَّبَّ قَدْ أَضْلَلْتُ ذلِكَ النَّبِيَّ

فلماذا استنكروا إنتساب الإضلال الى الله فى القرأن ولم يستنكروها فى كتابهم المقدس

3- الله يأمر بالإغواء وإعطاء معلومات كاذبه ومضلله فلا فرق بين إضلاله وإضلال البشر لبعضهم
فبجانب واقعة اغواء داوود التى اشرنا اليها سابقا هناك وقائع اخرى وهى إغواء الله لأخاب وإعطائه معلومات مضلله وكاذبه وإرسال الله الضلال الى الناس لكى يصدقوا اكاذيب
ملوك اول 22
(20)فَقَالَ الرَّبُّ: مَنْ يُغْوِي أَخْآبَ فَيَصْعَدَ وَيَسْقُطَ فِي رَامُوتَ جِلْعَادَ؟ فَقَالَ هذَا هكَذَا، وَقَالَ ذَاكَ هكَذَا
.(21)ثُمَّ خَرَجَ الرُّوحُ وَوَقَفَ أَمَامَ الرَّبِّ وَقَالَ: أَنَا أُغْوِيهِ. وَقَالَ لَهُ الرَّبُّ: بِمَاذَا؟(22)فَقَالَ: أَخْرُجُ وَأَكُونُ رُوحَ كَذِبٍ فِي أَفْوَاهِ جَمِيعِ أَنْبِيَائِهِ. فَقَالَ: إِنَّكَ تُغْوِيهِ وَتَقْتَدِرُ، فَاخْرُجْ وَافْعَلْ هكَذَا.
يقول تفسير تادرس يعقوب (لله سلطان أن يقيم ممالك ويزيلها. يهب روح الحق والحكمة ويسمح أيضًا لروح التضليل أن يعمل في أبناء المعصية.الله في حبُّه يقدِّم روح الحق لطالبيه، أمَّا الذين يصرُّون على المقاومة فيسمح لعدوّ الخير أن يغويهم ماداموا قد سلَّموا حياتهم وقلوبهم بين يديه.)


تسالونيكى الثانية(11:2)
وَلأَجْلِ هذَا سَيُرْسِلُ إِلَيْهِمُ اللهُ عَمَلَ الضَّلاَلِ، حَتَّى يُصَدِّقُوا الْكَذِبَ،
يقول تفسير انطونيوس فكرى (لماذا يسمح الله بفك الشيطان من أسره وظهور هذا الأثيم؟ لسبب واحد، أن الناس سيكونون رافضين لله طالبين الشر والخطية، ويقول الروح القدس على فم داود النبي في المزمور "الرب يعطيك حسب قلبك ويتمم مشورتك" (مز20: 24)، والناس الآن صاروا يريدون الشر فسيعطيهم الله بحسب قلبهم، وسيرسل إليهم الله عمل الضلال حتي يصدقوا الكذاب = والله بهذا يفضح أعماقهم الشريرة ويمتلئ كأسهم = لكي يدان هذا الأثيم سيحطم من حطموا أنفسهم بأنفسهم بسرورهم بالاثم ورفضهم للحق)
ويقول تفسير ناشد حنا (لقد أعطاك الله الفرصة لتصدق الحق الآن فإذا رفضتها سيسلمك للقضاء لتصدق كذب إنسان الخطية وتهلك إلى الأبد )

وقد يقول البعض ان هذا عقاب لهم على اختيارهم فنقول لهم لماذا قبلتم ان الله يأمر الروح بإعطاء معلومات كاذبه لأخاب ويرسل الضلال الى الناس لكى يصدقوا الأكاذيب كعقاب ولم تقبلوا ان الله فى الإسلام يترك الضال للشيطان فيزيده ضلالا عقابا له ؟؟؟

4- الله يعاقب بالإضلال من يختار فعل المعاصى
حزقيال 20
(24)لأَنَّهُمْ لَمْ يَصْنَعُوا أَحْكَامِي، بَلْ رَفَضُوا فَرَائِضِي، وَنَجَّسُوا سُبُوتِي، وَكَانَتْ عُيُونُهُمْ وَرَاءَ أَصْنَامِ آبَائِهِمْ.(25)وَأَعْطَيْتُهُمْ أَيْضًا فَرَائِضَ غَيْرَ صَالِحَةٍ، وَأَحْكَامًا لاَ يَحْيَوْنَ بِهَا،(26)وَنَجَّسْتُهُمْ بِعَطَايَاهُمْ إِذْ أَجَازُوا فِي النَّارِ كُلَّ فَاتِحِ رَحْمٍ، لأُبِيدَهُمْ، حَتَّى يَعْلَمُوا أَنِّي أَنَا الرَّبُّ.

يقول تفسير انطونيوس فكرى(هذه تساوي أسلمهم الله لذهن مرفوض وأسلمهم الله لشهوات قلوبهم فالله لا يسمح بالخطية بل هو يجعل الخطية هي عقوبةالخاطئ، فالخطية عقوبتها في نفسها)

اشعياء 14:19
مَزَجَ الرَّبُّ فِي وَسَطِهَا رُوحَ غَيٍّ، فَأَضَلُّوا مِصْرَ فِي كُلِّ عَمَلِهَا، كَتَرَنُّحِ السَّكْرَانِ فِي قَيْئِهِ.
يقول تفسير انطونيوس فكرى(الله له الحق أن يسحب القوي العقلية والحكمة من إنسان لا يستحقها حين يريد)

المزامير 4:20
لِيُعْطِكَ حَسَبَ قَلْبِكَ، وَيُتَمِّمْ كُلَّ رَأْيِكَ
يقول تفسير انطونيوس فكرى (كل من يسلك حسب إرادة الله يعطيه الله طلب قلبه أما ذوو القلب الشرير سيعطيهم الله أيضًا حسب قلوبهم)

تثنية 4:29
وَلكِنْ لَمْ يُعْطِكُمُ الرَّبُّ قَلْبًا لِتَفْهَمُوا، وَأَعْيُنًا لِتُبْصِرُوا، وَآذَانًا لِتَسْمَعُوا إِلَى هذَا الْيَوْمِ.
يقول تفسير تادرس يعقوب (الله يود أن يعطي قلبًا للفهم،لكن لا يقدمه لمن يقاوم.وهب الله الإنسان قلبًا يحمل بصيرة داخلية وآذان روحية، لكن إذ يرفض الطاعةلله يصير كمن لم يُوهب قلبًا للفهم ولا أعينًا للبصر ولا آذان للسمع)

اشعياء 6:10
غلظ قلب هذا الشعب وثقل أذنيه وأطمس عينيه لئلا يبصر بعينيه ويسمع بأذنيه ويفهم بقلبه ويرجع فيُشفي
يقول تفسير تادرس يعقوب (الله أعماهم وأغلظهم بمجرد تركه إياهم وسحب معونته عنهم)

رومية24:1
لِذلِكَ أَسْلَمَهُمُ اللهُ أَيْضًا فِي شَهَوَاتِ قُلُوبِهِمْ إِلَى النَّجَاسَةِ، لإِهَانَةِ أَجْسَادِهِمْ بَيْنَ ذَوَاتِهِمِ
يقول تفسير تادرس يعقوب(تركوه بإرادتهم، وإذ هو يُقدر الحرّية الإنسانيّة ويكرمها، أعطاهم سؤل قلبهم وهو تركهم، فمارسوا شهوات قلوبهم الشرّيرة،)

رومية 8:11
كما هو مكتوب أعطاهم الله روح سبات وعيونًا حتى لا يبصروا وآذانًا حتى لا يسمعوا إلى هذا اليوم.
يقول تفسير انطونيوس فكرى (ونظراً لعنادهم رفع الله عنهم نعمته إذ هم لا يستحقوها إذ أنهم لا يريدون فإزدادوا عمي وصمم كمن في سُبَاتٍ)


كورنثوس الثانية 4:4
الَّذِينَ فِيهِمْ إِلهُ هذَا الدَّهْرِ قَدْ أَعْمَى أَذْهَانَ غَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ، لِئَلاَّ تُضِيءَ لَهُمْ إِنَارَةُ إِنْجِيلِ مَجْدِ الْمَسِيحِ
يقول تفسير تادرس يعقوب (ويرى البعض أنه يقصد هنا اللَّه نفسه الذي إذ يرفع نعمته عنهم بسبب إصرارهم على العصيان يحرمهم من النور فيرى كل من القديسين إيريناؤس و يوحنا ذهبى الفم وأغسطينوس و ثيؤفيولاكت والعلامة ترتليان والأب ثيؤدورت وغيرهم أن النص يعني: "أعمى اللَّه أذهان غير المؤمنينالذين من هذا الدهر".)
وحتى الذين يقولون ان اله الدهر يعنى الشيطان فنسألهم نفس الأسئلة التى يلقونها كشبهة على الإسلام فنقول لهم لماذا سمح الله للشيطان ان يعمى اذهان غير المؤمنين فلا يضاء لهم نور الانجيل ؟؟ولماذا لم يمنع الشيطان من ان يعميهم لعلهم يرجعوا ويؤمنوا ؟؟ومن الذى اعطى الشيطان هذه القدرة وهذا السلطان حتى يعمى الاذهان ؟؟ هل سلطانه ذاتى ام ان الله اعطاه هذا السلطان وهذه القدرة؟؟ ولو ان الله اعطاه ذلك فلماذا اعطاه ؟؟ هل الله يريد ان يضل الناس ؟؟
وطبعا الإجابة المنطقية لهم هى ان الله سمح بذلك او هو الذى فعل ذلك لأنهم ارادوا ذلك وهو نفس الذى اتى به القرأن

5- الكتاب المقدس يعلن ان الله يهدى من يشاء ويضل من يشاء
فتقول رسالة رومية 9
16فَإِذًا لَيْسَ لِمَنْ يَشَاءُ وَلاَ لِمَنْ يَسْعَى، بَلْ للهِ الَّذِي يَرْحَمُ.
17لأَنَّهُ يَقُولُ الْكِتَابُ لِفِرْعَوْنَ: «إِنِّي لِهذَا بِعَيْنِهِ أَقَمْتُكَ، لِكَيْ أُظْهِرَ فِيكَ قُوَّتِي، وَلِكَيْ يُنَادَى بِاسْمِي فِي كُلِّ الأَرْضِ».
18فَإِذًا هُوَ يَرْحَمُ مَنْ يَشَاءُ، وَيُقَسِّي مَنْ يَشَاءُ.
طبعا المعنى واضح ان يرحم من يشاء يقصد بها الهداية ويقسى من يشاء يقصد بها الضلال لأنه يتكلم عن ضلال فرعون كما ان قساوة القلب نوع من انواع الإضلال كما قلنا ولكن تلاعب المترجمين بالالفاظ هو الذى منعهم من ترجمتها يهدى من يشاء ويضل من يشاء رغم ان هذا المعنى هو المقصود
واليكم من تفسير تادرس يعقوب وهو يحاول الخروج من مأزق هذا النصوص قائلا
(اختار الله موسى دون فرعون، وكما قال الرسول: "فإذًا هو يرحم من يشاء، ويقسي من يشاء" .ليس لنا أن نتساءل: لماذا رحم موسى وقسى قلب فرعون
؟ لأن حكمة الله تفوق حكمتنا، الله الذي سند موسى بالرحمة لم يمنع فرعون عما يكنه قلبه الشرير، فيكمل موسى كأس مجده ويكمل فرعون كأس شره، والله يتمجد بهذا وذاك.و اقتبس الرسول بولس من العهد القديم مثال الفخاري ليؤكد به أن الإنسان في علاقته بالله كالطين في يد الخزاف، وكالجبلة في يديّ جابلها، ليس له أنيعترض على تصرفات الله وحكمته، فمن حق الخزاف أن يصنع من كتلة واحدة إناءً للكرامة وآخر للهوان، وهو يتمجد في الإناءين)
ويكفينا تعليق وليم باركلى فى شرحه للأعداد السابقة فيقول
(لقد قال بولس ان عملية الاختيار كانت موجوده فى كل تاريخ اسرائيل لا على اساسا استحقاق الفرد او عمله وانما على إرادة الرب وحدها وهنا يسأل المعارضهل هذا عدل فيرد عليه بولس بأن الله يفعل ما يريد ولكننا نواجه حقيقة لامعة ان الله لا يبنى علاقته بالناس على اساسا العدل ولكن الانسان يلقى بنفسه تماما على مشيئة الله وعلى رحمته)