آية (160):
*ما دلالة استخدام الفعل الماضي والمضارع في الآية ؟( د.فاضل السامرائى)

قال تعالى في سورة البقرة(إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَـئِكَ يَلعَنُهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ {159} إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَبَيَّنُواْ فَأُوْلَـئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ {160} والفعل المضارع يدل على الحال والتجدد والإستقبال والماضي مضى هذا هو الأصل وقد يحتمل معنى المضي والإستقبال فى الأفعال الماضية في الآية (تابوا وأصلحوا وبيّنوا)و تدل على احتمال الإستقبال لأنها جاءت بعد الكتمان (إن الذين يكتمون). أصلاً زمن الفعل الماضي بعد الإسم الموصول يحتمل المضي ويحتمل الإستقبال. وهنالك أمور قطعية وهنالك أمور تبقى مشتركة. أما (كان) فلها أزمنة خاصة بها فهي تفيد الإستمرارية (كان ولا يزال) وتأتي أصلاً للإستقبال كما في وصف الآيات للآخرة (وفتحت السماء فكانت أبوابا) وفي الحديث عن الله تعالى (وكان الله غفوراً رحيما) فهي تدل على كونه غفور رحيم وهذا كونه سبحانه.
*(إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَبَيَّنُواْ فَأُوْلَـئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (160) البقرة) قال تعالى (وأنا التواب الرحيم) ولم يقل والله تواب رحيم فما الدلالة التي تضفيها لفظة (وأنا)؟(ورتل القرآن ترتيلاً)
(أنا) من معطيات الأمل والرجاء لمن يلفتهم الله تبارك وتعالى إليه ويتجلى عليهم بذاته ففي هذه الكلمة ما لا نجده في تعبير آخر في هذا المقام. وكم نجد في الواو العاطفة في قوله (وأنا) من قوى الجذب لهؤلاء الضالين الظالمين وكذلك وصف الله سبحانه وتعالى نفسه التواب ولم يقل الغفور في هذه الآية لما في كلمة التواب من المبالغة في الرحمة والتوبة مما يُرغِم الناس بالمبادرة والعودة إلى الله سبحانه وتعالى مهما عظمت ذنوبهم وكثرت خطاياهم وفي هذه الكلمة ما يجذب الناس جذباً إلى التوبة والإنابة طمعاً في توبة الله تبارك وتعالى عليهم ورحمته بضعفهم وزللهم.
* خالدين فيها وخالدين فيها أبداً، هل (خالدين فيها) فيها أمل الغفران أو الانتقال من مرحلة إلى أخرى؟( د.فاضل السامرائى)
هناك قاعدة في القرآن الكريم سواء في أهل الجنة أو في أهل النار، إذا كان المقام مقام تفصيل الجزاء أو في مقام الإحسان في الثواب أو الشدة في العقاب يذكر (أبدا) وإذا كان في مقام الإيجاز لا يذكرها. آيات كثيرة فيها خالدين وحدها وليس في العقيدة أنهم يغفر لهم (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللّهِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (161) خَالِدِينَ فِيهَا لاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ (162) البقرة) مسألة وجود وعدم وجود (أبداً) ليس لها علاقة بالخلود الدائم. (أبداً) ظرف زمان خاص بالمستقبل فقط وليس له دلالة زمنية معينة. نستعمل (قطّ) للماضي و(أبداً) للمستقبل وخطأ أن نقول ما رأيته أبداً وهذا خطأ لغوي شائع. نقول لا أكلمه أبداً وما رأيته قطّ. (أبداً) للمستقبل الذي ليس له نهاية.
يذكر (أبداً) إذا كان هناك تفصيل. هناك أمران: إذا كان هناك تفصيل في الجزاء يقول (أبداً) تكون مناسبة، تفصيل الجزاء سواء في العقاب أو الثواب. (خالدين فيها أبداً) أطول من (خالدين فيها) فيذكرها مع التفصيل. أو كون العمل المذكور يستوجب الشدة فيستخدم (أبداً). (أبداً) لا تحمل معنى التأبيد الدائم أو عدم الخروج لأن الخلود وحده يحمل هذا المعنى. القرآن يستعمل خالدين لأهل الجنة وأهل النار. والخلود لغوياً يعني البقاء وهم يقولون الزمن الطويل أحياناً. وقد وردت خالدين فيها أبداً في أهل الجنة 8 مرات في القرآن الكريم ووردت في أهل النار 3 مرات وهذا من رحمته سبحانه وتعالى لأن رحمته سبقت غضبه. والخلود عند العرب تعني المكث الطويل وليس بالضرورة المكث الأبدي.
آية (164):
*قال تعالى (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ السَّمَاء مِن مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخِّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (164)ما دلالة (تصريف الرياح)؟(ورتل القرآن ترتيلاً)

تأمل كيف قال ربنا سبحانه وتعالى (وتصريف الرياح) فاستخدم كلمة تصريف للدلالة على أحوال الرياح ولم يستخدم كلمة أخرى كالهبوب مثلاً. ذلك لأن هذه الكلمة لا يمكن أن يؤدي معناها أي كلمة أخرى فقد جمعت أحوال الرياح التي يحتاج إليها الإنسان وفي كل حالة من أحوالها آية من آيات وجود الخالق وعظيم قدرته سبحانه. فهبوب الريح مثلاً يحتاج إليه أهل موضع لتخفيف الحرّ عنهم وقد يحتاج أهل موضع آخر إلى إختلاف هبوبها لتجيء رياح رطبة بعد رياح يابسة أو تهب من جهة الساحل مسيّرةً السفن إلى البحر أو تهب إلى جهة الساحل ليرجع أهل السفن من أسفارهم أو صيدهم. فكل تلك الأحوال التي أنعم الله تعالى بها على الناس وغيرها كثير اجتمعت في قوله تعالى (وتصريف الرياح).
* ما الفرق بين كلمة ريح ورياح في القرآن الكريم؟( د.فاضل السامرائى)
كلمة ريح في القرآن الكريم تستعمل للشّر كما في قوله تعالى في سورة فصّلت (فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ لِّنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لَا يُنصَرُونَ {16}) وفي سورة القمر (إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُّسْتَمِرٍّ {19
أما كلمة الرياح فهي تستعمل في القرآن الكريم للخير كالرياح المبشّرات كما في قوله تعالى في سورة البقرة (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخِّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ {164}) وفي سورة الأعراف (وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ…( وسورة الحجر (وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ {22})
وفي سورة سبأ (وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ وَمِنَ الْجِنِّ مَن يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَن يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ {12}) استعملت كلمة ريح مع سليمان لكنها لم تُخصص لشيء فجاءت عامة قد تكون للخير أو للشر لأن الله سخّرها لسليمان يتصرف بها كيف يشاء.
*ماتفسير الآية الكريمة وما دلالة وصف السحاب في الآية ؟(د.حسام النعيمى)
في سورة البقرة في سياق تعداد نِعم الله سبحانه وتعالى، مجرد تعداد وذكر لهذه النعم وهناك نوع من التناسق في هذه الآيات (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (164)) آية تذكر جملة أمور مؤكدة بـ (إنّ) ثم بعد ذلك تذكر الخبر (لآيات).عندنا إيمان أن الله تعالى خلق السموات والأرض لأجل الإنسان. (إختلاف الليل والنهار) ليل ونهار يختلف ليس نهاراً سرمداً ولا ليلاً سرمداً، تعاقب الليل والنهار وتنويع لأن الماء إذا سكن في مكانه يفسد. والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس من رحمة الله سبحانه وتعالى أن جعل الإنسان يجعل أجساماً يسكن فيها وتطفو على الماء ليس أمراً سهلاً لكن ألِفناه والوصول إليه هداية من الله تعالى فهي إذن من نعم الله تعالى على الإنسان. وما أنزل الله من السماء من ماء: كل ما يتناوله الإنسان والنبات والحيوان مما مصدره السحاب فهذا الماء في الأرض ماء ملح يرتفع إلى السماء فيطهر فينزل طاهراً. حتى الجبال التي فيها ثلج هي في أصلها من هذا السحاب المرتفع ليس ثلجاً إبتداءً لكنه من هذا الذي يتبخر. وقلنا أن السماء هو العلوّ وكل ما علاك فهو سماء. فأحيا به الأرض بعد موتها: الأرض من غير ماء ميتة. وبث فيها من كل دابة: هذه الدواب التي على الأرض بسبب الماء أيضاً. وتصريف الرياح: السفن تتحرك بالرياح. والسحاب يتحرك بالرياح ولذلك أكّده (والسحاب المسخر) يعني هو مهيأ ومُعدّ لكم. السحاب مجرد مسخّر في وصفه بأنه متراكم ثقيل وإنما الله تعالى سخّره بين السماء والأرض. كل هذا (لآيات لقوم يعقلون) .
كلمة سحاب هي إسم جنس جمعي. لفظ مفرد ولكن معناه معنى جمع وليس له واحد من لفظه. يمكن واحدها قطرة. لكن موجود سحابة. والسحابة هي القطعة من السحاب لكن ليست واحدة من السحاب هي قطعة والقطعة مجزّأة تماماً مثل كلمة ماء. الماء إسم جنس جمعي ليس له واحد من لفظه لكن له قطعة من الماء. إسم جنس يعني لحالة معينة خاصة به السحاب للسحاب والماء للماء لهذا الجنس مثل كلمة رجل جنس لهذا المخلوق. كلمة ماء في العربية هناك ماءة يفرّق بينها وبين واحدة بالتاء، مثل شجر واحده شجرة تزيد على هذا اللفظ تاء يصبح مفرداً، هذا إسم جنس إفرادي يعني له مفردات. الشجر مفرده الشجرة الواحدة فيختلف. كلمة ماءة يعني الواحد من الماء عادة يطلقونها على الماء المتبقي مثل الغدران ولا سيما إذا خصت إحدى القبائل نفسها بها أن هذه لنا أو البئر الركيّة مثلاً فيقولون هذه ماءة لبني فلان.
هذه مناسبة للكلام على أن كلمة ماءة تكتب منفردة الهمزة وتاء مربوطة وليس في الأعداد لفظ مئة وإنما مائة لأن ماءة تعني ماء لبني فلان. أما كتبت الألف من غير أن تُقرأ مثل واو عمرو. مائة وتكسر الميم، ضع في ذهنك دائماً أن ميم هذا الرقم 100 ميمه مكسورة فانظر كيف تقرأه؟ لا يستطيع أن يقرأها ماءة الميم مكسورة فإذن الماءة واحدة الماء الذي هو غدير أو ركيّة أو عين ماء أو بئر أو ما أشبه ذلك. فالسحابة واحد السحاب والسحاب لفظه لفظ مفرد وهذا سنستفيد منه لاحقاً في الكلام على ورود كلمة السحاب.
السحاب يُذكّر ويؤنّث فالعرب تقول هذا السحاب وتقول هذه السحاب، ظهر السحاب وظهرت السحاب. لكن الإحالة عليه بالضمير بالمفرد المذكّر يعني تقول السحاب رأيته ولا تقول السحاب رأيتها. فإذا جمعته على سُحُب تؤنّث تقول السحب رأيتها ولا تقول رأيته للجمع كما تقول الشجر سقيته هذا أيضاً إسم جمع إفرادي، الأشجار سقيتها.
*ما الفرق بين (من بعدها( و(بعدها)؟( د.فاضل السامرائى)
قال تعالى في سورة العنكبوت (وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّن نَّزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِن بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ {63}) وفي القرآن كله وردت (بعدها) بدون (من) كما في سورة البقرة (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخِّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ {164 })، واستعمال (بعدها) فقط يحتمل البعدية القريبة والبعيدة، وآية سورة العنكبوت هي الموطن الوحيد الذي وردت فيه (من بعدها) فهي تدلّ على أنها بعد الموت مباشرة أي تحتمل البعدية القريبة فقط دون البعيدة. وإذا استعرضنا الآيات في سورة العنكبوت قبل الآية نجد أن الإحياء كلن مباشرة بعد موتها وبدون مهلة ومجرّد العقل كان سيهديهم إلى أن الله تعالى هو القادر على إحياء الأرض من بعد موتها.
*ما دلالة الاختلاف بين(فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا﴿63﴾ العنكبوت) - (أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا (164) البقرة)؟(د.أحمد الكبيسى)
يقول تعالى (نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا﴿63﴾ العنكبوت) ومرة يقول (أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا (164) البقرة) ما الفرق بين (مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا) وبين (بَعْدَ مَوْتِهَا)؟ من بعد موتها هذا الموت السنوي صيف شتاء ربيع خريف، ثلثي الكرة الأرضية في الصيف والشتاء تموت ثم يأتي الربيع فتُحيا هذا (نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا) ابتداءاً من بعد موتها السنوي. (فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا) هذا من البداية أول ما خلق الله الأرض خلقها ميتة ثم أحياها قطعة قطعة وهذا الإحياء يعني يدور في الفلك العالمي مرة شرق ومرة آسيا الإمارات والخليج عموماً والمملكة السعودية لأول مرة في التاريخ تصبح خصبة جداً جداً وهذا من علامات الساعة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم من علاماتها الإيجابية أن الجزيرة تعود خضراء هذه (بَعْدَ مَوْتِهَا). فحينئذٍ كل ما رأيت (فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا) هذا الموت السنوي ورب العالمين سبحانه وتعالى يحييه على ما في تلك الأرض من طيب (وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا كَذَلِكَ نُصَرِّفُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ ﴿58﴾ الأعراف) البلد الطيب الذي فيه ماء وفيه عدل (وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا) كل بلد حتى لو كان فيه خمسين نهر وكله أمطار لا ينبت إذا كان فيه ظلم والعكس صحيح إذا كان فيه عدل ينمو في الزرع الإمارات كانت تربة رملية أصبحت بالكامل تربة زراعية تصدر إلى جميع أنحاء العالم وادي الرافدين أخصب وادي في العالم أصبح قاحلاً لما فيه من ظلم. هكذا هو الفرق بين (وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا) هذا الفرق بين (فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا) و (مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا).