رابعا: هل الجزية تهدر من كرامة غيرالمسلمين؟؟؟؟؟؟

يستند دائما المسيحيين فى محاولاتهم إثبات ان الجزية تهدر من كرامتهم على جملة عن يد وهم صاغرون التى جاءت فى نهاية اية الجزية
وللرد نقول
بالنسبة لجملة عن يد
يقول القرطبى فى تفسيره :قال ابن عباس : يدفعها بنفسه غير مستنيب فيها أحدا
وجاء عن الطبرى فى تفسيره وأما قوله :( عن يد ) ، فإنه يعني : من يده إلى يد من يدفعه إليه .
ويقول الشيخ الشعراوى فى تفسيره :{ عَن يَدٍ } من معنى القدرة، فمن عنده قدرة، فتأخذ الجزية من القادر ولا نأخذها من العاجز.
وبالتالى لا نرى ان كلمة عن يد بها اى إساءه


اما عن جملة وهم صاغرون

فسنعرضها من حيث تعريفها وصورتها وحكمتها

اولا ماهو تعريف الصغار؟؟؟؟؟


اشار ابن كثير والطبرى والبغوى فى تفاسيرهم على ان معناها إذلال وقهر لغير المسلم لشركهم وتجديفهم على الله وإعزاز للمسلم وتوحيده بالله

وقال القرطبى فى تفسيره ان كلمة صاغرون من الصغار اى ماصغر مكانته


وقال عبدالله ابن عمرعن معنى وهم صاغرون كما اشارالى ذلك القرطبى فى تفسيره فيقول: روى الأئمة عن عبدالله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : اليد العليا خير من اليد السفلى واليد العليا : المنفقة،والسفلى : السائلة . وروي : " واليد العليا هي المعطية " . فجعل يد المعطي في الصدقة عليا،وجعل يدالمعطي في الجزية سفلى . ويد الآخذ عليا ذلك بأنه الرافع الخافض، يرفع من يشاء ويخفض من يشاء، لا إله غيره .

ومعناه ان اليد الاخذه للجزية عالية عن اليد العاطية للجزية عكس الصدقة اى انه يقصد صغرمكانه وشأن العاطى امام الأخذ وهذا لبيان ان معطى الجزية لا يتفضل بهاعلى من يأخذها وذلك لانه كما بينا انها تعطى للعاطى حقوق بالتالى لايكون تفضل عكس الصدقه التى يتفضل بها العاطى على الذى ياخذها

وقال الشيخ الشعراوى فى تفسيره: (حَتَّىٰ يُعْطُواْ ٱلْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ)والصَّغَارمن مادة الصاد والغين والراء،وتدل على معنيين ؛إن أردتها عن السن يقال " صَغُر " " يَصْغُرُ " مثل قولنا: فلان كبر يكبر. وإن أردتها في الحجم والمقام نقول " صَغِر " " يصغَر " ،أي: صغر مقاماً أوحجماً، وتعني أن يؤدوها عن انكسار لا عن علو، حتى إنَّ من يُعطي لايظن أنه يعطي عن علو، ونقول له: لا، إن اليد الآخذة هنا هي اليد العليا.


وبالتالى نرى ان العلماء اتفقوا على تعريف ومضمون معنى الصغار وهو الذل والقهر وصغر المكانة وعدم الاعزاز وان عطاء غير المسلم للجزية ليس عطاء عزيز لذليل اوعطاء غنى لفقير اوانه بعطائه الجزيه للمسلم يكون المسلم خاضع له كما يخضع الأخذ للمانح بل العكس لان المسلم يعطيه الامان ويدافع عنه امام الاعداء وبالتالى يكون هو من يحتاج للمسلم وليس المسلم من يحتاج له


وهنا لابد من طرح سؤال هام وهو هل الذل وعدم الاعزاز لغير المسلم بسبب جملة وهم صاغرون اوعند دفع الجزية فقط؟؟؟؟؟؟؟

يقول الشيخ محمد صالح المنجد فى فتوى له عن جواز اعزاز وتوقيرغيرالمسلم بصفة عامة مايلى :

للا يجوز أن يفعل بهم فعلا يقتضي تعظيمهم أو احترامهم ,كما لاتجوز موالاتهم لقوله تعالى: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَاتَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ) ولكن إظهار هذا الأصل العقدي : لا يمنع من الإحسان إليهم ، بما يليق بمثلهم ، ومعاملتهم بالعدل ، ماداموا مسالمين ، لقوله تعالى: ( لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) ولكن ينبغي ألا يشتمل الإحسان إليهم ما يوهم تعظيمهم أو تبجيلهم , أو التصاغر لهم ، واعتقاد فضلهم على المسلمين . فقد قال عمر رضي الله عنه : "لا أكرمهم إذ أهانهم الله ، ولا أعزهم إذ أذلهم الله، ولا أدنيهم إذ أقصاهم الله" انتهى

وهذا يعنى عدم جواز اعزاز غير المسلمبصفة عامه سواء عند دفع الجزية او لا بسبب كفره وتجديفه على الله ولقول الله تعالى (يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين)

ولكن هذا لا يمنع من ان نحبهم لقرابتهم او احسانهم
فيقول مركز الفتوى بفتوى رقم
219466:
فإن المحبة محبتان: محبة طبعية، ومحبة شرعية
أما الشرعية، كمحبة الكافرين لكفرهم والفاسقين بفسقهم: فهذا لا يجوز
أما المحبة الطبعية فإن تلك غريزة في النفس لا يملك الإنسان دفعها قال الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ في تفسير سورة البقرة: وقوله تعالى: إنك لا تهدي من أحببت {القصص: 56} أي لا توفِّق للهدى من أحببته، أو من أحببت هدايته.
فلا حرج على المسلم أن يحب والديه، أو أقاربه الكفار المحبة الطبعية الغريزية، أو يحب كافراً لاستمرار إحسانه إليه


فالخلاصة:

انه من خلال ماسبق يمكن الخروج بخمس نقاط رئيسية وهى:

1- عدم جواز اعزاز غير المسلم ورفعه على المسلمين بصفة عامة بسبب كفره وشركه بالله

2- عدم جواز اعزاز غير المسلم بسبب قيامه بدفع الجزية

3- دفع الجزية ليس معناه ان غيرالمسلم يمن بها على المسلم او يشعر انه اعلى من المسلم بإعطاه الجزية بل العكس لأن المسلم يقدم له الحماية و الامن

4- إذلال وقهر غير المسلم التى اشار اليها العلماء ليس بسبب جملة وهم صاغرون أوعند إعطاء الجزية فقط بل هى بصفة عامه دائمة بسبب كفرهم بالله وشركهم له وتجديفهم عليه

5- الذل والصغر لا يتعارض مع قيامنا ببرهم والاحسان لهم ومحبتهم

وبالطبع سوف يقول المسيحى انه يرفض هذا الذل هذا القهر وهذا الوصف
وللرد عليه نقول
1- إن القهر هو الإجبار فهم مجبرين على دفع الجزية مثل المواطنين المجبروين على دفع ضرائب الدولة وبالتالى لايوجد اى عيب فى توصيفهم بالمقهورين اى المجبورين

2- إن توصيف اى شخص بلفظ الذل فى حد ذاته ليس سب او شتيمه لان الذل لها معانى كثيره منها الخضوع او الاستكانه او التراحم او الرجاء او الاستعطاف او صغر المكانه او إهدار الكرامة او الإهانه وقد وصف بولس الرسول نفسه بهذا اللفظ وقد جاءت بمعنى الخضوع او الاستكانة وذلك فى رسالته الثانية لكورنثوس 1:10
أَنَا نَفْسِي بُولُسُ الَّذِي فِي الْحَضْرَةِ ذَلِيلٌ بَيْنَكُمْ، وَأَمَّا فِي الْغَيْبَةِ فَمُتَجَاسِرٌ عَلَيْكُمْ.

3- إن توصيف غير المسلم بالإذلال وصغر المكانه هو نتيجة تمسكه بالكفر فالكفر لا يعز صاحبه بل يذله ويصغر من مكانته
لقول الله تعالى
(يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين)
ولقوله تعالى (ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين)

و قال الفاروق عمر إبن الخطّاب رضي الله عنه " لقد كنّا أذلاء فأعزنا الله بالإسلام ، فإذا إبتغينا العزة بغيره ِ أذلنا الله "

إذن توصيف غير المسلم بالذل وصغر المكانه بسبب كفره لأن الله لا يعز من يكفر به أو يجعله يعلوا على المؤمنين وذلك حتى لا يعتقد ان كفره اعزه او جعله يعلوا على المؤمنين فيتمسك به بل يعلم ان كفره اذله واصغر مكانته امام المسلمين فيراجع نفسه

والأسلام لم يتفرد بتوصيف غير المؤمنين ببعض الصفات السلبية مثل الإذلال والصغر والكفر بل الكتاب المقدس ولاسيما العهد الجديد يوصف غير المؤمنين بصفات اكثر سلبية من الصفات التى وصفها الاسلام لغير المؤمن فغير المؤمن فى المسيحية الشيطان فيه وذهنه اعمى بل ان ذهنه وضميره نجسين

كور2 4:4
الَّذِينَ فِيهِمْ إِلهُ هذَا الدَّهْرِ قَدْ أَعْمَى أَذْهَانَ غَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ،
تيطس 15:1 وَأَمَّا لِلنَّجِسِينَ وَغَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ فَلَيْسَ شَيْءٌ طَاهِرًا، بَلْ قَدْ تَنَجَّسَ ذِهْنُهُمْ أَيْضًا وَضَمِيرُهُمْ
وبالتالى نرى ان توصيف غير المؤمن ببعض الصفات السلبية فى الاديان لا يعيب الاديان وذلك حتى يتميز المؤمن عن غير المؤمن فى كل دين
ولكن الذى لا يرضاه اى انسان هو اهدار كرامة غير المؤمن لمجرد انه غير مؤمن عند الدين الأخر