بحث أعده الرحلي احمد من هيئة التدريس
بالتعليم العالي بالدار البيضاء سابقا متقاعد
من هو الله تعالي و أين هو
مقدمة: وفاء بالوعد الذي ذكرته سابقا و مساهمة منى في الدعوة الإسلامية يشرفني أن أقدم لإخواني القراء و الباحثين و الدعاة المحترمين هذا البحث الذي أنشره في موقعي بالإنترنيت بتسلسل حول أمثلة تطبيقية عن كيفية استنباط الأحكام الشرعية من آيات القرآن الكريم.
و أهمية هذا البحث تبين كيفية تطبيق قواعد فهم القرآن و له فائدة حيث أساهم به في توضيح و تحديد أحكام شرعية من بعض الآيات للناس. و أطلب من الله تعالي أن يوفقني لكي لا أضلهم و لا أقول على الله تعالي إلا الحق.
و قد بينت قواعد فهم القرآن الكريم و الأحكام الشرعية التي جعلت فهم القرآن الكريم واجبا شرعيا على كل الناس بالكون لأنهم ملزمون بأمر الله تعالي بالالتزام به قولا و عملا سرا و علانية و أحيلكم على البحث الذي نشرته حول فهم القرآن في موقعي المذكور. و أذكركم بقواعد فهم القرآن باختصار و هي: إتقان اللغة العربية و قواعدها و معرفة الألفاظ و العبارات المجازية و الحقيقية في آيات القرآن و الأحكام و الحكم الشرعي العام و الخاص، و الحكم الشرعي الذي يضع قيدا أو استثناء على حكم شرعي و استنباط حكمها الشرعي إلا بعد عرضها على كل الآيات الأخرى و مقارنتها بها و تحديد العلاقة التشريعية القائمة بينها. و يجب تفسير الآية في سياقها و محورها الذي وردت فيه بكتاب الله تعالى. فلا تتسرعوا إخواني في تفسير آية معينة منفصلة عن باقي آيات القرآن الأخرى لأن القرآن نظام شامل و متكامل و تشريع الله عز وجل يفسر بعضه بعضا. و لا يمكن إدراك مقاصده و أوامره و نواهيه و فرائضه و محرماته إلا بعد دراسة كل آيات القرآن و تحليلها و مقارنتها و تدبرها.
و من قواعد تفسير القرآن يجب أن يكون التفسير علميا و موضوعيا و صادقا و صادرا عن المؤمنين الصالحين المتقين، لأنه بدون إيمان مسبق بأن القرآن فعلا كلام الله عز وجل و شرعه المنزل للناس لا يمكن فهمه.
و قد اخترت بعض الآيات الكريمة لاستنباط أحكامها الشرعية كمثال تطبيقي لفهم القرآن و سأبينها حسب مواضيع مختلفة بالتدريج كما يلي:
المثال رقم 1: من هو الله تعالى و أين هو:
الآية المتعلقة بهذا الموضوع سورة الحديد 4: " هو الذي خلق السماوات و الأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يعلم ما يلج في الأرض و ما يخرج منها و ما ينزل من السماء و ما يعرج فيها و هو معكم أين ما كنتم و الله بما تعملون بصير " .
يفكر الإنسان بعقله في نفسه و مكونات جسمه و حركته و محيطه و في الكون و ما يشاهد فيه من أرض و سماوات و شمس و قمر و هواء و حيوانات و نباتات و طيور و دورة مائية، و لكن يجب أن نفكر في الذات العظيمة الخالدة التي أوجدت هذا الكون و ما فيه من أشياء و مخلوقات حية كالإنسان. لا يمكن أن يوجد ما هو مخلوق و مصنوع بدون الخالق و الصانع فالذي أوجد كل ما كان موجودا قبلنا و الذي أوجدنا و كل ما هو موجود معنا و الذي قد يوجد مستقبلا ما لا نعلمه الآن و الذي كان موجودا قبل أن يخلق و يصنع و يوجد هذا الكون و ما فيه هو الله تعالي الذي سمى نفسه بهذا الاسم في كل الشرائع التي أنزلها للناس و في الكلام الذي كلم به الناس. و الدليل: سورة الإخلاص من 1-4: " قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد و لم يولد و لم يكن له كفؤا أحد " و طه 14 : " إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني و أقم الصلاة لذكري « و هذا قول الله تعالى لرسوله موسى عليه السلام مباشرة من وراء حجاب، فتدبروا أيها الناس آيات الكون و هي تصرف الله تعالى و ما فيها من ظواهر و أسباب و حركات لقوله تعالى في سورة يوسف 105 : " و كأين من آية في السماوات و الأرض يمرون عليها و هم عنها معرضون " و فصلت 53 : " سنريهم آياتنا في الآفاق و في أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أو لم يكف بربك أنه على كل شيء قدير " فهذه الآيات الكونية أقوى دليل على وجود الله تبارك و تعالى و بما أنها مؤكدة في القرآن الكريم فإنه فعلا و حقاً كلام الله تعالى و شرعه للناس كافة.
الله تعالى قادر على خلق و فعل ما يريد و يملك الكون و ما فيه و منه الإنسان بل الله تعالى قادر على تبديل كل ما خلق بمخلوقات أخرى و الدليل فاطر 15- 17 " يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله و الله هو الغني الحميد إن يشأ يذهبكم و يأت بخلق جديد و ما ذلك على الله بعزيز " ، و إبراهيم 19 -20 " ألم تر أن الله خلق السماوات و الأرض بالحق إن يشأ يذهبكم و يأت بخلق جديد و ما ذلك على الله بعزيز " و الإنسان 28 " نحن خلقناهم و شددنا أمرهم و إذا شئنا بدلنا أمثالهم تبديلا " . و المعارج 39-41 " كلا إنا خلقناهم مما يعلمون فلا أقسم برب المشارق و المغارب إنا لقادرون على أن نبدل خيرا منهم و ما نحن بمسبوقين " الأنعام 102- 103 " ذالكم الله ربكم لا إله إلا هو خالق كل شيء فاعبدوه و هو على كل شيء وكيل " . و الحديد 1- 3 " سبح لله ما في السماوات و الأرض و هو العزيز الحكيم له ملك السماوات و الأرض يحيي و يميت و هو على كل شيء قدير هو الأول و الآخر و الظاهر و الباطن وهو بكل شيء عليم ". و الرحمان 26- 27 " كل من عليها فان و يبقى وجه ربك ذو الجلال و الإكرام ."
على الإنسان أن يستخدم عقله جيدا للتأكد من وجود الله عز وجل و من قدرته على التصرف في كل ما خلق حسب قدرته المطلقة العادلة، و عليه أن يتجرد من العاطفة و تأثير هوى النفس و أن ينظر بعين التجرد و المنطق و الموضوعية إلى الأدلة و البراهين المؤكدة لوجود الله تعالي التي تشهد عليها آيات الكون و ظواهره و قوانينه و سننه و مخلوقات الله تعالي و منها الإنسان، و تشهد عليها كذلك شرائع الله عز وجل التي أنزلها على رسله للناس. و قد شهد الناس نزول وحي الله تعالي خلال معاصرتهم للرسل و الأنبياء عليهم جميعا صلاة الله و سلامه.
طبعا القرآن الكريم هو شرع و كتاب الله المنزل لكافة الناس بالكون. فتدبروا إخواني المحترمين آيات القرآن و الواقع الكوني الذي نعيش فيه لتتأكدوا من صدق كلام الله تعالي الدال على وجوده.
و بعد هذا المدخل أبدأ تفسير الآية الرابعة من سورة الحديد. هذه الآية الكريمة تبين لنا من هو الله تعالي و أين هو و ما هي تصرفاته و سأعرضها على آيات القرآن الأخرى و أقارنها بها لتأكيد حكمها الشرعي.
الله تعالي ذات عظيمة لا يعلمها و لا يراها الناس في الدنيا و لا الذين استحقوا جهنم بأعمالهم المخالفة لشرع الله تعالي، و لكن يراه فقط المؤمنون الصالحون المتقون المستحقون للجنة بعد البعث و الحساب في الآخرة. و الدليل الأنعام 102 – 103 " ذالكم الله ربكم لا إله إلا هو خالق كل شيء فاعبدوه و هو على كل شيء وكيل، لا تدركه الأبصار و هو يدرك الأبصار و هو اللطيف الخبير " و الإخلاص 1-4 " قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد و لم يولد و لم يكن له كفؤا أحد " . الله تعالى بذاته العظيمة التي أوجدت كل ما نعلمه و ما لا نعلمه في هذا الكون مستوي على العرش بالسماوات. و هذا مؤكد في القرآن لكننا لا ندرك ذات الله تعالي و كيف هذا الاستواء و الدليل السجدة 4-5 " الله الذي خلق السماوات و الأرض و ما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش و ما لكم من دونه من ولي و لا شفيع أفلا تتذكرون يدبر الأمر من السماء إلى الأرض " و يونس 3 " إن ربكم الله الذي خلق السماوات و الأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يدبر الأمر " و سورة الزمر 62 " الله خالق كل شيء و هو على كل شيء وكيل " غافر 7 " الذين يحملون العرش و من حوله يسبحون بحمد ربهم و يؤمنون به و الزمر 75 " و ترى الملائكة حافين من حول العرش يسبحون بحمد ربهم " الحاقة 17 – 18 " و يحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية " و البقرة 255 " وسع كرسيه السماوات و الأرض " أي أن تصرف الله تعالى و قدرته في كل مكان في هذا الكون الذي خلقه و الرعد 2 " الله الذي رفع السماوات بغير عمد ترونها ثم استوى على العرش و سخر الشمس و القمر كل يجري لأجل مسمى يدبر الأمر يفصل الآيات لعلكم بلقاء ربكم توقنون " . الله عز وجل العزيز الحكيم و الرحمان الرحيم مستوى على العرش بذاته العظيمة في السماوات.و رغم أن الآية الرابعة من سورة الحديد و غيرها من الآيات الأخرى فيها عبارة و هو معكم أينما كنتم فليس معنى ذلك أن الله تعالي مع كل مخلوقاته بذاته لأنه أكد لنا أنه بالسماوات و الدليل ما يلي: الملك 16-17 " أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور أم أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصبا فستعلمون كيف نذير " الإسراء 95 " قـل لو كان في الأرض ملائكة يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم من السماء ملكا رسولا " و غافر 36-37 " و قال فرعون يا هامان ابن لي صرحا لعلي أبلغ الأسباب أسباب السماوات فأطلع إلى إله موسى و إني لأظنه كاذبا " و النحل 49 – 50 " و لله يسجد ما في السماوات و ما في الأرض من دابة و الملائكة و هم لا يستكبرون يخافون ربهم من فوقهم و يفعلون ما يؤمرون " و المعارج 1 – 4 " سأل سائل بعذاب واقع للكافرين ليس له دافع من الله ذي المعارج تعرج الملائكة و الروح إليه " و الطور 38 " أم لهم سلم يستمعون فيه فليأت مستمعهم بسلطان مبين " يس 28 – 29 " وما أنزلنا على قومه من بعده من جند من السماء و ما كنا منزلين إن كانت إلا صيحة واحدة فإذا هم خامدون ."
هذه الآيات تفسر لنا الآية الرابعة من سورة الحديد و تؤكد لنا الجواب عن السؤال المطروح أعلاه. الله تعالى هو الذي خلق الكون و ما فيه و يملك كل ما خلق و يدبر أموره و لكنه بذاته العظيمة مستوي على العرش بالسماوات. فالذين يدعون أن الله في قلوب المؤمنين كذبوا على الله تعالي و لا يكون الله تعالى في قلوبهم بذاته و لكن حب الله و ذكره هو الذي يكون في اعتقادهم و تفكيرهم، و أبين الآيات الدالة على خلق الله لكل ما هو موجود و منها الفرقان 59 " الذي خلق السماوات و الأرض و ما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش الرحمان فاسأل به خبيرا " و الزمر 5 " خلق السماوات و الأرض بالحق يكور الليل على النهار و يكور النهار على الليل و سخر الشمس و القمر كل يجري لأجل مسمى ألا هو العزيز الغفار " و الحديد 5 " له ملك السماوات و الأرض و إلى الله ترجع الأمور و الأعراف 54 " إن ربكم الله الذي خلق السماوات و الأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يغشي الليل النهار يطلبه حثيثا و الشمس و القمر و النجوم مسخرات بأمره ألا له الخلق و الأمر تبارك الله رب العالمين " ص 65- 66 " قل إنما أنا منذر و ما من إله إلا الله الواحد القهار رب السماوات و الأرض و ما بينهما العزيز الغفار " و الصافات 4- 5 " إن إلهكم لواحد رب السماوات و الأرض و ما بينهما و رب المشارق " و الصافات 182 " و الحمد لله رب العالمين و الزخرف 82 " سبحان رب السماوات و الأرض رب العرش عما يصفون " و غافر 62 " ذالكم الله ربكم خالق كل شيء لا إله إلا هو فأنى تؤفكون " و الزخرف 85 " و تبارك الذي له ملك السماوات و الأرض و ما بينهما و عنده علم الساعة و إليه ترجعون " و الإسراء 111 " وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا و لم يكن له شريك في الملك و لم يكن له ولي من الذل و كبره تكبيرا " و المؤمنون 116 " فتعالى الله الملك الحق لا إله إلا هو رب العرش الكريم " و سورة الناس 1- 3 " قل أعوذ برب الناس ملك الناس إله الناس " و الدخان 8 " لا إله إلا هو يحيي و يميت ربكم و رب آبائكم الأولين " و الحديد 2 " له ملك السماوات و الأرض يحيي و يميت و هو على كل شيء قدير ."
هذه الآيات دليل على أن الله تعالى هو الذي أوجد كل ما هو موجود و يملك كل ما أوجد و خلق و من حقه التصرف فيما يملك كيفما يشاء. هل هناك من يتحكم في حركة و وظيفة الشمس و القمر و الأرض و الهواء الذي بدونه تموت كل الكائنات الحية هل هناك من يتحكم في نزول المطر أو منعه من النزول أو خلق الإنسان و الكائنات الحية الأخرى هل هناك من يمنع زلزال الأرض و الفيضانات و الثلوج و الإعصار هل هناك من يستطيع الإفلات من الموت عندما يحل أجله المحدد منذ آدم عليه السلام. من يستطيع إضاءة الكون إذا أخفى الله تعالى الشمس و الدليل القصص 71-72 " قل أرأيتم إن جعل الله عليكم الليل سرمدا إلى يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بضياء أفلا تسمعون قل أفرأيتم إن جعل الله عليكم النهار سرمدا إلى يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بليل تسكنون فيه أفلا تبصرون " و الجاثية 26 " قل الله يحييكم ثم يميتكم ثم يجمعكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه ولكن أكثر الناس لا يعلمون " .
نحن جزء من كون أوجده و خلقه و صنعه خالق و صانع يملك كل ما هو موجود و هو الله تعالى المستوى على العرش بذاته العظيمة في السماوات. فكيف نفسر عبارة و هو معكم أينما كنتم الواردة في الآية الرابعة من سورة الحديد و غيرها من السور الأخرى التي سوف أذكرها فيما بعد.
حسب ما فهمته و الله أعلم ليس الله مع كل الناس بذاته العظيمة و لكنه معهم و مع كل مخلوقاته بخمس مسائل و هي سمعه تعالي و بصره و علمه و تصرفه المطلق العادل و كلامه و سأبين الأدلة و البراهين المؤكدة لهذه الحقائق على التوالي:
1. الله تعالى مع كل إنسان بسمعه و بصره
الله تعالى مشرف على الكون و على كل ما خلق فيه يسمع و يرى كل ما يقع فيه و لكن يهمنا في البحث الإنسان فأينما كان كل إنسان فوق الأرض أو تحتها أو في السماء في مكان عمومي مع الناس أو سري لا يراه أحد فإن الله عز وجل يراه و يسمع ما يقول و ينطبق ذلك أيضا على الجنة و جهنم، الله تعالى يرى الناس كافة و يراقبهم و يسمع أقوالهم باستمرار ليلا و نهارا و يسجل الله تعالى أقوال و أفعال الناس في كتابه الخاص و لديه ملائكة كلفهم هم أيضا بكتابة أعمال و أقوال الناس و الدليل النساء 1 " إن الله كان عليكم رقيبا " و الإنفطار 10 – 12 " و إن عليكم لحافظين كراما كاتبين يعلمون ما تفعلون " الزخرف 80 " أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم و نجواهم بلى ورسلنا لديهم يكتبون " و التغابن 2 " هو الذي خلكم فمنكم كافر و منكم مؤمن و الله بما تعملون بصير " و الحديد 4 " و الله بما تعملون بصير " الأنفال 17 " إن الله سميع عليم " و ق 17 – 18 " إذ يتلقى المتلقيان عن اليمين و عن الشمال قعيد ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد " و هناك آيات كثيرة تدل على أن الله تعالى يرى الناس و أعمالهم و يسمع أقوالهم و منها على سبيل المثال لا الحصر ما يلي: سبأ 11 " إني بما تعملون بصير " و العلق 14 " ألم يعلم بأن الله يرى " و آل عمران 15 " و الله بصير بالعباد " و فصلت 40 " اعملوا ما شئتم إنه بما تعملون بصير " و الحجرات 18 " إن الله يعلم غيب السماوات و الأرض و الله بصير بما تعملون " و آل عمران 181 " فاستقم كما أمرت و من تاب معك و لا تطغوا إنه بما تعملون بصير " و هذا أمر وجهه الله تعالى لرسوله محمد عليه و على كل الرسل صلاة الله و سلامه عليه وقال الله تعالى لرسوله موسى و أخيه هارون عليهما السلام طه 46 " قال لا تخافا إنني معكما أسمع و أرى " و الأنبياء 4 " قال ربي يعلم القول في السماء و الأرض و هو السميع العليم " و الأنبياء 110 " إنه يعلم الجهر من القول و يعلم ما تكتمون " و سبأ 50 " إنه سميع قريب " و النحل 28-29 " الذين تتوفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم فألقوا السلم ما كنا نعمل من سوء بلى إن الله عليم بما كنتم تعملون فادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها فلبئس مثوى المتكبرين " و من الأدلة على أن الله تعالى في السماوات بذاته العظيمة أن الأموات عندما يحييهم الله تعالى انطلاقا من بذرة العظام و الماء و التراب حيث يتكون جسد آخر للإنسان يعيد إليه الله الروح يرفعه ملكان عند الله عز و جل إلى أرض الجزاء و الحساب في السماوات و الدليل آيات كثيرة منها ما يلي : ق 20 -21 " و نفخ في الصور ذلك يوم الوعيد و جاءت كل نفس معها سائق و شهيد " و النبأ 18 -19 " يوم ينفخ في الصور فتأتون أفواجا و فتحت السماء فكانت أبوابا " و يس 53 " إن كانت إلا صيحة واحدة فإذا هم جميعا لدينا محضرون " و إبراهيم 48 " يـوم تبدل الأرض غير الأرض و برزوا لله الواحد القهار " و الحديد 13 " فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة و ظاهره من قبله العذاب " فهذه الآيات دليل قاطع على أن الله مستوي على العرش بالسماوات.
و أعتذر عن فتح قوسين لإعطاء الأدلة و البراهين الصحيحة على كذب النصارى و اليهود الذين ادعوا أن المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام سيعود إلى الدنيا و هدفهم تضليل الناس و منعهم من الإيمان بالقرآن و العمل بأحكامه. فالمسيح عيسى ابن مريم عيه السلام مات فعلا و أحياه الله في جسد آخر أعاد إليه روحه و رفعه الملكان عنده في الجنة بالسماوات و الأدلة أربعة و هي ما يلي :
1) استندوا إلى فهم خاطئ لسورة النساء 157 -159 " و قولهم إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله و ما قتلوه و ما صلبوه و لكن شبه لهم و إن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه ما لهم به من علم إلا اتباع الظن و ما قتلوه يقينا بل رفعه الله إليه و كان الله عزيزا حكيما و إن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته و يوم القيامة يكون عليهم شهيدا " أخبرنا الله تعالى أن أهل الكتاب لم يقتلوا المسيح بن مريم و هذا الإخبار لم ينف موته أبدا. قوانين و سنن الله تعالى اقتضت أن يبعث كل ميت و لو الرسل في جسد آخر تعود إليه الروح و يرفعه الملكان عند الله عز و جل للحساب و الجزاء عن أعمال الدنيا و سأبين في بحث آخر الآيات الدالة على أن البعث في جسد آخر حقيقة حتمية بعد الموت و هذا القانون أكده الله تعالى بالنسبة لعيسى أيضا و الدليل مريم 30 -34 " قال إني عبد الله أتاني الكتاب و جعلني نبيا مباركا أين ما كنت و أوصاني بالصلاة و الزكاة ما دمت حيا و برا بوالدتي و لم يجعلني جبارا شقيا و السلام علي يوم ولدت و يوم أموت و يوم أبعث حياً ذلك عيسى ابن مريم قول الحق الذي فيه تمترون " . فسر البعض كلمة ليؤمنن به الواردة في النساء 159 بأنها دليل على عودته إلى الدنيا لأن الفعل ليؤمنن على صيغة المضارع و هذا التأويل غير صحيح لأن الله تعالى استعمل أفعالا في المضارع للدلالة على فعل وقع في الماضي مثال الأعراف 27 " يا بني آدم لا يفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة ينزع عنهما لباسهما " فالنزع وقع في الجنة قبل نزولهما إلى أرض الدنيا و قبل نزول القران الكريم و النساء 158 " و كان الله عزيزا حكيما " . الفعل كان على صيغة الماضي و لكن الله سبحانه و تعالى عزيز حكيم على الدوام في الماضي و الحاضر و المستقبل.
2) ادعى المغرضون أن عيسى عليه السلام سوف يعود إلى الدنيا ليؤمن به أهل الكتاب و هذا غير صحيح لقوله تعالى في الصف 6 " و إذ قال عيسى ابن مريم يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقا لما بين يدي من التوراة و مبشرا برسول يأتي من بعدي " و الآية 159 من سورة النساء المذكورة أكدت بأن من أهل الكتاب من آمن بعيسى قبل موته و قد انتهت صلاحية و مفعول رسالة الإنجيل بنزول القرآن الكريم و الدليل الأعراف 156 -157 " و رحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون و يؤتون الزكاة و الذين هم بآياتنا يؤمنون الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة و الإنجيل يأمرهم بالمعروف و ينهاهم عن المنكر و يحل لهم الطيبات و يحرم عليهم الخبائث و يضع عنهم إصرهم و الأغلال التي كانت عليهم فالذين آمنوا به و عزروه و نصروه و اتبعوا النور الذي أنزل معه أولائك هم المفلحون " .
3) لا يجوز شرعا قبول تواتر تفسير للقرآن أو حديث في السنة النبوية إذا ثبت أنه غير صحيح و مخالف للقرآن لأن محمد عليه الصلاة و السلام قال ما معناه : ما أتاكم عني فاعرضوه على القرآن فإن وافقه فأنا قلته. و السنة لا يجوز شرعا أن تكون مخالفة للقرآن أبداً. و قد نسب حديث عودة المسيح للدنيا إلى السنة كذبا فلا يؤخذ بحجة تواتر الكذب و لا يجوز تفسير أي سورة منفردة إلا بعد مقارنتها بكل آيات القرآن الأخرى لإدراك العلاقة التشريعية القائمة بينها. قالوا بأن المسيح عيه السلام سيعود للدنيا لرفع الظلم و إقامة العدل و هذا لم يرد بخصوصه أي دليل في القرآن بل فرض الله تعالى على المسلمين في دار الإسلام إقامة العدل و تطبيق منهج الله و إقامة حدوده و لا داعي لذكر الأحكام الشرعية التي تفرض هذا الواجب لأني حددتها في الفصل الثاني حول عدل الله تعالى المنشور في موقعي بالإنترنت. فالادعاء بعودة المسيح للدنيا و عودة ما يسمى المهدي المنتظر لرفع الظلم و إقامة العدل مجرد دعاية يراد بها فرض استسلام الناس للأمر الواقع و الانتظار.
4) ابتدع المغرضون و الحاقدون على القرآن تفسيرا خاصا بهم لفعل يتوفى في عدة آيات منها آل عمران 55 " إذ قال الله يا عيسى إني متوفيك و رافعك إلي " و قالوا بأن الله قبض روحه و هو نائم في جسده الذي خلق به و هذا التفسير الذي أعطوه لسورة آل عمران غير صحيح لأن الله تعالى يتوفى الأنفس في الفترة التي يحتاج الجسم البشري فيها للنوم فقط ثم يعيد الروح إلى النائم ليستيقظ من نومه و الدليل الأنعام 60 " و هو الذي يتوفاكم بالليل و يعلم ما جرحتم بالنهار ثم يبعثكم فيه ليقضى أجل مسمى ثم إليه مرجعكم ثم ينبئكم بما كنتم تعملون " فالمدلول الحقيقي أن الله تعالى قبض روحه فمات و أحياه في جسد آخر و رفعه الملكان عنده في السماوات مثل سائر الأموات و هذه سنة الله في الكون لقوله تعالى في فاطر 43 " فلن تجد لسنة الله تبديلا و لن تجد لسنة الله تحويلا " النحل 70 " و الله خلقكم ثم يتوفاكم " و السجدة 11 " قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم ثم إلى ربكم ترجعون " و الأنبياء 34 -35 " و ما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإن مت فهم الخالدون كل نفس ذائقة الموت و نبلوكم بالشر و الخير فتنة و إلينا ترجعون " و الأنبياء 7 -8 " و ما أرسلنا قبلك إلا رجالا نوحي إليهم فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون و ما جعلناهم جسدا لا يأكلون الطعام و ما كانوا خالدين " فكل الرسل عليهم صلاة الله و سلامه توفاهم الله تعالى. فالمسيح عليه السلام رسول منهم و نفس بشرية مثل كل الناس خضع لقوانين الله المتعلقة بالخلق و الموت و البعث و الدليل الحوار الذي جرى بينه و بين الله تعالى في الجنة لقوله تعالى في المائدة 116 -117 " و إذ قال الله يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني و أمي إلهين من دون الله قال سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق إن كنت قلته فقد علمته تعلم ما في نفسي و لا أعلم ما في نفسك إنك أنت علام الغيوب ما قلت لهم إلا ما أمرتني به أن اعبدوا الله ربي و ربكم و كنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم و أنت على كل شيء شهيد " هذه الآية تدل بحق على أن المسيح ابن مريم مات في الدنيا مثل باقي الناس و حسب ما تدبرت في القرآن الكريم ليس هناك أي دليل على عودة المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام إلى الدنيا بل هناك حاجز بين الدنيا و الآخرة لقوله تعالى في سورة المؤمنون 99 -100 " حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب أرجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت كلا إنها كلمة هو قائلها و من ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون.
و أغلق القوسين و أتابع البحث لأبين الأدلة على أن الله تعالى مع كل مخلوقاته بسمعه و بصره و منها : الأنعام 103 " لا تدركه الأبصار و هو يدرك الأبصار و هو اللطيف الخبير " و هنا افتح قوسين لأبين الأدلة الشرعية على أن الله تعالي لا يراه أحد في الدنيا أبدا و لكن يراه المؤمنون الصالحون المتقون المستحقون للجنة عندما يبعثهم الله في أرض الجنة و النار بالسماوات. و هذه حكمة الله تعالى و سننه في الكون لأنه مستوى على العرش بالسماوات. لو شاء الله تعالى لأمر الملائكة برفع الناس إلى السماوات ليتأكدوا من وجوده و يروه فعلا و لكن قدر الله عز وجل في ابتلاء الناس و اختبارهم و امتحانهم بمادة القرآن عدم رؤيتهم له في الدنيا ليعلم من يؤمن به و يتأكد من وجوده من خلال ملاحظة آيات الكون و تصرف الله تعالى الفعلي في الكون و ما فيه و منه الإنسان نفسه، فيعلم الله من يطيعه و يعبده و يلتزم بشرعه ليستحق فعلا رؤية الله تعالى و جنته ورحمته و الحياة الدائمة الأبدية لأن الحياة في الدنيا مؤقتة و مجرد استخلاف مؤقت و هي مباراة و امتحان للفوز بالحياة الدائمة الحقيقية في الآخرة و الإفلات من نار جهنم. و الدليل الكهف 110 " قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا و لا يشرك بعبادة ربه أحدا " و العنكبوت 5 " من كان يرجو لقاء الله فإن أجل الله لآت و هو السميع العليم " و يس 11 " إنما تنذر من اتبع الذكر و خشي الرحمان بالغيب فبشره بمغفرة و أجر كريم " و فاطر 18 " إنما تنذر الذين يخشون ربهم بالغيب و أقاموا الصلاة و من تزكى فإنما يتزكى لنفسه و إلى الله المصير " و البقرة 2 – 5 " ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين الذين يؤمنون بالغيب " و البقرة 165 " و الذين آمنوا أشد حبا لله " و الملك 12 " إن الذين يخشون ربهم بالغيب لهم مغفرة و أجر كبير " ق 32 – 34 " هذا ما توعدون لكل أبواب حفيظ من خشي الرحمان بالغيب و جاء بقلب منيب أدخلوها بسلام ذلك يوم الخلود " و الأنبياء 48 – 49 " و لقد أتينا موسى و هارون الفرقان و ضياء و ذكرا للمتقين الذين يخشون ربهم بالغيب و هم من الساعة مشفقون " و الحديد 25 " لقد أرسلنا رسلنا بالبينات و أنزلنا معهم الكتاب و الميزان ليقوم الناس بالقسط و أنزلنا الحديد فيه بأس شديد و منافع للناس و ليعلم الله من ينصره و رسله بالغيب إن الله قوي عزيز " . الله تعالى قادر على أن يأمر الملائكة برفع من شاء من الناس إلى السماوات للتأكد من وجوده ورؤيته و لكن لا يراه إلا أهل الجنة يوم القيامة. الله تعالى قرر عدم رؤية الناس له في الدنيا لامتحانهم و اختبارهم و ليعلم من يعبده و يخشاه و يحبه في الغيب طه 110 " يعلم ما بين أيديهم و ما خلفهم و لا يحيطون به علما " فالمتقون الصادقون المستحقون للجنة هم الذين يرون الله تعالى بعد البعث في الجنة و الدليل القيامة 22 – 23 " وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة " أما الكفار و المستحقون لجهنم بعد الحساب بأرض الجنة و النار في السماوات فإنهم محرومون من رؤية الله عز وجل لقوله تعالى في سورة المطففين 15 – 16 " كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون ثم إنهم لصالوا الجحيم " و البقرة 55 " و إذا قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتكم الصاعقة و أنتم تنظرون " والله تعالى هو أيضا لا ينظر إلى أصحاب الجحيم يوم الحساب في الآخرة لقوله تعالى في سورة آل عمران 77 " إن الذين يشترون بعهد الله و أيمانهم ثمنا قليلا أولئك لا خلاق لهم في الآخرة و لا يكلمهم الله و لا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم و لهم عذاب أليم " ، لقد اشترط الله عز وجل و قرر أن لا يراه و يلقاه و لا يكلمه في الآخرة ألا أهل الجنة و هم المؤمنون الصالحون المتقون الفائزون يوم الحساب عن أعمال الدنيا و امتحانها و اختبارها و ابتلائها و الدليل عدة آيات منها مريم 85 – 86 " يوم نحشر المتقين إلى الرحمان وفدا ونسوق المجرمين إلى جهنم وردا " . فالمتقون يلقون الله في الجنة و أصحاب الجحيم لا يرون الله و لا يكلمهم و لكن يسوقهم الملائكة إلى جهنم و الدليل ق 24-26 " ألقيا في جهنم كل كفار عنيد مناع للخير معتد مريب الذي جعل مع الله إلها آخر فألقياه في العذاب الشديد " . و أغلق القوسين و أتابع الأدلة على أن الله تعالى مع كل ما خلق بسمعه و بصره و منها الحج 75 "إن الله سميع بصير " و الأنبياء 110 " إنه يعلم الجهر من القول و يعلم ما تكتمون " و المجادلة 1 " قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها و تشتكي إلى الله و الله يسمع تحاوركما إن الله سميع بصير " و غافر 20 " إن الله هو السميع البصير " يس 12 " إنا نحن نحيي الموتى و نكتب ما قدموا و آثارهم و كل شيء أحصيناه في إمام مبين " و الأنبياء 4 " قال ربي يعلم القول في السماء و الأرض و هو السميع العليم " و البروج 9 " الذي له ملك السماوات و الأرض و الله على كل شيء شهيد " و الكهف 49 " ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه و يقولون يا ويلتنا مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة و لا كبيرة إلا أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضرا و لا يظلم ربك أحدا " و الأنبياء 47 " و نضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا و إن كان مثال حبة من خردل أتينا بها و كفى بنا حاسبين " فالله تعالى يسمع أقوال الناس ويرى أعمالهم التي تسجل في الكتاب المخصص لكل إنسان الزخرف 80 " أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم و نجواهم بلى ورسلنا لديهم يكتبون " و سبأ 3 " و قال الذين كفروا لا تأتينا الساعة قل بلى و ربي لتأتينكم عالم الغيب لا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات و لا في الأرض و لا أصغر من ذلك و لا أكبر إلا في كتاب مبين " ، و الملك 13 " و أسروا قولكم أو اجهروا به إنه عليم بذات الصدور " و المؤمنون 62 " و لا نكلف نفسا إلا وسعها و لدينا كتاب ينطق بالحق و هم لا يظلمون " ، و الجاثية 28 – 29 " اليوم تجزون ما كنتم تعملون هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون " و المجادلة 6 " يوم يبعثهم الله جميعا فينبئهم بما عملوا أحصاه الله و نسوه و الله على كل شيء شهيد " و النحل 28 " الذين تتوفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم فألقوا السلم ما كنا نعمل من سوء بلى إن الله عليم بما كنتم تعملون فادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها فلبئس مثوى المتكبرين " و الأنبياء 94 " فمن يعمل من الصالحات و هو مؤمن فلا كفران لسعيه و إنا له كاتبون " هذه الآيات دليل قاطع على أن الله تعالى و إن كان مستويا بذاته العظيمة على العرش بالسماوات فإنه يسمع و يرى كل ما خلق في الكون و منه الإنسان لهذا فهو معنا دائما و باستمرار ليل نهار بسمعه و بصره و علمه و تصرفه و كلامه و يكتب الله تعالى و ملائكته كل أقوالنا و أعمالنا و يحاسبنا عليها يوم البعث و يجازينا عنها بالجنة أو النار و الدليل يونس 61 " و لا تعملون من عمل إلا كنا عليكم شهودا إذ تفيضون فيه و ما يعزب عن ربك من مثقال ذرة في الأرض و لا في السماء و لا أصغر من ذلك و لا أكبر إلا في كتاب مبين " و إبراهيم 38 " ربنا إنك تعلم ما نخفي و ما نعلن و ما يخفى على الله من شيء في الأرض و لا في السماء " و المجادلة 7 " ألم ترى أن الله يعلم ما في السماوات و ما في الأرض ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم و لا خمسة إلا هو سادسهم و لا أدنى من ذلك لا أكثر إلا هو معهم أين ما كانوا ثم ينبئهم بما عملوا يوم القيامة إن الله بكل شيء عليم ."
الله تعالى مع كل الناس يراقب الجميع سواء أفرادا أو جماعات و هو معهم بسمعه و بصره و علمه و تصرفه و كلامه و ليس بذاته لأنه مستوي على العرش بالسماوات، لهذا قال الله تعالى في سورة البقرة115 " و لله المشرق و المغرب فأينما تولوا فتم وجه الله إن الله واسع عليم " و البقرة 255 " وسع كرسيه السماوات و الأرض " هذه الآيات تدل فعلا على أن الله عز و وجل يراقب الكون كله و كل ما خلق فيه من أشياء و مخلوقات و منها الإنسان و يسمع ويرى كل ما تقوله مخلوقاته و تعمله و يعلم كل ما في الكون و يتصرف فيه كيف يشاء رغم كونه مستويا على العرش بالسماوات فسلطانه و قضاؤه و قدره و تدبيره يشمل كل ما في الكون و منه الإنسان
المفضلات