و قريش هي القبيلة التي صار موطنها ( مكة المكرمة ) ، مركز الحياة الإقتصادية في الجاهلية ،

وهي القبيلة التي توسعت في تجاراتها نحو الشمال والجنوب ، بل والمشرق والمغرب في رحلتي الشتاء والصيف ، فحازت العلاقات الوطيدة مع كثير من أفراد ورؤساء القبائل والحكام والأمراء في تلك البلاد والأماكن ،

وهي القبيلة التي صارت لغتها ( العربية ) ، اللغة الفصحي ( المصفاة ) المشتركة بين جميع القبائل العربية ،
وقد وسماها بعض علمائنا المعاصرين باسم ( اللغة الموحدة ) .

وهي القبيلة التي صار موطنها مركزا للحياة الأدبية آنذاك :
[ سوق عكاظ ، كانت في ضواحي مكة المكرمة ، حيث تجتمع فيها القبائل سنويا مدة عشرين يوما ، من هلال ذي القعدة إلي العشرين منه ، ويأتي إليها الشعراء بالجيد من أشعارهم ، ويأتي الخطباء بالبليغ من الخطب ، ويتناظرون ويتبارون ويتنافسون ويتحاكمون في ذلك إلي حكم حكيم ، مرضي بحكمه وتقريره ، فيفاضل بين المتنافسين ،،
ومن هنا تنتشر أجود البضائع المنطوقة شعرا ونثرا .
ثم ينتقلون من بعد سوق عكاظ إلي أخري مشابهة لها ، هي سوق مجنة في ( العشر الأواخر من ذي القعدة ) ،
ثم يجتمعون في سوق ذي المجاز في يوم تروية الحجيج ( الثامن من ذي الحجة ) .
وفي المجنة وذي المجاز يتم المتنافسون من الشعراء والخطباء ما فاتهم في عكاظ ] .

و قريش هي القبيلة التي قلت عداواتها مع غيرها من القبائل العربية إلي أبعد الحدود نتيجة لكل العوامل السابقة ، ،
بل يمكن القول إنها كانت علاقات حميمة طيبة تعدت المنافع إلي الصداقات .

هذه هي قبيلة قريش التي توالدت منها عشر بطون من بينها بنوعبد مناف ، تلك التي كان من فروعها ،، بل ذؤابتها بنو هاشم ، رهط نبينا محمد صلي الله عليه وسلم
وإذن فهو هاشمى قرشى عربى ،، صلوات الله وسلامه عليه .

ومن هنا ـ و قبيل أن ننتقل بك إلي نقطة أخري ـ يتبين لك يا أيها الآخر ، أن نبينا محمدا صلي الله عليه وسلم ذو أصل رفيع ، نشأ في بيئة خالصة اللغة ، فتربعت علي عرش البيان ،


يا أيها الآخر . . .
أحسبك عاقلا سويا ، تقر الحق متى ظهر ،،،
لذا أجادلك بالحكمة ،، بالتي هي أحسن .
اقرأ التاريخ الإسلامى الصحيح ، غير المزيف ، وانظر فيه بقلب سليم وفكر عاقل ،،،
وانتظر قبل أن تحكم ، ريثما تفرغ من سماعي ، أو قراءة تاريخنا الصادق الموثق .

سجل التاريخ أن نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم ولد في مكة المكرمة ،،،
ومكة لا تقع على بحر ،،،
وما كان فى مكة إبان ولادة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم علوم أوفنون أومخترعات مما هو الآن ،،،
هل هذا فيه شك ؟

دعنا نسرد لك بعضا من تاريخ نبينا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم الصادق ، منذ أن ولد إلى أن لحق بربه تعالى ، في وقفات تأمل وتدبر وتفكر ، لعلها تنير لك الطريق ،،


يا أيها الآخر . . .
ما بالك بإنسان كان لقبه الصادق الأمين منذ بدايته ،،،،
لقبه به معاصروه كبيرا وصغيرا ،،،
أليس ذلك مما يلفت النظر ، ويستوقف الفكر ، ويدعو إلى التدبر ؟
نعم ،،،،، كان لقبه الصادق الأمين ، منذ بدايته .

الصدق والأمانة ،، كلاهما مزية ، عليها مدار الخلق السوي والسلوك المثالي في دنيا الناس أجمعين ،
فمن اشتهر بهما كان ولا بد محلا للاحترام والتوقير والمشورة والاقتداء ،
ولم لا ،،، والصدق والأمانة لا يأتي منهما إلا الخير والفضل ؟

لما اختلفت بطون قريش في وضع الحجر الأسود في مكانه ( في أثناء إعادة بناء الكعبة ) باعتباره شرفا عظيما خالدا لمن يقوم به ، ووصل الأمر بينهم إلي ذروة الإختلاف ، بل والخلاف ،،،،،
اقترح بعضهم أن يحتكموا ويتحاكموا إلي أول من يدخل عليهم ،
وكان نبينا محمد صلي الله عليه وسلم هو ذاك ،،،

لم يكتفوا بإعلان الرضا به ، والإمتثال لحكمه بحسب اتفاقهم ،
بل إنهم أعلنوا فرحهم واكتمال قناعتهم برأيه الصائب وحكمه العادل ، فنفذوه طواعية عن اقتناع تام ، وقناعة كاملة ،، بدون مجرد التفكير من أحدهم ـــ علي كثرتهم ، وعظم الأمر ــ في إبداء رفض أو استدراك أو تعديل .
ولم يكن كل هذا إلا لإجماعهم كلهم علي أنه حقا ( الصادق الأمين ) ،

يا أيها الآخر ،،،،
يحدثنا التاريخ الموثق أنه نبّيء في وقت محدد ، ولكنه لم يؤمر بإعلان ذلك علي قومه فورا .
فظل علي ذلك بضع سنوات ،،،
فلما نزل قول الله تعالى: { وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ } الشعراء 214، خرج صلى الله عليه وسلم حتى صعد علي جبل الصفا ، فهتف : يا صباحاه ،،
فقالوا: من هذا الذي يهتف ؟
قالوا: محمد ،،،،،،،،
فاجتمعوا إليه ،،،،
فقال: أرأيتم لو أخبرتكم أن خيلاً تخرج بسفح هذا الجبل ، أكنتم مصدقي؟
قالوا : ما جربنا عليك كذباً.
قال: فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد.
فقال أبو لهب ( عمه غير الشقيق ) : تباً لك ، أما جمعتنا إلا لهذا ؟
ثم قام ،
فنزل قوله تعالى : { تَبَّتْ يَدَا أبِي لَهَبٍ وَتَبْ } إلى آخر السورة..