

-
فالكون والإنسان والحياة أشياء محدودة .
فالكون والإنسان والحياة أشياء محدودة .
وحين ننظر إلى المحدود نجد أن له نهاية وبداية ،
فالذي له بداية له نهاية ، والذي له نهاية له بداية حتماً .
فما دام له بداية ونهاية فهو ليس أزلياً ، فهناك إذن من أحدثه أي من أوجده .
ولا يقال بالطبع أن هذه الأشياء المحدودة أوجدت نفسها من العدم
( والعدم هو نفي كل ما يمكن أن يخطر بالبال )
لا يقال ذلك ، لأنه من المعلوم بداهة أن وجود الشيء لا يتوقف على نفسه
، فكيف سيوجد نفسه قبل أن يكون هو موجود أصلاً ؟
، ثم أنه من المقطوع به أن هذه الأشياء لا تستطيع أن توجد شيئاً من العدم .
ثم إن المحدود عاجز ، لأنه لا يستطيع أن يتجاوز الحد الذي وضع له سواء في الزمان أم في المكان .
فالكون مجموع أجرام ، وكل جرم منها محدود فهو عاجز ،
وهذا مشاهد محسوس ، فمهما تعددت هذه الأجرام فإنها تبقى عاجزة
لأن عاجز + أي عدد منه = عاجز قطعاً .
فعاجز + ترليون عاجز بنفس العجز ، لا تكون المحصلة إلا العجز قطعاً.
فالكون عاجز بالقطع ، فهل من صفات الأزلي أنه عاجز ؟!!!
فالمحدود مخلوق قطعاً
فالكون والإنسان والحياة أشياء مخلوقة لخالق
، أما من هو هذا الخالق ؟ وما الأصل في وجوده ؟
فهذا سيكون بحثنا بعد استعراض الدليل الثاني بإذن الله الدليل الثاني :
بقى البحث منصباً على ما يقع عليه الحس وهذه الأشياء هي الكون والإنسان والحياة .
أما الكون فهو محتاجٌ قطعاً ، وهذا مشاهد محسوس في جميع أجزائه ،
فالنار لكي تبقى ولا تندثر محتاجة للوقود مثلاً
والنار شيء والوقد شيء آخر ، أي أن النار مادة والوقود مادة أخرى .
وكذلك لكي يكون عندنا بخار ماء ، فإن الماء يحتاج إلى الحرارة ،
والماء شيء والحرارة شيء آخر غير الماء.
ولا يقال هنا أن المادة احتاجت لمادة وبالتالي فإن المادة غير محتاجة
، أي مستغنية ، لا يقال ذلك لأن احتياج الشيء ولو إلى شيء واحد في الدنيا يثبت أنه محتاج ،
والاحتياج يلمس لمساً ولا يفرض فرضاً .
فلا يقال أن الماء والحرارة مع بعضهما كل مستغن ، لأنه حتى احتياج الماء للحرارة
حتى يتحول إلى بخار ، يكون ضمن قانون معيّن وظروف ونسب لا تتخلف .
فالموضوع ليس تحوّل الماء لبخار وحده ، ولكن الموضوع أن تحوّل الماء
لبخار لا يتم إلا بوضع معيّن ، أي بقانون لا يتعداه الماء ولا تتعداه الحرارة .
فهل هذا القانون وهذه النسب والأحوال من المادة نفسها ؟
وهذا الكون بمجموع أجرامه الذي يسير بهذا النظام المحكم الذي إن اختل بعضه
ذهب الكون أدراج الرياح كما يقولون ، هل هذا النظام من الكون نفسه ؟
إن هذا النظام لا يعدو أن يكون أحد هذه الخيارات الثلاثة ولا يمكن أن يكون من غيرها مطلقاً :
1- أن يكون جزء من الجرم أو الكوكب .
2- أن يكون خاصية من خواصه .
3- أن يكون شيئاً غيره ، مفروضا عليه من غيره .
أما كون النظام جزء من الجرم ، فباطل ، وذلك لأن سير الكوكب
أو الجرم في مسار معينا يعني أن هذا المسار جزء من الجرم.
فالمدار كالطريق هو غير السائر في الطريق ، فالسائر غير المسير .
والسير ليس من ماهية الكواكب وإنما هو عملٌ لها .
ثم إن جزء الشيء هو شيء من مكوناته ، ولكننا إذا حللنا الكوكب
إلى مكوناته فإننا لا نجد من مكوناته أو أجزائه شيئاً اسمه النظام.
وأما كون النظام خاصية من خواص الكوكب ، فباطل أيضاً ،
والخاصية معناها هنا ما يعطيه الشيء لنفسه
فالكون يُوصف بأنه يسير بنظام ، فهل هذا النظام من نفس الكون؟ ، أي هل نظم الكون نفسه ؟!
ويجب أن يُلفت النظر هنا إلى أن الموضوع ليس سير الكوكب
فحسب وإنما سيره بوضع معيّن ، هذا هو الموضوع .
إن المشاهد المحسوس أن الكون لا يمتلك خاصية النظام أو القانون
وإلا لاستطاع تغيير هذا النظام أو تنظيم غيره ، ولكنه لا يستطيع
لأن التنظيم ليس من خواصه ، وهو وإنما يسير حسب هذا النظام سيراً جبرياً لا يتخلف عنه .
فالنظام ليس من خاصية الكون ، فليس من خصائصه التنظيم .
ومادام النظام ليس جزء من المادة ، ولا خاصية من خواصها ،
فهو إذن شيء آخر غير المادة مفروض عليها فرضاً.
فالنسب والأحوال ليست جزء من الماء ولا جزء من الحرارة ،
وكذلك ليست من خواص الماء ولا من خواص الحرارة ، فتكون شيئاً آخر مفروضا عليها .
وبدون هذا القانون والنسب والأحوال لا يبقى الكون ولا الإنسان ولا الحياة ، فالكون محتاج للنظام .
ولا يقال أن النظام هو خاصية ناتجة عن اجتماع الكواكب مع بعضها في جسم واحد
وهو جزء لا يتجزء من هذا الجسم فينتج عن اجتماعها خاصية كون السير في مدار معيّن ،
كالأيدروجين وحده ه خاصية والأكسجين وحده له خاصية ، فإذا اجتمعا معاً صارت لهما خاصية أخرى وكذلك الكون .
لا يقال ذلك لأن هذا افتراض لا واقع له ، فالتفكير يجب أن ينصب على واقع محسوس
أو محسوس أثره أو ورد بخبر قطعي أساسه العقل وما دون ذلك هو بحث في خيال وليس له واقع .
فالقول أن النظام نشأ من مجموع ما في الكون باطل ،
فلا يوجد شيء محسوس اسمه مجموع ما في الكون وهذا المجموع أنتج النظام من نفسه
، وإنما الموجود هو مجموع الأشياء ، ومجموع الأشياء لا تنتج جديدا له خصائص جديدة
تحتلف عن خصائص كل شيء بمفرده ،
فقد ثبت أن هذه الأشياء محتاجة ، ومحتاج + مليون محتاج مثله = محتاج ولا شيء آخر غير المحتاج .
ولا يقال ذلك أيضاً لأن الأيدروجين عندما يتفاعل مع الأكسجين لينتج الماء ،
هو محتاجٌ أصلاً لقانون ليكون الماء ن ولأن التفاعل هنا أنتج شيئاً جديداً آخر غير الأكسجين والأيدروجين .
فالصوديوم الحارق مع الكلور السام ينتجان معاً ملحاً غير حارق وغير سام ،
بل بالعكس مفيدٌ للجسم وهو كلوريد الصوديوم ( ملح الطعام ) .
فهل حصل في الكون تجمع لأشيائه بحيث يفقد كل شيء خصائصه الأصلية ؟
، فخاصية الجذب الموجودة في الكواكب هي خاصية لكل كوكب بذاته ،
ولا تنشأ من وجود كواكب أخرى مع الكوكب ، ولكنها تظهر بوجود كواكب أخرى .
وهذه الخواص مفروضة فرضاً على الكواكب ، وما النظام إلا خواص مركبة .فالكون محتاجٌ قطعاً .
فهو محتاج للنظام مثلاً لكي يستمر في وجوده ، وهذا النظام من شيء آخر غير الكون
وليس من خصائص الكون
ولا جزء منه ،
فالمحتاج مخلوق لأنه عاجز عن إيجاد ما احتاج إليه من عدم ، فهو ليس خالقاً .
فالأزلي غير محتاج للنسب والقوانين كي يستمر أو يتكوّن
، فما كان محتاجاً فهو غير أزلي ، وبالتالي هو حادث أي مخلوق .
هذا بالنسبة للكون ، أما الإنسان فإن احتياحه إلى الطعام وإلى الحياة أمرٌ ملموس محسوس .
وأما الحياة فإن احيتاجها للهواء وللماء أمرٌ ملموس محسوس أيضاً .
فالكون والإنسان والحياة أشياء محتاجة ، أي ليست أزلية ،
ولم توجد نفسها من العدم ، فهناك من أوجدها من العدم أي خلقها .
الرد على سؤال من أوجد الخالق ؟!
بعد أن بيّنا أن الكون والإنسان والحياة أشياء مخلوقة ، أي أنها ليست أزلية ،
ولم توجد نفسها من العدم ، ولكن هناك من أوجدها من العدم ، أي خلقها .
بعد أن بيّنا ذلك يتضح أن الأصل في هذه الأشياء هو العدم . وأن الخالق هو الذي أوجدها من عدم .
والسؤال الذي يطرأ على ذهن الكثيرين ممن لا يريدون الإيمان ويستحبون الكفر هو :
ومن الذي أوجد هذا الخالق ؟
أقول إن هذا السؤال فيه مغالطة
وهي أن كون هذا الخالق قد أوجد الأشياء من العدم ، فهو غير عاجز ،
وغير محتاج ، وما كان كذلك فهو أزلي واجب الوجود .
والمغالطة الثانية أيضاً أننا عندما حكمنا على الكون والإنسان والحياة بأنها أشياء مخلوقة
، كان ذلك نتاج بحثنا فيها كأشياء محسوسة ، ونحن عندما أثبتنا أنها محتاجة ومحدودة
، أثبتنا أنها مخلوقة ن وقلنا أن هناك خالقاً خلقها
، فهل وقع هذا الخالق تحت الحس وأثبتنا أنه محتاج ومحدود
وبالتالي مخلوق لنسأل من الذي أوجده ؟!
وأيضاً فإن مثل هذا السؤال سيدور بالسائل دوران لا يتنهي به في النهاية
إلا أن يقر عقله ، ويوجب وجود من لا أول له ولا يستند في وجوده إلى شيء
وإلا فكيف نفسر وجودنا ووجود الكون والحياة وهي أشياء مخلوقة ؟
وللزيادة في هذا الموضوع نسأل سؤالاً : هل الأصل في الوجود هو العدم أو الوجود ؟
ولا نقصد هنا الكون والإنسان والحياة ن فهذه ثبت أن الأصل فيها العدم ، لأنها مخلوقة .
ولكننا نقصد هل العدم العام هو الأصل أم الوجود هو الأصل ؟
والعدم والوجود نقيضان لا ثالث لهما أبداً ، فإذا انتفى أحدهما وجب الآخر حتماً
، فلو اخترنا الخيار الأول وفحصناه ، والخيار الأول يقول أن الأصل هو العدم ؟
( والعدم هو نفي كل ما يمكن أن يخطر بالبال )
وهذا الخيار باطل ، فلو كان الأصل هو العدم ، فمن أين أتت الأشياء ؟
هل ستوجد نفسها من العدم ؟ وهذا باطل فالشيء لا يتوقف على نفسه ،
فيستحيل عقلاً أن يكون الأصل هو العدم .
فلم يبق إلا أن الأصل هو الوجود ، الذي هو نقيض العدم ،
وهذا الأصل هو الذي تستند كل الأشياء في وجودها إليه
، وهو لا يستند إلى شيء فهو الأصل .
وذلك كله يتلخص في كلمة الصمد في قوله تعالى ( الله الصمد ) ،
والصمد هو الذي تصمد إليه الخلائق في وجودها وبقية حاجاتها
، والصمد هو الله ، لا إله إلا هو الحي القيوم إلى هواة الطريقة العلمية
قال الله تعالى (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ
أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) (فصلت:53) .
وبالنسبة لهواة النظريات العلمية وأقوال علماء الطبيعة فإني سأورد بعضاً منها ، رغم أن النظريات ظنية .
عالم الطبيعة البيولوجية ( فرانك آلن) في كتابه " الله يتجلى في عصر العلم " يقول :
"قوانين الديناميكية الحرارية تدل على أن مكونات هذا الكون تفقد حرارتها تدريجياً ،
وإنها سائرة حتماً إلى يوم تصير فيه جميع الأجسام تحت درجة من الحرارة بالغة
الانخفاض هي الصفر المطلق ، ويومئذٍ تنعدم الطاقة ، وتستحيل الحياة ،
ولا مناص من حدوث هذه الحالة من انعدام (فناء) عندما تصل درجة حرارة الأجسام
إلى الصفر المطلق بمضي الوقت ".
أما كبسيل عالم الحشرات في نفس الكتاب يقول :
" فإننا نستطيع أن نستنتج أن هذا الكون لا يمكن أن يكون أزلياً ... وأن لهذا الكون بداية ".
ويقول العالم الكيمائي ( كوثران ) :" تدلنا الكيمياء على أن بعض المواد في سبيل الزوال والفناء ولكن بعضها يسير
نحو الفناء بسرعة كبيرة ، والآخر بسرعة ضئيلة وعلى ذلك فإن المادة ليست أبدية ".
ويقول ( فرانك آلن ) أيضاً :" إن قانون "ترموديناميك" الحراري أثبت أن الكون يسير نحو حالة تصل فيها جميع الأجسام
إلى درجة حرارة متدنية متشابهة بحيث لا يبقى هناك طاقة يمكن الاستفادة منها ، وفي هذه الحالة
لا تعود الحياة ممكنة ، فلو لم يكن للكون بداية وكان موجوداً منذ الأزل لكانت حالة الموت
والسكون قد حدثت من قبل ، فالشمس المحرقة والنجوم والأرض المكتظة بالحياة هي شاهد
صدق على أن بداية الكون كانت في زمن ما ، وفي لحظة خاصة من الزمن ، وعليه لا يمكن
بالضرورة أن يكون بدون موجد وعلة كبيرة أولى ، وخالق أبدي عالم قادر على كل شيء
هو الذي صنع الكون ".
ويقول الدكتور ( ادوارد لوتركسيل) :
" الحرارة طبقاً لقانون " انتروبي" تسري دائماً من الأجسام الحارة إلى الأجسام
الباردة ، وهذا السريان لا يحدث بنفسه بشكل معكوس ... فلو كان الكون أزلياً لكانت حرارة
جميع الأجسام قد صارت متساوية منذ زمن بعيد ، ولما بقيت قوة يمكن الاستفادة منها
، ولكننا نرى أن التفاعلات الكيميائية مازالت مستمرة ، والحياة على الأرض ممكنة ،
فالعلوم تثبت بشكل طبيعي أن الكون له بداية وتثبت ضرورة وجود خالق له
، فالحادث لا يمكن أن يحدث نفسه ".
ويقول ( بيتر واستوز) :
" العلوم اليوم قد عرفت عمر كثير من الأشياء ، مثل عمر الأرض ، عمر حجارة الشهب
، عمر القمر ، عمر الشمس ، عمر مجرتنا ، عمر الدنيا ، والمدة اللازمة لتركيب الأشياء
والمواد المحتملة للعناصر المختلفة ".
ويقول (دونالد روبرت كار) :" لفت انتباهي في دراسة كيمياء الأرض أمران مهمان أحدهما :
تعيين لحظة الإيجاد .... ، لتحديد تاريخ وجود الأجسام يوجد عدة طرق وجميعها تعطي نتائج دقيقة
، فقد تم تحليل عمر الكون عن طريق استخدام الحسابات النجومية بخمسة بلايين سنة ،
ومع اتساع هذه المباحث والأدلة يزول مفهوم أزلية الكون وأبدية الدنيا ،
فلو كان الكون أزلياً وأبدياً لما وجد أن عنصر من عناصر ( راديو كتيف)
وهذه النتيجة يمكن استنتاجها أيضاً من القانون الثاني (ترمو ديناميك ) ".
ويقول ( اندرو كونواى إيفي ) وقد كتب يقول تحت عنوان " وجود الله حقيقة مطلقة " :
" إن أحداً لا يستطيع أن يثبت خطأ قانون السببية ، فبدونه تنعدم الأشياء جميع الحية ،
والعقل البشري لا يستطيع أن يعمل إلا على أساس السببية ، إنني أُسلِّم أن لقانون السببية وجوداً حقيقياً "
فهل بعد هذه الحقائق إنكار للخالق الله رب العالمين
معلومات الموضوع
الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
المواضيع المتشابهه
-
بواسطة مدافع عن الإسلام في المنتدى منتدى نصرانيات
مشاركات: 3
آخر مشاركة: 16-08-2015, 01:05 PM
-
بواسطة ابو طارق في المنتدى منتدى نصرانيات
مشاركات: 3
آخر مشاركة: 02-12-2013, 02:25 PM
-
بواسطة وا إسلاماه في المنتدى منتدى الكتب
مشاركات: 3
آخر مشاركة: 28-09-2010, 09:12 PM
-
بواسطة ابن عبد في المنتدى المنتدى العام
مشاركات: 5
آخر مشاركة: 14-07-2010, 08:51 PM
-
بواسطة فريد عبد العليم في المنتدى المنتدى الإسلامي العام
مشاركات: 0
آخر مشاركة: 20-01-2010, 02:00 AM
الكلمات الدلالية لهذا الموضوع
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى

المفضلات