الحج أسرار ومعاني
(الإحرام)



عندما تصل للميقــات .. ستُحرِم وترتدي ملابس الإحرام، وتُحرَّم عليك أشياء كانت في الأصل من المباحات .. وتلك حدود الله، قال تعالى {.. تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [البقرة: 229] .. فإذا تعديت حدود الله ولم تُحرِم في الميقات، فقد ظلمت نفسك.

ومن هنا نتعلم الاستسلام التـــام لأوامر الله سبحانه وتعالى .. وتذكَّر الدنيا والآخرة .. فالدنيــا دار محذورات وشقاء، والآخرة دار نعيم مُقيم ولذة القرب من الله جلَّ وعلا.
وبإرتدائك لملابس الإحرام، تذكَّر أكفانك التي ستتجهز بها لمقابلة ربَّك جلَّ وعلا .. وحينها لا بد أن تذِل وتنكسِر .. تضـاعف ما استطعت، فإن اللطف مع الضعف أكثر.

فالله تعالى يحب المُنكسرين .. عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رجلا قال لرسول الله من الحاج قال "الشعث التفل" [رواه ابن ماجه وحسنه الألباني]، الشعث: من امتلأ رأسه بالتراب، والتفل: من لا يتطيَّب.

ثمَّ تنوي الإحرام .. بقول "لبيك اللهم بحجة" أو "لبيك اللهم بعمرة مُتمتعاً بها إلى الحج" أو ما شابه ..

ثم ترفع صوتك بالتلبية :
لبيـك اللهم لبيك .. لبيك لا شريك لك لبيك
إن الحمد والنعمة لك والملك .. لا شريك لك


لبيـــــــــــــــك
قال رسول الله " أفضل الحج العج والثج" [حسنه الألباني، صحيح الجامع (1101)] .. والعج: رفع الصوت بالتلبية.

فضل التلبية ..

والتلبية سُنة عن جميع الأنبياء عليهم السلام .. عن ابن عباس قال: سرنا مع رسول الله بين مكة والمدينة فمررنا بواد فقال "أي واد هذا ؟" . فقالوا: وادي الأزرق . قال "كأني أنظر إلى موسى فذكر من لونه وشعره شيئا واضعا أصبعيه في أذنيه له جؤار (أي: صراخ) إلى الله بالتلبية مارا بهذا الوادي". قال: ثم سرنا حتى أتينا على ثنية . فقال "أي ثنية هذه؟"، قالوا: هرشى أو لفت . فقال "كأني أنظر إلى يونس على ناقة حمراء عليه جبة صوف خطام ناقته خلبة مارا بهذا الوادي ملبيا" [صحيح مسلم]

كما إن كل ما في الأرض يُلبي معك .. عن سهل بن سعد الساعدي عن رسول الله قال "ما من ملب يلبي إلا لبى ما عن يمينه وشماله من حجر أو شجر أو مدر حتى تنقطع الأرض من ها هنا وها هنا"[رواه ابن ماجه وصححه الألباني]
كان بعض السلف يخاف خوفًا شديدًا عند التلبية .. قال عبد الله بن الجلاء: كنت بذي الحليفة وأنا أريد الحج والناس يحرمون، فرأيت شاباً قد صب عليه الماء يريد الإحرام وأنا أنظر إليه. فقال: يا رب أريد أن أقول: لبيك اللهم لبيك، وأخشى أن تجيبني لا لبيك ولا سعديك.

وبقي يردد هذا القول مراراً كثيراً وأنا أتسمع عليه. فلما أكثر قلت له: ليس لك بد من الإحرام فقل فقال: يا شيخ أخشى إن قلت لبيك اللهم لبيك أجابني بلا لبيك ولا سعديك. فقلت له: أحسن ظنك وقل معي: لبيك اللهم لبيك. فقال: لبيك اللهم. وطولها، وخرجت نفسه مع قوله اللهم، فسقط ميتاً. [صفة الصفوة (2/512)]
........
تلك كانت لحظة البداية .. والبدايــات المُحرقة تؤدي إلى النهايــات المُشرقة ..
فعليك أن تبذل قصاري جهدك في التلبية؛ لكي تكون خالصة،،
.............

من درس حج بقلبك لفضيلة الشيخ /هاني حلمي
.

.....