شبهة 6 : قال بعضهم :قول النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : « لَعَنَ اللَّهُ اليَهُودَ اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ » يراد به عين القبر لا ملحق القبر فإن الملحق بالقبر شيء غير القبر نفسه، ولهذا لا يسمى المسجد قبرا، ولا القبر مسجدا ،و الصلاة في المساجد الملحقة بالقبور خارجة عن النهي ، لأنها شيء غير القبر نفسه ،والجواب أن كل مَا دَخَلَ فِي اسْمِ الْمَقْبَرَةِ مِمَّا حَوْلَ الْقُبُورِ لَا يُصَلَّى فِيهِ فَهَذَا يُعَيِّنُ أَنَّ الْمَنْعَ يَكُونُ مَتْنًاوَلَا لِحُرْمَةِ الْقَبْرِ الْمُنْفَرِدِ وَفِنَائِهِ الْمُضَافِ إلَيْهِ [1]، والنهى عن البناء على القبور يصدق على ما بُنِي على جوانب حفرة القبر، كما يفعله كثيرٌ من الناس من رفع قبور الموتى ذراعاً فما فوقه؛ لأنَّه لا يُمكن أن يجعل نفس القبر مسجداً، فذلك مِمَّا يدلُّ على أنَّ المراد بعض ما يقربه مِمَّا يتصل به.


ويصدُق على من بنى قريباً من جوانب القبر كذلك، كما في القباب والمساجد والمشاهد الكبيرة، على وجه يكون القبر في وسطها أو في جانب منها، فإنَّ هذا بناء على القبر، لا يخفى ذلك على من له أدنى فهم، كما يقال: بَنَى السلطانُ على مدينة كذا، أو على قرية كذا سوراً، وكما يقال: بَنَى فلانٌ في المكان الفلاني مسجداً، مع أنَّ سمكَ البناء لم يباشر إلاَّ جوانب المدينة أو القرية أو المكان.


ولا فرق بين أن تكون تلك الجوانب التي وقع وضع البناء عليها قريبة من الوسط، كما في المدينة الصغيرة والقرية الصغيرة والمكان الضيق، أو بعيدة من الوسط كما في المدينة الكبيرة والقرية الكبيرة والمكان الواسع، ومَن زعم أنَّ في لغة العرب ما يَمنع من هذا الإطلاق فهو جاهلٌ لا يعرف لغةَ العرب، ولا يَفهم لسانَها ولا يدري بما استعملته في كلامها[2].

شبهة 7 : يقول البعض : المراد بالنهي عن اتخاذ القبور مساجد اتخاذ القبور قبلةً يصلون إليها ويسجدون لها ،وليس بناء المساجد عليها بدليل أنه لم يقل اتخذوا على القبور مساجد بل قال اتخذوا القبور مساجد ،والجواب أن اِتِّخَاذ الْقُبُورِ مَسَاجِد أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى الصَّلَاةِ إلَيْهَا، أَوْ بِمَعْنَى الصَّلَاةِ عَلَيْهَا [3] أو بمعنى بناء المسجد عليها أو بمعنى السجود لها أو إليها فاتخاذ القبور مساجد يشمل جميع هذه الصور ،وتخصيص بعض هذه الصور دون بعض تخصيص بلا مخصص .

والأحاديث الشريفة منها ما جاء عاما في النهي عن كل صور اتخاذ القبور مساجد ومنها ما جاء خاصا في النهي عن بعض صور الاتخاذ فقول النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : « لَعَنَ اللَّهُ اليَهُودَ اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ » يشمل النهي عن جميع صور اتخاذ القبور مساجد ، و قول النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : «أُولَئِكَ قَوْمٌ إِذَا مَاتَ فِيهِمُ العَبْدُ الصَّالِحُ، أَوِ الرَّجُلُ الصَّالِحُ، بَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدًا ، وَ صَوَّرُوا فِيهِ تِلْكَ الصُّوَرَ ، أُولَئِكَ شِرَارُ الخَلْقِ عِنْدَ اللَّهِ » صريح في أن بناء مسجد على القبر من فعل شرار الخلق .

وحديث أبي سعيد الخدري : « أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم نهى أن يبنى على القبور أو يقعد عليها أو يصلى عليها » صريح في النهي عن البناء على القبر ،والنهي عن الصلاة على القبر .

قال الألباني – رحمه الله - : ( النهي عن بناء المساجد على القبور يستلزم النهي عن الصلاة فيها من باب أن النهي عن الوسيلة يستلزم النهي عن المقصود بها والتوسل بها إليه مثاله إذا نهى الشارع عن بيع الخمر فالنهي عن شربه داخل في ذلك كما لا يخفى بل النهي عن من باب أولى .

ومن البين جدا أن النهي عن بناء المساجد على القبور ليس مقصودا بالذات كما أن الأمر ببناء المساجد في الدور والمحلات ليس مقصودا بالذات بل ذلك كله من أجل الصلاة فيها سلبا أو إيجابا يوضح ذلك المثال الآتي: لو أن رجلا بنى مسجدا في مكان قفر غير مأهول ولا يأتيه أحد للصلاة فيه فليس لهذا الرجل أي أجر في بنائه لهذا المسجد بل هو عندي آثم لإضاعة المال ووضعه الشئ في غير محله .

فإذا أمر الشارع ببناء المساجد فهو يأمر ضمنا بالصلاة فيها لأنها هي المقصودة بالبناء وكذلك إذا نهى عن بناء المساجد على القبور فهو ينهى ضمنا عن الصلاة فيها لأنها هي المقصودة بالبناء أيضا ) [4].

وقول النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: « لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها »[5] صريح في النهي عن الصلاة إلى القبر ،واتخاذ القبر قبلة ،و إذا حرمت الصلاة إلى القبر فمن باب أولى الصلاة عند القبر ؛ لأن فيهما مظنة الصلاة لصاحب القبر و فيها تعظيم لصاحب القبر تعظيما غير مأذون فيه .

وجميع صور اتخاذ القبور مساجد تشترك في أنها مظنة الصلاة لصاحب القبر وفيها تعظيم لصاحب القبر و فيها غلو في صاحب القبر ،وفيها الخشية من تطور الأمر إلى عبادة صاحب القبر والشريعة لا تفرق بين المتماثلات .


شبهة 8 : مما يجيز الصلاة على القبور ،وبناء المساجد عليها ما رواه ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - ، قَالَ: مَاتَ إِنْسَانٌ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَعُودُهُ، فَمَاتَ بِاللَّيْلِ، فَدَفَنُوهُ لَيْلًا، فَلَمَّا أَصْبَحَ أَخْبَرُوهُ، فَقَالَ: «مَا مَنَعَكُمْ أَنْ تُعْلِمُونِي؟» قَالُوا: كَانَ اللَّيْلُ فَكَرِهْنَا، وَكَانَتْ ظُلْمَةٌ أَنْ نَشُقَّ عَلَيْكَ فَأَتَى قَبْرَهُ فَصَلَّى عَلَيْهِ[6].

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - : أَنَّ أَسْوَدَ رَجُلًا - أَوِ امْرَأَةً - كَانَ يَكُونُ فِي المَسْجِدِ يَقُمُّ المَسْجِدَ، فَمَاتَ وَلَمْ يَعْلَمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَوْتِهِ، فَذَكَرَهُ ذَاتَ يَوْمٍ فَقَالَ: «مَا فَعَلَ ذَلِكَ الإِنْسَانُ؟» قَالُوا: مَاتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ «أَفَلاَ آذَنْتُمُونِي؟» فَقَالُوا: إِنَّهُ كَانَ كَذَا وَكَذَا - قِصَّتُهُ - قَالَ: فَحَقَرُوا شَأْنَهُ، قَالَ: «فَدُلُّونِي عَلَى قَبْرِهِ» فَأَتَى قَبْرَهُ فَصَلَّى عَلَيْهِ[7].

وعَنِ الشَّعْبِيِّ : « أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -صَلَّى عَلَى قَبْرٍ بَعْدَمَا دُفِنَ، فَكَبَّرَ عَلَيْهِ أَرْبَعًا »[8]

والجواب عن هذه الأدلة أنها أخص من موضع النزاع فهي واردة في صلاة الجنازة ،ويمكن القول أن أدلة النهي عن الصلاة في المقبرة والصلاة إلى القبور و على القبر مخصصة بما سوى صلاة الجنازة .

وقال ابن القيم – رحمه الله - : ( وَاَلَّذِي قَالَهُ هُوَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الَّذِي صَلَّى عَلَى الْقَبْرِ؛ فَهَذَا قَوْلُهُ وَهَذَا فِعْلُهُ، وَلَا يُنَاقِضُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ؛ فَإِنَّ الصَّلَاةَ الْمَنْهِيَّ عَنْهَا إلَى الْقَبْرِ غَيْرُ الصَّلَاةِ الَّتِي عَلَى الْقَبْرِ؛ فَهَذِهِ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ عَلَى الْمَيِّتِ الَّتِي لَا تَخْتَصُّ بِمَكَانٍ، بَلْ فِعْلُهَا فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ أَفْضَلُ مِنْ فِعْلِهَا فِيهِ؛ فَالصَّلَاةُ عَلَيْهِ عَلَى قَبْرِهِ مِنْ جِنْسِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ عَلَى نَعْشِهِ فَإِنَّهُ الْمَقْصُودُ بِالصَّلَاةِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ.

وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهِ عَلَى النَّعْشِ وَعَلَى الْأَرْضِ وَبَيْنَ كَوْنِهِ فِي بَطْنِهَا، بِخِلَافِ سَائِرِ الصَّلَوَاتِ؛ فَإِنَّهَا لَمْ تُشْرَعْ فِي الْقُبُورِ وَلَا إلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا ذَرِيعَةٌ إلَى اتِّخَاذِهَا مَسَاجِدَ، وَقَدْ لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ، فَأَيْنَ مَا لَعَنَ فَاعِلَهُ وَحَذَّرَ مِنْهُ وَأَخْبَرَ أَنَّ أَهْلَهُ شِرَارُ الْخَلْقِ كَمَا قَالَ: «إنَّ مِنْ شِرَارِ الْخَلْقِ مَنْ تُدْرِكُهُمْ السَّاعَةُ وَهُمْ أَحْيَاءٌ، وَاَلَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْقُبُورَ مَسَاجِدَ » إلَى مَا فَعَلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِرَارًا مُتَكَرِّرًا ؟ )[9].


شبهة 9 : يقول البعض : النهي عن الصلاة في المقابر مختص بالمنبوشة لما فيها من النجاسة ، وقد ردا شيخا الإسلام ابن تيمية و ابن القيم على هذه الشبهة خير الرد .

و قال ابن تيمية – رحمه الله - : ( وَقَدْ ظَنَّ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ الصَّلَاةَ فِي الْمَقْبَرَةِ نُهِيَ عَنْهَا مِنْ أَجْلِ النَّجَاسَةِ؛ لِاخْتِلَاطِ تُرْبَتِهَا بِصَدِيدِ الْمَوْتَى وَلُحُومِهِمْ وَهَؤُلَاءِ قَدْ يُفَرِّقُونَ بَيْنَ الْمَقْبَرَةِ الْجَدِيدَةِ. وَالْقَدِيمَةُ وَبَيْنَ أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ حَائِلٌ أَوْ لَا يَكُونَ.

وَالتَّعْلِيلُ بِهَذَا لَيْسَ مَذْكُورًا فِي الْحَدِيثِ وَلَمْ يَدُلَّ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ لَا نَصًّا وَلَا ظَاهِرًا وَإِنَّمَا هِيَ عِلَّةٌ ظَنُّوهَا وَالْعِلَّةُ الصَّحِيحَةُ عِنْدَ غَيْرِهِمْ مَا ذَكَرَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ مِنْ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ فِي زَمَنِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد وَغَيْرِهِمْ: إنَّمَا هُوَ مَا فِي ذَلِكَ مِنْ التَّشَبُّهِ بِالْمُشْرِكِينَ وَأَنْ تَصِيرَ ذَرِيعَةً إلَى الشِّرْكِ؛ وَلِهَذَا نَهَى عَنْ اتِّخَاذِ قُبُورِ الْأَنْبِيَاءِ مَسَاجِدَ. وَقَالَ: « إنَّ أُولَئِكَ إذَا مَاتَ فِيهِمْ الرَّجُلُ الصَّالِحُ بَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدًا وَصَوَّرُوا فِيهِ تِلْكَ التَّصَاوِيرَ » . وَقَالَ: « إنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ كَانُوا يَتَّخِذُونَ الْقُبُورَ مَسَاجِدَ أَلَا فَلَا تَتَّخِذُوا الْقُبُورَ مَسَاجِدَ » وَنَهَى عَنْ الصَّلَاةِ إلَيْهَا.


وَمَعْلُومٌ أَنَّ النَّهْيَ لَوْ لَمْ يَكُنْ إلَّا لِأَجْلِ النَّجَاسَةِ. فَمَقَابِرُ الْأَنْبِيَاءِ لَا تُنْتِنُ بَلْ الْأَنْبِيَاءُ لَا يَبْلُونَ وَتُرَابُ قُبُورِهِمْ طَاهِرٌ وَالنَّجَاسَةُ أَمَامَ الْمُصَلِّي لَا تُبْطِلُ صَلَاتَهُ وَاَلَّذِينَ كَانُوا يَتَّخِذُونَ الْقُبُورَ مَسَاجِدَ كَانُوا يَفْرِشُونَ عِنْدَ الْقُبُورِ الْمَفَارِشَ الطَّاهِرَةَ فَلَا يُلَاقُونَ النَّجَاسَةَ وَمَعَ أَنَّ الَّذِينَ يُعَلِّلُونَ بِالنَّجَاسَةِ لَا يَنْفُونَ هَذِهِ الْعِلَّةَ؛ بَلْ قَدْ ذَكَرَ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ النَّهْيَ عَنْ اتِّخَاذِ الْمَسَاجِدِ عَلَى الْقُبُورِ وَعَلَّلَ ذَلِكَ بِخَشْيَةِ التَّشَبُّهِ بِذَلِكَ. وَقَدْ نَصَّ عَلَى النَّهْيِ عَنْ بِنَاءِ الْمَسَاجِدِ عَلَى الْقُبُورِ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ عُلَمَاءِ الْمَذَاهِبِ؛ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد وَمِنْ فُقَهَاءَ الْكُوفَةِ أَيْضًا وَصَرَّحَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِتَحْرِيمِ ذَلِكَ وَهَذَا لَا رَيْبَ فِيهِ بَعْدَ لَعْنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمُبَالَغَتِهِ فِي النَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ )[10] .


و قال ابن تيمية – رحمه الله - أيضا : ( والفقهاء قد ذكروا في تعليل كراهة الصلاة في المقبرة علتين :


إحداهما: نجاسة التراب باختلاطه بصديد الموتى، وهذه علة من يفرق بين القديمة والحديثة، وهذه العلة في صحتها نزاع، لاختلاف العلماء في نجاسة تراب القبور، وهي من مسائل الاستحالة وأكثر علماء المسلمين يقولون إن النجاسة تطهر بالاستحالة، وهو مذهب أبي حنيفة وأهل الظاهر وأحد القولين في مذهب مالك وأحمد .


وقد ثبت في الصحيح : أن مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - كان حائطًا لبني النجار، وكان قبورًا من قبور المشركين، ونخلا وخربًا فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالنخيل فقطعت، وبالخرب فسويت، وبالقبور فنبشت وجعل النخل في صف القبلة[11] .

فلو كان تراب قبور المشركين نجسا ؛ لأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بنقل ذلك التراب ، فإنه لا بد أن يختلط ذلك التراب بغيره، والعلة الثانية ما في ذلك من مشابهة الكفار بالصلاة عند القبور؛ لما يفضي إليه ذلك من الشرك وهذه العلة صحيحة باتفاقهم.

والمعللون بالأولى، كالشافعي وغيره، عللوا بهذه أيضًا، وكرهوا ذلك لما فيه من الفتنة، وكذلك الأئمة: من أصحاب أحمد ومالك، كأبي بكر الأثرم صاحب أحمد، وغيره وعللوا بهذه الثانية أيضًا، وإن كان منهم من قد يعلل بالأولى .


وقد قال تعالى : ﴿ وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا [ نوح : 23 ] ذكر ابن عباس وغيره من السلف: " أن هذه أسماء قوم صالحين، كانوا في قوم نوح، فلما ماتوا عكفوا على قبورهم، وصوروا تماثيلهم، ثم طال عليهم الأمد فعبدوهم " قد ذكر هذا البخاري في صحيحه وأهل التفسير: كابن جرير وغيره وأصحاب قصص الأنبياء كوثيمة وغيره.

ويبين صحة هذه العلة أنه - صلى الله عليه وسلم - لعن من يتخذ قبور الأنبياء مساجد، ومعلوم أن قبور الأنبياء لا تنبش ولا يكون ترابها نجسا، وقد قال - صلى الله عليه وسلم - عن نفسه: «اللهم لا تجعل قبري وثنًا يعبد» . وقال: «لا تتخذوا قبري عيدا» فعلم أن نهيه عن ذلك من جنس نهيه عن الصلاة عند طلوع الشمس وعند غروبها؛ لأن الكفار يسجدون للشمس حينئذ، فسد الذريعة، وحسم المادة، بأن لا يصلى في هذه الساعة، وإن كان المصلي لا يصلي إلا لله، ولا يدعو إلا الله . وكذلك نهى عن اتخاذ القبور مساجد، وإن كان المصلي عندها لا يصلي إلا لله، ولا يدعو إلا الله ؛ لئلا يفضي ذلك إلى دعائها والصلاة لها .


وكلا الأمرين قد وقع، فإن من الناس من يسجد للشمس وغيرها من الكواكب ويدعو لها بأنواع الأدعية والتسبيحات ويلبس لها من اللباس والخواتم ما يظن مناسبته لها، ويتحرى الأوقات والأمكنة والأبخرة المناسبة لها في زعمه .


وهذا من أعظم أسباب الشرك الذي ضل به كثير من الأولين والآخرين؛ حتى شاع ذلك في كثير ممن ينتسب إلى الإسلام، وصنف فيه بعض المشهورين كتابا سماه: " السر المكتوم في السحر ومخاطبة النجوم " على مذهب المشركين من الهند والصابئة، والمشركين من العرب وغيرهم، مثل طمطم الهندي، وملكوشا البابلي وابن وحشية وأبي معشر البلخي وثابت بن قرة وأمثالهم ممن دخل في هذا الشرك، وآمن بالجبت والطاغوت، وهم ينتسبون إلى أهل الكتاب ) [12].

و قال ابن القيم – رحمه الله - : ( وأبلغ من هذا : أنه نهى عن الصلاة إلى القبر ، فلا يكون القبر بين المصلى وبين القبلة فروى مسلم فى صحيحه عن أبى مرثد الغنوى - رحمه الله - أن رسول الله - صلى الله تعالى عليه وآله وسلم – قال : " لا تجْلِسُوا عَلَى القُبُورِ وَلا تُصَلوا إِلَيْهَا "[13] .

و فى هذا إبطال قول من زعم أن النهى عن الصلاة فيها لأجل النجاسة، فهذا أبعد شئ عن مقاصد الرسول - صلى الله عليه وسلم - ، وهو باطل من عدة أوجه :

منها : أن الأحاديث كلها ليس فيها فرق بين المقبرة الحديثة والمنبوشة، كما يقوله المعللون بالنجاسة .

ومنها : أنه - صلى الله تعالى عليه وآله وسلم - لعن اليهود والنصارى على اتخاذ قبور أنبيائهم مساجد. ومعلوم قطعاً أن هذا ليس لأجل النجاسة. فإن ذلك لا يختص بقبور الأنبياء، ولأن قبور الأنبياء من أطهر البقاع، وليس للنجاسة عليها طريق البتة، فإن الله حرم على الأرض أن تأكل أجسادهم فهم فى قبورهم طريون.

ومنها : أنه نهى عن الصلاة إليها.
ومنها : أنه أخبر أن الأرض كلها مسجد، إلا المقبرة والحمام[14]. ولو كان ذلك لأجل النجاسة لكان ذكر الحشوش والمجازر ونحوها أولى من ذكر القبور.


ومنها : أن موضع مسجده - صلى الله تعالى عليه وآله وسلم - كان مقبرة للمشركين، فنبش قبورهم وسواها واتخذه مسجداً: ولم ينقل ذلك التراب، بل سوى الأرض ومهدها وصلى فيه، كما ثبت فى الصحيحين عن أنس بن مالك قال: "لَمّا قَدِمَ النبىُّ - صلى الله تعالى عليه وآلهِ وسلم - المدِينَة فَنزَلَ بأَعْلَى المدِينَةِ فى حَىّ يُقَالُ لَهُمْ: بَنُو عَمْرو بْنِ عَوْفٍ، فأَقَامَ النّبىُّ - صلى اللهُ تعالى عليهِ وآله وسلمَ - فيهِمْ أَرْبَعَ عَشَرَةَ لَيْلَةً، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلى مَلاء بَنىِ النَّجَّارِ، فَجَاءُوا مُتَقَلدِى السُّيُوفَ، وَكَأَنى أَنْظُرُ إِلى النَّبى - صلّى اللهُ عليْه وسلّم - عَلَى رَاحِلَتهِ، وأبو بكر رِدفَهُ، ومَلأُ بَنِى النَّجَّارِ حَوْلَهُ، حتى أَلْقَى بِفناءِ أبي أَيُّوبَ. وكان يُحِبُّ أَنْ يُصَلِّىَ حَيْثُ أَدْرَكَتْهُ الصَّلاةُ، وَيُصَلّى فى مَرَابضِ الْغَنمِ، وَأنّهُ أَمَرَ بِبِنَاءِ المَسْجِدِ، فأَرْسَلَ إِلى مَلإٍ بَنى النَّجّارِ، فَقَالَ: يَا بنِى النجّارِ، ثَامِنُونى بحَائِطِكُمْ هذَا. قَالُوا: لا واللهِ، مَا نَطْلُبُ ثَمَنَهُ إِلا إلى اللهِ فكَانَ فيه ما أقُولُ لكُمْ: قُبُورُ المُشْرِكِينَ. وفيه خَرِبٌ. وفيه نخْل. فأمَرَ النّبىُّ - صَلّى اللهُ تَعَالَى عَليْهِ وَاله وسلّم - بِقُبُورِ المشْرِكِينَ فَنُبِشَتْ، ثُمَّ بِالْخْرِبِ فَسُويَتْ. وَبالنَّخْلِ فَقُطِعَ. فَصَفُّوا النَّخْلَ قِبْلَةَ المَسْجِدِ، وَجّعَلُوا عِضَادَتَيْهِ الْحِجَارَةَ. وَجَعَلُوا يَنْقُلُونَ الصَّخْرَ. وهم يَرْيَجِزُونَ، وذكر الحديث"[15].


ومنها: أن فتنة الشرك بالصلاة فى القبور ومشابهة عباد الأوثان أعظم بكثير من مفسدة الصلاة بعد العصر والفجر. فإذا نهى عن ذلك سدا لذريعة التشبه التى لا تكاد تخطر ببال المصلى، فكيف بهذه الذريعة القريبة التى كثيرا ما تدعو صاحبها إلى الشرك ودعاء الموتى، واستغاثتهم، وطلب الحوائج منهم، واعتقاد أن الصلاة عند قبورهم أفضل منها فى المساجد. وغير ذلك، مما هو محادة ظاهرة لله ورسوله. فأين التعليل بنجاسة البقعة من هذه المفسدة؟ ومما يدل على أن النبى - صلى الله عليه وآله وسلم - قصد منع هذه الأمة من الفتنة بالقبور كما افتتن بها قوم نوح ومن بعدهم.


ومنها: أنه لعن المتخذين عليها المساجد. ولو كان ذلك لأجل النجاسة لأمكن أن يتخذ عليها المسجد مع تطيينها بطين طاهر، فتزول اللعنة، وهو باطل قطعاً .


ومنها: أنه قرن فى اللعن بين متخذى المساجد عليها وموقدي السرج عليها[16]. فهما فى اللعنة قرينان. وفى ارتكاب الكبيرة صنوان. فإن كل ما لعن رسول الله - صلى الله تعالى عليه وآله وسلم - فهو من الكبائر، ومعلوم أن إيقاد السرج عليها إنما لعن فاعله لكونه وسيلة إلى تعظيمها، وجعلها نصبا يوفض إليه المشركون ، كما هو الواقع، فهكذا اتخاذ المساجد عليها. ولهذا قرن بينهما. فإن اتخاذ المساجد عليها تعظيم لها وتعريض للفتنة بها ولهذا حكى الله سبحانه وتعالي عن المتغلبين على أمر أصحاب الكهف، أنهم قالوا: ﴿ لَنَتَّخذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِداً [ الكهف : 21 ] .

ومنها: أنه - صلى الله تعالى عليه وآله وسلم -قال:"اللهُمَّ لا تجْعَلْ قَبْرِى وَثَناً يُعْبَدُ. اشْتَدَّ غَضبُ اللهِ عَلَى قَوْمٍ اتّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ"[17].فذكره ذلك عقيب قوله: "اللهم لا تجعل قبرى وثنا يعبد" تنبيه منه على سبب لحوق اللعن لهم. وهو توصلهم بذلك إلى أن تصير أوثانا تعبد.

وبالجملة فمن له معرفة بالشرك وأسبابه وذرائعه، وفهم عن الرسول - صلى الله تعالى عليه وآله وسلم –مقاصده ، جزم جزماً لا يحتمل النقيض أن هذه المبالغة منه باللعن والنهى بصيغتيه : صيغة : "لا تفعلوا" وصيغة : "إنى أنهاكم" ليس لأجل النجاسة، بل هو لأجل نجاسة الشرك اللاحقة بمن عصاه، وارتكب ما عنه نهاه، واتبع هواه، ولم يخش ربه ومولاه، وقل نصيبه أو عدم فى تحقيق شهادة أن لا إله إلا الله. فإن هذا وأمثاله من النبى - صلى الله تعالى عليه وآله وسلم - صيانة لحمى التوحيد أن يلحقه الشرك ويغشاه ، وتجريد له وغضب لربه أن يعدل به سواه. فأبى المشركون إلا معصية لأمره وارتكاباً لنهيه وغرهم الشيطان. فقال: بل هذا تعظيم لقبور المشايخ والصالحين. وكلما كنتم أشد لها تعظيما، وأشد فيهم غلوا، كنتم بقربهم أسعد، ومن أعدائهم أبعد .

ولعمر الله، من هذا الباب بعينه دخل على عبَّاد يغوث ويعوق ونسر، ومنه دخل على عباد الأصنام منذ كانوا إلى يوم القيامة. فجمع المشركون بين الغلو فيهم، والطعن فى طريقتهم وهدى الله أهل التوحيد لسلوك طريقتهم، وإنزالهم التى أنزلهم الله إياها: من العبودية وسلب خصائص الإلهية عنهم. وهذا غاية تعظيمهم وطاعتهم .

فأما المشركون فعصوا أمرهم، وتنقصوهم فى صورة التعظيم لهم. قال الشافعى: "أكره أن يعظم مخلوق حتى يجعل قبره مسجداً، مخافة الفتنة عليه وعلى من بعده من الناس".

وممن علل بالشرك ومشابهة اليهود والنصارى: الأثرم فى كتاب ناسخ الحديث ومنسوخه فقال- بعد أن ذكر حديث أبى سعيد أن النبى -صلى الله تعالى عليه وآله وسلم - قال: "جعلت لى الأرض مسجدا إلا المقبرة والحمام" وحديث زيد بن جبير عن داود بن الحصين عن نافع عن ابن عمر: أن النبى - صلى الله تعالى عليه وآله وسلم - : "نهى عن الصلاة فى سبع مواطن، وذكر منها المقبرة" قال الأثرم: إنما كرهت الصلاة فى المقبرة للتشبه بأهل الكتاب، لأنهم يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد" ) [18].

شبهة 10 : قال البعض : قوله تعالى : ﴿قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا [ الكهف :21 ] معناه : لنتخذن على باب الكهف مسجداً يصلي فيه المسلمون، ويتبركون بمكانهم مما يدل على جواز بناء المساجد على القبور ،والجواب أن الآية صرحت بأن القائلين من أهل الكلمة والنفوذ ؛ لأن الذي له الغلبة في الأمر هو من يملك الأمر والنهي في المنكر وهم الكبراء، وأصحاب النفوذ أي ليسوا من أهل العلم والفضل ،وليسوا من الرسل و لا أتباع الرسل مما يشعر بذم فعلهم .


ومجرد حكاية ما قالوا ليس دليلا على جواز ما قالوا ولم يمدح القرآن قولهم ،ولم يقره بل السياق يشعر بذمه فإنَّ الله َ- عَزَّ وَجَلَّ - لمْ يَصِفْ أُوْلئِك َ المتغلبيْنَ، بوَصْفٍ يُمْدَحُوْنَ لأَجْلِهِ، وَإنمَا وَصَفهُمْ باِلغلبةِ! وَإطلاقهَا دُوْنَ قرْنِهَا بعَدْل ٍ أَوْ حَقّ: يدُلُّ عَلى التَّسَلطِ وَالهوَى وَالظلمِ، وَلا يدُلُّ عَلى عِلمٍ وَلا هُدَى، وَلا صَلاحٍ وَلا فلاح [19].

قال ابن رجب – رحمه الله - : ( فجعل اتخاذ القبور على المساجد من فعل أهل الغلبة على الأمور ، وذلك يشعر بان مستند القهر والغلبة وإتباع الهوى، وانه ليس من فعل أهل العلم والفضل المتبعين لما انزل الله على رسله من الهدى )[20].

و الآية الكريمة تدل أن بناء المساجد على القبور قد وقع في الأمم السابقة ،وهذا موافق للحديث : « أُولَئِكَ قَوْمٌ إِذَا مَاتَ فِيهِمُ العَبْدُ الصَّالِحُ، أَوِ الرَّجُلُ الصَّالِحُ، بَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدًا ، وَ صَوَّرُوا فِيهِ تِلْكَ الصُّوَرَ ، أُولَئِكَ شِرَارُ الخَلْقِ عِنْدَ اللَّهِ »[21] ،والسنة موضحة للقرآن ،وعليه فما فعلوه أهل الغلبة على الأمر من فعل شرار الخلق ،وليس بصواب .

ويمكن أن يقال : الآية حكت القول دون استرسال فيه لفحشه ،ولم تصرح بفحشه لوضوحه فاكتفت بذكره و ذكره قائله .

وعلى التسليم الجدلي بأن الآية تدل أن من شرع من قبلنا جواز اتخاذ مساجد على القبور فشرع من قبلنا شرع لنا ما لم يخالف شرعنا ،و اتخاذ المساجد على القبور قد خالف شرعنا لاستفاضة النصوص في النهي عن ذلك فلا حجة فيه .

....يتبع



[1] - الفتاوى الكبرى لابن تيمية 5/327

[2] - شرح الصدور بتحريم رفع القبور للشوكاني ص 14

[3] - سبل السلام للصنعاني ص 299 ،و الروضة الندية شرح الدرر البهية لأبي الطيب محمد القنوجي ص 180 ،و مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح لأبي الحسن عبيد الله المباركفوري 2/419

[4] - تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد للألباني ص 37

[5] - رواه مسلم في صحيحه حديث رقم 972 وأبو داود في سننه رقم والترمذي في سننه رقم 1050

[6] - رواه البخاري في صحيحه رقم 1247

[7] - رواه البخاري في صحيحه رقم 1337

[8] - رواه مسلم في صحيحه رقم 954

[9] - إعلام الموقعين عن رب العالمين لابن القيم 2/263

[10] - مجموع الفتاوى لابن تيمية 27/160

[11] -- قَدِمَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - المَدِينَةَ فَنَزَلَ أَعْلَى المَدِينَةِ فِي حَيٍّ يُقَالُ لَهُمْ بَنُو عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، فَأَقَامَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهِمْ أَرْبَعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى بَنِي النَّجَّارِ، فَجَاءُوا مُتَقَلِّدِي السُّيُوفِ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى رَاحِلَتِهِ، وَأَبُو بَكْرٍ رِدْفُهُ وَمَلَأُ بَنِي النَّجَّارِ حَوْلَهُ حَتَّى أَلْقَى بِفِنَاءِ أَبِي أَيُّوبَ ، وَكَانَ يُحِبُّ أَنْ يُصَلِّيَ حَيْثُ أَدْرَكَتْهُ الصَّلاَةُ، وَيُصَلِّي فِي مَرَابِضِ الغَنَمِ، وَأَنَّهُ أَمَرَ بِبِنَاءِ المَسْجِدِ، فَأَرْسَلَ إِلَى مَلَإٍ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ فَقَالَ: «يَا بَنِي النَّجَّارِ ثَامِنُونِي بِحَائِطِكُمْ هَذَا»، قَالُوا: لاَ وَاللَّهِ لاَ نَطْلُبُ ثَمَنَهُ إِلَّا إِلَى اللَّهِ، فَقَالَ أَنَسٌ: فَكَانَ فِيهِ مَا أَقُولُ لَكُمْ قُبُورُ المُشْرِكِينَ، وَفِيهِ خَرِبٌ وَفِيهِ نَخْلٌ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقُبُورِ المُشْرِكِينَ، فَنُبِشَتْ، ثُمَّ بِالخَرِبِ فَسُوِّيَتْ، وَبِالنَّخْلِ فَقُطِعَ، فَصَفُّوا النَّخْلَ قِبْلَةَ المَسْجِدِ وَجَعَلُوا عِضَادَتَيْهِ الحِجَارَةَ، وَجَعَلُوا يَنْقُلُونَ الصَّخْرَ وَهُمْ يَرْتَجِزُونَ وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَهُمْ، وَهُوَ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ لاَ خَيْرَ إِلَّا خَيْرُ الآخِرَهْ فَاغْفِرْ لِلْأَنْصَارِ وَالمُهَاجِرَهْ» رواه البخاري في صحيحه حديث رقم 428 , ورواه مسلم في صحيحه حديث رقم 524


[12] - اقتضاء الصراط المستقيم لابن تيمية 2/299 - 302

[13] - رواه مسلم في صحيحه حديث رقم 972 وأبو داود في سننه رقم والترمذي في سننه رقم 1050

[14] - عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : « كُلُّ الْأَرْضِ مَسْجِدٌ وَطَهُورٌ إِلَّا الْمَقْبَرَةَ وَالْحَمَّامَ » رواه أحمد في مسنده رقم 11784 قال المحقق شعيب الأرناؤوط : حديث صحيح ،ورواه ابن حبان في صحيحه رقم 1699 ،ورواه الترمذي في سننه رقم 317 و قال الألباني : صحيح ،ورواه ابن ماجة في سننه رقم 745 ورواه أبو يعلى في مسنده رقم 1350 وقال المحقق حسين سليم أسد : إسناده صحيح ،ورواه الدارمي في سننه رقم 1430 ،وواه البيهقي في السنن الكبرى رقم 4272 و قال : حَدِيثُ الثَّوْرِيِّ مُرْسَلٌ، وَقَدْ رُوِيَ مَوْصُولًا وَلَيْسَ بِشَيْءٍ، وَحَدِيثُ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ مَوْصُولٌ، وَقَدْ تَابَعَهُ عَلَى وَصْلِهِ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، وَالدَّرَاوَرْدِيُّ 2/609

[15] -- رواه البخاري في صحيحه حديث رقم 428 , ورواه مسلم في صحيحه حديث رقم 524

[16] - عن ابن عباس قال: لَعَن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زائراتِ القبورِ والمتخذين عليها المساجَدَ والسُّرُج.رواه أحمد في مسنده رقم 2030 وقال المحقق أحمد شاكر إسناداه صحيحان 2/491 ،ورواه أبو داود في سننه رقم 3236 و قال المحقق شعيب الأرناؤوط : حسن لغيره 5/139 ،ورواه النسائي في سننه رقم 2043 ورواه الترمذي في سننه رقم 320 وقال الترمذي: هذا حديث حسن ورواه ابن حبان في صحيحه رقم 3179 ،وواه الطبراني في المعجم الكبير رقم 12725 ،ورواه البيهقي في السنن الكبرى رقم 7206 ،وقد ضعف الألباني الحديث فقال : هذا الحديث على شهرته ضعيف الإسناد فإنه من رواية أبي صالح باذام عن ابن عباس وباذام ضعفه الجمهور بل اتهمه بعضهم بالكذب كما ذكرته في "أحكام الجنائز" وفصلته في "التعليقات الجياد" ويراجع له "تهذيب السنن" و "التلخيص". تمام المنة للألباني ص 297


[17] - رواه مالك في الموطأ عن عطاء بن يسار مرسلًا رقم الحديث 593ورواه عبد الرزاق في مصنفه عن معمر عن زيد بن أسلم مرسلًا و قال الألباني في المشكاة حديث رقم 750 : صحيح ص 234

[18] - إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان لابن القيم 1/187 - 189

[19] - مجانبة أهل الثبور للراجحي ص 128

[20] - فتح الباري لابن رجب 3/193

[21] - رواه البخاري في صحيحه حديث رقم 434, ورواه مسلم في صحيحه حديث رقم 528