وللسحرة فيما يعشقون مذاهب:

هناك بعض السحرة والكهان يمارسون ما يسمى بالسحر الأبيض فتراهم يعتزلون الناس في أماكن نائية، في الجبال والغابات الكثيفة، حيث يتفرغون لممارسة العبادة الروحية والتأمل الطويل، فيقومون بتعذيب الجسم، ليتخلصوا من دنس الشهوات بالجلوس عرايا ساعات طويلة في عزّ البرد القارس، أو فوق تراكمات الثلوج، أو بالنوم فوق حصى مدبب الأطراف، أو فوق أسنان المسامير المثبة على الألواح، أو بإحداث جروح في أجسادهم وتركها تتقيح، أو بالمشي على الجمر الملتهب حفاة،.. فيترفعون فوق متع الحياة وملذاتها لكي تشتد عزائمهم، وتقوى إرادتهم، ويتحقق لهم السمو إلى حالة من التجرد والشفافية، والتحليق في الآفاق الرحبة.. وهناك من يمارس طقوسا سحرية، هي غاية في الشر والعدوان، وهو ما يسمى بالسحر الأسود، فتراهم يُأوون إلى بيوتهم حيوانات مكروهة أو مفزعة، كالأفاعي السامة، والكلاب المتوحشة، والجراذين المقرفة، ويجتنبون الماء شهورا طويلة، وربما سنوات، ويغتسلون باللبن والحليب، ويقترفون المنكرات والمحرمات، ويمعنون في عبادة الشيطان، والتقرب إليه بكل أنواع القربات، ومنهم من يخرج في الليالي المقمرة إلى الأماكن الخالية، ويرسم دائرة سحرية تتوسط دائرة سحرية أخرى، ويوقد في مركز الدائرة شمعة أو نارا، يعلق فوقها إناء مملوءً بالماء وفي داخله بعض أنواع نباتات الأفيون وغيرها.. وعندما يغلي الماء بما فيه، يبدأ الساحر بتلاوة ترانيمه السحرية، ثم يدهن جسمه بمادة سوداء ممزوجة بدم طفل صغير، ثم يربط حول وسطه حزاما من جلد ذئب، ويركع على الأرض، وعندئذٍ يأتيه رجل من الجن، فيحوله إلى صورة ذئب، ويأمره بالانطلاق، لإثارة الفزع والرعب في أوساط الناس، وافتراس من يريد منهم أو من أغنامهم.
_ ويري لنا الكاتب الفرنسي "كلود سيتول" أن بعض الفلاحين في إحدى القرى القريبة من باريس، كانوا يجلسون ليلا في بيت أحدهم، عندما سمعوا أصواتا غير عادية، صادرة من داخل حظيرة الأغنام، وقبل أن يذهب الجميع لاستطلاع الأمر، حمل صاحب البيت بندقية، لشكه في وجود لص، لكنهم فوجئوا بعد فتح الحظيرة بذئب يفتك بحمل صغير، ينهشه نهشا، وسْط بركة من الدم، وحدث هرج ومرج.. وانطلق الذئب هاربا بين الحقول والمزارع، والرجال يتعقبونه، وفي مقدمتهم صاحب البيت ببندقيته، وأطلق عليه النار فأرداه قتيلا، وعندما أحضروا المشاعل، اكتشفوا أن الوحش القتيل هو الشاب "جان" عاريا تماما من الثياب، يلف على خصره حزاما من جلد الذئب!!
_ وهناك من يستعمل الأعداد والحروف والأسماء الغريبة، فيكتبها على فخار نيّئ، ثم تحرق وتطحن حتى تصبح مسحوقان ثم يرشّ في بيت الشخص الذي عمل له السحر، والقوة السحرية قد تكمن أيضا في بعض الأحجار الكريمة، مثل: الزمرد، الياقوت الأزرق، واللؤلؤ، والماس... يقول الباحث الأمانيّ "ديبون": إن المعادن لها أيضا قوى وخصائص سحرية، وكان الصينيون القدماء، يعتقدون أن في الذهب قوة تساعد على الشفاء من كثير من الأمراض، فصنعوا منه الإبر التي لا تزال تستخدم حتى الآن في العلاج، أما النحاس والبرونز والحديد، فإنها تساعد على درء الشرور والأخطار! وللنقوش والرسوم خصائص سحرية، لا تقل أهمية عن الحروف والأرقام، والأحجار والمعادن، وأهم الرسوم المستخدمة في التعاويذ السحرية، النجمة الخماسية والنجمة السداسية، المعروفة بخاتم سليمان، أو نجمة داود.. وهناك من يستخدم العملات الفرعونية القديمة في السحر، حيث يضعون العملة في مكان بارد، ويضعون عليها قرص أسبرين، ويقرؤون عليها بعض العزائم والطقوس السحرية، فيصاب المسحور بالصداع الدائم، طالما بقيت في مكانها وقرص الأسبرين فوقها، ويستخدمون نفس هذه العملة حيث يضعون فوقها شمعة كبيرة، ويقومون بإشعالها ليلا حتى الصباح، فتصيب المسحور الكوابيس والأحلام المزعجة، والاضطراب والقلق وعدم النوم..إلخ.