فبعد أن ينتهي من مطالعة كتب السحر، وتطبيق ما فيها من تعاليم والإحاطة بالرموز والإشارات التي تعتبر مفتاحا للولوج في عالم الشياطين، يعمد إلى تنفيذ إحدى هذه الطرق الخبيثة، ومنها يخرج الساحر في ليلة يكون قد اكتمل فيها القمر، بعيدا عن العمران، وعن كل شيء يتصل بالإنسان، وبالضبط عند منتصف الليل، وغالبا ما يختار البيوت، والخرائب المهجورة، التي لا يسكنها إلا الوحشة والصمت العميق، والظلام الحالك، فيخلع ملابسه، إلى أن يصبح عاريا من كل شيء يستره ، ثم يرسم دائرة كبيرة، وينقش في محيطها، وداخلها وخارجها أشكالا ورموزا وطلاسم، لأسماء الأرواح الخبيثة، والشياطين التي قرأ عنها.. ثم يوقد شمعتين، ويضع في مركز تلك الدائرة إناء من فضة، مشوها ونجسا، ثم يعبؤه بمزيج من حبوب النباتات، بعد أن يكون اغتصب هذا الإناء أو سرقه، أو تحصل عليها بطرق شيطانية، ثم ينحني ، ويقفز داخل الدائرة بحركات تشبه حركات القردة، وفي قبضته الشمعتان، وهو يرتل بخشوع وخضوع ترانيم شيطانية، تتضمن الولاء للشيطان، والرجاء في أن يوقع معه العهد والميثاق، ويلح في الدعاء ويجتهد في التلاوة، ويكثر من القفز، إلى أن يأتي على جميع التعاليم التي قرأها في كتب السحر.. وفي هذه الأثناء التي يتوسل فيها الساحر بكل قواه الروحية والفكرية، يكون الشيطان أو مندوبه، في موقع يراقب أعمال الساحر من حيث لا يراه، إلى أن يتأكد من جديته في الولاء والطاعة، واتباع جميع أوامره، فيظهر على شكل إنسان أو حيوان، ويستلم منه العقد، ويأمر بحضوره إلى الحفلة التي يتم فيها تنصيبه، وتدوين اسمه في سجل يضم أسماء الكهان المعتمدين من قبل إبليس _عليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين_ في ليلة سيحددها له عميد السحرة وكبيرهم!

_وهناك طريقة أخرى للاتصال بالشيطان يتبعها الساحر، فعند خروجه إلى تلك الأماكن الخالية والمتوحشة، يصطحب معه بعض الحيوانات المعينة، وبصفات خاصة، ويجلس في تلك الخرائب عاريا، ثم يقوم بذبح ما اصطحب معه من حيوانات بطريقة معينة حسب ما تنص عليه طرق السحر مع تلاوة الطلاسم والتعاويذ بخشوع وخضوع، ثم يقوم بجمع دمائها في زجاجة قذرة، ثم يذبح جديا بمواصفات معينة دون أن يذكر اسم الله عليه، بل لا بد أن يذكر اسما من أسماء الشياطين البارزين، ثم يرمي به في الخلاء، كعربون ولاء ومحبة للشيطان، وقرب يتقرب بها إليه،.. مع الإلحاح في الدعاء والاستعطاف، إلى أن يظهر له سيده ومولاه، فيسلمه العقد في ذل وصغار، ومن ثم يعين له ليلة التنصيب وتدوين اسمه في سجل السحرة المعتمدين في حفل مهوّل! ثم يأمره الشيطان بمقابلة كبير السحرة في ذلك المكان ليزوده هذا الأخير بتعليمات وإرشادات هامة، يجب تطبيقها حرفيا، استعدادا لليلة الاحتفال التي تضم جميع السحرة، المزمع تعميدهم من طرف الشيطان، وفي تلك الليلة تتزين النساء الساحرات، لأنها ستكون آخر ليلة يمس الماء أو الطيب أجسادهن، أو أي شيء من أدوات الزينة والنظافة.

_وغالباً ما تقام ليلة التعميد والتنصيب في الأماكن الموحشة أو الغابات المخيفة أو المغارات أو شواطئ البحار أو في أعماق الصحاري المقفرة، وغيرها من الأماكن التي يخشى فيها المرء العادي على نفسه في وضح النهار.. وعلى الساحر أو الساحرة المراد تعميده أن يحضر معه صليبا خشبيا، وقطعة من القربان المقدس.

حتى إذا ما اجتمع الجميع خلعوا ثيابهم، ورسموا الدوائر السحرية بالأوان المطلوبة، وقاموا بعمل النقوش والرموز، واستدعاء زمرة الشياطين والأبالسة، والأرواح الشريرة من عفاريت الجن ومردتها، وبعد جهد جهيد من الغناء والإنشاد، وتلاوة الطلاسم والتعاويذ التي تحمل في طياتها الاستعطاف، والتوسل والزلفى من الشيطان، يظهر لهم مندوب إبليس في شكل حيوان، أو إنسان، أو نصف إنسان، أو نصف حيوان، فيقابله السحرة بالتهليل والإكبار، والتعظيم، ويتنافسون على تقبيل حوافره، أو أي جزء من أجزاء جسده النجس!! ثم يبدأ كبير السحرة وعميدهم بتقديم السحرة الجدد، واحدا واحدا، لإجراء مراسيم التعميد، ويتقدم الساحر، ومعه قطعة من القربان المقدسة، فيبصق عليها، ويدوسها بأقدامه، ويطأ الصليب، وفي هذه الأثناء يُخرج كبير السحرة وزعيمهم حمامة، أو طيرا صغيرا، ويتلوا عليه عزائمه، فيتحول ذلك الطائر إلى طفل صغير وديع، كان قد أعده الساحر قبل هذه الليلة، ليقدمه قربانا خالصا للشيطان، ثم يقوم بذبحه، وسط تهليل الجميع، ثم يلوث بدم الطفل البريء الأجزاء الحساسة من جسده، وجسد مندوب الشيطان، وباقي السحرة، حتى إذا ما نزفت آخر قطرة من دماء الطفل ألقوا به في قدر كبير، ليطبخ مع باقي المأكولات النجسة، التي جلبها السحرة معهم، لتكون مأدبة طعام هذه الليلة،ثم يجدد عميد السحرة ولاءه، وإخلاصه المتفاني في خدمة سيده ومولاه الشيطان... هنا يبدأ مندوب الشيطان، في اختبار إيمان السحرة الجدد نحو العقيدة الإبليسية، فيأمر الساحر بسب الأديان السماوية علنا، ثم يأمره بالركوع له، وعندما ينحني راكعا يركله في رأسه ووجهه ركلة شيطانية تطيح بعقل الساحر وتسيل دماءه، وتختلط بالتراب، فيأمره الشيطان أن يمسح بهذا التراب الملوث بدمائه وجهه، ويسلمه العقد للتوقيع عليه بهذه الدماء، ثم يعيده للشيطان بعد التوقيع، فيستلمه منه بكل ازدراء واحتقار، ثم يبصق على الساحر بصقة جهنمية، تلتصق بأي مكان من جسد الساحر، وتكون علامة ظاهرة، بحجم الدائرة السوداء في رجل البغل، غامقة اللون، أو قرمزية، بارزة ، عديمة الحساسية، حتى إن الجلادين أثناء قيامهم بتعذيب السحرة كانوا يغرزون الدبابيس الكبيرة المحماة في هذه العلامات الشيطانية، فلا يشعر الساحر بالألم.. !! وبعدها ينتهي مندوب الشيطان من تعميد جميع السحرة ودمغهم بهذه الدمغة الإبليسية، وهي إما أن تكون على شكل قرص بارز،أو مستدير، أو رجل أرنب، أو برَص صغير، أو عنكبوت، أو ذبابة، أو ضفدعة حقيرة..إلخ، وأثناء القيام بعملية مراسم التعميد، يطلق مندوب الشيطان على كل ساحر جديد اسما يعرف به في الوسط الشيطاني، ويقيد في سجل السحرة، والغريب أن هذه الأسماء التي يختارها لهم، تكون في منتهى الحقارة والسخرية، فهي أسماء مضحكة ومزرية، مثل (ذيل التيس، حافر البغل، ناب الكلب، أبو جلمبوا..) وغيرها من الأسماء العجيبة... وبعد تقييد هذه الأسماء في السجل، يحضر أحد أعوان الشيطان، على شكل حيوان عفن، فيبول على الساحر، الذي يقوم هو الأخير بدهن جسده العاري من هذه النجاسات، في حالة من الرضا والارتياح التام!! والجميع يهنئه في غبطة وسرور، وبعد هذه المشاهد المثيرة يتأبط مندوب الشيطان نصوص العقود المبرمة مع جميع السحرة الجدد.

_وأما المرأة الساحرة والتي تشارك باقي السحرة في تعميدها وتدوين اسمها في سجلاتهم، فغالبا ما تكون في عقدها الثاني أو الثالث من عمُرها ولا بد للشيطان أن يتخذ معها إجراءات سافلة، بل نهاية في القذارة، فبعد تقديمها لصور العقد، وتجديد ولائها وخضوعها للشيطان، يبصق عليها بصقته الجهنمية، ويدمغها بعلامته الشيطانية، وعند ذلك تقدم له خصلة من شعرها عربونا للمحبة والإخلاص!! وبعد الانتهاء من مراسيم تعميد السحرة وانصراف مندوب الشيطان حاملا عقودهم المبرمة، يجتمع من جديد هؤلاء الكهان مع الأرواح الشريرة، التي تحضر هذه الحفلة بصور مختلفة، حول موائد الأكل التي تعد أثناء حفل التعميد، وجميع محتوياتها من النجاسات، ويقضي الجميع ليلتهم في أكل وشرب ورقص وطرب.. وما إلى ذلك من أنواع الفسوق والفجور والعصيان حتى مطلع الفجر.. وفي صباح ليلة التعميد، يجب على كل ساحر جديد أو ساحرة، التوجه لمقابلة كبيرة السحرة وعمدتهم لتلقي التعليمات الجديدة، وعليهم الاتصال به يوميا، للوقوف على آخر القرارات التي اتخذتها الجمعية الشيطانية، والتي يتولى انعقادها أئمة السحرة، وكبار الشياطين، ليسلموا للعمدة تقريرا كتابيا عن أعمال السحر التي قاموا بها والتي سيقومون بها ، ولابد أن يكون الاتصال والتشاور بينهم مستمرا.

والخبز والملح محرمان على الساحر لا يقربهم بالمرة طول حياته، ومن المعتاد أن يحضر كل ساحر وساحرة إحدى جماجم الموتى، بعد تهيئتها على شكل إناء، يستعملونه لتعاطي الخمور، وهذه الجماجم لا يفرّطون فيها، ولا يستعملوها إلا مرة كل عام عندما يجتمعون في احتفالهم السنوي.