فإنه يسري في أوصال المسحور وعروقه، فيكون في البدن بؤرا مغناطيسية، تجذب الشياطين إليها، فإذا بجسم المسحور يصبح كالمرمى بلا حارس تدخل فيه الشياطين وتخرج كيفما شاءت، وفي أي وقت تشاء، وهذا الماء له جاذبية خارقة، تدعو الشياطين، كأنما هو نداء إلى وليمة، ويعود تأثير السحر على الإنسان إلى سائلين أساسيين في حياته هما الماء والدم(1)

وقبل التطرق إلى أنواع السحر نتحدث عن:

كيف تنشأ العلاقة بين الإنسان والشيطان:

لا علاقة تربط بين الإنسان والشيطان، فهما على طرفي نقيض منذ الخليقة الأولى، وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. وإن حدث ارتباط بينهما فهو لمصلحة الشيطان قولا واحدا... وطبيعة الصراع بين الحق والباطل تضع الشياطين وزمرتهم في مواقع هجومية خاطفة، لما تتمتع به من القدرة الفائقة في شن الهجومات المتكررة والصائبة، والتي تتسم بالجهد المتواصل، وطول النفس والصبر حتى النهاية... فالإغواء والإغراء والوسوسة والهمز واللمز والكيد والمراوغة... كلها مداخل صعبة وشاقة، ترهق الإنسان في صدها وإبطالها، مما يتحتم على الإنسان أن يكون موقفه دفاعا وصدا، لإركاس جميع هذه الهجمات الشيطانية.. ولذلك يصور لنا القرآن الكريم طبيعة هذا الصراع المرير، ويحذرنا من مكائد الشيطان تحذيرا شديدا، لأن الوقوع في مصائد الشيطان معناه الخسارة الماحقة في الدنيا والدين، وذلك هو الخسران المبين حيث يقول الله تعالى
(إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا) (2)

((الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء والله يعدكم مغفرة منه وفضلا والله واسع عليم))(3)

((ومن يتخذ الشيطان وليا من دون الله فقد خسر خسرانا مبينا))(4)

((يأيها الذين ءامنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان. ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر ))(5).

ورغم هذه التحذيرات القرآنية الصريحة والصارخة، من الشيطان وكيده، هناك صنف من السفهاء عموا وصموا، فزين لهم الشيطان أعمالهم فاتبعوه، ليحققوا مطامعهم، ويشبعوا نزواتهم ورغباتهم العاجلة، ونسوا أو تناسوا أن ما يعدهم الشيطان ويمنيهم إلا غرورا وسرابا لامعا، وستكون النهاية مؤملة ومخزية، عندما يواجه الشيطان أولياءه بكل حقارة واستخفاف، بعد أن يدخلهم قعر الجحيم
(وقال الشيطان لما قضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخيَّ إني كفرت بما أشركتموني من قبل إن الظالمين لهم عذاب اليم) (6)

فهؤلاء السفهاء من الكهان والسحرة لهم طرق عديدة وأساليب مختلفة، تمكنهم من أن يتصلوا بالشيطان، ويعقدوا معه عقودا ومواثيق، ليكونوا من حزبه، ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون..

____________________

(1) محمد عيسى داود: حوار صحفي مع جني مسلم. ص37_38 الطبعة الأولى 1992.

(2) سورة فطر الآية:6

(3) سورة البقرة: 268

(4) سورة النساء:119

(5) سورة النور:21

(6) سورة إبراهيم: 22